تصنيفات مسرحية

الأحد، 5 مايو 2024

الاحتفاليةالدر المكنون في الآداب والفنون(86)/ د.عبد الكريم برشيد

مجلة الفنون المسرحية 


الاحتفالية
الدر المكنون في الآداب والفنون(86)

                 فاتحة الكلام
 
في مشروعه النقدي حول الاحتفالي والاحتفالية، وحول المسرح الاحتفالي، وفي اخر مقالة له تحمل عنوان ( مسرح د عبد الكريم برشيد  ) يتساءل د. بوعلي لغزيوي ( ما السمات الأساسية التي جعلت مسرحيات عبد الكريم برشيد تاخذ ابعادا دلالية ومسرحية جديدة؟)
هو سؤال واحد،ٍ من بين مئات أو  من بين ألاف الأسئلة التي طرحها الإبداع المسرحي الاحتفالي والتي مازالت تنتظر الإجابة عنها
وهذا الاهتمام بالاحتفالية، فكرا وعلما ومسرحا.  هو الذي جعل الدكتور. نذير عبد اللطيف يتتبع مسارها ومسيرتها. وانجازاتها، ويعمل على توثيقها اولا. ومحاورتها ومجادلتها علميا بعد ذلك،تولقد وصلتني منه الرسالة القصيرة التالية:
(العزيز والصديق سيدي عبدالكريم 
سلام الله عليكم 
يسعدني ان ابعث لكم بجرد تاريخي بيبليوغرافي لكل ما قدمتموه من ابداع ونقود وحضور متميز في المشهد الثقافي والمسرحي 
للإشارة فقط، سأعمل بعد عملية الجمع والجرد تحليل المعطيات والوقوف عند اهم المحطات في تاريخكم المسرحي 
لك مني ازكى عبارات المحبة والتقدير 
اخوك ندير)

                 عن المسرحية التي رفضت أن تكون مسرحية

 ولعل اهم ما يميز هذه المسرحية الاحتفالية، والتي شغلت البلد والعباد على امتداد نصف قرن، هو انها غير مدرسية. وانها غير متقولبة في قالب ثابت. وان منهجيتها في الكتابة هو اللامنهج، وهو العفوية والتلقائية، وهو الحيوية والشفافية، وهو الصدق والمصداقية، وهي في بنيتها وفي خطابها الفكري  لا تكرر غيرها من المسرحيات. بل ولا تكرر حتى ابداعاتها السابقة، وهذا هو سر حياتها وهو سر حيويتها، وهو سر تجددها، وهو سر تمددها في الأماكن الجغرافية المتعددة وفي الأزمنة التاريخية المتتابعة
والأصل في هذه  المسرحية الاحتفالية هو انها تشبه الحياة في حيويتها، وتشبه الواقع في واقعيته، وتشبه السحر في عجائبيته، وتشبه التاريخ في مكره السيء والجميل معا، وبهذا فهي لبست نموذجا مسرحيا واحدا، حتى يمكن أن نصدر في حقها رايا واحدا او حكما واحدا، ولكنها حيوات مسرحية متعددة ومتنوعة  ومتجددة ومتمددة في كل الجهات،  وهي أعمار يتبع بعضها البعض. وهي شهادات ومشاهدات، وهي حالات ومقامات، وهي أجساد وارواح تفيض حياة وحيوية،
 والأصل في هذه (المسرحية) الاحتفالية هو انها ليست مسرحية، بالمعنى المدرسي،  ولكنها مجرد اقتراح، او مجرد وعد بأنها من الممكن أن تصبح مسرحية، ونعرف ان كل هذه الاقتراحات المسرحية، لدى الكتاب الاحتفاليين من أمثال رضوان احدادو ود محمد فراح ود محمد الوادي والشاعر الغنائي محمد الباتولي  والطيب الوزاني،  وعند غيرهم كثير، وما يعرفه ااجميع عن هذه الكتابة الإبداعية هو انها لا تحمل في الغلاف اسم ( نص مسرحي) وكل كتابة مسرحية من هذه الكتابات تكتفي بان تقدم نفسها للمخرجين وللقراء على أنها مجرد ( احتفال مسرحي) فقط. وهي احتفال نعم، ليس باعتبار ما هو كائن في الكتابة. ولكن باعتبار ما يمكن أن يكون في الحفل المسرحي المقترح، والذي هو اساسا موعد، وهو حضور في الموعد. وهو فعل وفاعلية،  وهو تفاعل وانفعال ، وهو  اساسا لقاء في مكان محدد وفي زمن محدد، لإحياء لحظة احتفالية وعيدية متكاملة، لحظة يؤثثها الفن والأدب والفكر  العلم والصناعات ايضا، والتي تؤثثها السينوغرافيا، حتى يكون للتلاقي الاحتفالي اطاره الجمالي الذي يشبهه
 ويتم هذا التلاقي الاحتفالي في اليوم العيدي الجديد و المتجدد، والذي هو اليوم الثامن في الأسبوع، وهذا الاحتفال الاستثنائي، في يومه الاستثنائي، وفي لحظته العيدية الاستثنائية، لايمكن ان يكون فعلا مرتجلا وابن لحظته وساعته، وهو فعل مركب ومرتب ، يسبقه مخطط عام وشامل ومتكامل. فعل يقترحه كاتب لا يعرف تحديدا كيف سيصبح اقتراحه بعد القراءة وبعد التفسير وبعد التأويل وبعد ترجمة  المكتوب الى بنية  جمالية وفكرية متكاملة ومتناغمة  
وهذا الكاتب ، باعتباره صاحب الدعوة الى هذا التلاقي الاحتفالي، هو من يقترح زمن الحفل، وهو من يقترح مكانه، وهو من يقترح فواعله. وهو من يقترح ضيوفه، وهو من يقترح موضوعه. وهو من يقترح مضمونه. ولعل هذا هو  ما جعل الاحتفالي يقول بأن الاحتفال المسرحي ليس هو ما يقترحه الكاتب والمخرج فقط. وليس هو ما يفهمه ويتفاعل معه الجمهور فقط. وليس هو ما قد يوحي به مكان الاحتفال او مناخه او طقسه العيدي والاحتفالي، ولكن هو تلك التركيبة الكيماوية والوجدانية السحرية،  والتي تصنعها في صيغتها المؤقتة. كل هذه العناصر المتعددة والمتنووعة. ولعل هذا هو  ما جعل د. بوعلي لغزيوي يقول ( والمسرح في رأي عبد الكريم برشيد ليس شيئا تام الخلق. لأنه بالأساس مجرد تخطيط ومشروع، انه ورش يقوم على اساس التجريب الميداني وعلى التطوع الإبداعي)

                            جماليات الكتابة الاحتفالية

وبخصوص هذه الكتابة الإبداعية الاحتفالية،نتساءل، مرة اخرى مع د بوعلي لغزيوي، ونقول معه
-- ( مالذي يؤسس جماليات النص المسرحي الاحتفالي؟)
-- وهل في الأمر سر من الأسرار؟ 
وفي الإجابة على هذا الاساؤل نقول ما يلي:  
قد يكون بهذا (النص المسرحي) سحر حلال،  وقد يكون بهذا السحر غموض ممتع، جماليا ومقنع فكريا،
ونتساءل، مرة اخرئ. وهل هناك سحر بلا غموض وبلا عجائية وبلا غرائبية وبلا إدهاش؟ 
ولو أن هذه المسرحية الاحتفالية كانت خبرا في جريدة يومية. لقرئت في يومها وفهمت في حينها. ولانتهت إلى النسيان، وهذا ما لم يحدث مع المسرحية، ويمكن ان نشيخ نحن ولا تشيخ هي، وان تظل محافظة على جدتها وحيوتها وراهنيتها
وفي اجابته على هذا التساؤل يقول د. بوعلي لغزيوي ( لأن المسرح عند عبد الكريم برشيد مفتوح بلا ستائر ولا دقات تقليدية، كل شيء يركب امام الجمهور وبمشاركته، من هنا حاول برشيد أن يجدد علاقة الشخصية بالزمن)
وليس علاقة هذه السخصية بالزمن فقط. ولكن بالمكان ايضا. وبالأخر كذلك، سواء اكان هذا الآخر ممثلا على الخشبة، او كان ضيفا مشاركا في الصالة. وعلاقته بالمناخ المسرحي كذلك، وبال الإيقاع الاحتفالي. وبزواج اليقظة والمنام وبتكامل الواقع والاحلام وايضا بالحس الجماعي الذي تخلقه المسرحية الاحتفاليةفي مختلف اعمارها وفي تعدد قراءاتها

                     شاهد على العصر اسمه الكتاب المسرحي
 
والكتابة الاحتفالية هي شهادة شاهد من اهل واحباب وعشاق هذه الحياة، والاحتفالي الكاتب يكتب كما يتنفس، ولهذا فقد  أعطى (فقرات ) كتابته الحيوية اسم انفاس،  وخبا في هذه الانفاس لحظات حية  من وجوده ومن وجود افكاره ومن حياته اليومية، وبخصوص طبيعة هذه الكتابة يقول الاحتفالي في مقدمة كتاب ( الاحتفالي مسافر وجهته السحاب)  ما يلي
( في هذا الكتاب اذن، تماما كما في كل كتبي السابقة، اجد نفسي ملتزما بروح الكتابة الاحتفالية، اي بروح الخفي قبل رسمها الظاهر، وهذه الكتابة ‐ الروح، هي أساسا كتابة حيوية شفافة، وانني في هذه المخاطرة الجديدة لا أمارس إلا الكتابة الحرة والمتحررة والمحرضة على الحرية، ولمن يسأل عن جنس هذه الكتابة فإنني أقول له ما يلي، إن ما اكتبه الآن هنا لا يمكن تصنيفه في اي صنف، ولا يمكن قولبته في اي قالب، ولا يمكن رسمه في أية جهة من الجهات، وهو أكبر واخطر وابلغ من كل اللغات، وهو عندي وعند نفسه ايضا، كتابة فقط، فيها بوح ومكاشفة، وفيها إقرار واعتراف، وفيها وقوف امام مرآة الذات وأمام مرآة الحياة، وأمام مرأة التاريخ.  وفيها حوار ومناجاة أيضا،  وفيها مشاهدات وتوقعات ونبوءات واعترافات واختيارات، وفيها احساس بالفرحة مرة، وفيها شعور بالخيبة مرات ومرات، وفيها انتصار وانكسارات، وفيها مواقف واختيارات، وفيها شيء قليل من اليقين، وفيها اشياء كثيرة من الشك ومن الدهشة ومن الحيرة ومن التيه، وفيها أسئلة ومسائل وتساؤلات، بعدد لا يعد ولا يحصى، وفيها احلام مؤثثة بالصور  وبالمشاهد وبالحالات والمقامات وبالحروف وبالكلمات وبالعبارات وبالإشارات وبالصمت وبالفراغات وبالبياضات الكثيرة جدا
و هذا الكاتب الاحتفالي لا يكتب لقارئ محدد،  له وجود في مكان محدد ومحدود وفي زمن محدد،  وقد يكون لقارئه الحقيقي وجود ،الآن هنا، او قد لا يكون. وهل كان الكتاب الكبار، في الأزمان الأخرى، وفي الجغرافيات الاخرى، يعرفوننا، ويعرفون اسئلتنا ومسائلنا؟ 
لقد كانت وجهتهم الجمال، وهذا الجمال موجود في كل مكان وزمان، وكانت وجهتهم الحقيقة. وهذه الحقيقية  موجودة في كل الأزمنة والأمكنة، وفي هذا المعنى يقول الاحتفالي بأن الحقيقة لا تشيخ. وبان الأسئلة الصادقة والحقيقية لا تبطل ولا تسقط بالتقادم. وكثير من الأسئلة التي طرحتها الاحتفالية لم يتمكن المسرح المغربي والعربي، ولحد هذا اليوم، من الإجابة عليها. والتي استعان عليها اليوم بالصمت او بالتشكيك او باللامبالاة، ويبقى ان نشير إلى أن اخطر كل الأسئلة هو السؤال التالي:
-- ما طبيعة الاختلاف مع هذه الاحتفالية؟  
-- وهل هو اختلاف فكري فلسفي ام هو اختلاف تقني او منهجي؟ -- أم هو مجرد اختلاف لغوي يتعلق بقاموس هذه الاحتفالية. والتي اوجدت مصطلحات جديدة غير موجودة في قواميس المسرح المعتمدة؟
-- وقد يكون هذا الخلاف ‐ الاختلاف اختلافا في الشكل فقط. أو يكون اختلافا في المضمون؟
في السبعينات من القرن الماضي، ظهر هذا الخلاف - الاختلاف وهو في زي وفي قناع الإيديولوجيا، وكان عنوانه الأبرز هو  الرفض،ووذلك بحجة أن هذا المسرح الاحتفالي لا يستجيب لتطلعات الجماهير الشعبية، وانه بهذا لا يخاصم ولا يقاوم ولا يحرض ولا يتهم، وهو لا يرفع شعارات المرحلة، ولا يخاصم  بعض الأفراد وبعصىالجهات، وانه ايضا. لا يجيب على أسئلة المرحلة التاريخية، والتي كانت مرحلة سياسية وايديولجية بامتياز، ومن الممكن جدا أن يكون هذا الخلاف - الاختلاف شكليا ومدرسيا، وأن يكون المشكل قائمت في كون ان هذا المسرح الاحتفالي لم يلتزم بعمود المسرح العالمي. وانه قد جدد في (الثوابت) المقدسة للمسرح العالمي، وبهذا يكون هذا الاختلاف مجرد اختلاف تقني، له علاقة ببنية المسرحية الاحتفالية، والتي لم تلتزم بلزوميات المسرحية الغربية - الأوربية، المتوارثة عن المسرح اليوناني القديم. وبهذا تكون كل الثورة التي قام بها المسرح الاحتفالي هي مجرد انحراف ومجرد تحريف. ومجرد عصيان مسرحي

                     شعرية الحياة أولا وشعرية الإبداع ثانيا

وهذه الحياة. كما يراها ويحياها الاحتفالي، في اليومي وفي ما وراء اليومي، هي اساسا قصيدة شعر. فيها صور والوان وخيال وجمال، وبها إبداع ايقاعات نفسية ووجدانية وروحية، وبها ميزان موسيقى خال من النشاز، ويوم يختل هذا الميزان، في الحياة ولدى الأحياء. يختل نظام  هذا الكون، وينتهي كل شيء فيه، ينتهي النظام، وينتهي التناغم والتفاهم، والأصل في شعرية هذه الحياة، هو انها كتابة بالأجساد وبالنفوس وبالأرواح، وبهذا فقد كانت اكبر واخطر واهم من شعرية الأبيات الشعرية المكتوبة على الأوراق والتي هي مجرد حروف وكلمات وعبارات مرسومة
وفي مسرح هذه الحياة. وفي حياة مسرحها، فإن التمثل الحيوي والتلقائي هو اصدق وابلغ من التمثيل الكاذب، ومن لا يمكن أن بتمثل هذه الحياة، وان يتمثل الأحياء فيها. فإنه لايمكن ان يكون ممثلا حقيقيا،وواقصى ما يمكن أن يصل إليه هو أن يكون صوتا واحدا في جوقة مسرحية واحدة متعددة الأصوات، والفرق بين التمثل والتمثيل. هو أن التمثل فعل وفاعلية. وان التمثيل هو مجرد انفعال وافتعال كاذب  
وكل شيء وكل فعل او كلام او انفعال، إلا وله حدوده وله ضوابطه، وله وزنه وميزانه. وبغير هذا فإنه يصبح فعلا مختلا ويكون مضرا، وكل شيء نتناوله بجرعة زائدة، فانه لا يمكن يفيد في شيء، ولا يمكن ان يكون له معنى الجديد ومعنى التجديد، وقد تكون له نتائج عكسية في اغلب الحالات، وعليه، فإن الفرح بجرعة زائدة يمكن أن يقتل، وكل شيء يزيد عن حده يصبح في النهاية ضد ذاته. وقديما قال العرب الزيادة في الشيء نقصان، وان التجريب المسرحي. بجرعة زائدة ايضا،ةيمكن ان يقتل أيضا
والاحتفالية تكره الكذب،وإلا في الفن والإبداع الجمالي، والذي قد يصل بالخيال والمتخيل إلى أعلى الدرجات، ولعل أسوأ كل انواع الكذب، هو أن يكذب الإنسان على نفسه. وأن يصدق نفسه، وفي التجريب المسرحي العربي، يوجد هذا الكاذب الذي يكذب على نفسه ويصدق نفسه، والذي قد يروج للقديم على أنه جديد
ويؤمن الاحتفالي بأنه لا عنصرية في الفن، وبانه لا شعوببة في الفكر، وبانه لا رهبانية في المسرح، وبانه لا تراتبية ادارية او حزبية او عسكرية في صفوفه، والمسرح عالم واحد، يستظل بظله الجميع
وهذا الاختلاف - الخلاف مع الاحتفالية  لم يزدها إلا انتشارا واشعاعا ،ولعل هذا هو ما جعل د. نذير عبد اللطيف يقول ( لقد أصبح المشروع الاحتفالي - اليوم - اطارا فنيا كبيرا ومرجعا مسرحيا موسعا، بعدما تبنته تجارب مسرحية متعددة من جل اقطارنا العربية، واستطاع أن يستقطب روادا جددا( مخرجين ومؤلفين ونقادا وجمهورا..) بفعل تفاعل كل هؤلاء مع مسرحيات عبد الكريم برشيد وربطها بما يقدم من بيانات نظيرية تؤسس لفعل متجدد فكر يا ومرجعية واضحة تستجيب لخصوصياتنا الذاتية وتنفتح على الآخر دون أدنى احساس بالنقص، داخل سياقات تواصليية متفاعلة)  
وفي مجال عءهيقول الفنان حسن هنون، و الذي هو  احد رفاق  المرحوم المسرحي الكبير عبد القادر اعبابو في مدينة اكادير. وذلك في احد تعيباته الذكية على الكتابات الاحتفالية الجديدة ما يلي (حينما تقرأ أو تشاهد نفسا مسرحيا يحتفي بإنسانية الإنسان، و يزيل شوائب الفلكرة الزائفة عن الاحتفال، و ينفذ لعمق وجدان وفكر  الإنسان، باسطا على الركح كل تناقضاته الكائنة، و أحلامه الممكنة، فاعلم أن وراء ذلك،  الشامخ والكبير الدكتور عبد الكريم برشيد.
حفظك الله مبدعنا العزيز، و مفخرة كل العرب، و متعك بموفور الصحة والعافية)

                          مغارة الإبداع وكلمة السر

ومغارة علي بابا كانت تنفتح له عندما ينطق كلمة السر. وأمام كل الأبواب المغلقة، في الكتابة المسرحية، نحتاج اليوم وغدا  الى مفتاح او الى مفاتيح متعددة. والكتابة الاحتفالية لها أبوابها ولها نوافذها ولها شرفانها، والتي تطل منها على الحياة وعلى العالم وعلى الفن وعلى الواقع وعلى الحكاية وعلى الخرافة وعلى الأسطورة وعلى التاريخ وعلى الحلم وعلى الحاضر وعلى الغيب وعلى اليومي وعلى ما وراء اليومي وعلى الطبيعة،  وعلى ما وراء الطبيعة
وفي هذا النص المسرحي الاحتفالي جمال لا يمكن أن تخطئه العين. ولا يمكن أن تخطئه الأرواح والنفوس والقلوب الجميلة. ومن طبيعة القلب الجميل ان يعشق كل شيء جميل. سواء في اللغة او في الخيال أو في العلاقة الموجودة بين كل عناصر الكلمات والعبارات والصور والمشاهدات
زفي هذه الكتابة الجديدةإذن، تماما كما في كل كتاباتي السابقة، فانني أجد نفسي ملتزما بروح الكتابة الاحتفالية، أي بروحها الخفي قبل رسمها الظاهر،  ولمضمونها الفكري والفلسفي قبل كل شيء
وكما سبف قلت من قبل، وكما كتبت في كل بياناتي الاحتفالية، فإنني لا أحرص سوى على أن أعبر بصدق، وعلى أن أكون المواطن الحر، وعلى أن أمارس التعبير الحر في الوطن الحر، وفي هذه الكتابة أستعيد زمني الضائع، وأعيد اكتشاف ذاتي الجديدة والمجددة والمتجددة. وأعيد اكتشف الوجود والموجودات، وأعيد اكتشاف الحياة والأحياء وروح الحياة 
وهذا الاختلاف مع الاحتفالية والاحتفاليين، والذي هو اختلاف منطقي وطبيعي وعادى جدا، والذي اكدنا دائما على انه كان من الممكن ان يتم تدبيره، عقليا وعلميا وحضاريا، بشكل هادئ ورصين، وألا يصل إلى ما وصل إليه. وان يتحول إلى حرب شرسة على الاحتفالية، ادبا وفنا وفكرا وعلما،  وعلى الاحتفاليين ايضا،. وفي هذا  المعنى يقول الاحتفالي الكاتب، في مقدمة احتفالية ( عبد السميع يعود غدا) والتي هي الجزء الثاني من  ثلاثية مسرحية هي ( اسمع يا عبد السميع) و( عبد السميع يعود غدا) و( النمرود في هوليود) ولقد صدرت احتفالية ( عبد السميع يعود غدا) بمدينة ابركان عن مطبعة تريفة سنة 2010 وفي ذلك التقديم يقول الكاتب الاحتفالي ما يلي( وفي جبهات هذه الكتابة، خضت حروبا دنكشوتية كثيرة،  وقد خضتها دفاعا عن افكار ومبادئ وقيم أبدية، وايس دفاعا عن مصالح او مكاسب او غنائم مادية عابرة. ولم يكن معي في تلك المعارك غير هذا القلم العاشق والمشاكس والمشاغب، وإذا كنت مازلت على قيد الحياة الإبداعية والفكرية، فما ذلك إلا بفضل هذا القلم،  وهذا - طبعا- بعد فضل الله علي وعلى كل الذين  يدافعون عن الحق والحقيقة، والذين يدافعون عن الجمال والاكتمال، ويدافعون عن الحرية والكرامة، واليوم، وقد تغيرت بعض الخرائط القديمة، وهدات كثير من النفوس الهائجة والمائجة بلا معنى، فإنني لا أريد من هذا القلم الوفي، سوى أن يكون رسولي إليكم، تماما كما كان دائما، فهل يمكن أن تقبلوه، وأن ترجبوا به، وأن تحاولوا فهم شطحاته الغريبة والعجيبة؟) 
اقول هذا ولا ازبد. وادعوكم فقط ان لا تنسوا هذه الحقيقة البسيطة. والتي هي انه
يجوز للشاعر ما لا يجوز لغيره
ويجوز للفنان الصاق ما لا يجوز لغيره

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق