مجلة الفنون المسرحية
وظيفة المخرج المسرحي
يختلف النصّ المسرحي وفق منظومة نسق بنيته الداخلية ؛ وطبيعة حبكته الصراعية اختلافاّ كبيراً عن باقي الأجناس الأدبية وجملة من الفنون والآداب الخطابية والسردية الأخرى , ويحاول المخرج جاهدا في تفسير النصّ من خلال رؤيته الفنية الجمالية الإدراكية الاستنباطية الخصبة الفاعلة في جسد العرض، فهو المتسيّد والمُفعّل الأساس لـ(الصورة المرئية) (visible picture) والمفسّر الحقيقي الفني للرؤية الخفيّة المستترة , والمناطق الغامضة واللامرئية داخل (ذهنية الكاتب) ومحاولا تثوير الملكات الفيزيقية الجسدية للممثل , لخلق ذلك التطابق المرئي للعرض , عبر الصورة والجسد وتنسيق الحركة وفق فن (الميزانسين) (Mecan sean) باعتباره لغة وظيفة الإخراج المسرحي , ووفق منهجية هذا الفن في امتلاك ناصية التفسير الاستنباطي والتعبير عن مجمل الأحداث عبر (الصورة المتحركة) (Movable Pictuture) التكوينية للممثلين , والشكل العام التأثيثي المرئي لـ(العرض المسرحي) وبالرغم من ان مفردة (مخرج) لم تظهر بشكل جليّ وواضح إلا في القرن التاسع عشر وتحديدا في عام (1874م) مع ظهور الألماني (ساكس مننجن) (Sax Mienengin) الذي أعتبر أول مخرج في تاريخ المسرح العالمي , وأسمـه بالأصل (جورج الثاني) وهو دوق مقاطعة (ساكس مننجن) فقد ثار هذا المخرج على منهجية المسرح القديم واشكاله التقليدية واصر على الالتزام بالأصالة التاريخية وبالأخص في مجال السينوغرافيا وتصميم المناظر والازياء باعتبارة فنانا تشكيليا , كما والغى الزخرفة الباروكية , وعضّد المعايشة مع الاحداث الواقعية والتحليل التاريخي في عرض اعماله الدرامية , بعد ان كان (المؤلف) هو الذي يمارس الطقوس الاخراجية بشكل ارشادات وتوجيهات وتفسيرات يساعد فيها الممثلين على تجسيد الشخصيات , وقد تطورت التقنيات الاخراجية عبر المدارس التنظيرية المتعددة التي ظهرت على السطح المسرحي , باختلاف الطرق والاساليب الجمالية والسينوغرافية للعملية الابداعية لفن (الاخراج المسرحي) ابتدءا من (مننجن) (Mienengin) والفرنسي (اندريه انطوان) (Andre Antoine) والروسي (ستانسلافسكي) (Stanslavski) و(مايرخولد) (Mayir colad) و (غروتوفسكي) (Grotowski) و(براندللو) (Pirandillo) و(بيسكاتور) (Pescator) و(بريخت) (Brecht) و(انطوان ارتو) (Artaud) و(كوردن كريك) (Graig) و(ادولف ابيا) (Appia) ومرورا بـ(جان فيلار) (Jean Vilar) و(بيتر شومان) (Schumann) وانتهاءا بـ(بيتر بروك) (Peter Brook) الذي أسس (مشغلا) فخما للتجريب في فرنسا , واستوعب , بل واستفاد من جميع التجارب المعملية التنظيرية للمخرجين السابقين وتمخضت نظرته لـ(فن الإخراج) المسرحي في تكوين الممثل وإعداده وتقديم ابهى حالات الفرجة السينوغرافية المتكاملة.
ومن خلال هذا العرض الموجز عبر جُلّ الأسماء الكبيرة التي عملت في مجال الإخراج المسرحي وفق مناهجه الحديثة , نلاحظ بعد الرجوع الى محاولة استقرائية للتعددية الأسلوبية الإخراجية التي زخرت بها هذه المراحل التاريخية الحديثة في فن الإخراج المسرحي , نجد بأن الوضوح في الرؤية الدقيقة لـ(المخرج) ذات أهمية وفاعلية عبر أكتمال العناصر العرضية المهمة , وفي تنشيط المؤسس الحركي للأجساد الذي يعد من أهم ادواته الفاعلة والمؤثرة في تحقيق الإثارة والرعب والرأفة والجمود والعطف والقهر والتغيير , و ما إلى غير ذلك من التثويرات والمتغيرات , باعتبار ان عناصر الحركة العضوية الجسدية الفيزيقية تحدد البعد النفسي والبعد الجسماني والبعد الصوتي والفسلجي والأخلاقي للشخصية الرئيسية والشخصيات الأخرى المساندة , وعلى اعتبار ان (المخرج) هو المسؤول والمتسيّد الأول على العملية الإخراجية المسرحية , ابتداءً من القراءات الأولى , ووصولا الى المرحلة النهائية (العرض المسرحي).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق