تصنيفات مسرحية

الخميس، 1 يوليو 2021

إبراهيم الهنائي: المسرح فـي المغرب يعاني من أزمة النص وأكثر

مجلة الفنون المسرحية


إبراهيم الهنائي: المسرح فـي المغرب يعاني من أزمة النص وأكثر

■■ حاوره ــ وحيد تاجا:

المسرح في المغرب (أزمة النص)، (مسرح المونودراما)، (الغرائبية في المسرح) .. هذه النقاط شكلت أهم المحاور في لقائنا مع المخرج والكاتب المسرحي المغري إبراهيم الهنائي. ويعتبر إبراهيم الهنائي من أهم الكتاب والمخرجين المسرحيين في المغرب، صدر له 8 مسرحيات منها 4 باللغة الفرنسية وقام بإخراج 15 مسرحية فضلا عن كتابته سيناريو وإخراج 3 أفلام سينمائية. ■■

✱ لماذا اشتهر المسرح المغربي بالتجريب ؟
✱✱ يكاد يكون من نافلة القول بأن التجريب يدخل عموما في العملية الإبداعية التي تخنقها المسارات المستهلكة،العملية الإبداعية في حد ذاتها تجريب وبحث عن الجديد، ليس من باب التجديد في حذ ذاته وإنما للحيوية التي يضمنها التجريب (المدروس)، فالكاتب المسرحي لا يحاول استنساخ أعماله السابقة وإلا فلن يتطور، مما لا جدال فيه أن هناك بعض الثوابت التي تجعل كتابات بيكيت تختلف عن أعمال شيكسبير لكن تبقى الكتابة، وبالتالي الإبداع، إبحار نحو آفاق جديدة، يفر نحو الغامض والمجهول، ألا يشكل اشتغالنا أحيانا على عمل ما في العمق محاولة لفهمه ؟. فالإبداع تحكمه جدلية المعروف الغامض، واشتغالنا على عمل ما يظهر لنا جليا خلال الاشتغال أننا كنا نجرب طرائق لمحاولة كشف أسرار العمل الذي نحن بصدد إنجازه ، فلو كنا نحيط بكل مكنوناته ما اشتغلنا عليه ، وهنا يأخذ التجريب مشروعيته، ثم إن تسمية التجريب في حذ ذاتها تكاد تكون قدحية بحيث قد يفهم منها التماس أعذار لفشل محتمل. لهذا قد يأخذ البعض التجريب كدفاع مسبق مع أنه ظاهرة صحية -تكاد تكون ملازمة- في المشوار الفني.
✱ هل صحيح أن بروز مسرح المونودراما تعبير عن أزمة نص…؟
✱✱ أرى أن أزمة النص أزمة مفتعلة فهي عند البعض ذريعة لكي يتم الاشتغال على متن أخرى لم تكتب للمسرح بالأساس ، اشتغال له مشروعيته الكاملة ، فلولا هذه الجرأة في الاشتغال لما استمتعنا بعروض رائعة أرضيتها نصوص لم تكتب للمسرح،على سبيل المثال لا الحصر مسرحية (الطاعون) لألبير كامو ومسرحية (سفر في نهاية الليل) للروائي سيلين اللتين اشتغل عليهما كمونودراما وبكل نجاح الممثل الفرنسي فابريس لوكيني ، (ملحمة جلجامش) التي أمتعنا بها سعدي يونس متن مسرحي بالأساس،هل المقامات ورسائل الإمتاع والمؤانسة التي اشتغل عليهما الراحل المبدع الطيب الصديقي نصوص كتبت للمسرح؟.
وأضاف : هناك سؤال آخر يطرح عندما نتناول مثل هذه المتن ما هو النص المسرحي ؟ هل هي النصوص التي بالضرورة تنحو في كتابتها منحى نصوص موليير وشكسبير وصوفوكليس ؟ هناك تطور كبير للكتابة المسرحية يجعل من مقولة (أزمة النص) مقولة متجاوزة، عن اشتغالي على مونودراما لم تكن تحكمه أزمة نص أم النظر إلى تكلفة العرض بقدر ما كان يحكمه عشق وانجذاب منذ القراءة الأولى لهذه النصوص، هناك علاقة تنشأ بين المخرج وبعض النصوص تفتح أمامك فضاءات جمالية وتسمح لك اختيارات قراءات فكرية تدفع بك للاشتغال منذ قراءاتك الأولى لعمل ما.
✱ هناك من يدعو إلى نسف النص المسرحي…؟
** الحديث عن نسف النص المسرحي يحيل على التساؤل: أي نص مسرحي؟ هل هو النص المسرحي الملتزم بقواعد النص الكلاسيكي؟ هل هو الكتابات الجديدة للمسرح والتي تفجر الحدود الأزلية للنص المسرحي؟ هل ننسف نصوصا مثل نص مسرحية (أنتيغونا) في هذا الزمن الذي منع دفن أموات أبرياء ذاب رفاتهم في المقابر الجماعية؟ هل ننسف نص بيكيت الذي ننتظر من خلاله غودو الذي ربما قد يأتي لكي لا يأتي ونحن نعيش الوعود الغوداوية لمسؤولين احترفوا المراوغة؟ هل مات البحث عن حبة الخلود وبالتالي هل ماتت (ملحمة جلجامش)؟ هل ننسف النص الذي سافر بها بين صفحاته قرونا عديدة بحثا عن خلود آخر؟ خلود الروائع الإبداعية. تبقى النصوص الخالدة خالدة صامدة أمام معاول الهدم ، تبقى مفتوحة للقراءات المتعددة ، تبقى جنبا لجنب مع تجارب لا تعطي النص نفس الفسحة في مكونات العرض ، وهذا الجميل في المسرح حيث ليس هناك مسرح بصيغة الفرد بل مسارح.
✱ تميل في اعمالك المسرحية الى أجواء غرائبية ؟
✱✱ الغرائبية مبعث للتساؤل والتساؤل مؤشر صحي للتلقي وهي صيغة اشتغال ضمن اشتغالات أخرى ليس إلا وهناك بعض النصوص تسمح أكثر بمثل هذه الاشتغالات عندما اشتغلت على مسرحية (فاطما) اعتمدت سينوغرافيا (شبه واقعية) أما في مونودراما (باي باي جيلو) فارتأيت تأثيث النص بأشرعة بيضاء كتبت عليها بالخط العربي مقاطع من مؤلف النفري (المواقف) كان استدعاء هذه الأشرعة البيضاء إحالة على أن الشخصية ترفض هويتها الأصل عبر رفضها لاسم (الجيلالي) لتبحر بحثا عن هوية غربية باختيارها اسم (جيلو).
من هنا فاستدعاء عناصر غرائبية تحكمها طبيعة النص والرؤية الإخراجية وليست مطلبا ثابتا وملحاحا، الغرائبية ليست هدفا في حد ذاته حيث يمكن أن تسيء إلى العرض بدل إغنائه إذا لم توظف في مكانها ، الغرائبية ليست إبهارا حيث الإبهار لا يتجاوز الرؤية اللحظية حيث ينمحي سريعا مع إسدال الستارة.
✱ كيف ترى تناول النقد المسرحي لأعمالك.. هل استفدت منه …؟
✱✱ لم أستفد منه الكثير وذلك لندرته ولكن استفدت من الناقد المجهول (الرائع ) الكبير الجمهور، لا أجعل من المتابعة النقدية لأعمالي عقدة لا سيما والكل يعلم كيف يتحرك أغلب النقاد المنتقدين، هذا لا يخفي وجودا متميزا لنقاد حقيقيين والذين سيبقون قدوة، نقاد يتناولون الأعمال بالدراسة.
____________________
المصدر : الوطن 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق