مجلة الفنون المسرحية
وائل زكريا مصطفى / سورية
في شوارع كركوك تبدأ الحكايات و من الشوارع تبدأ الثورات و من الشارع تطرح القضايا و المواضيع . فلطالما كان الشارع ملجأ المعارضين للمطالبة بحقوقهم و الدفاع عن قضاياهم فإن مسرح الشارع هو مسرح القضايا الاجتماعية ، مسرح من الشعب و الى الشعب ومن الشعب للمسؤول مباشرة ودون اي حواجز و مسرح الشارع هو شكل من أشكال الأداء التمثيلي والعرض المسرحي في الأماكن العامة وفي الفضاءات المفتوحة ولا تشترط دفع جمهور محدد ومعين ويمكن أن يقُدم العرض في أماكن عدة مثل مراكز التسوق ، مواقف السيارات ، الحدائق العامة ، زوايا الشوارع ، وحتى امام منازل المسؤلين وأمام اي دائرة حكومية فالفضاء متاح تماما لمسرح الشارع كما يحبذ أن يكون العرض في الأماكن التي تستطيع جمع أعداد غفيرة من الناس لإيصال الوعي الاجتماعي والسياسي والثقافي عند المتلقي ولدفع حركة المجتمع نحو العدالة الاجتماعية وهنا استطاع المخرج نجاة نجم مؤسس مسرح الشارع في العراق ان يضع بصمة ثابتة لهذا الفن الخطر و الرصين كما استطاع المخرج نجاة نجم ان يقيم سبعة دورات متتالية دون انقطاع وبجهود ذاتية وفي 2024 قدم الدورة الثامنة بقوة وفجر قنبلة نووية مسرحية شعبوية فنية اجتماعية في شوارع كركوك ليجمع كافة العوائل والفنانين والسياسين ومن كافة شرائح المجتمع وبأسلوب ثقافي فني حضاري ليقنعهم ان شوارع كركوك بيت الفنانين وكركوك مليئة بالفن وان محافظة كركوك استطاعت ان تستضيف نجوم كبار من دول عربية مثل الفنانة سلمى المصري من سورية وفنانين كبار كثر من كافة الدول العربية والاجنبية من بلجيكا وفرنسا والمانيا وايران وسورية والاردن ومصر وتونس ونجوم كبار جدا من اقليم كوردستان وايضا اكادميين عراقيين ونقاد كبار لهم بصمة في عالم المسرح و مختصين في مسرح الشارع........وهنا اسمحو لي ان استنذكر ان الطبقات العمالية في الدول الاوربية مثل بريطانيا وأمريكا أستغلت المسرح لتوعية الناس بحقوقهم و واجباتهم و التاريخ يقول أن مسرح الشارع بدأ على عربة ( فيسبيس ) وهو المسرحي الأول في تاريخ المسرح اليوناني ( اسخوليوس ) و كان المسرح حينها جوّالاً يتم عرض الاعمال المسرحية في الطرقات ولكن والأهم ان الولادة الثانية للمسرح بدأت بساحات القرى والطرقات والشوارع في أوروبا ثم جاء هذا المسرح إلى الكنيسة على أيدي الرهبا ليتم فيه عرض قصة السيد المسيح ثم تم الفصل بينه وبين الكنيسة، ليخرج إلى ساحات المدن الكبرى والقرى ومن أهم الفرق الجوّالة المعروفة في العالم التي ظهرت في القرن الخامس عشر في أوروبا هي فرقة ( ماي تنغس ) حيث كانت تقدم كل العروض المسرحيّة من الجاد والكوميدي ثم تطور هذا المسرح ليعم العالم فأصبح في كل دولة في العالم على الأقل تسمّى فرقة ( المسرح الجوّال )
ان مسرح الشّارع نوعان منه من يستخدم العربات وهي عربات مفتوحة على كل الجهات حيث يقدّم العرض محمولاً على عربة وهو موجود في كل دول العالم وهو فرق تشغل تبعيات العرض المسرحي وتتنقل من مكان إلى آخر والنّوع الآخر هو عرض مسرحي من أساس التّصميم يصنع ليقدّم في الشّارع وهناك عروض مسرحيّة متّعدّدة لمعالجة كافة القضايا و الأهم ان مسرح الشّارع لا يحتاج إلى ديكور أو إضاءة أو موسيقا والتصميمات الحركيّة تكون من داخل العرض فالإضاءة هي الإضاءة العامة الصّالحة لكافّة المشاهد والدّيكور يتبدل مع الحركة ولا يحتاج إلى مناظر وكتل والملابس يتم تبديلها أمام الجمهور ضمن اللعبة الفنيّة والموسيقا تكون من داخل العرض ويؤدّيها الممثلين ولا تحتاج إلى جهاز صوت حيث تستخدم الإيقاعات الحيّة والغناء الحيّ ولكن في زمننا اصبحت الموسيقى ضرورية كي يتعامل معها الممثل حسب اختيار المخرج ولكل عمل موسيقى خاصة به... واهم ما يتميز به مسرح الشارع ان المسرح يذهب إلى الجمهور ولا يأتي الجمهور إليه وهذا شيء منفرد مميز جدا... وان مسرح الشارع في كركوك اصبح ركن أساسيا سنويا في حياة الانسان حيث يستطيع الفنان من خلال مسرح الشارع التعبير عن أفكاره بكامل حّريّته و التّحرّر من قيود المجتمع المنغلق وامام كافة السلطات والمسؤلين دون تقيد و تسليط الضّوء على القضايا العربيّة الاجتماعية والعائلية والمحلية وايضا القضية الفلسطينيّة علما ان كل العروض المسرحية في شوارع ومولات محافظة كركوك هي اعمال رصينة توعوية هادفة حيث انها هزّت شوارع كركوك بطريقة واقعية تم عرضها في الشّارع . فقد تم عرض المسرحيّات في الفضاء الواسع أمام عدد كبير ومخيف من الجمهور وايضا كان هنالك عروض داخل حرم جامعة الكتاب وبحضور الطلبة الاعزاء.... ويلعب مسرح الشارع دورا أساسّيا في تقريب فئات المجتمع من بعضها البعض و إلغاء الفارق السّياسي و الطّبقي و الطاّئفي من خلال جمعها لكل النّاس في مكان واحد مفتوح في الفضاء لا قيود و لا حواجز فيه وفي وقتنا هذا تطور مسرح الشارع واصبح ركن اساسي لايصال رسالة الى الجهات المعنية ومعالجة قضاياهم بأسلوب واقعي ان كان العمل جاد او كوميدي او احتجاجي او هذلي او توعوي او ترفيهي خاص بالاطفال واصبح مسرح الشارع منتشر في تونس والعراق ومصر والمغرب والجزائر وكثير من الدول العربية والاجنبية والهدف الرئىسي ايصال صوت الشعب وفي عام 2024 صدح صوت الشعوب ومتطلباتهم من شوارع كركوك للعالم اجمع.... كما اتمنى من الحكومة المحلية في محافظة كركوك الدعم المالي السخي لدعم هذا المهرجان الرصين الذي اصبح جزء اساسي في حياة العوائل وكافة شرائح المجتمع... و اخيرا اختم كلماتي بكبير الشكر للمخرج الكبير مؤسس مهرجان مسرح الشارع في العراق الاستاذ نجاة نجم لجهوده الجبارة وكل الحب والتقدير لنقيب الفنانين في محافظة كركوك الفنان القدير قاسم غكمين الذي كان له دور مهم في هذا الحدث العظيم وشكرا كبيرة للجندي المجهول والمنظمين لمهرجان مسرح الشارع الدولي في كركوك وكل الحب والتقدير لاهالي وعوائل كركوك لحسن الاستضافة والكرم اللامحدود وسنلتقي قريبا بعونه تعالى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق