مجلة الفنون المسرحية
مسرحية "خيبتنا…لما تفرقنا" تبث لأول مرة على الشاشة الصغيرة
القاهرة - العرب
الفنان محمد صبحي ينتقد في المسرحية الواقع العربي ويرسخ فكرة الانتماء إلى الوطن والتضحية من أجله.
مسرحية "خيبتنا…لما تفرقنا" تبث لأول مرة على الشاشة الصغيرة
القاهرة - العرب
الفنان محمد صبحي ينتقد في المسرحية الواقع العربي ويرسخ فكرة الانتماء إلى الوطن والتضحية من أجله.
كان جمهور المسرح العربي مساء الأحد، على موعد مع العرض المسرحي “خيبتنا…لما تفرقنا” للفنان المصري محمد صبحي، وقد عرض العمل لأول مرة تلفزيونيا، نظرا إلى حالة الحجر الصحي والوضع الاستثنائي الذي فرضته جائحة كورونا، ما حتمته من إغلاق المسارح وقاعات السينما وتأجيل الأنشطة الثقافية لفرض التباعد الاجتماعي.
ومسرحية "خيبتنا…لما تفرقنا" هي من تأليف وإخراج وبطولة محمد صبحي، وقد استغرقت كتابتها من الفنان ثلاث سنوات، حيث بدأ صبحي في كتابتها عام 2004 لينتهى من تأليفها عام 2007، لكن عرضها تأخر لسنوات، حيث عرضت على مسرح محمد صبحي بمدينة سنبل في عام 2018 وقدمت سلسلة من العروض لمدة عام ونصف العام، شهد المسرح خلالها إقبالا جماهيريا كبيرا.
واقتبس صبحي فكرة المسرحية من كتاب فرانسيس فوكوياما “نهاية التاريخ والإنسان الأخير”، ومن قراءات لبرنارد لويس، صاحب أول مخطط مكتوب لتقسيم المنطقة العربية وتفتيتها. كما أثرى صبحي العمل بنص كتبه عقب الغزو الأميركي للعراق عام 2003، وأعاد هيكلته بعد ثورة يناير 2011 في مصر، وأدخل عليه تعديلات تتلاءم مع التطورات السياسية لاحقا.
وتصل مدة العرض إلى ثلاث ساعات، يحاول فيها صبحي التجوال بين الصراعات العربية والأزمات المحلية، ملقيا الضوء على الفترة الحالية، ومنتقدا الكثير من القرارات السياسية.
يبدأ محمد صبحي المسرحية باستعراض لجموع من الممثلين يرتدون أزياء تمثل حقبا زمنية مختلفة، بين الفرعوني والإسلامي واليوناني، ويعتقد المتلقي أن المشاهد التالية ستكون سردا تاريخيا. ثم يدخل البطل خشبة المسرح ويتشاور مع ممثليه في شكل ساخر نحو ضرورة البحث عن موضوع للعرض لتقديمه وكأنها بروفات مسرحية.
"خيبتنا…لما تفرقنا" مسرحية تتنبأ بالمستقبل في ظل التطور العلمي وتنقد الواقع العربي في نوع من الكوميديا السوداء
ويقوم كل منهم بطرح موضوعات، مثل: الوطن والديمقراطية وغيرهما، مما يلوح بمضامين سياسية يقابلها صبحي بخفة ظله بالرفض لحساسية الموقف السياسي حاليا، ويقول بشكل ساخر “ممنوع نتكلم في الدين والجنس والسياسة والفلاحين والعمال والمحامين والدكاترة والصحافيين والإعلاميين والوزراء والمحافظين”.
يترك صبحي لطفل صغير يشاركه العرض اختيار موضوع العرض، ويصبح هو الحاكي للتاريخ والشاهد عليه بما يصب في رسالة الفنان الدائمة نحو تثقيف هذه الشريحة العمرية، ويبدأ الطفل في الحكي عن ذاته في المستقبل من خلال شخصية الدكتور “يائس” وهي محور العرض.
“فارس” هو الاسم الحقيقي للباحث يائس، الذي يجسده محمد صبحي، ويجري دراسة عن علم الاستنساخ ويؤجل مناقشة الدكتوراه لسنوات طويلة خوفا من سرقة موضوع بحثه من الدكتور المشرف على رسالته والتي تتعلق بنقل الجينات الحسنة من شخص لآخر.
في قالب كوميدي يمكننا أن نصفه بأنه كوميديا سوداء، تتناول مسرحية “خيبتنا” ما شهدته وتشهده الساحتان العربية والعالمية من أحداث، وتأثير التقدم العلمي، لاسيما في مجالي الجينات والاستنساخ على الناس، في رؤية تشبه الاستشراف لحال البشرية في المستقبل.
وتكشف المسرحية قدرة الفن على استشراف المستقبل، فرغم أن كتابتها تعود إلى سنوات خلت، فإنها تطرح فكرة احتمال تعرض الولايات المتحدة لفايروس من صنع البشر، سيقضي على الملايين من الأشخاص، ولذا يسعى الدكتور يائس إلى إنقاذ الناس.
تأتي للدكتور يائس فكرة توجيه فايروس إلى أميركا يمنع تعرض الأميركيين للفايروس القاتل، ولكن دون أن يقصد هذا العالم، فقد جعل الفايروس “الخيّر” تفكير الأميركيين مماثلا لتفكير العرب، فباتوا يتصرفون مثلهم. من خلال هذه الأفكار والأحداث ينتقد يائس تفرق العرب وقتالهم لبعضهم البعض، وفي هذا السياق تتضمن المسرحية مشهدا يقترح فيه أحد أفراد عائلة يائس التي تعاني من ضائقة مالية، السفر إلى ليبيا للعيش في بحبوحة عند قريبة لهم هناك، فإذا بها تفاجئهم بالمجيء إليهم للعيش معهم هربا مما تعانيه ليبيا من تمزق ومعارك بين أطراف مختلفة.
وفي هذه المسرحية، ينتقد صبحي الواقع العربي ويرسخ فكرة الانتماء إلى الوطن والتضحية من أجله، لأن الإنسان بلا وطن يصبح مشتتا ولأننا “نجاة للوطن والوطن نجاة لنا” وهي العبارة التي ينتهي بها المشهد الأخير في المسرحية.
ويشارك صبحي بالتمثيل في هذه المسرحية الفنانة سميرة عبدالعزيز، وفنانون متميزون آخرون من بينهم سماح السعيد وندى ماهر وبوسي الهواري وحازم القاضي.
أما تصميم الأزياء فكان لهاني البحيري، بينما أنجز الديكور المهندس محمد الغرباوي، والإكسسوار لسناء الكاشف، أما موسيقى وألحان العرض فقدمها الفنان عاطف صبحي، وكتب أشعار الأغاني الشاعر عبدالله حسن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق