تصنيفات مسرحية

الاثنين، 6 مايو 2024

مسرحية " قمر نيبور " تأليف طلال حسن

مجلة الفنون المسرحية 



مسرحية "    قمر نيبور "  تأليف   طلال حسن 

شخصيات المسرحية 


1ـ  الملك 

2ـ الملكة الأم 

3ـ الكاهن 

4ـ جيميل 

5ـ جيميلة

6ـ جدة جيميلة 

7ـ تو كولتي 

8ـ البستاني 

9ـ زوجة البستاني 

10 ـ الوصيفة 

11ـ كبيرة الوصيفات 

12ـ الحارس 






البداية 



                           المسرح مظلم ، صمت ، 

                            يضاء جيميل نينورتا 


جيميل : اسمي جيميل نينورتا ، ومعناه باللغة
البابلية ، جميل الإله نينورتا ،وهو إله
الحرب ،ابن الأله أنليل ، إله مدينة نيبور
المقدسة ،الذي يعبد في معبد ايكور، أي
البيت الجبلي ، ونيبور ، كما  قلت ، مدينة
مقدسة ، وسكانها يعاملون معاملة  خاصة،
حتى أنهم لا يكلفون بدفع الضرائب ،
                  ولا بالمشاركة في الحروب ، لكن هذا لا
يعني أن سكانها جميعاً سعداء مرتاحون ،
فلا سعادة  ولا راحة مع الفقر ، ونيبور ،
مدينتنا المقدسة ،  مدينة الإله أنليل ، لا
تخلو من الفقراء ، وأنا  واحد منهم ،
أعيش في فقر مدقع ، ليس لي  فضة كما
يليق بقومي ، وليس لي ذهب كما
                  يليق بالبشر ، فمخزني يحتاج إلى حبوب
نقية ، وبطني تحترق متشوقة إلى الخبز ،
ووجهي بائس متشوق إلى اللحم ، لكني
أخلد إلى النوم جائعاً ، وأرتدي ثوباً واحداً
، لا أملك غيره ، وفكرت أن أبيع ثوبي ،
وأشتري بثمنه عنزة ، وآخذها هدية إلى
الملك ، لعله يعينني على فقري ، لكني
ترددت ، فقد أحتاجه لأمر أكثر أهمية من
                  الفقر ، وهذا ما حدث بالفعل ، تعالوا
وشاهدوا ما جرى ، وما سيجري لي في
مدينتي المقدسة نيبور ، مع الملك والكاهن
وصديقي توكولتي و و و .. وجيميلة .. آه
جيميلة .




                                          إظلام 



                                           

                                

المشهد الأول 



                                        باحة أمام دار 

                                    الجدة ، جيميل وحده 


جيميل : ليحرق الإله نيسكو إله النار ، هذه
العجوز الشمطاء ، فهي بدل أن تعطيني
جيميلة ، تريد إعطاءها للملك ، لكني
سآخذها رغماً عنها ،  ورغماً عن الملك
نفسه ، جيميلة لي ، ولن  تكون لأحد
غيري ، حتى ولا لملك نيبور نفسه
                " يتراجع " لا بد أنها الجدة ، فلأختبئ"وهو
                يختبئ وراء الدار " لعلي أرى جيميلتي..
                جيميلة . 


                                      يفتح الباب ، الجدة 

                                     تقف جيميلة وراءها 


الجدة : " تتلفت محدقة بعينيها العمشاوين " يبدو
لي يا  جيميلة ، أن الجو عكر بعض
الشيء . 

جيميل : " يطل برأسه " ....

جيميلة : " ترى جيميل " بالعكس يا جدتي "
تلوح له خلسة " الجو رائق ، رائق جداً .

الجدة : ربما للذئب ، وليس للعنز .

جيميلة : أنت واهمة يا جدتي ، أنظري ، أنظري
جيداً .

الجدة : إنني أنظر ، ولم أصب بالعمى بعد ، ففي
مثل هذا الجو ، ينطلق الذئب من مغارته ،
متربصاً بالعنزات الغريرات .  

جيميلة : إن عنزتك لم تخرج من البيت منذ
يومين، دعيني آخذها إلى المرعى ، وإلا
أصيبت بالكآبة.

الجدة : عبثاً تحاولين ، لن تخرجي اليوم بعنزتي
مهما  كان السبب .

جيميلة : " محتجة " جدتي .

الجدة : بنيتي ، علينا أن نخاف الذئب ، فهو
مراوغ محتال ، لا يتورع عن فعل ،
للحصول على  بغيته . 

جيميلة : لا داعي للخوف يا جدتي ، فلا يوجد
ذئب في  الجوار .                                                                       

الجدة : من أدراك ؟ " تتشمم " إنني أشم رائحته النفاذة
                    ، الشبيهة برائحة التيس " تتلفت " إنه
هنا ، نعم  ، مختبئ في مكان ما .

جيميل : " مدمدماً " لتأخذك الإلهة ايرشكيكال ،
إلهة العالم الأسفل .

جيميلة : دعيني آخذها ، ولتطمئني ، لن أغفل
عنها لحظة واحدة .

الجدة : وحتى لو إطمأنيت عليها ، فكيف أطمئن
عليك؟

جيميلة : لم أعد صغيرة يا جدتي ، إنني في
السادسة عشرة من عمري . 

الجدة : ولهذا فإنني أخاف عليك من ذلك الذئب
يا بنيتي.

جيميلة : آه يا جدتي .

جيميل : " يلوح لها وقد وضع لحية " ....

جيميلة : " تلوح له خلسة مغالبة ضحكها " ....

جيميل : " ينادي " فتاح فال .. فتاح فال .. فتاح
فال .

الجدة : " تنصت مستغربة " .... 

جيميلة : " تغالب ضحكها " ....

جيميل : فتاح فال .. فتاح فال .. فتاح فال .

الجدة : " منصتة " جيميلة .

جيميلة : نعم جدتي .

الجدة : أسمع أحدهم ينادي" تحدق في جيميلة "
أم أنني واهمة .

جيميلة : لست واهمة يا جدتي ، إنه فتاح فال .

جيميل : " ينادي " فتاح فال .. فتاح فال .. فتاح
فال .

الجدة : يا للصوت البشع ، كأنه صوت ذئب .

جيميلة : لا شأن لنا بصوته ، فلنناده ، أريد أن
أعرف  مستقبلي .

الجدة : إنه كاذب دجال ، ولن يقول لك إلا ما
يعتقد أنك تتمنينه ، ثم إن مستقبلك واضح
وضوح الشمس. 

جيميل : " ينادي " فتاح فال .. فتاح فال .. فتاح
فال  .

جيميلة : مهما يكن فلنناده ، لن نخسر أي شيء .

الجدة : بل سنخسر ، على الأقل ، سنخسر
قدرا ًمن  الشعير.

جيميلة : لا بأس ، فلدينا الكثير من الشعير .

الجدة : نعم ، لكن العنزة أولى بالشعير من هذا
الدجال .

جيميلة : " متوسلة " جدتي . 

الجدة : حسن ، ناديه .

جيميلة : " تصيح مغالبة فرحها " فتاح الفال ..
فتاح الفال.

جيميل : " ينظر إليها " آه يا للتغريد .

الجدة : أيها الدجال ، تعال ، تعال .                                                                         

جيميل : " يقبل عليهما متمتماً " يا للنعيق " بصوت
                    أعلى " ها إني قادم " ينظر إلى جيميلة
" يا  لليوم الجميل ، يا لليوم الرائق .

الجدة : دجال وأعمى أيضاً .

جيميل : إنني أرى الغيب ، وأقرأه بقدرة الإله
أنليل "  للجدة " أعطيني يدك ، سأقرأ لك
مستقبلك .

الجدة : لا داعي لأن تقرأ مستقبلي ، إنني أعرفه
كما أعرفك . 

جيميل : سأقرأه لك مجاناً لوجه الإله العظيم أنليل 

الجدة :لن أدعك تقرأ كفي ، حتى لو أعطيتني
                    .."تتأمله" يا لحمقي ،ماذا لديك لتعطيني
                  ،وأنت كالفزاعة . 

جيميل : أعطيك أنفس وأثمن ما أبدعه الإله انليل. 

الجدة             : " تحدق فيه ساخرة ".....

جيميل :أعطيك نفسي ، إنني إنسان .

الجدة : لو أن الأله انليل خلقك عنزة ، لكنت
أخذتك ، فللعنزة فوائد جمة ، يعرفها
الجميع . 

جيميل : " يدمدم " ايرشكيكال .

جيميلة : " تكتم ضحكتها ".....

الجدة : ماذا دمدم هذا الدجال ؟

جيميلة : لا شيء، لا شيء ياجدتي .

الجدة : حسن ، فلننته من هذا الأمر ، هيا .

جيميل : " ينظر إلى جيميلة " فلأقرأ كف هذه
الفتاة  الشابة ال ...

الجدة : مجاناً .

جيميل :ليكن ، مجاناً "يتطلع إلى جيميلة " هاتي
يدك .

جيميلة : " تمد يدها مبتسمة " إقرأ .

جيميل : " يمسك يدها " المجد للإله انليل  " يشم
كفها "  تفاح .

الجدة : اقرأ كفها أو ول.

جيميل : كلا ، لن أولي " يحدق في كفها " سأقرأ
كفها .

جيميلة :" تكتم ضحكتها " اقرأ الآن ، اقرأ .

جيميل : آه يا للخط الجميل الواضح ال ....

الجدة : "تقاطعه " لا تثرثر كثيراً ، إقرأ كفها
جيداً ، وإن كنت أعرف أنك دجال كاذب . 

جيميل : أنت مخطئة يا سيدتي ، اسمعي ، سأبدأ
بالاسم .

الجدة : حسن ، ابدأ .

جيميل : " يخاطب جيميلة كأنه يتغزل بها "
اسمك عسل حلو جميل .. مثلك.   

الجدة : " تهمهم " هم م م م .

جيميلة : " بدلال " ما إسمي ؟

جيميل : كما أن القمر لا يخفى كذلك اسمك .

الجدة : " تهمهم غاضبة " هم م م م .                                                                         

جيميل : اسمك واضح ، كتبته عشتار نفسها ،
بالخط  المسماري فوق كفك .

الجدة : الخط المسماري ؟ 

جيميلة : " تغالب ضحكتها " ....

جيميل : طبعاً، أنظري " يريها كف جيميلة "
أنظر كم هو جميل " يتأمل الكف ثانية "
اسمك يا  زهرة نيبور ،يا قمر نيبور يا ....

الجدة : " منفعلة " كفى .

جيميل : لا يلتفت إليها " يا حلوة ، يا عسل ،
اسمك " يحدق فيها" جيميلة .

الجدة : مهلاً ، هذا الصوت أعرفه ، لقد سمعته
                    مراراً من قبل . 

جيميل : " يحاول تغيير صوته " أحذرك يا
جيميلة ،وأحذر جدتك ، كما أحذر عنزتها
الحامل في شهرها السادس .. 

الجدة : هذا اللعين يعرف حتى عنزتي .

جيميلة : " تغالب ضحكتها " ....

جيميل : أحذركم من التعامل مع ملك نيبور ، أو
                    الاقتراب منه ومن قصره ،إنه ملك
شرير أهوج قاس ...

الجدة : أيها اللعين ، عرفتك ، أنت .. .

جيميل : " يحاكي صوت العنزة خلسة " ماع ..
ماع .. ماع .

الجدة : يا ويلتي ، العنزة ، عنزتي .

جيميلة : " بشيء من المبالغة " يا الهي ، يبدو
أنها هربت إلي الخارج ، عبر النافذة .

الجدة : هذا كله بسببك ، قلت   لك ألف مرة ، أن
لا تتركي النافذة مفتوحة .

جيميل :" يحاكي صوت العنزة ثانية " ماع.. ماع
.. ماع .

الجدة : " تتلفت قلقة " عنزتي ، عنزتي .

جيميلة : سيأكلها الذئب إذا ابتعدت ، يا للخسارة .

جيميل : خاصة وأنها حامل .

الجدة : "تحاول دفع جيميلة " الحقي بها ، هيا
الحقي بها .

جيميل : "يحاكي صوت الذئب خلسة "عوووو.

الجدة : الذئب ! يا ويلتي " لجيميلة " هيا الحقي
بالعنزة قبل أن .. .

جيميلة : لا ، لا أستطيع ، الذئب ، لقد حذرتني
منه منذ قليل .

جيميل : " يحاكي صوت الذئب ثانية "عوووو.

الجدة : هذا اللعين ، سيفتك بعنزتي ، إن لم الحق
بها " تسرع إلي الداخل " عنزتي ،
عنزتي ،عنزتي جيميل يمد يده ، ويمسك
بيدي جيميلة .

جيميل :جيميلة .                                                                     جيميلة : جيميل .

جيميل : جيميلة ، لنهرب .

جيميلة : ماذا !

جيميل : البقاء في نيبور غدا مستحيلا.

جيميلة : جدتي يا جيميل ، جدتي .

جيميل : جدتك باعتك جارية للملك .

جيميلة : كلا ، جدتي تحبني ، ولا تريد إلا الخير
لي .

جيميل : " محتجا " جيميلة .

جيميلة : " مترددة " هذه وجهة نظرها .

جيميل : سيبتعد أحدنا عن الاخر ، إذا رضخنا
لوجهة نظر جدتك .

جيميلة : لن نرضخ " بلهجة لينة " لنحاول ..
لنحاول إقناعها .

جيميل : هذا مستحيل ، الوقت يمر ، وقد يأتون
في أية لحظة ، ويأخذونك إلي قصر الملك 

جيميلة : يا للإله انليل " حائرة "إنني لا أستطيع
أن أتركك، ولا أستطيع أن أترك جدتي .

جيميل : وعلى هذا ستتركيننا معا ، وتذهبين
بقدميك إلي الملك.

جيميلة : " تصيح " لا .

جيميل : ما الحل إذن ؟

جيميلة : أنت أخبرني ، ما الحل ؟

جيميل : ليس أمامنا إلا حل واحد ، نذهب إلي
الاهوار .

جيميلة : " مترددة " و .. ؟

جيميل : جدتك ، سنأخذها معنا .

جيميلة : أنت لا تعرف جدتي ، إنها أكثر عنادا
من عنزتها نفسها .

جيميل : لا عليك ، سأخطفها ليلا هي وعنزتها ،
وما أن تشرق شمس اليوم التالي ، حتى
تجد نفسها في الهور .

جيميلة : صه يا جيميل ، صه " تحاول سحب
يدها " ها هي جدتي قادمة .

جيميل : آه " يتطلع إلي الداخل " لو لم تكن هذه
العجوز جدتك ، لخنقتها هي وعنزتها .

جيميلة : " تتلفت قلقة " يبدو أنها غاضبة جدا
امض يا جيميل " تحاول دفعه " إمض ،
امض . 

جيميل : لن أمضي "يمسك يدها " فلأواصل
قراءة كفك .


                        جيميلة تستسلم لجيميل ،

                         تدخل  الجدة  غاضبة

                                                                       جيميل : وستتزوجين رغم العذال شابا جميلا ،
قويـــا محبا .. .

الجدة : " تلوح بعصاها " أيها اللعين ..

جيميل : وتعيشين معه في راحة وسعادة ، أنت
وجدتك وعنزتها الحامل . 

الجدة : " تضربه بالعصا " أنت دجال كاذب ،
إن عنزتي نائمة في مكانها ، وليس هناك
ذئب غيرك .

جيميل : " ينزع لحيته ويتراجع أمام ضرباتها
"جيميلة لي ، ولن تكون لأحد غيري ،
مهما كلف الامر .

الجدة : " تطارده ملوحة بعصاها "هيهات أن
تكون لدجال كاذب معدم مثلك " ضجة في
الخارج " ها هم حرس الملك ، جاءوا
لأخذها ، رغما عنك ، إلي الملك .

جيميل : " يصيح " جيميلة .

جيميلة : " تصيح " جيميل .

جيميل : تعالي معي يا جيميلة ، تعالي ، قبل
فوات الاوان .

جيميلة : " تحاول اللحاق به " جيميل .

الجدة : " تمسك بها " أيتها المجنونة ، تتركين
ملك  نيبور ، وتلحقين هذا الدجال المعدم
المتشرد .

جيميلة : " تحاول الافلات من جدتها " دعيني يا
جدتي، دعيني ، دعيني .


                              يدخل   عــــــدد   من 

                            الجنود يتقدمهم ضابط


الضابط : يا لإله النار نوسكو " يتابع ما
يجري " حقا إن وراء كل حريق في العالم
امرأة ، وهنا الامرأة امرأتان  " يصيح "
كفى .

الجدة : " ممسكة بجيميلة " أيها الضابط "الشاب
،أنجدني، أنجدني .

الضابط : أيتها العجوز الشمطاء ، إنني ضابط من
القصر الملكي ، ولدي مهمتي الملكية .

الجدة : أعرف ، أعرف ، تعال وانجدني ، الذئب
يريد افتراس مهمتك الملكية .

الضابط : يفترس ! هذه العجوز الشمطاء مجنونة
                    "يصيح" مهلا ، مهلا ، إنني لا أرى أي
ذئب هنا .

الجدة : " مشيرة إلي جيميل " هذا هو الذئب
،اقبض عليه ،إنه يريد اختطاف حفيدتي ،
التي اختارها  الملك .. .

الضابط : مهلا ، مهلا ، أنت جدة جيميلة ؟

                                                                           

الجدة : نعم " مشيرة إلي جيميلة " وهذه حفيدتي
                    جيميلة .

الضابط : مهلا ، مهلا " حدق في جيميلة "
المجد  لعشتار،  جيميلة .

جيميلة : " لجيميل " أهرب يا جيميل ، أهرب ، أهرب ، أهرب .

الضابط : " ينظر إلي جيميل " جيميل "يلتفت إلي
الجدة"  من جيميل هذا ؟

الجدة : إنه الذئب اللعين ، الذي يريد افتراس
جيميلة .

الضابط : مهلا ، مهلا ، هذا هو الذئب إذن ، مهلا
، سألقنه درسا لن ينساه " للحرس "
أقبضوا عليه" الحرس يطاردون جيميل "
أقبضواعليه، سنودعه السجن حتى يتعفن .

جيميلة : أهرب يا جيميل ، أهرب ، أهرب .

جيميل : "يراوغ الحرس ويفلت منهم " ....

الضابط : أيها البلهاء ، أقبضوا عليه ، لا تدعوا
هذه  الذئب يفلت .


                           جيميل يخرج هارباً ،

                        الحرس يسرعون وراءه 


الضابط : "يحدق في جيميلة " أنت إذن
جيميلة .

جيميلة : " بحدة " نعم .

الضابط : مهلا مهلا ، أنت حقاً جيميلة .

الجدة : جيميلة جداً .

الضابط : ملكنا ، ملك نيبور المقدسة ، يأخذ
الجيميلات
                    دائماً ، ويترك لنا ..." يطبق على يدها "
هيا معي وإلا اتهمني الملك بالتقاعس في
أداء  الواجب . 

جيميلة : "تقاوم الضابط " جدتي .

الجدة : اذهبي يا بنيتي ، اذهبي .

جيميلة        : لا أريد أن أذهب يا جدتي ، أريد أن ابقى
معك .

الجدة          : مستقبلك ليس معي ، بل مع الملك ،
اذهبي ،اذهبي . 

جيميلة        : الحياة لا قيمة لها ، إذا لم أفتح عيني كل
صباح ،وأراك ... 

الجدة :" تدمع عيناها " حبيبتي .

جيميلة        : وأرى عنزتك الحامل ..

الجدة          :  " تغالب البكاء " آه جيميلة .

جيميلة        : وأرى جيمي...

الجدة          :" تقاطعها غاضبة " كفى .

جيميلة        : جدتي .

الجدة         : " للضابط "خذها ، خذها إلى الملك ،
لتفتح عينيها على الحياة .                                                                         

الضابط      : " بصوت عاطفي " جيميلة .

جيميلة       : " تحدق فيه " .... 

الضابط      : " بصوت أكثر عاطفية " جيميلة .

جيميلة       : " تشيح عنه بوجهها " ....

الجدة         : خذها ، خذها إلى الملك .

الضابط      : مهلا ، مهلا ،هذا ما أفعله مع الجيميلات
دائماً ،" يشد يدها " تعالي معي ، تعالي . 

جيميلة       : " تنقاد للضابط " ....

الجدة         : ليحفظك الإله انليل ،ويوفقك في حياتك
"تتنهد" هذا ما حلمت به طويلا لنفسي ،
وها هو يتحقق لحفيدتي .. جيميلة .

الضابط       : " عند الباب " أيتها الجدة . 

الجدة          : نعم .

الضابط       : يا جدو الجيميلة .. جيميلة .

الجدة          : نعم ، نعم . 

الضبط         : إذا عاد أولئك الحمقى ، الحرس .

الجدة           : نعم .

الضابط        : فليلحقوا بي  .

الجدة           : نعم ، نعم .

الضابط        : أعرف أن وجوههم سوداء ، لأنهم لم
يقبضوا على ذلك الذئب .

الجدة          : جيميل . 

الضابط       : مهلا ، مهلا ،لن يفلت مني ، سأقبض
عليه عاجلا أو آجلا .


                           الضابط يخرج بجيميلة ،

                            الجدة  دامعة  العينين


                                   إظلام  



 




 


 


                                                                   

 المشهد الثاني 




                             حديقة القصر ، توكولتي 

                                 يسير  ذهاباً  وإياباً 


توكولتي : " يتوقف " رغم جمال الجو،
وجمال الحديقة ، وجمال ..إلا أنني أشعر
بالانقباض والضي والقلق ، وكل هذا
بسبب جيميل ، البارحة قال  لي ، ونحن
نشرب الجعة في الحانة ،إنه سيأتي
                اليوم ، ويقابل الملك " يسير " جيميل
مجنون ، نعم لكنه لم يبلغ من الجنون
بحيث يأتي ويقابل الملك " يتوقف "
كلا ، سيأتي و .. يا ويلتي إذا أتى و ..
"يتوقف منصتاً" ...


                                   جيميلة تطل من 

                                وراء  إحدى الأشجار 


جيميلة        : " هامسة " توكولتي .

توكولتي      : هاهو جيميل .

جيميلة   : " تدخل متلفتة " لا ، أنا جيميلة 
توكولتي       : أعرف ، أعرف ،فجيميلة تعني جيميل ،
وجيميل يعني جيميلة.

 جيميلة        : حمداً للإله انليل ،أنك وحدك هنا الآن . 

توكولتي       :إنني هنا وحدي دائماً، حين تكون مهمتي
أنأ حرس حديقة القصر من المتطفلين
                  والمتطفلات ووو.

جيميلة         : " معاتبة " توكولتي .

توكولتي       : ليتك تمضين إلى الداخل ،فقد حان موعد
خروج الملك إلى الحديقة ، امضي ،
امضي .

جيميلة        : مهلاً يا توكولتي ، لن أبقى طويلاً، إنني
قلقة بشأن جيميل ، وأريد أن أطمئن منك
عليه .

توكولتي     : اطمئني ، جيميل بخير ،وسيبقى بخير ،
حتى يقضي علي . 

جيميلة        : هل كنت معه البارحة ؟

توكولتي      : نعم ، وظل يدق بجنونه على رأسي إلى
                    منتصف الليل . 

جيميلة       : آه غاب القط العب يا  فأر، وطبعاً
سهرتما معاً في الحانة .

توكولتي     : بالضبط ،وكانت جعته طوال الوقت
جيميلة ..جيميلة ..جيميلة .                                                                        

جيميلة  : " تضحك وتبكي " جيميل ..جيميل
..جيميل .

توكولتي : ما دمت أراك في النهار ، وأراه في الليل
، سأفقد عقلي وأجن ، أجن ،أجن  "
ينصت خائفاً" لابد أنه الملك " يدفعها "
اذهبي ، اذهبي بسرعة .

جيميلة      : "تتراجع "تحياتي إلى جيميل .

توكولتي       : يا ويلتي ، لا ترفعي صوتك ، اذهبي
الآن ، سيقتلني الملك إذا رآك ..اذهبي ،
اذهبي .

جيميلة : لا تخف يا توكولتي " تسير مسرعة "
ها إني ذاهبة " تتوقف" يا إلهي ، الملك
والكاهن و ..  " تسرع جانبا " فلأتسلل
من هنا إلي داخل القصر ، ولتكن الآلهة
معي " تخرج.


                            يدخل الملك والكاهن ،

                           يسير الحارس وراءهما 


الكاهن : " يلهث لفرط بدانته " وكما أمرت يا
مولاي ، لقد سجلنا على المسلة ، تحت
نحت يمثـــــل جلالتكم راكعا أمام الأله
انليل ، أنكم أول من قهر الأعداء ،
ورماهم في البحر .

الملك : " يرمق الكاهن بنظرة خاطفة " ....

الكاهن : وانكم جددتم المعبد المقدس ايكور ، معبد
الإله انليل في نيبور .

الملك : " يهز رأسه " ... .

الكاهن        : وانكم بنيتم المدرسة الكبرى لتعليم
الكتابة .

توكولتي    : " يتقدم مترددا" مولاي .

الملك         : ابتعد ، لا تقاطع التاريخ .

توكولتي   : "يتراجع" أمر مولاي .

الكاهن : وإنكم .. .

الملك       : " يرفع يده قليلا " ....

الكاهن        : مولاي .

الملك          : لنترك التاريخ قليلا .

الكاهن        : مولاي ، أنتم تعلمون أن لا أهم ، ولا
أبقى من التاريخ .

الملك         : وانت تعلم أكثر من غيرك ، أن التاريخ
لا يكتب إلا بالذهب والفضة .

الكاهن        : هذا حق يا مولاي ، وخزائننا مليئة ..

الملك         : " يقاطعه " هدايا ، اريد هدايا ، وهذه
مهمتكم  في المعبد .

الكاهن        : نعم يا مولاي ، ونحن نقول لرعايانا
المؤمنين ، في معبد الإله انليل..

العنزة       : " من بعيد " ماآآع.

الملك         : " ينظر إلي الكاهن " .....

الكاهن        : لعله تيس جائع .

الملك         : تيس !

الكاهن     : نعم  .                                                                                 

الملك : " يواصل سيره "الأفضل أن تحدثني
عما تقولونه لرعاياكم المؤمنين ، في معبد
الإله انليل .

الكاهن : " يواصل سيره إلي جانب الملك " نعم يا
                    مولاي ، نقول لرعايا المؤمنين ، إن
الهدايا ، وخاصة الثمينة منها ، ركن
أساس من أركان الأيمان ، وأن ..


                            الملك والكاهن يخرجان ،

                             ومن ورائهما الحارس


توكولتي : حمدا للإله انليل، ماذا لو رأى الملك
                    جيميلة ؟ والأنكى لو جاء جيميل ، ورآه
الملك ، بثيابه المهلهلة و.. ، فلتأخذه
الإلهة . 

جيميل        : " يطل برأسه " توكولتي .

توكولتي : " يتمتم " هذا جيميل " مولولا " لتأخذني
                    الإلهة.

جيميل       : " بصوت أعلى " توكولتي .

توكولتي     : " يلتفت إليه " جيميل .

جيميل      : "يدخل حاملا عنزة بيضاء " أرأيت ؟ جئت
                    في  الموعد ، ومعي العنزة .

توكولتي       : " مضطربا " أي موعد يا جيميل ؟ أي
موعد ؟ امض بحق الإلهة ، ثم ما هذه
العنزة الغريبة  البيضاء ؟

جيميل           : يا لك من نسّاء ، ألم أقل لك البارحة ،
ونحن  نشرب الجعة في الحانة، بأني
سآتي ، وأقابل الملك ، و.. .

توكولتي : لم تكن البارحة في وعيك ، فقد شربت
على حسابي من الجعة ما أفقدك .. .

جيميل     : بالعكس ، كنت في كامل وعيي ، والدليل
أنني الآن هنا معك .

توكولتي : " منهارا " لتأخذني الإلهة " يحاول
تمالك نفسه " جيميل ، عزيزي ، أنت
تعرف رأيي فيك .

جيميل        : نعم ، إنني مجنون نيبور .

توكولتي     : عفوا ، أنا المجنون .. .

جيميل     : لا ، لا يا توكولتي .

توكولتي   : وانت العاقل .

جيميل        : توكولتي .

توكولتي : ارحمني ، وعد بعنزتك البيضاء هذه ،
من حيث أتيت .

جيميل       : جئت لأقابل الملك ، وسأقابله .

توكولتي    : لا ، أرجوك يا جيميل " يحدق في العنزة
                    منفعلا " ولم هذه العنزة ؟

جيميل        : إنها تقدمتي إلي الملك ، لعلي أحظى بما
أبغيه .                                                                                   

توكولتي    : هذا حمق وجنون ، لن تحظى إلا بسياطه
" يحدق فيه منفعلا " يا للإله أنليل ، أنت
عار ، أين  ملابسك ؟

جيميل       : " يشير إلي العنزة " .....

توكولتي     : يا للجنون ، أكلتها العنزة ؟

جيميل        : ليس كما يأكل الملك فرائسه .

توكولتي      : " يتلفت خائفا " جيميل .

جيميل        : لقد بعت ملابسي ، واشتريت بثمنها هذه
                    العنزة.

توكولتي     : الملك في الجوار ، اذهب الآن ، مازال
بإمكانك أن تنجو بجلدك .

جيميل        : لا أريد أن أنجو بجلدي ، سأقدم هذه
الهدية إلي الملك ، ولابد أن انجو بجيميلة .

توكولتي    : يا ويلتي ، سيقتلك الملك أنت وعنزتك
الغريبة ، وسيقتلني معكما .

جيميل : أنت مخطئ ، لن يقتلك يا توكولتي، بل
                    سيكرمك .. .

توكولتي     : " يدفعه " جيميل ..

جيميل          : ويحقق لي رغبتي .

توكولتي : أنت لا تعرف الملك ...

جيميل          : إنني أهديه عنزة بيضاء .

توكولتي    : اذا لم تهرب في الحال ، ستتمنى لو لم
تكن جيميل ، بل عنزة سوداء " يدفعه"
هيا أهرب،  أهرب .

جيميل        : مهلا يا توكولتي ، مهلا " يتوقف ناظرا
إلي الخارج " ها هو الملك قادم.

توكولتي    : الملك ! " ينظر مرتعباً إلى الخارج " يا
ويلتي، إنه الملك فعلاً " يدفع جيميل "
اذهب بسرعة ، اذهب ، اذهب .

جيميل       : " يتراجع " توكولتي .

توكولتي     : إنهم قريبون ، سيرونك حتما ، اختبئ
وراء تلك الشجرة " يدفعه نحو الشجرة
"ثم تسلل في الوقت المناسب إلى الخارج .

جيميل        : " راضخاً" حسن ، حسن ، سأختبئ .

توكولتي      : " يتراجع مبتعدا " وإياكما أن تمأمئا ،
أنت وعنزتك .

جيميل       : " يختبئ وراء الشجرة " .....

توكولتي      : " يتمتم مرتعبا " أيها الإله العظيم انليل ،
                    أخرس  بقدرتك الكلية جيميل ، وعنزته
غير الجيميلة .


                               يدخل الملك والكاهن ، 

                             يسير الحارس وراءهما

                                                                                

الملك       : لننتظر ، ولنأمل خيرا .

الكاهن       : خيراً بعون الإله انليل يا مولاي .

الملك          : وعسى أن لا يتأخر هذا الخير .

الكاهن       : لن يتأخر ، والإله انليل موجود .

العنزة         : " من وراء الشجرة " ماع .

الملك        : " ينظر إلي الكاهن " ......

الكاهن         : المجد للإله انليل .

العنزة          : " من وراء الشجرة " ماع .. ماع .

الملك           : " ينظر إلي توكولتي " .......

توكولتي     : " خائفا محرجا " مولاي .

العنزة       : " من وراء الشجرة " ماع .. ماع .. ماع 

اللملك      : هذا صوت عنزة .

الكاهن      : أو تيس .

الملك        : " يحدق فيه "....

الكاهن       : والإله انليل أعلم .

العنزة       : " من وراء الشجرة " ماااااع .

الملك        : إنها عنزة .

الكاهن      : مولاي .. .


                           جيميل يقبل مسرعاً ، 

                          حاملا عنزته البيضاء 


جيميل     : مولاي ، أنت على حق .

الملك          : " ينظر إلي توكولتي " ....

توكولتي       : " متأتئاً" عنننزة .

جيميل         : " يتقدم إلي الملك " وأية عنزة .

الملك          : بيضاء !

جيميل         : جئت بها هدية لكم ، جلالة الملك .

الملك          : " بشيء من السخرية " هدية ! أشكرك
يا .. ؟

جيميل         : جيميل ، جيميل يا مولاي .

الملك          : " بشيء من السخرية " حقاً أنت مواطن
                    مخلص من مدينتي المقدسة نيبور .

جيميل      : إنني فقير ، معدم ، لا أملك فضة أو ذهبا
، ولأني مواطن مخلص ، فقد بعت ثيابي
وفراشـي وحذائي ...

الملك          : " يحدق في العنزة " عنزة غريبة .

جيميل         : واشتريتها هدية لك يا مولاي .

الكاهن         : " يحدق في العنزة " ....

الملك          : إنها عنزة ، أيها الكاهن .

الكاهن        : نعم يا مولاي ،عنزة ..

الملك          : حمداً للإله انليل ، ها أنت تعترف أخيرا
بأنه عنزة.

الكاهن        : لكنها ليست بيضاء .

الملك          : ماذا ! ليست.. !                                                                               

جيميل      : مولاي ..

الكاهن        : إنها مصبوغة بلون ابيض .

الملك          : جيميل .

جيميل        : أنا اشتريتها هكذا ..

الملك         : اسمع يا جيميل .

جيميل        : وحق الإله انليل يا مولاي .

الملك         : يبدو لي أنك تظن ، وأن بعض الظن إثم
،أنني مجنون .

جيميل         : لا ، لا يا مولاي .

الملك : وأنا، في الحقيقة ، لا أحب من يظن أنني
                    مجنون.

جيميل         : مولاي .

الملك          : ومن يجرؤ على الظن بأنني مجنون ،
آمر بجلده، حتى يجن .

جيميل       : لكني يا مولاي ..

الملك          : توكولتي .

توكولتي      : " يتقدم من الملك خائفا " مولاي .

الملك          : خذ هذه العنزة .

توكولتي      : أمر مولاي .

الملك          : اذهب بها إلي الطباخ وقل له أن يغسلها
اولاً " يرمق الكاهن بنظرة خاطفة " فأنا
والكاهن لا نحب أن نأكل عنزة مصبوغة
، حتى لو كانت  مصبوغة باللون الأبيض 

الكاهن        : " يومئ برأسه مرتاحا " .....

الملك         : "لتوكولتي " هيا ، أسرع .

توكولتي     : أمر مولاي " يخرج بالعنزة مسرعاً" 

جيميل       : " يقف قلقا " ....

الملك        : أيها الحارس .

الحارس     : " يتقدم من الملك " مولاي .

الملك          : خذ جيميل " يشير بيده " إلي تلك الأجمة 

الحارس       : مولاي .

الملك          : ولا تعيده الي الا مجنونا .

الحارس       : " يمسك بجيميل " أمر مولاي .

جيميل         : " يحاول عبثا مقاومة الحارس " مولاي
، أهديتك عنزة ..

الملك          : " يشيح عنه بوجهه" .....

الحارس       : " يدفعه " هيا .

جيميل         : ليس ذنبي أنها مصبوغة .

الملك          : أريد أن أسمع مأمأته .

الحارس      : سمعا وطاعة يا مولاي " يدفع جيميل "
هيا ، هيا. 

                                                                                    

                           الحارس يدفع جيميل 

                             بقوة داخل الأجمة 


الملك        : ستبدأ المأمأة الآن .

جيميل        : " يصرخ متوجعاً " آ..ي .

الكاهن       : وأية مأمأة .

الملك        : تأخر هذا اللعين توكولتي .

جيميل       : " يصرخ متألما " آ ..ي .

الملك        : أجب . 

توكولتي    : " بصوت ذليل " لا . 

الملك        : وإذا ثبت أن لك معرفة به ؟ 

جيميل       : " يصرخ متألماً " آ ى .

توكولتي       : لا ، لا أعرفه .

الملك           : هذا حسن .

جيميل          : " يصرخ متألماً منهاراً " آ آ ي . 

الملك           : أيها الحارس .

الحارس       : " من الأجمة " مولاي .

الملك          : جيميلنا ، كيف حاله ؟ 

الحارس      : على ما أردته يا مولاي .

الملك         :هاته وسنرى .


                             الحارس يدخل مسنداً

                               جيميل الذي إنهار 


الحارس       : مولاي . 

توكولتي       : " ينظر إلى جيميل متألماً " ....

الكاهن         : " يبتسم " ليبارك الإله انليل سوطك أيها
                    الحارس .

الحارس       : " يحني رأسه قليلاً للكاهن " .... 

الملك          : جيميل . 

جيميل         : " يظل مطرقاً ".....

الملك          : إنني أخاطبك ، أجبني .

جيميل        : " يرفع عينيه قليلاً " .....

الملك         : من أنت ؟ 

جيميل        : ماع .

توكولتي     : " يشيح بوجهه متألماً " ......

الملك       : " يشير إلى الكاهن " ومن هذه ؟

جيميل      : ماع .

الكاهن      : " محتجاً " مولاي .

الملك       : " يغالب ضحكته " لا عليك ، لقد جن . 

جيميل      : ماع .. ماع .. ماع .

الملك       : اذهب يا جيميل الآن ، ومأمىء في طول
نيبور وعرضها .                                                                               

جيميل      : " يسير مبتعداً " ماع .. ماع .. ماع . 

الملك       : " يضحك " ها ها ها .

جيميل      :" يتوقف " ....

الملك       : اذهب أيها العنز ، اذهب وإلا أمرت
توكولتي أن يأخذك إلى الطباخ .

جيميل       : " يشير للملك أن تعال " ....

الملك        : ماذا؟ 

جيميل       : " يشير للملك ثانية " ....

الحارس     : مولاي ، مرني وسأقتله فوراً .

الملك        : لا ، إنه مجنون ، فلأسايره " يتجه نحوه
" وأر ما يريد .

الكاهن      : مولاي أرجوك ، لا تقترب منه .

الملك       : ماذا دهاكما ؟ أنا ملك تيبور .

الكاهن     : إنه مجنون .

الملك      : " يتوقف متردداً " ....

الكاهن       : " للحارس " تأهب لأي طارئ .

الحارس     : إنني متأهب يا سيدي .

الملك        : ها أنا أمامك يا جيميل ، مأمئ . 

جيميل      : أيها الملك . 

الملك       : " مندهشا ً " جيميل . 

جيميل     : لقد أهنتني مرة .

الملك      : " تتسع عيناه خوفاً ودهشة " ....

جيميل     :ولن أكون جيميل ، الذي تعرفه نيبور
كلها ، إذا لم أهنك ثلاث مرات .

الملك       : " يتراجع " أيها الحرس .

جيميل      : " يتراجع مسرعاً " .... 

الحارس     : " يسرع نحو الملك " مولاي . 

الملك        : أقبض عليه . 

الحارس     : " ينطلق نحو جيميل " أمر مولاي . 


                            جيميل يخرج راكضاً ،

                              والحارس في إثره 


الكاهن        : " متردداً" مولاي .

الملك         : توكولتي .

الكاهن        : مهما يكن ما قاله هذا الكافر جيميل ، فلا
تحفل  به.

الملك         : " يتجاهل الكاهن " توكولتي .

توكولتي     : مولاي .

الكاهن      : "يهم بالكلام " .... 

الملك       : " يشير له أن يصمت "....

الكاهن     : " يلوذ بالصمت " ....  

الملك      : " ينظر إلى توكولتي " لن ينجيك غير
الصدق .

توكولتي   :" يصمت خائفاً " ....                                                                                

الملك      : تكلم 

توكولتي   : " حائراً وخائفاً " بماذا أتكلم يا مولاي ؟

الملك       : لدي شعور ، وشعوري لا يكذب ، أنك
على معرفة  بهذا اللعين جيميل .

توكولتي    : جيميل !

الملك        : لا تفتح عينيك البلهاوين هكذا مثل البقرة 

توكولتي    : إنني لا أعرفه .

الملك        : توكولتي . 

توكولتي    : أقسم بالإله انليل ...

الملك        : ليأخذك الإله انليل " يتجه إلى الخارج "
                    اتبعني.

توكولتي    : " يتبعه خائفاً متعثراً " .... 

الكاهن      : "يلحق بالملك " مولاي .

الملك       : سأعرف الحقيقة ،والويل لك إذا ...

الكاهن      : مولاي ، أعتقد أن ... 

الملك       : " يشير له أن يسكت " ...

الكاهن     : " يتوقف لحظة ثم يتابع سيره " .....

الملك       : جيميل لن تفلت مني .


                            الملك يخرج ،يتبعه 

                            توكولتي ثم الكاهن


جيميلة        : " تدخل حزينة مضطربة " يا ويلتي،
الحارس يطارد جيميل ،وسيقتله إذا قبض
عليه " تصمت" سيقبض عليه ، فجيميل
منهك مثخن بالجراح "تصمت لحظة "
وتوكولتي المسكين سيواجه عذاباً لا طاقة
له به " ترفع عينيها إلى السماء " أيها
الإله انليل ، ساعد.. " تتلفت حولها "
أسمع وقع أقدام ، فلأسرع إلى داخل 
القصر قبل أن ... 


                                 جميلة تسرع إلى 

                              الداخل ، فترة صمت 


                                       إظلام 






المشهد الثالث




                                 جيميل وحده ليلاً

                                 عند جرف النهر


جيميل        :  تأخر توكولتي، وربما لن يأتي ، بعد ما
جرى له بسببي ،لا ،لا ، إنني أعرفه ،
سيأتي حتى لو كنت قد تسببت بجلده، لعله
يغضب لحظة، ويهدد بمقاطعتي، بل
ويدعو إلهة العالم الأسفل ايرشكيكال أن
تأخذني ، وتخلصه مني لكنه  سرعان ما
يصفو ويعتذر " يصمت " إنني جائع
                  ، ليت توكولتي يجيء ، ويأتيني بشيء من
كعك أمه اللذيذ ، آه يا لها من امرأة طيبة ،
إنني أحسد توكولتي عليها يصمت محدقاً
في السماء " ها هو الليل ينتصف ، ولم
يأت توكولتي " يغالب ضحكته " لعله يئن
الآن في فراشه ، ويلعن الساعة التي
تعرف فيها علي و.." يصمت متراجعاً"
هناك أحدهم يتسلل  نحو الجرف ،
فلأختبئ لعله حارس ، أو عين
                  من عيون الملك .

   

                               يخرج جيميل ، يدخل 

                               توكولتي حاملاً صرة 


توكولتي : إنه ليس هنا أيضاً ، ترى أين مضى هذا
                    المجنون ؟ لقد بحثت عنه عبثاً في
جروف النهر كلها " يصمت متلفتاً " المياه
عميقة وهادرة عند هذا الجرف ، لعل قدمه
زلت ،وغاص في أعماق النهر وغرق
"يصمت " لا  ، لا " يصمت منصتاً
متوجساً " 

جيميل          : " يطل برأسه " توكولتي . 

توكولتي       : " متمتماً " ها هو ذا . 

جيميل         : توكولتي . 

توكولتي       :"متمتماً "إن مثله لا تزل قدمه إلا ليغرق
أمثالي.

جيميل   :" يتقدم حذراً " توكولتي ، ماذا دهاك ؟
أنا جيميل .

توكولتي :" يلتفت إليه " جيميل ، طبعاً جيميل ،
ومن  أتوقع هنا غير جيميل ؟                                                                                

جيميل     : عرفت أنك ستاتي " يشد على ذراعه "
                      يا صديقي .

توكولتي     : أهنئك يا جيميل .

جيميل        : " يحدق فيه " ...

توكولتي      : لن تجد في نيبور ، ولا في غير نيبور ،
صديقا أكثر بلاهة مني .

جيميل        : " معاتباً " توكولتي . 

توكولتي      :كدت أجلد اليوم بسببك . 

جيميل        : " يتحسس الصرة " ...

توكولتي      :" يتراجع قليلاً "وسأموت يوماً بسببك . 

جيميل        : " يتحسس الصرة ثانية " ..... 

توكولتي      : ملعون أنت ..

جيميل        : توكولتي ..

توكولتي     : وملعونة الساعة التي تعرفت فيها عليك . 

جيميل       : " يتحسس الصرة " سأموت جوعاً إن لم
..

توكولتي     : " يسحب الصرة " لعنتك الألهة .

جيميل       : " ينظر إليه صامتاً " .... 

توكولتي    : إنني إنسان وليس ..

جيميل       : " مازال ينظر إليه " ....

توكولتي     : " يدفع الصرة إليه " خذ وإن كنت لا
تستحق سوى السم .

جيميل   : "يفتح الصرة "كعك.

توكولتي       :أمي أرسلته لك .

جيميل        : نعم ، كعك .

توكولتي     : وسلمت عليك .

جيمي        : " يقضم من الكعكة " شكراً لأمك .

توكولتي      : وسألت عنك .

جيميل        : "متلذذاً" ما أطيبه .

توكولتي     : قلت لها ، لا تخافي عليه ، لن يموت .

جيميل        : يأخذ كعكة ثانية " أنت محق ، لن أموت 
وسأحقق هدفي .

توكولتي     : جيميل .

جيميل        : " يلتهم كعكة أخرى " آه .

توكولتي     : جيميل .

جيميل       : ما الذ هذا الكعك .

توكولتي     : اصغ إلي يا جيميل .

جيميل        : لو كانت أمي على قيد الحياة لبادلتها
بأمك .

توكولتي     : اصغ لعنتك الآلهة .

جيميل        : " يمد يده في الصرة " انتهى الكعك ، آه
لابد أنك اكلت بعضه ، وأنت تفكر في
الطريق ،  كيف تتخلص مني .

توكولتي    : أنت صديقي ، بل ..

جيميل       : " يعيد له الصرة " ما دمت صديقك ،
فلا تأكل من كعكي مرة أخرى .                                                                        

توكولتي     : غادر نيبور .

جيميل          : " يحدق فيه صامتا " ....

توكولتي      : غادرها مؤقتا .

جيميل          : ربما أغادر نيبور ، لكن بشرط..

توكولتي       : هذا جنون .

جيميل          : أن تأتي جيميلة معي .

توكولتي       : لتأخذك الهة العالم الأسفل .

جيميل          : لن أغادر بغير هذا الشرط .

توكولتي       : إن جيميلة دخلت قصر الملك ، ولن
تخرج منه حية .

جيميل          : سأبقى إذن في نيبور ، حتى أخرجها من
قصر الملك أو اموت .

توكولتي       : " يتجه غاضبا إلي الخارج " ستموت
وترحل إلي العالم الاسفل .

جيميل          : تحياتي إلي العزيزة أمك .

توكولتي       : " وهو يخرج " ليت الآلهة تأخذك ،
وتأخذني معك .

جيميل         : " يصيح ضاحكا " أوافق ما دمت معي
يا صديقي " يصمت " توكولتي ، كيف
تريدني أغادر نيبور ، وجيميلتي سجينة
في قصر  الملك؟ سأحررها أو أموت "
صمت " الويل   لك يا ملك نيبور ، لقد
أهنتني مرة بدون سبب  ، ووعدتك أن
أهينك ثلاث مرات ، وسأهينك  ثلاث
مرات " يضحك " لو سمعتني جيميلة ،
                  ستقول لي ..

جيميلة          : " من الخارج " أنت مجنون .

جيميل          : نعم ، مجنون ، هذا ما " يصمت ويلتفت
" جيميلة !

 

                            تدخل جيميلة ، جيميل 

                             يحدق  فيها  مذهولا


جيميل          : " يسرع اليها " جيميلة .

جيميلة          : أنت مجنون قطعا .

جيميل          : يمسك يديها " دعيني أتأملك .

جيميلة          : تتحدى الملك ، وتهدده أيضا !

جيميل          : جيميلة ..جيميلة .

جيميلة          : إنه يتربص بك ، وسيقتلك إذا وقعت في
يده .

جيميل          : "مازحا " ليقتلني " يبتسم " ليقتلني إن
كان يستطيع . 

جيميلة         : أنت مجنون .. مجنون .

جيميل          : إنني مجنون بك .

جيميلة         : ستقتلني اذا مكنته من قتلك .

جيميل         : لن أمكنه ، أنا جيميل .                                                                                     

جيميلة        : غادر نيبور إذن .

جيميل        : جيميلة .

جيميلة        : غادرها يا جيميل ، غادرها .

جيميل         : حسن ، أغادرها .. .

جيميلة          : بدأ جنونك يخف .

جيميل          : بشرط .

جيميلة          : لا مجال للشرط ،غادر نيبور .

جيميل          : تعالي معي .

جيميلة          : هذا مستحيل .

جيميل          : المستحيل أن تبقي في قصر الملك .

جيميلة       : سيطاردنا الحرس ، حيثما نذهب ،
ويلقون القبض علينا ، أو يقتلوننا .

جيميل       : ليس في نيبور من يستطيع القبض على
جيميل، خاص إذا كانت جيميلة معه .

جيميلة         : بل سيطاردوننا ، ويلقون القبض علينا ،
حتى  لو هربنا إلي العالم الأسفل .

جيميل         : لن نهرب إلي العالم الأسفل ، وانما إلي
                    الاهوار، حيث لا ملك ولا حراس ولا 
و لا ..

جيميلة         : ولا جدتي .

جيميل         : " ينظر إليها ".....

جيميلة         : جيميل ، إنني لا أستطيع الحياة بدون
جدتي .

جيميل     : جدتك جدتي ، وسنأخذها معنا .

جيميلة       : لا يمكن ، انت تعرف ، انها لا تحبك .

جيميل     : لكنها تحبك ، وستحبني عندما تراك
سعيدة معي في الاهوار .

جيميلة        : جيميل ، " تنصت خائفة " يا إلهي ،
أسمع دبيبا في مكان قريب .

جيميل          : " ينصت " لا شيء يدعو إلي الخوف ،
ربما ضفدعة ، او سلحفاة تدب بين
الحشائش .

جيميلة      : كلا ، إنهم حرس .

جيميل        : وحتى لو كانوا حرسا ، فلا تخافي ، إنني
معك.

جيميلة         : إنني خائفة اكثر لأنك معي ، فأنا أخشى
أن يقتلوك " تنصت خائفة " اصغ . 

الوصيفة :" من الخارج " جيميلة .

جيميل : عجبا ، أسمع فتاة تناديك .

جيميلة         : هذه الوصيفة ،صديقتي .

الوصيفة : " تدخل مسرعة " جيميلة ، جيميلة .

جيميلة         : تمالكي نفسك ، ما الامر  ؟

الوصيفة : فلنسرع بالعودة إلي القصر ، هناك عدد
من الحرس يقتربون .

جيميلة : حرس !

جيميلة : أهرب " تدفع جيميل " أهرب يا جيميل
، أهرب، أهرب .                                                                                   

جيميل : لن أهرب حتى أطمئن عليك وعلى
صديقتك . 

جيميلة        : دعك منا ، أهرب أنت ، أهرب .

الجارية        : " تتململ قلقة خائفة " هيا يا جيميلة ،
فلنعد إلي القصر ، سيقتلوننا اذا القوا
القبــــض علينا معا "تتراجع"

جيميلة :أهرب يا جيميل " تتراجع في اثر
الوصيفة " أنت  تقتلني ، أهرب ، أهرب . 

جيميل : جيميلة " يتراجع بالاتجاه المعاكس "
تعال غدا ، أريد أن أراك .

جيميلة          : وداعا ، لن تراني ثانية .

جيميل         : لا تقولي هذا ، لابد ان أراك .

جيميلة : جيميل . 

الوصيفة : " تخرج ساحبة جيميلة معها " تعالي ،
تعالي .

جيميل : " يقف متردداً " سحقاً للحرس " يسرع
                  بالخروج " .

الأول : أرأيت أيها الرعديد ؟ لا أحد هنا .

الثاني : يا للغرابة ، لقد سمعت بأذني هاتين ،
أصواتاً تصدر من هذا المكان .

الأول : لا عجب ، إنها الوراثة ، فجدتك لأمك
كانت تسمع أصواتاً ، تأتي من داخل
الجدار .

الثاني : " يحدق فيه " ....

الأول : بل إنها قالت مرة ، أن الإله أنليل تحدث
إليها .

الثاني : جدتي صادقة يا قليل الإيمان ، إن الإله
أنليل قد  يتحدث إلى أقل الناس شأناً ، بل
قد يتحدث الآن إليّ وإليك .

الأول : هذا مستحيل فالإله ..

جيميل : " بصوت مهاب " أيها الحارسان .. 

الأول : يا للإله ، ما هذا ؟ 

الثاني : أ رأيت ؟

جيميل : أيها الحشرتان .

الأول : حشرتان !

الثاني : اصغ ، اصغ .

الأول : لعله صادق ، لكن ليس أنا .

الثاني : اسكت وإلا مسخك ..

جيميل : اذهبا الآن إلى ملك نيبور .

الثاني : الملك ! إنه نائم الآن .

جيميل : أيقظه . 

الثاني : " ينظر إلى الأول " ....

الأول : سيقدمك عشاء لكلابه .

الثاني : " خائفاً " آ آه . 

جيميل : وقل له ..

الثاني : ماذا ! ماذا أقول .. له ؟

جيميل : أيها الملك الظالم .. 

الثاني : " يرتجف " الظا ا ا لم !                                                                                    

جيميل : إن غضب جيميل آت .. 

الثاني : جيميل ! 

الأول : " للثاني " أيها الأحمق ، إنه جيميل .

جيميل : آت لا ريب فيه .

الأول : " متلفتاً " الويل لك ، لقد عرفتك .

الثاني : صه أنت تتحدث إلى ..

الأول : لا تكن أحمق ، هذا جيميل ، لنقبض عليه
، وننل الجائزة مناصفة .

الثاني : أية جائزة ؟ حذار سيمزقك .

الأول : ابق في جنونك ، سأقبض عليه وحدي "
يشرع رمحه " وأنال الجائزة وحدي "
يندفع نحو مصدر الصوت " سأقبض
عليك أيها الدجال .

الثاني : امسخه ، امسخه حشرة .

جيميل : " يمد يديه ويمسك بالأول " سأمسخه
حيواناً مائياً " يجره إلى الخارج " ..

الثاني : الأحمق نصحته ، لكن النصيحة لا تنفع
مع .. "  صوت ارتطام جسم بالماء " لقد
انتهى .

جيميل : " من الخارج " أيها الحارس .

الثاني : مولاي .

جيميل : مسخت صاحبك ، مسخته .

الثاني : نال ما يستحقه قليل الإيمان هذا .

جيميل : مسخته ثعبان ماء .

الثاني : " يركع " المجد لك .. أنليل . 

جيميل : انهض .

الثاني : " ينهض " ....

جيميل : اذهب إلى الملك .

الثاني : " يتجه إلى الخارج " ....

جيميل : وقل له ما قلت لك . 

الثاني : " يتوقف " ....

جيميل : أيها الحارس .

الثاني : " يلتفت " مولاي أرني علامة . 

جيميل : " يخرج يده ، ويلوح للثاني " ....

الثاني : المجد لأنليل ، ما هذا النور ؟

جيميل : اذهب الآن ، اذهب .

الثاني : أمر مولاي " يتلفت ويتجه إلى الخارج "
                    سأذهب الآن إلى الملك ، وأوقظه من
النوم ،  وأنقل إليه ما قاله أنليل ، وليكن ما
يكون .


                        الحارس الثاني يخرج ،

                         يدخل جيميل مبتسماً 


                                إظلام 

                                                                                      




المشهد الرابع 



                                   غرفة في قصر 

                              الملك ، يدخل الضابط


الضابط : " يتلفت مستغرباً " يا لها من غرفة ،
مهما يكن  فهذا ليس من شأني " ينادي "
توكولتي.

توكولتي : " يدخل متنكباً رمحه " سيدي .

الضابط : أريدك اليوم أن تقف هنا ، بباب هذه
الغرفة .

توكولتي : لكني ، كما تعرف يا سيدي ، أحد حراس
حديقة القصر .

الضابط : صه ، أنت حارس ، وأنا من يحدد أين
تكون ،  وماذا تكون .

توكولتي : عفواً سيدي .

الضابط : أريدك أن تقف هنا حجرة.

توكولتي : " يحدق فيه متسائلا" ....

الضابط : لا ترى ، لا تسمع ، لا تتكلم ، مفهوم !

توكولتي : " يهم أن يتكلم " ....

الضابط : ما جرى لم يجر من قبل ، ولو جرى
ثانية ، هنا في القصر ، فسنذهب جميعا
إلي العالم الأسفل .

توكولتي : " يقف جامدا ".....

الضابط : أيتها الحجرة .

توكولتي : نعم سيدي .

الضابط : لتأخذك الهة العالم الأسفل ايرشكيكال.

توكولتي : سيدي !

الضابط : أخرس ، الحجرة لا تتكلم .

توكولتي : عفوا يا .." يصمت "

الضابط : أيتها الحجرة.

توكولتي : "يقف صامتا "....

الضابط : نعم ، هكذا ، الآن أنت حجرة يعتمد
عليها " يربت على كتفه " إبق حجرة .

توكولتي : " يبقى جامدا "....

الضابط : سأذهب الان ، واتفقد حرس القصر "
يتجه نحو الخارج " تعال وقف هنا بالباب 

 

                            الضابط يخرج ، يسرع 

                           توكولتي  ويقف  بالباب

                                                                                      

توكولتي : إنني أكاد لا أصدق ما جرى ، وليس من
عاقل في نيبور ، أو غير نيبور ، يمكن أن
يصدق ما  جرى ، ولكن هل انا عاقل من
عقلاء نيبور ؟ إن من له صديقا مثل
جيميل ، لا يمكن أن يكون عاقلا ، ليت
آلهة العالم الأسفل ايرشكيكال تأخذه ،
وتأخذ معه جيميلة .

                         

                             تدخل جيميلة ، وتقف

                               بعيدا  عن  الباب  


جيميلة : " هامسة " توكولتي .

توكولتي : " ينتبه ولكنه لا يرد" .....

جيميلة : توكولتي ، توكولتي .

توكولتي : "لا يرد "......

جيميلة : " تتلفت " ماذا جرى ؟ كأنه لا يسمعني
"  تقترب منه" توكولتي .

توكولتي : " ينفجر بها بصوت خافت " لتأخذ آلهة
العالم الأسفل توكولتي ، والذين أنجبوا
توكولتي ، والذين ..

جيميلة : توكولتي ،أنا جيميلة .

توكولتي : لست أعمى ، أعرف انك جيميلة ، ولهذا
فأنني أندب " يدفعها برفق " اذهبي من
هنا ، اذهبي  بحق الآلهة ، وإلا ندبتني
أمي ميتا .

جيميلة : آه لا قدرت الالهة .

توكولتي : ستقدر مادام جيميل موجودا .

جيميلة : اهدأ يا توكولتي ، اهدأ ، هذا ليس من
عادتك .

توكولتي : الضغوط علي ثقيلة ، ثقيلة ، وأنا لم اعد
احتمل .

جيميلة : لا عليك ، لا عليك " تصمت لحظة "
توكولتي .

توكولتي : " ينظر إليها متوجسا ".....

جيميلة : جئت أسألك عن ..جيميل .

توكولتي : " يغالب انفعاله " .....

جيميلة : أسمع هذه الايام عنه لغطا لا يصدق.

توكولتي : إنني معك ، ما سمعته منتهى الجنون ،
لكن صدقيه مادام الامر يتعلق بمجنون
مثل جيميل .

جيميلة  : يا ويلتي ، جيميل !

توكولتي : نعم ، ويقدم على ما هو أفظع ، إذا لم
ترحمنا الآلهة ، وتأخذه .

جيميلة : " محتجة ومعاتبة" توكولتي .

توكولتي : يضرب الملك ! الملك!

جيميلة : " تبدو قلقة حائرة " .....

توكولتي : " منفعلا " تعال اضربني ، اضرب أمي
، اضرب أبي في قبره ، اضرب ، الملك !                                                                                 

جيميلة : بلغني انه مريض . 

توكولتي : " ينظر إليها " ....

جيميلة : ليس جيميل .

توكولتي : آه .

جيميلة : الملك .

توكولتي : نعم ، وقد عجز أطباء نيبور عن علاجه
، هذا الثور جيميل .

جيميلة : يا ويلي .

توكولتي : ويقال أًنه طبيبا مشهوراً من مدينة ايسن
، وصل نيبور أمس ، وسيقوم بعلاجه .

جيميلة : لتشفه الآلهة " متمتمة " آه جيميل .

توكولتي : لو عرف الملك بعلاقتي مع جيميل لـ..
                  "مرتعبا" الملك .

جيميلة : " متلفتة " الملك !

توكولتي : " يقف جامدا " إذهبي بحق الآلهة ،
اذهبي بسرعة ، اذهبي .

جيميلة : توكولتي " تتراجع " أبلغ سلامي لأمك.

توكولتي : " يبقى جامدا " ....

جيميلة : " وهي تخرج " وكذلك لجيميل .

توكولتي : " يبقى جامدا " ......


                            يدخل الملك والكاهن ،

                           ومن ورائهما الحارس


الكاهن : مولاي ، اطمئن ، صحتك جيدة ، وبعون
الإله انليل ..

الملك : انا وحدي اقرر اذا كانت صحتي جيدة أم
لا .

الكاهن : وما شاء الإله انليل ، تبدو متورد الوجه
، وفي تمام ..

الملك : هذا التورد ، الذي تتوهم انه من الصحة
                  والعافية، انما هو اثار الحمى .

الكاهن : مولاي ، إن حرارتك عادية .

الملك : هنا تكمن الخطورة ، فالحريق الذي في
اعماقي، لا يظهر منه إلي الخارج ، حتى
قليلاً من  الدخان .

الكاهن : مولاي ، سيأتي الطبيب بعد قليل ،
وسترى ان  ما يخامرك من مشاعر
واوجاع ، لا أساس له .

الملك : أصارحك أنني لست مطمئناً إلى هذا
الطبيب " يحدق فيه " أهو حقاً طبيب؟ 

الكاهن   : " يطرق متردداً" مظهره يا مولاي يقول
إنه  طبيب ،وطبيب له أهميته أيضاً .                                                                              

الملك : " يرمق الكاهن بنظرة ناقمة " انني لا
أثق كثيرا في المظاهر ، فغالبا ما تكون
البطيخة  الكبيرة فارغة .

الكاهن : "محرجا " مولاي .

الملك : إن كل حلاق في نيبور ، يستطيع ان
يحلق جانب رأس اي خروف ، ويجعل
منه طبيبا .

الكاهن : " يطرق رأسه" .....

الملك : "مغتاظا "حتى الآن لم أعرف ، كيف
أوليت ذلك اللعين ثقتي ؟

الكاهن : " يبقى مطرقا " ....

الملك : قال لي أنه جلب الذهب لمعبد ايكور ،
معبد الإله انليل .

الكاهن : "يبقى مطرقا ".....

الملك : " بحدة " كان عليك أن تنبهني .

الكاهن : " يرفع رأسه " .....

الملك : نعم ، فأنت كاهن معبد ايكور ، معبد
الإله انليل.

الكاهن : " يطرق رأسه ".

الملك : والانكى أنني أمرت بذبح شاة طيبة ،
وجلست أستمع الى ترهاته رغم أنني كنت
متعبا ، وعند منتصف الليل غفوت ، وإذا
اللعين ينقض علي ، ويشبعني..

الكاهن : " يرفع رأسه مترددا " مولاي .

الملك : ما أخشاه أن يكون هذا الطبيب مثل ..

الكاهن : لا عليك يا مولاي ، لنصرفه ما دمت
غير مطمئن إليه .

الملك : " مترددا "لا ،لا ، لكن ..

الكاهن : لنصرفه يا مولاي .

الملك : ما لم افهمه هو إصراره الغريب على أن
                    يفحصني هنا .

الكاهن : لكل طبيب يا مولاي سحره ، ولكل سحر
                  طقوسه ، ولكل طقوس ..

الملك : والأغرب انه يتحدث عن قصري ،
وكأنه يعرفه غرفة غرفة .

الكاهن : لو كان هذا الطبيب كاهنا من كهنة معبد
ايكور ، لقلت أن الاله انليل كشف عنه
الحجاب ،ومكنه..

توكولتي : مولاي .

الملك : " يلتفت اليه"......

الكاهن : " يصمت ".......

توكولتي : الطبيب يا مولاي .

الملك : " قلقاً " ها هو قد جاء .

الكاهن : فلنجربه ، لن نخسر شيئاً.

الملك : طبعا ، فأنت دائما لا تخسر .                                                                                   

الكاهن : مولاي .

الملك : لست مرتاحا إلى هذا الطبيب ، لا أعرف
لماذا، لكني لست مرتاحا .

الكاهن : " يلوذ بالصمت ".....

توكولتي : مولاي.

الكاهن : " يتطلع الى الملك " ....

الملك : دعه يدخل .

توكولتي : أمر مولاي " عند الباب " تفضل يا
سيدي ، تفضل .


                           يدخل جيميل ، متنكرا 

                            فــــي  زي  طــبيب


جيميل : "يتلفت متفحصا ما حوله " حقا هذه هي
الغرفة التي أريدها بالضبط.

الكاهن : أهلا ومرحبا بطبيبنا الكبير .

جيميل : " يتجاهله " وكل ما فيها مناسب للعلاج
                    المطلوب .

الملك : " " يحدق فيه " ....

جيميل : أنعمت صباحا جلالة الملك .

الملك : أنعمت صباحا .

جيميل : أرجو أن يكون اختياري لهذه الغرفة قد
                      أعجبك.

الملك : ما يعجبك يعجبني ، وإن كان لدينا غرف
                  كثيرة، في هذا القصر ، اكثر سعة وجمالا
من هذه الغرفة .

جيميل : للوصول الى الهدف المنشود ، ليس
المهم في الغرفة ، أن تتصف بالسعة أو
الجمال ، وإنما بالعزلة ، والعزلة وحدها .

الملك : العزلة !

الكاهن : أنت محق يا سيدي الطبيب ، ففي العزلة
قداسة، تقربنا من الآلهة .

جيميل : " يتجاهله".....

الملك : لا أفهم أهمية هذه العزلة ، في علاجي
مما أنا فيه.

جيميل : ستفهم جلالة الملك ، ستفهم عاجلاً وليس
آجلاً .

الملك : " ينظر إلى الكاهن" .....

الكاهن : اطمئن يا مولاي ، أنا والإله انليل إلى
جانبك.

الملك : " يشيح عنه بوجهه ".....

الكاهن : " لجيميل " أيها الطبيب....

جيميل : " يتجاهله"....

الكاهن : أصغ إلي .                                                                                  

جيميل : "يمد يده داخل خرجه " من الأفضل أن
نبدأ ، جلالة الملك ، ولا نبدد الوقت
بالترهات .

الملك : " ينظر إلى الكاهن ".....

الكاهن : " يكظم غيظه "....

جيميل : جلالة الملك ، لن يكون لعلاجي فائدته ،
وهذه الغرفة مكتظة .

الملك : الغرفة ليست مكتظة ، فلا أحد فيها إلا
أنا وأنت و ..

جيميل : أنا وأنت فقط ، وثالثنا الأدوات الطبية
وحدها .

الكاهن : إنني كاهن معبد ايكور ، معبد الإله انليل
،  وسأكون ببقائي عونا .. .

جيميل : " يغلق خرجه " .....

الملك : مهلا ، مهلا .

جيميل : لنرجئ العلاج جلالة الملك ، حتى تتوفر
                    الشروط المطلوبة .

الكاهن : يا للإله انليل .

جيميل : " يحمل خرجه " .....

الملك : تمهل أيها الطبيب " ينظر إلى الكاهن "
                    ستتوفر الشروط حالاً.

الكاهن         : مولاي . 

الملك    :اذهب ، وتحدث إلى الإله انليل ، إنني
بأمس الحاجة إلى عونه .

الكاهن : الأمر لك يا مولاي " يتجه إلى الخارج
                      "سأكون في معبد ايكور ، مع الإله
انليل .


                                الكاهن يخرج ،جيميل 

                                 ينزل الخرج مبتسماً


جيميل        : نحن وحدنا الآن .

الملك          : " متوجساً " نعم أنا وأنت و...

جيميل        : " يمد يده في الخرج " و..الأدوات .

الملك : " بصوت مضطرب " والحارس "
يرفع صوته " توكولتي . 

توكولتي      : " يطل من فتحة الباب " مولاي . 

جيميل        : توكولتي . 

توكولتي      : " يتمتم مرعوباً " يا ويلتي ، هذا ... 

جيميل         : اغلق الباب . 

توكولتي      : " ينظر إلى الملك " مولاي . 

الملك           : " متردداً " .... 

جيميل          : يبدو أن هذا الحارس أصم .

توكولتي       : مولاي . 

جيميل          : قلت لك ، اغلق الباب . 

توكولتي       : " ينظر إلى الملك " ...

الملك : اغلقه.                                                                                   

توكولتي : مولاي.

الملك : اغلق الباب يا توكولتي .

توكولتي : حسن يا مولاي " يبدأ بأغلاق الباب "
سأغلقه " يغلق الباب"

الملك : أيها الطبيب ، ها هو الباب قد أغلق.

جيميل : الآن يا ملك نيبور ، الآن فقط ، سيطيب
                    العلاج.

الملك : " قلقا " هيا ، أسرع ، إبدأ العلاج ،
وإياك أن أشعر بأي ألم ؟ 

جيميل : " يبتسم متوعدا".....

الملك : وإذا شعرت بألم ، مهما كان يسيرا ،
صرخت بأعلى صوتي ، وعندئذ سيأتي
حرسي من شتى أنحاء القصر ،ويمزقونك
شر تمزيق.

جيميل : اطمئن يا ملك نيبور ، لست مجنونا
لأمكنك من الصراخ.

 

                                 يخرج خرقة ، ويدسها 

                                  فــــــي  فم  المـــــلك


الملك : " يحاول عبثا أن يصيح " آ آ آ .

جيميل : والآن لن تستطيع الصراخ " يشد يدي
الملك " ولا الحركة " يدفعه وراء الستار
" تعال ، سأعالجك حتى تشفى تماما "
أصوات ضرب" أهنتني مرة " أصوات
ضرب" فقلت لك ، سأهينك مقابل تلك
الإهانة ثلاث مرات  "  أصوات ضرب "
وها أنا اهينك للمرة الثانية " أصوات
ضرب " ولن أكتفي بهاتين الإهانتين "
أصوات ضرب " بل سأهينك ، بعد
                  حين ، للمرة الثالثة " يخرج من وراء
الستار حاملا خرجه " فلأمض قبل أن
يأتي الكاهن البدين ، ومعه شلة  من
الحراس " يفتح الباب "   توكولتي.

توكولتي :" يحدق فيه " يا للآلهة أعرف صوتك
جيدا  أعرفه .

جيميل : مولاك ، ملك نيبور ، يرقد وراء الستار
، وقد هده العلاج ، أدخل عليه بعد أن
أمضي " وهو يسرع بالخروج " وأبلغه
تحياتي .

توكولتي : " يتابعه مرعوبا " هذا اللعين خرج
مسرعا من الباب الجانبي " يتابعه منفعلا
" وها هو يركض مسرعا عبر الحديقة ،
يا ويلتي ، كيف لم أعرفه
                  فوراً ؟ " بصوت خافت مرعوب " إنه
جيميل " يسرع الى ما وراء الستار "
فلأسرع الى الملك  و..                                                                             

  

                                يخرج  الملك ،  ممزق 

                               الثياب ، وخلفه توكولتي


الملك : ناد الحرس .

توكولتي : مولاي .

الملك : نادهم فورا .

توكولتي : دعني أساعدك " يقترب منه " وآخذك
إلى جناحك في القصر .

الملك : ايها اللعين " يدفعه بعنف " ستجلد
خمسون جلدة . 

توكولتي : مولاي .

الملك : ناد الحرس ، نادهم .

توكولتي : أمر مولاي " يتجه نحو الباب "...

الملك : ستجلد خمسون جلدة .

توكولتي : " يصيح عند الباب " أيها الحرس ، أيها
                    الحرس ، أيها الحرس .

الملك : خمسون جلدة ستجلد ، حتى لو مت عند
الجلدة العشرين .

توكولتي :" للملك " ها هم الحرس قادمون يا
مولاي .

الملك : خمسون جلدة " يصيح " أيها الحرس .


                             يدخل الضابط وحارسان ،

                               و يسرعون  الى  الملك


الضابط : مولاي " يحاول إسناده " مولاي الملك .

الملك : " يبعده " دعني ، دعني .

الضابط : " يتراجع قليلا " عفوا مولاي ، أردت
فقط أن ..

الملك : مر الحرس أن يطاردوا هذا اللعين
جيميل.

الضابط : جيميل !

الملك : كان هنا ، وهرب قبل قليل ، فليطاردوه
، أريده حياً أو ميتاً.

الضابط : أمر مولاي " للحارسين " إذهبا وخذا
جميع  الحرس ، والقوا القبض على كل
من تجدوه في  محيط القصر .

الجنديان : " وهما يخرجان مسرعين " أمرك
سيدي .

الضابط : "للملك " مولاي ، لن يفلت جيميل من
ايدينا ، وسينال جزاءه ، و .. 

الملك : كفى .

الضابط : "يصمت " ....

الملك : خذ توكولتي هذا .

توكولتي : " منهارا " مولاي .

الملك : واجلده بنفسك خمسين جلدة .                                                                             

الضابط : أمر مولاي .

توكولتي : ارحمني فقد كنت دائما خادمك الذليل
المخلص المطيع ال..

الملك : " للضابط "خذه ، هيا بسرعة .

الضابط : أمر مولاي " يمسك بتوكولتي ويدفعه
"نحو الخارج " هيا ، هيا .

توكولتي : " مستغيثا " مولاي .

الملك : خمسون جلدة .

توكولتي : انني .. توكولتي .

 الملك : خمسون .

توكولتي : يا ويلي ، سأموت .

الضابط : " يدفعه الى الخارج " كفاك صراخا،
هيا ، هيا " يخرجان "

الملك : الأفضل أن تموت يا توكولتي ، فقد
رأيتني ، أنا ملك مدينة نيبور المقدسة ،
أهان على يد  فقير تافه من فقراء نيبور .


                               المــلك  يتجـــه إلـــى 

                               الخارج ، فترة صمت

 

                                        إظلام







المشهد الخامس

          

                            كوخ البستاني ، البستاني ،

                             الزوجة ، توكولتي راقد   


الزوجة : ارتد ملابسك ، وتعال افطر .

البستاني : " يرتدي ملابسه " آن لي أن أذهب ،
فلدي عمل كثير اليوم .

الزوجة : " تشير إلى السفرة " لمن أعددت هذا
الطعام إذن ؟ تعال كل لقمة ، قبل أن
تخرج للعمل في حديقة القصر .

البستاني : هذا طعامي " يرفع الصرة " وسآكل
حين يعضني الجوع .

الزوجة : أنت لم تأكل منذ البارحة ، فقد عدت
بالطعام ، الذي أخذته معك صباح أمس ،
دون أن تمسه .

البستاني : لم أستطع أن آكل ، وتوكولتي لم يأكل
شيئاً منذ أول أمس .



                                                                                      

الزوجة : لا ، لا إنني أطعمه حساء مرتين أو
ثلاث مرات في اليوم .

البستاني : توكولتي شاب ، وليس طفلاً أو عجوزاً ،
ليعيش على الحساء " ينظر إليه " هذا
الشاب الطيب المسكين ، لا يستحق ما
أنزل به " يتجه نحو الخارج " آن لي أن
أذهب " عند الباب " اهتمي به ، فهو
يستحق الاهتمام .

الزوجة : لا داعي لأن توصيني ، فأنا أهتم به غاية
                    الاهتمام .

البستاني      : أعرف ، وأعرف أيضاً أنك مرهقة ،فما
تقومين به ليس بالأمر الهين .

الزوجة      : ستأتي جيميلة بعد حين ، لتساعدني في
رعاية  توكولتي ، وإن كنت لا أحتاج إلى
مساعدتها .

البستاني      : جيميلة ، ما أطيب هذه الفتاة .

الزوجة       : وما أجملها . 

البستاني      : نعم ، إنها زنبقة فواحة . 

الزوجة       : ليت الآلهة  تحننت علي ، وأعطتني إبنة
مثلها .

البستاني     : لا عليك ، فجيميلة وكل جيميلة  بنات لنا. 

الزوجة       : أنت محق لكن ... 

البستاني      : بلا لكن " يتأهب للخروج " آن لي أن
أذهب . 

الزوجة   : " تضحك " هذه هي المرة الثالثة ، التي
تقول فيها ، آن لي أن أذهب ، ولا تذهب .

البستاني      : " يضحك هو الآخر " لعلك تقصدين ،
إنه العمر. 

الزوجة       : لا أقصد هذا ، اطمئن ، اذهب الآن وإلا
                    تأخرت. 

البستاني : " يمد يده ليفتح الباب ثم يتراجع "
البارحة مساءاً ً،لمحت أحدهم يتسلل عبر
اشجار الحديقة ، نحو كوخنا . 

الزوجة    : لم أر أحداً ، لعلك واهم ، نحن عجوزان
، ولا نكاد نتبين الخيط الأبيض من الخيط
الأسود ، عند اقتراب المساء .

البستاني   : تحدثي عن نفسك فقط ،ولا تخلطيني
معك ، فأنا لست عجوزاً . 

الزوجة    : صدقت ، ولابد أنك ستقول لي ،
سأتزوج ثانية  ، إذا سمح الكاهن بذلك . 

البستاني      : لا يهمني الكاهن ،وافقي أنت وسأتزوج . 

الزوجة       : " بصوت متحشرج " تزوج .

البستاني      : وإذا رأيت دمعة في عينيك ؟ 

الزوجة       : أشح عنها وتزوج . 

البستاني      : دمعتك عندي أغلى من كل نساء العالم . 

الزوجة       : اذهب أيها الماكر ، لقد تأخرت . 

البستاني      : " وهو يخرج " اهتمي بتوكولتي . 

الزوجة       : توكولتي ابني " تتأمل توكولتي " ليته
ابني .

                                                                                      

                                توكولتي يتململ في 

                              فراشه ، ويئن متوجعا  


توكولتي     : " متململاً" آه . 

الزوجة       : " تسرع إليه " توكولتي . 

توكولتي     : " متململاً " آه .. آه . 

الزوجة       : " تنحني عليه " توكولتي ، توكولتي . 

توكولتي     : " يجمد ويصمت " .... 

الزوجة    : يا للمسكين ، منذ أكثر من يومين ، وهو
لا يكاد يعي " الباب يطرق بصوت خافت
" أهي جيميلة ؟ لا أظن ، ترى من يكون ؟
"  الباب يطرق ثانية " من؟ 

جيميل      : " من الخارج " أنا .

الزوجة       : " تنصت متوجسة عند الباب " من أنت؟

جيميل        : " بصوت خافت " افتحي الباب ، هيا . 

الزوجة      : " تفتح الباب " جيميل !

جيميل    : " يمرق إلى الداخل " اغلقي الباب ،
اغلقيه  بسرعة .

الزوجة    : " تغلق الباب " حمداً للآلهة ،إن زوجي
ليس هنا.

جيميل  : رأيته يخرج قبل قليل ، ويمضي إلى
عمله ، فقدمت .

الزوجة     : إنه يحبك كما يحب توكولتي ، لكن ... 

جيميل         : أعرف ، أعرف . 

الزوجة     : البارحة مساء ، لمح أحدهم يتسلل عبر
أشجار الحديقة نحو كوخنا . 

جيميل        : نعم ، إنه أنا . 

الزوجة    : يا للمسكين ، لقد إتهمته بأنه عجوز ، لا
يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود .

جيميل    : جئت لأطمئن على توكولتي ،لكني
خشيت أن أدخل كوخكم ، فقد أكون
مراقباً من قبل حراس القصر .

الزوجة   : " خائفة " هذا حق ، فالمنطقة تعج
بالحرس ، وخاصة بعد أن ...

جيميل : لا عليك ، لا عليك .

الزوجة : أنت تدري ، نحن عجوزان ، وقد ينزل
الملك بنا  ما أنزله بتوكولتي.

جيميل         : لن بقى طويلا ، لابد لي أن أطمئن على
                  توكولتي ، فهو عندي بمثابة الاخ العزيز. 

الزوجة : لم يفق المسكين حتى الان ، لكنه سيفيق
ويعيش ، فنحن الفقراء لا ننتهي بسهولة .

جيميل       : " يقترب من توكولتي " يا للأسف ، لقد
جلد بدون ذنب ، خمسون جلدة .

الزوجة : " بصوت دامع " يا ويل أمه .                                                                                  

جيميل : إنها لا تدري ما حاق به.

الزوجة : وليتها لا تدري حتى يشفى .

جيميل : " يتأمل توكولتي " يبدو أنه سيفيق قريبا. 

الزوجة : بعون الإله انليل .

جيميل : " مبتسما " ولعل أول ما سيفعله ، بعد
أن يفتح عينيه ، هو أن يلعنني ، ويلعن
الساعة التي تعرف بها علي.

الزوجة : "تمسح دموعها " ....

جيميل : يا لامه الطيبة " يصمت " إن كعكها الذ
كعك في نيبور ، بل ربما في العالم اجمع .

الزوجة       : " تنصت خائفة " جيميل . 

جيميل        : " ينصت حذراً " أحدهم قادم. 

الزوجه     : لعلهم أكثر من واحد " مولولة " يا ويلي
إذا  كانوا من حرس القصر .

جيميل      : لا تخافي " يتجه نحو الخارج " سأذهب
فوراً" يوارب الباب " سأتسلل من وراء
الكوخ  وأمضي .

الزوجة      : لتحرسك الألهة . 

جيميل        : " عند الباب " تحياتي إلى توكولتي حين
يفيق .

الزوجة      : اذهب الآن يا بني ، اذهب ، أخشى أنهم
يقتربون ، اذهب ، اذهب .


                                   جيميل يخرج مسرعاً،

                                  ويغلق الباب وراءه 


الزوجة    : لتحفظ الآلهة جيميل ، ما أطيبه ، وما
أشجعه ،  ليت لي ولد.. " تضحك من
نفسها " يا لي من عجوز خرفة ، لم يكن
لي ولد ، ولن يكون لي ولد " تمسح
دموعها " ما أشد بلاهتي ،كلهم أولادي ،
نعم ، كلهم أولادي .

توكولتي : " يتململ " آه .

الزوجة : " تسرع إليه " توكولني . 

توكولتي : " متململاً " آه .. آه .

الزوجة : " تنحني عليه " توكولتي ..توكولتي .

توكولتي : " يفتح عينيه " ....

الزوجة : حمداً للإله أنليل ، ها أنت تفتح عينيك .

توكولتي : " يحاول أن يعتدل " ....

الزوجة : ابق في مكانك يا توكولتي ، ابق في
مكانك ، أنت ما زلت بحاجة إلى الراحة .

توكولتي : آه جسمي كله يؤلمني .

الزوجة : لا عليك ، أنت بخير ، وستتماثل للشفاء
قريباً .

توكولتي : " يحاول الاعتدال متوجعاً " آ .. ه .

الزوجة : لا بد أنك جائع ، حسن ، سأعد لك ما
تشتهيه من الطعام .                                                                                

توكولتي : " يبتسم ممتناً " لا ، لا ، أشكرك .

الزوجة : " تنحني عليه " عمك البستاني ، طلب
مني قبل أن يخرج ، أن أعد لك وجبة
دسمة .

توكولتي : ألف شكر لكما ، أنتما أروع إنسانين في
نيبور .

الزوجة : نحن أيضاً أبواك يا توكولتي ، هو أبوك
وأنا أمك.

توكولتي : أمي ، أمي المسكينة .

الزوجة : عفواً يا بني ، لم نشأ أن نعلمها .

توكولتي : لا بد أنها قلقة عليّ الآن .

الزوجة : أخبرناها بأنك سافرت في مهمة ، وأنك
ستعود بعد أيام .

توكولتي : أعتقد أن هذه فكرة جيميلة .

الزوجة : " تهز رأسها مبتسمة " ....

توكولتي : الأمر واضح .

الزوجة : وقد زارتك مرات ..

توكولتي : آه جيميلة .

الزوجة : وكذلك جيميل .

توكولتي : جيميل !

الزوجة : رغم المخاطر التي تحيط به .

توكولتي : هذا اللعين ، صحيح أنه متهور ،
ومتسرع ،  ومجنون ، لكنه صديق ، بل
أخ .

الزوجة : " تضحك " كان هنا قبل قليل ، وقال إنك
ما إن تفتح عينيك ، حتى تلعنه ، وتلعن
الساعة التي  تعرفت بها عليه .

توكولتي : " يبتسم " لعنته الآلهة ، لقد جلدت
خمسون جلدة بسببه " يصمت " لكن ، من
يدري ، لو كان الملك عادلاً لأنصفه ، ولما
جرى ما جرى " الباب يطرق " ترى من
يكون ؟

الزوجة : لا تخف ، إنها جيميلة .

توكولتي : جيميلة!

الزوجة : لقد زارتك مرات ، كما قلت لك ، وقد
جاءتك بالطعام والفواكه الطازجة " الباب
يطرق ثانية  " من ؟ من بالباب ؟

جيميلة : " من الخارج " أنا .

الزوجة : " لتوكولتي " أرأيت ؟ إنها جيميلة "
ترفع صوتها " أهلاً جيميلة .

 

                                 الزوجة تفتح الباب ،

                                تدخل جيميلة مسرعة 


جيميلة : جئت للحظة ، فحديقة القصر تعج بـ .. "
ترى توكولتي " يا للإله أنليل .

توكولتي : أهلاً جيميلة .

جيميلة : توكولتي " تقترب منه " يا للفرح ، ها
أنت بخير .                                                                

توكولتي : " يرمق الزوجة بنظرة ممتنة " والفضل
لكم جميعاً ، أشكرك جيميلة .

جيميلة : بل الشكر لك .

توكولتي : لقد أخبرتني زوجة البستاني ، بأنك
زرتني مرات ، وأنك ..   .

جيميلة : توكولتي أنت أخ عزيز .

الزوجة : " لتوكولتي " ولا تنس ما جاءت به من
أزهار وفواكه وطعام .

جيميلة : هذا أقل ما يستحقه توكولتي . 

توكولتي : أما جيميل ..   .

الزوجة : ما أطيبه " تتضاحك " أنت تعرف مقدار
حبه وتعلقه بك .

جيميلة : لا تزعل منه يا توكولتي ، وسامحه إن
أخطأ .

توكولتي : لست زعلاناً منه ، بل وأعتقد أنه برئ
مثلي . 

جيميلة : " فرحة " توكولتي .

الزوجة : كان هنا قبل قليل .

جيميلة : " تنظر إلى توكولتي " جيميل ! 

توكولتي : المجنون ، جاء لزيارتي .

جيميلة : " قلقة " يا ويلتي .

الزوجة : ما الأمر ، يا بنيتي ؟ ما الأمر ؟

جيميلة : كم أخشى أن يكونوا قد رأوه ، وقبضوا
عليه .

الزوجة : لا يا بنيتي ، لا تقولي هذا .

جيميلة : إن حديقة القصر تعج بالحرس ، منذ
الصباح الباكر .

الزوجة : يا إلهي .

توكولتي : جيميلة .

جيميلة : سيقتلونه إذا قبضوا عليه .

الزوجة : لن يقبضوا عليه .

توكولتي : اذهبي يا جيميلة ، أخشى أن يأتي
الحرس ،  ويروك هنا .

الزوجة : جيميل ذكي وشجاع ، ولن يستطيعوا
القبض عليه .

توكولتي : جيميلة .

جيميلة : " تتطلع إليه " ....

الزوجة : بنيتي ، أنت تعرفين كم أحبك ، لكن ..         

                    " مترددة" اسمعي الى ما يقوله
توكولتي.

توكولتي : انني اخاف عليك ، اذهبي .

جيميلة : أنتما محقان ، علي أن اذهب " تتجه نحو
الباب"  فلأفضل أن لا يرونني هنا .

توكولتي : أسرعي يا جيميلة " ترتفع أصوات في
الخارج" إنهم قادمون ، أسرعي ،
أسرعي .

جيميلة : " عند الباب " سأزورك في وقت لاحق
" تلوح له " إلى اللقاء .                                                                                      

الزوجة : " تربت على ذراعها " اذهبي برعاية
الآلهة ،  اذهبي .


                           جيميلة تخرج مسرعة ،

                             الزوجة تغلق الباب 


الزوجة : أيها الإله الطيب أنليل ، احمها ، احمي
جميلة ، حتى تعود سالمة إلى داخل القصر
" الباب  يطرق بشدة " يا ويلتي .

توكولتي : " يعتدل قلقاً " ترى من يكون ؟

الزوجة : لعلهم الحراس " الباب يطرق بشدة ثانية
" نعم  ، إنهم الحراس .

الضابط : " من الخارج " افتحي الباب .

الزوجة : " عند الباب " من ؟ من بالباب ؟

الضابط : " يطرق الباب بشدة " افتحي الباب وإلا
                    كسرته.

الزوجة : تمهل ، سأفتحه " تفتح الباب " أهلاً
ومرحباً ،  تفضل .


                           الضابط يدفع الزوجة 

                         جانباً ، ويدخل بانزعاج 


الضابط : أخبريني ، لماذا تغلقين الباب ؟

الزوجة : إنني امرأة عجوز ، وأبقى وحدي في
الكوخ طول النهار .

الضابط : مهلاً ، مهلاً ، هذا سبب غير معقول ،
                    والمعقول أنكم تخبئون شيئاً .

الزوجة : ماذا يمكن أن نخبئ ؟ الكوخ أمامك فتشه
كما تشاء .

الضابط : " يرى توكولتي " آه توكولتي .

توكولتي : " بصوت واهن " سيدي الضابط .

الزوجة : فتش الكوخ ، فتشه .

الضابط : مهلاً ، مهلاً ، أنت محظوظة إذا كنت قد
خبأت توكولتي وحده .

الزوجة : توكولتي ليس هارباً من وجه العدالة
لأخبئه ، إنما استبقيته عندي ، لأعنى به ،
حتى يشفى .

الضابط : وما شأنك أنت ؟ إن لتوكولتي أماً ،
أصغر منك سناً ، وتستطيع أن تعني به
أفضل منك .

الزوجة : الحقيقة خفت عليها ، فأخذته عندي .

الضابط : وزوجك ؟

الزوجة : زوجي ، كما تعلم ، بستاني عجوز ،
وهو لا  يهتم إلا بعمله في حديقة القصر .

الضابط : الأفضل أن يبقى في حدود عمله و إلا .. 

الزوجة : " تطرق رأسها صامتة " ....                                                                          

الضابط : قبل قليل ، رأينا فتاة شابة ، تتسلل من
كوخكم .

الزوجة : " تنظر إليه خائفة " ....

الضابط : جيميلة .

توكولتي : جيميلة !

الضابط : نعم جيميلة .

الزوجة : آ ه جيميلة ، إنها فتاة حنونة طيبة ،
تزورني  بين حين وآخر ، وتقدم لي يد
المساعدة ، في شؤون البيت .

الضابط : مهلاً ، مهلاً الملك إذن جاء بها إلى
القصر لتقدم لك يد المساعدة ؟

الزوجة : لا يا سيدي ، لا أعني ..   .

الضابط : مهما يكن ، فهي الآن بين أيدينا ،
وسرعان ما  سنعرف الحقيقة .

توكولتي : سيدي ..  .

الضابط : " ينظر إليه " ....

توكولتي : صدقني ، إنها فتاة طيبة ، بريئة . 

الضابط : بقدر ما أنت طيب وبريء .

توكولتي : " خائفاً قلقاً " إنني .. إنني ..    .

الضابط : أنصحك أن تخرج من هذا الكوخ ،
وتذهب إلى بيتكم ، إن أمك ستعنى بك ،
دون أن تتعرض إلى أية شكوك أو
مخاطر . 

توكولتي : سيدي .


                              الضابط يخرج مسرعاً ،

                                ويغلق الباب وراءه 


الزوجة : يا ويلتي سيؤذونها ، سيؤذون جيميلة .

توكولتي : " يحاول النهوض " الأمر خطير ، لا بد
أن أفعل شيئاً ، مهما كلفني الأمر .

الزوجة : " تمنعه من النهوض " ابق ، ابق في
مكانك ، أنت مريض .

توكولتي : " يرقد متألماً " هؤلاء الأوباش ، لا
يفرقون بين مجرم وبريء " يخفت صوته
بالتدريج " وبدل أن " يعاقبوا المجرم " ..
يعاقبوا .. البريء .

الزوجة : " تسرع إليه " يا ويلتي ، لقد أغمي عليه
من جديد .

 

                       الزوجة تبكي ، الأضواء 

                           تتلاشى شيئاً فشيئاً 

                                   إظلام

                                                                                                             

المشهد السادس 

    

 

                                قاعة العرش ، المــــلك

                               وحده ، الحارس بالباب


الملك : " يسير منزعجا " تأخر الكاهن كعادته ،
إننــي ملك نيبور ، وعلى الجميع أن ينفذوا
ما آمـــر به في الحال ، لتأخذه الالهة هو
وكرشـــــــــه وعادته " يتوقف " جيميل ،
أيها المراوغ اللعين ، لن تفلت من شركي
هذه المرة " يسير" ستأتي مثلما يأتي الدب 
إلى العسل ، وعسلك فتاتك ، فتاتك الحلوة
جيميلة " يتوقف منفعلاً " آه أمي ، ما
حاجتك أنت إلى هذا العسل ؟ " يسير" أين
هذا اللعين؟ لابد أنه الآن يحشو كرشه
الضخم، بما لذ وطاب من الهدايا ، اللعين
،إنه ينال من الهدايا ،بإسم الآلهة ،أكثر
                  مما أناله ، أنا ملك نيبور ،وسليل الإله
انليل نفسه " يصيح " أيها الحرس . 

الحارس : " يلتفت  إلى الملك " مولاي . 

الملك : الكاهن ال .. ، لقد تأخر . 

الحارس : مولاي ، أرسلنا في طلبه ،بناء على
أمرك ، ثلاث مرات .

الملك : أرسلوا للمرة الرابعة " يصيح "
وستكون الأخيرة . 

الحارس : أمر مولاي " يخرج " 

الملك : سيأتي بعد قليل ، وكرشه يختض
كالقربة ، وسيقول لي ، إنه كان يسعى من
أجلي ، ومن أجل نيبور ، و ... 

الحارس :  " يدخل مسرعاً " مولاي .

الملك : الكاهن ؟ 

الحارس : لا يا مولاي . 

الملك : يا للآلهة .

الحارس : أرسلنا من يستعجله ، يا مولاي ،
وسيأتي  حـالا.

الملك : هذا ما أًسمعه منذ ساعة.

الحارس : عفواً مولاي.. .

الملك : ماذا أيضا!                                                                             

الحارس : " يشير الى الباب" الملكة الام.

الملك : آه الا يكفيني جيميل ؟

الحارس : " يقف صامتا " .....

الملك : فلتتفضل .

الحارس : أمر مولاي " يســــــرع الى الباب " تفضلـــي ،  تفضلي مولاتي . 


                                 تدخل الملكة الام،

                                وتقترب من الملك


الملكة الام : " غاضبة " أريد أن أعرف ما الذي
يجــــــري حولي في هذا القصر ؟ أم انني
لست الملكـــــة  الام ؟

الملك : لا ، لا ، أنت أمي ، و أم نيبور كلها ،
لكن مـــا  يجري هنا ، كما تعلمين ، هو
من شأن المــلك ،  ورجال الملك ، و ..

الملكة الأم : إنني لا أتحدث عن شؤونكم ، أنتم
الرجــــــال ، والتي تقيمون بها الدنيا
وتقعدونها .. . 

الملك : أمي .

الملكة الأم : وانما أتحدث عن وصيفتي جيميلة .

الملك : جيميلة ؟ لا عليك ، إنها موجودة ،
وسنعيــــدها اليك قريبا .

الملكة الأم : قيل لي أنها تكاد تموت ، وأنا لا أحب أن
تموت  وصيفة من وصيفاتي ، على يد
أحد غيري.

الملك : ما قيل لك يا أمي كذب ، وليس لك أن
تصدقيه، حتى لو قاله لك كاهن معبد
ايكور نفسه .

الحارس : مولاي .

الملك : نعم .

الحارس : الكاهن يا مولاي .

الملك : ها هو أخيرا " يتمتم " لتأخذه الالهة
"للحارس"  دعه يدخل بسرعة .

الحارس : أمر مولاي " يسرع الى الباب " تفضل
يــــــا سيدي، تفضل .


                                 يدخل الكاهن لاهثا ،

                                الملك يحدق فيـــــــه،


الكاهن : لعلي تأخرت بعض الشيء يا مولاي "
ينحنـــي  للملكة الام " عفوا مولاتي ،
أنعمت صباحــــا .

الأم : " تهز رأسها ناقمة " ....

الكاهن : لا بأس أن أتأخر قليلا ، إنني أعرف أن
جلالتك ستسامحني ، مادام تأخري
لخدمتكم ، وخدمـــة نيبور المقدسة.                                                                           

الملك : دعني الان من كل هذا ، أريد جيميل .

الكاهن : الشراك منصوبة له في كل مكان ،
والطعــــــم العسل في مكانه ، يتضوع ،
ويتوجع ويطــــلب  لخلاص.

الملك : " يشير له خلسة أن أسكت " .....

الكاهن : ما أروعه من طعم ، إن عشتار .. .

الملك : " يتنحنح متضايقا " احم ، احم .

الكاهن : أعني يا مولاي ، إننا سنجذب جيميل ،
بهـــــذا  الشرك الجيميل ، ونقبض عليه ،
و.. .

الملكة الأم : لن تقبضوا عليه .

الكاهن : مولاتي.

الملكة الام : وبدل شراككم الحمقاء هذه ، لنتنازل له
عــــــن جيميلة ، ونتركه يبتعد بها عن
نيبور .

الملك : " يصيح " مستحيل .

الكاهن : مولاتي ، هذا يتعارض من هيبة الملك ،
وهيبة مدينتنا المقدسة نيبور .

الملكة الام : لن يبقى للملك أو لنيبور هيبة ، إذا
استمريتــــم على ملاحقتكم المضحكة
وغير المجديــــــــــة  لجيميل.

الملك : أمي .

الملكة الأم : أسمع كلامي ، أنا الملكة الام ، أمك ،ولا
تسمع هذا.. " تشير الى الكاهن ".

الكاهن : مولاتي ، أرجوك .

الملك : أمي ، ليتك تعودين الى ضيوفك ،
وتتركيـــــن شؤون الرجال لنا نحن ..

الملكة الأم : لقد أخطأت منذ البداية ، ما كـــــــــــــان
لك أن تسخر من جيميل ..

الملك : أمي ، أرجوك .

الملكة الام : ثم ليس لي ضيوف .

الملك : كاهن ايسن.

الملكة الأم : إنه ضيفك ، وضيف كاهنك ، وليس
ضيــــفي "تتجه الى الخارج " الأفضل أن
أعود الـــــى جناحي " عند الباب "
والويل لمن يصـــــــيب جيميلة بخدش.

الكاهن : " ينظر الى الملك " ......

الملك : في أمان الالهة يا أمي ، في أمان الألهة .

 

                             الملكـــة  الام  تشيــــــح 

                             عنهما ، وتخرج غاضبة


الكاهن : مولاي ، الملكة الأم .

الملك : دعك منها ، إنها امرأة مسنة ، المهم الآن
                    ودائما هو.. جيميل.

الكاهن : عفواً .. مولاي ، إنني أخشى .. .                                                                            

الملك : لا تخش شيئا ، دعك من الملكة الام ،
حدثني عن .. .

الحارس : مولاي .

الملك : نعم .

الحارس : "يقترب من الملك "مولاي بالباب كاهن
غريب، يريد مقابلة سيدي الكاهن.

الكاهن : كاهن غريب ! ترى من يكون ؟

الملك : لعله كاهن لارسا ، لقد حان موعد
زيارته ، اذهب وقابله .                     

الكاهن : عن إذنك .

الملك : تفضل .

الكاهن : لا أرى لماذا لم يطلب الاذن ، ويدخل
مباشرة "يتجه نحو الباب " سأراه ، وأعود
به حالا  "يخرج"

الملك : هؤلاء الكهنة ، لولا ما يحيط بعضهم من
قدسية ل.. ، مهما يكن ، فأن هذه القدسية
لا تضرنـا إن لم تكن تفيدنا ،في التعامل
مع رعايانــــــــــا "يصمت " جيميل ، إذا
افلت من هذا الشــرك، سأنفذ حكم الإعدام
بقائد الحرس ، أو بالكاهن ، لا ، لا ، ليس
الكاهن ، رغم أنه يستحـــــــــــق الاعدام
أكثر من غيره ، إن الاله انليل يحميه ،

                     وأنا أخاف انليل  "بانزعاج "أيها الاله
انليـــل ،  إنني سليلك ، نطفة منك ، فلماذا
تترك هـــــــذا القرد جيميل يعبث بي "
بغضب "الويــــــــــل لجيميل لو .. .

الحارس : مولاي .

الملك : نعم.

الحارس : أمر مولاي " عند الباب " تفضلا .


                              يدخل الكاهن ، وجيميل

                             في  ثيــــــاب لكاهــــــن


 جيميل : تمهل " يشد الكاهن " لنغلق الباب "
يغلق الباب من الداخل " والان نحن
وحدنا .

الملك : ماذا ؟ ماذا يجري ؟

الكاهن : مولاي ، شرك .

الملك : وقع جيميل ؟

الكاهن : بل وقعنا نحن .

الملك : " ينظر الى جيميل " .....

جيميل : صدقه وإن كان قليلا ما يصدق .

الملك : ماذا !

جيميل : طبيبك جاءك اليوم كاهنا .

الملك : " ينظر الى الكاهن " ......                                                                                    

الكاهن : خنجره في خاصرتي .

الملك : "بصوت مختنق " لن تفلت هذه المرة ، سأنادي
                    الحرس " يرفع صوته " أيها ...

جيميل : " يثب نحو الملك ، ويضع الخنجر فوق
عنقه " كلمة أخرى وتكون الى جانب
الآلهة ايرشكيكال ، في العالم الاسفل .

الملك : " مرتعبا " أيها الكاهن .

الكاهن : " لجيميل " تعقل يا بني ، تعقل ، تعقل .

جيميل : سأقدمه قربانا الى الاله انليبل بدل
عنزتي ، إلا إذا نفذتم شرطي .

الكاهن : شرطك !

جيميل : جيميلة ، أريد جيميلة .

الكاهن : " ينظر الى الملك " مولاي .

الملك : " يحاول التملص منه " سأقتلك أنت
وجيميلة ، وكل من يمت لكم بصلة .

جيميل : " يضغط بخنجره على عنق الملك "
خنجري هذا سيريك العالم الاسفل على
الفور .

الملك : " مرتعبا " أيها الكاهن .

الكاهن : " لجيميل " بني ..

جيميل : جيميلة .

الكاهن : دعنا نتفاهم .

جيميل : " يضغط بخنجره على عنق الملك  ثانية
" جيميلة والا ..

الملك : " مرتعبا " آ..ي .

الكاهن          : مولاي . 

المك            : " يحدق فيه متردداً ".... 

الكاهن         : إن حياتك يا مولاي ، أكثر أهمية لمدينتنا
نيبور من أي شيء آخر.

الملك           : " يلوذ بالصمت ".... 

الكاهن         : لنعطيه ما يريد ،لنعطيه جيميلة . 

الملك          : " يطرق صامتاً " ....

الكاهن        : مولاي . 

الملك          : " يهز رأسه موافقاً " ....

الكاهن     : حسن يا مولاي " لجيميل " أبعد خنجرك
،  ولنتفاهم .

جيميل       : أريد جيميلة هنا حالاً .

الكاهن       : سنرسل في طلبها . 

جيميل       : وأريد إخراجها من نيبور مع من أثق به. 

الكاهن      : " ينظر إلى الملك " مولاي . 

الملك     : نفذوا ما يريده . 

الكاهن      : أمر مولاي " لجيميل " أبعد خنجرك . 

جيميل      : سأبعده " يبعد الخنجر عن عنق الملك "
حذار ، ما ال الخنجر في يدي .                                                                            

الكاهن      : أيها الحارس .

الحارس    : " يفتح الباب" سيدي . 

  الكاهن      : أرسل إلى كبيرة الوصيفات ، ولتأت في
الحال ومعها جيميلة . 

الحارس       : أمر سيدي " يهم بالانسحاب " .

جيميل : اغلق الباب .

الحارس : " ينظر إلى الملك " ....

الملك : اغلقه .

الحارس : أمر مولاي " يغلق الباب " ..

الكاهن : ستأتي كبيرة الوصيفات بجيميلة ، بعد
قليل ، خذها حيثما تشاء ، وليطوَ هذا
الأمر إلى الأبد .

جيميل : هذا ما أرجوه .

الملك : " يحدق فيه " ....

جيميل : وأرجو أن يكون جلالة الملك قد إنتفع
من علاجي .

الملك : " يشيح عنه غاضباً " ....

جيميل : ومن تلك الليلة الليلاء .

الكاهن : جيميل .

الملك : لقد تناسيت أنني ملك المدينة المقدسة
نيبور ،  سليل الإله أنليل .

جيميل : وتناسيت أنت ، يا سليل الإله أنليل ،
أنني مواطن مسكين ، فقير ، بعت ثيابي
لأشتري عنزة ، وأقدمها لك هدية .

الملك : " يحدق فيه ناقماً " ....

جيميل : لقد أهنتني مرة ، وجرحت كرامتي
جرحاً بليغاً ، فصممت أن ...

الحارس : " يفتح الباب " مولاي .

الملك : فلتدخلا .

الحارس : كبيرة الوصيفات جاءت وحدها ، يا
مولاي .

جيميل : وجيميلة ؟ 

الحارس : " ينظر إلى الملك " ....

الملك : فلتدخل كبيرة الوصيفات .

جيميل : حذار من الخديعة فخنجري ..   .

الكاهن : صبراً يا بني ، هاهي كبيرة الوصيفات ،
                    وسنعرف منها الحقيقة .


                               تدخل كبيرة الوصيفات ، 

                                 وتنحني مترددة للملك 


كبيرة الوصيفات : " تنحني للملك " مولاي.

جيميل   : " يغلق الباب " أين جيميلة ؟

كبيرة الوصيفات : " تنظر إلى الملك " ....

الملك     : أرسلنا في طلبك ، وطلب جيميلة .                                                                                 

كبيرة الوصيفات: عفواً مولاي  ، جيميلة اختفت من
                    القصر، قبل قليل . 

الملك   : اختفت ! 

كبيرة الوصيفات  : نعم يا مولاي .

الكاهن            : " ينظر إلى جيميل " ....

جيميل : أنت تعرفين مكانة جيميلة عندي .

كبيرة الوصيفات: أعرف .

جيميل : أصدقيني إذن ، أصدقيني . 

كبيرة الوصيفات: صدقني ، كل ما أعرفه ، أنها لم
تعد موجودة في القصر .

جيميل : حسن ، اذهبي .

كبيرة الوصيفات : " تنظر إلى الملك " ....

الملك : " يبقى صامتاً " ....

الكاهن : اذهبي يا ابنتي ، اذهبي .

كبيرة الوصيفات: " تنحني للملك " مولاي .

الملك : " يبقى صامتاً " ....


                           كبيرة الوصيفات تخرج 

                              جيميل يغلق الباب


جيميل : والآن أخبراني ، أين جيميلة ؟

الملك : " يتلفت متوجساً " ....

الكاهن : ثق يا ولدي ، لا أنا ولا الملك ، نعرف
أين هي.

جيميل : " ينقض على الملك ، ويضع الخنجر
على عنقه " أريد جيميلة .

الملك : " خائفاً " أيها الكاهن .

الكاهن : تعقل يا جيميل ، تعقل .

جيميل : " للملك " سأقتلك وليحدث ما يحدث .

الكاهن : يا ولدي لا تخطئ بحق من أخطأ بحقك ،
هذا ما قاله الإله أنليل .

جيميل : " يحدق فيه صامتاً " ....

الكاهن : و  مهما يكن ياجيميل ، فهو مليكك ،
ونيبور ا لمقدسة مدينتك ، وأهالي نيبور
أهلك . 

جيميل         : جيميلة . 

الكاهن        : بحق جيميلة يا ولدي ،إحتكم إلى عقلك ،
لا إلى غضبك .

جيميل         : " يرخي يده قليلا ً" .... 

الكاهن        : ليتقدس انليل .

الملك          : " يثب مبتعداً " أيها الحارس . 

الحارس      : " يفتح الباب " مولاي . 

الملك         : " مشيراً إلى جيميل " أقتل هذا اللص . 

الحارس     : " يندفع نحو جيميل برمحه " أمر
مولاي . 

الكاهن       : مزقه برمحك ، مزقه . 

جيميل       : " يراوغ الحارس " ....                                                                                  

الملك        : " يصيح بأعلى صوته " أيها الحارس . 

الكاهن      : " للحارس " هاجمه ثاية ، ومزقه .

الملك       : " يصيح ثانية " أيها الحارس .

الحارس : "يهاجم جيميل " .....

الكاهن : مزقه ، مزقه .

جيميل : "يكلم الحارس بقبضته " .......

الحارس : "يتهاوى على الارض " ......

الكاهن : ها هم جاءوا ، الضابط والحرس .

الحارس : "ينهض بصعوبة "......

الملك : أيها الحراس ، أسرعوا ، أسرعوا 

جيميل : "يهرب من الباب الجانبي" 


                           يدخل الضابط مسرعا ،

                          ومعــــه ثلاثة حــــراس 


الضابط : مولاي.

الملك : طاردوا جيميل " مشيراً الى الباب "
هرب من هنا ، طاردوه.

الضابط : أمر مولاي " مسرعا نحو الباب "
اتبعوني .

الملك : هيا ، طاردوه ، أريده حيا أو ميتا ، هيا ،
هيا .

الضابط : " يخرج يتبعه الحرس ".....

الحارس : مولاي .

الملك : "يصيح به " قف أنت بالباب .

الحارس : أمر مولاي " يقف بالباب " 

الملك : " يلتفت الى الكاهن " وأنت ، لا تبق
جامدا ، افعل شيئا ، هيا تحرك .

الكاهن : " حائرا "أمر مولاي " يتجه نحو الباب
" سأخرج الى شوارع نيبور ، واحرض
الناس ضد هذا الكافر الار قد الدجال ال ..
" يخرج  مسرعا "

الملك : " وسط القاعة " لن يهدأ لي بال إذا لم
أقبض على جيميل هذا وأجعله عبرة لمن
يعتبر .


                          الملك يصمت ، ويسير

                          منفعـــلا ذهابا وايابــا



                                      إظلام 









      








                                                                                


النهاية


                                  منطقة ريفية ، قـــرب 

                                 الاهوار ، المسرح خال


العنزة : " من الخارج " ماع .. ماع .. ماع .

الجدة : " تدخل متعبة " هذه العنزة الرعناء ،
أين اختفت ؟ فليأكلها الذئب ويخلصني
منها .

الذئب : " من بعيد" عوووو .

الجدة : " تتوقف خائفة " يا الهي ، ذئب ، أم هو
                      جيميل؟ أخذته الالهة ايرشكيكال ،لا
أحد فـــــي نيبور يحاكي مثله صوت
الذئب ، وصوت .. .

العنزة : " من الخارج " ماع .. ماع .. ماع .

الجدة : العنزة ، عنزتي ، لا ، لعله جيميل،
أخذتــــــــه الالهة" تتجه مسرعة الى
الخارج " فلأســــرع  الى عنزتي، قبل أن
يسبقني الذئب اليهــــــــــــا " تخرج " 



                          المسرح خال ، صمت ، 

                          يدخـــل جيميل متعبــــا


جيميل : لا أثر حتى الان ، لعلهما سلكا طريقا
آخر ، أو ضلا وسط الهور ، أو افترستهما
الضواري ، هذا إن كانا قد خرجا أصلا
من نيبور يصمت" انني متعب ، فلأرتاح
هنا قليلا ، ثم أواصل السير " يصمت "
ترى من ساعدهما على الهرب من القصر
؟ ثم من يكون ذلك  الشاب ، الذي هربت
معه ؟ حقا إن المرأة بئر مظلم ، عميق ،
لا قعر له " منفعلا " سأقتلها ، لا سأقتله
أولا ، وبعدها .." مهددا " جيميلة ،
                  أنا جيميل ، لقد دوخت ملك نيبور نفسه ،
لن تفلتي.. "يصمت" لا ،لا، جيميلة لن
تقدم على هذا ، إلا  إذا جنت .

العنزة : " من الخارج " ماع .. ماع .. ماع .

جيميل : إنني اعرف هذا الصوت ، إنه ليس
صوتي .

العنزة : " من الخارج " ماع .. ماع .. ماع .

جيميل : يا للإله انليل ، أيعقل أنه صوت عنزة
..؟

العنزة : " من الخارج " ماع .. ماع ..ماع .

جيميل : يا لغبائي ، إنها هي ، عنزة الجدة "يتجه
إلى الخارج " فلأذهب وأتأكد "يخرج"          

                                                                                                                  

                           المسرح خال ، يدخـــــل 

                         توكولتي وجيميلة متعبين


جيميلة : أكاد أموت من التعب ، لنرتح هنا قليلا ،
يا  توكولتي .

    توكولتي : أنا أيضا متعب ، متعب جداً " يتوقف"
جيميل ،   ليلعنك الإله نسكو .

جيميلة : لا ترفع صوتك " مبتسمة" قد يسمعك
جيميل ،  وعندها.. .

توكولتي : يبدو أنني طول العمر لن أتخلص منه
ومن.. آه أنتما الاثنان ستقتلانني ،
وترسلاني قبل الأوان إلى العالم الأسفل جيميلة : آه منك يا توكولتي.

توكولتي : مهما يكن ، هذا ما قدرته علي الآلهة ،
وليس لي إلا الرضوخ له "يصمت"
جيميلة .

جيميلة : نعم .

توكولتي : لقد فكرت طويلاً ،لكني لم أفهم موقف
الملكة  الأم.

جيميلة : أنا أيضا لم أفهمه ، صحيح أنها طيبة
القلب أحيانا، إلا إنها شديدة القسوة معظم
الأحيان .

توكولتي : لولاها لما استطعنا الهرب .

جيميلة : "تحدق في الارض" توكولتي .

توكولتي : " يصمت ناظراً إليها "....

جيميلة : تعال ، تعال .

توكولتي : " يقترب منها " لنرتاح قليلاً ، إنني
متعب. 

جيميلة : أنظر ، أثار أقدام .

توكولتي : " ينظر حيث تحدق" هذه على الأغلب
آثار أقدام تيس أسود .

جيميلة :"محتجة " توكولتي.

توكولتي : أنت محقة ، فللتيس أربعة أقدام ، وليس
ثلاثة .

جيميلة : كلا ، هذه أثار قدمي جيميل ، إنني
أستطيع أن  أميز آثار قدميه المفلطحتين
من بين آثار ألف  قدم .

توكولتي : من يدري ، ربما أنت محقة " يسير
متتبعاً الأثر" ابقي أنت هنا ، سأتتبع آثار
قدميه ، لعله في مكان قريب " يخرج "
سأعود بعد قليل .

جيميلة : يا لتوكولتي ،لولاه ،ولولا الملكة الأم ،
لبقيت حبيسة القصر ، ربما إلى الأبد .


                             يدخل جيميل ، ويقف 

                              محدقا في جيميلة 


جيميلة : آه ما أعذبه ، ما أروعه ، ما أجمله ، ما
أرق  مشاعره ، ما .. .                                                                   

جيميل : " بحدة " جيميلة .

جيميلة : هذا جيميل " تلتفت " جيميل .

جيميل : أخبريني أولا .. .

جيميلة : "تتقدم منه " جيميل .

جيميل : من هو هذا ال .." يحاكيها " ما أعذبه ،
ما أروعه ، ما أجمله " غاضبا " سأمزقه
أمام ناظريك ، ثم ..

جيميلة : "فرحة لغضبه " آه جيميل .

جيميل : " مازال غاضباً " إنني أحبك ، نعم ،
طيب القلب  ، ربما ، لكني لم أكن ، ولن
أكون ، أبله .

توكولتي : " يدخل مصغيا إلى جيميل " .....

جيميل : والآن ، أخبريني ، من هو ال ..

جيميلة : جيميل .. .

جيميل : أخبريني وإلا .. .

توكولتي : جيميل .

جيميل : " يجمد مندهشا " .....

توكولتي : إنني معك ، أنت لست أبله يا جيميل ،
وإنما  مجنون .

جيميل : " يلتفت اليه " توكولتي .

توكولتي : " يتقدم منه قليلا " نعم ، توكولتي .

جيميل : أهو أنت ال .." يحضنه " صدقني إنني
لست مجنونا فقط ، بل أبله أيضاً .

توكولتي : " ينظر إلى جيميلة "....

جيميلة : لا تؤاخذه ، إنه مازال تحت تأثير
الصدمة .

جيميل : " يقترب منها " قالت لي الوصيفة ،
صديقتك ، أنك هربت مع شاب لم تعرفه
، وأنك قلت لها أنكما ستذهبان الى
الأهوار . 

توكولتي : هربت بها إلى هذا المكان ، الذي كان
يحلم به  ثور أبله .

جيميل : " يشد على ذراعيه " توكولتي .

توكولتي : لم تتوقع هذا مني ، كما لم أتوقعه من
نفسي "  يصمت " لقد غيرني الملك نفسه
، حين عاقبني دون ذنب ، فقررت أن أجن
مثلك ، فتسللت إلى  جيميلة ، وهربنا معاً
من القصر .

جيميلة : لا تنس الملكة الأم ، لولا مساعدتها لما
استطعنا  الهرب .

جيميل : الملكة الأم !

توكولتي : نعم ، تصور ، لابد أنها جنت مثلنا .

جيميل : أشكرك يا توكولتي ، أشكرك .

جيميلة : " تقف إلى جانب جيميل " وأنا أيضا ،
أشكرك  من كل قلبي .

توكولتي : " يتأمل ما حوله" هذا المكان جميل ،
ومياه الهور قريبة ، إنني أشم من هنا
رائحته العذبة.                                                                              

جيميل : أنا وجيميلة ، سنبني لنا بيتا قرب مياه
الهور ،وسيكون لنا .. .

توكولتي : أطفالاً مجانين مثلكما " جيميل وجيميلة
يضحكان  " وستضحكان أكثر عندما
أذهب إلى نيبور ،  وأعود بأمي إلى هنا .

جيميلة : لا تنس أن تأتي لك بزوجة .

توكولتي : لن أنسى طبعاً ، وإلا كيف سيكون لي
أطفال أنداد لأطفالكم "جيميل وجيميلة
يضحكان" اضحكا حتى أعود من نيبور
بأمي "يتجه إلى الخارج" سأعود سريعاً ،
انتظراني .

جيميل : "يصيح " توكولتي .

توكولتي : " لايتوقف .....

جيميل : بلغ أمك محبتي ، ولا تنسى الكعك .

توكولتي : لعنتك الآلهة " وهو يخرج " أنت لا
تحب من  أمي إلا كعكها "جيميل وجيميلة
يضحكان " 

جيميل : " يكف عن الضحك " جيميلة .

جيميلة : " تكف عن الضحك " جيميل .

جيميل : قرب حافة الهور نخلة باسقة .

جيميلة : لابد أن ظلالها الآن رطبة باردة .

جيميل : جيميلة " يمسك يدها " تعالي نتمتع
بظلالها .

جيميلة : هيا يا جيميل ، هيا .

جيميل : " يسير متطلعا إليها " جيميلة .

جيميلة : " تسير متطلعة إليه " جيميل .

العنزة : "من الخارج " ماع .

جيميلة : "تتوقف " ....

العنزة : ماع .. ماع .. ماع .

جيميلة : جدتي !

جيميل : "يتوقف " العنزة !

                  جيميلة : يا للإله انليل " تسرع نحو
مصدر الصوت "  كيف نسيتها ؟ " تصيح
" جدتي .

جيميل : مهلا يا جيميلة .

العنزة : " من الخارج " ماع .. ماع ..ماع .

جيميلة : جدتي "تخرج " جدتي ، جدتي .

جيميل : لتأخذ الآلهة هذه العنزة و.." يسرع في
إثر جيميلة "جيميلة "يخرج" جيميلة ،
جيميلة ،  جيميلة .

   

                             يختلط صوت جيميل 

                              وجيميلة والعنزة ،


                                     اظلام

                                     

                                     ستار 



                                                                                    



ايضاحات


. نيبور :برزت مدينة نيبور في الألف الثالث قبل
                  الميلاد ، كأهم مركز ديني للسومريين ،
وفيها المعبد الرئيسي لألههم انليل ،
وكانت فيها مدرسة كبرى لتعليم الكتابة .

.جيميل نينورتا: اسم بابلي ، يعني جميل الإله نينورتا ،
ونينورتا هو ابن انليل إله الحرب ،
ومركز عبادته مدينة  نيبور .

توكولتي أنليل : اسم بابلي يعني ، اتكالي هو على الإله
انليل .

نوسكو : إله النار لدى السومريين ، وابن الإله
انليل .

إكور : اسم معبد الأله انليل في نيبور .

الطبيب : من العلامات المميزة للطبيب في نيبور
،حلاقة  شعر جانب من الرأس . 

ايسن : تعتبر مدينة ايسن مركزاً لعبادة إله الطب 
                  والشفاء.

لارسا : مركز سلالة امورية خلال الربع الأول
من الألف الثاني ق .م في جنوب وادي
الرافدين ، وقد نشأت في وقت واحد مع
مملكة ايسن ،وكانت المملكتان متنافستين
خلال فترة طويلة .


                                                2 /6 /2004

                      

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق