تصنيفات مسرحية

الثلاثاء، 8 نوفمبر 2022

مســـــرحيـــة " الظـــــل " تأليف : عبد ربه الهيثمي ​

مجلة الفنون المسرحية
 

(مع إيقاع موسيقى المقدمة تسلط أضاءه الشاشة السينمائية في الخلف فيظهر رجل يخطو خطى سريعة فوق كثبان من الرمال و يسرد بلهاث وضح حوارات المنولوج واحد )
 
(1) (من سيئ إلى أسوأ.... ومن منفئ إلى منفئ ... ومن جوع اشتهاء الخبز إلى جوع احتقان الفكر في ذهني .... من شك يلازمني إلى هما يؤرقني أهرب فوق مطبات الرمال الرابضة تحتي فتبلعني ، وأبلعها فأخطو بخطوات سريعة للأمام عَليّا الحق غدي المأمول قبل فوات الأوان .... نعم أعترف أني تجاوزت قوانين المصحة والسجون ،وعبرت السور ولم أفكر بما قد تؤل إليه النتائج وما قد تكون ... فماذا يمكن أن تكون ؟ بأكثر من أن أصف أنني مجنون.. مجنون تجاوز حاضر النوم ودمغت السكون ، ووثب نحو حراك عوالم دزني ليبتدع البدائع والظلائل والمجون) (تنطفي الشاشة بقفز للخشبة) 

والحقيقة أنا يا أعزائي بقايا ترّهات فكراً حينما أصحو أجد نفسي بكيس النفايات وحينما أغفو يحتفي بي ويعلو مجدي وأصبح مهماً جداً المفكر المدرك لقضايا الحاضر والمستقبل يقولون عني أني قلت، وقلت... وقلت من الأقوال المأثورة (يضحك ساخر) وأنا لم أقل شي ـ أناـ نائم ما قلته وأن يقض ذهب إلى مكب البلديات ، فحسبي الله حسبي فكيف أستطيع أن أحتمل العيش بقاعدة الهرم المقلوب ، بمجرد ما أخرجت راسي من كيس النفايات وقلت ما أريد أن أقول ،اتهمت بالجنون ، اتهمت بأني من أولئك الذين للعقيدة يسبون ، وبأني لأمسي هدمت ، وباني كفرت ، وبكل المحاذير خلفي ضربت ... وحتى اللحظة لأزلت أسال نفسي، ماذا هدمت ؟ وبماذا كفرت ؟ ... هل لأني أبيت ارتداء أسمال السياسي وأبيت أيضاً ارتداء جلباب علماء الأوامر والنواهي ... لهذا عقدت النية علياء مسبقاً بأني مهما قلت ومهما صمتت ففي الحالتين خطر ويجب أن أخضع لتلك العيون التي تقتفي ظلي وتقليني من الداخل كما تقلى القدور.

صحيح لست بذي فكراً نفعي يزن فكرة بمعاير المصالح ... ولكني أغوص في المجهول لأصل وأوصلكم إلى المعلوم ، وحينما قامرت في نفسي لقول الحق والمعقول لكسب رهان غدنا المأمول، شكروني وكرموني ، بقطع لساني وكسر ذراعي ، وأعلنوابأثر رجعي عن ضياعي .
يا سلام هكذا سنصل لما وراء التخوم ونغزو الكواكب ونغزو النجوم... 

(يتحول إلى معلم يلقن تلاميذه) 

يا سادتي ... أن تاريخ العلوم هو تاريخ أخطائه فمن الخطاء نتعلم المعقول وتاريخ الحساسة(والمقصود هنا السياسة) هو تاريخ منافعها الصائبة فالخطاء هدام يمزقها ويدفعها إلى المجهول الم أقل لكم حاسة ولكن تاريخ الثقافة شي أخر ، نصنعه من البعدين ... استدراكات العلوم الوثابة وأخطاء الحساسة ... ومع هذا فانا مجنون مجنون لماذا ؟ هل لأني أريد أن أزاوج بين العلم ، والحساسة من ناحية وتلك الهرمة التي نطلق عليها مجازاً ثقافة ، التي بها سنهذب نتوءت العلوم المشوكة ، ونفرمل شطحات تلك الحساسة التي همها المنفعة .

(يتغير صوته إلى صوت اخر يتهمه)

- أننا نشك من وطنيتك وانتمائك والأمانة ـ (يضحك ساخرة) يا ترى لماذا أورط نفسي وأناقش جدلية المنفعة ، بدون ضمانات سابقة ومشتركه لقواسم المعرفة ... لماذا أدعهم يشقون طبلة أذني بهذا النهيق والقربعة .

(تبدءا الإظلال تحاصره) هل تريدون أخذها مني... خذوها بدون أن تكتموا نفسي، وعلموا أن بلاط بلا ليعكم يكفهر بكل وردة يانعة، خذوها وخذوني بها اصلبونا أحرقونا أجعلونا رماداً وفي يوم ما انثرونا وخلطونا برمل الصحاري بشرق البلاد او اعلنو كل أيامنا حدادا حداد .
(يحدث الاظلال التي تحاصره) 
أبتعدو قليلا دعوني أتنفس... هه (كأنه يسمع صدا لصوت يسأله) أجيب ... حاضر سأجيب عن أسئلتكم ( مؤتمر صحفي،ميكرفونات بدون شخوص تمتد نحو فمه)
 
خصالي :ـ خصالي هي أن أنظف أظافري من مكروبات هذه الميكرفونات التي تمتد        ​     نحوي قبل أن امظق لقمتي .
رغبتي:ـ رغبتي أن لا أدفن حياً 
هوايتي:ـ هوايتي.. هه ... (يفكر)
​     أن أفتش عن الحب أينما وجد وأن لا أحياء بمناء  عنه لأني ما خلقت لاكره ​     بل خلقت لكي أحب ... فالحب أن كان غريزة هو أيضاً مكتسب.
ماذا ... ماذا ... جنون... جنون ماذا يا حيوان... جنون لأني أزراع الحب بين تضاريس العقول ... جنون أن أدعى لتشذيب الفكر من أشواك أولئك الباشات المقنعون والمتطرفون.
 
الجنون يا عزيزي هو أن تذعنون المعرفة لسلطة المال والمنفعة وأهواء السياسه الموجعة... الجنون هو أن تظل الجواميس على الحلبة تدور والخيول في استبلاطهم ملجمون... ومع هذا سيأتي اليوم الذي تنقشع فيه غمامات العيون ، وتدركون بأن الجنون الحقيقي هو هرطقات الكلام الذي نحفظه عن السابقون ونردده مثل بق بقانات ، قال وقال وكان ومثلهم سنكون ، نعم الجنون ليس هذا الذي أتهم فيه لأني سبقت ما سنريده اليوم وغداً ، وما سيكون .
( يتجه للجمهور) أتعلمون ما هو مأزقي... مأزقي هو أنني اطحن بين رحى شي أسمه جهل معرفة المنفعة ، وبين قفزات فكري وأخلاقيته بما أستشفه وما أعرفه ... مأزقي أنني استجر المدارك وامضغها بين فكي جنسي الوحدي ولم استطع الوصول إليك انت من أحاول بكل السبل البلوغ إليه واستهدفه (يشير للجمهور) ... مأزقي هو أنني استجر غدي قبل أن تشرق شمس صبحه وتأتي ... نعم مأزقي أني سجين ضلالاتكم أحاول  نزع ظلي من بين أظلالكم لأنير به الضالين ، ولكن هيهات صرت أنا ضالتهم ، وطريد تهم هدروا دمي وجازوقتلي .
 
يا ترى لماذا كل هذا ؟ وجلبابي المعرفي الذي ارتديه خامة لقطن محلي زرعته وأحكته هنا وما كان يوماً مستورداُ لماركت رجعي . لما تخرسوني أذا جئت أفصح عن ما يجول بذهني.. لما تصوموني بتابع للملحدين وكافر وشيوعي... كيف يسود حياتكم قانون غاب وأنتم الين قلوب وارق أفئدة يا شباب .. كيف تدعون الحكمة والمعرفة ونحن لأنميز بين الخطاء والصواب وتحاوروني حوار الذئاب ... ألا تعلمون بأنه أذا كانت القوة بناب فالحكمة لها عشرات الأنياب .
 
لماذا ترقصون رقص زرباء بعمقي وتمتصون اللبن من ثدي وأكون أنا السابي والسبي ... أن وجهي هو وجهي ليس بخلفي أخفية ولا بوجهي أظهر خلفي: ولكم الخيار.
ـ تبعية الظلام أو تبعية المعرفة المستنيرة والسلام.
لكم الخيار ... السير في أقبية التصنيفات ألايتوبية ، للفكر الحلال والفكر الحرام ، أو الوثوب مع العقل التواق المتسامح السائر إلى الأمام ... (يبدون بالهجوم عليه من كل اتجاه) هه ـ هه ماذا حصل أيها الأشباح والإظلال ... أعرف تريدون تسويق العقيدة بسوق الاستثمار (يصرخ) لا. لا ليست هذه خياراتي .. إياكم .. وإياكم أن تحلموا بتجير محبوبة قلبي ومعذبتي ورفيقةدربي عبر الزمان تجيروها  لهرطقتكم الزئفة لا أنتم ولا أولئك النقيض لكم والذي يدعون رسم المسار ... لست لعبة أحداً منكم ولست جبان نعم، لن أركع ..لن أخضع لكلاكما... وإذا قربت نهايتي سأدخل ظلي الملعون مجبوراً، ولكن أمهلوني ثواني لاقول لكم: أنكم معاً تداو الخطاء بالخطاء وتنصبون ما بيننا القطيعة علانية وخفاء... وأقول أيضاً : أنكم تسجنون الفكر في أدمغتنا وتقتلون الذوق والرقة وومضات الجمال بناء لا حاضراً مرئي ولا مستقبلاً يمكن يرى ... فالحاضر الآتي قد يرتهن تحت وطئت براغيث تربت على الدماء وتأقلمه ... قلت وقد، وقد يلقي احتمال الغد أذا قوبل بفكر الصد، بفكر شد من أزره وأجتاح الصخور الجامدة كما تجتاحها موج البحار العاتية بزبد المد... قلت أذا وإذا مشرطه وبيان شرطها أن لا يكون فكرنا هذا رهن لاية  كائناً كان... ولا تبعي لاية حد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق