في الدورة الـ 31 من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي حضور نوعي فاعل لمبدعي المسرح العراقي العريق والأصيل
المهرجان يكرم الفنان القدير د. ميمون الخالدي ويختار مسرحية (تاء التأنيث ليست ساكنة) للفرقة الوطنية للتمثيل في المسابقة الرسمية ومسرحية (حكاية درندش) لنقابة الفنانين العراقيين على الهامش وإصدار ثلاثة كتب لكل من د. محمد سيف وقاسم بياتلي ود. نورس عادل هادي
كتب – عبد العليم البناء
يتواصل الحضور النوعي والفاعل لمبدعي المسرح العراقي العريق والأصيل في تصدر المشهد المسرحي محلياً وعربياً ودولياً دون انقطاع وعلى مدى عقود طويلة في المهرجانات والمحافل والمؤتمرات والورش والندوات التطبيقية والحلقات الدراسية تأليفاً وتمثيلاً وإخراجاً وتقنيات وبحثاُ ونقداً ودراسات وعروضاً وإصدارات وتكريمات، والتي تقام في مختلف البلدان العربية والأجنبية حاصدين الجوائز والمراكز التمقدمة، لاسيما في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي الذي كان لمبدعينا في دوراته صولات وجولات إبداعية رصينة منذ مطلع ثمنينات القرن الماضي. وفي النسخة الحادية والثلاثين من هذا المهرجان (دورة الأكاديمي والكاتب المسرحي الكبير الدكتور علاء عبد العزيز) التي ستنطلق فعالياتها في الأول من أيلول سبتمبر المقبل وتستمر لغاية الالحادي عشر منه يتجدد هذا الحضور النوعي والفاعل لمبدعي المسرح العراقي .
المهرجان سيكرم الفنان العراقي القدير د. ميمون الخالدي ضمن مجموعة من الشخصيات المسرحية العربية والاجنبية البارزة وضمت من: (مصر)، محمود حميدة، د. محمد عبد المعطي، د. صبحي السيد، (لبنان) وليد عوني، (البحرين) يوسف الحمدان، (اليونان) ساڤاس پاتساليدس، (الإمارات) محمد سعيد الظنحاني، (السعودية) ملحة عبدالله، (استونيا) مارت ميوسي، إضافة إلى شخصية العام الكاتب الكبير إسماعيل عبد الله رئيس الهيئة العربية للمسرح وهذه الجائزة مستحدثة هذا العام.
وفي الوقت الذي شكلت إصدارات المهرجان، أثرا راسخاً في مكتبتنا المسرحية العربية، ومكتباتنا الجامعية، محتفظة بالمستوى النوعي من المعرفة الفكرية والجمالية المسرحية المحدثة والمتجددة، يصدر المهرجان ثلاثة كتب لثلاثة مبدعين من مسرحيينا العراقيين من بين أَحدَ عَشر عنواناً، وأولها:
(المسرح والحياة، اخلاقيات ومسارح معاصرة)، تأليف راشيل راجالو ترجمة وتقديم د: محمد سيف،المقيم في باريس، والذي قال: "يقترح هذا الكتاب تفسير المسرح كفن للوجود. بعيداً عن كونه مجرد ترفيه أو هواية ثقافية، ويُنظر إلى المشهد المسرحي على أنه تجربة يخلق من خلالها الفنانون والمتفرجون ويبدعون ويتفردون ويوأسلبون أنفسهم. إنها، أي التجربة، مساحة أساسية لا غنى عنها من اللعب والمشاركة في حياتنا، مما تسمح لنا باستكشاف واختبار قدراتنا على التخيل والنقد والإبداع. علاوة على ذلك، "فإن المسرح هو المكان الذي يمكن فيه ممارسة أخلاقيات الفضيلة وبنائها". بهذه الطريقة، يسعى الكتاب إلى تحديد شروط التزيين أو التجميل الأخلاقي بصحبة العديد من فناني المسرح المعاصرين الذين لم يتوقفوا أبدا عن التشكيك في ظروف المسرح من خلال تجارب ومقترحات (ستانيسلاس نوردي وكلود ريجي وفرانسوا تانغي وكلايد شابوت، بالإضافة إلى المخرج الشاب سيمون غوشيه). ويتألف الكتاب من ستة فصول وخاتمة، وتنطلق المؤلفة من المفهوم البسيط للمسرح كمكان للتفاعل بين المتفرجين والممثلين في حالة من الحضور المادي المشترك. مشيرة إلى أن هذا "التفاعل يتحقق، من خلال الوساطة الضرورية للأداء"، الذي يُفهم بمعنييه المتمثلين في التنفيذ والمشاركة. و"يمكن تصور طبيعة هذا التفاعل في شكل لعب".
أما الكتاب الثاني فهو (مسيرة مسرح المجاميع المعاكسة) إعداد وترجمة المسرحي العراقي قاسم بياتلي،المقيم في إيطاليا، والذي تم إعداده" بناء على البحث عن كل ما كتبه المُخرج المعلم ايوجينيو باربا (في كتبه الصادرة باللغة الإيطالية، والمترجمة بعضها إلى اللغة العربية) حول المسرح الثالث، منذ أن نشر البيان الأول في مشاركته بالمؤتمر الذي نظمته اليونسكو سنة 1976 في بلغراد، الذي وضّح فيه حال مسارح المجاميع المهمشة، التي تجاهلتها المؤسسات المهيمنة في أوربا وامريكا اللاتينية. وقد أكد باربا في البيان، على ما هو جوهري فيما يسمى مسرح المجاميع، أو المسرح الثالث: على اعتباره كواقع مستمر في حركته، تشكل في بيئات مختلفة تنوعت ومرجعياتها الثقافية والاجتماعية والفنية، وتميزت بطبيعة علاقاتها الإنسانية المتباينة في داخل كل مجموعة، وعملت بطريقتها في تكوين أعضائها ذاتيا، وتكوين عروضها وإنتاجها (بتمويل ذاتي). وتمكنت أن تفلت من قبضة سوق العرض والطلب وهيمنة إنتاج المسارح الضخمة في مراكز المدن الكبيرة. وخلقت لنفسها طرائق بيداغوجية أخرى واقتربت، فيما بعد، من توجه مدرسة أنثروبولوجيا المسرح الدولية التي أسسها باربا (سنة 1980) ومن بحوثها التطبيقية والمبادئ الأساسية فيها.
ويظهر، من كل ما كتبه باربا ونشره، لحد اليوم، أننا لا نستطيع أن نتحدث عن "نظرية" لمسرح ثالث، أو نقوم بتصنيفه ضمن أطر تيارات المسرح المتعددة، أو أن نحدده ب "جماليات فنية" جاهزة، لكي نضعه في خانات توجهات المدارس المسرحية السائدة في تاريخ المسرح. علينا، قبل كل شيء، أن نتحدث عن معطيات واقع حياتي ملموس، يعيش فيه مجاميع مسرحية، وأفراد، يعملون ويفكرون بطرق مختلفة، في انحاء مختلفة من العالم، يستخدمون تقنيات، وإجراءات فنية مسرحية أخرى، لكل واحد منهم خصوصية مرجعيته الثقافية المختلفة، وله ظروفه الخاصة، وطرقه المتعددة في عملية الابداع، وله رؤية في البحث عن مغزى في المسرح الذي يعطي الجمال للحياة، في مسيرة تاريخ المسرح المعاصر. ولهذا جاء، في كتاب مسيرة المجاميع المعاكسة، تسليط الضوء، أيضاً، على عمل وتجارب تلك المجاميع، والأفراد، وعلى البحوث المسرحية النظرية، المنبثقة من دراسة ميدانية دقيقة، تناولت تلك المسيرة المسرحية، والتي صدرت باللغة الإيطالية، وقام معد هذا الكتاب (د. قاسم بياتلي) بترجمتها إلى اللغة العربية، وادراجها في إعداد فقرات كتابه، الذي يشمل أربعة فصول، وخاتمة.
والإصدار الثالث هو (المسرح وغوايته المركزية) من تأليف الباحث والأكاديمي في كلية الفنون الجميلة بجامعة بغداد د. نورس عادل هادي، ويتوخى مجموعة من الفصول التي ترصد في جملة اعتباراتها أهم المفاهيم التي تعضد الممارسات اللامركزية ضمن حيز الخطاب المسرحي ومكوناته الفلسفية والجمالية والثقافية عبر فك الشفرات المرجعية لتلك الممارسة ومن ثم اتباع المسارات البينية التي تجانب الصراع المعلن للمركزيات الثقافية عبر محاولة الكشف عن موجهاتها الضالعة بصناعة متشكلات ثقافية يندرج المسرح ضمن أهم أطرها، خاصة بعد الرجرجة التي أحدثتها (علمنة) المسرح وربطه بالمقولات الفلسفية والنقدية بشكل مباشر مبكراً ..فضلاً عن ما عضدته ممارسات -التجريب المسرحي- بوصفه مفهوماً يستدعي التجارب المعملية للحقول العلمية المجاورة وإحالة تلك الممارسات الى ما يشبه نهجاً راسخاً ومتلازمة رافقت ما وصف بعد حين بالتطور المسرحي ، حيث تعمد المجريات البحثية - للكتاب - الى الانسياق التحليلي في تعريف ورصد ممارسات -المجاورة والمحو – في خطاب المسرح المعاصر كاستراتيجية جرى الدفع بفواعلها التحريضية عبر المتون الثقافية العامة، بما تمتلك من قدرة كبيرة على توريط الذائقة الجمالية للمنشغل بالفعل المسرحي نحو أقصى ما يمكن تحقيقه من رغائب التجديد والعصرنة وإذابة الحدود الضابطة بين مكونات الفعل المسرحي، في الوقت الذي تقطع الطريق فيه على أية محاولة (تأصيلية) تستدعي مراجعة مصادر ذلك التجديد ونتائجه المتأتية وأثره السلبي.. ممكن الحدوث، والذي بدأت ملامحه تتضح عبر إشارات تشبه فك الارتباط التدريجي ما بين الوعي الجمعي وبين مورثاته الثقافية والاجتماعية سواء في أوروبا او في بلداننا العربية ، مع إغفال – وبقصدية – كل المسائل الخاصة بالهوية الثقافية والانتماء التاريخي وأي نوع من أنواع الاسئلة التي من شأنها ان تفتح الباب أمام انتاج صيغ مركزية خاصة بمجتمعاتنا ومشكلاتنا الرئيسة لتغفو تلك المسائلات الهامة وبنسبة كبيرة عند حافة خشبات العرض المسرحي وكأنها موضوعات هامشية لا طائل من مسائلتها...وقد انسحبت الممارسة (اللامركزية) حتى على مستوى صناعة العرض المسرحي بحيث أصبحت عملية انتاج العرض المسرحي تخضع كلياً الى هذا النزوع حتى في المراحل الأولى لتكوين العمل.
ومن بين 26 عرضاً مسرحياً يملثون 19 دولة عربية وأجنبية، تشارك مسرحية (تاء التأنيث ليست ساكنة) للفرقة الوطنية للتمثيل في دائرة السينما والمسرح بوزارة الثقافة والسياحة والآثار وإخراج الفنانة مروة الأطرش وهي نتاج ورشة الجسد التي أنجزت على هامش الدورة الرابعة من مهرجان بغداد الدولي للمسرح الذي أقامته دائرة السينما والمسرح عام2023تحت شعار (المسرح يضيء الحياة)، حيث وضعت الأطرش نص العرض في ورشة كتابة بالتعاون مع الفنانين: لبوة عرب، وحسين بريسم، ثم اندمجت مع فريق التمثيل للمسرحية مع: مها الأطرش، مرتضى نومي، نعمت الفتلاوي، غفران فارس، أشرقت غانم حميد، مروة أثير.
في حين ستعرض على هامش المهرجان، ضمن ثلاثة عروض مسرحية عربية، مسرحية (حكاية درندش) لنقابة الفنانين العراقيين – المركز العام بالتعاون مع دائرة السينما والمسرح في وزارة الثقافة والسياحة والآثار ونقابة الفنانين – فرع ميسان، وهي من تأليف وإخراج وأداء الفنان المبدع ماجد درندش، ودراماتورجيا الدكتور جبار حسين صبري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق