المسرح المصري في فلسطين قبل نكبة 1948 (16) فرقة الملقن حسن شلبي وحظها العاثر في فلسطين / د. سيد علي إسماعيل
عندما زارت فرقة فاطمة رشدي فلسطين لأول مرة عام 1929، كان «حسن شلبي» هو ملقن الفرقة! ومن المحتمل أن هذا الملقن، أقام علاقات مع متعهدي حفلات الفرق المسرحية المصرية في البلاد العربية؛ حيث وجدناه في أغسطس 1930، يكوّن فرقة مسرحية للسفر بها إلى العراق وبلاد الشام وفلسطين، أطلق عليها اسم «فرقة مصر» تحت إدارته، وتضم بعض مشاهير الممثلين والمطربين، أمثال: صالح عبد الحي، وعلية فوزي، وبشارة واكيم، وعبد العزيز خليل، وسرينا إبراهيم، وعمر وصفي، وعباس فاس، وإبراهيم الجزار.
الملكية الفكرية
قبل أن تسافر الفرقة، أشارت مجلة «العروسة» المصرية إلى إشكالية قانونية - تتعلق فيما يُعرف الآن بالملكية الفكرية - قالت عنها: بلغنا أن خلافاً نشأ بين حسن شلبي مدير الفرقة، والأستاذ زكي عكاشة مدير شركة ترقية التمثيل العربي [فرقة أولاد عكاشة]، بشأن الروايات التي استعدت فرقة مصر لإخراجها في رحلتها، والتي هي من روايات شركة ترقية التمثيل العربي. فقد أخرجت الشركة هذه الروايات بمصر، وقامت الآنسة علية فوزي بأدوارها الهامة مع الأستاذ زكي عكاشة عندما كانت مطربة الشركة. والخلاف يدور حول هذه النقطة «هل لفرقة مصر الحق في تمثيل هذه الروايات في رحلتها، وهي ملك لشركة ترقية التمثيل العربي؟» فإن الأستاذ زكي عكاشة ينكر على حسن شلبي هذا الحق، وقد رفع أمره إلى وزارة الخارجية لكي تحول دون تمثيل هذه الروايات في الأقطار العربية، بواسطة قناصلها.
وأمام هذا التهديد في مصر من قبل زكي عكاشة، كان الخواجة موسى يوسف مزراحي يبني مسرحاً حديثاً - لتعرض عليه فرقة مصر - في حي زيحرون موشه بالقدس، ومن المحتمل أن يستحضر الخواجة إلى هذا المسرح أدوات السينما الناطقة من أوروبا.
توثيق الأحداث
بعد أسبوعين من سفر الفرقة – وتحديداً في أواخر سبتمبر 1930 - نشرت مجلة «العروسة» خبراً مقتضباً، قالت فيه: سافرت فرقة مصر في 15 سبتمبر إلى فلسطين، وبدأت العمل في نابلس في 16 منه، ومثلت بعد ذلك بضعة روايات في حيفا ويافا والقدس!! وهذا الخبر المقتضب لا يتناسب مع الدعاية التي لازمت الفرقة قبل سفرها!! وبالبحث وجدنا السر منشوراً في جريدة «الوادي» المصرية، وهذا السر تمثل في فشل كبير لازم الفرقة في فلسطين منذ أول عرض تم أمام الجمهور!! وقبل أن يكشف المحرر الفني للجريدة عما حدث هناك، مهدّ له بأقوال منطقية، منها: عدم الوثوق بقدرة فرقة مصر الفنية منذ تشكيلها، حيث كان يخشى أن يكون مصيرها الانحلال والاضطراب، وأن يكون مصير المُمول لها الخراب والفناء! حيث قال لبعض أفراد الفرقة إن الأزمة المالية العالمية مستحكمة في هذه البلاد، فضلاً عن كونها من البلاد غير الغنية! وبالرغم من ذلك أصرّت الفرقة على السفر! وقد تحققت مخاوف المحرر؛ حيث وصلته رسالة من أحد أفراد الفرقة، أثناء وجودها في فلسطين، ولم يمض على وصولها إلا أيام قليلة، ولم تمثل إلا ثلاث مسرحيات فقط!!
ونشر المحرر الرسالة التي جاءته، وفيها قال الممثل: تتذكر أني طالما عارضتك في المخاوف التي كنت تبديها لنا قبل أن نغادر القاهرة .. هل تعرف يا صديقي أن مخاوفك قد أخذت تتحقق منذ اللحظة الأولى من حلقات الرحلة، فإنه لا يعلم إلا الله على أي حال ستنتهي، وما عسى أن يكون مآلها ونهايتها. أما الخلاف فقد بدأ يدب بيننا وخصوصاً أفراد الجنس اللطيف! أما إقبال الجمهور فتستطيع أن تقدر له درجة تحت الصفر مع أننا في فلسطين! وقد تظن إسرائيلية الممثلة الأولى [ يقصد الممثلة «سرينا إبراهيم»] للفرقة ستكون من أسباب رواجنا، فوجدناها على العكس، كانت من أقوى الأسباب التي منعت الناس من الحضور! أما الحالة المالية، فكانت على أشد ما تكون من العسر والضنك، والأهالي لا يجدون ما ينفقونه على المأكل والمشرب إلا بعد جهد جهيد! فهل من مثل هؤلاء ينتظر الإيراد الكبير!! وأقسم لك لو استمرت هذه الحالة عشرة أيام أخرى، لعجزت إدارة الفرقة تماماً عن سداد مرتباتنا. ولا أخفيك أنه قامت بين الممثلين الأن فكرة العودة إلى مصر فراراً من تحمل الخسائر المقبلة !
هذا الكلام تناقض مع أخبار مقتضبة، نشرتها مجلة «الصباح» المصرية، تفيد بأن الفرقة أحيت حفلة في نابلس، ثم حفلتين في يافا، وكانت العروض ناجحة!! وعندما انتقلت الفرقة إلى حيفا، نشر مراسل المجلة خبراً، قال فيه: « قدمت إلى حيفا فرقة مصر، ومثلت بها ثلاث حفلات. وبالرغم من سوء الحالة الاقتصادية، فإن الإيراد يشجع على الاستمرار في الرحلة بقلب قوي! وجميع أفراد الفرقة على وفاق ووئام. وقد نجح الأستاذ صالح عبد الحي والسيدة علية فوزي في روايتي «المغارة المسحورة»، و«مملكة الوحوش». وأعجب الجمهور بصوتهما».
أصبحنا في حيرة أمام هذه الأخبار المتضاربة، وواضح أن قراء مجلة «الصباح»، ضغطوا على إدارتها لإظهار الحقيقة، فلم تجد إدارة المجلة مفراً من نشر ما لديها في أكتوبر 1930، قائلة: نشرنا كثيراً من رسائل التشجيع لفرقة مصر، حيث يهمنا كمصريين أن تنجح الفرقة في رحلتها، وتحظى برضاء إخواننا وجيراننا في الأقطار الشقيقة عنها، لكننا بجانب هذا أيضاً نرى من واجبنا نشر الرسائل، التي تتضمن نقداً بريئاً، والتي ترد إلينا من البلاد التي تحل بها «فرقة مصر» حتى تتحاشى هذه الفرقة في بقية رحلتها ما كان سبباً في نقدها وغضب الجمهور عليها. ها نحن ننشر فيما يلي رسالة وردت إلينا من كاتب أديب بيافا، تضمنت كثيراً من الآراء والملاحظات، نرجو أن تتنبه إليها فرقة مصر أثناء رحلتها! وهذا نص الرسالة:
إلى صاحب الصباح المحترم .. خدمة للفن أرجوكم نشر كلمتي التالية: قامت ضجة كبرى في يافا إذ أعلن أنه ستصل أكبر فرقة تمثيلية غنائية، هي الأولى بشكلها وعظمتها، تضم أبطال التمثيل كعبد العزيز خليل، وبشارة واكيم، وعباس فارس، وإبراهيم الجزار، والمدير الفني عمر وصفي، والمغني الكبير صالح عبد الحي، والمطربة الصداحة علية فوزي .. إلخ، إدارة حسن شلبي السيوفي. كنت أود ألا أكتب شيئاً عن الفرقة؛ ولكن خدمة للفن واحتراماً لما أصاب الشعبين المصري والفلسطيني معاً من الامتهان، سأدلي بالحقيقة التي رأيتها من الوجهتين الفنية والأدبية! وأني مستعد أن أجيب كل من يتصدى لكتابتي! ففي مساء الأربعاء 17 الجاري أقبل الشعب على مسرح «أبو شاكوش» ليشاهد رواية «مملكة الوحوش»، فكان الإقبال عظيماً بالنسبة للضائقة المالية الموجودة في البلاد. وارتفعت الستارة وابتدأ التمثيل، وخرجت السيدة «علية فوزي» فبلغ التصفيق والصفير إلى عنان السماء، استقبالاً لمن تركت في نفوسهم أبلغ أثر - عندما حضرت من قبل مع فرقة أولاد عكاشة - غنّت فهزّت أوتار القلوب، ونالت من الاستحسان ما تحسد عليه. انتهى الفصل الأول وابتدأ الثاني إلى أن خرج «صالح أفندي عبد الحي»، فصفق له الجمهور كثيراً، وأخذ يغني في دور «حسون». كان غناؤه مضطرباً لخروجه عن القاعدة الموسيقية «النوتة»، إلى أن جلس وغنى قطعة «عجيب والزمان» فترك ألحان الرواية، وأخذ يغني بأنغام أخرى (على كيفه)، وترك الموسيقى تتخبط ببعضها إلى أن اجتمع مع السيدة عليّة، وأخذا يغنيان معاً فصار صوته في وادٍ، وصوتها في وادٍ آخر، وهذا يدل على أن صالح أفندي لم يكن قد حفظ ألحان دوره في الرواية. وعند انتهاء الفصل الثاني، بينما كان الشعب يصفق، والسيدة علية فوزي ترجع القهقري، إذ زلت بها قدمها فوقعت من علو متر ونصف على ظهرها ورأسها، فظلت في إغماء خمس دقائق تقريباً. وجاء الطبيب فوجدها قد وقفت كأن لم يكن بها إصابة، إذ أن صحتها وقوتها تغلبت على الصدمة، ولكنها بقيت متأثرة منها إلى ثالث يوم من وقوع الحادثة. وبعد انتهاء الفصل الثالث، طلب الجمهور صالح أفندي بالتصفيق الشديد فخرج أمام الستارة وخاطبهم قائلاً: «إخواني .. بقي لي 18 سنة وأنا أغني مع التخت، وحالياً لا أستطيع أن أغني هكذا .. غداً إن شاء الله أحضر التخت وأغني على كيفي!!». وأخيراً انتهت الحفلة والشعب غير مسرور إذ أن التمثيل والطرب كانا ليسا على ما يرام، وفي الوقت نفسه الرواية تافهة! ولولا الأستاذ «بشارة واكيم» في دور حسون، والسيدة عليه فوزي في دور المطربة الأميرة لانصرف الجمهور من الفصل الأول. وفي الحفلة الثانية، كان الإقبال أيضاً لا بأس به، ورغم ذلك أخذ الملل يتسرب إلى الجمهور من الفصل الأول! وابتدأ الفصل الثاني فتزايد الملل والضجر، وابتدأ الفصل الثالث وإلى هنا، مهما كتبت وأكتب فلا أقدر أن أصف الجمود المستحوذ على الممثلين، ولا أقدر أن أصف أي مهزلة صبيانية كانت تمثل على المسرح! صوت الملقن يعلو على أصوات الممثلين، وفي أصعب المواقف ينتظر الممثل كلمة الملقن ليلقيها! وكنت ترى على المسرح تماثيل لا ممثلين وبالاختصار (شيء بارد جداً)! أخذ كل من المشاهدين يتثاءب إلى أن طفروا طفرة واحدة، فدوت الصالة بالتصفيق والصياح الشديد (نريد صالح .. عاوزين صالح .. مش عاوزين نشوف تمثيل)!! وبقى الصراخ والتصفيق إلى أن أنزلت الستارة في منتصف الفصل الثالث أثناء تمثيل بشاره واكيم، وعمر وصفي، وعبد العزيز خليل. وبعد هذه الحادثة خرجت الراقصة «لولو» فرقصت وغنت بالإنجليزية!! وغنت الآنسة نجمة والسيدة عليه فوزي، وأخيراً لم يتم الممثلون الفصل الثالث، وتركوا الرابع، ومثلوا الخامس .. وهكذا سقطت هذه الفرقة السقوط الهائل، إذ سودت اسمها وأسماء أبطالها، وكانت لطخة سوداء لفرق مصر بأجمعها.
نهاية مأسوية
هذه الأحداث حدثت في فلسطين، واستمرت تحدث في المدن السورية، مما أدى إلى حلّ الفرقة وتفكيكها أثناء وجودها خارج مصر!! وتفاصيل ذلك نقلتها لنا مجلة «الصباح»، في نوفمبر 1930، تحت عنوان «حل فرقة مصر»، حيث قال مراسلها: يؤسفني كل الأسف إفادتكم بأن فرقة مصر قد انحلت نهائياً، و«حلّ» البؤس واليأس بممثليها وممثلاتها ومديرها حسن أفندي شلبي في مقدمتهم جميعاً. وتفصيل ذلك أن الفرقة كانت في «حماة وحمص وطرابلس»، ثم حدث في طرابلس أن صالح أفندي عبد الحي أضرب عن الغناء، فتغيظ منه الجمهور وحاول بعض المتفرجين أن يفتكوا به، وشرعوا في تنفيذ خطة اغتياله فعلاً حيث عدوا إضرابه عن الغناء، إهانة لهم. غير أن محمد أفندي شنانة، صاحب مسرح اللاذقية أنقذه منهم، وجعله يفر في سيارة مغلقة. وكانت هذه الحادثة سبباً في القضاء الأخير على الفرقة، فوصلت إلى بيروت في حالة يُرثى لها، لا يملك أفرادها نقوداً لأجور السيارات التي ركبوها، ولا للفنادق التي ينامون بها، أو المطاعم التي يملأون بطونهم منها! ولجأ البعض إلى القنصلية المصرية «لتشحنهم» إلى مصر، فأرسلت القنصلية إلى مصر تستفهم: هل هناك تأمين يكفي لنفقات إعادتهم إلى مصر أم لا؟ وبهذه المناسبة ستقترح القنصلية المصرية على الحكومة المصرية عدم السماح لفرقة تمثيل أو طرب بالحضور إلى سوريا ما لم تكن هذه الفرقة غنية بمالها وفنها. وجميع أعضاء الفرقة يوالون الاجتماع كل يوم للنظر في طريقة حاسمة. وقد انضم بعضهم إلى فرقة الأستاذ «أمين عطا الله»، وهم: أحمد نجيب، ويوسف حسني، وليلى وأحمد نصار، وأحمد نجيب. واتفق البعض مبدئياً على أن يحيي صالح أفندي عبد الحي حفلتين أو ثلاث حفلات على التخت في بيروت، يخصص إيرادها لتخليص ملابس الفرقة المرهونة، وتأليف فرقة جديدة يسافرون بها إلى العراق! ولا نعلم هل تنفذ هذه الفكرة أم لا تنفذ، لأن بعض أعضاء الفرقة يبكون ولا يريدون العودة إلى العمل مع حسن أفندي شلبي. وكل تفكيرهم الآن في الطريقة التي يعودون بها إلى مصر، حيث لا يملكون النفقات. وعلقت مجلة «الصباح» على كلام مراسلها، قائلة: هذا ما بعث به إلينا أحد مراسلينا في حيفا، ونحن نأسف لهذه الأخبار كل الأسف، ولا نملك الآن إلا أن ندعو للممثلين والممثلات بقرب عودتهم إلى مصر، وخلاصهم من النكبة، التي ألحقها بهم سوء حظهم، أو سوء تفكيرهم وتغرير حسن أفندي شلبي بهم.
تعمدت أن أذكر ما حدث لهذه الفرقة في فلسطين فقط – وفقاً لعنوان سلسلة المقالات، ووفقاً لما حدث مع الفرق السابقة، والفرق التي سأذكرها فيما بعد، حيث إن «جميع» الفرق السابقة واللاحقة، عرضت مسرحياتها في بلاد الشام والعراق بالإضافة إلى فلسطين، وقد التزمت فقط بالحديث عن فلسطين - لأنني لو تتبعت ما حدث لفرقة مصر في بقية المدن السورية واللبنانية، وما كُتب عن أحداثها في الصحف والمجلات المصرية والعربية، سأحتاج إلى كتاب كامل لتغطية هذه الأحداث!! وخير ختام لما حدث لهذه الفرقة، كلمة نشرها «خضر النحاس» - متعهد الحفلات والجرائد في سوريا ولبنان – وهي كلمة تُعدّ علاجاً عملياً لأية حادثة يمكن أن تتعرض لها أية فرقة مسرحية مصرية تأتي إلى فلسطين وبلاد الشام مستقبلاً!!
قال خضر النحاس، تحت عنوان «كلمة إلى السلطات المصرية وإلى الممثلين والممثلات في مصر»: كنت قد لفتُ نظر إخواني الممثلين والممثلات في مصر، الذين يأتون إلى سوريا ولبنان مع الفرق المصرية للعمل فيها، بألا يحضروا إلى بيروت مع أصحاب الفرق قبل تأمين معيشتهم أثناء وجودهم في البلاد السورية واللبنانية، وتأمين سفرهم وعودتهم إلى بلادهم. وقد كتبت ذلك رحمة وإشفاقاً ببعض الممثلين والممثلات، الذين يتخلى عنهم أصحاب الفرق، ويتركونهم لا معين لهم ولا نصير بحالة يرثى لها من الفقر والعوز، لا يملكون ما يسدون به رمقهم!! ولفتنا نظر حضرة القنصل العام للمملكة المصرية في بيروت إلى هذه الحالة التعسة، ورجوناه بأن يلفت بدوره نظر وزارة الداخلية المصرية لتمنعهم عن السفر إلى بيروت قبل تأمين معيشتهم، ونفقات ذهابهم وإيابهم. وقد اهتمت الوزارة المصرية بهذا الأمر، وكلفت كل ممثل أو ممثلة بوضع كفالة مالية قدرها خمسة جنيهات قبل سفره إلى سوريا ولبنان! فنحن نطلب من الوزارة المحترمة، أن ترفع قيمة هذا التأمين إلى عشرين أو ثلاثين جنيهاً، لأن الخمسة جنيهات لا تقوم بسد نفقة أحدهم يومين أو ثلاثة، هذا إذا اقتصر وعمل جميع أسباب التوفير عدا أجرة السفر للرجوع إلى بلاده. ولصداقتي لأكثرية الممثلين والممثلات في مصر، أنصحهم نصيحة صادقة، ألا يسافروا إلى سوريا قبل تأمين مصاريفهم فيها، ونفقة معيشتهم وذهابهم وإيابهم خوفاً من أن يحل بهم ما حل ببعض زملائهم، الذين ذاقوا الأمرين والسلام.
مكتب الأعمال
الحق يُقال: إن ما حدث لفرقة مصر برئاسة الملقن حسن شلبي، لم يحدث لأية فرقة مسرحية مصرية خارج مصر!! وتجنباً لهذه الأحداث، وعدم تكرارها فكّر ثلاثة شبان، هم «عبد العزيز محجوب، وأنطوان عيسى، وجبران نعوم» في افتتاح «مكتب الأعمال المسرحية والسينما»، وهو مكتب يتعهد برحلات الفرقة المسرحية خارج مصر، مع تأمينها وضمان سير عروضها .. إلخ! وقد نشر هؤلاء الشبان إعلاناً لمكتبهم هذا في أغلب الصحف والمجلات، قالوا فيه الآتي:
نتشرف بأن نحيط حضرتكم علماً بأنه قد تألفت شركة تحت اسم «مكتب الأعمال المسرحية والسينما»، غايتها تسهيل مثل هذه الأعمال وتوفير أسباب الراحة والضمان لمزاوليها. وهذه الشركة تتوسط في عقد الاتفاقات مع الأجواق المصرية وأصحاب الأفلام والمطربين والمطربات والموسيقيين والمونولجست والراقصات وبالجملة في كل الأعمال المسرحية والسينمائية والموزيكهول. وتتعهد بتنفيذ ما يُطلب منها بالدقة والأمانة وبعمل كل الإجراءات اللازمة لمن يكلفونها بمثل هذه الأعمال كالبحث والسفر والتعاقد والتسفير والتأكد من التنفيذ وتهيئ لأصحاب الأعمال المسرحية كل أسباب الراحة وتضمن لهم الطمأنينة التامة. والشركة تتمسك أشد التمسك بمبدأ الاستقامة والجد والأمانة والمحافظة على المواعيد لتكسب ثقة عملائها وتجعلهم يشعرون بأن مصلحتهم وغاياتهم متوفرة عندنا. ونحن نسأل الله أن يوفقنا إلى اتباع الطريق القويم لنؤدي واجبنا على الوجه الأكمل. وتفضلوا بقبول فائق احتراماتنا .. [توقيع] الإدارة.
هذا الإعلان تم نشره عام 1935، وظل هذا المكتب يعمل أكثر من اثنتي عشرة سنة، وربما أعود إليه في مقالات خاصة به، خارج نطاق هذه السلسلة من المقالات الخاصة بالمسرح المصري في فلسطين.
---------------------------------------
المصدر :مسرحنا العدد 694
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق