تصنيفات مسرحية

الاثنين، 29 يناير 2024

حياة سعيدة عرض مسرحي يعيد طرح اشكالية الصراع بين الموت والحياة لمخرجه " كاظم نصار "

مجلة الفنون المسرحية


حياة سعيدة عرض مسرحي يعيد طرح اشكالية الصراع بين الموت والحياة لمخرجه " كاظم نصار "

قاسم ماضي - ديترويت

قدمت نقابة الفنانين العراقيين –المركز العام وبالتعاون مع دائرة  السينما والمسرح عملهم المسرحي الذي حمل العنوان حياة سعيدة  تأليف " علي عبدالنبي الزيدي " وإخراج الفنان " كاظم نصار " وعلى قاعة المسرح الوطني للأيام 13-14-15 وفي تمام الساعة السادسة مساء ً .

وقبل بداية العرض المسرحي واللغط الدائر بين الجمهور للجلوس في اماكنهم ، أطل علينا الفنان الدكتور "سعد عزيز عبد الصاحب " لينوه لنا عن هذه المسرحية ويقول " هذا العمل الأول من انتاج نقابة الفنانين العراقيين ،وهي إشارة واضحة للجمهور ان النقابة جادة في تفعيل إنتاج العروض المسرحية القادمة ، وقد اختارت الفنان المخرج " كاظم نصار "ليكون الأول من بين المخرجين، وهي فرصة طيبة اذا كانت النقابة  جادة ومساهمة  في إنتاج العروض المسرحية  وأن تفتح الباب أمام المخرجين في الأيام القادمة .

فجاءت كلمة  نقيب الفنانين " تضع نقابتنا فن المسرح في أولويات عملها إداريا ً ومهنيا ً، ودعما ً للعروض ومشاركاتها داخل البلاد وخارجها ، وقد دعمت نقابتنا هذا العرض وأنتجته لمجموعة من المسرحيين ، ومنهم كاظم نصار ليقدم لنا رؤية جديدة في عرض جديد ينهل من مجريات ما مر في بلادنا من تحولات وانعكاساتها على البنية المجتمعية ، مضيفا " حياة سعيدة " تحلم  أن تكون حياتنا هكذا وأجمل ومسرحنا يزدهي بالجمال .

وقبل الخوض في العرض المسرحي ومن تداعياته المعرفية والجمالية أقول وهي مجرد إشارة يفترض أن تكون النقابة  واضحة في مساعيها للجميع، وان لا يتذمر البعض من الفنانين من محسوبيات النقيب وتصرفاته المسيئة لهم ،وعلى النقابة ان تكون على مسافة واحدة مع كل الفنانين ، وتفتح المجال لهم ، حتى لا ينطبق المثل القائل " شّيلني  وأشيلك " وبهذا نرتقي ونعمل بجد من أجل إيصال رسالة المسرح العراقي الى الداخل والخارج .

بدأ العرض بحضور جمهور غفير،  تم عرض مسرحية  "حياة سعيدة " لمؤلفها " عبد النبي الزيدي " ومخرجها " كاظم نصار " الذي  يقول في كلمته " من جديد حاولنا في هذا العرض ،  وكما فعلنا سابقا ان نقترب من الهم الاجتماعي ، وانعكاس التحول السياسي عليه ، وذلك عبر نص دال ومكثف ، غالباً ما يدوّن    الكاتب " علي عبد النبي الزيدي " نصوصاً شبيهة تشير لهذه التحولات والحكايات المنبثقة منها ، مع اختلاف الحكاية وتنوعها، وعبر فرضية إخراجية راعت التنوع المشهدي ، وعالجت المساحة السردية عبر الفكاهة السوداء حيناً ، وعبر نسق أدائي حاول أن يحفر بحرفية في خطاب النص وشخصياته ، العرض بأنساقه الثلاثة يقدم قراءة لما مر بنا ، وما جرى لبلادنا خلال تلك التحولات السريعة والبطيئة .

 وبعد مشاهدة العرض لم نجد كل ما طرحه " النصار" في كلمته ، وتعالت الكثير من متذوقي المسرح ودارسيه اصواتهم لما شاهدوه في هذا العرض ، ومن خلال متابعاتي لمعظم عروضه المسرحية التي هي حاولت تقديم الرؤى الاخراجية المبتكرة بيد ان ثمة عوامل تحول دون وصول العرض لما ينبغي ان يكون وربما يعود ذلك لتشتت القراءة التي تنعكس على صياغة مفردات العرض وفق نهج جمالي مدهش ، حيث يخفق الإيقاع تارة ويفقد التناغم الهرموني خيوطه تارة أخرى ، ولولا وجود ممثلين لهم خبرة ودراية في فن التمثيل في هذا العرض وبقية العروض لتضرر العرض  ، وهذه المحاباة  تعودنا عليها ليس اليوم بل في كل الأوقات مع الأسف الشديد ، فكان العمل المسرحي من تمثيل نخبة مهمة من الفنانين وهم " حسن هادي "  لبوة عرب " علاء قحطان " وهديل " التي أشاهدها لأول مرة ، وحتى نتعامل مع هذا العرض بكل جرأة , يقدم النص الذي كتبه " الزيدي " يطرح بأسلوب لا يخلو من  الكوميديا في مشاهدة اشكالية أزلية تلاحق الانسان بمختلف ملابسات حياته ، وقد أخذ هذا النص طابعا عراقيا ً، نظراً لفرادة المآسي العراقية التي مر بها مجتمعنا العراقي منذ عقود خلت ، وجاء النص بلغة شعبية وفصحى  في مزيج تم توظيفه لأغراض معينة ، ومنها تثوير عنصر السخرية والكوميديا ، وقام المخرج " النصار " بتوظيف مقاعد المشاهدين لتكون خشبة العرض المسرحي ، ومن خلال المنظور لشكل العرض لم أرَ ضرورة في اجتراح هذه الفرضية للبيئة المكانية التي كان يمكن خلقها على الخشبة وإبقاء المشاهدين جالسين على مقاعدهم بشكل أكثر استرخاء وراحة ، لأن الشكل أو مفرداته البصرية قابلة  للتنفيذ على خشبة المسرح ، ويمكن توظيف فضائها بإتجاه اشتغالات  متعددة ، وكما قلت يعتمد " النصار " على أداء الممثلين في معظم عروضه وتلك نقطة باعتقاده تحسب له ، فلهذا ساهم أداء الفنانين المتميز ولولاهم لضاعت " الطاسة والحمام " في هذا العرض ، الأمر الذي ساهم  برفع مستوى العرض المسرحي " حياة سعيدة " من خلال تنويع مستويات الأداء التمثيلي ، بيد أن الرؤية الإخراجية لم تكن فعالة على مستوى بناء بصري متعدد الاتجاهات ، وقابل للقراءات الدلالية المتعددة ، وظل الطابع الواقعي يحكم أجواء العرض الذي مر بفترات ملل ، كان يمكن تفاديها م من خلال تكثيف مشاهد العرض وتفعيل منظومته البصرية لتبث رسائلها الكامنة من فحوى النص الذي ناقش حكاية عروسين جمعهما الجدل حول مستقبل أبنائهما المظلم والمجهول في ليلة عرسهما المفترض ، فجاءت توقعات ملامح ذلك المستقبل مخيفة تجاه الابنة والابن المنتظر في واقع مجتمع يلفه الخوف في ضوء الصراعات التي تناهشته وقوى الشر التي تناهبته .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق