تصنيفات مسرحية

السبت، 27 فبراير 2021

نحن المسرح /نجيب طلال

مجلة الفنون المسرحية


نحن المسرح /  نجيب طلال

كورونا ذاك  الفیروس  عبر امتداده ؛ وتوغله عبر أرجاء الكون ؛ حتى أمسى "ُمكوننا " ممالاح في الأفق ظهور سلالته ( الآن) ولربما سیظهر أحفاده في الشهور المقبلة ؛ ومن یدري ؟ ولكن
الذي ندریه جیدا أنه أفرز مفارقات غریبة وعجیبة في حیاتنا الیومیة ؛ وخاصة لدى الفنانین والمبدعین
بحیث علت بعض الأصوات في بدایة الآمر، في عریضة یتم توقیعها من طرف ( بعض) الفنانین
واستعملت ( الفایس بوك) كوسیلة للتواصل ...تطالب بفتح القاعات السینمائیة والمسارح وإعادة
الحیاة إلى هذه المؤسسات ولتفادي مضاعفة متاعب هذه الفئة، ولا سیما الذین لا یتوفرون على مدخول
آخر.؟ بحیث مر أسبوع على تلك البلبلة التي لم ینخرط فیها العدید من المسرحیین ؛ مقارنة بالتفاعل
النسبي مع العریضة الإلكترونیة الذي تقدم به أحد ( نقاد السینما ) للمطالبة بفتح القاعات السینمائیة
والسماح باستئناف الأنشطة الثقافیة؟ مقابل هذا فالوزارة الوصیة التزمت الصمت ! ولم تشر ولو
إشارة من باب إستراتیجیة التسویف ! مما التزم الكل الصمت وانعدم مفعول العریضتین ؛ لكن
الملاحظ عندي ، أن الذین طرحوا ( العریضة) موظفین لهم رقم تأجیر؛ ولم تصبهم الضائقة المالیة
؛ هنا لما ذا لم تطرح النقابات الفنیة ( عرائضها) بدل ( الفیدرالیة) التي لیست ( نقابة )
وبدل تدوینات بعضهم؛ والذین لم تصبهم كذلك لفحات الوضعیة المزریة التي یعیشها بعض الفنانین
والمهنّیین عموما، ولاسیما الرواد الذین لم یفكروا في اكتناز ( المال ) وإنشاء مشاریع خارجة عن
التصنیف ( الذاتي) ؟ هنا یتبین لنا بأننا نحن المسرح ؛ بمعنى : أننا نمارسه خارج طبیعته
ومنظوماته وضوابطه [ لنكن صرحاء مع أنفسنا ] لأننا نحتاج ( الآن) لأشخاص یقولون بثبات
ویتفوهون بلا تراجع ( كلمة صدق) خالصة . وهنا الأمر لیس عنتریة أومباهاة أوحُبا للتصدر
والتمظهر ، بل المسألة تندرج في سیاق جرأة نفسّیة، وقَّوة داخلّیة، یدفعك إیمانُك الشامخ لكي تقولها،
بكل وإباء، ورسوخٍ : بأن المسرح المغربي؛ بكثرة المناورات والخلفیات ذات البعد ( الذاتي/
المصلحي) والتلاعب بالأقنعة وممارسة المزایدات ؛ وانتظار لحظات الهجوم ،أمسى أكثر تخلفا مما
كان؛ وانزلق في وضع غیر طبیعي وحقیقي ، وضع یعكس بؤس الخیال عند جل المسرحیین ؛ فلماذا لم
يبادرالفنانون الذین صرَّحوا وَصرَخوا (( لا ، لاستمراریة إغلاق المسارح ، ودور السینما،
وقاعات العروض الفنیة، أفتحوها سنموت اختناقا )) للبحث عن بدائل لممارسة أنشطتهم؟ ألیست
هنالك الوسائط الاجتماعیة ؟ ألیس هناك مسرح الشارع ؟ أین هي تلك [الجمعیات = تعاونیات/
وكالة/ التي تتهافت عن الدعم ، فلماذا لم تبادر بتقدیم عروض مسرحیة عبر ( الافتراضي /
مع الظرفیة الوبائیة الراهنة، لضمان نسبة التواصل مع الجمهور والحضور
أونلاین وذلك تماشیا الثابت في المشهد ، باعتباره ( الآن) بدیل عن الوضعیة التي أنتجها (الفیروس) فارضا
بانتشاره إیقاعا مختلفا في مختلف القطاعات، ومنطوقا جدیدا للتوازنات الاقتصادیة والاجتماعیة
والثقافیة في العالم كله. وفي نفس الوقت ؛ فالمسرح الوسائطي/ الافتراضي یعتبر متنفسا ضد
الخواء النفسي والروحي،الذي یعیشه الممثلون كما ( یدعون) علما أن الاختناق یؤدي لا محالة
للموت ؛ ولحد الیوم لم یمت أحد من ( الفراغ) ! فالذي یكره الفراغ ، فبطبیعة دوره یبحث عن
بدائل لتبدید ذاك الفراغ ؛ ولكي لا یعیش مختنقا ولو ( رمزیا ) ؟ فالتكنولوجیا مهما اختلفنا ستبقى

هي البدیل والخیار الأبرز بالنسبة لمختلف مجالات العمل والإنتاج، بما في ذلك الفنون التي تأثرت أكثر
من غیرها بسبب الجائحة. وفي هذا السیاق قد یكون المسرح المغربي الیوم كائنا بلا معنى لأنه
معذور في تخلفه وتخلف أغلب فنانیه ومبدعیه عن الركب الوسائطي والتكنولوجي ! إلى جانب شبه
غیاب للخبرة والدربة والكفاءة التي یتطلبها التعامل مع الشبكة العنكبوتیة – انترنیت - وبالتالي عبر
هذا العطب ، كیف یمكن للمسرح أن یبرز العاهات والأعْـطاب وأن یقدم على الأقل تصورا ( ما )
لواقع اجتماعي وسیاسي آخر وهو معطوب ""مـ ْن وفـي"" مكوناته؟
فلماذا بعض المبدعین والفنانین في أقطار عربیة كلبنان و مصر والعراق رغم الاضطرابات
الاجتماعیة والفوضى السیاسیة والتفجیرات التي تعیشها بشكل مروع ومؤسف في كل لحظة ؛ أقدموا
على إنجاز عروض ومهرجانات افتراضیة نالت استحسانا وعددا هائلا من المتتبعین ؛ رغم بعض
الاعتراضات والمعارضات تجاه " افتراضي" كبدیل عن اللقاء الحي والمباشر بالجمهور[ مثلا]
مهرجان ( میسان ) المسرحي الدولي للمونودراما وتم إهداؤه للراحل المسرحي العراقي[[ سامي
عبد الحمید]] ( أو) الدورة (1 (لمهرجان مسرح الدمى بمدینة البصرة (العراق) والدورة
(27 (لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجریبي( مصر) ناهینا عن العروض المستقلة عن
المهرجانات التي وظفت عروضها - أونلاین – فهناك ( مثلا) العرض الافتراضي
"'همسات'" و الذي یعالج الواقع اللبناني من خلال نخبة من الممثلین البارزین ....
طبعا لا وجود لقیاس مع وجود الفارق ففي ربوع أوربا وروسیا فالمسارح مغلقة ، لكن العروض
مستمرة كتجربة المسرح الألماني رقمیا ، إما من خلال البث المباشر أو تسجیلات عبر الفیدیو
.لأعمال مسرحیة سبق عرضها على خشبات المسارح،؛ ومنهم من أعاد إنتاجاته بصیغة الملائمة مع
الإنترنت كمسرح شكسبیر ( بریطانیا ) لكي یبقى الفعل المسرحي والإبداعي أكثر تعبیرا عن الحیاة
والحیویة، وله وجود حقیقي ولیس بالقوة جوانیة المعنى الحقیقي للوجود.
وهنا أتساءل؛ ولا أطعن في أحد بین عیني أو نتیجة حسابات شخصیة ( قاتلة) ؛ بل أجس جزء من
كینونتي؛ وأشخص واقعا مسرحیا كما أراه مریضا ؛ ولقد كشف مرضه ( كوفید 19 (وبالتالي أین
هؤلاء المسرحیین المغاربة الذین ینظرون في النقد وفي فنون الفرجة ؛ وتقدیم أفق مسرح الشارع
ومدى أهمیته . فهل ( كورونا ) قزمت شطحاتهم وخرجاتهم الإعلامیة والندواتیة ؛ بأهمیة فنون
الشارع ؟ أم أنهم لن یستفیدوا لیس هنالك من ( أموال) طائشة ومن الجهات التي ( كانوا) ینطون
ویناورون حولها وعلیها وبالتالي یسامون أنفسهم بالت ْسعیرة (حضور) هم !! إلیها كأنهم
سمسارة لبیع الملابس القدیمة ! ألیس الآن وفي هاته الظروف لمسرح ( الشارع) أهمیته ؟
مادامت القاعات رغم قلتها مغلقة ؛ فهل المطالبة به والدفاع عنه سیخرق البروتوكولات الصحیة ؟
أم أنه سیكون جرابا فارغ الزاد للمتهافتین؟ لأن هناك في بلادنا ((فیدرالیة لفنون الشارع )) تتشكل
من عناصر ومواهب شابة. قدمت عروضها من سكناهم في إطار مبادرة ”شارع الحجر" ولا أحد
تكلم عنهم أو قدم ورقة نقدیة لیس من فئة ( 200 درهما) بل ورقة تحلیلیة / معرفیة ، بفنون
الفرجة .عبر المنابر والصحف الورقیة أو الالكترونیة ؟ وإذا عدنا قلیلا لسمة 2019 لم نجد فنانا
ق على اعتقال أحد الفنانین الشباب لمسرح الشارع ( بدر معتز)
َّ
ولا فرجویا ولا ناقدا أدان أو عل
رفقة مجموعة من الفنانین الشباب الذین واجهوا سلطة المنع لنشاطهم . لكن كانت السلطة في الأخیرة
رحیمة بإطلاق سراحهم، وإحداث میثاق أخلاقي لممارسة فن الشارع ، بكل حریة وبشكل قانوني لكل
الفنانین الذین لم یجدوا الفرصة لتقدیم أنفسهم أمام الجمهور وفي المسارح.. والتي وافقت عليه ولایة
مدینة – الدار البیضاء .

مقابل هذا وفي عز الوضعیة الحرجة التي عرفتها وتعرفها الأسر والعائلات المغربیة جراء الحجر
الصحي وانتشار فیروس ( كورونا/ كوفید19 (نجد النقابات الفنیة ترفع دعوى قضائیة ضد حریة
التعبیر التي مارسها الناشط الفایسبوكي [محمد تغرة] المعروف ب ( حمزة الحزین) الذي أدى ضریبة
سجنیة على تموقفه ورأیه في الفن والفنانین؛ تراوحت إلى شهرین ونصف( استئنافيا) بحیث اعتبرت
شكاية (الفنانین) تصریحات( الناشط) (هي) حملة تحریضیة ضدهم ، بسبب مطالبتهم بالاستفادة من
دعم صندوق تدبیر جائحة كورونا كغیرهم من المواطنین الذین تعرض قوتهم الیومي للضرر من قرار
الحجر الصحي. هنا من أساء للقطاع الفني الذي یرنو للجمال وحریة القول؟ ومن أساء حقیقة للفنانین
الذین یعتبرون أنفسهم لسان حال الناس والعباد؟
مدعاة كل هذا ؛ أن المسرح في طبیعة انوجاده بريء من عدة مسلكیات وسلوكات ؛ ومن فدلكات
وخرجات وتمویهات وتهافتا صارخا وتلوینات حربائية...أمست دخیلة في الجسد المسرحي؛ بشكل
علني وفاضح. مما أفقدته قیمته الإبداعیة والامتاعیة ونسفت بالكاد وروحانیته ؛ كروح فاعلة في
كینونة الوجود الإنساني؛ لأن رهان وجود المسرح عندنا بالمساومة المادیة ؛ ولیس بالعشق ونبل
التضحیة والكبریاء كسابق عهده ؛ بحیث الإشكالیة ذات تبعات الدعم المسرحي الذي خلفه ، فلو قدمت
وزارة الثقافة( فرضا) مشروع دعم ( استثنائي) وبناء على دفتر التحملات نحو مسرح
افتراضي / وسائطي/ سبیرنطیقي؛ لوجدنا جیشا من المسرحیین یتهافتون ویهرولون بشتى الطرق
والمسالك للوصول حول الغنیمة ؛لأننا في الأصل أصبحنا ( نحن) المسرح ولیس المسرح ب
(النحن) عبر اجتهاداتنا وتضحیاتنا ونكران الذات؛ والبحث عن بدائل ومكتسبات نبیلة ومقبولة ؛ بها
یكون ویزداد إشعاعا وإشراقا!! ومن له رأي آخر فلیدلي به .....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق