محطات في الذاكرة : مسرحية اطراف المدينة
مقدمة
بعد دخول البلاد في حالة الحصار القاسي الذي لم يحدث مثيله في تاريخ العالم المعاصر استمرت الحياة لدى العراقيين لانه شعب عريق وقوي لكن هذه المرة كان اكثر ايلاما وقسوة وهناك مشاهد تدمي القلوب.
ضغط الحصار باتجاهاته الاربعة وتخلت عنا حتى الاقدار باهمال مقصود والصالحون يتفرجون ونحن نطحن تحت حادلة ضخمة فسُويت الارض بنا فلا ينفع الرجاء ولا المناجاة ولا زيارات الاضرحة.ادركنا باننا نعيش يوما ليس له غد ولابد لنا ان نصرخ في اقل تقدير لكن حتى الصراخ كان محاصرا... نبحث عن الخبز وان كان اسودا ... كان ولدي الاصغر يلح عليّ ان اشتري له موزا مع انه ليس لديه فكرة عنه اصلا، وحدثت المعجزة وجلبت له موزا تأمله كثيرآ فأخذ يرعب به الاطفال الاخرين ظنآ منه انه قرن ثور وبعد ان اخذ درسا كيف يقشرها وليته لم يأكلها فالمصيبة اعظم لانه اخذ يلح بمضاعفه الكميه بعد ان تذوقها..
زميلنا في التعليم الثانوي جبّر بالجبس ساقه مدعيآ انها كُسرت في الحمام وبقى فترة طويلة هكذا الا اني عرفت الحقيقة لاحقا ان فردة حذاءه اليسرى لا تصلح للترقيع حتى..، واتبع هذه الطريقة لكي لا يستهزء التلاميذ بحذاءه
.اتصل المدير باحد الاثرياء ليشتري له حذاء بطريقة سرية..هناك حكايات بحجم الكون في تلك الفترة ، اذن لابد من النزول للشارع. حينها ذهبت احلام المسرح والجمال الابداعي ادراج الرياح . كذلك العمل في فرقتي الاثيرة(فرقة المسرح الفني الحديث) .
وجد لي احد الاصدقاء عملا بعد الدوام الوظيفي بأن اكون (كاشيرا) في اسواق(دجاج الفارس) الذي تغير اسمه بقرار من الدولة اذ كيف يمكن للفارس (في رمزيته عند السلطة) ان يكون له دجاج، لذلك اصبح اسمه (خان دجاج) في منطقة الكرادة .. قبلت العمل على مضض الى ساعات متأخرة هذا يعني انني لا ارى عائلتي يوما كاملا ولا فرصة لقراءة كتاب او مشاهدة التلفزيون او حتى ترتيب شؤون مكتبتي وبهذا اُطيح بوظيفة زوجتي نتيجة ضحالة الراتب البائس الذي تتقاضاه .
بعد ان استلمت الوظيفة الجديدة ، هي تجربه ممتعه رغم ارهاصاتها وما تسببه لي من نكوص واذعان ، الناس واقفون في طابور طويل لشراء الدجاج ولا شك انهم من ميسوري الحال كونهم يشترون كميات هائلة ونوعيات ممتازة . استمر العمل هنا الى اربعة او خمسة اشهر.
يومآ ما رأيت صديقي وزميلي في العمل المسرحي الفنان الراحل الاستاذ كاظم الزيدي واقفا في الطابور ،خرجت له لاعطيه الافضلية في الحصول على ما يريد. فتفاجئ بوجودي وادخلته الى المحل واستغرب كثيرا قال بالحرف الواحد " اكمل عملك هذا الشهر وتلتحق معي كمدير للمسرح في مسرح النجاح وفي مسرحيه(اطراف المدينه) ولك راتب افضل وتمارس عملك واختصاصك الفني" . انها البشرى التي انقذتني من الحاله التي انا بها.
حقيقة انبهرت بهذا المسرح الجديد الذي كان بالامس سينما مهملة بعد تطويرها وجعلها مسرحا من الطراز الراقي شكّل اضافة جديدة ومتطورة لعدد المسارح في البلد توفرت فيه جميع مستلزمات العمل المسرحي من بنى تحتيه وفنية.
ان التعاون المثمر بين المخرج المقتدر محسن العلي واداري المسرح المتميز كاظم الزيدي مع السيد عوني كان نموذجا فنيا رائعا لقد حرصوا هؤلاء الثلاثة على تقديم مسرح يضاهي المسارح الحكومية ليس في العراق بحسب بل في منطقة الشرق الاوسط والوطن العربي.
انا شخصيا سالت الاخوة الجزائريين برايهم عندما عرضوا مسرحيتهم(العيطة) في مهرجان المسرح العربي قالوا انه مسرح متكامل مئة في المئة. حيث تم استيراد احدث الاجهزة الفنية(first class) بكل المقاييس الحديثة وبكل تفاصيل احتياجات المسرح كما المسرح التجريبي في الطابق العلوي كأن هناك خلف هذا العمل اختصاص (professional) .
حقيقة ان هؤلاء الثلاثة الافذاذ صنعوا مجمعا فنيا ليكون صرحا عاليا من مكان كان بالامس مهملا بشراكة مفعمه بالمحبة والعمل الجاد.
استلمت ادارة مسرحية اطراف المدينه وهي من تاليف الكاتب عبد الامير شمخي واخراج المخرج المقتدر محسن العلي وتمثيل بهجت الجبوري /سعدية الزيدي/ليلى محمد/جاسم شرف/مكي عواد/سامي محمود/طه علوان /محمد صكر/خليل ابراهيم/غسان محمد مع كنعان علي(دبل كاست)/منى سلمان /طارق شاكر /بشرى اسماعيل/فلاح عبود/صلاح مونيكا/فاضل جاسم واخرون .
اما دور البطلة فقد كان من اداء ثلاث ممثلات بارزات وهن حسب التسلسل التاريخي لبدء العرض: اسيا كمال/سناء عبد الرحمن/ليلى محمد.
فحوى المسرحية تدور حول عائلة رجل متمكن ماديا وميسور الحال وله سلطة عليا في العائلة مع ان اولاده مختلفون في حياتهم خصوصا ولده الاصغر الذي وقع في حب فتاة راقصة في فرقة غجرية جوالة (كاولية) اقامت حفلا في بيتهم الى درجة ان ولده الاصغر (محمد) غادر البيت مصاحبا حبيبته وفرقتها تاركا المال والجاه والمركز الاجتماعي وترك حتى خطيبته ومضى الى نهايته المأساوية ومن خلال البحث عنه من قبل عائلته تحدث مواقف تراجيكوميدي، اجاد الممثلون جميعا بادوارهم ، لسنا هنا بصدد سرد قصة المسرحية فهي موجودة ومسجله في ملايين الفيديوات المنتشرة ليس في السوق العراقي فحسب بل في جميع دول المنطقة في مصر وسوريا وعمان ودول الخليج العربي ، ما زالت مطلوبة من قبل الجماهير وتشغل ساعات من البث في الفضائيات لاسيما في ايام العيد كذلك جميع مسرحيات المخرج محسن العلي مثل بيت وخمس بيبان ومقامات ابو سمرة ... الخ
الحقيقة كان منافسا قويا لفرقة المسرح الفني الحديث بكل ما قدمت من عروض قوية شكلا ومضموما كذلك بعدد ايام العرض فأذا كان عرض الحديث شهورا فأن عروضه لسنوات عديدة كاطراف المدينه استمرت ٤ سنوات وبقية مسرحياته فضلا عن حجم المسارح التي لا تقارن بمسرح بغداد الذي تضم ٣٠٠ مقعد فقط
● ثلاثة وعشرون عاما لم يطفئ بروجكتر عند مسرح محسن العلي ●
واهم من يظن ان محسن العلي قد اسس للمسرح التجاري والواقع انه تأثر كثيرا بعروض فرقة المسرح الفني الحديث ذات الجمهور العريض وقد تعلم كثيرا من مؤسسيها الراحلين يوسف العاني ، خليل شوقي ،قاسم محمد وسامي عبد الحميد في كيفية الوصول الى قلب الجماهير لاسيما في بدايات عروضه على مسرح بغداد كمسرحية (حسين رخيّص) التي استمرت ١١ شهرا ومسرحية(يونس السبعاوي) ، كتب يوسف العاني مقالا مطولا عن حسين رخيّص كذلك قاسم محمد . من هنا تطور الفكر الانتاجي لدى محسن العلي متزامنا مع الخزين المعرفي لديه في العملية الفنية كما انه يتميز بقدرته على معرفة انفاس الجمهور وماذا يريد .بطريقة تتناغم مع الحاله السياسية والاجتماعيه وانعكاساتها على الجمهور في ظل الخصوصية التي يعيشها العراقيين من حروب وحصارات مستمرة فهو يتعايش ويرصد الناس في الشوارع والاسواق الشعبية ، من هنا يقدم الجمال الفني الى جانب الفكاهه الجماهيريه التي لا تخلو من المرارة بخط متوازي مع رصانه النص من حيث البناء الدرامي
كما انه يرفض رفضا قاطعا الخروج عن النص الا بشرط انسجامه مع ايقاع العرض ويجب ان تكون اضافة نوعية وليس لغرض الضحك الرخيص انما يقدم (الضحك الصحي) وانا شخصيا راقبت حالة المتلقين وهم في نشوة وانطلاق عندما يشاهدون هذا الجمال المنقطع النظير . ربما المتلقي لا يعرف الجهد الكبير المبذول لتقديم هكذا اعمال كبيرة لاسيما ان محسن العلي يقود هكذا اعمال متفردا عن الاخرين فهو يقدم الموسيقى المسرحية بشكل مباشر من قبل فرقة موسيقيه كبيرة ويستعين بمدربي رقص ان استوجب ذلك اضف الى عدد هائل من المؤدين فضلا عن مكملات العرض المسرحي الاخرى كالانارة والملابس والديكور وكل شيء عنده محسوب بدقة متناهية وويل للمشتركين من الفنانين عند (الجنرال بروفة) فهو كالسيف في العمل رغم روحه المرحة ويستمر التمرين الى ساعات متاخرة من الليل . يدخل في التفاصيل الى حد الايماءة او الاشارة وعمليه دخول وخروج الممثلين والفرقة الموسيقية وتوزيع المهام على الممثلين والاداريين خلف الكواليس بمعنى انه مايسترو وكونترول وجنرال اوحد لادارة عمل كبير فهو عندما يقرأ النص يدخله(سونار) خاص للفحص ويتهيأ للتمرين بنقاط اساسية مرسومة يضيف للنص حوارات وافكار بمعنى انه (يفصخ) النص ويعده اعدادا جديدا مع الحفاظ على اس القصة المكتوبة، خذ مثلا اطراف المدينة . فأذا كان المسرح الاستعراضي عند محسن العلي ياتي متناغما مع ما يفعله المصريين كالمخرج حسين كمال في (ريا وسكينه) او جلال الشرقاوي فهو لا يخلو من البعد الفكري والجمالي وليس لغرض ربط المشاهد او التسلية المجردة فقد تفوق عليهم .
انه في هذه المسرحية قد اضاف فرقة موسيقية غجرية على المسرح وجلب عازف اصلي ومحترف في هذا النوع من العزف هذا بالاضافة الى استعانته بصوت المطربة الغجرية سورية حسين لكي يعطي المشهد رونقه في واقعية صوت وصورة.
لا ابالغ عندما اقول بأنه وصل به الحد بمنع الممثلين من المجيء الى المسرح بملابس بسيطة ولبس (النعال) وجرى هذا فعلا عندما لاحظ هذه الظاهرة نتيجة طول ايام العرض لسنوات كان يصر على ان يكون الممثل انيقا قدر الامكان لكي يكون نجما حقيقيا امام الجمهور... كل هذا وذاك فهو سخي ومنصف في توزيع رواتب مجزية لزملاءه العاملين في المسرحية وقد انقذ عوائلهم من الهلاك ايام الحصار القاسي وان الحجز المسبق للمسرحية وصل الى حد ١٥ يوم للحصول على التذكرة . هنا باشرت الضغوطات الرسميه وغير الرسمية اضافة الى الحسد والغيرة حتى ان فرقة المسرح الفني الحديث التي انتمي اليها انتجت مسرحيه (عمارة ابو سعيد) ولكنها لم تصل الى كثافة الجمهور الذي وصل اليه محسن العلي . لا احد كان ينافسه ولكن للحقيقة والتاريخ كان المخرج المقتدر مقداد مسلم سائرا بنفس الاتجاه وحقق نجاحا جيدا في مسرحية (لاصايرة ولا دايرة) و (الخيط والعصفور) الا انه توقف وغادر الوطن. غير ان محسن العلي استمر بعروضه المبهرة ذات الطابع الجماهيري حتى الصحافة لم تنصفه الى درجة ان ناقدة معروفه كتبت عن احد عروضه تحت عنوان (شاهدت العرض بعيون صديقتي) الا انه اثبت جدارته مرة اخرى في المسرح الجاد كمسرحية
الليلة الثانيه بعد الالف/جمال ابو حمدان والتي كتب عنها الدكتور جميل نصيف نصف صفحة كاملة في جريدة الجمهورية
مسرحية(الرأس) /عادل كاظم
مسرحيه( العودة الى باب دزدمونة) /يوسف الصائغ
مسرحية(الجنه تفتح ابوابها متاخرة)/ فلاح شاكر
مسرحية(اكتب بأسم ربك)/ فلاح شاكر
مسرحية(بقعه زيت) /محمود ابو العباس
مسرحية(جيفارا)/ معين بسيسو
مسرحية(فلسطينيات) /علي عقله عرسان
ولا تخلو عروضه من المشاكسه في ابن البلد/الباب العالي
فضلا عن دوره في المسرح التجريبي
وقد تم تكريمه من قبل لجنة عالمية كرمت ٥ مخرجين في العالم فقط على مجمل اعماله عام ٢٠١٩ .
والملاحظ ان اغلب اعماله التي استمرت فترة طويلة اشترك معه ممثلون كبار كبهجت الجبوري خمسة اعمال ومحمود ابو العباس ١١ عمل وقد تخرج الكثير من معطفه كالفنان القدير جاسم شرف الذي اسس مسرحا خاصا به هو وزميله الفنان سامي محمود كذلك الفنان مكي عواد هو ايضا عمل مسرحا خاصا به.
قدم الفنان خليل ابراهيم كوجه جديد ومهم في الساحة الفنية ... الاخرون شقوا طريقهم واصبحوا مطلوبين في الدراما التلفزيونيه والمسرح ولا يتسع المجال لذكرهم .
قُبيل بدء الحرب والاحتلال الامريكي البغيض شُكلت (لجنه تطوير المسرح) وكل ما انجزته هو مصادرة مسرح النجاح والحاقه في الدائرة ظلما وعدوانا كذلك السينما والمحلات التجارية المجاورة جاءت لجنة استلمت المسرح بما فيه من محتويات وقد مُنع محسن العلي من الدخول حتى من استلام مبلغ شخصي يعود له في الخزنة والمضحك المبكي انهم صادروا حتى مبالغ المسرحية التي لا زالت تُعرض على المسرح والاكثر ايلامآ في هذا المشهد ان هؤلاء جلهم من زملائه واصدقاءه وبينهم زاد وملح مع محسن العلي
اطراف المدينة ،،،،، مرة اخرى،،،،
استمر عرض المسرحية في تحدي مثير والجمهور بكثافته المعتادة .
يوما ما تلقت فرقة النجاح دعوة من نقابة الفنانين الاردنيين لعرض المسرحية في عمّان وتم الاتفاق على ذلك عن طريق نقابة الفنانين العراقيين وصدر امر الايفاد بشكل رسمي. عمت الفرحة الكبيرة لدى الفنانين غادر السيد المخرج الى العاصمه الاردنيه لتهيئة الامور الفنية واللوجستية واستطاع بمساعدة الفنانة الاردنية عبير عيسى والفنان الراحل محمد القباني ان يبيعوا التذاكر ويوجهوا الدعوات الى النخبة من الفنانين والحكومة الاردنية . حصلت الموافقة على العرض في المسرح الملكي الجميل وتحدد موعد السفر . عدتُ الى البيت فرحا ،تجمع اطفالي حولي فرحين وقدموا طلباتهم من الهدايا لكنهم اجمعوا بضرورة جلب مشروب الببسي ونستلة(التوتو) الاردنية التي كان لها سمعة قوية في السوق العراقية لكن سعرها غالي . اقترحت زوجتي الطيبة اقتراحا غريبا وقالت خذ بعض صناديق الببسي المركونة خلف البيت منذ سنوات وقم باملاءها من هناك..حقيقة هي فكرة على طرافتها فهي فكرة عملية .جلبت كيسا كبيرا واملأته بالقناني الفارغة وربطته ..الحقته بالشحن مع ديكور المسرحية (الجميع لا يعلم بهذه المهمة ما عدا الفنانة الكبيرة سعدية الزيدي) .حان وقت السفر (بالسيارة لعدم توفر الطيران )كذلك تحدد يوم العرض ورزمنا كافة مستلزمات العرض . وقبل ان تنطلق السيارة بساعات ،هنا المفاجئة، جاءنا شخص رسمي وبيده امرآ بأرجاع كافة النقود التي استلمناها من المصرف لغرض الايفاد بأمر الحكومة والا كما قال ستحرمون من السفر .بقينا بحيرة من امرنا انها صدمة ولا شك حتى انا سالته وقلت له ان المصرف مقفل ولا يمكن ارجاعها حيث الدوام انتهى قال كلا المصرف وُجه له امرا بأن يُفتح فورا لغرض ارجاع العملة الصعبة ويبدو انه امرا دُبر بليل من قبل اشخاص يتصيدون بالماء العكر اذعنا للامر ورجعنا جميع المبالغ والخيبة والحزن ينتابنا الا ان في الحقيقة كان موقف الفنانة الكبيرة سعدية الزيدي عظيما فهي تشد من عزيمتنا دائما ونلجأ اليها في كثير من المواقف :: سافرنا ونحن محبطون معنويا وماديا وعندما وصلنا الى (طريبيل) ونحن بانتظار ختم جوازاتنا الا انه جاء رجل امن وقال بصوت عالي من هو عبد الكافي لازم( وهذا اسمي الرسمي) قلت له خائفا :انا ، وقال يريدك الضابط مشيت مسافة وساقاي ترتجفان حيث اني كنت قبل ١٠ سنوات ممنوعا من السفر وربما لم يرفع المنع وقد اُعتقل او ارجع الى الوطن في اقل تقدير وصلت الى شباك الجوازات ولكن رجل الامن صاح بي قائلا (لا لا ليس عند الشباك تعال الضابط يريدك شخصيا اذن تأكد لي بأنني ربما سأُلاقي ضربا مبرحا ضربا ومصيري السجن) وعندما دخلت الى غرفة الضابط وانا في حالة شبه اغماء استقبلني بترحاب وحضنني وقبلني وانا امام ضبابية المشهد كدت ان يغمى عليّ سحبني بيده واجلسني على المقعد وقال ماذا جرى لك انا فلان الفلاني صديقك القديم الا تتذكرني ؟ ولم افق بسهولة الا بعد شرب الماء وتذكرته جيدآ ولنا جلسات مشتركة وقال الفرقة اليوم معزومة عندي قلت كيف؟ ونحن ثلاثون فردا قال وليكن
قدم عشاءآ فاخرآ مع مشروب وقلنا هذا اول الغيث وصلنا عمان بعد ١٧ ساعة سفر ونحن في فندق (عمون ٤ نجوم) مفلسون تماما الا ان الفنان القدير جلال كامل جلب لنا (عشاء سفري) لكل فرد وهو موقف جميل لا ينسى وفي اليوم التالي بدء نصب الديكور بانضباط عالي كعادة المخرج محسن العلي وبدء العرض بجمهور كثيف وراقي. اسرني المخرج بأنه دبر مبلغ بمبادرة من الفنانة سعدية الزيدي حيث اوعزت لزوج بنتها بتوفير ٦٠٠٠$ بصيغة سلفة . تأسف من الموقف في بغداد وقام بواجبه بأحسن حال ونسينا الماضي القريب ومضينا في العرض ١٣ يوم . فرحون بنجاح العرض والجمهور الكبير
العرض المسرحي لا يخلو من المشاكل وخصوصا اذا كانت المدة طويلة كما يحدث ايضا للاخوة المصريين فقد انسحبت الفنانة القديرة اسيا كمال من العمل وقد تم تدارك الامر لوجود الفنانة القديرة سناء عبد الرحمن واستمرت لفترة طويلة .كذلك انسحبت ايضا واستقر الدور اخيرا للفنانة القديرة ليلى محمد وجميعهن بارعات في تجسيد الشخصية لاسيما ان الفنانه ليلى محمد تجيد الرقص ايضا . واحد المواقف المحرجة اراد الفنان خليل ابراهيم اجازة لمدة ٣ ايام لشغل رسمي ولابد ان يذهب خارج بغداد وانا من طبعي ان احفظ جميع حوارات المسرحية بعض من زملائي يطلقون عليّ (الحفيظ) بكسر الحاء اذ لا يمكن ايقاف العمل والجمهور لديه حجز وينتظر منذ ١٠ ايام اديت الدور واستمر العرض بسلاسة كذلك انسحب الفنان مكي عواد وتم تدارك الامر من قبل المخرج بتحويل الحوار واستلم الدور الفنان جاسم شرف واصبح دوره عريضا وطويلا الان انه مع مرور الايام هو ايضا اراد الانسحاب ولم تنفع معه الوساطات واخذ دوره الفنان خليل ابراهيم وعراقيل اخرى لا تقدر ولا تحصى الا ان العمل ظل ساريا بكل انسيابيه .
والطريف عند رجوعي من السفر وجدت اعدادا من الضيوف في بيتي مع اطفالهم اذ لا يمكن اخفاء الببسي ولا التوتو وقد وُزع الببسي عليهم والتوتو ايضا وبقت معاناة الحصار لمدة ١٣ عاما
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق