تصنيفات مسرحية

الأربعاء، 10 أبريل 2024

على طاولة العتبة العباسية المقدسة : المسرح ( الفاضل ) مستقبل المسرح الحسيني فلماذا يناصبون له العداء ؟!

مجلة الفنون المسرحية 
على طاولة العتبة العباسية المقدسة : المسرح ( الفاضل ) مستقبل المسرح الحسيني فلماذا يناصبون له العداء ؟!

بقلم – عدي المختار / كاتب ومخرج مسرحي 


تصدت العتبة العباسية المقدسة بعيد 2003 في البحث والعمل الجدي لإرساء دعائم مسرح حسيني عصري بمواصفات المسرح الاكاديمي واسفر ذلك في حينها الى عقدها المؤتمر التأسيسي الاول عام  2010 , وما تلاه من دورات ناجحة لمسابقة النص الحسيني الحداثوي ومن ثم توج هذا الجهد الكبير بإقامة مهرجان مسرحي للعروض المسرحية الحسينية ابتعد عن مسرح التعزية( التشابيه) واقترب كثيراً من العرض الأكاديمي الحداثوي بمواصفات العرض العالمي , والتي انتهت التجربة ( للأسف) في دورتها الخامسة لأسباب نجهلها اضرت بمسيرة المسرح الحسيني في العراق وتطوره, منذ ذلك التأسيس الحقيقي والجهود المخلصة للعتبة العباسية المقدسة وهناك من اتخذ موقفاً معادٍ ازاء هذا المشروع ولأسباب واهية لا تمت للإنصاف التاريخي والمهنية الاكاديمية بشيء .
لم يكن اعتراضهم اكاديمياً بل كان اعتراضاً انطباعياً وبعضه طائفياً والاغلب لربما كان من اجل كسب ودٍ هنا او مصلحة هناك , فلم يبحث المعترضين في جوهر النظرية او الفكرة التي رامت لها العتبة العباسية المقدسة آنذاك والتي كانت تتطلب من الجميع الوقوف عليها بكثير من الايجابية والبحث والتقصي ,فالمسرحيون يدينون بالولاء للمسرح العالمي وتجاربه نصاً وعرضا , لذلك هم لم يقرؤوا القضية الحسينية فكرياً وانسانياً , هم كالآخرين الذين لا يعرفون معنى الثورة الحسينية وبقيت قراءتهم للواقعة في حدود اسم عاشوراء وألطف والقضية الحسينية التي كلما تذكر يحضر في مخيلتهم سلفاً المعركة والحرب والقتل والدماء مابين (شخصيتان إسلاميتان) حسبما يعتقدون !!! , وهنا هم في حيرة من امرهم فأن قبلوا بعدالة قضية طرف من هاتين الشخصيتين فأنهم سيفقدون شعبيتهم في قاعدة الطرف الاخر من المعركة! في اعتقاد دنيوي لا يمت للعقيدة والاسلام بشيء , والحقيقة الاكثر مرارة انهم لا يريدون الخوض في غمار التجربة خوفاً من ان يخسروا دعوة عربية من هذا المهرجان او ذاك طالما ان مسرحنا العربي يسيره مال الملوك والرؤساء الذين لا يرون في التشيع الا ملة خرجت عن ولاية ( يزيد بن معاوية ) أمير المؤمنين ! .
ولو أتيح لنا أن نجري مناقشة مع المهتمين والمشتغلين في المسرح الرافضين للمسرح الحسيني حول أسباب رفضهم او تحفظهم في الخوض بغمار هكذا تجارب وإنضاجها والترويج لها , لكان الجواب ان القضية الحسينية عرض مسرحي لا يحمل أي نظرية أو غير قابل لولادة نظرية ما , وهنا لابد أن نسألهم أي نظرية يحمل المسرح العالمي ؟ أليست العروض العالمية هي تحمل الهم الإنساني  والتنويري ولكن برغبات دنيوية؟ وهل الابطال في المسرح العالمي معصومون فاضلون ؟, فلماذا اذن هذا الرفض لنظرية المسرح الحسيني وفي تفاصيل القضية الحسينية أسمى معاني الإنسانية والايثار والبطولة والفضيلة والتي تجسدت مابين علاقة الامام الحسين ( ع) وأعدائه من جهة , وما بينه هو ومن حوله في اكثر لحظة يقرر فيها المرء اما الممات بخلود او العيش بذلة من جهة اخرى , أليست القضية الحسينية تحمل اسمى الفضيلة اكثر من سواها من نصوص وانماط مسرحية كون البطل فيها انسان فاضل بلا نزعات دنيوية وغايات غريزية عكس الابطال العالميين في المسرحات الكبرى في العالم ؟, اليست الثورة الحسينية كونية التأسيس وذلك لانخراط من يدينون بغير دين فيها وفي وقائع ألطف قصص وبطولات وإرهاصات واختيارات وقرارات تصعب أن تجدها في أي مسرح عالمي, وان كانت قسوة الملحمة هو العذر فلماذا تدرسون نظرية مسرح القسوة لارتو اذن وتقدمون عروضاً فيها وتعترفون بها كنظرية مسرحية ؟!!.
خلاصة الكلام .. ولان اغلب المسرحيين العراقيين منقادين للمسرح العالمي انقيادٍ اعمى وسط عدم سعي المؤسسات الدينية في تبني بناء جيل مسرحي رسالي الامر الذي دفعت فيه مرحلة التنظير للمسرح الحسيني ( المسرح الفاضل ) ضريبة الولاءات الدنيوية وبقيت المحاولات والتجارب العراقية على الرغم من قلة عددها تراوح ضمن حدود البيئة الشيعية وفي مواطن التشيع في الدول المختلفة فقط  .
ان التزامنا وتمسكنا في ضرورة المضي للتنظير للمسرح الحسيني كنمط مسرحي يطلق عليه اصطلاحا( المسرح الفاضل ) يتأتى من ايماننا بان القضية لها ابعاد إنسانية قبل ان تكون قضية حرب او خلاف على سلطة دين او دنيا ,فضلا عن ايماننا بأن مسرح الفضيلة هذا سيؤسس لجيل مسرحي سليم القلب والعقيدة ورسالي النهج والعمل , فأن ما يبثه الاشتغال الدائم على مسرح إسلامي وحسيني في عقلية ووجدان وضمير العاملين فيه من فضيلة وايثار وبطولة فأنه بالتأكيد ينتج تفاصيل فاضلة في المسيرة الحسينية ويلد لها اجيال محصنة فكرياً وثقافياً ودينياً وكم العراق اليوم بحاجة لهذه الحصانة وسط هذا الضياع والتشتت والالحاد والعهر الذي يلف بعض شبابنا ومسرحنا العراقي .
لذا فأننا نريد جيلاً مسرحياً حقيقياً نبني به مجد المسرح العراقي ومستقبله الذي اتجه لــ(الأسف) مؤخراً نحو التغريب والتكفير والمتاجرة بالعقول وبالإسفاف والابتذال وهذا لا يكون إلا بالمضي في التأسيس للمسرح الحسيني ( المسرح الفاضل) الذي يتطهر فيه المرء من ادران الدنيا الفانية ويتوجه بقلب سليم الى الله ,وهذا ما يتطلب من العتبة العباسية المقدسة اعادة النظر بقرار ايقاف مسابقة النصوص ومهرجان المسرح الحسيني ليكون هوية خاصة لكربلاء الحسين واخيه ابى الفضل العباس عليهما السلام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق