"المغتربان" عرض مسرحي متقن لفرقة مسرح "نعم" الخليلية الفلسطينية
مجلة الفنون المسرحية
عواد علي
على مسرح "الشمس" في عمّان قدمت فرقة مسرح "نعم" الخليلية الفلسطينية خلال الأسبوع الأول من نيسان/ أبريل الجاري عرض "المغتربان" عن نص "المهاجران" للبولوني سلافومير ميروجيك، وترجمة جورج إبراهيم، وإخراج إيهاب زاهدة، وأداء محمد الطيطي ورائد الشيوخي.
مغتربان فلسطينيان في بلد غربي يقيمان في قبو مزرٍ لبناية سكنية، أحدهما مثقف سياسي أربعيني نافر من الواقع الذي تركه وراءه، وساخط على السلطة القمعية التي خيرته بين السجن والإبعاد عن الوطن بسبب نشاطه السياسي ومقالاته المناوئة لها، فاختار الإبعاد. والثاني عامل ثلاثيني بسيط يعمل في مهنة شاقة جدا (حفر التمديدات الصحية) ليجمع قدرا من المال يحقق به، عندما يعود إلى الوطن، حلمه في بناء بيت لأسرته. يعيش هذان المغتربان المختلفان ثقافياً واجتماعياً في ذلك القبو معيشةً ضنكاً على هامش مجتمع غربي، منعزلين لا علاقات اجتماعية تربطهما بأهل المدينة، وفي ليلة رأس السنة يتفجر الصراع بينهما، ويتشاكسان، وينبشان الكثير من القضايا، ويفضحان تناقضاتهما وأكاذيبهما الهائلة حتى يكادا يدمران بعضهما.
"المغتربان" عرض مسرحي من نوع "الكوميديا السوداء" تضافر في إنجاحه وتكامله عنصرا التمثيل والإخراج المتقنين. الممثل محمد الطيطي شد المتلقين إلى موهبته في أداء شخصية العامل البسيط بتلقائية آسرة، وتحولات سلسة من موقف إلى آخر، ومن حالة إلى أخرى، متنقلا من السخرية والتهكم إلى الجد والمعاناة، وبالعكس حيثما يتطلب الموقف وتستدعيه الفطرة الإنسانية. ومثلُه استطاع الممثل رائد الشيوخي تجسيد شخصية المثقف في لحظات توتره، وتعاليه الكاريكاتوري الفارغ، ولا أباليته، وقلقه، وانبساطه، وإنسانيته. وفي الجانب التقني شكّلت السينوغرافيا والمؤثرات الصوتية والإضاءة (تصميم المخرج وتنفيذ همام عمرو) عناصر إبداعية ودلالية أساسية ارتقت إلى مستوى أداء الممثلين، وتناغمت معه في تجسيد الرؤية الإخراجية للمخرج الحاذق المتوقد الحساسية والمخيّلة إيهاب زاهدة.
0 التعليقات:
إرسال تعليق