مجلة الفنون المسرحية
تشيخوف وعصرنا /علاوة وهبي
يشكل الكاتب الروسي انطون تشيخوف ظاهرة في المسرح الروسي فقد سعي الي التجديد فيه .متمردا علي القواعد التي كانت سائدة في مجال الدراما في عصره . معتمدا علي ابراز داخلية الانسان اكثر من اهتمامه بالجوانب الاخري وبواقعية غير مسبوقة جلب له اعجاب الكاتب الكبير المعاصر له ليون تولستوي .الذي وصف تشيخوف بانه موهبة حقيقية وان واقعيته الغنائية غير مسبوقة في المسرح الروسي فقد سعي الي التجديد بما يملكه من روح السخرية المحزنة وبما يعرفه عن المجتمع الروسي .سخرية بروح مأساوية .هكءا كان يري في اعماله وانها اعمال تراجيدية هادئة بعكس ما كان يراه فيها المخرج ستانيسلافكي وخاصة منها بستان الكرز التي كانت سبب خلاف وقع بين الرجلين و رغم ان تولستوي كان معجب بتشيخوف ومداوم علي قراءة اعماله كما كان يوصي افراد اسرته بقراءته الا انه كان المنافس له في مجال المسرح وخاصة في مواسم مسرح الفن الذي كان مخرجه الرئيسي هو ستانيسلافكي .سوف نقدم هنا ترجمة لما قاله عن تشيخوف ومسرحه مراسل اكاديمية العلوم السوفياتية ومدير معهد ماكسيم غوركي للاداب العالمية جيورجي بيردنكوف .ولكن قبل ذلك بهمنا ان نقدم راي الناقد سيرغي فولكونسكي عندما قدم مسرح الفن مسرحية(الثة الحية) .
(كيف كانت هذه المسرحية.
للاسف هي ليست لاجلك لانه وبالضبط لا توجد مسرحية..
اذن ماذا كان هناك
اجزاء من الحياة ببساطة. ناس يتبادلون بعض الكلمات. احدهم يذرف دمعة .واخر يشعل سيجارة. طيب.اكيد ولكن ما هو الموضوع لا بد انه هناك شيئ ما يحدث.
نعم دون شك)موسكفين وهو من يؤدي دور فيديا بروتاسوف).اعتقد انه فجر راسه ولكن ابس هذا هو الاساسي..الذي يهم ليس ما يقوله الابطال)ابطال الدراما).وليس هو كذلك ما يفعلونه. لانهم لا يفعلون اي شيئ..انما المهم هو الذي يحدث في نفوسهم. تاثير تشيخوف..(هل يمكننا الحديث عن التاثير عندا يتعلق الامر بتولستوي.. لكن..فعلا..التاثير..التطور..بالاساس.
المهم ان تشيخوف.رائد.)
ان راي الناقد بيردنكوف يؤكد ما يذهب اليه الكثيرون من نقاد تشيخوف وانه السباق .والرائد في مجال الدراما الاجتماعية التي تهتم بما يعتمل في نفسية الانسان داخليا اكثر من الاهتمام بالمظاهر الخارجية له.
ونصل الان الي ما كتبه جيةرجي بيردنكوف وهذه ترجمة له.
(حدد تشيخوف اهتمامه. بالحداث الدرامية في مفهومه ذاته. وهي مراجعة القيم الاجتماعية والاخلاقية والتي كانت بالنسبة له هي مراجعة معتقداته التي سوف تؤدي الي تغيير جذري في حياته الخاصة واصبحت رغبتهةفي الكتابة وتصوير داخلية الانسان هي سيدة مقاومة لا تضاهي ولها دلالات اجتماعية وتاريخية وهي التي حددت في جزء كبير منها تطور سردياته ودراماته.
وقد بذل جهدا في ابراز معطيات هذا الاتجاه وركز الكاتب اهتنانه علي الحقب النقدية للتحولات الجذرية في الحياة الاخلاقية والمعتقدات لشخصياته. وهذا ما يفسر تلك القوة التعبيرية والتأثيرية في اعماله. هذه القوة التعبيرية لا تنبع من المجري الداخلي للاحداث ولكن من العمل والقوة الداخلية في الشخصية..
وهكذاتكن الفن الدرامي الناضج والتجديدي عند تشيخوف. لقد رفض الكاتب الرضوخ للبناء الدرامي التقليدي المؤسس علي التأزم والتعارض عند الشخصيات وركز علي ما بداخلها وبءلك اكتشف التأزم الذي يننو في ارواحهم
هذا المبدأ الدراماتوجي الجديد وجد شكله النهائ في مسرحية(الخال فانيا.)وتطور الي شكله الكامل في مسرحية(بستان الكرز).
في اعمال تشيخوف يشترك كل شيئ في جعلنا نكتشف العالم الداخلي للشخصية .كل الجزأيات وكل ما يؤخذ فجا. وكل حدث حتي التافه لا يستبعد ان يكون هدفا لذاته وليس وسيلة للامساك بداخلية الابطال .وحالتهم الروحية هي باستمرار لحظة حاسمة في التازم.
يرفع تشيخوف الي الاعلي سرد الحياة اليومية بتأملاته الغنائية عن الاهداف السامية للوجود.
لا يقتنع تشيخوف بان يبرز لنا الأزمة بين الانسان والنظام الاجتماعي اللاعادل .لقد اكد باستمرار بأن مقاومة تأثير الوسط هو مهمة اخلاقية ومهمة ضمير وفكرته عن الحرية تتأسس الان أمر فأكثر علي صورة الواجب المدني للانسان.
موضوع اخر في اعماله التي كتبها في شبابه هو سعادة الانسات في ضمونه الجديد. لقد صور حتي الان واقع وتناقض لا يمكن اغفاله .انه لا يسمح للشخصيات النموذجية ان تكون سعيدة لا تتقبل رؤية الناس يحملون افعالهم الثقيلة في صمت. ولا تبحث لنفسها سوي عن حياة امتيازية وواضحة وسط اناس سعداء.وراضين عن ذواتهم ان هذا يعادل رغبة الانتحار عند الانسان الضعيف .المهمش. الذي سحقه العمل والهموم.
كما يقول بطل رواية .(الخدمة).
لقد توصل تشيخوف الي ابراز هذه التناقضات بقوة الاعتقاد ولكنه تجاوزها كذلك وهو استحقاق اخر لتشيخوف الفنان. انه يقدم صورة جديدة للسعادة. سعادة ان تكون واعيا بشرفك الانساني. وان تفتح طرق جديدة لحياة افضل. ان هذا الموضوع تمت معالجته بامتياز في الاعمال الريادية للكاتب في رواية الخطيبة وبستان الكرز.)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق