الكاتب طلال حسن |
مسرحية للأطفال " ملك الغابة " تأليف طلال حسن
المشهد الأول
عرين الأسد ، الأسد
في فراشه ، يبدو قلقاً
الأسد : لا أثر للثعلب ، هذا اللعين ، الويل له إذا
.. " يصيح " أيها النمر .
النمر : " يدخل فوراً " مولاي .
الأسد : " بصوت واهن " تأخر الثعلب ،إنني
أنتظره ، منذ فترة طويلة ، على أحر من
الجمر " بغضب " هذا اللعين ، سأمزقه
لو ..
النمر : الثعلب بالباب ، يا مولاي .
الأسد : " يعتدل " بالباب ؟ وأنت واقف هنا
كالأبله " يصيح " ليدخل حالاً .
النمر : أمر مولاي .
النمر يخرج ، بعد
قليل ، يدخل الثعلب
الأسد : " بين الغضب والرجاء " آه جئتَ
أخيراً .
الثعلب : نعم ، يا مولاي ، جئتُ .
الأسد : تعال .
الثعلب : " يقترب " مولاي .
الأسد : أرسلتكَ على عجل إلى جدتك .
الثعلب : أرجو ، يا مولاي ، أن لا أكون قد
تأخرت .
الأسد : " يغالب انفعاله " تأخرت .
الثعلب : عفواً ، يا مولاي .
الأسد : قلتُ لك أن لا تعود إلا وهي معكَ . .
الثعلب : " يتساءل بعينيه " ... ؟
الأسد : " يصيح " جدتك ال .. " يتمالك
نفسه " جدتك .. الحكيمة .
الثعلب : حاولتُ جهدي ، يا مولاي ، أن
أحضرها إلى العرين ، كما أمرتني ،
لكني حين وصلتُ إليها ، كانت للأسف
.. تحتضر .
الأسد : هذه اللعينة ، ألم تجد وقتاً تحتضر فيه
إلا عندما أحتاج إليها ؟
الثعلب : وماتت عند منتصف النهار .
الأسد : ماتت !
الثعلب : سوء حظها ، يا مولاي ، فقد تمنت أن
تحضر إليك بنفسها ، وتتشرف بلقائك .
الأسد : هذه اللعينة ، لم يكن لها أن تموت ، في
هذا الوقت بالذات .
الثعلب : اطمئن ، لم أدعها تموت حتى أخذت
منها ما تريده أنت ، يا مولاي .
الأسد : حقاً ؟
الثعلب : بالطبع ، يا مولاي .
الأسد : هذا هو المهم ، وإن كنت أتمنى لو
سمعته منها هي بالذات .
الثعلب : هذا ما كنتُ أتمناه أنا أيضاً ، وما تمنته
هي نفسها ، لكن للأسف فإن الموت لم
يمهلها .
الأسد : لا بأس ، أخبرني بما قالته ، فقد طال
مرضي ، وأريد أن أعود عاجلاً إلى
حياتي الطبيعية في الغابة .
الثعلب : أبشر ، يا مولاي .
الأسد : " يتهلل وجهه فرحاً " ....
الثعلب : ستشفى ، يا مولاي ، وستعود إلى
الغابة ، كما كنت ، بل وأفضل .
الأسد : تكلم ، أسرع ، أخبرني بما قالت ، أريد
الدواء الشافي .
الثعلب : الدواء ..
الأسد : نعم ، الدواء ، تكلم .
الثعلب : ليس هناك إلا دواء واحد .
الأسد : المهم أن يكون في متناول يدي .
الثعلب : طبعاً ، وإلا ـ وكما تقول جدتي ـ لا أمل
في الشفاء .
الأسد : أسرع ، ما هو ؟ الدواء .
الثعلب : خشف ..
الأسد : ماذا !
الثعلب : خشف ، يا مولاي .
الأسد : خشف ؟
الثعلب : هذا ما قالته جدتي ، يا مولاي ، قبل أن
تغمض عينيها للمرة الأخيرة ، وتموت .
الأسد : " يحدق فيه " .....
الثعلب : جدتي لا تخطىء ، يا مولاي .
الأسد : " يلوذ بالصمت مغالباً انفعاله " ....
الثعلب : مولاي ، الغابة تريد لك أن تشفى ،
وتعود إليها عاجلاً ، مهما كان الثمن ،
ومهما غلت التضحيات .
الأسد : أيها الثعلب ..
الثعلب : مولاي .
الأسد : أخرج .
الثعلب : مولاي !
الأسد : قلتُ لك ، أخرج .
الثعلب : " ينحني " أمر مولاي " يتراجع "
الأفضل أن تسرع بالعلاج وإلا .. ، هذا ما
قالته جدتي قبل أن .. ترحل .
الأسد : " يصمت " ....
الثعلب : جدتي ، يا مولاي طبيبة ..
الأسد : " يشير له أن يخرج " .....
الثعلب : " ينحني ثانية ويخرج " ....
الأسد : هذه الجدة اللعينة " يصمت " إنها
طبيبة ماهرة ، هذا ما يشهد به الكثيرون
" بغيظ " خشف ! " يصمت " لابد أن
أشفى ، مهما كان الثمن ، فأنا ضرورة
، لا يمكن الاستغناء عني ، أنا أسد ، أنا
ملك ، ملك الغابة " يصيح " أيها النمر .
النمر : " يدخل مسرعاً " مولاي .
الأسد : أريد الشبل " يصيح " أريده حالاً ، لا
تقل لي أنه غير موجود ، جده لي حتى لو
كان تحت الأرض .
النمر : مولاي ، الشبل عاد قبل قليل ، وهو الآن
مع أمه اللبوة ، يرقدان تحت الشجرة .
الأسد : نادهِ ، أريده في الحال .
النمر : أمر مولاي " يخرج " .
الأسد : ابني الشبل " يهز رأسه " ليس له
أصدقاء مميزون ، على العكس مني ،
، فعندما كنت في عمره ، كان من بين
أصدقائي الفيل والنمر وحتى الكركدن ،
أما أصدقاؤه فهم الثعلب والخشف
ودبدوب وسلحوفة و .." يهز رأسه "
الخشف ، آه ها هو ولي عهدي قادم ،
لنرَ ملك المستقبل " يهز رأسه " إن
حياتي بين يديه ، يمكنه أن ينقذني ،
ويمكنه أن لا .. " يصيح " ولماذا لا ؟ أنا
أبوه ، الأسد ، ملك ..
النمر : " يدخل " مولاي ، الشبل .
الأسد : ليدخل مباشرة ، أيها الأحمق ، إنه
الشبل .
النمر : أمر مولاي " يخرج " .
يدخل الشبل مسرعاً ،
ويقترب من الأسد
الشبل : بابا ، أرسلتَ النمر في طلبي .
الأسد : نعم .
الشبل : ها أنا ذا ، تفضل ، مرني .
الأسد : آه ، نعم .
الشبل : " ينظر إليه " بابا ، ما الأمر ؟ أرجو
أنك بخير .
الأسد : نعم ، أنا .. " بصوت منكسر "بصراحة
يا بنيّ ..
الشبل : بابا .
الأسد : آه .. ماذا أقول لك ؟
الشبل : أنت تقلقني ، يا بابا .
الأسد : لا تقلق ، سأكون بخير ، نعم ، سأكون
بخير فأنا أسد ، ومازلتُ .. شاباً رغم .."
يسعل " ..
الشبل : " ينظر إليه قلقاً " ....
الأسد : " يتمالك نفسه " أرأيت ؟ سأكون
بخير ، مهما كان ..
الشبل : رأيتُ الثعلب ، قبل قليل ، يخرج من
عندك .
الأسد : آه ، الثعلب ، إنه صديقك ..
الشبل : " يعبس قليلاً " ....
الأسد : وكذلك دبدوب وسلحوفة " يصمت "
والخشف ، وربما أمه الغزالة أيضاً .
الشبل : نعم ، إنهم أصدقائي .
الأسد : وخاصة الخشف .
الشبل : الخشف أكثرهم طيبة وهدوءاً .
الأسد : آه .
الشبل : بابا ، ما الأمر ؟ صارحني .
الأسد : بنيّ اسمعني ..
الشبل : نعم ، بابا ، إنني أسمعك .
الأسد : اسمعني جيداً ..
الشبل : " ينظر إليه منصتاً " ....
الأسد : أنا مريض جداً ..
الشبل : ماذا !
الأسد : وقد أنتهي ..
الشبل : لا تقل هذا ، يا أبي .
الأسد : إلا إذا ..
الشبل : بابا ، ستشفى ، يجب أن تشفى ،
وسنعمل المستحيل أنا وماما ..
الأسد : بنيّ ، دع ماما جانباً .
الشبل : مرني ، وستجدني رهن إشارتك .
الأسد :شفائي يتوقف عليك .
الشبل : أنا !
الأسد : هذا ما أراه .
الشبل : بابا ، من أجل شفائك ، وعودتك إلى
أحبائك في الغابة ، أعطيك حياتي .
الأسد : لا ، لا يا بنيّ .
الشبل : أنت الملك ، أنت أبي ..
الأسد : نعم ، لكني لا أريد حياتك أنت..
الشبل : بابا ..
الأسد : فأنت ابني ، وليس عندي في الحياة ما
هو أغلى وأعز منك .
الشبل : بابا ، أطلب ما يشفيك ، وسأحضره لك
من آخر الدنيا .
الأسد : هذا ظني فيك ، يا بنيّ " يصمت " ما
يشفيني ليس في آخر الدنيا ، بل في
متناولك .
الشبل : بابا ..
الأسد : طبيبة ، عالمة ، لا تخطىء ، قالت لي
، ستنتهي قريباً ، إلا إذا تناولت ..
الشبل : ماذا ؟ قله يا بابا ، وسأحضره لك في
الحال .
الأسد : الخشف .
الشبل : ماذا !
الأسد : الخشف دوائي .
الشبل : الخشف ؟
الأسد : وإلا متّ .
الشبل : " يلوذ بالصمت " ....
الأسد : بنيّ .
الشبل : " يتجه إلى الخارج " ....
الأسد : بنيّ .. بنيّ .
الشبل : " لا يتوقف " ....
الأسد : أنقذني ، يا بنيّ ، أنقذني .
الشبل يخرج ، الأسد
يتمدد في فراشه محطماًً
إظلام
المشهد الثاني
فسحة بين الأشجار ،
الغزالة تذرع المكان قلقة
الغزالة : " تتوقف " تأخر خشفي ، تأخر ،
ربما لم يتأخر كثيراً ، لكنه
تأخر " تسير قلقة " سيقول لي عندما
يأتي كالعادة ، لا تقلقي ، أنا مع الشبل "
تتوقف " يا ويلي ، وهل يقلقني إلا أنه
مع الشبل ؟ " تصيح " الشبل أسد ،
، صحيح أنه صغير ، إلا أنه أسد "
تسير " عليّ أن أمنعه من مصاحبة هذا
الأسد الصغير ، فقد يجوع يوماً ، وينسى
أنه صغير ، ولا يتذكر إلا أنه أسد ، وأن
الخشف طعام لذيذ له ..آه " تتلفت " لابد
أن أسرع ، وأبحث عن خشفي ، وأعود
به إلى البيت ، قبل أن يجوع الشبل و
..آآآآ .
الغزالة تمضي إلى الخارج
يدخل دبوب والخشف
دبدوب : آه من الشبل ، لم يدعنا نشبع اليوم من
اللعب واللهو ، كما نفعل كل يوم .
الخشف : لا بأس ، الأيام أمامنا ، والربيع مازال
في بدايته ، وسنشبع من اللهو واللعب .
دبدوب : هذا إذا عاد الشبل إلى طبيعته ، وترك
الحزن والقلق ، قبل أن ينتهي الربيع ،
ويشتد الحر .
الخشف : إنني لا ألومه ، فأبوه الأسد ، ملك
الغابة ، مريض جداً .
دبدوب : لا أدري لماذا أظن ، أن الثعلب يبالغ ،
ويهول الأمر ، ربما لغاية في نفسه .
الخشف : من يدري ، فهو يهتم كثيراً بأمر الملك
هذه الأيام ، رغم أن علاقته بالشبل فاترة
جداً في الفترة الأخيرة .
دبدوب : يبقى الثعلب ثعلباً ..
الخشف : " ينظر إليه " ....
دبدوب : هذا ما تقوله جدتي .
الخشف : لا أدري ما سبب ذلك الفتور بينه وبين
الشبل .
دبدوب : من يدري ، لعل الثعلب يغار من
علاقتك الطيبة والحميمة بالشبل.
الخشف : إن علاقتي ، بكل من في الغابة ، طيبة
للغاية ، وأنت تعرف هذا .
دبدوب : نعم ، لكن الشبل نفسه يكن لك
عواطف خاصة وعميقة ، وربما يظن
الثعلب لذلك ، أنك أبعدت الشبل عنه .
الخشف : حتى لو كان في هذا شيء من الصحة ،
فلا أظن أن الذنب ذنبي .
دبدوب : نعم ، الذنب ليس ذنبك ، لكنه ربما هو
سبب حقده عليك .
الخشف : سأحاول إصلاح هذا الخلل .
دبدوب : إن استطعت ، وهذا .. " يهز رأسه " إنه
الثعلب .
الخشف : " يتلفت " ماما .
دبدوب : " يتلفت منصتاً " ....
الخشف : ماما ماما .
دبدوب : لا تناد ِ ، يا خشف ، يبدو أن أمك
ليست هنا .
الخشف : هذا ما يبدو " يتوقف " لعلها مضت
كالعادة تبحث عني .
دبدوب : فلأذهب أنا أيضاً إلى البيت ، قبل أن
تظن أمي بأني قد تهتُ ، وتقلب الغابة
رأساً على عقب بحثاً عني .
الخشف : " يضحك " وتتهمني طبعاً بأني أنا من
تيّهكَ .
دبدوب : " يتجه إلى الخارج " فلأسرع إذن ،
وإلا قرعتني ، وأسمعتني خطبة لا تنتهي
عن الجد والعمل ، وعدم إضاعة الوقت
باللهو واللعب .
الخشف : مهلاً " يلحق به " سأسير معك بعض
الطريق ، مادامت ماما ليست هنا .
دبدوب : هذا أفضل ، فأنا لا أحب أن أسير وحدي
بين الأشجار ، هيا .
دبدوب والخشف يخرجان ،
بعد قليل ، تدخل الغزالة
الغزالة : " تتلفت " خشفي ليس هنا أيضاً ،
عجباً ، لقد رأيتُ سلحوفة قبل قليل ،
فقالت لي إنه اتجه نحو البيت ومعه
دبدوب " صمت " مادام دبدوب معه،
فإنه لن يصل إلا بعد غروب الشمس ،
ولابد أنهما قد توقفا هنا أوهناك ، وراحا
يلعبان كالعادة ، آه من خشفي هذا ، إنه
مجنون ، كأبيه طبعاً ، وإلا ما صادق
دبدوب والشبل و .. " تنصت " إنه قادم ،
لا ، هذا ليس وقع أقدامه ، إنه الشبل ،
ومن يدري لعل أمه تأتي في أعقابه ،
وسأكون وليمة ما بعدها وليمة .
يدخل الشبل عابساً ،
الغزالة تحدق فيه
الغزالة : الشبل .
الشبل : نعم .
الغزالة : وحدك ؟
الشبل : " يهز رأسه " ....
الغزالة : الخشف ليس هنا .
الشبل : هذا أفضل .
الغزالة : ماذا !
الشبل : آه .
الغزالة : تبدو غير مرتاح ، ما الأمر ؟
الشبل : لا شيء .
الغزالة : إنه يحبك كثيراً ،ابني الخشف ، أرجو
أن لا تكون غاضباً منه .
الشبل : غاضب من الشبل ! لا .
الغزالة : ولا من دبدوب ؟
الشبل : ولا من سلحوفة .
الغزالة : ولا من .. الثعلب ؟
الشبل : " لا يجيب " ....
الغزالة : أعرف أنك شبل طيب ، صارحني إذن
، ما الأمر ؟
الشبل : " بصوت دامع " بابا مريض .
الغزالة : لا عليك ، كلنا نمرض ، ونشفى بعد
حين .
الشبل : إن مرضه ، هذه المرة ، شديد جداً ،
وأنا قلق عليه .
الغزالة : اطمئن ، يا بنيّ ، فلكل مرض ، مهما
كان ، دواء .
الشبل : نعم ، أنت محقة .
الغزالة : لكن المهم ، في هذه الحالة ، أن نعرف
الدواء .
الشبل : عرفناه ..
الغزالة : " تنظر إليه " ....
الشبل : الدواء .
الغزالة : عرفتموه ؟
الشبل : نعم .
الغزالة : انتهى الأمر إذن ، مادمتم قد عرفتم
الدواء ، فالشفاء قريب .
الشبل : لا ، فالدواء هو معضلة .
الغزالة : " تنظر إليه " ....
الخشف يطل خلسة من
بين الأشجار ، ويقف منصتاً
الغزالة : أنت تقلقني ، يا بنيّ .
الشبل : نعم ، معضلة ، ومعضلة كبيرة .
الغزالة : " تقترب منه " صارحني ، يا بنيّ ،
فقد أستطيع مساعدتك .
الشبل : " ينظر إليها صامتاً " ....
الغزالة : صارحني ، فأنت مهما يكن ، صديق
ابني الخشف . .
الشبل : " يهز رأسه " ....
الغزالة : أنت تخيفني ، مهما كان الدواء ، تكلم ،
تكلم يا بنيّ .
الشبل : الدواء هو ..
الغزالة : هو ؟ هو ماذا ؟ هيا تكلم .
الشبل : آآآآآ..
الغزالة : ماذا ؟
السبل : " يبعد عينيه الغارقتين بالدموع " لا ، لا
أستطيع .
الغزالة : يا للعجب ، قله ، قله يا بنيّ ، مهما يكن
، فأبوك هو .. الملك .
الشبل : هذا أمر صعب ، صعب للغاية .
الغزالة : " تحدق فيه " ....
الشبل : " تنهمر دموعه " .....
الغزالة : ماذا ؟
الشبل : الخشف .
الغزالة : " تتراجع مصعوقة " الخشف !
الشبل : لن ينقذه إلا .. الخشف .
الغزالة : يا ويلي .
الشبل : " ينظر إليها صامتاً " ....
الغزالة : لا ، مستحيل ، الخشف !
الشبل : " يطرق دامع العينين " ....
الغزالة : بنيّ ..
الشبل : " بصوت تخنقه الدموع " لا عليك ..
الغزالة : صدقني لو كنت أنا الدواء لما ترددت
لحظة ، لكن .. الخشف ..
الشبل : " لا يتكلم " .....
الغزالة : " تهز رأسها باكية " لا ، لا يمكن ،
مهما كان الثمن .
الخشف يختفي مسرعاً ،
الغزالة والشبل يلتفتان
الشبل : يبدو أن أحدهم كان بين الأشجار .
الغزالة : إنه الخشف .
الشبل : لا ، لا أظن أنه هو .
الغزالة : بل هو ، ابني الخشف ، لعله سمعنا "
تتجه نحو الخارج " لابد أن ألحق به "
تلتفت إليه "سامحني ، يا بنيّ ، سامحني
، فما تطلبه مستحيل .
الغزالة تخرج مسرعة ، الشبل
يبقى وحده ، ثم يخرج
إظلام
المشهد الثالث
العرين ، الأسد يعتدل
في فراشه غاضباً
الأسد : تأخر ، تأخر الشبل ، سأموت إذا لم
يأتني بالخشف ، صحيح إنه صديقه ،
لكني أنا أبوه ، أنا الأسد ، ملك الغابة ،
وكل ما في الغابة ملكي ، ورهن
إشارتي" يصمت " الثعلبة الشمطاء
العجوز ، لم تجد دواء لمرضي القاتل ،
سوى صديق ابني الخشف " صمت "
تلك اللعينة ، لو تأكد لي أنها كذبت ،
لسبب من الأسباب ، فلن أدعها تفلت مني
حتى بالموت ، سآكلها وهي ميتة ، و .. "
يصيح " أيها النمر .
النمر : " يدخل مسرعاً " مولاي .
الأسد : اقترب .
النمر : " يقترب متردداً " مولاي .
الأسد : لم تدخل عليّ منذ ساعة .
النمر : " محرجاً " مولاي ، أردتُ أن ترتاح..
الأسد : " يحدق فيه " ....
النمر : ثم .. إنني بالباب .. رهن إشارتك .. يا
مولاي .
الأسد : لا أحد غيرك بالباب ..
النمر : " يهز رأسه " ....
الأسد : أو قريباً منه ..
النمر : " يهز رأسه " ....
الأسد : أو ..
النمر : " يهز رأسه " ....
الأسد : الثعلب مثلاً ..
النمر : " يهز رأسه " ....
الأسد : الشبل ..
النمر : " يهز رأسه " ....
الأسد : " غاضباً " الويل لك .
النمر : أمام العرين ، تحت الشجرة..
الأسد : " يحدق فيه " ....
النمر : تتمدد أم الشبل ، اللبوة .
الأسد : " يشيح بوجهه " ....
النمر : أناديها ، يا مولاي ؟
الأسد : " لا يرد " ....
النمر : أظنها قادمة ، يا مولاي ، أم الشبل .
تدخل اللبوة مترددة ،
النمر يقف محرجاً
النمر : مولاي .
الأسد : " يصيح " قف بالباب .
النمر : " ينحني " أمر مولاي .
الأسد : وإذا جاء .. ، أخبرني في الحال .
النمر : " حائراً " إذا جاء .. ! مولاي ؟
الأسد : " يصيح غاضباً " أيها الأبله ، أخرج
الآن ، أخرج .
النمر : أمر مولاي " يخرج بسرعة " .
الأسد : " ينظر إلى اللبوة " ....
اللبوة :لم تأكل شيئاً البارحة ..
الأسد : دعيني من الأكل .
اللبوة : ولا صباح اليوم .
الأسد : لا أريد أن آكل .
اللبوة : أنت مريض ، وبحاجة إلى الأكل .
الأسد : أووووه .
اللبوة : " تلوذ بالصمت " .....
الأسد : إنني متعب ، متعب جداً " يتمدد
متأوهاً " وأريد أن أرتاح .
اللبوة : سأخرج ، وأجلس تحت الشجرة " تتجه
نحو الباب " نادني إذا احتجت إليّ .
الأسد : " لا يرد " ....
اللبوة : " تخرج " ....
الأسد : هذا الثعلب اللعين ، سيدفع الثمن غالياً ،
وإن كنت أجهل لماذا " يصمت " الشبل
، ابني الشبل ، ماذا دهاه ؟ إنني أبوه ،
الأسد ، ملك الغابة ، ألا أعني شيئاً له ،
ليتركني هكذا ؟ دون أن يلتفت إليّ ، أو
يرد عليّ ولو بكلمة واحدة ؟ " مغتاظاً "
آآآ ه .
النمر : " يدخل متردداً " مولاي .
الأسد : " غاضباً " نعم .
النمر : عفواً مولاي ، لا أدري ماذا أقول ، لكن
..
الأسد : تكلم ، ما الأمر ؟
النمر : بالباب ، يا مولاي " يصمت متردداً "
آه ، أرجو المعذرة .
الأسد : من بالباب ؟ تكلم .
النمر : إنه .. الخشف .
الأسد : " يعتدل متلهفاً " الخشف !
النمر : " يتراجع " مولاي ..
الأسد : قلتَ .. الخشف ؟
النمر : نعم ، يا مولاي ، الخشف .
الأسد : ليدخل ، ليدخل في الحال .
النمر : الخشف !
الأسد : أيها الأبله ، ليدخل الخشف ، بسرعة .
النمر : كما تشاء ، يا مولاي " وهو يخرج "
الخشف !
يدخل الخشف متردداً ،
ويقف عند الباب
الخشف : مولاي .
الأسد : الخشف !
الخشف : نعم ، مولاي .
الأسد : لعل ذلك اللعين وجدته المحتضرة لم
يكونا كاذبين .
الخشف : مولاي ؟
الأسد : لو لم يذهب إليها في اللحظة الأخيرة
لربما ..
الخشف : " يحدق فيه صامتاً " .....
الأسد :مادمتَ قد جئتَ ، فكل شيء على ما يرام
، وسأبقى ، سأبقى .. ملك الغابة .
الخشف : ولهذا جئت ، يا مولاي ، جئت على
عجل .
الأسد : دوائي العزيز ، لا تقف عند الباب ،
تعال .
الخشف : " يقترب " ....
الأسد :" تعال .. تعال .
الخشف : " يتوقف قرب السرير " ....
الأسد : " ينظر إليه " آه ، جئت في اللحظة
المناسبة .. اللحظة الأخيرة .
الخشف : هذا واجبي ، أنت ملك الغابة .
الأسد : ليت الجميع يعرفون واجبهم في الغابة ،
كما تعرفه أنت .
الخشف : " يبتسم ببراءة " ....
الأسد : " يحدق فيه " آه .
الخشف : مولاي .
الأسد : ما أرقّ عينيك ، إنهما نبعان صافيان..
يترقرقان براءة ، آه .
الخشف : هذا ما قاله البلبل أيضاً ، يا مولاي .
الأسد : البلبل ؟
الخشف : في أغنيته الأخيرة ، التي غردها
البارحة بمناسبة عيد الطفولة .
الأسد : لكني لا أريد أن أكون بلبلاً ، أريد أن
أشفى .
الخشف : وهذا ما أريده أنا أيضاً ، يا مولاي .
الأسد : " يحدق فيه مغالباً نفسه " آه .. من
هاتين العينين..
الخشف : ستشفى ، يا مولاي .
الأسد : الآن عرفت لماذا تعلق بك شبلي .
الخشف : شبل صديقي ، بل أكثر ..
الأسد : يا للقدر .
الخشف : إنني أعرف أنك مريض ..
الأسد : مريض جداً .
الخشف : وما أن سمعت أنني قادر على شفائك ،
حتى أسرعت إليك..
الأسد : آه .
الخشف : وها أنا أمامك ، يا مولاي .
الأسد : " متأثراً " آه .
الخشف : جئت أشفيك ، وإن كنت لا أعرف كيف
..
الأسد : لا تعرف !
الخشف : ولا داعي لأن أعرف ، المهم أن تشفى
" يبتسم فرحاً " هذا سيفاجيء الشبل ،
ويفرحه .
الأسد : لكني توقعت أن الشبل هو الذي أرسلك
إليّ .
الخشف : سمعتُ بعض حديثه إلى أمي ، وعرفت
أنني أستطيع أن أشفيك ، فجئتُ على
الفور .
الأسد : " يحدق فيه " ....
الخشف : مولاي .
الأسد : " ينهض وينزل عن السرير " ....
الخشف : ها أنا أمامك ، يا مولاي ، اشفَ .
الأسد : " يتقدم منه محدقاً في عينيه " ....
الخشف : هيا يا مولاي ، اشفَ ، اشفَ .
الأسد : " يتوقف " لا ، لا أستطيع .
الخشف : مولاي ، يجب أن تشفى .
الأسد : لا أستطيع ، ليس فقط لأنك صديق
الشبل ، بل .. " يشيع النظر عن عينيه "
اذهب .
الخشف : مولاي .. !
الأسد : " يتراجع قليلاً " اذهب .. اذهب .
الخشف : جئت لأشفيك ، صحيح إنني لا أعرف
كيف ، لكن ..
الأسد : اذهب ، يا بنيّ ، اذهب ..
الخشف : أريد أن أشفيك .
الأسد : لقد شفيتني .
يدخل الشبل مسرعاً ،
والنمر يدخل في أثره
الشبل : بابا .
النمر : مولاي ..
الأسد : " للنمر " أخرج أنت .
النمر : " يتراجع " أمر مولاي " يخرج " .
الشبل : بابا بابا .
الأسد : بنيّ ، لا تقلق ، كلّ شيء على ما يرام .
الشبل : " ينظر إلى الخشف " ....
الأسد : صديقك بخير .
الشبل : " يقترب منه " خشف ..
الخشف : سمعتك تتحدث إلى ماما ، فأسرعت إلى
العرين ، لعلي أشفي أبيك ، ملكنا ، ملك
الغابة .
الشبل : " ينظر إلى الأسد " ....
الأسد : وقد شفاني " للخشف " لقد رأيتك ،
رأيت عينيك ، فشفيت .
الخشف : " يبتسم للشبل " ....
الشبل : أشكرك ، يا صديقي .
الأسد : أيها الشبل ..
الشبل : نعم ، بابا .
الأسد : خذ صديقك الخشف ، وأوصله سالماً
إلى أمه الغزالة .
الشبل : " فرحاً " أشكرك بابا .
الأسد : الشكر لك " للخشف " ولك أيضاً " هيا
، اذهبا .
الشبل يأخذ الخشف ،
ويسرع به إلى الخارج
الأسد : أيها النمر .
النمر : " يدخل مسرعاً " مولاي .
الأسد ابحث عن الثعلب ، واقطع ذنبه ..
النمر : " يحملق في الأسد مذهولاً " ....
الأسد : إنني لا أعرف دوافعه ، أو دوافع جدته
، هذا إن كانت له جدة ، لكن " للنمر "
اقطع ذنبه .
النمر : أمر مولاي .
الأسد : اليوم أريد أن تأتيني بذنبه مقطوعاً ،
ماذا تنتظر ؟ ، اذهب .
النمر : أمر مولاي " يخرج " .
الأسد : هذا اللعين ، كاد يجعلني أطفيء أصفى
عينين في الغابة ، لكن مهلاً ، سيدفع
الثمن غالياً .
اللبوة : " تدخل وتقف عند الباب " ....
الأسد : تعالي ، تعالي يا أم شبلي .
اللبوة : " تقترب منه " ليتني فقط أعرف ما
يجري هنا .
الأسد : أريد أن أتغدى .
اللبوة : " فرحة " مُرني ، سأصطاد لك كل ما
تحبه .
الأسد : أي شيء إلا الخشف أو أمه الغزالة .
اللبوة : " تنظر إليه فاغرة الفم " ....
الأسد : أسرعي ، يا عزيزتي ، أكاد أموت من
الجوع .
اللبوة : لن تموت من الجوع مادمتُ موجودة ،
يا عزيزي " تتراجع " أنت ملكي ، و ..
ملك الغابة .
اللبوة تخرج مسرعة ،
الأسد يتنفس الصعداء
إظلام
ستار
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق