كتاب " ملامح من المسرح الليبي المعاصر " تأليف : نوري عبد الدائم أبو عيسى
مجلة الفنون المسرحية
مقدمة
تفتقر المكتبة الليبية الى دراسات تعني بالشأن المسرحي الليبي ، فما توفر منها لم تف حق مسيرة المسرح الليبي الذي يقترب من مائة عام ، رغم مساهمات العديد من الكتّاب والنقاد والمسرحيين أمثال " المرحوم بشير عريبي ، المرحوم سليمان كشلاف ، منصور بوشناف ، البوصيري عبدالله ، أحمد بللو ، أحمد عزيز ، عبدالحميد المجراب ، المهدي بوقرين ، سعيد المزوغي ..... وأخرون " إلا أن العديد من هذه المساهمات ما تزال الى الأن متناثرة في العديد من الصحف والمجلات الليبية ولم تجمع الى الأن لتأخذ طريقها نحو النشر .
يتفق كل من الكتّاب " بشير عريبي " في كتابه " الفن والمسرح في ليبيا " ، " المهدي أبوقرين " في كتابه " تاربخ المسرح في الجماهيرية " و" عبدالحميد المجراب " في كتابه " المسرح الليبي في نصف قرن " وأبحاث الكاتب " البوصيري عبدالله " . في مساهماتهم على رصد وتأريخ الحركة المسرحية الليبية . بينما يتفق الأخرون على رصد ا لمشهد المسرحي المعاصر .
هذا الكتاب محاولة لإلقاء الضوء عن مسيرة المسرح الليبي في فترة تقترب من الخمسين الى الستين عاماً من خلال ذاكرة العديد من المبدعين الرواد الذين أثروا المشهد المسرحي الليبي أمثال " أحمد البيزنطي ، المرحوم مصطفى الأمير ، شرف الدين ، …. الخ " مروراً بجيل السبعينيات من القرن الماضي من ممثلين وكتّاب ومخرجين ، كما يضم الكتاب قراءة في بعض الأعمال المسرحية التي تم عرضها ومتابعة لبعض المشاركات الليبية في " مهرجان القاهرة التجريبي ،وأيام قرطاج المسرحية " ومتابعة للتظاهرات المسرحية الليبية والمهرجانات المسرحية . هذه المساهمات نشرت في صفحة المسرح بمجلة المؤتمر من " 2003 – 2007 " بإستثناء مقال " الجمهور بين الحضور والغيّاب " الذي نشر في مجلة فضاءات " .
أريد أن أنوه هنا بأن أغلب المسرحيين الذين أتيحت لي فرصة لقائهم كانوا ضمن نطاق مدينة طرابلس ، على أمل أن تتاح لي فرصة لقاء ومحاورة ما يتاح لي من المسرحيين الليبيين في باقي المدن الليبية .
نوري عبدالدائم أبوعيسى
جنزور / قامارا 7-12-2007 م
أحمد البيزنطي....*.
" ريادة "
في مستهل النصف الثاني من ثلاثينيات القرن الماضي كان الحزب الفاشستي الإيطالي يلقي بضلاله على تفاصيل الحياة اليومية في ليبيا وفي ذات الوقت كانت مدينة طرابلس تخلو من أية فرقة مسرحية ، عدا فرق ونوادي تخص الجاليات المقيمة في طرابلس ، إضافة للنوادي الايطالية التي تحوي ضمن نشاطها نشاطاً مسرحياً. وقتها كانت مجموعة من المثقفين الليبيين الوطنيين " محمود نديم بن موسى ، مصطفى قدري معروف ، الشاعر احمد قنابة ، وراعي الفن الهادي المشيرقي " يحلمون بإنشاء فرقة مسرحية ليبية لملاحقة الركب الحضاري الذي يفرضه العصر ، تبنى هذا الحلم " مصطفى حميدة العجيلي " _ بإشراف الشاعر أحمد قنابة _ الذي رأى تكوين فرقة تضم خريجي مدرسة الفنون والصنايع ، تاركاً باب الأنتساب مفتوحاً أمام الأعضاء من خارج المدرسة وبهذا تم تشكيل أول نواة لفرقة محلية تحمل الصبغة الليبية بمدينة طرابلس (1936 م ) أتفق على تسميتها فرقة " مكتب الفنون والصنائع للتمثيل والموسيقى _ طرابلس الغرب " مقرها مدرسة الفنون والصنائع .
قبل التوجه لمنزل الحاج " احمد عبدالله البيزنطي " هاتفت الاستاذ " محمد شرف الدين " لمرافقتي صحبة الفنان " أحمد السيفاو " - لإذابة الحاجز الزمني بيني وبين الحاج أحمد - الذي أبدى إستعداداً فورياً للذهاب " لتاجورا " محل إقامة ضيفنا ، وفي مكان غير بعيد عن ضريح " سيدي الأندلسي " أستقبلنا وحيده " عادل " لمرافقتنا لصالة جلوس معدة بترتيب ليبي لا يخلو من أناقة حيث يجلس " البيزنطي " الذي أستقبلنا بحفاوة تليق بأصالة هذه الأسرة التي تضرب جدورها في ليببيا منذ قرون .
* :- هل نحكي عن البدايات ؟
البيزنطي : - .... أنا لم أكن ضمن خريجي مكتب الفنون والصنايع كنت من المؤسسين الذين أنتسبو إليها من خارج المدرسة صحبة "علي الفلاح ، وبشير عريبي ، وعلي القروش " فكنت ممثلاً في الفرقة وضمن أفراد التخت الشرقي الذي كان بقيادة الفنان " عثمان نجيم " كعازف " طبلة " . كما تعلمون فالفرقة كان برنامجها يضم عملاً مسرحياً إضافة لأمسية موسيقية أو مشاهد يتخللها " مونولوج ضاحك " . لم نمكث كثيراً في هذا المقر _ صالة الملاكمة بالمدرسة _ فسرعان ما أخطرنا بوجوب البحث عن مقر جديد بناء على رغبة مدير المدرسة في ذلك الوقت ، فتم البحث على مقر الذي يتمثل في حجرة صغيرة بأحدى الفنادق بشارع درغوت باشا.
* :- مازلت تذكر أول عمل للفرقة ؟
البيزنطي :- كانت بعنوان " وديعة الحاج فيروز الخرساني " ** التي عرضت بمسرح " البوليتياما " النصر حاليا ،وتوالت الأعمال " عبدالرحمن الناصر " " حلم المأمون " ... وقتها فرض علينا الاستعمار تغيير الأسم الى " الليتوريو الإسلامية للتمثيل والغنا " ." أسوشيا زيوني موسلمانا ليتوريو " فتم التحايل من قبل الدكتور " مصطفى العجيلي " بأن أعتمد الأحرف الأولى من الجملة لتصبح فيما بعد فرقة " ا.م.ل " .
* :- عملت كثيراً مع الفنان " محمد حمدي " ما هي أهم ملامحه على المسرح ؟
البيزنطي :- حمدي من القدرات الاستثنائية ولديه حضور أخاذ فبمجرد خروجه على المسرح يفتح شهية الضحك عند المشاهدين ... لقد رافقته كثيراً وعملنا الكثير من الأعمال ... كم كان يتمنى أن تظهر صورته في الصحافة حتى أنه بروحه الخفيفة يقول : هل لابد أن أموت لتظهر صورتي في الجرايد ؟ ... لقب " ببربري طرابلس " لتشابهه مع الفنان علي الكسار " بربري مصر " فقد كان متأثراً بذلك الفنان مع إضفاء الروح الليبية على أدائه . قدمنا من خلالها – أي الأمل - العديد من الأعمال " عصمان البحري " بطولة حمدي وهي رواية مقتبسة من أعمال علي الكسار و" المريض " و " الصديق المنافق ". كان وقتها مختار الأسود صغيراً يعد لنا الشاي و " يعول علينا " وكانت ضمن فرقة الأناشيد .
* :- ...........
البيزنطي :- ... استمرت فرقة " الأمل " الى غاية دخول " الأنجليز " لمدينة طرابلس أثناء الحرب العالمية الثانية التي دمرت العديد من المباني طالت منزل العائلة بشارع الفنيدقة بالمدينة القديمة ، ومقر الفرقة . فبعد رفع منع التجول الذي فرضه الأنجليز أستأنفنا نشاطنا في مقر جديد بمنزل النحايسي بحومة البلدية وبأسم جديد " جمعية النهضة الطرابلسية للتمثيل والموسيقى " . بعدها أنتقلنا الى فندق " فكتوريو " الذي يملكه " محمد قنابة " خلف المصرف المركزي حالياً . و تم الانضمام الى " نادي العمال " الذي يضم ضمن أعضائه " أحمد راغب الحصايري " ورئيسه فيما بعد . قدمنا مسرحية " ناكر الجميل " وهي رواية تاريخية جسد أدوارها " عثمان نجيم " دور الملك ، وانا دور الأمير ، و " علي القروش " وزير ، والعديد من الجنود لا أذكر تفاصيلها الأن ، . كانت المناظر من تصميم الأستاذ فؤاد الكعبازي والمهدي الشريف بعدها تلتها " غرام وانتقام ، العودة الى المدرسة ، وخيانة الاصحاب " كلها من تاليف " حسن يوسف " وأخراج مصطفى العجيلي "... بعد " نادي العمال " وبنفس الأشخاص تقريباً وبنفس النهج أنشيئت " الفرقة الوطنية للتمثيل ".
*:- كيف كان يسير العمل في ذلك الوقت ؟
البيزنطي / شرف الدين :- كان العمل جماعياً ولكن غالباً مايتم عن طريق مدير الفرقة والقدر الأكبر عن طريق مصطفى العجيلي ..... الى أن أستعنا بالأستاذ " عبدالحميد البدوي " سنة ( 1938 م ) وهو زميلاً ل" يوسف وهبي " وقتها أهداء لنا الشيخ " عبدالرزاق البشتي " مسرحية " مساوي المال " من أخراج عبدالحميد البدوي . جهزنا العمل وقد أشرف على الأدارة الفنية " فؤاد الكعبازي " كما صمم شعار " نادي العمال " .. منع هذا العمل من قبل الأدارة الأنجليزية يوم العرض الذي كان مقرراً في " مسرح الهمبراء / الحمراء " الخضراء حالياً بعدما بيعت كل التذاكر فما كان منا الأ كتابة تعليق على ملصق " منعت لأسباب قهرية " ... لم نرضخ لهذا فقدمنا عمل جيد باسم " الأبرياء " من بطولة " عبدالهادي المزداوي " . وهي من تأليف الحاج " الطاهر الشريف " مساعد القايمقام " الطاهر باكير " .
* :- أين كان عرضها ؟
البيزنطي :- أتفقنا مع " اولاد سارينس " - وهي أسرة مالطية طرابلسية كانت تمتلك مسارح " البوليتياما ، والهمبراء ، والميراماري " -على عرضها في " الهمبراء " كان من عادتنا في تقديم عروضنا _ كما يعرف الحاج محمد _ نستهل الأمسية بأمسية غنائية قبل البدء أو في الفواصل بين مشهد ومشهد أثناء تغيير المناظر وفي نهاية العرض .. في هذا العمل تم إختيار شاب بهي الطلعة ذو صوت جميل يدعى " لبيد حيدر الخضار ".. تم الأتفاق معه على أغنية " محمد عبدالوهاب " " يللي بدعتو الفنون " فأشترط ووجود فرقة اوركسترالية " فتبرع " أحمد عاشور بالنوتة " وأستعنا بأربعين عازف بينهم طليان .. كان تصميم المناظر لفؤاد الكعبازي " وقد أستعنا " ب" بوكا دي فوكو " في منظر الطيور ، الذي عمل فيما بعد بمدينة السينما بإيطاليا . قدمنا مع " عبدالحميد البدوي " مسرحية " حفظ الوداد ، وغرام الملوك ، ويسقط الحب ".
شرف الدين :- كان تغيير المناظر يتطلب فترة زمنية تغطى هذه المساحة بأغنية أو عزف منفرد فكان عازف الكمان " أحمد عاشور " " حاجة من وراء العقل " يجيد تغطية هذه المساحة .
البيزنطي:- كان قبله - " محضرتاش ياحاج محمد "- أبن الرايس الدهماني ، الذي كلف له ابوه " بروفسور" لتعليمه ، وقد عزف في أول أفتتاح للإذاعة الليبية بمعرض طرابلس " .
*:- من كان يجسد الأدوار النسائية ؟
البيزنطي :- لم نضع الشخصية النسائية في أعتبارنا منذ الشروع في تأليف العمل وإن حدث يجسدها " بشير العريبي " وقد قمت أنا أيضاً بتجسيد أدوار نسائية... فعندما أتى الأستاذ عبدالحميد البدوي ، أنظمت للفرقة ممثلثان مصريتان " فتحية محمد ، وفتحية مصطفى " .
* :- بوجود الجاليات التي تقطن مدينة طرابلس في ذلك الوقت هل ثمة نوادي أو فرق مسرحية ؟
البيزنطي / شرف الدين :- هناك العديد من الجاليات في ذلك الوقت الايطاليين ، اليهود ، القبارصة ، والمالطيين ، والأرمن ، واليونانيين . . فالايطاليون لديهم فرقة " دي بولا فورو " . واليهود يملكون " نادي المكابي " الذي يعد فرعاً من النادي الرئيسي ببريطانيا ، قدم مسرحية " يوسف الصديق " في دار عرض " الميرا ماري " بالعربية الفصحى سنة " 1945 م .
انتقل الحديث الى ذكريات عن سكان المدينة القديمة ويهود طرابلس والمالطية والفنانيين الطليان وعن مشاركتهم مع فرقة يوسف وهبي وزيارة فرقة " بديعة مصابني " وحضور " أمينة رزق ". وتاريخ كرة القدم الليبية وذكرياتهم مع " حمدي " و" مصطفى الأمير" و" خليفة ماعونة " والموسيقاء و" بشير فحيمة " و" علي مصطفى المصراتي " و"عبدالرزاق بن نعسان " .... الى أن سلك الحديث مسارب أخرى . وقتها قدم إلينا سجل للزوار ليخط شرف الدين كلمة بالمناسبة مع تقديم شكرنا للحفاوة .. دعاء لي بترك التدخين وهو يتهياء لتوديعنا . .
*الفنان " أحمد عبدالله البيزنطي " مواليد طرابلس " 1916 م " شارك في العديد من الأعمال المسرحية منها :-
1- مسرحية " وديعة الحاج فيروز الخراساني "
2- مسرحية " عبدالرحمن الناصر "
3- مسرحية " حلم المأمون "
4- مسرحية " يسقط الحب "
5- مسرحية " غرام الملوك" مشاركة مصرية ليبية
6- مسرحية " حفظ الوداد " مع فصل فكاهي بعنوان " المدام ايزابيلا " .
7- مسرحية " عصمان في الجيش " .
8- مسرحية " شنقور وشنقران " .
9- مسرحية " براعة ممثل ".
10- مسرحية " طايش وطرشون " .
11- مسرحية " إعتناء الأباء بالأبناء " .
12- مسرحية " مغالاة المهور".
13- مسرحية " كيف تدور الدواير "
14 – مسرحية " العاقبة "
15- مسرحية " الأبرياء "
17-مسرحية " الدكتور فاوست "
19- مسرحية " المفتش "
20-مسرحية " أماه "
21-مسرحية " تحت الرماد "
22- مسرحية " النمام "
** عرضت بمسرح " البوليتياما " دار عرض النصر فيما بعد بتاريخ ( 17-6 – 1937 م ) فقد أستغرق إعدادها للمسرح سبعة شهور ، وهي مسرحية وطنية تحكي على عدالة المسلمين . جسد دور الملك المطرب" محمد نجيم " بعدإنتهاء العرض قدم الفنان الساخر " محمد حمدي " فاصل فكاهي بعنوان البخيل " بمساعدة " إحمد البيزنطي ، مصطفى الفلاح ، خيري فرحات ، أنور شحاتة ، " قبل بداية العرض ألقيت كلمة حماسية ألقاها أحد الرواد .
المصادر :-
1-" الفن والمسرح في ليبيا " تأليف : بشير محمد عريبي / منشورات الدار الغربية للكتاب ( ليبيا –تونس ) 1981 م .
" كتيب " عن سيرة الفنان أصدرته أمانة * الشعبي الأساسي المسيرة الكبرى بمناسبة تكريمه بتاريخ "2-12-2004 م" . كما أستعنت بإبنه " عادل البيزنطي " في معرفة بعض التفاصيل .
- كرم الفنان " أحمد عبدالله البيزنطي " من قبل أمانة الثقافة ، واللجنة الشعبية ااثقافة والأعلام بشعبية طرابلس ، ومن سفارة فلسطين .
فؤاد الكعبازي
سيرة القنديل أو ذاكرة الإبداع البكر
على مدى ستة أيام متقطعة حرص الأستاذ " فؤاد الكعبازي " كما حرصت على أن تترك الذاكرة تقودنا الى سرد حر مفتوح لأن الذاكرة كما يقول أشبه بالفقاقيع إذا أطلقت واحدة تيقظت الأخريات " فكانت تداعيات سرده أشبه ببناء روايات " ميلان كونديرا" في إنتقاله الزماني والمكاني والعودة اليهما . لم تفارقه ذكريات طفولته فنراها نقية صافية على غير ذكرياته في فترة الأربعينيات والخمسينيات التي يتعذّر عليه رصد تواريخها وأسماء أعلامها تاركاً لي مهمة التـأكد منها من المراجع أوشهود عصرها للأمانة . هنا أختص بنشر مادار بيننا من حوار حول المسرح وأعلامه الرواد .
* :- عندما تأسس " نادي العمال " سنة " 1944 م " برئاسة " احمد قنابة " وعضوية د. مصطفى العجيلي " نائباً للرئيس " و " محمد محمد قنابة " أميناً للصندوق . قمت بتصميم شعار النادي ، بالإضافة الى نشاطك كرياضي ومصمم مناظر "1 " .
د . الكعبازي :- كان أغلب رواد " نادي العمال " من خريجي " مدرسة الفنون والصنائع " وكان رواده " مصطفى العجيلي ، والهادي المشيرقي ، ومحمد قنابة ، واحمد قنابة ، ومحمد حمدي ، وأحمد البيزنطي ، عبدالمجيد النعاس ، والصديق حواص ، وسالم التلتي ، وعمر حدود ، سالم كمال ، وأحمد الحصايري ، _ تحر على الأسماء فذاكرتي لاتستطيع استحضارهم كلهم _ والتحق أخيراً " مصطفى الأمير " كان يضم موسيقيين و ملاكمين وأدباء وعمال ... كان مقرّنا في " حوش قنابة " بشارع " سيدي درغوت " وهو عبارة عن منزل عربي يحتوي على استراحات . صممنا فيه حلبة للملاكمة ومصطبة للتمثيل في صالة بمساحة ( 12×12 متر) قمت بهذا العمل صحبة " علي فتحي المحمودي " من مناظر ونجارة.... يضم هذا المقر إستراحات صيفية وصالة للشتاء ، تركنا في خلفية الركح مسافة 30 سم على الحائط لضرورات التنكر وتغيير الملابس " كواليس " و لم يترك مكاناً للملقن الذي يعد ضرورة من ضرورات فن التمثيل في ذلك الوقت ، فكان بدوره يحفظ جميع الأدوار ويتنقل حسب حركة الممثل . كان أيضاً " مصطفى العجيلي " و محمد حمدي" يمتلكون القدرة على الحفظ .... روح التعاون هي المبداء الذي اعتمدناه في هذا النادي ... كانت تجلب المقاعد من المقاهي بعدما تقفل أبوابها . وتكفلت أنا بالستائر من بيت والدي وإرجاعها للبيت بعد العرض . منهم من تكفل بمد الإنارة . الملابس كان يتكفل بها الممثلين . كان " مصطفى العجيلي " يمتلك مقدرة نادرة على جمع التبرعات من الأسواق بمساعدة " محمد الكريكشي " . إضافة لدوري في المناظر والتنكر كنت مدرباً للتربية البدنية " الملاكمة ، المصارعة ، كرة القدم" . كما قدمت يوم الافتتاح عرضاً رياضياً "1" .... كنت قبلها منتسباً للنادي الأدبي والكشاف صحبة " مظفر رفعت " والد " حورية مظفر " ، و" مماد الامير" ، والد " مصطفى الأمير " . ولد " الكشاف " سنة 1934 م " قبل ميلاد " النادي الأدبي " كانت التدريبات _ أي الكشاف _ في " سيدي عمران " كما أسس " نادي العمال " تحت مظلة " النادي الادبي " الذي أفتتح امام " مكتب الفنون و الصنايع " أمام " فندق البدري " .
*:- أخبرتني بأن والدك لم يذهب للعروض المسرحية إلا مرة واحدة عندما ألتزم أمام فرقة هواة درنة سنة 1936 م . كما لا يرغب في إنضمامك لأي فرقة مسرحية .
د. الكعبازي :- كان " مصطفى العجيلي " يتمتع بعلاقة طيبة مع والدي الذي دعاه لحضور أحدى العروض التي أمثل فيها دور " عريس " يموت والده دون علمي . لم يرض أبي هذا الموقف و تشأم منه ولم يذكره سلباً أو إيجاباً . كانت ردة فعله الوحيدة إمتناعه عن الكتابة في مجلة " المرآة " التي يديرها " مصطفى العجيلي " أنتقل هذا الإحساس إلي من والدي ولم أعد التجربة بعد ذلك .
*:- هذا أخر عرضاً لك كممثل ... كيف كانت البدايات ؟
د . الكعبازي :- اول عرض أذكره كان مع الممثل " محمد حمدي " في دور " طبيب " كان باللهجة المصرية التي لم اكن أجيدها مثل " حمدي " و " حسن المصري " ، الأمر الذي جعل الجمهور يضحك من طريقة أدائي . واضحكت " حمدي " معي . كتبت الصحف " الممثل الذي أضحك " حمدي " .... تعلمت من حمدي فن التنكر والإخراج وطريقة صباغة الوجه . .... بعدها انتقلت فرقة " نادي العمال " الى مقر أخر "2" . شاركت في تأسيس " الفرقة العربية للتمثيل " 3 " مع نخبة من المثقفين أذكر منهم " محمد حبيب الله ، سالم كمال ، أحمد جميل ، عبدالسلام باش امام " مع الأستاذ " الطاهر الشريف " _ وهو شخصية وطنية _ أتفقنا مع " سالينوس " صاحب " الهمبراء " الذي خصص لنا صالة للتدريبات . كنت مسؤلاً فنياً في أغلب أعمال الفرقة وكان " سالم كمال " مديراً للإدارة المسرحية . كانت لغة الأعمال الفصحى البسيطة السلسة . قمت بإخراج مسرحية " أماه " من تأليف " الطاهر الشريف " تحكي سيرة ثلاث شخصيات " عمر الخيام ، ونظام الملك ، وحسن السفاح " وتربط بينهما " الأم " كنت أقوم برسم الشخصيات حسب تصوري وأقدمها للممثلين مع النسخة ، في أغلب أعمالي كنت أعتمد هذه الطريقة وأيضاً كنت أحاول أن أجرب الممثل في أغلب الأدوار . في أحد الأعمال أسندت دور " المحقق ل " لبيد الخضار " وأسندت للبيزنطي دور " بحار " مع كل تفاصيله بالوشم والأداء .. مع مخارج حروف الشخصية . ففي هذا العمل يمثل عاملاً وفي عمل أخر مديراً . ولتأثري بالسينما أدخلت الأداء الطبيعي للمسرح مستعيناً بناقل للصوت . مثلث في هذا العمل فتاة إيطالية مستوطنة ، كما قمنا بتنفيذ شلال تجري منه المياه بمساعدة الخلفية والإضاءة وتوزيع المياه من الحنفيات .... في أحد العروض قدمت الفرقة " لبيد لخضار " _ وهو شخصية محبة للفن ويتمتع بصوت جميل ويعشق أغاني " محمد عبدالوهاب "_ بالات عصرية اوركسترالية متكاملة غنى فيها قصيدة " أنشودة الفن " " 4 " .
* :- كيف كانت أشكال الدعاية في ذلك الوقت ؟
د. الكعبازي :- كان ينشر إعلانأ في صحيفة " طرابلس الغرب " مع ملصقات كبيرة تعلق أمام المسرح كان " محمد بطاطا " ينسخ منها عدة نسخ في مطبعة يملكها إيطالي . وأوراق صغيرة ملونة توزع يكتب عليها أسم العمل ومكانه وقيمة التذكرة . بقيت مع هذه الفرقة الى غاية ذهابي الى " بريطانيا " للدراسة .
- المصادر :-
-"1"_ تصدرت الساحة حيث يقع مربع الملاكمة صورة كبيرة لشعار النادي قام بتصميمها ورسمها " فؤاد الكعبازي " .......... وانتهت الحفلة باستعراضات رياضبة سويدية قام بها المدرب الرياضي " فؤاد الكعبازي " والرياضي المسرحي " عمر جرمة " . المصدر / بشير محمد عريبي " الفن والمسرح في ليبيا " منشورات " الدار العربية للكتاب " ليبيا- تونس 1981 م .
"2" _ سنة " 1945 م " انتقلت الفرقة الى " فندق النصر " أما " برج الساعة " بشارع سوق المشير كانت باكورة ‘إنتاجها " مساوي المال " تأليف " عبدالرزاق الطاهر البشتي " أخراج " د . مصطفى العجيلي " وأشرف على الإدارة الفنية " فؤاد الكعبازي " . المصدر السابق .
" 3 " _ تأسست الفرقة العربية سنة " 1946 م " وكان بين روادها " الأديب الطاهر الشريف ، مظفر الامير وبشير عريبي " أهم أعمالها المسرحية " الأبرياء ، أماه ، العاقبة ، تاجر الجواهر " من تأليف الطاهر الشريف ، وفد ندبوا أستاذاً إيطالياً لتدريبهم على التمثيل وأستاذاً أخر للموسيقى . المصدر السابق .
"4 " _ عقب عرض مسرحية " الأبرياء " تأليف واخراج " الطاهر الشريف " قدم " لبيد الخضار " " أنشودة الفن " وهي أحدث أغنية ل " محمد عبدالوهاب " رافقته في الأداء الفرقة الموسيقية الشرقية بقيادة " عثمان نجيم " وعزفت الفرقة الموسيقية عدة قطع غربية بقيادة المايسترو " باربا لونقا " . المصدر السابق .
أهلاً.... مصطفى الأمير ..
حاوره / نوري عبدالدايم
أول ما راودني ونحن في طريقنا نحو منزل الكاتب " مصطفى الأمير" صحبة الأصدقاء مفتاح العماري ، عبدالحكيم القبايلي ، أحمد السيفاو. هي كيفية المفتتح لحوارنا مع رجل ثمانيني أنهكته خشبات المسارح . وملته " كواليسها " . تمثيلاً وإخراجاً وتأليفاً ، وأضنته ملاحقة مستجداتها في مسارح " ميلانو " و " أسراكها " . هذه الحيوية التي كان يتمتع بها " الأمير " من ممثل في فرقة " نادي العمال " التي أسسها الشاعر " أحمد قنابة " سنة 1944 م إلى مؤسس لفرقة تضم جيله أسماها " فرقة الشباب الاستعراضية " سنة 1946م " التي كانت باكورة أعمالها" ضربة القدر " وهي من إخراجه وتأليفه ومن بطولة الفنان كاظم نديم ، وميلود الزقلعي . فكانت خلاصة هذه التجربة " الفرقة القومية للتمثيل والموسيقى " سنة 1951 م " التي ضمت العديد من الأسماء المهمة في الحركة المسرحية الليبية ، محمد حقيق ، الطاهر الجديع ، البهلول الدهماني ، محمد قنيدي ، الطاهر العربي ، شعبان القبلاوي ، وليلتقي رفيقا سيرته الفنان " محمد شرف الدين " والممثل " مختار الأسود " . مكوناً هو والأول ثنائياً في تأليف وإخراج العديد من الأعمال المسرحية " الدنيا ساعة بساعة ، اللي يديره بيده ربي يزيده ، طبيب ونص عن موليير ،العسل المر ، اللي تضنه موسى ، كل شيء يتصلح ، قبر مشيد ولا خيال مشوم ، حلم الجعانين ، دوختونا " التي عرضت من خلال هذه الفرقة . فالأمير لم يقتصر دوره على التأليف والإخراج فقط بل كان يقوم بمهام التكوين والإعداد لأعضائها ، فالفرقة القومية سيرة طويلة .
."الأمير" العاشق الطرابلسي أبن " زنقة الريفي " بالمدينة القديمة ، التي تشكّل من ذاكرتها وأزقتها. كما شكّل هو ذاكرة جيله و ذاكرة مدينته فيما بعد . " مصطفى الأمير " ومع بدايات القرن الماضي أرسل كالعديد من الأطفال إلى " كتّاب الزرقاني " ليلتحق بعده بمدرسة " أمير بيامونتي " الإيطالية ، ممضياً فيما بعد ثلاث سنوات في المدرسة الإسلامية العليا. أثناء ولوجنا باب البيت رافقنا أحد أبنائه الذي استقبلنا بحفاوة بالغة عبر رواق يفضي إلى صالة مرتبة بأناقة تنبعث منها الذكريات من كل جنباتها . فالمكتبة تضم إلى جانب بعض الكتب والمخطوطات ، جهاز مذياع قديم مؤرخ بميلاد ابنته البكر التي بلغت الخمسين من العمر. صور مؤطرة وشهادات تقدير تزين جدران الصالة تمثل مراحل مختلفة من سيرة هذا المبدع الذي غمرته فرحة بالغة ممزوجة بالود احتفاء بقدومنا ، ومن سرير مرضه الذي لازمه عشر سنوات أختصر علينا خوفنا من البدايات كاسراً حاجز الكلفة التي كنا مرتبكين في حضرتها بوده وسخريته المحببة التي طالت لحية " السيفاو" الكثة ، مروراً بذاكرته التي لم تعد تسعفه . فحديثنا معه عفوياً وودوداً وجماعياً فكان عبارة عن " هدرزة ليبية " . ذكرته بتكريمه في المهرجان الأول للنهر الصناعي للمسرح بمدينة بنغازي في بداية التسعينيات من القرن الماضي .
الأمير : أي تكريم .... آ آه .. أجل تذكرت . كانت حفلة كبيرة ... الصالة امتلأت بالحضور الذين أثلجوا صدري بالود و وتوجوه بباقات الورود..... كنا نجلس حول " الجابية الكبيرة " حوض السباحة بالقرية السياحية ... كانت حفلة كبيرة . كنت وقتها بعافيتي . أجل كانت حفلة كبيرة .
* :- ماذا عن الفرقة القومية ؟
الأمير :- أخر عمل كان " سويلمة " التي قدمها " مفتاح المصراتي " . بعدها كان مشروع تعاون مع المرحوم " الأمين ناصف "... أمضينا معاً جلسات عمل تجاوزت الشهرين في هذا المنزل . وأطلعني على رؤيته التي كنت راض عنها تماماً حتى أنه في بعض الأحيان يجسد أمامي بعض الشخصيات حسب رؤيته .... لكن مع الأسف اختطفته المنية قبل أن يرى هذا المشروع النور ... المنية غريبة أحياناً . كانت صدمة بالنسبة لي . ولكن هكذا شاء القدر.. فليرحمه الله .
* :- ألا تذكر اسم العمل ؟.
الأمير :- هذا العمل كان خلاصة أعمالي المسرحية . ولم نتفق على اسم له أنا والمرحوم .
وما زلت أحتفظ بالنص كمخطوط وهو ضمن خمسة أو ستة أعمال لم تنفذ .
* :- مسرحية" شهرزاد" كانت مشروع للمخرج حسن قرفال في المسرح الوطني وأيضا لم يكتب لها العرض .
الأمير :- لم يكتب لها العرض بسبب هذه الإعاقة التي سببها فتور في الأعصاب المحركة للعضلات حسب رأي الأطباء . حاولت البحت عن حل قبل حلول الأزمة فذهبت إلى ألمانيا ولندن ولكن هكذا شاء القدر ، الحمد لله على كل حال .
* :- ماذا عن تأسيس الفرقة القومية ؟
الأمير :- كان تأسيس الفرقة القومية جماعياً ، أذكر أنا و" شرف الدين " كنا من الأوائل والمرحوم " إدريس الشغيوي" شقيق " حسن " . ثم التحق بنا " الطاهر الجديع " . فالذاكرة لم تعد تسعفني... كنا مجموعة . ذهبت الأيام وذهب الأصدقاء ... فلكم أشعر براحة عندما أعلم بقدوم زائر . فلكل عذره ... فتكاليف الحياة أصبحت صعبة ومنهكة فلا لوم على أحد .
* : - انتم تمثلون جيل الريادة ، وتمثلون ذاكرة وطن . وتستحقون الكثير ومن حقكم علينا الكثير .
الأمير :- أشكركم على شعوركم الطيب ، والعذر معهم فلكل منا تفاصيله وهمومه الخاصة والوقت ثمين... نعود للمسرح .
* :- توقفنا عند شهرزاد .
الأمير : - حسن قرفال قدم عملين من تأليفي " ما يقعد في الوادي إلا حجره " و" بين يوم وليلة " التي قدمت فيه" لطفية إبراهيم" أداءً متميزاً ، ومن صميم إبداعها . .. خروجها في أول العرض ب" المكنسة " لتكنس ذلك الحاضر الذي سيقدم على الخشبة . كانت فنانة بمعنى الكلمة . لطفية فنانة كبيرة .
* :- ما مصير المخطوطات التي في حوزتك ... ومدى إمكانية الإطلاع عليها ونشرها ؟ .
الأمير : - سأبحث عنها . لا أدري هل هي في هذه الأرفف أم بالداخل سأبذل جهدي في البحث عنها . فالذاكرة لم تعد تسعفني فهذا المرض ووزن السنوات العشر كان ثقيلاً ... الحمد لله البركة في الأولاد . أنا أنجبت عشرة أبناء ستة أولاد وأربع بنات كلهم زوجتهم وعلمتهم . ومحفوف بثمانية وثلاثين حفيداً منهم الجامعي والدكتور والمهندس وعندي أبن الحفيد.
* : - ماشالله ... تبارك الرحمن ... ربي يحفظهم .
الأمير :- الله يسلمكم ..ويحفظكم .. ويحفظ الجميع .. وينجيكم من آفات الزمان ومن دعاة الشر" ومن العين.. مافيش زي العين تأخذ " .
* :- عمي " مصطفى " كنت مطلعاً على المشهد المسرحي الإيطالي .
الأمير :- لا تخلو زيارة لإيطاليا من مشاهدة عروض مسرحية . لقد شاهدت الكثير وخاصة مسرح " ميلانو" المتمثل في المخرج والممثل والكاتب " البرتو سورتي " . كما تعجبني أفلام" روسليني " ويعجبني " بيرنديلو " .
*:- هل نقلت أعمال لبيرنديلو؟
الأمير :- قمت بإعداد عملين أو ثلاثة ل" بيرنديلو " ولكني لا أذكرها. كما نقلت العديد من الأعمال الإيطالية وأعدت صياغتها للمحلية الليبية ً وعرضت في مسارحنا . كما حاولت الاستفادة من التقنية الإيطالية في مسرحية " حلم الجعانين " . عندما زرت مخازن" نابولي" واخترت ملابس الأشباح ، وقتها كان شيئاً جديداً ومتميزاً .( في هذه الأثناء يطلب السيفاو الإذن للذهاب لمعرض الفنان الساخر محمد الزواوي ) " الزواوي " أستاذنا.. بلغه سلامي .
* :- ماهي أماكن العرض التي كانت تقام عليها عروضكم ؟
الأمير :- الأماكن كثيرة فغالبا ًما كانت عروضنا في مسرح الحمراء والغزالة ومسرح " الميرامار " كانت دار للأوبرا بأربعة أو خمسة طوابق .
* :- ما مدى الإقبال على عروضكم في ذلك الوقت ؟
الأمير :- كان هناك إقبال كبير على المسرح حتى إني استغرب الآن عزوف الجماهير على المسرح . وقتها كانوا شباب الجامعة والثانوية ومن كل الشرائح يشاهدون أعمالنا، وكانت التذاكر في المتناول عشرة قروش وعشرون قرشاً . وثمة تذاكر تشجيعية تصل إلى خمس وعشر جنيهات .
* :- ما مدى علاقتك بالمرحوم الحاج محمد حقيق ؟
الأمير :- الله يرحمه... الله يرحمه . كان أول تعاملي معه في مسرحية " تحت الرماد " في دور جنرال إيطالي الذي تقمصه بإتقان شديد أبهرنا بأدائه . وكان رفيق سفري لمعرض " ميلانو " الذي يقام على هامشه مناشط مسرحية وعروض من " السيرك العالمي " السيرك الإيطالي والبلجيكي والفرنسي والهولندي . أنا أحب السيرك كثيراً ، وعند تأسيسي لفرقة الشباب الاستعراضية " كان حلمي في هذه الفرقة يشمل الرقص ، والحركة ، والغناء ، والمشهد التمثيلي حتى أني استعنت بمخرج إيطالي ليقوم بمهام التكوين والإخراج ولكن هذا الحلم لم يتحقق .
* :- أنت أحد مؤسسي فن المونولوج وقدمت العديد من " المونولوجات " .
الأمير :- أول مونولوج كان من تأليفي " لحم الخروف يرى أم أكلة عجب" غنيته على لحن لأغنية أم كلثوم . " زهر الربيع يرى أم سادة نجب " مع فرقة الحاج " حسونة فحيمة " التي كانت عبارة عن تخت شرقي . كان " الطاهر جديع " أيضا أحد رواد فن المونولوج بروحه المرحة ، و ما زلت أذكر مونولوج " شعبان القبلاوي " الذي يقول : " علاش ولواش ؟ توا نقوللكم لواش " .
* :- عمي مصطفى أنت رائد من رواد الصيدلة ورائد من رواد المسرح أين تجد نفسك ؟
الأمير : - كان هذا عندما تم العرض من قبل الحاج " سالم مبارك " بمشاركته في صيدلية " الساعة " بخبرتي ومؤهلي . فقد تعلمت الصيدلة بالمستشفي الحكومي " روسيو دولي مانويلو " المركزي حالياً . كنت ممرضاً وقتها ، وبعد دورة تدريبية أنتسبت إليها أنا و " سعيد السراج " لمد تسعة أشهر . فكان تعلمي على يد طبيبة إيطالية ماتت وهي في الثلاثينات من عمرها ، وقتها كنت في العشرينيات من العمر وفقير الحال ، فوالدي كان عامل نظافة في صيدلية " البلدية " في ذلك الوقت و حديث العهد بليبيا ، فهو من مواليد " أزمير" نتيجة مغادرة جدي ليبيا " وقت الهجة " أبان الاحتلال الإيطالي . حتى أن لكنته لم تستقيم إلا مؤخراً وبعد مدة من الزمن .
* :- هذه الصورة تجمعك بالوالد ؟
الأمير :- هذا أنا وعمري خمسة عشر سنة مع الوالد وأخوتي لم يتبق منهم إلا أخي " حسن " . رحمهم الله جميعاً . وهذه في نادي الاتحاد الرياضي عندما قدمت فيها " أسكتش " و كان معي " محمد الفرجاني " المطرب الشقيق الأكبر للمطرب " نوري كمال " . و" سعيد الخوجة ط و المعلق الرياضي " حسن الشغيوي " . وهذا وسام الريادة الذي قدم لي في عيد الوفاء .
* :- ما هي المحطات التي ظلت في الذاكرة وكنت فخوراً بها ؟
الأمير : - أنا فخور بهذه الزيارة اللطيفة التي بعثت في نفسي الكثير من الأمل . فأنا سعيد جداً بوجودكم . " وانشالله تتكرر هذه الزيارات ولو في المناسبات " .
غادرنا منزل الأستاذ" مصطفى الأمير" وملامحه توحي بامتنان شديد لهذه الزيارة متمنياً علينا وبإلحاح بتكرارها فكان وعدنا له مطمئنا . ترى هل نستطيع تحقيقه في هذه الدوامة التي تشبه دوامة أم العروس " مشغولة وفاضية " ؟!! .
*المصادر : ثلاث مسرحيات ليبية / مصطفى الأمير تقديم بشير الهاشمي منشورات المنشاة الشعبية للنشر والتوزيع والإعلان .
* محادثة شفهية مع الفنان محمد شرف الدين.
وداعاً
" مصطفى الأمير "
بتاريخ " 28-4-2006 م " غادرنا الكاتب والمخرج والممثل " مصطفى محمد الأمير " عن عمر يناهز على 83 سنة " الى متواه الأخير بمقبرة " سيدي بوكر " . غادرنا "الأمير" العاشق الطرابلسي أبن " زنقة الريفي " بالمدينة القديمة ، التي تشكّل من ذاكرتها وأزقتها. كما شكّل هو ذاكرة جيله و ذاكرة مدينته فيما بعد . " مصطفى الأمير " ومع بدايات القرن الماضي أرسل كالعديد من الأطفال إلى " كتّاب الزرقاني " ليلتحق بعده بمدرسة " أمير بيامونتي " الإيطالية ، ممضياً فيما بعد ثلاث سنوات في المدرسة الإسلامية العليا. غادرنا بعدما أنهكته خشبات المسارح . وملته " كواليسها " . تمثيلاً وإخراجاً وتأليفاً ، وأضنته ملاحقة مستجداتها في مسارح " ميلانو " و " أسراكها " . هذه الحيوية التي كان يتمتع بها " الأمير " من ممثل في فرقة " نادي العمال " التي أسسها الشاعر " أحمد قنابة " سنة 1944 م حيث برز في مسرحية " العودة الى المدرسة " تأليف وإخراج " د . مصطفى العجيلي " . إلى مؤسس لفرقة تضم جيله من الشباب ، أسماها " فرقة الشباب الاستعراضية " سنة 1948م " التي كانت باكورة أعمالها " مرغوب معترض " و " ضربة القدر " وجمعية المناحيس " ومشاركاً في كل أعمالها تمثيلاً أوتأليفاً أوإخراجاً أو " مونولوجست " . بعد توقف " فرقة الشباب الأستعراضية " . كان عضواًُ مؤسساً وبارزاً في " فرقة رابطة المعلمين " صحبة " شعبان القبلاوي ، كاظم نديم ، عثمان نجيم ، سعيد السراج ... الخ " وقدم لها العديد من الأعمال منها " خطر المدجيل ، جليس السؤ ، النجاة في الصدق " بالإضافة مشاركته كممثل . كانت خلاصة هذه التجربة " الفرقة القومية للتمثيل والموسيقى " سنة 1951 م " التي ضمت العديد من الأسماء المهمة في الحركة المسرحية الليبية ، " محمد حقيق ، الطاهر الجديع ، البهلول الدهماني ، محمد قنيدي ، الطاهر العربي ، شعبان القبلاوي " ، وليلتقي رفيقا سيرته الفنان " محمد شرف الدين " والممثل " مختار الأسود " . مكوناً هو والأول ثنائياً في تأليف وإخراج العديد من الأعمال المسرحية " الدنيا ساعة بساعة ، اللي يديره بيده ربي يزيده ، طبيب ونص عن موليير ،العسل المر ، اللي تضنه موسى ، كل شيء يتصلح ، قبر مشيد ولا خيال مشوم ، حلم الجعانين ، دوختونا " التي عرضت من خلال هذه الفرقة . فالأمير لم يقتصر دوره على التأليف والإخراج فقط بل كان يقوم بمهام التكوين والإعداد لأعضائها ، فالفرقة القومية سيرة طويلة التي كانت محطته الأخيرة ، كما ألف العديد من التمثليات الإذاعية والمرئية . " المؤتمر في عددها ...... كان لها موعد مع المرحوم " الأمير " رأت بأن تنشر جزء من هذا الحوار إحياء لذكراه وقيمته كمبدع أثرى الحركة المسرحية على مدى ست عقود . وهذا سبب أكثر من كاف لدى المؤسسات الثقافية للبحث على أثاره ونشرها تكريماً لهذا المبدع الكبير .
* :- ماذا عن الفرقة القومية ؟
الأمير :- أخر عمل كان " سويلمة " التي قدمها " مفتاح المصراتي " . بعدها كان مشروع تعاون مع المرحوم " الأمين ناصف "... أمضينا معاً جلسات عمل تجاوزت الشهرين في هذا المنزل . وأطلعني على رؤيته التي كنت راض عنها تماماً حتى أنه في بعض الأحيان يجسد أمامي بعض الشخصيات حسب رؤيته .... لكن مع الأسف اختطفته المنية قبل أن يرى هذا المشروع النور ... المنية غريبة أحياناً . كانت صدمة بالنسبة لي . ولكن هكذا شاء القدر.. فليرحمه الله .
* :- ألا تذكر اسم العمل ؟.
الأمير :- هذا العمل كان خلاصة أعمالي المسرحية . ولم نتفق على اسم له أنا والمرحوم .
وما زلت أحتفظ بالنص كمخطوط وهو ضمن خمسة أو ستة أعمال لم تنفذ .
* :- مسرحية" شهرزاد" كانت مشروع للمخرج " د.حسن قرفال " في المسرح الوطني وأيضا لم يكتب لها العرض .
الأمير :- لم يكتب لها العرض بسبب هذه الإعاقة التي سببها فتور في الأعصاب المحركة للعضلات حسب رأي الأطباء . حاولت البحت عن حل قبل حلول الأزمة فذهبت إلى ألمانيا ولندن ولكن هكذا شاء القدر ، الحمد لله على كل حال .
* :- ماذا عن تأسيس الفرقة القومية ؟
الأمير :- كان تأسيس الفرقة القومية جماعياً ، أذكر أنا وشرف الدين كنا من الأوائل والمرحوم إدريس الشغيوي شقيق حسن . ثم التحق بنا الطاهر الجديع . فالذاكرة لم تعد تسعفني... كنا مجموعة . ذهبت الأيام وذهب الأصدقاء ... فلكم أشعر براحة عندما أعلم بقدوم زائر . فلكل عذره ... فتكاليف الحياة أصبحت صعبة ومنهكة فلا لوم على أحد .
* : - انتم تمثلون جيل الريادة ، وتمثلون ذاكرة وطن . وتستحقون الكثير ومن حقكم علينا الكثير .
الأمير :- أشكركم على شعوركم الطيب ، والعذر معهم فلكل منا تفاصيله وهمومه الخاصة والوقت ثمين... نعود للمسرح .
* :- توقفنا عند شهرزاد .
الأمير : - حسن قرفال قدم عملين من تأليفي " ما يقعد في الوادي إلا حجره " و" بين يوم وليلة " التي قدمت فيه" لطفية إبراهيم" أداءً متميزاً ، ومن صميم إبداعها . .. خروجها في أول العرض ب" المكنسة " لتكنس ذلك الحاضر الذي سيقدم على الخشبة . كانت فنانة بمعنى الكلمة ." لطفية " فنانة كبيرة .
* :- ما مصير المخطوطات التي في حوزتك ... ومدى إمكانية الإطلاع عليها ونشرها؟ .
الأمير : - سأبحث عنها . لا أدري هل هي في هذه الأرفف أم بالداخل سأبذل جهدي في البحث عنها . فالذاكرة لم تعد تسعفني فهذا المرض ووزن السنوات العشر كان ثقيلاً ... الحمد لله البركة في الأولاد . أنا أنجبت عشرة أبناء ستة أولاد وأربع بنات كلهم زوجتهم وعلمتهم . ومحفوف بثمانية وثلاثين حفيداً منهم الجامعي والدكتور والمهندس وعندي أبن الحفيد.
* : - ماشالله ... تبارك الرحمن ... ربي يحفظهم .
الأمير :- الله يسلمكم ..ويحفظكم .. ويحفظ الجميع .. وينجيكم من آفات الزمان ومن دعاة الشر" ومن العين.. مافيش زي العين تأخذ " .
شرف الدين .. حكاية مشوار (1)
يستوقفنا مشوار الستين سنة الأخيرة في ذاكرة المسرح الليبي ، علم من أهم أعلامها وملامحها الحقيقية المتمثلة في رحلة الأستاذ " محمد شرف الدين" الفنية كرائد مؤسس مقترن برحلة رفيقه " مصطفى الأمير " . ف" شرف الدين " بحق يعتبر من المبدعين القلائل الذين لم يهجروا خشبة المسرح و" كواليسها " طيلة مشواره الإبداعي وإن هجرته الخشبات كما حدث في السنوات الأخيرة فلم يفارقه كرسي المتفرج و " ورشة المسرح الوطني / طرابلس " والدفاع عن مقر" الفرقة القومية" في الدوائر الرسمية بعدما تم تخصيصها كمسكن . كما لم يتوقف نشاطه ككاتب مسرحي لأعمال لم تر النور بعد. " شرف الدين " أو " عمي محمد " كما تعودنا أن نناديه متعدد العطاء ، فهو لم يكن ممثلاً مسرحياً فحسب بل إلى جانب هذا مارس الإخراج والتأليف المسرحي، وصمم المناظر للعديد من الأعمال المسرحية ، وهو رسام معماري وجيولوجي إضافة الى ريادته كرسام ساخر.
* :- عمي محمد... السيرة طويلة ، ترى من أين نبدأ ؟
شرف الدين :- نبدأ بحادثة لم تغادر ذاكرتي . بعدما " دخلت الكتّاب " في طفولتي المبكرة نقلني أخي مستمعاً إلى المدرسة الليبية الإيطالية التي كانت تديرها إدارة إيطالية مع وجود مدرسين ليبيين أذكر منهم " حسن البوصيري ، رجب أفندي ، حسونة جفارة " . تصادف وجودي في ذلك الوقت بزيارة " الدوتشي موسليني " الفاشي الى ليبيا ، الذي أجبرنا على استقباله بعدما ألبسونا ملابس محلية وصفّونا بمحاذاة " الكورنيش " واضعين أعلاماً فاشية لنلوح بها عند مرور موكب " الدوتشي " ونحن نصرخ بأسمه مع حركة أقدامنا. في هذه الأثناء سقط علم الطفل الذي يجاورني تحت أقدامي . استفز منظر العلم الفاشي المداس أحد المدرسين الطليان وكان من ذوي " القمصان السود " وعلى إثرها سجنني في المدرسة ثلاثة أيام بعدما تم إستدعاء والدي ، وأقيمت محكمة مصغرة في المدرسة يقودها مدير المدرسة . أفرج عني بعد ماتم توكيل محامي ايطالي مقيم للدفاع عني . كانت هذه آخر علاقتي بهذه المدرسة . أذكر هذه الحادثة . لأنها تمثل غطرسة النظام الفاشي السائد في ذلك الوقت .
* :- باعتبارك فنانا متعدد الملكات، ممثلا ، مخرجا ، كاتبا مسرحيا ، رساما مع أي منها كانت بداياتك ؟
شرف الدين : - بدايتي مع الرسم . عندما عدت إلى الكتّاب للمرة الثانية ، كان هناك تقليد في ذلك الوقت وهو الاحتفاء بالطالب الذي يختم جزء من القرآن الكريم فمن ضمن هذا التقليد، الرسم على لوح المحتفى به فكنت أنا الطالب الوحيد الذي يرسم هذه الزخارف ، وهي عبارة عن زخارف إسلامية أستقيها من المصاحف والسجاجيد وصور السير الشعبية كـ" عنترة ، وابي زيدالهلالي ، وسيف بن ذي يزن " فكنت أصنع الألوان التي أرسم بها ، فاللون الأخضر أستخرجه من الأعشاب ، والبني أستخرجه بغلْي الفول السوداني" الكاكاوية " في الماء، والأحمر أستخرجه من " الصبار الإيطالي " والفرشاة أصنعها من شعر الحيوان . فكانت مكافأتي مضاعفة عن بقية الطلبة التي كانت عبارة عن " حلوة شاكار، و فطيرة ، وشربات" .
*:- متى تطورت هذه المعرفة بالألوان وعلى يد من ؟
شرف الدين :- بدايتي عندما انضممت إلى " مدرسة الفنون والصنايع " بقسم الفخار في الفترة النهارية القسم الذي من خلاله تعرفت على مزج الألوان عن طريق الأستاذ الفنان " المهدي الشريف " كما تعلمت الرسم على الصحون والبلاط والكؤوس . أمضيت في هذه المدرسة سنتين إلى أن أغلقت جراء القنابل التي استهدفتها في الحرب العالمية الثانية ، في ذلك الوقت انتقلت مع الأسرة إلى مدينة " جنزور " إلى أن وضعت الحرب أوزارها .
* :- هذه آخر علاقة لك بهذه المدرسة ؟
شرف الدين :- نعم ... لم أعد إلى " مدرسة الفنون والصنائع " . فعندما فتحت المدارس سنة 1943 م انتقلت إلى مدرسة " الظهرة العربية " .... في هذه الفترة والتي تليها بدأت علاقتي بالسينما المصرية والتجسيد . فكنت أنا و" مصطفى زقيرة ، عبداللطيف الشريف أخ محمود الشريف المغني " نقلد ما نشاهده في دور العرض ، كما أقوم أنا برسم الشخصيات السينمائية على الجدران . في ذلك الوقت شاهدت شريط " ليلة ممطرة " ليوسف وهبي الذي عرض في قاعة عرض " الميرامار " إضافة إلى الأشرطة التي تعرض للجيش الثامن لمونتجمري في تلك القاعة وقاعة " الحمراء " .
*:- هل هذا أول شريط شاهدته أي " ليلة ممطرة " ؟
شرف الدين : - لا .... أول شريط شاهدتة اسمه " نادرة " سنة 36 في " السينما الصيفي " التي تقابل إذاعة الجماهيرية الآن بشارع الشط .
*:- منذ نهاية الحرب العالمية الثانية كانت علاقتك بالمشاهدة والتقليد والرسم على الجدران - إلى متى استمرت هذه المرحلة ؟
شرف الدين :- سنة 1945 م أثناء دراستي الثانوية قدمت أول دور لي في مسرحية " الأمين والمأمون " من تأليف وإخراج محمد بن مسعود . في نهاية سنة 47 م كنت صحبة مجموعة الأصدقاء الطلبة بمنزلنا الكائن ب" زاوية الدهماني " نتقصى أخبار فلسطين من المذياع ، أذكر منهم الشاعر " علي الرقيعي " والكاتب " كامل المقهور " و " محمد الزيات " ومحمد نقاء " و " محمود وإسماعيل الزمرلي " ، وعندما أبديت رغبتي في الذهاب إلى الجهاد، تكفل هؤلاء الأصدقاء بتكاليف الرحلة كل حسب إمكاناته . عندها استقللت شاحنة بضائع دون علم أسرتي . استغرقت الرحلة خمسة أيام إلى مدينة بنغازي التي كانت منتعشة اقتصادياً في ذلك الوقت ، قمت خلال هذه الرحلة بمهام مساعد سائق ، في بنغازي تكفلت " جمعية عمر المختار " بإيصالنا إلى مصر حيث تم تدريبنا .
* :- " حاولت اختصار بعض تفاصيل الرحلة " .
شرف الدين :- في منطقة " هاك ستيب " حيث تم تدريبنا كنت أغتنم فترات الراحة بالذهاب إلى القاهرة لأتعرف على أعمال " نجيب الريحاني" المسرحية وأعمال" يوسف وهبي" من خلال فرقة رمسيس ، كما شاهدت العديد من الأعمال السينمائية أذكر منها " رصاصة في القلب ، جوهرة ، العزيمة " .
* :- كم المدة التي بقيتها في مصر ؟
شرف الدين :- ثلاثة أشهر مدة الفترة التدريبية . ومنها نقلنا برعاية وفد من الجامعة العربية إلى ميناء بيروت من " مرسى مطروح " لننقل إلى معسكر " قطنا " قرب دمشق ، فتم اختياري رفقة متطوع " تونسي " ومتطوع " يمني " لدرايتنا بالسباحة لننقل إلى بحيرة " طبرية " من خلالها انطلقت عملياتنا الفدائية صحبة فدائيين فلسطينيين . ظلت هكذا الحال مدة ستة أشهر الى غاية الانقلاب على " حسني الزعيم " الذي انتهى بإعدامه . فخيرنا بين الجنسية السورية أوالعودة فكنت ضمن الذين اختاروا العودة .
* :- في تلك الفترة المسرحي الليبي " صبري عياد" مقيم بالشام .
شرف الدين :- لم أتعرف عليه ... خلال فترة راحتي التي تسمى ب" الماذونية " تبدأ من يوم الخميس إلى الجمعة ليلاً كنت أذهب إلى دار عرض بجوار" سوق الحامدية " لمشاهدة شريط روائي تليه بعض المشاهد المسرحية حسب برنامج القاعة .
* :- كم المدة التي بقيتها منذ مغادرتك ليبيا ؟
شرف الدين :- كانت المدة الكاملة سنتين . ... ويستمر المشوار ..
شرف الدين ...... حكاية مشوار (2)
مسيرة مشواره الطويل توّجت بنيله للعديد من الأوسمة والدروع داخل ليبيا وخارجها لتكون شاهداً على ثراء سيرته الزاخرة بالأحداث والمواقف ، والحافلة بالإبداع . فقد " كرم في عيد العلم ، ومنح وسام الريادة ، ووسام الجهاد ، ودرع الريادة من الجامعة العربية ، كما كرم في مهرجان قرطاج الدولي من وزارة الثقافة التونسية" . .. ويستمر المشوار مع الفنان " محمد شرف الدين " لنوقظ من خلاله المهمل من صفحات ذاكرتنا الإبداعية .
* :- " عمي محمد " توقفنا في بداية الخمسينيات عند عودتك الى ليبيا .
شرف الدين :- وقتها سنحت لي الفرصة لتأسيس فرقة مسرحية باستغلال مستودع كبير مهجور من مخلفات الطليان في " زاوية الدهماني " بجانب " كوشة بوشاقور " الذي زودنا بالمياه . كنا مجموعة من الأصدقاء أذكر منهم الأخوة " عبداللطيف ، محمود ، و صبري الشريف ، محمد الزقوزي ،البسكيني ، وصالح الفزاني ، مصطفى زقيرة " و " ومحمد نجاح " الذي تولى مهمة التذاكر فيما بعد . لم نتمكن من الموافقة على تسميتها " رابطة شباب السعداوي " فغير الأسم ل " رابطة شباب المسرح " وأستقر أخيراً على " رابطة الشباب ".
* :- تقصد محمود الشريف المطرب ؟!
شرف الدين :- قبل أن يصبح مطرباً .... أنجزت الخشبة من بقايا مخلفات الحرب من الخشب ، والستارة من " الخيش " كما حاولنا ترتيب المكان حسب الممكن من مجهوداتنا والمساهمات الأهلية .. بداية قدمنا أعمالاً متواضعة وهي عبارة عن مشاهد تمثيلية تتخللها أغاني فكانت باكورة أعمالنا " خروف الضحية " معتمدين فيها على قدرة الممثل على الإرتجال فقد كانت أغلب أعمالنا تسير على هذا النحو .. تمت الدعاية بمجهود ذاتي قام به " محمد نجاح " المسؤول على التذاكر_ التي قيمتها (5 فرانكات ) _ والأعلان بالمرور على محلات الحياكة والحوانيت و " الطبارن " حيث يتم تعليق الملصقات التي كنت أصممها .
* :- كم كان عدد الجمهور الذي يشاهد أعمالكم ؟
شرف الدين :- يصل الى ثلاثمائة متفرج . ... الى أن تطور هذا المشروع الى نادي إجتماعي وظل ريع أعمالنا الفنية يذهب لصالح الرياضة " كرة القدم " تحديدا ً، الأمر الذي جعلنا نلغي إلتزامنا مع هذه الرابطة . وثم الإجتماع مجدداً في غرفة الجلوس بمنزلنا . هذه الأجتماعات أفرزت مسرحية " عاقبة مجرم " التي كتبتها مشاركة مع " محمد نجاح " .
*:- هل هذه أول علاقة لكم بنص مكتوب ؟
شرف الدين :- نعم ... هذه المحاولة الأولى لكتابة نص على ورق ... وتمت التدريبات في منزلنا الى غاية تجهيز العمل فتبنى تمويل العمل " أحمد بن يونس " الذي كان محباً للفن وحديث العهد بنصيبه في ميراث والده . فاتفقنا مع " سينما أوديون " _ الزهراء حالياً_ عن طريق " المشيرقي " الذي تربطه علاقة طيبة بصاحب القاعة وحدث الترتيب معه على عرض صباحي زهاء " الساعة العاشرة " . كان الحظور مطمئيناً ولكن غياب صاحب التذاكر شجع الجمهور الذي جمعناه ينطلق مع " الطرق الصوفية والزوايا " التي تجوب مدينة طرابلس في اليوم الأول للمولد النبوي الشريف ولم يتبق منهم سوى عشرة متفرجين وتم العرض لهؤلا العشرة .
* :- من الجيل الذي سبقكم في الحركة المسرحية وما هي الفرق التي كانت في ذلك الوقت ؟
شرف الدين :- كانت الفرقة الوطنية التي تأسست سنة 1936 م التي كان من أهم رموزها " أحمد البيزنطي " و " خليفة ماعونة " وكان الفنان الكوميدي " محمد حمدي " . المهم .. نعود للحكاية فبعد هذه النكسة أنحلت الفرقة وتفرقت المجموعة .
*:- ........
شرف الدين : - قدم لي " علي ندار " في بداية الواحد والخمسين عرض الانظمام الى فرقة " العهد الجديد" بعدما شاهد عرض مسرحية " عاقبة مجرم " . لأقوم بمهمات الديكور والملابس لمسرحية " فتح ليبيا ".
* :- في هذه الفترة كنت تميل الى الجانب التقني ؟
شرف الدين :- بالإضافة لهذا كنت ممثلاً في مسرحية " فتح ليبيا" . أريد الإشارة هنا بأني تعلمت المناظر على يد الأستاذ " فؤاد الكعبازي " في مسرحيتي " القاتل الأخير ، وطارق بن زياد " باللجنة الثقافية بنادي الإتحاد . .. مع هذه المسرحية _ فتح ليبيا_ تم انضمامي لهذه الفرقة التي كان ضمن أعضائها " عبدالسلام الجزيري " المعروف بسلام قدري و " بوحميرة " و " علي المشرقي " فقمت بتصميم المناظر التي كانت عبارة على مقطع من " السرايا الحمراء " بخلفية نخيل في المنظر الذي يوحي بمعسكر " عمرو بن العاص " الذي يقال بأنه عسكر في " سوق الجمعة " ب"العمروص "_ نسبة لهذا القائد كما يقال_ ، فأنتبه الدكتور التونسي " الكعاك " لهذه المغالطة _ حسب رأيه _ مشيرأ بأن النخيل دخل لليبيا بعد الفتح الإسلامي . كما صممت السيوف من حديد ربط البضايع " حديد شيركو " عن طريق حداد " يهودي " كان يمتلك ورشة حدادة .عرض هذا العمل في العديد من المناطق الليبية .
*:- هل كنت شاهداً على تأسيس الفرقة القومية ؟
شرف الدين :- نعم وقتها كنت عضواً فعّالاً في فرقة " العهد الجديد " .فكان تأسيسها بعد أن تم " لقاء شاي " بين فرقتي " العهد الجديد " و " رابطة المعلمين " بحضور كل من " شعبان القبلاوي ، رامي وسعيد السراج ، عبدالسلام الحلبي ، وعلي أبوخريص ، البهلول الدهماني ،محمد الفيتوري ، الصادق المصراتي ، البهلول الدهماني ، نوري المغربي ، إدريس الشغيوي ، كاظم نديم ، الطاهر العربي " و" محمد قنيدي " الذي أقترح تسمية " الفرقة القومية " .
* :- مصطفى الأمير ؟!
شرف الدين :- كان وقتها ب" نادي الإتحاد " يقدم برنامج مسموع في إذاعة النادي " النهار بعويناته والليل بوديناته " ثم التحق بنا سنة 1952م بعمل " الدنيا ساعة بساعة " المسرحية التي أتاحت لي فرصة أنطلاق بعدما تخلف " الطاهر العربي " بطل المسرحية عن التدريبات . وقتها " سعيد السراج " يعد عملاً أخر بعد مسرحية " الوارث " . من هنا كانت البداية مع الاستاذ مصطفى ، لأقدم معه العديد من البرامج المسموعة منها " عيشة وسليمان " التي تذاع في شهر رمضان موعد الإفطار .وقدمنا "اللي تضنه موسى يطلع فرعون " وتم تحويلها الى مسلسل مسموع اسمه " مكايد الشيخ حمدان" كانت المنافسة بيننا وبين الإذاعي " عبدو الطرابلسي" الذي كان يقدم أعمالاً تأسر جمهور المستمعين .ومنذ ذلك الزمن شكلت أنا و"الأمير" ثنائياً في الكتابة حيث تم خلق شخصية " شلندة " التي رافقتني في كثير من الأعمال . وهو عبارة عن فيلسوف شعبي ولسان حالهم ،حتى أن دوري في " حلم الجعانين " قدمته بشخصية " شلندة " على صغر الدور ولكني أثريته عن طريق الأرتجال .
* :- حلم الجعانين قدمت مرتين على المسرح .
شرف الدين :- عندما قدمت بإخراج " محمد القمودي " في المرة الثانية لم يدع لي مجالاً للإرتجال فلم تلاق إقبالاً كما لاقته في المرة الأولى .
* :- ألا تراه مصيباً بشان محافظته على اللإلتزم بالنص ؟
شرف الدين :- الحكاية ليست مسألة التزام بالنص .. انا بداية أتشرّب النص ، وأثناء العرض و بحكم علاقتي مع الجمهور أساهم بإضافة بعض الجمل التي تأتي عفوية في سياق العرض ، دونما الإخلال بفحوى النص ودونما إضاعة مفاتيح الجمل لزميلي الممثل المقابل . فالأرتجال مدروس وعن دراية بما يدور .
*:- من الذي كان يقوم بالأدوار النسائية في تلك المرحلة ؟
شرف الدين :- كان الأستاذ " مصطفى الأمير " يقوم بهذه الأدوار وأيضاً " بشير عريبي " .
*:- الم يتم الإستعانة بأي عنصر نسائي ؟
شرف الدين :- أستعنا بعاملات " دور الملاهي " في أدوار صغيرة .وقتها أبرمت " القومية " عقداً مع ممثلة " تونسية " _أتت مع فرقة مصرية زائرة _ بقيمة " ثلاثين دينار " شهرياً ، وهو عرض مجزي في ذلك الوقت .
* :- أول ظهور حقيقي لممثلة ليبية ؟
شرف الدين :- " حميدة الخوجة " أنضمت للوطنية وعمرها " إثنى عشرة " سنة . بينما انتسبت " فاطمة عمر " للفرقة القومية في مسرحية " ولد شكون " عن " نجيب الريحاني " وتلييب " محمود الهتكي " . وأيضاً عملت بالمسرح الوطني في مسرحية " حسناء قورينا " لخالد مصطفى خشيم " . وأيضاً انضمت " سعاد الحداد " للفرقة الوطنية في مسرحية " أهل الكهف " من إخراج " محمد العقربي" _ وليس " عمران المدنيني " كما يقال _ وعملت مع المسرح الوطني في مسرحية " راشمون " من إخراج " الأمين ناصف" .
* :- قبل أنضمام " الأمين ناصف " للمسرح الوطني / طرابلس " . تحت إطار اي فرقة كان يعمل ؟
شرف الدين : - كان ممثلاً في القومية وقدم فيها العديد من الاعمال منها " اللي تضنه موسى " و " المشروع " .
* :- ألم يعمل مخرجاً في الفرقة القومية ؟!
شرف الدين :- بدايته كمخرج كانت مع" المسرح الوطني" بمسرحية " راشمون " . بعد دراسته الإخراج في بريطانيا . كان الأمين معلماً فهو مخرجاً مهتماً بأدق التفاصيل ولديه القدرة على بث روح الحميمية لدى الفريق الفني ولا يتسامح في أخطاء اللغة العربية ، فهو يصر على وجود مراقب لغة لتسهيل المهمة لدى الممثل . فهو يعمل بعشق... والفن عشق وعمل . كما أخرج العديد من الأعمال ل"إذاعة الملاحة " المرئية .
* :- هل نستطيع القول بأن دخول العنصر النسائي للحركة المسرحية من خلال " سعاد الحداد وفاطمة عمر وحميدة الخوجة " ؟
شرف الدين :- ثمة ممثلاث مثلن في المسموعة ولكنهن لم يظهرن على خشبة المسرح وثمة من لم يواصلن المسيرة في المسرح .. . لا نستطيع تجاوز الفنانة " لطفية إبراهيم " التي ألتحقت بعدهن فقد ألتقيت بها في حوالي خمسة أعمال. " لطفية " متألقة وحاضرة في الأعمال الشعبية ولديها المقدرة على إحتواء المتفرج . كما تمتلك رأي و وجهة نظر فيما يقدم لها من أعمال . فهي ممثلة مريحة وملتزمة .... " اللهم يذكرها بالخير . " لطفية " ماتخليكش تستنى أبداً " .
* :- ما سر أقتران أسمك ب" مختار الأسود " ؟
شرف الدين :- تم إنضمام " مختار" للفرقة سنة 62 م وكان شحنة من الحيوية والنشاط وعنده القدرة على حلول المشاكل الإدارية الصعبة . إضافة لحضوره القوي على الخشبة وكان ملتزماً ولديه قدرة أستثنائية على الدعاية وعملنا في العديد من الأعمال .
* :- ما علاقتك بالصحافة ؟
شرف الدين :- تعاونت مع صحف ومجلات ليبية " شعلة الحرية ، الليبي ، مجلة الإذاعة " من خلال نشر رسوماتي الساخرة . كما صممت الرسومات الداخلية لديوان " الحنين الضاميء " لعلي الرقيعي ، و صممت غلاف كتاب ل" عبدالقادر أبوهروس " لا أذكر اسمه .
* :- هل ضمتك أعمالاً صحبة " محمد حمدي " ؟
شرف الدين :- فقط شاهدته على المسرح .أشتهر ب " بربري ليبيا " لإستعارته نموذج "علي الكسار" " بربري مصر " كان ممثلاً يمتلك قدرة على الإرتجال . أستعان به "أحمد البيزنطي " في العديد من الأعمال ولأن أعماله_ أحمد البيزنطي _ تميل الى الجدية أستعان به لإضفاء روح الدعابة والمرح ، فكان يترك على الخشبة وحده عمداً ليستمتعوا بقدرته على تغطية هذه المساحة الزمنية ، و يغطيها بإتقان شديد من خلال إرتجاله للعديد من المواقف .
*:- كلفت كمستشار لشوؤن المسرح من قبل أمين اللجنة الشعبية العامة للثقافة خلال إجتماعه بالمسرحيين . ماذا أنجزت من خلال هذه المهمة ؟
شرف الدين :- هذا التكليف كان شفوياً ، و لم أخذه على محمل الجد ، فهذه المهمة كانت أكبر من إمكانياتي . قد أستشار في تقنيات خشبة المسرح بحكم مهنتي القديمة كرسام معماري ... لم أتمكن من مقابلته لإنشغاله ، علماً بأني أحظى بإستقبال طيب من قبل الأخوة في الأمانة . أستشارني في تكريم الرموز فاخترت الفنان " أحمد البيزنطي " والأستاذ " مصطفى الامير " وهكذا كان .
*:- أصدر أمين اللجنة الشعبية العامة للثقافة قراراً يحمل الرقم "1 " يفيد بإنشاء " الفرقة الوطنية للمسرح "بإقترح من مدير الإدارة العامة للمسرح " د. حسن قرفال " الذي ضمّن قائمة تشمل العديد من المسرحيين ولم يرد أسمك والعديد من الرموز المسرحية الليبية .
شرف الدين :- هذا رداً على سؤالك ..... فأنا لم أستشار في هذا الأمر " والله شن بنقولك " د. حسن قرفال رجل أكاديمي يرى بأن تجربتي وتجربة العديد من المبدعين المسرحيين كانت عبارة هم " هتشيات فاضية ..... شوف ياولدي .... المية تكذب الغطاس " .
مختار الأسود
" ذاكرة المشوار "
يقترن اسم " مختار الأسود " بشخصية " البي المدير " التي أستطاع أن يسبر أغوارها ويكشف عن سلبياتها من " طمع وجشع وانتهازية " على مدى مسيرته الإبداعية . بالإضافة الى حسه العالي في الدعاية للأعمال المسرحية بل يعد أحد رواد الدعاية منجزاً قفزة مهمة في هذا الجانب .
كما يقترن أسمه بأرشفة الحياة الفنية والمسرحية الليبية . فهو يحتفظ بكنوز من الصور والوثائق النادرة . . كما كان من الرواد الأوائل الذين ساهموا بعطائهم منذ إفتتاح الإذاعة المسموعة منذ تأسيسسها بمقر معرض طرابلس الدولي مع ركن الأطفال صحبة " كاظم نديم ، ومحمود السوكني ، وعبدالقادر الجزيري " . و حاضراً منذ بدايات المرئية في الساعة التجريبية لإذاعة الملاحة مشاركاً في أول مسرحية عرضت بعنوان " المكتوبة المحجوبة " صحبة " خديجة الجهمي ، محمد حقيق ، اسماعيل ريحان " كان أيضاً ضمن مؤسسي فرقة الفنون الشعبية طرابلس .
إنضمامه الى مدرسة الفنون والصنائع كطالب أهلته لأن يكون شاهداً حياً على تكوين أول فرقة سرحية في طرابلس " فرقة مكتب الفنون والصنائع _ طرابلس الغرب " سنة 1936 م .
مختار الأسود :- أنطلقت فكرة تكوين " فرقة خريجي مدرسة الفنون والصنائع " في مزرعة " محمود الفيلالي " باقتراح من " محمود نديم بن موسى " الذي لاقى تأييداً من الحضور " مصطفى قدري معروف ، احمد قنابة ، احمد الحصايري ، علي صدقي عبدالقادر ، علي المشيرقي " كنت انا ضمن الحضور الشاهد على هذه الفكرة ...... كانت المحفز لهذه الفكرة عرض فرقة هواة درنة لمسرحية " لن اتزوج ولو شنقوني "التي كان " أنور الطرابلسي " يقوم فيها بدور المرأة التي عرضت قبل ميلاد الفكرة بأربعة أيام . كما اقترح الشيخ " محمود بن موسى " مصطفى العجيلي _ وكان وقتها حديث التخرج من مدرسة الفنون والصنائع _ ليقوم بمهام الاشراف والتنسيق . كان رواد الفرقة الوليدة كل من " محمد حمدي ، عبدالمجيد النعاس ، محمد مختار ،أحمد البيزنطي ، وبشير العريبي ، وعثمان نجيم وأخرون " أغلبهم من خريجي هذه المدرسة ، وقتها كان عمري 12 سنة فأنا من مواليد 1924 م وكنت ضمن طلبة القسم الداخلي حيث كنا نستمتع بتقليد " محمد حمدي ، وعثمان نجيم ،وعبدالمجيد النعاس ..." لخطب موسيليني كما كانوا يعرضون لنا بعض " الإسكتشات " وأغلبها باللهجة الدارجة المصرية .
* :- " عثمان نجيم " بالإضافة الى ملكته كموسيقي ومطرب هل كلن كان ممثلاً بهذه الفرقةأيضاً ؟ .
مختار الأسود :- كان " عثمان نجيم " ممثلاً بارعاً ويجسد في الأدوار الرئيسية وهو الذي لحن نشيد " ليبيا يامبعث الهمم ..... يا عرين الاسد من قدم
إننا قوم ذووا كـرم ........ فيك ضحينا بكـل دم " .
الذي أصبح فيما بعد نشيد فتح الستارة فكانت كل مسرحية تفتتح بهذا النشيد . ... بداية كان مقر الفرقة في مكتب الفنون والصنائع الى أ ن تم طردنا من المكتب فتم تأجير حجرة صغيرة بفندق " الهنشيري " بمعرفة الدكتور " مصطفى العجيلي " الذي كان المحرك النشط في تأسيس هذه الى ان اتتت الحرب العالمية الثانية التي طالت قنابلها " فندق الهنشيري " على إثرها توقف نشاط الفرقة . عند مجيء الإنجليز تأسس " نادي العمال " بعدها " نادي الشباب " و " نادي النهضة " _ انا كنت ضمن منتسبي " نادي النهضة " _ أتفق النادياين على الإندماج في نادي واحدد وأختلفا على التسمية التي حسمتها كلمة الاستاذ " عمر الباروني " التي يشيد فيها بالإتحاد ومن هنا ولد " نادي الإتحاد " مع إبقاء اللجنة الإدارية التي كانت تدير نادي النهضة هذه الفرقة أنتجت العديد من الأعمال والتحق بها العديد من الرموز الفنية أمثال " مصطفى الامير ،عبدالهادي المزداوي ، مصطفى الزنتوتي ، مصطفى بن محمود ، وكاظم نديم ، شعبان القبلاوي ، سعيدالسراج " وقتها كنت ضمن اللجنة
الثقافية في هذه الفرقة .
*:- نعود لنادي العمال .
مختار الأسود :- ذهبت الى " نادي العمال " صحبة " الصادق بو هدرة ، الصادق بو زراع وابراهيم الفلاح باشراف " مصطفى العجيلي " وانتجنا مجموعة من العروض منها " مطعم ابوعلي ، عصمان في الجيش ، بنتي عايزة عريس ، " و مسرحية " يوم القادسية " التي صمم مناظرها فؤاد الكعبازي " مع " علي فتحي المحمودي وعلي القروش " وعرضت في مسرح الحمراء .
* :- .......................
مختار الأسود :- سنة 1944 م أفتتحت ثانوية " الظهرة " دخلت لها صحبة " الهمالي اللافي ، وكامل حسنين " محمود فرحات مظفر الامير ، فؤاد الكعبازي ، الهادي عرفة المهدي الحجاجي ، التي كان يديرها " السير جريت ماجور " ، والمدير العربي ، العقيد " عبدالحكيم جميل سوداني " ، و" الشيخ محمد مسعود فشيكة " نائباُ للمدير ، " ويقوم بالتدريس كل من " محمود فرحات ، مظفر الامير ، فؤاد الكعبازي ، الهادي عرفة ، المهدي الحجاجي " وتم تعييننا للقيام بالتدريس في السنة الأخيرة أي سنة " 1947 م عندها أرسلت الى مدينة " الخمس " مدرساً للرياضة والتقيت التقيت ب " محمد قشاشة " و " عبدالعال المرابط " الذي عرف فيما بعد ب " عبدو الطرابلسي " انباء على موهبة واعدة وهو شخصية وطنية غيورة . نشاءت بيننا ألفة يجمعنا الفن رغم فارق المركز والعمر عاملته كصديق وليس طالباً الى أن أقنعته بالمجيء الى طرابلس . بقيت مدة سنة في كل من " الخمس ، غنيمة ، شقران ، تاجوراء ، سوق الجمعة " . كما درست في كل المدارس بطرابلس .
* :- ..........
مختار الأسود :- كنت ضمن مؤسسي الفرقة القومية صحبة " محمد حمدي ، وحسن الشربيني " كتبت وأخرجت عملين مسرحية " ياندايمي " وهي من بطولتي ، ومسرحية " خليها في سرك " بقيت في الوطنية الى أن أنضممت الى " الفرقة القومية " سنة 1962 م التي يقضي قانونها بأن العضو الجديد لايحق له الترشيح لعضوية الإدارة . لم تمض ستة أشهر ووفق قرار إستثنائي رشحت عضواً فعالاً في مجلس إدارة الفرقة بقيت في هذه الفرقة الى الأن .
* :- ماذا قدمت مع الفرقة القومية ؟
مختار الأسود :- كل اعمال الفرقة القومية " حلم الجعانين ، جناب المفتش ، الحنضل والشمام ، الخطاب المفقود ، دوختونا قبر مشيد ولاخيال مشوم ، اللي تضنه موسى ، الجنازة كبيرة والميت فار ، الحمير والبردعة " .
* :- الم تقوم بتاليف او اخراج اعمال بالقومية ؟
مختار الأسود :- لم اقم بالتاليف والأخراج الا في فرقتي " الوطنية ونادي الشباب الليبي " الأخير كان يضم بين اعضائه " عبدالله كريسته ، عبدالسلام عبدو ،عبدالسلام العويتي ، المزداوي ".
* :- لك إسهاماتك الواضحة في الدعاية المسرحية .... كيف كان أسلوب الدعاية في المسرح وماذا أضفت في هذا المجال ؟
مختار الأسود :- كنا نفتقد الى الدعم المادي لاطلاق الدعايات كانت البدايات بسيطة وبمجهود شخصي . كان المنادي " البراح " يقوم بالإعلان على العرض بهذه الجملة " لاالله الا الله . ماتسمعوا الا الخير انشالله راهو الليلة يبو يلعّبو تمتيلية في سينما الحمراء يلعّب فيها فلان وفلان الخ " . و كنا نضع صورة " محمد حمدي " على الدراجة " تريشيكو " نكتب عليها اسم العرض وتوقيته . في الفرقة القومية أفترضت جنازة بنقلي لتابوت نقل الموتى من الفرقة الى الزاوية الكبيرة حيث تجمع عدد من الأهالي الى غاية " مسرح الحمراء " وأخبرتهم من الشرفة :- " الليلة ياخوانا مسرحية .... وهذا الميت بينوض هنايا في العرض " .
* :- وفي مسرحية دوختونا ؟
الأسود :- عملت الدعاية على شكل مخالفات مرورية وضعت مجموعة منها بالليل متاخراً على كل السيارات ما ان يستيقظ المرء حتى يفاجاء بمخالفة مرورية تدعوه للعرض في احد المرات كان شرطي مرور يسجل مخالفة لاحد السيارات وعندما رجع وجد مخالفة وضعت على سيارته التي عبارة على دعوة للمسرحية .
* :- افادني الأستاذ فؤاد الكعبازي بأنك كنت تحفظ حوار محرك " القراقوز " الذي كان يقال باللغة التركية . ما هي الشخصيات التي يقوم بتحريكها وتشخيصها ؟ .
مختار الأسود :- " الحاج جيوان . واليهودي ، وصاحب الخابية ، وولد الشلبي " . كان الرجل الذي يقوم بتحريك وتمثيل الشخصيات يقال له عمي " الوصفي " وابنه " علي الوصفي " وهو رجل جزائري ورجل أخر اسمه " عثمان القرقني " . توفي أخيراً .
* :- ماهي أقدم صورة تحتفظ بها في إرشيفك ؟
مختار الأسود :- كان والدي كان هاو للصور فكان كل سنة يقوم بتصويري منذ السنة الأولى . اقدم صورة مسرحية سنة 1936 م لفرقة الفنون والصنائع . وصورة لفريق كرة القدم سنة 1921 م . صورة لطلبة مكتب الفنون والصنائع سنة 1914 م ، وصورة للتخت الموسيقي العربي سنة 1935 م بقيادة " زكي مراد " والد " ليلى مراد " وهو يهودي ليبي هاجر في الأربعينات الى مصر واعلن اسلامه وتزوج مصرية وانجب ليلى مراد .
* :- ما تقييمك للحالة المسرحية الأن ؟ .
مختار الأسود :- في حاجةالى المثل الذي يقول :- " اعطي للبرمة تعطيك " نحن نبيع الهواء والهواء بحاجة الى دعم مادي .
* :- من المخرجين الذين ترتاح معهم أثناء العمل ؟
مختار الأسود :- أرتاح للعمل مع المرحوم " مصطفى الأمير " عملت مع الأمين ناصف في مسرحية " راشمون " و" صبري عياد " في مسرحية " وتشرق الشمس من جديد ".
الـدرس .... رؤية مغايرة
" المسرح لعبة عظيمة عمل حر ولغة حية "
يوجين يونسكو
يمر على رحيل الكاتب المسرحي الفرنسي الروماني الأصل " يوجين يونسكو " 1909- 1994 ف " أكثر من إحدى عشر سنة ، ولم تخلو أجندة مسرح من مسارح العالم من عمل ليونسكو منذ بداياته _ وإن كانت البدايات أتفق على استهجانها الجمهور والنقاد معاً _ إلى هذه اللحظة فهو كاتب مثير للجدل ومحركاً للساكن وهو ضمن نخبة من الكتاب من مؤسسي مسرح العبث " اللامعقول " " صمؤئيل بيكت ، فرناندو أرابال ، هارولد بنتر ، إدوارد ألبي ... الخ " تعد " الدرس " من أشهر مسرحيات " يونسكو " ولا تقل شهرة عن بقية أعماله " المغنية الصلعاء و الكراسي " . " المستأجر الجديد " " فتاه في سن الزواج " .الجوع والعطش " مشاجرة رباعية " . تخريف ثنائي " . لعبة الموت" " الخرتيت " . كتب يونسكو الدرس سنة 1951م والمفارقة بأن عرضها الأول كان في لندن قبل عرضها بباريس _ مسقط رأسه _ بإحدى عشر سنة فقد عرضت في بريطانيا سنة م 1955 من إخراج " بيتر هول " وباريس سنة 1966 م من اخراج " مارسيل كوفالييه " على مسرح الجيب .
تحرك أحداث العمل ثلاث شخصيات " الأستاذ ، الفتاة ، الأخت الكبرى " التي تدور في منزل " الأستاذ " بغرفة الأستقبال التي تقوم بمهام فصل دراسي يعطي فيه " الأستاذ " دروسه الخصوصية لرواده فهو بمثاية مصيدة وفخ لضحاياه . أستطيع إختزال المسرحية في جملة " للأخت " العانس الستينية محذرة أخيها" الأستاذ " من مغبة الدخول في درس الرياضيات لأن " الرياضيات تؤدي لفقه اللغة وفقه اللغة يؤدي للقتل " أشتغل " يونسكو " على تقنية اللغة وتطورها في النص التي تكون نتيجتها " القتل _ الأغتصاب " للضحية الأربعين " الطالبة _ الفتاة " ينتهي العمل بمحاولة جادة من "الأخت والأستاذ " وكيفية إخفاء الأربعين جثة ، حتى يصلنا جرس المنزل إذاناً منه بقدوم ضحية جديدة .
في إعداده لمسرحية الدرس " أعتمد المخرج المعد " علي بحيري " " المونو دراما _ الممثل الواحد " كتقنية مغايرة للنص الأصلي محملاً شخصية " الأستاذ " كل حواريات المسرحية ليقوم بمهمة توصيل الفكرة عن طريق إسناد بعض حواريات " الفتاة " للأستاذ _ التي استبدلها المعد ب " دمية " _ فكان حضورها في النص من خلال حواريات " الاستاذ " كما اعتمد اللغة العربية لغة لحواره ، في الوقت الذي نسف فيه شخصية الأخت العانس . هذه الفكرة التي أعطت للنص مذاقاً مختلفاً ورؤية مغايرة .
عرضت " الدرس " في بنغازي ، ومصراته بالملتقى الأول للإبداع ، وطرابلس بالتعاون المركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر . والمركز العالي للمهن الموسيقية والمسرحية . وأخيراً بمهرجان 24 ساعة مسرح دون توقف بمدينة " الكاف " بتونس . كان لي فرصة مشاهدتها في " مصراته " بقاعة فندق " قوز التيك " و" طرابلس " بقاعة المركز العالي للمهن الموسيقية والمسرحية . وهذان العرضان قد يجعلانك اللجؤ إلى المقارنة بينهما رغم أختلاف الزمان والظرف . أريد هنا أن أسجل بعض النقاط السريعة وربما بدون ترتيب .
المشهد عبارة عن غرفة إستقبال كما يشير النص الأصلي للكاتب أضاف له المخرج " سرير " لتوضيفه في عملية " الأغتصاب _ القتل " وكان من الممكن توضيف " الطاولة " لتقوم بهذه المهمة إذا ما تمت العملية بالأتفاق مع مهندس الديكور " عادل جربوع " الذي لم يكن حاضراً في هذا العرض فالتشكيل في المجمل يشعرك بالأكتظاظ من كثرة المفردات الغير متجانسة _ ويبدو المخرج قد تلافى هذا الخلل في عرضه بتونس . في تقديري بأن العرض الذي أقيم بمدينة مصراته كان أكثر تجانساً وتناسقاً كمنظور عام للمشهد .
أعتمد المخرج المعد في تطور الحالة على قنينة " الشراب " التي يخرجها الممثل " خالد الفاضلي " من جسد " الدمية " لتصل به الى دروة الحدث الذي يؤدي لمشهد " القتل _ الاغتصاب " مع أن منطقية الأحداث تشير_ سواء كان هذا في النص الأصلي أو النص المعد " _ بأن الأحداث تسير وفق خطة محكمة من قبل الأستاذ عبر غرفته التي استطع تسميتها بالمصيدة وعبر خبرة أربعين " جثة " ضحية لمنهجه اللغوي ولم يكن تحت تأثير الخمر ، أي بمعنى لا وجود لإمكانية التواصل مع الأخر الذي يؤدي بدوره للطريق الدموي المسدود " القتل _ الأغتصاب " أو أي مفاهيم أخرى .
تألق الفتاة " الدمية " وتوهجها في بداية العرض أنسياقاً مع مفهوم النص الأصلي والمعد من قبل المخرج ، جعلنا نتسأل عن مبرر لتهميشها وإهمالها والعبث بها بطريقة تخلو من الأنسنة من خلال الحركة التي أعطيت للممثل ف " الدمية " تضل هي نفسها " الفتاة _ الطالبة " المتوهجة . السؤال لماذا لم يتم أنسنة الدمية في طريقة تعامل الممثل معها وتحديداً في النصف الثاني من زمن العرض ؟ .
ثمة العديد من الدلالات المستوردة في النص كان بودنا مشاهدة دلالات محلية كرقصة التانغو والترنيمات التي يتغنى بها.
الممثل " خالد الفاضلي " حافظ وبجدارة على ايفاع العرض العام وهو من الممثلين الذين يملكون قدرة عالية على التعبير الجسدي والصوتي ونحن نعلم جميعاً ماذا يعني ان يقوم ممثل بأعباء عرض كامل لا تقل مدته عن الساعة إضافة لهذا فقد قام بأعباء مجموعة الشخوص التي ألغيت في المسرحية . أسجل تقديري ل" خالد الفاضلي " في عرض مصراتة والعرض الأول في المركز العالي للمهن المسرحية وإن كانت بعض الهنات التي وقع فيها الممثل نتيجة عدم كثرة التدريبات ..
" الغول "
الخوف من المجهول
المسرح الوطني طرابلس يختتم فعاليات " أيام طرابلس المسرحية " بمسرحية " الغول " من تأليف د. محمد صبري ، وسينوقرافيا د . حسن قرفال الذي تمكن من تسجيل حضوره على الساحة الإخراجية من جديد ليطوي زمن غيابه الذي دام أكثر من ربع قرن رغم المحاولات المتكررة مع هذه الفرقة _ المسرح الوطني/ طرابلس_ .." أحزان أفريقيا " لمحمد الفيتوري . " شهرزاد" لمصطفى الأمير. " لعبة السلطان والوزير" للبوصيري عبدالله ، بعض هذه الأعمال وقفت عند التدريبات الأولية، وبعضها وصلت إلى أخر المشوار دون أن تلاقي طريقها إلى العرض ، فبعد مسرحية " مايقعد في الوادي إلا حجره " لمصطفى الأمير لتليها مسرحية " بين يوم وليلة " لنفس الكاتب مع الفرقة القومية يعد هذا العمل " الغول" مع المسرح الوطني العمل الثالث في رصيد حسن قرفال الإخراجي .
النص للمسرحي العراقي محمد صبري وهو نص قصير نستطيع اختصاره في هذه الجملة :" ماذا سنفعل حيال كائن هلامي يزرع الموت، والرعب يمتلك القدرة على التشبه بأي هيأة يختارها ليحقق جريمته ؟ ربما يتشبه بأبيك أو أمك أو أخيك ...أو بك" . هذه الفكرة السريالية طرحت من خلال أسرة تتمثل في أب وأم وابن ومذيع إضافة إلى أصوات خارجية، الجار ، والرجل . تدور أحداث المسرحية في منزل هذه الأسرة في زمان ما في مكان ما. أربك وجودها كائن ينشر الموت لديه القدرة على التشبه _ وأحيانا يصفه النص بأنه ذو عين واحدة_ فقد زرع الشك في أفراد هذه الأسرة مما جعلها تقضي على بعضها لنكتشف أن الابن هو الكائن المرعب بعد موت الأم بيد الأب وموت الأب بيد الابن ينتهي النص الذي كان مجرد حلم لنرى نفس الأسرة يجمعها الود والمحبة مع تمتعها بعلاقة ودودة مع جارها. لم يوضح النص من وجهة نظر أي من الشخصيات كان هذا الحلم . اختار الكاتب العربية الفصحى لغة لحوار مسرحيته ، كما أعتمد شرح الجمل الحوارية للنص فنراه كثير التشبيهات إضافة للغنائيته العالية باختياره مفردات خطابية التي يسميها بعض النقاد ب"الحضور الصوتي" . اشتغل كاتب النص من الخارج مما جعل هذه الجمل لا تحدث فعل وتنتهي في الوقت الذي بدأت فيه .هذه الولادة الميتة للجمل أحدثت إرباكا في تطور الحدث المسرحي وتفعيله ، كما نرى في هذه الجمل على لسان شخصيات المسرحية ( تتزحلق كلمات التقريع إلى مسامعك وكأنها أحرف موسيقية / الوقت يمضي خفية كالأفعى / صحوتنا كالنوم ، ونومنا كالموت / تتزحلق كلمات التقريع الى مسامعك وكأنها أحرف موسيقية ./ مجاميع بشرية تتجه في كل مكان كإعصار مجنون ./ كحبات المسبحة الواحدة تتبع الأخرى / مقزز كالقيح / مر كالعلقم / كأننا نمشي على ظهر بركان نائم لا ندري متى ينتفض ./ سأكتفي بالمشاهدة مثل بوم أحول / سأدعوه إلى البيت مثل ناسك حكيم ليقضي الليلة مستمعا إلى مواعضك / ستمضغك التماسيح كلبانة حتى أذنيك ... الخ . ) أحاط الكاتب بجمله هالة من الغموض والغرائيبية " الكذب صلاة العصر / سأكتفي بالمشاهدة مثل بوم أحول/الخوف الرمادي " .لا يسع المجال لذكر المزيد . هذا الغموض أبعد المتلقي على جوهر الفكرة الأساسية الأزلية ألا وهي الصراع مع المجهول كما أنها تحتمل الكثير من الأسئلة من العدو ؟ من الصديق ؟ وبالتالي من أنا؟ هذه الفكرة الحية كانت ضحية الأسلوب الذي اعتمده الكاتب ليوصل به فكرته وأيضاً من خلال اكتنافه لهذا الغموض أبعده عن الترابط والتواصل الأمر الذي جعلنا نلحظ في النص كثيراً من الجمل المنفصلة . في الوقت الذي حاول فيه الكاتب خلق حدث حي جاء هذا الحدث مفتعلاً كما نرى في تحذير المذيع بوجود المخلوق المرعب سارعت الأسرة بغلق الأبواب والنوافذ مع علمنا بأن المذيع لم يأت بجديد, فالمعلومة كانت في متناول الأسرة منذ بداية النص المسرحي. ثمة مقاطع كثيرة في النص بالإمكان الاستغناء عنها دون التأثير في سياق النص مثلما جاء على لسان المذيع " اليكم قصيدة مسروقة من معطف الخوف الرمادي ، من رحم التاريخ الممزق بالخيانة ، من غور الماضي السحيق تمتد أيادي تلوح بالوداع ، أكاذيب, سراديب, أقفال, وسلاسل تلتوي تتكدس تنتظر كل غشاوة تتهراء كالجثة ممنوع أن تتحرك خارج نفسك ، مرفوض أن تضحك ليلة عرسك ".
نرى في سياق النص طغيان الصوت الواحد من خلال تشابه حواريات الشخصيات الأمر الذي جعل هذه الشخصيات لا تحمل خصوصية وأبعاد تتفرد بها. نلاحظ عدم التغير في السياق لو نسبت أي جملة من الحوار لأي شخصية من الشخصيات كما في هذا المقطع في النص لو نسب حوار الأم للأب ونسب حوار المذيع للأم والعكس فالسياق يظل كما هو عليه والحال نفسه لو وردت هذه الجمل على لسان شخصية واحدة .
الأم :- ملعون من يطرق في الظلمة باب مدينتنا .
الأب :-مذموم من يسمح للفقر أن يخلع نعليه ويجلس في رحم منازلنا
المذيع :- منكوب من يهز أوتاد النصر ويوخز سيقان حضارتنا .
المذيع في النص هو لسان حال السلطة أو الآلة الإعلامية نراه في كثير من مقاطع المسرحية لسان حال الضحية كما رأينا في المقطع السابق والأتي :
المذيع:- ليس من الضروري فمن دون شك ان الضحية هي التي قصدت الموت وعندما تلوذ الأفواه بالصمت وينقشع بخار الدم تستوي الأمور وتبداء الحياة
الابن :- الكذب صلاة العصر والغش استغفار لمعبود كذب .
المذيع:- نبي هذا الزمان كاذب .
الأب :- كأنهما أضغاث أحلام منقوشة في سحب النوم لا تفسير لها.
الأم :- العقل يمتنع عن عن قبولها عارية في معبده " إلي الابن " إلى أين يا ولد ؟.
الأبن :- الجدران تزحف نحوي من كل جانب ويدور في رأسي المكان ويكبر , سأبحث في الخارج عن الذل .
من خلال النص ليس هناك ما يشير على مهنة المذيع من خلال تعريف الشخصيات ولا من خلال تعريفه بنفسه . المهنة اسبغها عليه الكاتب دونما أن يؤكدها في النص ، كما ترك الأسماء تعبيرية . الأب، الأم، الابن .... الخ.
حسن قرفال لم يبتعد عن سوداوية النص من خلال السينوقرافيا التي اعتمدها، فالديكور عبارة عن تجريد لمنزل يقترب لونه من السواد. نلاحظ ساعة حائطية عقاربها أفعى كما يشير الحوار " الوقت يمضي خفية كالأفعى " مع جهاز إذاعة مرئية موازياً لها، شاشة في اعلى شمال الخشبة لعرض صور الكائن من وجهة نظر شخصيتي الأب والأم . مع إضافة سلم ذو لون ابيض وأزرق ربما يشير المخرج هنا لعلمي إسرائيل وأمريكيا وربما يحمل دلالة برج محطة إذاعية وهو المكان المخصص للمذيع " علي الشول " مع طاولة وكراسي بلون الشكل العام للمنظر. عمل المخرج في بعض المواقع مفارقاً للنص محاولاً تضمينه معاني أخرى يتضح هذا عندما انتقى شخصية المذيع ليضمنها معاني مغايرة تماما لما يشير إليها النص إضافة للشخصية الأصلية في النص ، بجعل هذا المذيع شخصية يهودية أو صهيونية من خلال الملابس ومن خلال المفردات الدلالية التي حمّل بها أداء الممثل الحركي ودلالة رجال الدين وتراتيلهم أمام حائط المبكى كما حمله في ذات الوقت شخصية الكائن الهلامي الذي يقوم بقتل أفراد الأسرة بدل الابن " جمال ابوميس " وبالتالي يحسم السؤال بهذا التعريف بإناطته الغموض حول ماهية" الغول" سؤال المسرحية. بل أحيانا يحيل الشخصية الى شخصية أمريكية من خلال دلالة ورق اللعب عند تمزيقه لورقة لعب إثر كل ضحية " البنت عند موت الأم " منيرة الغرياني" ، الولد عند موت الابن, الملك عند موت الأب" علي القبلاوي " هذه الدلالة تجلت في حرب الخليج .
ينتهي العرض بينما تظل الصالة مظلمة مما يفيد بأن العرض لم ينته ، حتى خروج المخرج ليعرف عن نفسه وليلعن الظلام حاثاً الجمهور بإشعال شمعة وبشكل مسرحي يبداء بإشعال الشمعة ليتبعه جمهور المتفرجين_ الذي زود بشموع لهذا الغرض _ في ذات الوقت تنطلق الأغنية الوطنية " جماهيرية ... سلطة شعبية " تؤديها فرقة نحاسية جلبت لهذا الغرض أيضاً . هذه النهاية لا تبث بالعرض بأي صلة رغم التواصل الذي أحدثه خروج المخرج بأدائه المسرحي .فالعرض لا يتكلم على سلطة الشعب ودخولها كان قسريا ومفارقاً وغير مدروس ، كان بإمكان المخرج اختيار أي لحن وطني له علاقة بالظلم والظلام والمستقبل والأمل أو أي معنى من هذه المعاني ، بل كان بإمكانه أن يخلق كلمات والحان تتماشى مع هذه النهاية .
استحدثت في هذه الأيام ظاهرة ناقلات الصوت المحمولة التي اعتمدها الكثير من المخرجين محمد العلاقي في مسرحية " الميت الحي" عبدالله الزروق في مسرحيته" امرأتان " وأخيراً المسرح الوطني طرابلس في هذه المسرحية والغريب ان هذه التقنية كان ضحيتها ممثلين لديهم القدرة على إيصال صوتهم إلى أخر متفرج علي القبلاوي ، علي الشول ، جمال ابوميس ، منيرة الغرياني ، مفتاح الفقي . هذه التقنية سببت الكثير من الإرباك في حركة الممثلين وأدائهم المتضرر الأكثر في هذا العمل كان الممثل " جمال ابوميس " الذي في كثير من الأحيان يغيب صوته ، علي القبلاوي كنت انتظر منه أكثر في قرأته للشخصية ما قدمه عبارة عن نسخة مكررة من شخصية الأب توت في مسرحية " قطار الموت " لفتحي كحلول نأمل إعادة قرأته لهذه الشخصية فالشخصيتان تحمل نفس الملامح التوتر والخوف والارتباك ولكنها لا تحمل نفس الأبعاد ، مجهود المخرج واضح مع الممثل علي الشول خاصة في الليونة بهذا يتحصل على رصيد أخر في سيرته المسرحية . الممثلة منيرة الغرياني مجهودها واضح في أدائها للشخصية .
"مفتاح الفقيه " قدم شخصيتين غير منظورتين " الجار" و "الرجل " .
الموسيقى التصويرية التي قام بتلحينها " فتحي كحلول " جأت منسجمة مع السياق العام للعرض
في المجمل العرض متماسك ومتقن محافظاً على " الهرموني" العام للعرض حركة إضاءة موسيقى ... الخ مهما كان اختلافنا مع رؤية المخرج أو اتفاقنا معه .
أخيراً لا يسعني إلا ان اشكر فريق العمل ،الديكور تنفيذ " فريد ابوعزة ، عون الشبلي، فوزي برباش " ، حيل "فوتقرافية " محمد كرازة ، موسيقى تصويرية " فتحي كحلول " تنفيذ إضاءة " صلاح الهجني " صوت " محمد القبايلي " مخرج مساعد " فوزي برباش " إدارة مسرحية " عبدالله الأزهري ".
أخيراً أريد أن اسجل شكري لحسن قرفال على إنجاز هذا العمل الذي يدل على جديته واحترامه للمؤسسة التي عمل تحت مظلتها ومن خلالها المسرح الوطني / طرابلس بإدارة الفنان علي القبلاوي .
" المدنيني "...*
بين فضاء الإبداع وقيد الإدارة .
في مستهل خمسينيات القرن الماضي وقتها كان الفنان " عمران راغب المدنيني " يقطن هو وأسرته بمدينتة " العجيلات " عندما أستهوته العلاقة بفن المحاكاة وهو في السنة الخامسة الأبتدائية مشاركاً زملاءه التلاميذ في تجسيد حدوثة " عاشق الدهب " التي أختيرت من كتاب المطالعة ، ربما تكون هذه التجربة البكر هي الدافع التي من خلالها عشق روح الأبداع الجماعي حتى بعدما أنتقلت الأسرة الى مدينة طرابلس سنة 1953 م الذي يتمثل في النشاط المدرسي _ الصحافة المدرسية والإذاعة المدرسية _ في المرحلة الأعدادية بطرابلس وأيضاً دخوله ولأول مرة للإذاعة مقدما فيها هو وزملاؤه الطلبة برنامجاً دورياً " ركن الطلبة " لمدة نصف ساعة بإشراف الأستاذ " عبدالسلام المصراتي " . في مرحلته الثانوية شارك في النشاط المسرحي الذي عادة مايقدم بمناسبة أنتهاء العام الدراسي يذكر منها عملاً قدم عن الفاتح " صلاح الدين الأيوبي " جسد فيها دور " الملك العادل " مشاركاً الفنان " عبدالرحمن قنيوة " الذي فتح له باباً للدخول لقسم التمثيل بالإذاعة الليبية التي أتاحت له فرصة للدراسة في المعهد العالي للموسيقى والمسرح برئاسة الفنان " صالح المهدي " بالشقيقة " تونس " صحبة الكاتب " كامل العراب " ، والموسيقار " حسن عريبي " والملحن " محمد مرشان " والأستاذ " محمد ابوعامر " وأخرون . ليتخرج بدرجة الإمتياز مع جائزة رئيس الجمهورية التونسية " الحبيب بورقيبة " في ذلك الوقت .
* :- طبعاً مازلت تذكر هيئة التدريس بالمعهد في ذلك الوقت ؟ .
المدنيني :- نعم .. فالمعهد يضم خيرة المثقفين التوانسة . الأستاذ الشاعر " أحمد خيرالدين " الذي كتب كلمات " ياليبيا ارض الزهر والحنة " وألحان " صالح المهدي " . والأستاذ " محمد الحبيب " ، والأستاذ " حسن الزمرلي " ، والأستاذ " الطاهر كيزة " يرحمهم الله جميعاً .
* :- والأستاذ " محمد عبدالعزيز العقربي " .
المدنيني :- .. معرفتي بالأستاذ العقربي منذ مجيئه كأستاذ زائر ليشارك في إعطاء دورة للتمثيل بمدرسة طرابلس الثانوية وبالطبع توطدت العلاقة بعد دخولي للمعهد العالي ... عند عودتي لليبيا عينت بصفة مخرج مسرحي ، وبحكم علاقتي مع مجموعة من الشباب أذكر منهم الفنان القدير " محمد الساحلي " و " سالم موسى ، وسالم الشريف ، بشير المبروك " تم إنضمامي للفرقة الوطنية للتمثيل وبدأت بباكورة أعمالي مسرحية " أهل الكهف" من تأليف " توفيق الحكيم " . في تلك الفترة عاد الأستاذ العقربي من جديد الى ليبيا ، وبصفته أستاذي حاولت ترك المجال له لإخراج هذا العمل لولا إصراره على مواصلة العمل بإسمي كمخرج على أن يتولى هو دوره الإشرافي .
* :- ......
المدنيني :- ..... فملصق المسرحية يوضح بأن العمل من إخراج المدنيني بإشراف الأستاذ العقربي .... عرضت المسرحية ست أيام متواصلة بمعدل عرضين لكل يوم ولاقت صدى طيباً حتى أن الناقد " نجم الدين غالب الكيب " وصفها بأنها تعد نقلة مهمة للمسرح الليبي وهي من بطولة " الطاهر القبايلي " و " الحبيب عمر " رحمه الله .
* :- وسعاد الحداد .
المدنيني :- كان أول ظهور لسعاد الحداد بعد عودتها من الشام في هذا العمل باسم " سناء الحريري " . وكانت العضو رقم " 13 " في قائمة " المسرح القومي " الذي أسس بعناية الأستاذ " خليفة التليسي " وزير الأعلام في ذلك الوقت ، وقتها كنت ضمن اللجنة التأسيسية صحبة الأستاذ المرحوم " عبدالله القويري " و" عبدالحميد المجراب " و الطاهر قليلة " والفنان " محمد مرشان " . وتم تعييني كأول مدير لهذه الفرقة سنة " 1965 م " التي كان مقرها مسرح الغزالة .... باشرنا التدريبات على مسرحية " عطيل " لشكسبير التي شارفت على العرض ولكنها أوقفت بسبب إندلاع حرب " 67 م " .في هذه الأثناء أي سنة " 1968 م " كلفت بإدارة قسم التمثيل والأخراج بالإذاعة ليخلفني في إدارة المسرح القومي الأستاذ " شعبان القبلاوي " .
* :- تذكر السيدة " لطفية إبراهيم " بأنها أنتسبت للمسرح القومي في فترة إدارتك .
المدنيني :- نعم .... فأنا شغلت إدارة المسرح من سنة " 65 الى 68 م " وفي سنة " 1970م " كلفت من جديد بإدارة المسرح بالإضافة لقسم التمثيل . فأنت كما تعلم بأن برنامج المسرح القومي في الفترة المسائية في ذلك الوقت ..... لطفية إبراهيم انتسبت في هذه الفترة عن طريق المرحوم " منير عصمان " بعد ماتم الأتفاق مع أسرتها ... في تلك الفترة كنا نشتغل بشكل متواز في الإذاعة والمسرح وكنا تقريباً أغلبنا أعضاء للفرقة القومية " علي القبلاوي ، الطاهر القبايلي ، إسماعيل ريحان ، عبدالله الريشي ، عبدالحميد حسن ، الأمين ناصف ، الدوكالي بشير .. الخ " .
*:- ماهي الأعمال المسرحية التي أنجزت خلال إدارتك للمسرح ؟ .
المدنيني :- أذكر منها " وطني عكا " من إخراج الطاهر القبايلي ، " الزير سالم " من إخراج الأمين ناصف " " الصراع " من إخراج الهادي راشد " الأم " من إخراج الحبيب عمر . " شركان في بيت زارا " من إخراجي الى غاية سنة " 1974 م " عندما أنشيئت " الهيئة العامة للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية . قمت بإدارة قطاع المهرجانات و قطاع الموسيقى والفنون الشعبية حتى وصلت الى نائب المدير العام . في هذه الفترة ارسلت الى دورة دراسية الى فرنسا صحبة الفنان " عياد الزليطني " والفنان " محمد شعبان الفيتوري " . عند عودتي حلت الهيئة عدت الى إدارة البرامج بالإذاعة المرئية . عضو اللجنة الإدارية للأعلام الثوري مكلف بالمسرح والموسيقى والفنون الشعبية ، أمانة الإعلام والثقافة كمديرعام للثقافة ثم رئيساً لقطاع المسرح ثم رئيس قطاع المهرجانات والمعارض الى حوال 2002 م الى مدير الأدارة العامة للبرامج حتى كلفت مجمع الفتح الثقافي ثم رشحت وانتقلت للعمل بمؤسسة ابن خلدون للإنتاج السمعي والبصري . بتونس .
* :- " شركان في بيت زارا " يعد العمل الثاني والأخير في رصيدك المسرحي كمخرج .
المدنيني :- بالمعنى العملي نعم ... ولكني أنجزت مسرحية " حفلة سمر من أجل 5 حزيرن " والتي بنيت على هزيمة " 1967 م " ولكن مفعولها أنتهى مع حرب 1973 م وحكاية العبور والأنتشاء الذي رافق هذا الحدث .
* :- " شن حكايتك مع الحروب " ؟ هل تستطيع إيجاد مبرر لقلة رصيدك كمبدع في مجال المسرح مخرجاً وممثلاً ؟
المدنيني :- ... لأنني اتقلد إدارة المسرح ولأننا نعمل بروح الأسرة فقد شاركت زملائي في أغلب أعمالهم ...... ومن خلال مسيرتي الوظيفية ساهمت في العديد من المخططات والأشراف على المهرجانات وفي الترشيح للعديد من الدورات في الخارج هذه الوظائف أعتبرها مكملة لمسيرتي الإبداعية .. ولكني حاولت تحقيق ذاتي من خلال المرئية والمسموعة ... نعود لمسرحية " شركان في بيت زارا " تأليف " مصطفى بهجت " التي تعد أول مشاركة ليبية في المشرق من خلال مهرجان دمشق المسرحي .. العمل كان طويلاً جداً يصل الى الثلاث ساعات . ربما بخيالي في ذلك الوقت وحرصي على التقيد بكل كلمة يقولها الكاتب ..
* :- هل حقاً بأنكم أثناء المهرجان قمتم بإعادة صياغتها وإختصارها ؟
المدنيني : - العرض الاول قدم كما هو ، أما هذه العملية قمنا بها أثناء العرض الثاني للعمل ... لم تعرض في ليبيا بسبب خلاف بيننا وبين الرقابة التي كانت تحت امرة الشرطة بسبب تاويل بعض الجمل .
* :- هل هذه احدى الدوافع التي ابعدتك عن الاخراج ؟.
المدنيني :- ربما تكون أحدى الأسباب ... ولكني كنت مساهماً بشكل فعال مع زملائي .
* :- أعتقد الألية المالية كانت أرحب في السبعينيات وبداية الثمانينيات ... هل بالإمكان أيجاد مبرر لقلة إنتاجكم ؟!
الدنيني :- أنا قمت بالصرف على بعض المكملات التي تخص مسرحية " الزير سالم " من حسابي الخاص عندما تعذر الصرف من قبل الإدارة المالية . علماً بأن المبلغ لم يتجاوز " الألف دينار " الذي أعيد لي بعد خصم الضرائب .... عرضت هذه المسرحية في مسرح صبراته الأثري وحضرها الألاف ، ثلاثة منهم من أعضاء مجلس قياد الثورة .... ربما تعذر الدفع في ذلك الوقت ولكني أوافقك الرايء الى حد ماء .
* :- مقر المسرح الوطني في ذلك الوقت " مسرح الغزالة " .
المدنيني :- خرجنا من مسرح الغزالة بسبب بداية مشروع الصيانة _ الذي لم ينتهي الى الأن _ الى جزء من " كاتدرائية " ميدان الجزائر_ مسجد الدعوة حاليا _ ثم تم نقلنا الى معرض طرابلس الدولي .
*:- تتقاسم أنت والفنان " الطاهر القبايلي " إنحيازكم الكامل للإدارة على حساب إبداعكم المسرحي .علماً بأن تواجدكم كمبدعين كان من الممكن أن يساهم في تشكيل جيل من الممثلين لإثراء المشهد المسرحي .... لماذا لم ينعكس هذا الأمر على زملائكم في تونس " هشام رستم ، محمد إدريس ، المنصف السويسي ، الفاضل الجعايبي " وكذك الحال مع " أسعد فضة " في سوريا و " كرم مطاوع " و " السيد راضي " في مصر ؟ علماً بأن وقوف لك على خشبة المسرح في مسرحية " الصوت والصدى " للقويري / القمودي " سنة 1976 م .
المدنيني :- كان أخر وقوفي سنة 74 م في هذه المسرحية قبل أن يسند دوري للقبلاوي إذا استثنينا اوبريت " درب الحرية " .....أما بشان المقارنة بالزملاء في بقية الدول الشقيقة لم تكن منصفة . فهنالك ثمة شيء من التنظيم فالمبدع هناك يستطيع السيطرة على الوقت وإمتلاكه ، أما هنا فالوقت يتسلل بين أصابعك دونما تدري .... لا أنكر بأن الإدارة سرقت جل وقتي تعزيتي هنا بأني عملت في مجال له علاقة بالمسرح وإمكانية تطويره وهذا الدور ليس بالهين كما أعتقد .... نقطة أخيرة بأني لم يقدم لي أي عرض مغر بشأن العمل في المسرح .
* :- في فترة من الفترات ثمة أحساس عام يفيد أعتذارك عن أي عمل مسرحي يقدم لك نظراً لمشاغلك الإدارية .
المدنيني :- أنا لم أصدّر هذا الأحساس فهو يخصهم وحدهم علماً بأن كل رصيد أعمالي الإبداعية قدمتها وأنا مناط بمهام إدارية .
*:- قدم لك عرضاً للعمل بالمسرح التجريبي من خلال مسرحية " اوريست يعود الى المنفى " بإدارة وتأليف " البوصيري عبدالله " ومن إخراج المسرحي اللبناني " طلال الدرجاني " وقتها كنت أنا مخرجاً مساعداً في العمل . وثم أعتذاركما بدماثة انت والأستاذ " علي الخمسي " لعدم وضوح الموازنة المالية .. وهذا أراه حق من حقوقكم .
المدنيني :- أنا ألتزمت بالتدريبات المبدئية صحبة المرحوم " الأمين ناصف " و" علي الخمسي " و" خدوجة صبري " . ولكن الهاجس المادي يعد أخر أهتماماتي.. بالأساس الدور ومن ثم ندخل في التفاصيل الأخرى التي تشكل نفس الأهمية هذا الأمر مقابل جهد وخبرة فأني أرفض مبداء الهبة والصدقات في الحالة الإبداعية . . أحب أن أقول بأن الشرط الأول والمخرج الذي استطيع التعاطي معه على الخشبة في هذه الحالة لا يمكن إلغاء القدرة الأنتاجية .
*:- لو توفرت الأن هذه الشروط وتم التعامل معك كممثل محترف ومتعاون حسب اللائحة فما ردك ؟
المدنيني :- اللائحة الحالية مجحفة ولا تكاد تذكر ... أعني لائحة المسرح والإذاعة .
* :- بإعتبارك شاهداً على الحركة المسرحية منذ أكثر من أربعين عاماً من المخرجين الذين تود العمل معهم من جديد .
المدنيني :- انا أستطيع الحكم على المخرجين الذين شاهدت أعمالهم ، وددت التعاون مع المخرج " فتحي كحلول " في مسرحية " قطار الموت " ولكني لأسباب نجهلها لم نوفق في هذا الأمر . أتمنى عودة " القمودي " للعمل معه ... طبعاً " الطاهر القبايلي ، وعبدالله الزروق " .أما بخصوص جيل الشباب فلا أجد أي حرج للتعامل معهم لو استوفيت شروط النص والرؤيا المسرحية .
* :- الرؤيا الشفوية قد لا تكفي بنسبة خمسين بالمئة .
المدنيني :- ربما أكثر .
* :- نفترض بأنك وافقت على هذه الرؤيا المحكية وأثناء التطبيق وقت التدريبات أكتشفت العكس . في هذه الحالة هل تختار الإنسحاب من العمل ؟ .
المدنيني :- ستنعكس هذه الحالة على كل المشاركين في العمل وليس وحدي وفي هذه الحالة سيكون أنسحابي مبرراً ... " انا مش عارف أنت تلف وتدور لوين تبي توصل " من حيث المبداء أنا ليس لدي أي عقدة تجاه أي صوت واعد جديد .
*:- في الإذاعة تعاملت مع جيلك فقط .
المدنيني :- المسموعة نعم ولكن المرئية تعاملت مع أجيال كثيرة بعدي أذكر منها المرحوم " عثمان الشويخ " في بداياته .
* :- أخيراً انت مديراً لأيام طرابلس المسرحي . هل نستطيع أن نستشف رأيك في الأعمال التي قدمت من خلالها . وما دورك أنت كمدير لهذه الدورة ؟ .
المدنيني :- تتمثل مهمتي من الناحية التنظيمية والشكل العام . أما العروض التي قدمت من خلالها فهي تخص الفرق وحدهم وتخص اللجنة التي أجازتها ... نعم نلاحظ في أعمال الشباب الواعدة كثرة الإيقاعات التعبيرية التي أعتبرها نوعاً من " التنفيس الشبابي " . كان تعاوني تصبغها روح الود مع والفنان " عبدالله الزروق " رئيس الدورة ، والأستاذ " سالم سلطان " أمين اللجنة الشعبية للإعلام والثقافة بشعبية طرابلس ...مع الأسف ثمة ركود يصيب الحالة المسرحية الليبية لقلة الإمكانيات ، ماذا يساوي " ألف دينار " لكل فرقة مسرحية ؟ بودنا الأهتمام بالبنية التحتية المتمثلة في هذه الفرق وهؤلاء الشباب التي ستنتج دونما شك مبدعين يشاركون في إثراء الحياة المسرحية الليبية .
* :- أخيراً ... هل ثمة شيء تم تجاوزه ... او هل ثمة سؤال يجول بخاطرك ؟
المدنيني :- نحن تجاوزنا كل الخطوط .... سؤالي متى تنتهي هذه المقابلة ؟
* :- لك الكلمة الأخيرة في هذا الأمر .
المدنيني :- أقدر عالياً ماتقوم به " مجلة المؤتمر " ... أشكرك وأشكر الأستاذ " أحمد السيفاو " على هذه الفسحة ..... دائما أؤمن بالقدرة الإبداعية الليبية ولكن هذه القدرة بحاجة للعناية والرعاية والمتابعة . والمسآلة فيما بعد ... انا عندي أمل بأن يتحقق هذا الحلم .... وهو امر ليس بالمستحيل .
*المصدر :
مجلة المؤتمر ...
"الميت الحي " ..... سينوقرافيا
بعد أكثر من عشر سنوات يعود المخرج " محمد العلاقي " بمسرحيته " الميت الحي " التي كان قد عرضها بمهرجان المرحوم " محمد أبوشعالة " ببنغازي 1993م مع طلبة معهد جمال الدين الميلادي ، ولاقت حظ عرضها بمهرجاني " القاهرة التجريبي " و"أيام قرطاج المسرحية " ، محافظاً على تفاصيل العرض الأول مع تغيير كامل للممثلين .
النص الذي كتبه " محمد العلاقي " كتابة ركحية ، يعتبر من النصوص الليبية القليلة التي أنحازت تماماً " للسينوقرافيا". فسيطرة الشكل العام "المنظر " وطغيان الحركة على الحوار هي التي شكلت بنية النص وتقنيته ، فالنص كتب حسب منظوره ورؤيته مراعياً فيه متطلبات الخشبة و أسلوبه الذي يتسم بالهدؤ والتأمل والشاعرية ، كما في أغلب أعماله المسرحية.
قسم النص إلى ثلاث رحلات " رحلة الاكتشاف " " رحلة الحكايات " و " رحلة الهروب والعودة " .
تبداء الرحلة الأولى " رحلة الاكتشاف " بخروج تدريجي لبعض الأنماط من المجتمع ، " الشيخ ، الرجل ، الشاب، الفتاة " من خلال لوحة تشكيلية كبيرة تمثل مدينة منغلقة ومنكفئة داخل ذاتها ، لا تتمتع بعلاقات مع محيطها ولا تنتمي للخارج بأي صلة . من هنا يبداء السؤال والدهشة من خلال ردود أفعال شخصيات المسرحية وكيفية التواصل مع الخارج كل حسب طريقته، الدهشة الأولى تتمثل في اكتشافهم للجمهور " الناس " _ وبأن ثمة ناس _ و " بأن الدنيا واسعة وهم في ضيق " اكتشافهم لهذا الفضاء الواسع من الحرية والانطلاق أتاح لهم فرصة اكتشاف ذواتهم والعودة لأنفسهم وإعادة تحسس وتشكيل العلاقة فيما بينهم التي لم تكن ميسرة داخل ذلك الإطار ، ومن ثم تتحول الفتاة موضوع اهتمامهم الآسر ونقطة صراعهم "الحسي" الذي يمثله الرجل و" العاطفي " الطهراني الذي يمثله الشاب و " والإستاتيكي " الجامد الذي يمثله الشيخ ربما كمشروع لدمية داخل جدرانه السلفية ، من خلال اختراعهم _ الرجل ، الشاب ، الشيخ _ لطرق وحيل للفت وجدب اهتمام انتباه الفتاة . داخل هذا الصراع العائم ثمة " تابوتاً " يتصدر اللوحة في وضع أفقي ، حاز على القدر الأكثر من الجدل حول ماهيته ، وموقعه. والى أي ناحية يتم نقله ، جهة اليمين ، الوسط ، اليسار ؟ ليحسم الصراع أخيراً لصالح زاوية النظر ، فما يراه الشيخ يميناً يراه الشاب يساراً . من خلال فكرة توضيحية مسرحية مفادها يمين الخشبة عند الممثل تساوي يسار الخشبة عند المشاهد، ليستقر أخيراً وفي وضع رأسي ناحية اليسار من اللوحة .
الرحلة الثانية " رحلة الحكايات " هذه الرحلة تبداء من خلال سؤال استفهامي من الفتاة : " خيرهم يتفرجوا علينا .. أحكولي شنو القصة ؟! " ليبداء السباق المحموم على اشده بين شخصيات العمل " الرجل ، الشاب ، الشيخ " على من ينال رضى الفتاة كل حسب مرجعيته. الشيخ يستلهم حكايته من التراث الإسلامي ، عن تسامح وتواضع وعدل عمر بن عبدالعزيز. والرجل يستعين بالسيرة الهلالية من الموروث الشعبي عن رجولة وبطولة " بوزيد الهلالي وذياب " . والشاب يحكي من التراث العربي عن عفة ليلى صاحبة قيس بن الملوح. كل هذه الحكايا السلفية لم تنل حظها لتسكن هوى و قلب الفتاة ، التي تختار الغناء بديلاً لهذا العناء الذي يكابده الرجال في حضرتها .
الرحلة الثالثة " رحلة الهروب والعودة " هذه اللوحة تبداء بصراع مجنون حول من يمتلك الفتاة ؟ صراع ذئبي حول فريسة ، لم ينهي السباق سوى قيامة " الميت " من تابوته ناشراً الرعب والتسلط في قلوب الشخصيات ، التي ترفض العودة إلى سجنها وتخليها عن فردوسها التي لم تعمّر فيها طويلاً ، ولكن تحت تهديد الدكتاتور " الميت " بيده الطولى ترضخ الشخصيات للعودة ولم يفلح تملق الشيخ وحيله أمام عناد هذا الكائن الجبار .
هنا يترك الكاتب مجموعة من النقاط ينهي بها نصه . أهمها " تقدم الدكتاتور " الميت الحي " نحو الجمهور ليكشف عن وجه باك خلف قناعه الصارم " ربما يريد الكاتب هنا تأكيد فكرة " أعطني تاجاً وصولجاناً أعطيك ملكاًُ " وبأن فكرة " الدكتاتورية " تنمو في التربة الجاهزة لهذا الشكل من الحكم ، ربما ينتخبها محيطها التي ولدت و تعيش فيه . هنا يقول الكاتب بأن " الدكتاتور ضحية منظومة وإرث تاريخي وبأن هذا " الميت الدكتاتور " أي الفكرة القديمة، منذ أيام "نبوخد نصر و نيرون والحجاج " قد تحيا في حال توافرت شروطها و مناخها " الحي الدكتاتور" .
نقطتين أكدهما الكاتب دونما ذكر لتفاصيل إخراجية " حركات الأيدي ، وضع لوحة مغايرة لإخفاء اللوحة الأصلية " . تاركاً المجال أمام رؤيا أخرى قد تعيد إحياء هذا النص . هذا لا يعني بأن النص لم يترك مساحة لرؤيا مغايرة .
لا أدر لماذا يذكرني الكاتب بتقنية الحوار في المسرح التونسي مثلما نرى في بداية اللوحة الأولى
" الشاب : الدنيا واسعة واحنا في ضيق /
الشيخ : الدنيا واسعة/
الفتاة : الدنيا واسعة/
الرجل : الدنيا واسعة "
وفي اللوحة الثانية بعد إستفهام الفتاة عن القصة
" الرجل : القصة فيها دفس وعفس ورفس /
الشاب : القصة فيها تبزنيس وأدحنيس وتكوليس
/ الشيخ : القصة فيها تمشميش وأدشديش وتوشويش ....الخ "
والشواهد كثيرة لا يسع المجال لذكرها . يبدو أن الكاتب قد استفاد من هذه التقنية . كان بإمكان الكاتب إعطاء مساحة أكبر للشيخ في معرض حديثه عن سيرة المشيخة ومعاناتها فثمة تفاصيل تحتمل الإضافة والمشهدية وإشراك بقية الشخصيات . كالطلاق، والزواج، وتصدر الموائد ، ومنح البركات ، و حلقات الأذكار في المأتم ... الخ . تظل المرأة غير حاضرة في هذا النص فهي عبارة عن دمية مستسلمة عاجزة على تفعيل أي حدث ، الأمر الذي أفقدها روح المبادرة والقرار . كما أفقدها النص أيضاً حق التذمر والرفض فنراها شخصية باهتة لا تحمل أي ملامح ومحايدة تهلل لأي اتفاق يتخذه الرجال " يمين أو يسار أو وسط " كما رأينا في مشهد التابوت في اللوحة الأولى . فالنص تتلبسه روح ذكورية عالية بانحيازه التام للرجل ولا أعتقد بأن الكاتب يسعى لهذا المفهوم .
المخرج لم يبتعد تقريباً عن تفاصيل النص فقد استغنى ومنذ البداية عن الستارة . ليطالعنا المنظر العام بإضأته مصحوباً ً بالموسيقى . وهو عبارة عن لوحة كبيرة مؤطرة تحتل وسط وسط المسرح تمثل " بورتريه " لعروس في زينة محلية ، من خلالها يتم الخروج التدريجي لشخصيات المسرحية ، الشيخ " مفتاح الفقي " والرجل " نادر اللولبي " بملابسهما " الشعبية " و الشاب " إبراهيم المرغني" والفتاة " سالمة المرغني " بملابسهما المعاصرة . لا أريد أن أحكي كثيراً عن أداء الممثلين الذين لم تتاح لهم فرصة تدريبات كافية وهذا يتجلى كثيراً في إرتباكهم على صعيد الحركة والأداء . وعدم تشبعهم بأبعاد شخصياتهم . يظل الممثل مفتاح الفقي بخبرته حاول جاهداً بث الروح في الشخصية التي لعبها. في تقديري بأن الممثل " مفتاح الفقي " يأتي ضمن الممثلين الذين يجدون ذاتهم أثناء العرض ، فهم يستمدون طاقتهم وحيويتهم من الجمهور العنصر الفعال في العملية المسرحية . رغم إنطفائهم في فترة التدريبات ، فمفتاح الفقى بذل كل ما بوسعه لإضفاء نوع من الحيوية للشخصية . " نادر اللولبي " رغم تقديمه لشخصية تكبره سناً ، فقد تركز مجهوده في أدائه الصوتي ، كما حاول الاقتراب من ملامح الشخصية التي لها مساحتها المتفردة في النص هي وشخصية الشيخ . كان من المنتظر من " نادر " تقديم قراءة أفضل لهذه الشخصية لولا قلة اجتهاده وانشغاله بمسرحية " سلم وليدي " الذي قدم فيها أكثر من دور متميز . ليونة " إبراهيم المرغني " وأدائه ، رغم افتقاده للتجربة أنبأت على أدوات تؤهله لشق طريقه نحو هذا الفضاء المسرحي كممثل . الممثل " عبدالسلام التريكي " الممثل الوحيد في المسرحية الذي كان أداءه صامتاً وأعتماده لحركة ألية غير متقنة نتيجة قلة التمرينات . إنطفاء الممثلة " سالمة المرغني " في هذا العرض ربما يكون مرده افتقادها للمرتكزات التي يستند عليها الممثل في بنية الشخصية_الفتاة_ التي تجسدها . فالشخصية في النص تفتقد للأبعاد التي كان بإمكان المخرج الكاتب إحيائها عن طريق إعادة تطوير الحوار أو إثرائها عن طريق أدوات الممثل . وعناصر العرض عنده كمخرج ، وتحميلها بمضامين تحدد ملامح الشخصية . فنحن لا نعرف ماذا تمثل شخصية" الفتاة " في النص هل هي مجرد شاهد عن الأحداث ؟ أم تمثل انعكاس للوحة التي تساوي " الوطن أو البلد " ؟ أم مجرد دمية مهمشة في هذا المجتمع الذكوري ؟! . فعدم الاتفاق مع المخرج والاستقرار على صيغة لتحديد هذه الأبعاد ، العوامل الحقيقية التي أفقدت الممثلة بريقها إضافة إلى عدم اهتمامها بأدائها الصوتي وقوته ، الأمر الذي أفقدها خاصية إيصال الصوت إلى مسامع المتفرج . قد يكون عدم القدرة على التعامل مع تقنية ناقل الصوت المحمول الأمر الذي يفقد الممثل أحد أهم خاصياته . كان من الأجدى الاعتماد على قدراتهم الصوتية الطبيعية وتطويرها برعاية المخرج . هذا العمل الثاني بالنسبة للممثلة" سالمة المرغني" مع ذات المخرج . كان اللقاء الأول في عرض " لقاء " مع المركز الثقافي الفرنسي ، الذي كانت فيه الممثلة حلقة وصل بين شخصيتي " قستنتين كافافي " و" أرتور رامبو " الذي تمتعت فيه بسيطرة على أدواتها من حركة وأداء صوتي الى جانب حفاظها على الإيقاع العام للشخصية ، ولأن عرض " لقاء " عرض بصالة المركز الثقافي التي تضفي جواً من الحميمية والدفء في نفس الممثل على عكس صالة الكشاف التي تشعرك بالرهبة والفراغ على نفس الممثل الذي لم يتعامل على هذا النوع من قاعات العرض .المخرج " محمد العلاقي أعتمد نفس " السينوقرافيا " التي أستخدمها في العرض الأول ببنغازي دون مراعاة الفترة الزمنية التي تزيد عن عشر السنوات فإبقائه على اللوحة التي رسمت منذ ذلك الوقت دون إعادة مما أفقدها سؤ التخزين ملامحها أثرت على الشكل العام للمنظر حتى بدت أشبه بلوحة تجريدية مشوهة ، ضيعت المعنى والدلالة التي يريد أن يصل إليها المخرج . لجاء المخرج للدلالات المباشرة " إشارات الأيدي " دخل بنا مخرج النص إلى " الترميز المباشر " الرمز التقريري الأمر الذي ضيق مفهوم ورحابة النص . ولأني شاهدت عرض " بنغازي " الذي كان عبارة عن دفقه من الإبداع بإتقانه الشديد وتماسكه ، مقارنة بهذا العرض الذي كان ضحية التسرع وقلة التمارين ،في الوقت الذي أنباء فيه عن توافر جيل جديد من الممثلين الشباب الذين نفتقدهم لتغذية الساحة المسرحية " سالمة ، نادر ، إبراهيم ، عبدالسلام " الذين كانوا ضحايا لقلة التدريبات .
نأمل من الأستاذ " محمد العلاقي " العمل على إعادة العرض وبنفس الممثلين كرد اعتبار لعرض أعتبره من العروض القليلة التي ظلت في الذاكرة .
أخيراً أشكر فرقة " أبناء الشهداء " التي تبنت هذا العرض وفي انتظار مشاهدته في الوقت الذي أشكر فيه فريق العمل " عبدالله الأزهري " مساعد مخرج " ديكور " محمد الزرقاني " صوت " خليفة العويتي " إضاءة " صلاح الهجني" موسيقى "محمد المشاط " تنكر " فوزي الداكشي ".
أيام طرابلس المسرحية ..... دورة الكاتب الليبي
قبل ثلاثة أيام من تسيير الموازنة المالية وبعد ثلاث تأجيلات لإبتداء هذه الدورة ، حرص المسرحيون وبحسن نيتهم المعهودة على إنطلاق دورتهم التي تعنيهم وحدهم برعاية جمهورهم على إنطلاق دورتهم المسرحية بقاعة مسرح الكشاف بطرابلس مصحوبين بثلاثة عشر عرضاً مسرحياً من 7 الى 20 _ 7 _ 2005 م . هنا لا أريد إقصاء مجهودات الفنان " عبدالله الزروق " كرئيس لهذه الدورة . والمخضرم " عمران المدنيني " مديراً لها والإدارة الشابة التي تتمثل في الفنان " سالم سلطان " أمين اللجنة الشعبية للثقافة والأعلام لشعبية طرابلس الذين يوافقونني حجم المعاناة التي يعانيها قيام أية مناشط إبداعية .
المبدع الليبي بحاجة الى ملتقيات منتظمة ليحقق روح التواصل والتجديد والمثابرة مع إعطاء مساحة أرحب _ مادياً وزمنياً _ للتجهيز لأعمالهم بشكل اكثر تأني وتروي لإطلاق هذه الأعمال .
أستطيع تقسيم أعمال هذه الدورة الى قسمين أساسيين قسم منها أختار المسرح الأجتماعي الواقعي بمرجعية المسرح التجاري المصري . كان من الأجدى الرجوع لأعمال الستينيات والسبعينيات من القرن المنصرم التي يشكل مسرح " شرف الدين / الأمير " أكثر حضوراً لمثل هذه الأعمال ... ولا ننسى " سعيد السراج وسليمان المبروك " . ومسرح الكاتب " فرج قناو / بإخراج عبدالله الزروق و محمد القمودي " والشواهد كثيرة . المؤلم بأن هذه العروض التي شاهدناها _ أقصد الأجتماعية _ بأنها بدت على صعيد التقنية وعلى صعيد الفكرة والأخراج اقل مستوى من تلك الأعمال التي عرضت منذ أكثر من نصف قرن على مسارحنا المحلية ... هذا الأمر يشعرك بالخيبة لما آل إليه مسرحنا المعاصر ونحن و بعد سنوات قليلة على أبواب الأحتفال بمئوية المسرح الليبي .
القسم الثاني تبناه خريجي المعاهد و الأكادميات المسرحية أي الأجيال الشابة التي تحاول البحث على موقع في الساحة المسرحية الليبية .... يكتنف عروض هذه الأعمال الغموض . التي مردها مرجعية غير معروفة ربما " الفيديو كليب " لأعمال موسيقية غريبة او ربما أعمال المخرج المرئي السوري " نجدت أنزور " كمسلسل " الكواسر " فالقاسم المشترك بين هذه الأعمال " الأكروبات " والحركات الأستعراضية وبدون هدف . فالحركة تجنح الى حركات " السيرك " الأمر الذي أبعدته كثيراً عن روح المسرح ورائحته . فالذائقة المستلبة أبعدتهم على الموروث الثقافي المحلي " موسيقى ومعمار وفنون وأداب .... الخ " الجانب الأيجابي لهؤلاء الواعدين بأنهم يمتلكون الحرفية المسرحية فهؤلاء المخرجون متمكنون الى حد بعيد من أدواتهم المسرحية ف " الفن فكر وصنعة " كما يقول " أميل زولا " والمبدع من أولوياته توصيل فكرته الذهنية أو الجمالية للمتلقي وهذ شرط مهم من شروط الأبداع التي لم يستطع المخرج البولوني " جيرزي جروتفسكي " إلغائه في تجاربه المسرحية وإن كان الحضور نوعياً ومتخصصاً الذي يتمثل في عشرات المهتمين فقط .... ونحن في أنتظار أعمالهم القادمة التي نرجو أن تكون أكثر مقاربة للتواصل مع المتلقي وأكثر مقاربة من روح المسرح .
يضل عندنا عملين خارج هذين القسمين عمل " عبدالله الزروق " الميراث " وعمل "شهرزاد تنهض من نومها " لمحمد العلاقي " اللذان خرجا من مفهوم الغموض والمرجعية المستلبة بإعتمادهما على خبرتهما المسرحية لولا أن العملين خرجا للنور دونما أكتمال نضجهما . كان بأمكان أنقاذ عمل " العلاقي " من خلال أستبدال شخصيتي العمل النسائية الرئيسة لتجسد بذلك الممثلة " تركية فتحي " دور " شهرزاد" بديلاً عن الممثلة " سالمة المرغني " التي قادت العمل نحو الهبوط الأيقاعي مع التقليل من الأغاني والرقصات التي أخذت مساحة جعلها تضربسياق وترابط العمل . كما لم تستثمر إمكانيات " عبدالله الشاوش " في هذا العمل . يظل عمل أخير أريد التنويه عليه وهو بدايات لكل من المخرج " محمد المسماري " كأول محاولة منه لإخراج عمل مسرحي و " القذافي الفاخري " كأول محاولة له في التأليف المسرحي وهو عمل " الوسواس " فهذا العرض يتفق مع القسم الأول في إكتنافه للغموض وإبعاد المتلقي عن التواصل خاصة عندما أستغرق النص في نصوص من " علم المنطق السلفي " فالمسرح لا يعتمد الشرح بكثرة الحوار فقط وإنما يعتمد بالأساس الحدث والفعل المسرحي . ربما سيكون العمل أكثر حضوراً لو أعتمدت العامية الليبية لغة لحواره . لم يحتوي العرض على عمق في المضمون وخاصة في قراءته للشخصيات وأسلوب التنكر الذي اتبع في تقديم هذه الشخوص .... يحسب للمسماري والفاخري هذه التجربة التي تعتبر بداية ليست بالسيئة عندما نراها كتجربة أولى .
في مجمل عروض الأيام المسرحية لم نشاهد اي عمل من أعمالها تكاملت فيه شروط العمل المسرحي المتقن الذي من أهم شروطه المتعة ..... يحسب لهذه الدورة كم ليس باليسير من الأجيال الشابة الواعدة من مخرجين وممثلين صحبة جمهورهم _ وهو الأهم _ الممتتبع لهم الذي يعتبر مكسباً حقيقياً لإثراء الحركة المسرحية الليبية كما قدمت لنا الدورة ثلاث أصوات نسائية قمن بكتابة ثلاثة أعمال وهن " فيروز عون " في قدمت مسرحية " شهرزاد تنهض من نومها " من إخراج " العلاقي " و" كريمة الترهوني " التي قدمت مسرحية " الأختناق " من إخراج " علي سعيد " التي قدمت فيه " أمال بوشناق " دوراً متميزاً يحسب لرصيدها كان بإمكان المخرج الأهتمام بالممثل " وليد بلعيد " الذي كان غائباً طيلة العرض أمام الممثلة المقابلة له . وأخيراً " نور " التي قدمت نص " المتاهة " من إخراج " نادر اللولبي " .
على هامش الدورة
* أقيمت عروض مرئية لبعض من الأعمال المسرحية في ساحة الكشاف لا أنسى تواجد المقهى المتحرك الصيفي " كرافان " أسبغ على الدورة نوعاً من البهجة والحيوية .
كما أقيما معرضان للتصويرالثابت " لغة المحاكاة " لأحمد الترهوني . وذاكرة الخشبة " لصبرية الجرساني . و معرضاً للكتاب المسرحي . ومعرضين للرسم الساخر للفنانين " عوض القماطي ، وجمال الترهوني " كما صاحبتها العديد من البرامج المسموعة منها برنامج لإذاعة طرابلس المحلية تقديم " عبدالباسط باقندة " ومساء الفن تقديم " أنور البلعزي " والبرنامج المرئي " أضواء حول أيام طرابلس المسرحية " تقديم " فوزي المصباحي " وبرنامج " ليلة " تقديم " خدوجة صبري " مع تغطية مستمرة من كل الصحف المحلية إضافة الى صحيفة العرب " اللندنية " .
كرم العديد من المبدعين الرواد والكتاب المسرحيين المعاصرين :-
الفنان / أحمد البيزنطي . الفنان / الهادي المشيرقي . الفنان / المرحوم / سعيد السراج . الفنان المرحوم / سالم بوخشيم . الفنان / مصطفى الأمير . الفنان المرحوم / الهادي راشد . الفنان / عبدالحميد المجراب . الفنان المرحوم / سليمان
المبروك . الفنان / عبدالحميد بيزان . الفنان / محمد عبدو الفوراوي . الكاتب الأديب / عبدالله القويري .
الفنان الكاتب / الأزهر أبوبكر حميد . الكاتب الشاعر / فرج قناو . الفنان / ابراهيم العريبي . الكاتب الأديب د. أحمد ابراهيم الفقيه . الفنان / الطاهر يوسف القبايلي . الفنان / رمضان القاضي . الفنان / زهير التونالي . الكاتب / البوصيري عبدالله . الكاتب الأديب / منصور ابوشناف . الكاتب الشاعر / مفتاح العماري . الكاتب / عبدالباسط عبدالصمد . الكاتب الصحفي المرحوم / عمر السويحلي . الفنان الكاتب / عبدالله هويدي .
أخيراً أعتقد بأن المحافظة على هذا المكسب الثقافي بهؤلاء الشباب الذي كانوا الأكثر إثارة للجدل بجمهورهم لاشك سيضمن لنا تراكماً متجدداُ في فضائنا المسرحي .
الجمهور بين الحضور والغياب
مسرحية" بجوها" أنموذجا
المسرح الليبي على مدى مسيرته يفتقد روح التواصل مع (المتلقي_ الجمهور_ المتفرج) العنصر الأهم في العملية المسرحية كما أجمع النقاد." فلا مسرح بدون جمهور" فهذا المشكل تحكمه العديد من الظروف والملابسات.
* الإبداعية تتمثل في " ممثل، مخرج، نص" . التقنية " الفنية " وتتمثل في" ديكور ، ملابس ، مؤثرات ...الخ من تقنيات الركح " من جانب.الظروف الإنتاجية الإدارية التي تتمثل في " توفير ورصد الدعم المادي لإظهار العمل كما ينبغي له أن يكون. مع إتاحة ظروف تصديره إلى أكبر قدر من المشاهدين عن طريق أدوات الإنتاج التي أهمها الدعاية " من جانب أخر.
فتوافر الظروف مجتمعة كفيلة بتحقيق هذا التواصل . فثمة الكثير من الأعمال في مسيرتنا المسرحية كانت ضحية الإنتاج والإدارة. تتمثل في النصف الثاني من الستينيات إلى النصف الأول من السبعينيات من القرن الماضي . هذه الفترة قادتها الفرق الأهلية التي كانت تقوم بمهامها الحيوية من أجل إنتاج يخلق نوع من التواصل مع المتلقي مع عدم إنكارنا لدور المسارح الوطنية التي احتضنت الخبرات المتميزة في هذه الفرق وفتحت المجال أمام خبراتهم ، إضافة لخريجي معهد جمال الدين الميلادي المؤسسة الوحيدة التي تدرس فنون المسرح في ذلك الوقت . بالمقابل الكثير منها_ الأعمال المسرحية_ مما توافر لها ظروف إنتاجية تقنية إدارية صحية، كانت ضحية الضحالة والسطحية والخطاب المباشر التقليدي على صعيد الإخراج أو النص أو الممثل وهي كثيرة مما جعلها سبباً حقيقياً في إبعاد الجمهور، ومنهم_أي الجمهور_من قاطع عتبات المسارح وأهمل رموزه التي تابعها بشغف في مراحل سابقة. هذه المرحلة كانت جلية وتمتد من النصف الثاني من السبعينيات إلى النصف الأول من التسعينيات من القرن المنصرم التي يشوبها نوع من الركود وعدم الجدية والجمود وسطحية التناول. قد يختلف الأمر في مدينة بنغازي التي حاولت في هذه الفترة خلق تواصل مع الجمهور من خلال أعمال لاقت صدىً جماهيرياً مثل " الضحك ساعة" و " جاكم عنتر" ....الخ كما أنتجت هذه المرحلة العديد من " نجوم الشباك " مثل " رافع نجم،علي العريبي " و " صلاح الشيخي، ميلود الحمروني " التي وصل عدد العروض فيها إلى" السبعين عرضاً" في الفترة الأخيرة . أما العشر السنوات الأخيرة فهي مزيج بين المرحلتين أو نتاج المرحلتين فقد خرجت هذه المرحلة من رحم المرحلتين التي سبقتاها فهي تحمل صبغة الفترتين السابقتين . بالطبع ثمة إستثنأت ونماذج حقيقية في المراحل التي تكلمت عنها ولكن قلتها جعلتنا نأخذ بالعموم . فيما سبق أنتجت العديد من الأعمال التي خلقت تواصل مع المشاهدين ولكنها لم تأخذ حظها من العروض للأسباب التي ذكرتها أنفاً. حتى لو أخذنا أعمال الثنائي" شرف الدين، مصطفى الأمير" فلم يحظ أي عرض من عروضهم "العشرين عرضا" حتى لو أضفنا تجاوزاً "عشرة عروض" مع امتلاك هذه الفرقة_ القومية_ لقدرة عالية في الدعاية تتمثل في قدرة الممثل " مختار الأسود " الذي أخترع أسلوباً في الدعاية على شكل قسيمة مخالفات مرورية _ شرطة المرور_ يفاجاء بها السائق أمام الزجاج الأمامي لسيارته في صيغة دعوة لمسرحية " دوختونا". رغم هذا لم يتجاوز عدد العروض المسرحية العشرين عرضاً وهي نسبة قليلة بالمقارنة بالمجهود الذي بذل من أجل إظهار هذا العمل أو ذاك،هذا ينعكس على مسرحية " نقابة الخنافس" للمرحوم" الأزهر أبوبكر حميد" ومن إخراج" محمد القمودي" و" حوش العيلة" تأليف المرحوم" فرج قناو" لنفس المخرج ، التي لاقتا صدى واسعاً بتألق ممثليها الشباب الذين كونوا علاقة مع المتفرج أمثال " فتحي كحلول، عبدالمجيد الميساوي، حسن الكشيك، لطفية إبراهيم " رغم هذا لم يساهم عدد العروض في انتشارها ، بل ساهمت في تصديرها الإذاعة المرئية كما ساهمت في تصدير " حلم الجعانين " والعديد من أعمال شرف الدين ، بينما تكتفي مسرحية " ملحن في سوق الثلاث " للأزهر أبوبكر حميد و " محمد العلاقي " بعروضها القليلة في المسرح ودونما توثيق مرئي . هذه الحالة تنعكس على الكثير من الأعمال ، والأمثلة كثيرة لا تسع المساحة لسردها . إضافة لأعمال المهرجانات والتظاهرات المسرحية التي غالبا ما تنتهي فيها بعض العروض بانتهاء هذا المهرجان أو تلك التظاهرة. فيكون رصيد عرضها عرضاً أو عرضين ، دونما يتم توثيقها مرئياً . هذا يساهم في إحباط المبدع مما يضطر بعض المبدعين إلى الابتعاد عن الساحة المسرحية .
فيما سبق لا أريد أن أحكي على طبيعة هذه الأعمال وأيضا لست في باب المفاضلة بين الأعمال التي يتعاطى معها الجمهور، والأعمال التي تحقق متعة لفئات محدودة من المتلقيين ، والأعمال التي تحقق الحضور والمتعة الفنية لفيأت عريضة ومتنوعة من المتلقيين وهي قليلة بالطبع. فالمسرح الليبي في حاجة للعمل والإنتاج بأي شكل من الأشكال المسرحية و بكل تياراتها ومذاهبها ، وبأي لغة يراها منتج العمل . فالعمل السيئ والغير ناضج، قد ينتج ممثلاً موهوباً ، أو مهندس وفنيي ديكور ، أو مهندس وفنيي إضاءة إلى أخر العناصر، وأخيراً قد ينتج متفرج" وهو أضعف الإيمان".
الساحة المسرحية تحتاج لكم من الأعمال المتنوعة ومتباينة الرؤى، و تتسع لكل الألوان والأشكال المسرحية كما يقول تاريخ المسرح في العالم ، فالكم هو الذي يحقق أعمال متباينة وبالتالي يحقق متفرج متتبع متباين الذائقة، وبالتالي يتم إنتاج التصنيف والتقييم الإبداعي وهذه مهمة النقاد التي تفتقدها الساحة المسرحية الليبية .
"بجوّها" عرضاً مسرحياً تجاوز الأرقام السائدة من العروض على مدى مسيرة المسرح الليبي وكسر قاعدة عدم وجود متتبعين للمسرح. إذ تجاوز عدد عروضه " المائة وسبعون عرضاً" وهي من تأليف وإخراج " عبدالباسط أبوقندة " .
النص عبارة عن قراءة ورصد للعديد من مظاهر المجتمع، يعتمد فيها المؤلف اللهجة الدارجة الليبية لغة لحوار نصه الذي يقسمه ل " ست لوحات" معنوناً كل لوحة باسم يحمل تعريفاً لها " الجامعة، الفيريكيكو*، المرأة ، اللجنة الشعبية، المستشفى العام، المؤثرات العقلية،" تجسد من خلال " سبعة شخصيات " رقمت من الأول إلى السابع في افتتاحية النص المسرحي، ولكنها سرعان ما تذوب هذه الأرقام لتتحول إلى شخصيات نمطية وظيفية مثل " الدكتور، البائعة، المدير ، السكرتيرة، الأمين، العضو ...الخ " أو شخصيات حياتية مثل " الشاب ، الفتاة، الحاجة، الأخ، الأخت، الزوجة ..الخ" بينما ينتهي ظهور الأرقام الخامس والسادس والسابع ابتداء من اللوحة الرابعة . في المشهد الأخير من لوحة المرأة غاب على مؤلف النص إسباغ صفة"الزوج والزوجة" ليبقي على التعريف الأول " الشاب والفتاة" حتى بعد زواجهما. كان من الممكن أن يستدرك المؤلف في معرض تعريفه بشخصيات المسرحية المرقمة بتحميلها الأدوار التي تلعبها ،مثل" الأول ويجسد ، الشاب، المدير،الأمين". و"الثانية وتجسد ، الفتاة ، الحاجة ، الزوجة"، الى أخر الأرقام مراعياً فيها عدم تعارض ظهورها على الخشبة. وهذه الأبجدية في صناعة المسرحية يدركها " عبدالباسط أبوقندة" جيدا، من خلال خبرته في تجسيد الكثير من الأعمال التي تلتزم هذه التقنية في بناء المسرحية .
النص أعتمد على مفردتين مطاطيتين في ربط العلاقة المزدوجة بين المشاهد ببعضها من جانب. وبين النص والمتلقي من جانب أخر . هاتين المفردتين تتمثلان في مفردة " بجوّها" أولاً التي التقطها مؤلف النص ليحملها اسم المسرحية ، و بجعلها المرتكز الرئيسي التي يدور في فلكها الحوار . هذه الكلمة " الحية " بمعناها الواسع التي تحتمل الكثير من التأويلات وتتضمن الكثير من المعاني. فهي مفردة حديثة من اختراع " الشارع_ الناس_ الجمهور" أتاحت الرحابة للنص لتخرج به من "إستاتيكية" المفردة المصطنعة الجامدة إلى ليونتها وديناميكيتها . فكل الذي حدث "بجوّها" وكل الذي لم يحدث أيضاً "بجوّها" . والتي ستفيد العرض كثيراً .
المفردة الثانية التي أعتمدها النص " الجوقة أو الكورس أو المجموعة" التي استخدمها المؤلف للتمهيد للحدث أو التعليق عليه أو المشاركة فيه. فهو في هذا لم يتجاوز" المفهوم الأرسطي " من حيث وظيفتها ليتم استخدامها كعامل مساعد للمتلقي في دخوله في الحدث وإنبائه به والتعليق والمشاركة فيه وهذا ينعكس على تعريفها _ أي الجوقة_ بشخصيات المسرحية ومصائرها ، وزمن ومكان الأحداث والى أين تنتهي . كان من الممكن أن تقوم الأغنية التي كتب كلماتها الشاعر " صالح ابوالسنون" بمهام الجوقة ، ولأنها دخيلة على النص فقد استعانت بالمفردتين _ كما أسلفت_ وجمعت بينهما فكان دورها تعليمياً ترشيدياً في أغلب اللوحات و تحريضياً كما في المقطع الأخير من أغنية النهاية. فمجهود الشاعر وتشبعه بالنص والفكرة يتضح في حفاظه على روح الفكرة وروح الحوار من حيث التناغم مع الشكل العام للنص ومفرداته ، ودعمه جمالياً . تظل اللوحة الأخيرة " المؤثرات العقلية" من أقوى اللوحات والأكثر صموداً في النص فهي عبارة عن مجموعة مشاهد متلاحقة ومركزة في تناولها للفكرة بعمق وبكل أبعادها ، على صعيد الحوار الذي اختير بعناية وبتركيز ، والبناء الدرامي . وقرأتها للشخصيات . فكانت مغايرة من حيث الشكل والأسلوب على بقية اللوحات التي سبقتها . فهي الوحيدة التي لم يلجا المؤلف فيها للاستعانة بالجوقة للشرح والتعليق فكانت كتلة مكتفية بذاتها .
ولأن المؤلف يكتب بروح مخرج فقد أبتعد عن الأقواس التي يلجا إليها المؤلفون عادة لشرح تفاصيل المشهد أو التعريف بالشخصيات . فكان المجهود الأكبر الذي قطعه المخرج أثناء كتابته للنص ساهم في تذليل الكثير من الصعاب التي تواجه تنفيذ النص من خلال الأسلوب الذي أعتمده في كتابة نصه . المنظر العام _ تنفيذ "محمد العربي، فتحي فصيل" _ عبارة عن خلفية سوداء بمثابة سبورة كبيرة كتب عليها بعض الجمل التي تشير على فحوى العرض ومضمونه وبعض الرسومات " علامة الخطر، قلب يخترقه سهم ، زجاجة خمر، يد... الخ " هي نفس الجمل والإشارات التي عادة نجدها تتصدر بعض الجدران وأسوار المباني . فهي وسيلة التعبير الوحيدة عند الأجيال في مرحلة الشباب عادة ، التي تساوي جريدة حائطية ، فقراءة حائط أو جدار ينبئك بالمشاعر العامة لهذه الشريحة ففيها تعبير عن" الحب والعذاب والقسوة والفضيلة ، وصولاً إلى النادي المفضل لديه " وهي التقاطه لماحة من المخرج ليمهد لطبيعة عرضه ، إضافة لأغنية المقدمة التي تدعم هذه الرؤيا _ الحان" البدري الكلباش"_ بجملها السلسة التي تتعاطاها الأذن بسهولة ودونما عناء مما يدل على خبرة الملحن في تعامله مع المتفرج وأيضا دليل على انصهاره في الرؤيا العامة للعمل . عدد سبعة كراسي ومشجبين ذات ألوان مبهجة وسائل المخرج لخلق مفردات تكويناته المسرحية " طاولة، باب، مكتب، صالة..الخ" ومنذ البداية يقوم المخرج بنسف الأسرار بينه وبين المتلقي من خلال تعامله معه بوضوح وجلاء. فتغيير المناظر على مرأى من المتفرج عن طريق الممثلين. وأيضاً تغيير الملابس يتم أمام المتفرج من خلال الحقائب التي تتضمن ملابس المشاهد لكل ممثل مما أعطى حرية للممثل في اختيار ملابسه .هذا الوضوح جعل عامل الثقة متبادل بين الممثلين والجمهور .إضافة للموضوعة العامة للمسرحية التي تتناول أحداث آنية تهم المتلقي. كما أتيحت للممثلين مساحة للارتجال والتعاطي مع الجمهور مع الحفاظ على الفكرة العامة للعرض ، مما جعل كل عرض يختلف عن الأخر حسب التجاوب وحسب ما يستجد من أحداث. العرض جسد من خلال خمس ممثلين " خالد كافو ، عبدالباسط ابوقندة، عيسى ابوالقاسم، جمال الحريري، عادل الجواشي،" وممثلثين " هدى عبداللطيف، نسمة" أكسبتهم تكرار العروض خبرة ساهمت في تطور علاقتهم بالمتفرج . إضافة لمساهمة الفنانتين " مهيبة نجيب ، بسمة الأطرش" في بعض العروض . قد تضطرهم الظروف للجوء لتجسيد العرض من خلال ممثلة واحدة دون الأضرار ببنية النص . الإضاءة _ سالم البركي_ كانت طيلة العرض عامة باستثناء اللوحة الأخيرة التي اختلفت في أسلوب إخراجها عن بقية اللوحات وأكثر دقة فقد اجتمعت فيها كل عناصر العرض المسرحي عندما تم عرضها في قاعة عرض مجهزة . الأسلوب الذي اعتمده المخرج في عمله جعله يتجاوز ظروف الأمكنة التي يعرض فيها( مسرح مجهز، مسرح مكشوف، صالة،مستوى،) بل أن بعض العروض كانت مواقيت عرضها نهاراً. هذه العوامل ساهمت في حيوية العرض وبالتالي ساهمت في عدد العروض.
العامل الثاني والمهم بأهمية العامل الفني وهو العامل الإداري والإنتاجي كما أشرت فالدعاية من العوامل الهامة في تصدير العمل الفني كما يعلم الجميع. ففريق "بجوّها "_ كما تطيب لهم التسمية_ رغم بدايتهم تحت مظلة المسرح الجامعي وبحكم العروض المتكررة كونوا خبرات إدارية تتمثل في " الصادق عبية" بمساعدة" وجدي البركي" مهمتها الدعاية والسعي للتعاقد مع كم من المؤسسات داخل المدن الليبية والسعي وراء الجمهور،بالذهاب إليه في مؤسساته التعليمية والمهنية والصناعية وفي مدنه ( طرابلس، السبيعة، السواني ، الزهراء،مصراته،زوارة، سرت، سبها، الخمس، الزاوية) . لا ننسى أهمية الإذاعة المرئية في دعم هذه المسرحية من خلال تصديرها لوجوه الممثلين كضيوف موسميين في منوعات شهر رمضان المبارك . هذه الجهود مجتمعة لاشك أسهمت كثيراً في ازدياد عدد العروض التي وصلت لها هذه المسرحية.
" سعاد الحداد " .....
جيل الرائدات
حضورها في تلك الفترة في أواخر الستينيات من القرن الماضي لم يكن مجرد سد ثغرات غياب الحضور النسائي في المسرح الليبي فحسب ، بل قطعت خط العودة على الرجال الذين يجسدون الأدوار النسائية ونهائياً . فحضورها بعد رائدة المسرح الليبي بسنوات قليلة " الفنانة " حميدة الخوجة " وبصحبة صديقتها الدائمة الإذاعية والممثلة " فاطمة عمر ، والمرحومة فاطمة عبدالكريم / ببنغازي " وفاطمة وعائيشة الحاجي " اللواتي لم يواصلن المسيرة ، وأخريات غيرهن ، لم يكن سد فراغ لمرحلة أنتهت فقط ، بل يعد فتحاً حقيقيا للمسرح الليبي أشبه بالفتح الذي أحدتتاه الممثلثان الفرنسيتان الممثلة " أدريان " في مطلع القرن الثامن عشر ومواطنتها " سارة برنار" ( 1844 _ 1932 م ) في المسرح الفرنسي . فحضورهن عبد طرقاً كانت محفوفة بألغام المجتمع ردهاً من الزمن . فلولاهن ..... ومن أين سندري متى ستنتهي هذه المرحلة ؟
لم تكن الصدفة وحدها التي قادت ضيفتنا " سعاد الحداد " الى خشبات المسارح السورية حيث إقامتها كمهاجرة هناك شأن العديد من الأسر الليبية . ولكن حدس المخرج الليبي الكبير " صبري عياد " _ الذي تربطه صداقة ودودة مع والدها_ هو الذي قاده اليها وهي في مستهل صباها ، عندما رشحها لتشارك في مسرحية " قيس و ليلى " . التي قدمتها " فرقة مصرية زائرة " من بطولة الفنان " حسين رياض " لتشارك في فعاليات " معرض دمشق الدولي " .
سعاد :- ......... تغيب الفنانة " فاطمة رشدي " _ أخت " شادية " _ هو الذي أتاح لي هذه المساهمة التي كانت عبارة عن قراءة أربعة أبيات من الشعر ... لكن الحادثة التي لم تفارق ذاكرتي عندما قال لي الفنان الكبير " حسين رياض " :- " يابنتي انت غاوية مسرح يعني غاوية فقر " .... وقتها تقاضيت على دوري مبلغ خمسون ليرة سورية وهذا اول اجر اتقاضاه في المسرح الذي يعد مبلغاً لا بأس به .
* : - كعائلات مهاجرة .... كيف كان نمط الحياة السائد فيما بينكم ؟
* :- نحن كنا نشكل عائلات المغاربة التي هاجرت الى سوريا مع بدايات القرن العشرين " عائلة القابسي ، وبن موسى ، والباجقني ، والحمروني.....الخ " كانت تربطنا دونما شك أواصر طيبة فقد حملنا الوطن في قلوبنا وعلى أكفنا صحبة تقاليدنا وعاداتنا في أفراحنا والأتراح . الأمر الذي لم يمنعنا من الإندماج في نسيج المجتمع السوري الذي أستقبلنا بود خالص .
* :- المهاجرون الليبيون أنتجوا العديد من الأسماء المبدعة الفنانة " نجاح حفيظ " والفنان " ياسين بقوش " وأنت و " صبري عياد " و " فاطمة عمر " فيما بعد .
سعاد :- " نجاح " كانت جارتي وهي من أسرة ليبية تنتمي لعائلة الحمروني و" ياسين بقوش " ينتمي لعائلة من مدينة صبراتة ...... " صبري عياد " بعد عودته لأرض الوطن سنة 1969 م قدم مسرحية " وتشرق الشمس من جديد " التي شاركنا بها في مهرجان المغرب العربي . التي لاقت صدى طيباً في ذلك المهرجان . حتى أن الفنان الجزائري " مصطفى كاتب " قال : - " إذا كان ثمة ممثلة في المغرب العربي لكانت سعاد " .
*:- لم أسمع بأي تكريم من المؤسسات الثقافية لهذا المبدع .
سعاد :- بينما الإذاعة السورية أفردت أسبوعاً كاملاً لأعماله إثر وفاته ...... نتمنى لزوجته الشفاء .
* :- نعود للشام ..... ماذا قدمت مع " صبري عياد " ؟
سعاد : - الأستاذ " صبري عياد " كان مؤسساً لفرقة أهلية لا أذكر أسمها التي قدمنا من خلالها مسرحية وطنية دعما لحرب الجزائر . القضية الأكثر حضوراً في قلوب الملايين في ذلك الوقت إسمها " ابن الجزائر" مع الفنان " طلعت حمدي " الذي كان في بداياته وهي من تأليف وإخراج " صبري عياد " . كما عملت مع الفنان " محمود جبر " في مسرحية " الضرة مرة " كانت بدايات تشكيل المسرح العسكري في سوريا ...... الأستاذ صبري كان دعمأ ومبرراً لإستمراريتي أمام والدي الذي يحترمه كثيراً .
*:- هل مازلت تحتفظين بعلاقات مع مبدعين من الشام ؟
سعاد :- علاقة ود وصداقة مع " منى واصف " ، و "طلحت حمدي " و "عبد الرحمن ال رشي " ، والمخرج "البير كيلو " الذي قدم لي عرضاً دائماً للعمل معه .... ولم أذهب طبعاً .
* : - عودتك لليبيا كانت في بداية الستينيات من القرن الماضي من من الممثلاث اللواتي سبقنك في هذا المجال ؟
سعاد :- كانت عودتي سنة 1965 م وجدت أمامي الفنانة " حميدة الخوجة " .. كانت بدايتي مع الوطنية في مسرحية " أهل الكهف " من إخراج " عمران راغب المدنيني ".
* :- الأستاذ " شرف الدين " يسند إخراجها للمرحوم " محمد العقربي " ؟!.
سعاد :- كان الأستاذ " العقربي " أستاذاً ل" عمران " فقام بالأشراف على سير العمل ولكني لا أنكر مجهود " عمران " كمخرج . فالمسرحية من إخراج " عمران راغب المدنيني" وبتث على الهواء عبر إذاعة الملاحة .
* :- عملت مع عمران في مسرحية " شركان في بيت زارة " مع المسرح القومي " الوطني حالياً " .
سعاد :- نعم ..... فقد شاركنا بها في الدورة الأولى لمهرجان دمشق الدولي .
* :- ولكنها لم تلقى صدى في هذا المهرجان حسب علمي ؟!! .
سعاد :- كانت طويلة يانوري " أطول من ليلة من غير قمر "...." أعقبتها بضحكة ثم أضافت " .... كان بإمكان المخرج أختزالها وتشذيبها... وكم قلنا هذا .... عملت أيضاً مع الوطنية في مسرحية " غرام يزيد " من إخراج " العقربي " .
* :- كان تواجدك مع بدايات تأسيس المسرح القومي _ الوطني _ وعملت مع العديد من المخرجين ، العقربي ، الأمين ناصف ، خالد مصطفى خشيم ، عمران المدنيني ، الطاهر القبايلي .
سعاد :- أين " الطاهر القبايلي " الأن ؟ عملت معه " وطني عكا " وكان عملاً متقناً وجيداً ... ليته لم يتوقف ..... الطاهر" كسلان " .
* :- أخرج مؤخراً مسرحية " عريس لبنت السلطان " ... نتوقف عند " الأمين ناصف " .
سعاد :- عندما قدم لي الأستاذ " الامين ناصف " نص مسرحية " الزير سالم " لألفريد فرج . اخترت دور " سعاد " الذي حفظته وكنت جاهزة للعرض ... الى ان اسند لي الاستاذ " الأمين " دور " الجليلة " بعد اعتذار زوجة الفنان المصري " زين العشماوي " واسند دوري للفنانة " لطفية ابراهيم " التي كانت عنصراً جديدا في المسرح الوطني ولعبت الدور بإتقان ملفت للنظر ..
* :- هل ثمة مايقال للطفية ؟
سعاد :- " شن بنقول ...خسرناها مظبوط ... خسارة لطفية.. لطفية عفوية ... ممثلة بمعنى الكلمة " قيلت هذه الجملة بحسرة " .
* :- كما خسرناك انت في الساحة المسرحية .... نعود للأمين .
سعاد :- كان مجتهد في عمله وفنان حقيقي ..... في مسرحية " راشمون " أختار هو الدور لي ..... " الأمين " كان من أكثر المخرجين الحريصين على عملهم .
*:- تتقلدين الأن ريئاسة إدارة التمثيل والإخراج خلفاً للأستاذ " محمد ماهر فهيم " ... .يبدو أن عملك في الإذاعة كمخرجة مرئية ومسموعة إضافة لحضورك فيها كممثلة أبعدك فترة من الزمن عن المسرح لا تقل عن الخمسة عشر سنة .
سعاد :- أريد هنا أن أنقل تمنياتي بالشفاء والصحة للأستاذ " ماهر فهيم " الذي من خلاله أطلعت على روائع " المسرح العالمي " في السلسلة الإذاعية " من المسرح العالمي " التي كان يعدها ومن إخراج " عمران المدنيني " ..... فقد كانت بدايتي مع المسرح متزامنة مع عملي الإذاعي _ مسموع ومرئي _ وبحكم وضيفتي في الإذاعة..... إلا أن االفترة التي ذكرتها كنت متفرغة تماماً للإذاعة المرئية والمسموعة تمثيلاً وإخراجاً .
* :- بعد هذا الغياب عدت مع " فرقة المسرح الليبي " بعمل ل "البوصيري عبدالله " تأليفاً وإخراجاً ، وهو من الأعمال التي تظل في الذاكرة " لعبة السلطان والوزير " مع عدم حظها في العروض .
سعاد :- هذه هي المشكلة الحقيقية ... ليست هنالك استمرارية في العروض فالمبدع يقوم بالتجهيز للمسرحية ستة اشهر و سنة ثم تعرض عرضا أو عرضين. المشكلة ليست من الجمهور مشكلتنا في الإستمرارية .
* :- هذه المشكلة ليست جديدة .... مثلث ليبيا في الأسبوع الثقافي اللليبي بالكويت في النصف الأول من السبعينيات من القرن الماضي بمسرحية " الصوت والصدى " من إخراج " محمد القمودي " وتأليف " عبدالله القويري " استقبلتها الصحافة بحفاوة يليق بها نصاً وعرضاً ، رغم أشفاق أحد الصحفيين عليكم من طول الحوار .
سعاد :- نعم كان يعنيني انا وعلي القبلاوي ..... كان عملاً جيداً ..... أذكر جيداً عنوان لأحد المقالات التي كتبت " الصوت لسعاد الحداد من ليبيا والصدى في الكويت " .
ا*:- أغلب أعمالك باللغة الفصحى . هل هذا مرده طغيان اللكنة الشامية على لهجتك بخلاف " فاطمة عمر " مثلاً ؟!
سعاد :- فاطمة عادت طفلة الى ليبيا بينما أنا أنهيت دراستي الثانوية بالشام . رغم هذا فقد لعبت العديد من الأدوار باللهجة المحلية .... حتى إني عملت مع المرحوم " عبدو الطرابلسي " و " حسن التركي " في السانية " و " حمل الجماعة ريش " مع محمد القمودي " و " شكسبير في ليبيا " للمرحوم " الأزهر ابوبكر حميد " .
* :- أخر عمل مسرحي لك كان مع المخرج " فتحي كحلول " في مسرحية " السندباد " تحت مظلة " المسرح الوطني / طرابلس " ... من يعجبك من الأجيال التي بعدك ؟
سعاد :- أنا أشتغلت مع " فرقة المسرح الحر " في مسرحية "العادلون " للمخرج المصري " أبوضيف علام " ...... خدوجة دائماً حاضرة ومجتهدة وودودة وتدافع على الحركة المسرحية بكل ماتملك ...كما أحترمها لتواجدها الدائم مع الفنانة " حميدة الخوجة " .
* :- وأنا أحترمها في هذا الجانب ، فثمة علاقة خاصة بينها وبين حميدة أشبه بعلاقة أمومة .
سعاد : - .... أنا لعبت دور الأم أمام أغلب الممثلين الليبيين فكنت أم لعلي الخمسي ، وعياد الزليطني ، ومحمد بن يوسف وكنت أماً حتى للأمين ناصف منذ بداياتي وأنا أمثل دور الأم .
*:- نستطيع القول بأنك أم الممثليين الليبيين" لم تخف سعاد سرورها بهذا اللقب " ... عاصرت الفرق الأهلية في الستينيات والسبعينيات أي فرقة كانت تتمتع بالحضور الأكثر في الساحة المسرحية و الجماهيرية ؟
سعاد :- لكل فرقة أجندتها الخاصة في تقديم برنامجها ، ولكن تظل " الفرقة القومية " تحظى بالحظ الأوفر من هذاالتواجد .... نعود لحميدة الخوجة " التي أبهرتني في تقديمها لدور " جولدامائير " مع هذه الفرقة في مسرحية " دوختونا " مع " شرف الدين والأمير " .
* :- كم كان عمرك في ذلك الوقت ؟
سعاد :- والله لا أذكر " شن تقصد ؟ " أطمئن فالسنة القادمة أبلغ سن التقاعد ؟ وساحتفل بعيد ميلادي الستين .
* : - " اللهم صلي على النبي ... مايبانش عليك " .. ماذا قدم لك الفن وأين تجدين نفسك ... وهل جملة المرحوم " حسين رياض " مازالت تلاحقك؟
سعاد : - أجل ... مازلت تلاحقني كلمة الفنان " حسين رياض " ... ولكن متعة الفن لا تضاهيها أي متعة ففيه أجد نفسي ويمدني بإحساس التصالح مع الذات ... وأجد نفسي مع المسرح .
* :- لمن تقرأين ؟
سعاد :- قرأت عيون المسرح العالمي في مرحلة متقدمة ، قرأت ل " عبدالله القويري " و" كامل المقهور " يرحمهما الله . و يعجبني " مفتاح العماري " ويوسف الشرسف " و " البوصيري عبدالله " ، كما أقراء ل " منصور أبوشناف " الذي أتمنى بأن يتفرغ للمسرح فنحن بحاجة إليه .
*:- مشاريعك المستقبلية ؟
سعاد :- أنا الأن أمر بفترة فراغ وعندي رغبة شديدة للعمل المسرحي .
*:- أعتبر هذا وعداً منك للعمل مع أي مخرج هنا أو بنغازي ..... أضافة لعملك الإذاعي ماذا تمارسين ؟
سعاد :- أمارس رياضة المشي لا تقل عن الساعة يومياً ، وبحكم مهنتي صرت مدمنة أخبار التي أهدتني " السكر " مع دخول الأمريكان للعراق . هذا التاريخ لا ينتسى من ذاكرتي .
*:- تستقبل المؤتمر السنة الثالثة لصدورها .... هل تريدين بأن تقولي شياءً ؟
سعاد :- أنا لأول مرة التقي بهذه المطبوعة فهي مجلة شاملة وفيها الكثير من الثراء .... حتى إني استغرب عدم تواجدها في مكتبة صوت أفريقيا.
تاريخ " سعاد الحداد " الإبداعي جعلها محط تقدير وتكريم في العديد من المناسبات فقد تحصلت على وسام الريادة في عيد الوفاء كأول مخرجة مرئية ، كما كرمت من قبل معهد جمال الدين الميلادي ، أكاديمية الفنون ، جامعة الفاتح ، اللجنة الشعبية للأعلام بشعبية طرابلس في أيام طرابلس المسرحية ، مهرجان المسرح التجريبي بالبيضاء ، مؤتمر الساحة الخضراء .
" محمد العلاقي ".......
شفافية التكوين
وقوفه لأول مرة كمخرج أمام فريق من الهواة ب" المركز الثقافي المصراتي" في مسرحية" العباسة" وهو لم يتجاوز العشرين من عمره ((1964_1963 ربما تكون الفرصة التي أهلته للانضمام ل"الفرقة الوطنية"،و ليلتقي ولأول مرة أستاذه" محمد عبدالعزيز العقربي" ليسند إليه دور" قيس" في مسرحية" مجنون ليلى" بعد دورة مكثفة في " التكوين والتأهيل والإعداد المسرحي " مع مجموعة من الفنانين كانت نواة لمعهد جمال الدين الميلادي . وأيضا كان عضواً مؤسساً للمسرح القومي " المسرح الوطني/ طرابلس " الحديث الإنشاء _بإدارة الموسيقي كاظم نديم، وبعده الممثل عمران راغب المدنيني_. صحبة مجموعة من المبدعين الذين أرسو فيما بعد دعائم لمسرح ليبي ، محمد الساحلي، الإذاعي علي عطية ، علي القبلاوي ، الدوكالي بشير، الأمين ناصف ، محمد شرف الدين ، شعبان القبلاوي، الطاهر القبائلي .كان وقتها المسرح القومي((1967_1966 يستعد لمسرحية " عطيل " لوليم شكسبير من إخراج" العقربي" ولأول مرة يقف " محمد العلاقي" كممثل مع فرقة محترفة . لم تر هذه المسرحية النور بسبب وفاة مخرجها. عندها يسافر العلاقي إلى "فرنسا" للدراسة ب( المركز العالمي للتكوين والبحث المسرحي ) بإدارة "جاك لانج "_ وزير الثقافة الفرنسي فيما بعد_ (1967ف ).
*_ المسرح الأوربي في تلك الفترة يضج بالمتغيرات والمسرح الفرنسي تحديدا، صادف تواجدك هناك قيام ثورة الطلاب .
العلاقي_ نعم كانت في مايو 1968 و كنت احد المشاركين فيها.
*_ طالت هذه الثورة مسرحيين كبار أمثال المخرج " جان لوي بارو " والمخرج " جان فيلار" كونهم أصحاب مناهج تقليدية في الفن.
العلاقي _ نعم .... الغوا" جان لوي بارو" ولحقوا ب"فيلار" إلى "مهرجان افينون" ليتظاهروا ضد ه.
*_ أهم الأساتذة التي يضمها المركز في ذلك الوقت ؟
العلاقي _ درست التمثيل عن " ماريا كازاريس" التي أتت إلى فرنسا مع الحرب الأهلية الأسبانية . و" سوفو بودا" الذي كان ثورة في عالم السينوقرافيا وأيضاً أول من أدخل "الفانوس السحري " في المسرح . إضافة لدورة مكثفة مع المخرج البولندي "جيرزي جروتفسكي" لمدة شهر.
*_ أهم الأعمال التي ظلت في ذاكرتك خلال فترة الدراسة ؟
العلاقي_ أخرجنا عملاً جماعياً ل "ديكارت " اسمه " موت السلام " . أما مشروع التخرج كان عن المسرح السياسي وهو توليفة " كولاج " عن المخرج الكبير" بسكاتور " بممثلين فرنسيين ، وأيضا كنت عضواً في فرقة " الحديث " التي كان يديرها الممثل " جون ماري بات " .
*_بعد هذه الرحلة عدت إلى ليبيا أستاذا لمادتي التمثيل الإخراج بمعهد جمال الدين الميلادي، كما أسست فرقة الزاوية لتقدم من خلالها عملك الأول" قرقاش "...
العلاقي _ ممثلا ومخرجاً .
*_ هذه أخر علاقة لك بالتمثيل. ومسرحية " الشنطة طارت" مع نفس الفرقة ، إضافة لتعاونك مع المسرح الوطني بمسرحية " الأقنعة " بطولة" علي الخمسي" " والجانب الوضيء " بطولة" عياد الزليطني" ثم محمد بن يوسف بعد سفر الأول إلى فرنسا، ومع المسرح الحر مسرحية " نحن الملك " بطولة الخمسي .... عند إدارتك للمسرح الوطني قدمت مسرحية تحت إشرافك "ملحن في سوق الثلاث " للمرحوم " الأزهر ابوبكر حميد" سجلت بإشراف " محمد العلاقي " وليس إخراج ، وقتها أثير كثير من الجدل حول هذا المفهوم أو المصطلح ؟
العلاقي_ المسرحية كانت من إخراج " منصور عاكف" الذي انسحب إثر خلاف بينه وبين الممثلة " لطفية إبراهيم" فتدخلت لإنقاذ أول عمل تحت إدارتي، وبما أن العمل كان في مستهله أجريت تعديلات كثيرة و دفعت بالعديد من الوجوه الجديدة " نوري الصادق، الهادي الحامي ، مفتاح المصراتي، يوسف الكردي" .
*_ أخر عمل مع المسرح الوطني كان " مسرحية الطابية " تأليف ساسي مسعود ، هل كنت راض عنها؟
العلاقي _ هي بداية لنقلة على صعيد النص ، حاولت الدفع ب " ساسي" الذي يجيد السرد، كانت محاولة لمولد نص من داخل الفرقة . قبلها كانت مسرحية " الظلمة " وهي باللغة العربية تمهيداً لهذه المسرحية ، ثم جاءت "الميت الحي" و" من ذاكرة الكرسي" إضافة لتعاوني مع منصور أبوشناف في " حكايات ليبية " للصادق النيهوم .
*_ اللوحة الثالثة لم تكن بمستوى اللوحتين الأولى والثانية ، وأيضا شعرت بأن الأدوار اكبر من المجسدين.
العلاقي _ اجل.. لم يكمل " منصور " اللوحة الأخيرة فكتبتها بنفسي وبعجالة ، أما الممثلين فهم نفس الممثلون الذين عملوا معي في" جالو" أخيرا .
س_ في" جالو" كانوا قد اكتسبوا خبرة وتشكلت معرفتهم وتكونت أجسادهم .
العلاقي _أوافقك بوجود خلل في الفهم والوعي وأيضا غياب التجانس الفكري والفني مع المجموعة. منذ" الميت الحي" وأنا أحاول أن أسهم بدماء جديدة .
*_ " قصة حديقة الحيوان " ل"إدوارد البي" تجسيد " علي القبلاوي وعلي الخمسي " ، برايك ما هو العنصر الذي افقد العرض بريقه ؟
العلاقي _ حكايتي مع النص منذ عشر سنوات. كان الاتفاق مع" البوصيري عبدا لله" ليتم تنفيذه عبر فرقة المسرح التجريبي مع " علي الخمسي " والممثل المصري " محمد طلبة " أوقف العمل طيلة هذه المدة مع سفر ألأخير لمصر، بعدها تم الاتفاق مع فرقة المسرح الحر للمشاركة في المهرجان الوطني ، العمل لم يحظى بالوقت الكافي .
*_ عشر سنوات وقت أكثر من كاف؟
العلاقي_ اقصد وقت للتمارين . كانت المشاركة متسرعة و" السينوقرافي " فتحي المحجوب لم يكن في مستوى الوعي والفهم، ثمة إرباك جعل خروج العرض بهذا الشكل ، إضافة إلى أن النص لم يكن في ذهنية المشاهدين .
*_ هنا تكمن مسؤولية المخرج ؟
العلاقي_ لا ليست مسؤولية مخرج ، بل مسؤولية لحظة فهم ووعي عند المتلقي .
*_ المخرج يملك الحق في إيقاف العرض ، أم أن الظروف الخاصة قد تجبر المخرج لإطلاق عرضه قبل تجهيزه ؟
العلاقي_ لم يكن العرض بهذا السؤ . العرض "كويس" مقارنة بما عرض في المهرجان .
*_ أنا أقارنه بما قدمت تجربتك مثل " الميت الحي " وجالو "؟
العلاقي_ ثمة أشياء جملية في العرض.
*_ ماهي الأشياء الجميلة بإستثنا العشر دقائق الأخيرة ؟
العلاقي _ أهم مافي النص العشر دقائق الأخيرة.
*_ النص حي منذ البداية، ربما أهم ما في النص كتقنية عنصر التشويق والترقب الذي يلازمنا طيلة الوقت ؟
العلاقي_ العرض المرئي مثلاً.
*_ استخدمت هذه التقنية في أعمال " عبدا لله الزروق " . ليست جديدة في المسرح الليبي.
العلاقي_ كان لي السبق في هذه التقنية في مسرحيتي "نحن الملك" و" الجانب الوضيء" . ما أقصده هو الازدواجية بين ممثل العرض المرئي وممثل المسرح والتوحد معه .
*_ نأتي لإوبريت " درب الحرية"
العلاقي _ لا يمثلني كعمل فقد تورطت فيه بشكل أو بأخر .
*_ أخر عمل مع المركز الثقافي الفرنسي ؟
العلاقي _ هي فكرة للشاعر " عاشور الطويبي" الذي عرفني بشاعر الإسكندرية اليوناني " قنستنتين كفافي " اتفقنا على لقاء افتراضي بينه وبين الشاعر " أرتور رامبو " .
*_ أستاذ " محمد " في الفترة مابين ( 88_76) الفترة التي واكبتها ، كان ثمة إمكانية لتأسيس دعائم حقيقية لمسرح ليبي، أي أن ثمة إمكانية مادية لضخ إنتاج مسرحي ، فقد أعتمد المسرح التونسي المعاصر على أسماء مثل الفاضل الجعائبي ، محمد إدريس ، توفيق الجبالي الذين كنتم تشاركونهم نفس مقاعد الدراسة في باريس وتخرجتم من نفس الجامعة ودرستم على يد نفس الأساتذة مع رجوعكم لأوطانكم في نفس الفترة تقريباً ....
العلاقي _ كنا متساوون
*_ الفرق شاسع الآن ؟
العلاقي _ في تونس هناك مجتمع متحظر يرى المسرح ضرورة.
*_ أيضا في طرابلس في تلك الفترة كان هناك جمهور مسرحي.
العلاقي_ نعم كان هناك جمهور ... ولكن لا يوجد تأسيس . ممنوع التأسيس.
*_ لا يوجد مايمنع... فقد اسست فرقة الزاوية، وأحد أعضاء المسرح الحر الذي يضم خريجي معهد جمال الدين، وخريجي الجامعة، والكفاءات الممتاز، بالإضافة لعضويتك للمسرح الوطني ؟
العلاقي _ اشتعلت بالتحايل على الظروف ، فقد كان الوزير يراقب النصوص ، وفي تلك الفترة أوقفت أعمال مسرحية .
*_ لو أخذنا سيرة أحد المخرجين المؤسسين لوجدناه مر بمثل هذه المعاناة التي لم تمنعه من التأسيس ؟
العلاقي_نعم .... ولكنهم لم يتدخلوا في تفاصيله الفنية، هناك الوزير يعرف أهمية المسرح أما هنا فلا ، هم أوجدوا صيغة للتعامل مع مؤسساتهم ، نحن مازلنا نعمل بطريقة الهواة .
*_ أستاذ " محمد " لقد صرف على المسرح ما يمكنكم من وضع قاعدة وكيان حقيقيين.
العلاقي_ تقاضيت (200) دينار نظير إخراجي مسرحية " الجانب الوضيء.
*_ هذا مرده خلاف شخصي بينك وبين رئيس الهيئة العامة للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية في ذلك الوقت. أقصد أن الظروف المادية كانت متاحة والفضاءات المسرحية كانت صحية ولديها قدرة على إنتاج الأعمال برغم هذا كان الإنتاج قليل والتوقف أكثر.
العلاقي_ التوقف كان اضطراري ، فالمخرج ملزماً بإيجاد مبررات لكل ما يفعل، همه التوفيق بين السياسي و الفني . لعبة ضخمة وكبيرة ، لذلك يصعب التفكير في العمل في ظل هذه الظروف " وبذلك مانبيش الجمهور يجيني مرة واحدة " .
*_ لم تتوقف ولكنك عملت في ظل هذه الظروف وكنت مقلا ، فأعمالك لم تتجاوز الأربعة عشرة مسرحية في عمر فني مداه أربعون عاما.
العلاقي_ نحن لم نملك ثوابت. مؤسساتنا غير مستقرة _مثل مهرجاناتنا_ ولم نهتم بالتخصصات، ففي ظل هذه المتغيرات وهذا التشتت من المستحيل أن تنتج عملاً ناضجاً فالعملية الإبداعية كاملة بعناصرها ، مع الأسف لم نؤسس .
*_ ألا تعتقد عدم اجتهادنا وكسلنا وافتقادنا لهم مسرحي هو الذي أوصلنا إلى هذه النتيجة ؟
العلاقي_ نعم كل هذا صحيح ، لدينا هم لكنه شفوي ، أنا حاولت أن أؤسس فرقة وأثنين " فرقة الزاوية" و"فرقة الناس" أما الآن ..
س_ ربما الإعياء بعد هذه التجربة المريرة ؟
العلاقي_ لعلمك في تلك الفترة .. لقد ضحيت بوظيفتي بشركة نفطية ، كما تعلم أنا من سكان مدينة صبراته ، وأعمل أستاذاً لمادتي التمثيل والإخراج بمعهد جمال الدين بطرابلس ، وكونت فرقة الزاوية .
*_ نتوقف وقت الحصاد . برايك هل ثمة وجود لملمح مسرحي ليبي ؟
العلاقي_ ثمة ملامح لمسرح ليبي ، شرف الدين ملمح ، الأمين ناصف ملمح أخر باعتماده على نصوص باللغة العربية ، إدخال الأغنية في أعمال الزروق _ " البنت اللي قالت لا " ملمح، القمودي في "حوش العيلة" ملمح مختلف . المهرجان الأخير بمدينة البيضاء أنباء على وجود ملمح ليبي من خلال مسرحيتي " الطيب شيطان " الفهم التلقائي للمسرح ، و"خرف يا شعيب" لداوود الحوتي .
*_ ماذا عن النص المسرحي الليبي ؟
العلاقي _ عبدا لله القويري ومنصور أبوشناف علامة من علامات النص المسرحي الليبي . منصور يملك التقنية والحيوية بالإضافة لحبه للمسرح فهو محب للفن بصفة عامة فهو يعطيك مسرح حقيقي ومتميز وبعملي معه يجيد التقاط ماذا تريد بل يسبقك في فهم ما تريد ، استثني بداياته التي كانت متواضعة وأعتقد بأن نصوصه القصيرة نصوص للقراءة . عبدا لله القويري كان له السبق في وضع النص المسرحي الليبي في منزلة راقية ، رغم تقليدية الشكل الفني .
*_ الحوار؟
العلاقي _ حوار قاص ، القويري حدد منهجه ولا يستطيع تغييره، ثمة فرق بين كاتب حدد منهجه مثل القويري ، وكاتب مازال يبحث عن ملامح لمنهجه مثل منصور ثمة فرق في التجربة والعمر .
*_ أيهما تستهويك كلغة للمسرح اللهجة الدارجة أو اللغة الفصحى ؟
العلاقي_ بدأت مع اللغة الفصحى وانتهيت باللهجة ، فاللهجة الدارجة أو اللغة المحكية للشعوب تملك حيوية اليوم والمسرح يخاطب حيوية الناس ، أما اللغة الفصحى تشعرك بالغربة ، مكانها المعاهد والأكاديميات المسرحية للمران .
*_ثمة ممثلين لم تسنح الفرصة للعمل معهم ، وبودك العمل معهم ؟
العلاقي_ كريمان جبر ، وزهرة مصباح .
*_ من خلال خبرةأربعين عاما ، هل ثمة استثنأت في المسرح الليبي ؟
العلاقي_ " محمد شرف الدين " يعد استثناء ، الممثلة " لطفية إبراهيم " تمتلك الحيوية والحظور وتركت بصمة وسمة خاصة .برغم عجزنا على التأسيس فثمة خبرات وطاقات فردية .
*_" علي الخمسي " ممثل يتكرر في أغلب أعمالك المسرحية ..
العلاقي_ " علي الخمسي " من الممثلين الذين استهووني في بداياتي ، ويمتلك قدرات جيدة مع معرفتي لكيفية توظيف هذه القدرات ، فهو قادر على فهمي جيدا ونشكل معاً تناغما لصالح العمل الإبداعي . وأيضاً لا أستطيع أن ألغي العلاقة الخاصة لتوطيد ودعم هذا التعاون .
*_ أستاذ " محمد " ، لك حرية اختيار السؤال الأخير .
العلاقي _ أقول بأني راض على المؤسسات التي اشتغلت من خلالها ، فمسيرتنا الفنية تشوبها الكثير من الصعاب والعوائق ، يصعب تحديد ملامحها ، فهي تحتاج لكاتب من خارجها لرصدها .
*_ شكرا أستاذ محمد .
العلاقي_ " متنساش تردلي الصور ماعنديش غيرها ، وتعطيني نسخة من الكاسيت" .
" داوود الحوتي ".......
مسيرة البحث
" داوود الحوتي " من المخرجين الذين اسهموا في إثراء الحركة المسرحية في مدينة بنغازي وهو ضمن القلائل من المخرجين الذين بحق تطلق عليهم ( رجل مسرح) فقد اقتصر إبداعه على المسرح فقط، فلم يلجاء الى المرئية ولا الى الخيالة . فقد التصقت بداوود صفة المخرج رغم بداياته كممثل مع عمر الحريري عندما كان طفلا سنة 1968 في مسرحية ( بيت الله الحرام) و السيد راضي في مسرحية ( القاعدة والإستثناء ) لبرخت ، وقدمه المخرج سالم فيتور في مسرحية ( الفيل ياملك الزمان ) لسعدالله ونوس. وايضا ضمن المسرحيين القلائل الذين قاموا بمهام المؤسسة فلا يوجد في هذه المدينة أي معهد او كلية تدرس فنون المسرح فبجهوده وجهود زملائه اقيمت العديد من الدورات المسرحية لإيجاد جيل يحمل هذا الهم معهم ، وأيضا هو( المخرج الحاضر) لكل الملتقيات المسرحية والتظاهرات والمهرجانات المحلية وحتى العربية عندما تسعفه الأحوال المادية .عرفته في النصف الثاني من الثمانينيات بصحبة رفيق دربه المرحوم محمد ابوشعالة . يداوم على حظور الندوات وإثارتها ، فالمرء لا يبدل جهدا كبيرا كي يعلم بوجوده في مهرجان قوامه أكثر من اربعمئة شخص أو أي مكان ، فأثار زوبعته تظل شاهداً على وجوده . اول قادم يقول لك( قال داوود) أو ( من هنا مر داوود) . فهو شخصية دينامية يحرك الساكن ، في هذا الملتقى ومنذ اللحظات الأولى التي وطأنا فيها مدينة بنغازي وصلتنا زوبعة مثارة حول مسرحيته الأخيرة ( المستشفى ) ولأنها لم تعرض على هامش الملتقى فقد رتب عرض مرئي بمقر إقامتنا ، توسطنا داوود معتمراً قبعته الشبيهة ب(كاب ) منتشياً بهذا الحشد من المسرحيين الذي جاء كل حسب أسبابه ولكن أغلبهم جاء ليشهد هذه المسرحية التي أثارث كل هذا الضجيج . وعلى هامش ( الملتقى الأول للمسرحيين ) الذي اقيم بمدينة بنغازي ، خلال الفترة 20الى 22 _1 _2004 ف . انتقينا ركنا في مقهى مجاور للمسرح الوطني ولأنه كان متدفقا في حديثه أثرت تشغيل جهاز التسجيل:
*_ ماذا قدمت لك دراستك في المجر؟.
الحوتي :- كانت بدايتي كمخرج بعدما عدت من دورة لمدة سنتين من النمسا فقدمت مسرحية ( طار الحمام ) تأليف وإخراج . بعدها ذهبت للمجر صحبة الكثير من الزملاء.
*_ ألا ترى بوجود قاسم مشترك في الشكل المسرحي لهذه المجموعة؟.
الحوتي:- لا أعتقد
*:- " فرج ابوفاخرة ، محمد ابوشعالة " وأنت من بنغازي.
الحوتي :- لابد هنا أن تذكر المجموعة كاملة وبإمكانك تسميتها ( مجموعة المجر) ، فتحي كحلول، سعد حمادي، خليفة الزنتاني، من طرابلس. منصور سرقيوة، فرج بدر عبدالعزيز الزني من درنه . وإجابة على سؤالك قد التقي انا ومنصور وفتحي بإننا ممثلين ، وقد التقي انا وابوشعالة في الجدية والصرامة .أما تجربتنا وتقييمها فهي مهمة النقاد . فالأكاديمية تعطيك مفاتيح . لكن لاتجعل منك مبدعاً .
*:- تجربتك مع التمثيل هل ساعدتك في التعامل مع الممثل وأنت مخرج ؟
الحوتي :- أنا احب التمثيل ، ومع راي الكثير من المخرجين كجان فيلار الذين يقدمون الممثل في اللعبة المسرحية على باقي العناصر. اشتغل على الممثل كثيرا فمنهم الجيد ومنهم من لايستطع ابراز قدراته هنا تكمن مهمتي كمخرج له إطلالة على هذه المهنة من خلال مراقبتي له وإتاحته الفرصة .
*:- والنص؟
الحوتي :- لاقداسة للنص عندي ، عملي الأخير كتبته ركحياً. فالحوار قد يقال بأكثر من صياغة مع المحافظة على المعنى . اشتغلنا على تفكيك النص مثلاً المستشفى بدايته عبارة عن هيكل ثم تطور طبعا استفدنا من الكوميديا دي لارتي فأنا اتعامل مع ممثلين موهوبين وليسو دارسي لهذا الفن فبنغازي لا يوجد فيها معهد عالي ولامتوسط . في سنة 2003 ف قدمت ثلاث مسرحيات ( خرف يا شعيب ) ( يوسف وياسمينة ) ( والمستشفى ) بروح الفريق صحبة ممثلين أهمهم فرج عبدالكريم ، ميلود العمروني ، خالد الفاضلي ، عبير الترهوني ، ونحاول في الموسم القادم أن نطور هذه الفكرة. المتعب في هذه التجربة انك تعمل تحت إطار فرق أخرى لايوجد لديها طموح فني بنسبة مئوية يسمح من خلالها إستغلال الخشبة والعرض فيها ، في هذا الملتقى مثلاً لم استطع عرض المستشفى لأني لم أجد قاعة عرض . المهم من خلال تجاربي هذه اشتغلت على التراث والممثل . الذي اريد قوله بأن الفن حرية نحن في المستشفى تكلمنا على الكثير من الظواهر في المجتمع بحرية فالمواطن يحب ان يرى صورته وان تعبر عنه وتلامس همومه في المستشفى فضحنا الكثير من السلبيات التي تحدث في المستشفى .
*:- الا ترى ان هذا النوع لايصمد كثيرا . مثلا في المستشفى ألا ترى بمجرد أن تحل المشاكل في المستشفى تموت المسرحية .
الحوتي :- أولا " مش ح يتصلح المستشفى" _قيلت هذه الجملة بطريقة قاطعة لم اتمالك نفسي من أطلاق ضحكة عالية بدوره تبعني بضحكة اقوى . وأكمل جملته_ أنت متفائل جدأ ، لو انتهت هذه المشاكل في هذه الحالة فالفنان قام بدوره كمشكلة المرتبات مثلاً من الضروري أن نتكلم عنها كفنان بحيث تنزل في موعدها إذا ماسمعت كلمتي بهذا أنا قمت بدوري أيضا.
*:- هذا شكل من أشكال المسرح الى أي مدى ستستمر فيه ألا توجد لديك أعمال لها اسئلتها الجوهرية .
الحوتي :- أنا تنقلت مابين تراث" الفريد فرج ، وشكسبير ، ويونسكو ، وعزيز ناسين ، وبنتر ومحمود دياب " الذي احبه كثيراً ..... وإعود لداوود أنا كنص أكتب لنفسي لم أخرج لأي كاتب ليبي لعلمك ، عندما أعمل لكاتب ليبي اشتغل لداوود
*:- فيه أسماء مهمة في المسرح الليبي ألم يكونوا ضمن نطاق ذائقتك .
الحوتي :- أنا شغوف بأن أقدم أعمل لكتاب مثل " لوركا وتشيكوف " .
* :- . من شكل ذائقة داوود المسرحية ؟ .
الحوتي :- لا أستطيع القول المجر ربما لأني بقيت فيها مدة أطول إجمالاً المسرح الأوربي أعطاني مفاتيح وتجربة الحياة . المخرج( كازمير كارو ) علمني القدسية لهذه المهنة . كما تعلمت كلمة أخرى " إني اتعلم القاعدة لأرفضها" تتعلم القاعدة لتتمرد عليها ، أضافة للكتاب رحلات مع إتخاذ موقف مما تراه حولك فالفنان موقف . الفنان تأمل للواقع والتعامل معه بصدق في إنتاجه . أنا أعبر بصدق لتستقبلني الناس بصدق . مع الأسف لايوجد لدينا نقاد ، كما أن الكثيرين الذين يتكلمون لا يعملون ..إني أفكر بصياغة قرار مفاده " الذي لايقدم في السنة أكثر من عمل لا أتكلم معه . أنا لا أقصد ........ أتكلم على المدّعين .
* :- تفضل خذ راحتك .
الحوتي :- المدعي الذي لايعمل ولا يريدك تعمل ....... طبعا فيه أسماء رائعة التي واكبتنا طيلة هذه الأعمال مثل د. محمد المفتي علما بأني لم أوافقه في كثير من أرائه لكنه مجتهد ومتابع للتدريبات . د . محمد قصيبات . تجربتي لو في مكان أخر في دولة عربية لأخذت نصيبها من الأهتمام ، ظلت هذه التجربة حبيسة مدينة بنغازي ، وعدم حب الوسط الفني لهذه التجربة الجديدة.
* :- أستاذ " داوود " لست ملزماً بحب أعمالك ربما تكون ذائقتنا مختلفة . ربما هذه الأصوات المضادة كما تسميها أنت ، هي المحفز للإنتاج .
الحوتي :- الأصوات التي احكي عنها هدامة للعملية الفنية ، أصوات غير منتجة وتقف في وجهك كي لاتنتج .
* :- شاهدنا كثير من الأعمال الأخرى .
الحوتي :- أجل يوجد ..... لكن " داوود " فقط من انتج ثلاث أعمال في موسم مسرحي .
* :- كثير من المخرجين يمارسون الغياب لأكثر من ثلاث سنوات .
الحوتي :- أنا غبت ثلاث سنوات ....ولكن قدمت بعده هذا الكم والكيف ايضاً ولكنهم لم يستقبلوني من جانب أخر يحتفون بعمل أخر لأنه لايفضح تجربتهم . أنا مع من يعمل ويقدم تجربته حتى لو كانت مخالفة لتجربتي . ومع الوضوح .
* :- هذه الأثارة وهذه الزوبعة كما تسميها أعتبرها ظاهرة صحية ومحفزة للعمل ، لسبب واحد وهو تجهيزك لعمل أخر .
الحوتي :- هؤلا لا يستوقفوني فأنا اعمل خارج سربهم ، خذ مثلا مسرحية ( خرف ياشعيب ) ظلت ست سنوات عند ميلود العمروني وقدمت الأن .
* :- ربما لأنك تنتظر في " ميلود العمروني " كممثل مطلوب .
الحوتي :- ليس فقط ، أنا لا أملك مسرح في تلك الفترة ، وعندما توليت إدارة المسرح الشعبي أخرجت ( خرف ياشعيب) الأن لا أملك خشبة اعمل فيها .
* :- هذا طلب تعجيزي ، تصور أن كل مخرج يطالب بخشبة مسرح .
الحوتي :- لا .... على الإطلاق .... المسألة محتاجة لتنظيم إداري كل مخرج ، فيه الكثير من المسارح لاتعمل لماذا لايتعاقب على أدارتها الكثير من المخرجين ، أنا لا أعني الأدارة بمفهومها البيروقراطي ، فقط يتاح للمخرج بالعمل في هذه الفرقة ، وأيضا الإعلام هدر الكثير من الأموال لماذا لاينشيء قاعات عرض .أنا عندي سؤال وهذا أدرجته في ورقتي وهو بأنه لاإرادة لتأسيس مسرح .
* :- هل تقصد بأن مؤسسات الدولة لاتريد مسرح ؟
الحوتي :- أتصور هكذا
* :- أو ربما المسرح ليس من ضمن أولوياتها ؟
الحوتي :- ممكن.... أنا أتفق معك في هذا ......وربما المسؤل لايحب النقد ، كما حدث معي في المستشفى .
* :- من يحفّز داوود للعمل .... ممثل مبدع تحب أن تعمل معه ... نص يأسرك .... كاتب ما ؟
الحوتي :- " داوود " يحفز" داوود " ... أنا عندي همي .. الممثلون وسائل ، هؤلا ريشتي التي أرسم بها . انا انطلق من المتلقي وأنتظر المتلقي ، حتى أعمال المهرجانات التي قدمتها تلامس هم المتلقي وأحيانا تعرض لمرة واحدة ثم توقف ولا تعطى فرصة أخرى للعرض .
* :- هل تعتقد أن المسألة شخصية لأنك " داوود " تواجه هذه العقبات ؟ .
الحوتي :- لا ليست عقبات كي لاأفهم خطاء . أنا اشعر بالفخر وناجح . ولكني أكتشفت المدّعين . أنا في قمة نجاحي بالذات في هذه الفترة . وأيضا فيه الكثير من المسؤلين كانوا في صفنا ولجنة النصوص أيضاً مثقفين ثوريين كانوا بجانبنا ..... أنا أريد ان أقول عندما ترفع قضية في عملي دليل على نجاحي . كل أعمالي تثير في زوبعة .
* :- ربما أنت نفسك تقوم بإختراع هذه الزوبعة وتصنعها ؟
الحوتي :- على الأطلاق ...... أعمالي هي التي تثير الزوابع أنا أبعد الناس عن اللقاءات الصحفية والإعلامية . أنا لا أعاني من الأضطهاد أريد أن أقول بأن تجربتي لو كانت في وسط مثقف وواعي لتم إحتضانها ، مثلما أحتضنت تجربة " محمد إدريس ، وفاضل الجعايبي وفاضل الجزيري " .
* :- ألا تعتقد بتأثير فاضل الجعايبي على أعمالك ؟
الحوتي :- لا أعتقد .... أنا أحب أعمال " فاضل الجعايبي " ، ولكني لست متتبعا لأعماله كله ، شاهدت له عملين ( كوميديا ) و ( فامليا ) .... لا أعلم ربما تأثرت به بطريقة غير مباشرة ." فاضل الجعايبي " أثر في الكثير من الكتاب مثل " منصور أبوشناف وعلي الفلاح " . ( كلام نساوين ) مثلا .
*:- " منصور " كتبها قبلما يشاهد( فاميليا ).
الحوتي :- لاأعلم
* :- هل يوجد ملمح لمسرح ليبي ؟
الحوتي :- طبعا يوجد ملمح .... خذ مثلاً تجربة " محمد العلاقي " .... فيه تجارب في الإخراج والنص. المسرح أراه في رؤيته لهموم المواطن الليبي والتعبير عنه ،( السعداء ) مثلاً من النصوص المهمة التي أحبها في أعمال " منصور " ، نصاً و عرضاً أيضاً ، وأعمال كثيرة لا أذكرها . فيه أعمال لم ترى النور ، وتجاهل المرئية للمسرح . لكني أحترم التجربة الليبية حتى على الساحة العربية لسنا سيئين .
* :- متفائل يا أستاذ داوود؟
الحوتي :- جداً جداً ومتفائل بالجمهور بالذات . أخيرا أقول بأن المسرح في مدينة بنغازي بخير وبإمكاننا أن نكون أفضل والتجربة الليبية بصفة عامة بخير . وعلينا أن نناضل من أجل ترسيخ والتأكيد على المهرجانات الوطنية في مدينة بنغازي ومدينة طرابلس فقط . لأن تجربة السنة الماضية لمهرجان البيضاء مؤسفة .
ببلوغرافيا
داوود الحوتي . مواليد دريانة 1955ف بمدينة بنغازي
تحصل على جائزة أفضل مخرج مسرحي في المهرجان الوطني السابع للفنون المسرحية 1997ف
مسرحية ( طار الحمام) 1980 تأليف وإخراج .
مسرحية ( كان ياما كان ) 1984تأليف وإخراج
مسرحية ( راس المملوك جابر ) 1986تأليف سعدالله ونوس
مسرحية (الفرافير ) 1987 تأليف يوسف إدريس
مسرحية ( حلم ليلة صيف ) 1989 تأليف وليم شكسبير
مسرحية ( المرتجلة ) 1992 تأليف أوجين يونسكو
مسرحية ( من العطس ماقتل ) 1992تأليف أمين باكير
مسرحية ( الحارس ) 1993تأليف هارولد بنتر
مسرحية ( مسافر ليل ) 1997تأليف صلاح عبد الصبور
مسرحية (أمراجع الكسلان ) 1997تأليف الفريد فرج
مسرحية ( لست أنت جارا ) 1999تأليف عزيز نسين
مسرحية ( يوسف وياسمينة ) 2003 تأليف الفريد فرج
مسرحية ( خرف ياشعيب ) 2003 إعداد وإخراج
* مسرحية ( المستشفى ) تأليف وإخراج
علي الخمسي ......
" بين جيلين "
طفولته التي أمضاها في المدينة القديمة عند انتقال الأسرة سنة 1944 م وعمره أربعة أشهر لتقيم في زنقة الحليب " قوس الصرارعي " وأنتقالها للإقامة في " كوشة الصفار " 1948 ثم ميزران 1964 أتاحت له العديد من المشاهد البصرية ومعارف أطلقت العنان لروح المبدع الذي يسكنه فلا تختلف بداياته عن الكثير من المبدعين ، فقد تشكلت ذاكرته من خلال الطقوس التي كانت ترافق الأعياد الدينية " عيد الأضحى ، عيد الفطر ، المولد النبوي الشريف ، عاشوراء " ومانتج عنها من مشاهد وألعاب تقترب كثيراً من فن المحاكاة التي لاتخلو من " دراما " . استهوته مشاهد خيال الظل الذي كان ينتجه خيال الحاج " محمود الأسطى " في " سوق الترك الأمر الذي جعله يفترض شخصيات ينتجها خياله الطري هو وأقرانه . كان أول وقوف له كممثل هاو بمدرسة طرابلس الاعدادية في مسرحية " الصرخة " حيث جسد فيها دور مندوب هايتي . هذه الموهبة هي التي قادته للإنضمام الى " فرقة الجيل الصاعد " الشابة في ذلك الوقت التي كان يديرها المرحوم " محمد زميت " سنة 1961 م ليقدم من خلالها العديد من الأعمال منها " شباب يحترق ، مشاكل وحكايات ، الناس والدنيا " الأخيرة مع " محمد عبدو الفوراوي " الذي أنتسب حديثاً للفرقة التي كان مقرها محل صغير في " شارع الصريم " .
يعدّ "علي الخمسي ، عمران راغب المدنيني ، الطاهر القبايلي " وأخرون بأنهم الجيل الذي دعم موهبتة بالدراسة المسرحية الأكاديمية وأيضاً يعتبرون نقاط الوصل بين الأجيال الرائدة المتمثلة في " محمد حمدي ، شعبان القبلاوي ، شرف الدين ، والأمير ، وسعيد السراج ... الخ " والأجيال الجديدة . بعد إتمامه الدراسة في المعهد التجاري بصبراته ومشاركته في العديد من الأعمال في " فرقة الجيل الصاعد " فقد كان " الخمسي " من الدفعات الرائدة التي تخرجت من معهد جمال الدين الميلادي .
الخمسي :- عاصرت خلال دراستي بالمعهد أربع مدراء " محمد مرشان ، كاظم نديم ، أحمد ابراهيم الفقيه ، مصطفى حقية " قدمنا في المعهد العديد من الأعمال " أغنية على الممر ، قناع السعادة ، وبعض الأعمال الصامتة " . وقتها أنتسبت للمسرح القومي الذي كان يديره الفنان " كاظم نديم " من خلال وقوفي أمام لجنة القبول المشكلة من " شعبان القبلاوي ، سعيد السراج ، كامل المسلاتي ، وكاظم نديم " و " عبدالحميد حسن " كسكرتير للجنة صحبة 108 منتسبا وكنت ضمن الثمانية الذين نجحوا في هذا الأمتحان أذكر منهم " ارحومة الجديع ، عبدالرحمن امين ، والفيتوري سعيد " وكانت المحصلة إنجاز العديد من الأعمال من أهمها " وتشرق الشمس من جديد " من اخراج المرحوم " صبري عياد "التي شاركنا بها في مهرجان المغرب العربي ، و" الصوت والصدى " في مهرجان المنستير بتونس قمت بدور " الشاب " الذي لعبه " محمد بن موسى " فيما بعد . " وطني عكا " للطاهر القبايلي ، و" الزير سالم " للمرحوم " الأمين ناصف " .
* :- يرى بعض المتمين بالمسرح ، بأن الأمين ناصف من أهم المخرجين الذين أنتجتهم تلك الفترة ... فما رايك ؟
الخمسي:- من خلال تعاوني معه في " الزير سالم " في دور الهجرس فهو بحق مخرج يعشق عمله و ينصهر من أجل إنجازه بشكل متقن ، وأهميته في أنه يعطي مساحة كبيرة للممثل بإشراكه في العمل فالممثل مع الأمين ليس محايداً ويستقبل مايمليه عليه المخرج ، ولكنه يكون رأيا .. ويؤخذ بهذا الرأي إذا ماتماشى مع الخطة العامة للعمل . عندما قدم لي النص أعطاني حرية أختيار الدور فكنت حائراً بين شخصيتي " جساس ، والهجرس " فاقترح دور" الهجرس " وأختير " عمران المدنيني " في دور جساس " ، في هذا الدور ترك " الأمين " لي روح المبادرة في الحركة ، كان حريصاً على أختيار الألوان ودلالاتها وتكوينها وأنسجامها مع الديكور .
* :- تفكيركم في أنشاء فرقة شابة جاء نتيجة تحد من شباب واعد أكاديمي بأعتبار أغلبكم من خريجي معهد جمال الدين الميلادي أضفتم لها خريجي الجامعة والكفاءت الممتازة ربما تقديراً للمرحوم " سالم بوخشيم " حسبما ماتقول اللوحة التي تتصدر مدخل الفرقة مطعمة بعبارة " العمل شعار الجميع " ... ماذا قدمت هذه الفرقة للحركة المسرحية الليبية ؟ .
الخمسي :- كانت فكرة إنشاء الفرقة عندما اقترحت على الاستاذ " سالم بوخشيم " تأسيس فرقة بالتعاون مع المخرج المصري " أبوضيف علام " الذي كان أستاذا بالمعهد الذي أقترح التسمية تيمناً بفرقة " المسرح الحر " بمصر وبالفعل أنشئت في1/3/ 1970 م بتصريح من وزارة العمل والشئون الأجتماعية . أعتبر فرقة المسرح الحر علامة مضيئة وجادة في مسيرة مسرحنا الليبي فقد أنتجت العديد من الأعمال والمسرحيين الذين أثروا الحركة المسرحية الليبية مثل " لطفية ابراهيم ، مصطفى المصراتي ، عياد الزليطني " .
* :- ألم تكن بدايات " لطفية " مع مع المسرح القومي في " الزير سالم " ؟ .
الخمسي :- نعم شاركت في " الزير سالم " في دور" سعاد " البسوس ولكن " العادلون " خرجت للنور قبل " الزير سالم" التي جسدت فيه دور " الدوقة " وهي من أخراج " أبوضبف علام " وتأليف البير كامي .
* :- كان أول تعاونك مع المخرج " محمد العلاقي " في مسرحية " نحن الملك " بالمسرح الحر .
الخمسي :- وقتها كان " العلاقي " على خلاف مع المديرالعام للهيئة العامة للمسرح والخيالة فاقترحت عليه بأن العمل بالفرقة هو الرد الحقيقي لمثل هذه المواقف ، وبالفعل قدمنا العمل الذي يعتبر من المحطات المهمة ل " محمد العلاقي " الذي من خلاله أنصهر في الحياة الثقافية والمسرحية بمدينة طرابلس . كان هذا أخر عمل قبل سفري للندن للدراسة وهناك تعرفت على المسرح العالمي من خلال بعض المتابعات وفي هذه الأثناء أنضممت لفريق " لوكل جروب " المسرحي الذي يقدم بعض الأعمال الكلاسيكية والمعاصرة شاركت في بعض الأعمال التي لم يكتب لها العرض .
* :- بعد العودة من لندن شاركت في مسرحية " الطابية " لمحمد العلاقي التي جسدت فيها دوراً لم يتلائم مع شخصيتك خاصة بعده المادي الذي أنعكس على الأبعاد الثانية ... ألا ترى هذا ؟
الخمسي :- أذا كنت تقصد بأنه أصغر من سني ربما ... ولكني جسدت الدور كمعنى ودلالة بغض النظر على توافقه المادي معي . على أية حال هذا اول مرة استمع لرأي مشابه لهذا .
* :- من خلال تجربة أكثر من أربعين عاما أي من الممثلين الذين تشعر بارتياح عندالوقوف امامهم على الخشبة ؟ .
الخمسي :- لم يخطر في بالي التفكير في هذا السؤال ... نحن نمتلك الممثل الذي يتمتع بالموهبة الحقيقية ولكننا بحاجة لممثل يمتلك الوعي لدراسة الشخصية من الداخل ويجسد جوهر الشخصية بكل أبعادها بحرفية الممثل الأكاديمي . بدليل أن الممثل في كل عرض ولنفس الشخصية يؤديها بطريقة مغايرة لليلة العرض التي تسبقها و هذا يدل على عدم الأمساك بزمام الشخصية والقبض عليها .
* :- هل تعتقد بأن الأكاديمية تخلق ممثلاً ؟ الا تعتقد بان الخبرة تساوي الدراسة كما يقول " ستانسلافسكي " ؟ .
الخمسي :- نعم .... ولكن وبدون شك بأن الدراسة الأكاديمية بالنسبة للممثل الذي يمتلك الموهبة الفطرية كشرط أساسي ستساعده في التقاط أبعاد الدور والشخصية .. أنا لا أنكر بأن الخبرة والأستمرارية تساوي الدراسة وقد تفوقها ، فقيمة مثل " شرف الدين " يمتلك الموهبة والاستعداد والخبرة . ..... نفتقد الى الممثل الذي يلاحق الأحداث والمهرجانات العربية والعالمية وملاحقة الدوريات ، غياب الأنتاج المسرحي الذي يساوي غياب التجربة التي تسفر عن تراكم معرفي وعملي للمهنة وبالتالي غياب الناقد المسرحي _ فترة السبعينيات ثمة أنتاج وثمة ملاحقة لهذا الأنتاج من قبل النقادأمثال " كامل عراب ، محمد الزوي " _ وهذا دور المؤسسات المشرفة على الثقافة . حتى الندوات التي تدار غالباً ماتكون عشوائية و متسرعة وكذلك المهرجانات وهي قليلة جداً .
* :- ألم تعلمنا التجارب السابقة قصيرة كانت أم طويلة بأن ننفض أيدينا من وعود المؤسسات الثقافية التي أخرها أمانة الثقافة ؟ .
الخمسي :- من خلال تجاربنا السابقة نعم لم يلتفت أي مسؤل الى الثقافة والى الآن ... نحن بحاجة الى مسؤول عاشق للثقافة والفن للدعم المادي بالأساس والمعنوي .... تقام مهرجانات مسرحية وتمنح جوائز مادية ، والتي تؤول للمبدع .. بينما لم يصرف أي مبلغ للفرقة التي تنتج هذا العمل .
*:- أمانة الثقافة أصدرت قرار يحمل رقم (1) أنشأت بموجبه " الفرقة الوطنية " أهملت فيها أسمك كما أهملت العديد من الأسماء الفاعلة في الحركة المسرحية .
الخمسي :- هو لاشك إنشاء فرقة وطنية مكسباً ثقافياً أرجو ان تسفر هذه الفرقة عن العديد من الأعمال ولكن عدم وجود العديد من الأسماء التي أفنت نفسها في الحركة المسرحية أمثال " سعاد الحداد ، الطاهر القبايلي ، شرف الدين ، والمدنيني .... والعديد غيرهم " هو لاشك قرار قاتل بالنسبة للمبدع ومعالجته كانت أسواء عندما تم إضافة 200 عضواً وأخيراً فتح الباب على مصراعيه .
* :- ماذا قدم لك المسرح ؟ .
الخمسي :- مادياً لم يقدم لي شياً و باعتباري رجل مصرف اورد لك المبالغ التي تقاضيتها تقاضيت 2550 . د.ل فقط لاغير في مسيرة 45 سنة . " درب الحرية " ( 1800 د ).( 250 د) . في مسرحية " جالو " 300 . د عن دوري في " الطابية " و200.د في مسرحية " قصة حديقة الحيوان التي صرفت عليها من جيبي الخاص مبلغاً يقدر ب 800. د ... بينما أعطاني الكثير على الصعيد المعنوي . قاطعت المرئية فترة طويلة خوفاً من أن تسرقني من المسرح . فالمسرح يحقق لك رايا متفردا وتفتحا للمدارك . فأنا أهيء نفسي عن طريق الخيال والرياضة والتوحد في العمل في محاولة لتهيئة جسدي للدور . المرئية أتاحت لي فرصة أنتشار وتشغيل أدواتي في أعمال لها حضور ك " العمارة ، التيار ، الكنة " .
علي محمد الخمسي من مواليد الخمس سنة 1944 م
عمل أستاذا لمادتي التمثيل والألقاء في كلية الفنون ، والمركز العالي للمهن المسرحية ، ومعهد جمال الدين الميلادي.
متفرغ الآن لإتمام رسالة الماجستير في أكادمية الدراسات العليا .
قدم خلال مسيرته المسرحية أكثر من خمسة وعشرين عملاً مسرحياً : فرقة الجيل الصاعد " هوتيل النوم المريح 62 م ، الناس والدنيا ، وشباب يحترق " فرقة المسرح القومي " وطني عكا ، الزير سالم ، الصراع ، وتشرق الشمس من جديد ، الصوت والصدى ، شكسبير في ليبيا ، الام ، معهد جمال الدين الميلادي " اغنية على الممر ، قناع السعادة ، وبعض اعمال المايم " . فرقةالمسرح الحر: " تاجر البندقية ، العادلون ، نحن الملك ، عكوز موسى ، الكرسي ، جالو ، قصة حديقة الحيوان " فرقة المسرح الوطني " الطابية " .
( توقف . . )
رؤيتان لمسرحية واحدة
( خمس نخلات حول بحيرة حمراء ) أو (توقف ) أكثر مسرحيات" منصور أبو شناف" حظاً في العروض قدمتها فرقة الجيل الصاعد بطرابلس بالتعاون مع" دار الفنون" من إخراج أحمد إبراهيم، وبالمركز العالي للمهن الموسيقية والمسرحية من إخراج أستاذ مادة الإخراج" د. عبدالكريم عبود " بالإضافة لمشاريع التخرج في كلية الفنون، وأيضاً قدمها المسرح الوطني/ بنغازي من إخراج " فرج أبوفاخرة " .
النص يحكي سيرة زوجين بانتكاساتهما العاطفية والنفسية والسياسية والاجتماعية من خلال كلمة سحرية اعتبرها المفتاح السري لمضمون المسرحية (polygamy) أو تعدد الزوجات التي تصدر من خلال الزوج قائد الجيش المقعد العاجز_ عجزاً مادياً ومعنوياً_ وهو يطالع قاموسا للغة الإنجليزية. ظلت تتكرر هذه المفردة أكثر من مرة في النص ... وكما في أغلب نصوص منصور نلاحظ العلاقة العرجاء بين الرجل والمرأة علاقة تتأرجح بين العاطفة المجنونة والعنف إلى حد الجلد بمعنييه المجازي والواقعي .فهذه المسرحية وبعض أعماله الأخرى تذكرني ب"درس" و"كرسي" يونسكو، "فاند و وليز" أرابال ، "الأيام الحلوة" و "في انتظار جودو" لبيكت . مع إختلاف ظروف وأفكار كل من هذه الأعمال في طرح موضوعة التواصل والهروب للوهم أستطيع أن أقول هنا بأن شخصيات منصور شخصيات هاربة من واقعها الى الوهم، فنساء " كلام نساوين " يهربن الى دمية رجل، ورجل "عروس بالمواصفات" يهرب لدمية امرأة، وشخصيات " السعداء" تهرب الى نهر النسيان "الليتيوس"، وشخصيات "جالو" تهرب الى الشعوذة. أيضاً شخصيتي مسرحيتنا "توقف " تسير في نفس الطريق فهي تتغذى بالحلم وتهرب الى الوهم من خلال تداعيات انتكاساتهم ونسفها بالحلم ، الحلم الذي يجعل الأنثى الخصبة المتوهجة - الأرض - التي تذكرني ب(يرما)" لوركا" تحلم بالولد أمام رجل عاجز وتحلم بحديقة غناء . والوهم الذي يجعل الرجل العاجز يحلم بتعدد الزوجات، والوهم الذي يجعل قائد الجيش المهزوم يغني للعلا ، والمجد التليد ، والجيش العظيم، النص يسير بشكل دائري وهي تقنية لازمت منصور أبوشناف في العديد من أعماله فنص توقف يبدأ من حيت انتهى والعكس ، فهو لا يخلو من روح الدعابة والسخرية المرة ( الكوميديا السوداء ) ... دائما كنت أقول لمنصور: بأن نصوصه مقفلة لا تترك مجالاً لخيال المخرج فأنا أشفق دائما على أي مخرج يتعامل مع نصوصه فالمخرج هنا أمام خيارين إما أن ينفذ تعليمات النص بحذافيرها و في هذه الحالة يأخذ صفة مخرج منفذ وإما أن يضيف للنص بعض الحوارات أو بالتقديم والتأخير في سياق الحوار ، أو إلى إلغاء بعض الحوارات للاستعاضة عنها بالحركة . و بهذا يقع في محظور اختلاف اللغة المسرحية وإيقاعها، ولو أن الكاتب "أحمد بللو" - الذي أعتبره الأكثر فهما لنصوص منصور بحكم العلاقة الخاصة التي تربطه بمنصور ولكونه كاتباً - فاجأ الجميع عندما قدم النصوص الخمسة القصيرة بإيجاد صيغة تربط هذه النصوص عن طريق إضافة بعض الجمل أو من خلال( السينوغرافيا) وعناصر العرض الأخرى . ثمة حل ثالث بأن تتم التعديلات بوجود الكاتب وهذا الأمر شبه مستحيل فالقابض على منصور كالقابض على الماء .
أنا هنا مع تجربتين للمرة الثانية تحدث في المسرح الليبي _على حد علمي _ عندما قدم المخرجان" محمد العلاقي" و"عبدالله الزروق"المسرحية اليتيمة ( الأقنعة) لمحمد عبدالجليل قنيدي برؤيتين مسرحيتين منذ أكثر من عشرين سنة . قدمت فرقة الجيل الصاعد بالتعاون مع دار الفنون مسرحية( توقف) من إخراج" أحمد إبراهيم" وقام بأداء الأدوار " محمد الطاهر" في دور عمر و" فاطمة غندور" في دور فاطمة . استطاع "أحمد إبراهيم" بنقلة ذكية ولماحة عندما استغنى عن(العلبة الإيطالية) هذه الخشبة التي تملي عليك شروطها ومتطلباتها، ليجعل مكان عرضه في فضاء حر . صالة ( دار الفنون ) بطرابلس وبأحدي الصالات كما عرضها في مهرجان إبراهيم الأسطى عمر بمدينة درنة . مما جعل هذه الرؤيا تعفيه من الكثير من الإرباكات في حال تعامله مع قاعة عرض مجهزة بالتقنية. فتعامل مع الصالة بشكل عفوي وشاعري وبسيط، مع قطع بسيطة من( الإكسسوار) صندوق يحتوي على بعض القطع ، مجسم أشبه بـ (الفزّاعة ) ، مشجب. وإضافة لاستغلال هذه القطع في العرض فقد أعتمدها المخرج أيضا ليحدد بها مجال الممثلين والمكان ،الأمر الذي ساعد الممثلين في الأداء براحة وعفوية في الإحساس مع إعفائهم من عناء توصيل الصوت لأخر متفرج في الصالة في حال تم العرض في قاعة مسرح. أيضا وضع الجلوس للمتفرجين بشكل دائري حول الممثلين مكن إشراكهم في اللعبة بجعلهم يشاركون الممثلين وجدانياً مما ساعد على روح التواصل بين المتلقي والمرسل ، الموسيقى كانت تنساب من كمان الفنان المطرب" خالد الزواوي "بتقاسيمه المنتقاة مما جعله هو وكمانه الشخصية الثالثة في المسرحية ، أداء الممثلين تلبس روح المكان وأحيانا يطغى الأداء المسرحي التقليدي - أداء العلبة الإيطالية - في بعض المقاطع. لم يتنبه المخرج لملابس المسرحية بالذات ملابس الممثلة فهي شخصية حارة يسيطر عليها الهاجس الجنسي والدموي أحياناً، نراها بفستان أزرق سماوي طويل يعطينا إيحاء بالصفاء والاستقرار والهدوء. كما لم يتنبه لعفوية ا لحوار وروح الدعابة في النص والتلقائية . أريد هنا أن أشيد بخبرة محمد الطاهر واهتمامه بالتفاصيل الصغيرة ولم يتناسى جلسة المعاق على الكرسي وكيفية وضع الرجلين ، فاطمة غندور في تجربتها الأولى تمكنت من مجاراة خبرة محمد الطاهر وأدائه ليكونا عنصرين متجانسين طيلة العرض . الحركة كانت بسيطة كما ينبغي لها أن تكون تماشياً مع روح مكان العرض . المخرج حافظ على النص الأصلي دون زوائد أو نقص ، كما حافظ على الإيقاع العام للعمل، وهذا وحده كفيل بخروج عرض لا يخلو من المتعة . هذه ليست التجربة الأولى للمخرج فقد أخرج أكثر من أربع أعمال إضافة إلى كونه ممثلا يتمتع بموهبة حقيقية. فكانت " توقف" البداية الحقيقية له كمخرج.... ومن المؤسف حقاً بأن هذا العرض لم يحظ بعروض كافية كعادة أغلب أعمالنا المسرحية وأيضاً لم يتم توثيقه مرئياً وهذا أمر سنعض أصابعنا عليه ندما في وقت لاحق، عندما نحاول أن نؤرخ لمسرحنا الليبي، كما ضاعت الكثير من الأعمال المسرحية في مهب ريح ولا شواهد لها في قاموسنا المرئي، وهذا أمر معني بصناع العمل وليس معني بالمؤسسة .
* يأتي " فرج أبوفاخرة " ليغامر على مسرحية لاقت صدى طيباً لدى المهتمين بالمسرح، ويخوض التجربة في تحد مع ذاته أولاً ومع النص ثانياً وأخيراً تحد مع من شاهد العمل مسبقا مدفوعا ًبحب الفضول للمقارنة بين العرضين . أنا هنا لست في باب المفاضلة بينهما ولكني أحاول أن أطرح قراءة انطباعية لكل عمل ...." توقف" أبوفاخرة لاقت حظها من العروض فقد شاركت المسرحية في الدورة الثانية - وقد تكون الأخيرة - لمهرجان البيضاء للمسرح التجريبي ، وشاركت في العروض الموازية لأيام قرطاج المسرحية بتونس، كما عرضت في الملتقى الأول للمسرحيين بمدينة بنغازي ، المنظر عبارة عن ستارة من اللدائن المقوى الشفاف يتوسطها مدخل يفضي لخلفية سوداء اللون.. الفضاء الأمامي خال تماما. قبل أن ترتفع الإضاءة تدريجياً تنساب إلى مسامعنا جملة موسيقية معبرة ستلازمنا طيلة العرض ، لنرى المقعد ( ناصر الأوجلي ) على كرسي متحرك متشحاً بملابس تقترب كثيراً من السواد ، وفاطمة (حنان الشويهدي) بملابسها السوداء تزينها خيوط فسفورية مشعة.... المخرج هنا أشتغل على النص المكتوب عن طريق الإلغاء والتقديم والتأخير في بعض الجمل. مع ربط بعض الجمل التي تقال على مراحل بين الشخصيتين ..... ليبدأ بفاطمة بدلا عن عمر كما هو وارد في النص الأصلي متجاوزا ً التمهيد الذي أراه مهما في العرض .
عمر: بوليجومي (polygamy)...... تعدد الزوجات .... بوليجومي . (polygamy)
فاطمة: هل أنت بخير؟
عمر: "لا يلتفت إليها".... بوليجومي (polygamy) تعدد الزوجات.
فاطمة : هل تأخرت عليك ... كان الطريق مزدحماً... وكان ثمة.....
عمر: بوليجومي .(polygamy)
فاطمة : حادث.......
عمر: تعدد الزوجات.
فاطمة : حادث .... كان حادثاً مريعاً ..
عمر : بوليجومي. (polygamy).
فاطمة : أنت تهذي ..
عمر : بوليجومي. (polygamy)
فاطمة : " أنت...كان الضحية طفلاً ".... إلى أخر الحوار من هنا يبدأ فرج أبوفاخرة مسرحيته ، مضيفا عليها جملة فاطمة التي ترد في بداية الحوار" كان الطريق مزدحماً وكان ثمة حادث ... حادث مريع". أعتبر هذا الدخول لعمل من هذا النوع أشبه بالدخول القسري مما يؤثر سلباً على تعاطي الجمهور مع اللعبة المسرحية ، في الوقت الذي يحتاج العمل لفترة تمهيدية كافية لطرح أبعاد الشخصيات والتعريف بالمكان ..اختيار كلمة (polygamy) من قاموس للغة الإنجليزية من خلال شخصية عاجزة لها دلالاتها كما نرى في هذا المقطع من حوار المسرحية،عدم تواصل الشخصيات مع بعضها، أي لا توجد لغة مشتركة بينهما ف"ثمة برد، وثمة وحشة، الليل بارد، الليل موحش" - الدلالة جنسية هنا- وبالتالي ثمة غربة بين شخصيات المسرحية.المخرج اعتمد الحركة بديلاً للحوار في بعض المشاهد. مثل المشاهد المحكية عن الهزائم العربية بتكوين مشهد من خلال الشاشة في خلفية المسرح مصحوباً بمؤثرات قنابل ورصاص . ومشهد شرفة الشقة الذي جسد من خلال الشاشة أيضاً.....المخرج بذل مجهودا كبيراً في المحاولة للإستفاذة بالتقنية المتاحة حتى انه أستنفذ كل العناصر المتاحة له وأدخلها في العمل ، و أن الكثير منها لم تخدم العرض بل كان ضحيتها الحوار، الذي في كثير من الأحيان لم يصلنا في دوامة هذه" الزحمة" ، والمشكل هنا ليس من الممثلين بل كثرة المفردات البصرية والمؤثرات الصوتية كانت العائق الرئيس لتلاشي كثير من الجمل.الدخان الذي يأتينا قبل نهاية العرض بقليل ليملأ صالة العرض وليشكل عدم ارتياح بالنسبة للمتلقي، خاصة إذا كانت دلالة الدخان تشير إلى الضباب فليس هناك مايفيد في سياق العمل أي معنى للضباب . حركة الممثلين كانت تسير بين العنف والسرعة والتوثر في رسم الحركة . أستثني اشتغال المخرج على " الحبل " الذي يربط الشخصيتين بين مد وزجر والدوران لتبين العلاقة المتأرجحة بين الرفض والقبول ولتوضح بأن الشخصيتين ضحايا قدرهما المرسوم بشكل يخدم العرض. وأيضاً اشتغاله على مفردة (الجلد - الجنس) بحيث جسد الحركة بكرسي المقعد البارد لتعطيك إيحاء بالوهم ،و لو عمل المخرج على هاتين المفردتين " الجلد والحبل " مع الجملة الموسيقية المتكررة والمؤثرة ، إضافة لصوت الممثلين منبعثاً من جهاز التسجيل ، لحقق المخرج هدفه دونما عناء وبهدوء . أريد أن أسجل هنا بأن فرج أبوفاخرة لديه القدرة على التحكم في أدواته التقنية كمخرج وله القدرة على التعامل مع هذه العناصر، خاصة العرض الأخير في مسرح الفكر القومي فقد تمكن وبمجهودات مهندسي الصوت والإضاءة والديكور. وبالذات الموسيقى التصويرية التي ترجمت وبشكل دقيق مكنونات النص . و باقي الفريق الفني الذين توخوا الدقة والإتقان في هذه العملية الإبداعية. أذكر منهم" بريك درباش" و"نورالدين الشيخي"، فاعذروني إن لم أتمكن من معرفة بقية أفراد الفريق الفني، والممثلين . وأخيرا أشكر المخرج المثابر فرج أبوفاخرة على جرأته ومثابرته وهو أكثر المخرجين إنتاجاً لايسبقه في هذا الإنتاج إلا المخرج عبدا لله الزروق .و اريد أن اسجل شكري للفنان التشكيلي" عادل جربوع" الذي يحرص دائماً على توثيق العروض المسرحية في هذه المدينة وبمجهود فردي .
المخرج / محمد القمودي......
" متى نرى وقفة جادة لتفعيل المسرح الليبي ؟ !! "
على مدى خمسة عشر سنة استطاع المخرج " محمد القمودي " أن يحقق موقعاً متميزاً في المشهد المسرحي الليبي من خلال أعمال ظلت في ذاكرة المسرحيين والجمهور على السواء .
بداياته تقترب من بدايات العديد من المبدعين عندما شارك في النشاط المدرسي المتكامل الأول في النصف الثاني من خمسينيات القرن الماضي مع مدرسة " ابوهريدة الابتدائية " ب " اسكتش " بائع الدجاج " حيث شجعه أحد الزملاء للإنضمام الى " نادي النصر الثقافي الأجتماعي " حيث كتب أول عمل له وهو عبارة عن تمثلية قصيرة بعنوان " اليتيمة " . كما أتاحت له الدورة الثانية في النشاط المتكامل التعرف الى " ابوزيد الماقوري " الذي كان سبباً في إنضمامه لفرقة " الأمل " سنة " 1967 م " التي كان يديرها في ذلك الوقت " محمد بسيس " بلجنة إدارية تضم " عبدالحميد المجراب ، المهدي بوقرين ، عبدالله هويدي ، عبدالحميد بيزان " . كانت بدايته كممثل من خلال عمل ل " عبدالله هويدي " بعنوان " الحكاية من أولها " بطولة " حميدة الخوجة " و " علي الأصفر " عرض في " مسرح الغزالة " ثم عمل " عمر المختار " للمرحوم " عبدالله القويري " من أخراج " المهدي بوقرين " . في هذه المسرحية صادف أنضمام الفنان " محمد الطاهر " الذي لعب دور " بورحيل " في المسرحية التي عرضت في " مسرح الغزالة " .... كانت فرقة " الأمل " في ذلك الوقت تشكل توأمة هي وفرقة " المسرح الشعبي " ببنغازي التي تتولى أستضافة عروضها في المنطقة الشرقية ، وبالتالي تتولى " الأمل " استضافة فرقة " المسرح الشعبي ".
القمودي :- في هذه الفترة أقيمت دورة أقامتها الفرقة يديرها الفنان المرحوم " زين العشماوي " الذي أختار مجموعة أعمال للكاتب ل " توفيق الحكيم " و" يوسف ادريس " حيث تولى الأستاذ " زين " تقسيمنا الى مجموعات بحيث يتيح لأعضاء الفرقة مشاركتهم من خلال التمثيل ،
ومسا عدة الأخراج ، والأدارة المسرحية ، بالتناوب ... أسفرت هذه الدورة والفترة التي تلتها على أنتاج العديد من الأعمال " أريد ان اقتل ، مولد بطل ، الفرافير ، المهزلة الأرضية " العملين الأخيرين من تعريب " محمد ماهر فهيم " . عرضت هذه الأعمال في كل من " درنة وبنغازي والبريقة " والمركز الثقافي المصري ، ومسرح الكشاف . شارك في هذه الأعمال " محمد الطاهر ، ناجي البكشي ، فتحية عبدالغني _ زوجة زين العشماوي _ وزهرة مصباح ، التي أنبأت على موهبة واعدة في ذلك الوقت عندما عرضت في البريقة كبديلة لفتحية عبدالغني " . في هذه الأثناء أقترح الأستاذ " زين " قراءة لمسرحية " كاليجولا " وتقديم أوراق تحليلية للنص الذي قدمت فيه قراءة لفتت انتباه الأستاذ " زين " الذي رشحني لإخراجها للمشاركة بها في المهرجان المسرحي الوطني الأول سنة 1971 م كما أقترح الفنان " محمد الطاهر " للقيام بدور " كاليجولا " .
* :- ................
القمودي :- انتسبت لمعهد " جمال الدين الميلادي " عن طريق لجنة قبول تتكون من " محمد ماهر فهيم ، زين العشماوي ، ابوضيف علام " ونتيجة لنشاطي ومشاركتي في المهرجان تم استثناء خاص من قبل اللجنة لقبولي و لم أكمل الشهادة الأعدادية ، اثناء دراستي بالمعهد أعددت مسرحية " الضفادع " ل " أرستو فان " التي عرضت في مسرح " صبراتة " الأثري مع مسرحية " الزير سالم " للمخرج " الأمين ناصف " ، أيضاً شاركت بمسرحية " اوديب " ل " سوفكل " في مهرجان الشباب العربي ، وقتها تم ضم " الفرقة الوطنية و فرقة الأمل " تحت تسمية " فرقة الأتحاد المسرحي " التي شارت من خلالها بمسرحية " الجانب الوضيء " من تأليف " عبدالله القويري " .
* :- .........................
القمودي :- .......... جاء انضمامنا ل"المسرح القومي " من خلال لجنة تضم " محمد توفيق ، نبيل الألفي ، حسن الأزمرلي ، د . حسن عبدالحميد " بإدارة " عمران راغب المدنيني " هذه المؤسسة التي أعتبرها بداية التكوين الحقيقي .... كانت بداياتي معها بتجربة " المسرح المتنقل " من خلال مسرحية " المشوار " تأليف المرحوم " الهادي راشد " التي التي طفنا بها عدد من المدن الليبية " العجيلات ، صرمان ، وجودايم " كما عرضت ب" الملعب البلدي " ، بعدها مسرحية " الصوت والصدى " التي شاركنا بها في مهرجان " المنستير / تونس " من بطولة " عمران راغب المدنيني " ثم " نقابة الخنافس " للمرحوم " الأزهر بوبكر حميد " و " حوش العيلة " للمرحوم " فرج قناو " كل هذه الأعمال أنجزت في فترة " الهيئة العامة للمسرح " التي انشيئت حديثاً وغيرت دوام " المسرح القومي " في الفترة الصباحية أما الفترة المسائية كانت تسمى ب " فرقة حمدي " التي كان يديرهما الفنان " الطاهر القبائلي " .
* :- .................
القمودي :- تم ايفادي الى مسرح " طاليا " ب" المجر " الذي كان أهم رموز أخراجه المخرج " كازمير كارول " الذي كان يهتم بالتراث الإنساني وقتها أتيح لي حضور تجارب مسرحيته " اورامين " التي تتحدث عن العلاقة بين فرانكو والفاشية الإيطالية إبان الحرب الأهلية الأسبانية ، شاركت في هذا العمل في دور قصير لشاب فاشيستي باعتباري أحمل ملامح البحر الأبيض المتوسط وتقاضيت عليه مبلغ " 600 " " فورنت " وهو مبلغ يكفل لي معيشة عشرة أيام . أثناء عودتي أعدت مسرحية " الصوت والصدى " برؤية جديدة من بطولة " علي القبلاوي " التي شاركنا بها في مهرجان " المنستير / تونس " تلتها مسرحية " حمل الجماعة ريش " من تأليفي وأخيراً مسرحية " هجالة و100 عريس " ل " فرج قناو " ومسرحية " حلم الجعانين " .
* :- توقفت لفترة تزيد عن عشرين عاماً . هل هذا مرده الخوف من ضياع السمعة التي أكتسبتها على مدى 15 سنة ؟ ربما مرد هذا الخوف من التجربتين الأخيرتين المتمثل في مسرحية " حمل الجماعة ريش " و " الهجالة " اللتان لم ترض عليهما تماماً ؟ .
القمودي :- كانت بداية تكويني الحقيقي مع " المسرح القومي / الوطني الحالي " الذي مر في هذه المرحلة بمجموعة من الإرباكات أبتداءً من الغاء الشعبة المسائية ، والتقلبات الكثيرة التي طرأت على إدارته ، مع فقدان الفرقة للمقر عندما خرجت من " مسرح الكشاف " ، وتشتت فرقة " الأمل " عند إدماجها مع " الوطنية " ، الأمر الذي ساهم في تشتت ثوابتنا المسرحية خاصة الأعضاء الذين تم استقطابهم من قبل المرئية ، وأيضا الرقابة المشددة على النص المسرحي ،الأمر الذي جعل النصوص المسرحية تنام في أدراج وزير الأعلام لإجازتها شخصياً ، كل هذه العوامل أثرت على العملية الأنتاجية للعروض المسرحية . باعتقادي بأن إنشاء " الهيئة العامة للمسرح " ساهم كثيراً في هذه العوامل ... انا لا استطع القول باني مخرجاً امتلك منهجاً مسرحياً ولكني استطع القول باني امتلك مساراً ، والممثل الذي عرفته لم يعد باستطاعته السير في هذا المسار . والبداية من جديد يساوي العودة الى نقطة الصفر.... انا لا اخاف من فشل العمل ولكني اخاف من فشل الممثل الذي امامي في الوصول الى الحالة المرجوة في ضل هذه الضروف .
* :- المخرجان " محمد العلاقي " و " عبدالله الزروق " لم يغب حضورهم عن الساحة المسرحية علماً بأنك تتقاسم معهما البدايات . لسنا هنا بصدد تقييم تجربتهما المسرحية .
القمودي :- بعد تجربة تزيد عن 15 سنة احاول ان اقدم عملاً يعيش مع الناس ، ويخاطب وجدانهم وعقولهم ، ولا أسعى الى الكم .
* :- انا أعرف بأن أغلب الممثلين لديهم الأستعداد للعمل معك ، ولكنك بادرت بالإنسحاب وليس الممثل كما تقول .
القمودي :- ماحدث هو إنسحاب حضور الممثل وإتفاقه معي وجدانياً .
* :- حدثت هذه الأرباكات في " الصوت والصدى " وثم استيعابك للحالة وتجاوزها وكذلك في مسرحية " الهجالة " .. يبدو بأن مسرحية " الملك هو الملك " ل " سعد الله ونوس " كانت المنعطف الرئيسي في هذا الأنقطاع ، عندما قمت بالتدريبات أكثر من مرة وكذلك الأنسحاب أكثر من مرة من جانبك .... أذكر هذا جيداً .
القمودي :- في مسرحية " الملك هو الملك " ثمة جانب خفي لا تعلمه ف" الهيئة العامة للمسرح " لم توافق على إنتاج العمل ، كما لم توافق على إجازة النص . كانت ثمة مخاوف من النص وانا لااستطع المجازفة بالعرض . حتى لو تجاوزنا هذا الأمركنت قد رسمت الأدوار لكل من " شعبان القبلاوي ، كاريمان جبر ، داوود الحوتي ، ورافع نجم .... ولم يتم الأتفاق مع هؤلاء الممثلين .
* :- انت تعلم جيداً بأن الإخراج في الأساس " إدارة " مع دراية بالإمكانيات المتاحة والتعامل على ضوء هذه الأمكانيات . كيف راهنت على هذه الضروف المثالية ؟ ألا ترى بأن طرحك للعملية الإنتاجية مبالغاً فيه ... علما بأنه لايوجد مبرراً لعدم إجازة النص .
القمودي :- لعلمك بأن النص لم يجاز في فترة الهيئة ولا في الفترة التي تلتها .
* :- كم ظل معك هذا النص ؟
القمودي :- النص باق معي الى الأن .
* :- منذ أكثر من خمسة عشر سنة عرض هذا العمل في مهرجان درنة .
القمودي :- رافق هذا العرض ضجة أثيرت بسبب عرضه .
* :- كانت تلك الضجة مفتعلة وانت تعلم ذلك .
القمودي :- انا باعتقادي بأن خروج هذا النص للنور مشروطاً بتوفر متطلباته المثالية .
* :- هل برأيك بأن الشروط المثالية متوفرة في مؤسساتنا الثقافية .
القمودي :- نحن نمتلك عناصر جيدة وقادرة على إنتاجه وهو مرهون بإمكانية تجميعهم .
* :- طالما تدرك بعدم إمكانية تجميعهم لماذ راهنت على هؤلاء العناصر أو لماذا راهنت على المؤسسة ؟
القمودي :- " النص ماطولش معاي كثير "
* :- عندما كنت طالباً في " معهد جمال الدين " أسندت لي دور " ميمون " وبعد تخرجي كلفت بمهام مساعد مخرج . وبعد خروج " الهجالة " للنور اعدت الكرة مرة اخرى مع المسرح الجامعي .
القمودي :- بالاساس لم احصل على دعم انتاجي لهذه المسرحية .
*:- المسرح الوطني في تلك الفترة انتج مسرحية " بدون تاشيرة " وكان انتاجها ضخماً وايضاً " اتيحت لي فرصة إخرج مسرحية " الوصية " وانا في بداياتي وهي انتاج لايقل على " بدون تاشيرة " وانت بخبرتك الكبيرة مع عضويتك الفاعلة في الإدارة ... كيف تفسر هذا الأمر ؟
القمودي :- لاسباب نجهلها لم اتحصل على هذا الدعم الذي اتيح لزملائي . بامكانك البحث عن هذا الأمر .
* :- انا اعتقد بان الانسحاب كان من قبلك . وبأن العملين الأخيرين " حمل الجماعة ريش ، والهجالة " اللذان لم يوافقا حلمك هما سبب إنسحابك وتسجيل حضورك في العشرين سنة الأخيرة .
القمودي :- إذا قلت بان الحركة المسرحية بخير في الفترة الأخيرة فأنت مخطيء . فأنا ادرك بان الحركة المسرحية راكدة و مهشمة وهشة ... واذا كان ثمة زملاء يقومون بتجارب لإثبات الحضور فقط فالمخرج الحقيقي يقوم بإثبات حضوره لمرة واحدة فقط وليس كل مرة ، نعم قد تمر هذه التجربة بفشل ونجاح نمو وتطور أو تسير بخط أفقي ، هذا أمر أخر
* :- تم إنتاج في هذه الفترة اكثر من ست تجارب ناضجة وحقيقة وتعتبر مكسباً للحركة المسرحية . و بانسحابك فقدنا اكثر من عمل ناضج لأمر الذي اتاح للعديد من الأدعيا الدخول لهذا المجال وعن غير وعي . انا ادرك تماما بان اي عمل ل"محمد القمودي " سنكسب على اقل تقدير عملاً يحافظ على شروط الحرفة .... و باعتقادي أيضاً بأنك كررت خطاء المرحوم "الأمين ناصف " عندما انسحب مبكراً وخسرناه كمخرج قبل رحيله بأكثر من عشرين سنة .
القمودي :- هذا رأيك .... انا اعتقد أننا بحاجة الى مراجعة سبب الأنتكاسة التي آل اليه مسرحنا في مدينة طرابلس واعتقد بأن السبب بداء منذ تأسيس " الهيئة العامة للمسرح " التي كان من المفترض أن تقوم بإحياء هذا المرفق علماً بأني كنت من أكثر المخرجين حظاً في فترة قيامها .
* :- ماهو رايك في الحركة المسرحية الليبية . هل ثمة ملامح وتجارب حقيقية ؟
القمودي :- الحركة المسرحية في الشرق الليبي أكثر حيوية و اكثر انتعاشاً وحباً وبحثاً وعشقا للمسرح . والمسرحيون هناك لم يربطوا مصيرهم بالإدارة .... اتيحت لمجموعة منهم للسفر بالدراسة بالخارج ووفقوا جميعهم .... ومن التجارب التي اعجبتني هي تجربة " عبدالعزيز الحضيري " في مسرحية " فاندو وليز " وقتها كنت مديراً فنياً في " الفرقة الوطنية " وتابعته وحاولت مساعدته قدر الأمكان . كان يعمل بطريقة نموذجية . لو نمتلك الى جهاز واعي يستطيع متابعته باعتقادي سيشكل رقماً في الحركة المسرحية .
* :- العمل الفني يستحق المكابدة ومكابدة مؤلمة أحيانا ... هذا الأمر الذي الومك فيه كان بأمكانك القفز على الضروف في سبيل إخراج عملك الى النور .
القمودي :- إجمالاً انا لم أتوقف على المحاولة ... في المهرجان السابق اتفقت مع فرقة " المسرح الليبي " واسندت دور رئيسي للممثل " علي سعيد " اثناء التدريبات سحب مني هذا الممثل من اللجنة المشرفة على المهرجان ليقوم باخراج عمل لفرقة أخرى . خيرته بين العمل معي او التفرغ لعمله فاختار الخيار الثاني . الأن بصدد انجاز عمل جديد من تأليفي بعنوان " ام الطروح " مع تشاركية " أبنا الحريري " ربما لو وفقت سيتم عرضه على هامش المهرجان الوطني .
* :- هل ثمة ملامح لمسرح ليبي ؟
القمودي :- الفرقة القومية المتمثلة في " مصطفى الأمير ، محمد شرف الدين " مثال نموذجي للواقعية الليبية وتوقف هذه الفرقة كان سلباً على سير الحركة المسرحية الليبية وأنشاء " فرقة حمدي " ساهم في استقطاب خيرة عناصرها الذي اضر بحيويتها رغم محاولة أعضاء الفرقة الجدد أتمام مسيرتها . أيضاً بامكان أعادة النصوص القديمة برؤيا جديدة و إحياءئها لتكون بداية لإرهاصات مسرح ليبي .... لاتوجد خطة جادة لإنشاء مسرح يحمل ملامح ليبية . حتى الأكاديميات لم تقم بدورها المناط بها .... عدم تفعيل الفرق و قلة الدورات الدراسية والمشاركات الخارجية ... أمانة الثقافة أكملت عامها الثاني ولاتوجد أي خطة واضحة .
* :- من من المخرجين الذين سبقوك لهم بصمتهم الخاصة والمتميزة .
القمودي :- المرحوم "الامين ناصف " شاهدت أعماله و تجاربه عن كثب .
* :- هل ثمة سؤال بخاطرك لم نلقي عليه الضؤ ؟
القمودي :- متى نرى جلسة جادة لمحاولة تفعيل المسرح الليبي وملامسة احتياجاته ابتداء من توفير أماكن عروض ؟
" عبدالله الزروق "
مبدع مسكون بالعمل
يعد المخرج " عبدالله الزروق " * علامة حاضرة في المشهد الإبداعي الليبي " مسرح ، مرئية ، خيالة " والأكثر حضوراً ، فهو بحق - اختلفنا معه أو اتفقنا - مبدع مسكون بالعمل فما أن ينهي عملاً حتى ينتقل لأخر ، وفي أحايين كثيرة نراه يسير بخط متواز لأكثر من عمل . كتابة وإخراجاً بكل تنوعاته الإبداعية ، وهذه الخاصية أكسبته قدرة عالية على التحايل وتذليل الظروف وترويضها مهما صعبت فهو بحق " مخرج المتاح " لا تعوقه الإمكانيات ولا المكان في سبيل إخراج عمله . ولا أغالي إذا قلت بأن " الزروق " تعامل مع قرابة 80% من المبدعين الليبيين ، فهو " مخرج / منتج " للعديد من المبدعين من خلال أعمال أمهرت بتوقيعه . كما أخرجت له العديد من الاعمال من تأليفه بتوقيع مخرجين أخرين .
شغفه بالمسرح في سن مبكرة هو الذي أملى عليه فكرة الانضمام للفرقة القومية في النصف الثاني من الستينيات من القرن الماضي، على أمل أن يلقى حظاً من إرضاء الذات المبدعة لديه.. فكانت بدايته ك" ملقن " - وهي حرفة لم تكن هامشية في ذلك الوقت - خلفاً ل " سالم العربي " أهم رموزالتلقين في ذلك الوقت ، في مسرحيتي " العسل المر " أمام الفنانة " فتحية القمودي " **" وحلم الجعانين " -الأمير / شرف الدين - ولكن هذا الدور لم يرض شغفه الطموح فقادته قدماه لفرقة "المسرح الليبي " بالظهرة ، صحبة " عياد الزليطني " و"عبدالله الشاوش " وأخرون ، والتي أعيد إحياءها من جديد على يد المرحوم " الأزهر أبوبكر حميد " - وقتها كان طالباً بمعهد التمثيل في الفترة المسائية دون ان يتمكن من إتمام دراسته - الذي أتاح له فرصة التمثيل في عدة أعمال منها " زهرة المداين ، وتحطمت الاصنام ، انتصار شعب ، السماسرة ، دولاب الملابس وحجرة المكياج ، التي شاركت بها الفرقة في المهرجان الوطني الاول ولاقت فشلاً ذريعا ...
الزروق : أنا أعتبر هذه المسرحية _ دولاب الملابس _ سابقة لأوانها ولم تلق حظاً وافراً من الاهتمام بعد ذلك العرض البائس الذي أدخل فيه عرضا مرئيا من إخراجي. .... بعد هذا الفشل الذي منيت به الفرقة ، وكنوع من ردة فعل _ بعنفوان الشباب المعهود _ قمنا بتنحية المرحوم " الأزهر " من رئاسة مجلس إدارة الفرقة ، والاعتماد على أنفسنا ... وهذا ماحدث*** .... تعلمت من تجربة الأزهر حب العمل والمغامرة ، وله الفضل في تسليمي ( أستوديو) صغيرا بمقر الفرقة الذي من خلاله قمت ببعض التجارب السينمائية القصيرة .
* : انت مبدع مسكون بالعمل ... هل هذا مرده شعورك بالوحدة والوحشة بدون عمل ؟
الزروق : ربما نعم ..... علماً بأني في بعض الأحيان أبقى وحيداً بالبيت لأكثر من اسبوع أمارس هوسي الدائم بالبحث والقراءة .
*:- هل إحساسك بالضجر من أعمالك هو الذي يملي عليك استعجال ظهورها للدخول في عمل أخر ؟ ..... أي أنك لاتترك لها مساحة من الزمن لتنضج بهدوء وراحة . .
الزروق :- طوال مسيرتي الإبداعية وأعمالي تلقى أستهجانا لدى المتلقي ، وهي لا تستهويني في كثير من الأحيان .. هنا أريد أن استعير جملة " أنجمار برجمان " " لا يهمني أن يفهم الجمهور أعمالي، المهم أن يحسّ بها"... أني أعتبر العمل مكتملاً منذ بداية أول يوم للتدريبات فالجهد الأكبر الذي أقوم به كمبدع ، يتشكّل منذ ولادة العمل في ذهني .
*:- ما الدور الذي تقوم به أثناء التدريبات ؟
الزروق : ما يحدث في التدريبات مجرد روتين لابد منه ولكني أقوم بدور المفسر للعرض ، هذا الأمر جعلني _ خاصة في عروضي الأخيرة _ أحاول ألا أحضر عرض الافتتاح .
* : ............
الزروق :- .... وهذا الأمر ينطبق على العديد من الكتاب الليبيين بطريقة مغايرة فبمجرد أن ينتهي الكاتب من إنجاز نصه يلقي به في يد أول مخرج يصادفه... إذا أعتبرنا بأن النص المسرحي جنس من أجناس الأدب و خروجه للنور_ على الخشبة _ يسمى عملاً مسرحياً .... بإمكاني اعتبار هذا الأمر نوعاً من أنواع القلق الإبداعي .
* : أي أنك تقوم بتمثيل دور المخرج في أثناء التدريبات ؟
الزروق :- دونما شك فالمخرج دور من الأدوار بالمعنى الحقيقي . أنا في حالة سجال في تلك اللحظة ، أنا والممثل في فهم الشخصية .... وليس الوصاية .... كنت في بداياتي أجسد الشخصية للممثل حسب فهمي ففوجئت بصورة مكررة مني أثناء العرض ... لهذا السبب أتحت فرصة أكبر للممثل الذي تعود على ما يعطيه له المخرج من جرعات ... ثمة إشكالية في إعداد الممثل في ليبيا .... لا يوجد ممثل مكتمل بالمعنى الحقيقي في ليبيا ..ربما آنا أخرجت الحضيض دونما فهم الممثلين لها .
* : معروف عليك قدرتك على المغامرة _ التي قد تسيء أحيانا للعمل _ وبالأخص تغيير الممثل في اللحظات الأخيرة.... ربما يختلف الأمر في بداياتك .
الزروق :- هذه عادة قديمة ..... ففي مسرحية " أخطى راسي وقص " التي حصدت خمس جوائز في المهرجان الوطني الثاني . حدث تغيير لممثل في " بروفات جنرال " . ....
*:- ماذا لو أتيحت لك فرصة إعادة أعمالك مع بعض التأني والتروي ؟
الزروق :- هل بإستطاعتك نفخ البالون أكثر مما يحتمل ؟ .... أعتقد ان مايحدث في ليبيا مرده الممثلين .
*: _ ربما العكس ... الكثير من الممثلين يرجعون هذا الأمر للكاتب أولاً وللمخرج خاصة الذي لم يستطع اللعب على مكنوناتهم الإبداعية ؟
الزروق :- بكل بساطة إذا هنالك ثمة عشرة ممثلين جيدين سيرفضون دون شك النص التافه والمخرج غير الجيد . ولكن مايحدث هو العكس ..
*:- انطلاقا من خبرة تقترب من الاربعين سنة .... الم تجد ممثلاً تستطيع التواصل معه عبر أعمالك ؟
الزروق :- ثمة العديد من الممثلين الجيدين .... ولكن ثمة عجز كبير في الممثل الواعي للحرفية المتقنة .... ان وعي الممثل يفتح أمام المخرج بوابات أخرى لن يستطيع عبورها بدون ثقافة الممثل ، فوعي الممثل هبة يقدمها الله لمخرج يرغب في أن يقول شيئاً .
* : - الفنانة " خدوجة صبري " كان لها الحظ الأوفر من الأعمال التي أمهرت بأسمك إبتداء من مسرحية " الحضيض " إلى " أمرأتان " .... ألا ترى بأن هذا السؤال بحاجة إلى إجابة ؟
الزروق :- يبدو بأن ثمة قاسم مشترك يجمعني بخدوجة فهي أيضاً مسكونة بالعمل ، وتقاتل من أجل صناعة عملها بكل ماتملك ، وفي كثير من الأحيان تمثل الحافز الحقيقي للعمل . خدوجة تمتلك العديد من الصفات الجيدة ولا تشعرك بالموات جنبها ، فهي انسانة وهبت حياتها لهذا المجال وتمتلك الصدق والإجتهاد .... ربما نتقاسم انا وخدوجة حب العمل فمن خلالها حاولت تقديم المراءة كشخصية رئيسية في العمل كما تشعرك بقيمة الفن ... خدوجة تمتلك هذا الهم .
* :- لطفية إبراهيم تمتلك أيضاً هذه الخاصية .
الزروق :- نعم .... دونما شك .... مع أحترامي لكل الزميلات .. أشير هنا أيضاً أن العمل مع " هدى عبداللطيف " ممتع وشيق فهي تحترم العمل المسرحي إلى حدّ العشق .. لأنها من الممثلاث التي تشعرك بأهمية ماتعمل .
* : شغلت أخيراً إدارة مكتب المسرح والخيالة باللجنة الشعبية للثقافة والإعلام بشعبية طرابلس .... هل ثمة مشاريع جديدة تحاول التأكيد عليها من خلال هذا الموقع ؟
الزروق :- لن يكون هناك مسرح بدون مشروع ثقافي متكامل .... وأن الدراما الليبية لا تعني إلا الكاتب الليبي ... وأننا لن نستطيع أستيراد كاتباً يقص علينا دقائق حياتنا . وبهذه المناسبة ستقام " أيام طرابلس المسرحية " إبتداء من يوم 15/6/2005 م تحت شعار " دورة الكاتب الليبي " . تأكيدا على ليبية النص .... ومن باب التذكير حاولنا ارساء قواعد تدريبية تاهيلية للفنانيين من خلال دورة " التنكر والمكياج " في المركز العالي للمهن المسرحية والموسيقية . تتبعه دورات في جميع التخصصات حتى نصل للإكتفاء الذاتي للفرق الأهلية التي تفتقد للعديد من التخصصات .
* عبدالله الزروق مواليد الخمس 9/3/1952 م
- مخرج مرئي ومسرحي وسينمائي .
- كتب العديد من الأعمال المسرحية والمرئية والسينمائية .
- مؤسس لأول نادي سينمائي 1968
- خريج الأكادمية المركزية لفنون السينما والدراما –لندن
- خريج مدرسة "اوفرسيس فلم " – لندن.
- درس في معهد التمثيل والموسيقى سنة 1968 م .
- شارك في العديد من المهرجانات والفعاليات العربية والدولية والمحلية .
- نال العديد من الجوائز والتكريمات داخل وخارج ليبيا .
** ممثلة مسرحية في فترة الستينيات من القرن الماضي تمتلك حضوراٍٍٍ وقدرة على المسرح ، لما تتمتع به من موهبة إستثنائية ، وشخصية ساحرة تجيد الكتابة والقراءة و تكتب الخاطرة في وقت تسوده الأمية في المجتمع النسائي ، لقبت بالسيدة الأولى " بريما لوردا " قامت بدور " السكرتيرة " في مسرحية العسل المر .. عن عبدالله الزروق .
*** خلف الأ زهر ابوبكر حميد في إدارة الفرقة " حسن عثمان " ومن بعده " نوري المكي " .
علي القبلاوي *
الأحتراف المبكر
" الأن سنبداء مشوار الألف ميل بهذه الخطوة المتمثلة في فرقة " المسرح القومي " التي تمثل ليبيا لتجسد روائعاً من المسرح العالمي والإنساني " . بهذه الكلمات أفتتح وزير الأعلام والثقافة في ذلك الوقت د. " خليفة التليسي " سنة 1966 م " فرقة المسرح القومي " التي كان نواتها عشرة مبدعين منهم " الطاهر القبايلي ، عمران المدنيني ، رمضان نصير ، صبحي المجراب ، محمد شرف الدين ، مختار الأسود ، خدوجة تكيتك ، بشير المبروك ، علي القبلاوي " بإدارة الفنان شعبان القبلاوي .
لم تكن بداية " علي القبلاوي " كباقي زملائه متمرساً في الفرق الأهلية التي يلجاء إليها المواهب للتعبير عن أنفسهم من خلالها بأستثناء عمل يتيم قدمه عند أنضمامه لفرقة المسرح الجديد بإدارة د. " أحمد ابراهيم الفقيه " مع " محمد عبدو الفوراوي " هو مسرحية " الأسطى خربوشة " سنة 1964 م . أتيحت له بعد ذلك فرصة الانضمام لبرنامج " ركن الهواة " الذي كان يقدمه الفنان " كاظم نديم " بقصيدة " الزوج القاتل " التي مهدت له الأنتساب لقسم التمثيل " بالأذاعة الليبية " مرجعاً الفضل في خطواته الأولى للفنان " عمران راغب المدنيني " والأستاذ " محمد عبدالعزيز العقربي " . في سن مبكرة وهو لم يتجاوز عمره الثامن عشر تقدم " القبلاوي " لإمتحان القبول أمام لجنة مكونة من " شعبان القبلاوي ، محمد العقربي ، عبدالحميد المجراب ، سعيد السراج ، عبدالله القويري ، محمد حقيق " بمسرح الغزالة بمقطع من مسرحية " الدكتور فاوست " قدمه له " عبدالله الدناع " . بعد تجاوزه لامتحان لجنة القبول أعتمد "علي القبلاوي " ليكون بذلك أصغر ممثل رائد في عضوية " المسرح القومي " موثقاً مشواره الأبداعي على مدى أربعين عاماً بأكثر من ستين عملاً كلهم تحت مظلة " المسرح القومي _ الوطني / طرابلس " ..
القبلاوي :- .. باستثناء أربعة أعمال تعاونت فيها مع فرق أهلية . بعد عمل " الأسطى خربوشة " للجديد ، عملت مع " الفرقة القومية " في مسرحيتين هما " اللي تظنه موسى " للاستاذ مصطفى الأمير ، و" بين يوم وليلة " للأستاذ الأمير ومن أخراج د . " حسن قرفال " . وأخيراً " قصة حديقة الحيوان " تأليف " أدوارد ألبي " وأخراج " محمد العلاقي " لفرقة المسرح الحر " ..
*:- كيف كانت بداياتك مع " المسرح القومي " ؟.
القبلاوي :- بدأنا التدريبات على مسرحية " عطيل " ل " وليم شكسبير " من أخراج " العقربي " التي أعتبرها دورة حقيقية لي .. مع الأسف لم يكتب لها العرض بعد بسبب وفاة الأستاذ " العقربي " ولم يكتب لها العرض أيضاً حتى بعدما تبناها المخرج المصري " زين العشماوي " واحضار كل مستلزماتها من " ايطاليا " وبهذا كانت باكورة أنتاج المسرح القومي " حسناء قورينا " من أخراج " خالد مصطفى خشيم " وترجمة د . " علي فهمي خشيم " التي شاركنا بها في مهرجان المغرب العربي بمدينة الحمامات بتونس سنة 1968 م وفي نفس المهرجان شاركت الفرقة القومية بمسرحية " حلم الجعانين " لشرف الدين . كما شاركنا في المهرجان الأفريقي بالجزائر بمسرحية " راشمون " للأمين ناصف .
* :- هل تستطيع أن تحدد أهم ملامح " الأمين ناصف " أثناء العمل ؟
القبلاوي :- الأستاذ " الامين " رحمه الله كان مثقفاً و صبوراً و يمتلك مخيلة خصبة كما يمتلك الشفافية العالية وسعة البال ورحابته .. يؤمن بالكيف ... تعلمت منه الكثير . كنا نطلق عليه لقب " ملك المايك " في الأذاعة المسموعة . . كان حلمه قبل الوفاة تنفيذ عمل من تأليف الأستاذ " مصطفى الأمير " . " الأمين " يعد خسارة كبيرة للمسرح الليبي .... قدمت معه أيضاً " الزير سالم " . بعدها أتيحت لي فرصة الذهاب لدورة تدريبية في القاهرة بفرقة " المسرح القومي المصري " بإدارة الأستاذ " نبيل الألفي " .
* :- ماذا قدمت لك هذه الدورة ؟
القبلاوي :- كانت فرقة المسرح القومي تضم أهم رموز المسرح المصري " سناء جميل ، سميحة أيوب ، محمد الدفراوي ، محمد عبدالسلام ، توفيق الدقن ، صلاح قابيل ، محمود الحديني " الذين تربطني بهم علاقة ود وتعلمت منهم الكثير أهمها الألتزام والأنصهار في العمل ... طبعاً تعرفت على الفنان " يوسف وهبي " وكنت قد شاهدت له أعماله في بدايات الستينيات من القرن الماضي أثناء مجيئه الى ليبيا ... في الفترة التي كنت فيها في القاهرة أشتركت في سهرة مرئية صحبة الفنان الليبي " محمد نجم " وهو المطرب " عبدالوهاب محمد " من انتاج التلفزيون المصري إخراج " محمد فاضل " بمساعدة " زوجته في ذلك الوقت " أنعام محمد علي " وتاليف الدكتور" أحمد ابراهيم الفقيه " ، بطولة " فردوس عبدالحميد " .
* :- المسرح الوطني في نهاية الستينيات من القرن الماضي الى نهاية السبعينيات كان المؤشر الذي يقاس به الحركة المسرحية في طرابلس وربما في ليبيا لأهمية الأعمال التي قدمها وأهمية أعضائه .... هل تستطيع تفسير سبب الركود الكيفي والكمي الذي اعتراء هذه المؤسسة ... الأمر الذي أنعكس على بقية الفرق ؟
القبلاوي :- نعم المسرح مر في هذه الفترة بكساد حرمنا فيها على مدى أربعة عشر عاما من المشاركة في مهرجانات خارجية ... ربما المسؤول في الفترة السابقة كان أكثر وعياً لأهمية المسرح .
* :- منذ سنتين وأنت على رأس إدارة فرقة المسرح الوطني أنتجت خلالها ست أعمال مسرحية _ هنا انا اتكلم على الكم _ هل تعلم بأن هذا يعد أقل أنتاج في العالم إذا ما قورن بمسارح وطنية ؟
القبلاوي :- نعم هذا صحيح وهذا ينعكس حتى على الأنتاج المرئي .... أنا أخذت دورة في ألمانيا في فرقة " لاندس تياتر " وهي فرقة متنقلة كانت الأجندة تتسع لعشرة أعمال في السنة بأستثنا شهري إجازة وتحضير ، علماً بأن هذه الأجندة تعتمد الأستبيانات وحسب متطلبات الجمهورالمشاهد لهذه الأعمال من مسرح كلاسيكي أو أجتماعي أو تجريبي .
*:- ألا تعتقد بأن الإدارة التي تشرف على المؤسسات الثقافية تتحمل تبعية هذا الركود ؟
القبلاوي :- أنا أختلف معك في هذا الراي . المسألة تتعلق بحركة مجتمع متكاملة وأحتياجات هذا المجتمع ... ربما يرى المتلقي بأن جلوسه بالبيت ومشاهدة المرئية أكثر جدوى من حضوره أعمال مسرحية .
* :- أنت تعلم بأن هناك متلقي متابعاً للحركة المسرحية كما تقر بوجود مبدع صانع لهذه الحركة .... انا أسأل على ركود دام لأكثر من عشرين أو ثلاثين سنة ... هل هذا نتاجه قلة الدعم المادي ؟ .
القبلاوي :- نعم هذا أحد الأسباب .... لايعقل بأنه لايوجد الى الأن قاعة صالحة لعرض مسرحي بالشروط المتفق عليها ..... رغم هذا فأن الفرص المتاحة في ليبيا لا توجد في العالم . ما الذي يمنع الفرق الأهلية من الأنتاج كما كانت من قبل وبدون أي دعم من الدولة وعلى نفقة المبدعين الخاصة .
* :- في تلك الفترة كانت أغلب الأعمال واقعية ومتطلبات هذه الأعمال بسيطة .... انت الأن على رأس إدارة هذه الفرقة هل تحمل أجندة عمل للسنوات القادمة ؟ وهل تعتقد بأن أعضاء هذه الفرقة جديرون بأسم المسرح الوطني ؟ .
القبلاوي :- مع الأسف لا ... فقط أستطيع الأعتماد على عشرين عضو والباقون غير جديرون بالأنضمام لهذه الفرقة ... تم تمكين حوالي ثلاثين عضوبالمسرح لسنا بحاجة لخدماتهم .
*:- وقتها كنت عضواً في اللجنة التي قبلت هؤلاء الأعضاء .
القبلاوي :- لم استطع منع هذا القرار . طلب منا تمكينهم الى حين إيجاد المكان المناسب لهم .
وقد قمت بمراسالات بهذا الشان وصلت الى أمين الثقافة .
*:- هل أنت متفائل باستحداث أمانة للثقافة ؟
القبلاوي :- وجود أمانة للثقافة يدعو للتفائل ونحن الأن متعاونون بشكل صحي مع هذه الأمانة وإداراتها التي تشرف الأن على صيانة المسرح .
* :- الم تضع خطة لتقوية الأعضاء من خلال دورات تدريبية او دراسات أو بعثات ؟
القبلاوي :- نعم راسلت الجهات المعنية وتم الأتفاق معهم . ونحن في أنتظار نتائج هذه المراسلات . علماً بأن هذه المبادرة جاءت من أمين الثقافة ... منذ أيام الهيئة العامة للمسرح لم يتم أيفاد أي عضو في دراسة أو دورة .
* :- ألم تحاول مد جسور التعاون بين فرق وطنية عربية أو عالمية ؟
القبلاوي :- انا غير قادر على تحمل تبعية ما ينتج على هذا التعاون .. فانا ليس لدي القرار لمثل هذا التعاون . فالمسرح لايملك ميزانية لتعاون من هذا النوع في الوقت الذي أعجز فيه على صرف مكافاءة أربع سنوات نضير أعمال قدمت .
* :- أنا أريد ان أعرف مكمن هذا التفائل .
القبلاوي :- دائما أعتمد الأمل والحلم الذان يعدان من سمات المبدع .
* :- من من المخرجين الذين ترتاح بوقوفك امامهم ؟.
القبلاوي :- " الأمين ناصف " ضمن المخرجين الذين شعرت بأرتياح تام للعمل معهم ... لقد عملت مع أغلب المخرجين . لقد عملت مع " محمد القمودي " الذي كانت له تجارب مهمة لولا الأنقطاع الطويل .. " عبدالله الزروق " مبدع مجتهد يتمتع بخيال جميل والأن يوجد تعاون بيننا من خلال مسرحية اللعبة " التي أعدها " الزروق " عن " قطة على سطح من الصفيح الساخن " ل " تنسي وليامز " ... " محمد العلاقي " له بصمته الخاصة . تعاملت في أعمالي الأخيرة مع المخرج " فتحي كحلول " .
* :- الممثلين الذين ترتاح بالوقوف أمامهم ؟ .
القبلاوي :- أنا أرتاح جداً للفنان " عياد الزليطني " ، ياسرني أداء " صالح قراد " . تعد الفنانة لطفية أبراهيم " قيمة فنية لن تتكرر . هذه الأنسانة تمتلك الحضور وسرعة البديهة والموهبة لا أعرف عنصر نسائي بهذه القوة على المسرح .. فنانة بمعنى الكلمة .
*:- قدمت تجربتين متباعدتين زمنياً في الأخرج المسرحي .. مسرحية " رقية " عن " مريض الوهم " ل" موليير " . ومسرحية " علاش ماتعدلش " للمرحوم " الأزهر أبوبكر حميد " كيف تقيم تجربتك كمخرج ؟
القبلاوي :- أرى بأن هناك نوعين من المخرجين . ثمة المخرج ( الأستاذ / المعلم ) مثل " الأمين ناصف " وثمة المخرج الذي يعتمد على الممثل وحدسه الخاص في توزيعه للممثلين بدقة . أنا أعتمدت على الممثل وقدرة الممثل ، ففي مسرحية " رقية " أعتمدت على قدرة " لطفية ابراهيم ، وعياد الزليطني " وفي " علاش ماتعدلش " أعتمدت على قدرة " عبدالله الشاوش " وموهبة " صلاح الأحمر ، وعيسى بلقاسم ، ومحمد ميلاد " . هذان العملان واقعيان ولم أعتمد أي قراءة أخرى ... حاولت أثناء تواجدي بالقاهرة العمل مع الكاتب " ميخائيل رومان " وبالفعل تم الأتفاق مع على أعداد مسرحية " جيفارا " وأسقاطها على أحداث الشرق الأوسط وبالفعل تم هذا الأمر باستبدال شخصية " جيفارا " بشهداء الأرض المحتلة " كمال عدوان ، وكمال ناصر " ولكن حالت قلة الأمكانيات دون أتمام هذا المشروع .
* :- المسرح الوطني الأن في حالة صيانة للمبنى ... ألم تفكر في مقر أخر الى حين تجهيز المقر ؟
القبلاوي :- سننتقل هذه الفترة الى مسرح الخضراء للشروع في تدريبات العمل الذي يخرجه " عبدالعزيز الحضيري " وهو مخرج سبق وتعاون مع المسرح الوطني وله دراية بضروفه وإمكانياته ؟
* :- أليس من المخجل بعد تأسيس المسرح الوطني بأربعين سنة والمسرح يشكو من تواضع الأمكانيات ؟
القبلاوي :- نعم مخجل ... هذه الحقيقة ... لقد عملنا بجد وبتحايل على الضروف وقدمنا ثلاث تضاهرت مسرحية لأيام طرابلس المسرحية والأن قادمين على الرابعة ولم تصرف أي مكافاءة للأعمال منذ سنة 2000 م .
* :- أريد معرفة ماذا تعني لك كلمة متفائل ؟
القبلاوي :- " نقولوا أنشالله " سبق وقلت بأن الأمل زاد المبدع .
* :- ماذا تقول على تأسيس الفرقة الوطنية ... علماً بأنك كنت أحد المتحمسين لأنشاء هذه الفرقة ؟
القبلاوي :- انا لم اكن متحمساً لها منذ البداية ..... بهذا الشان أقول طالما تم تأسيس المسرح القومي سنة 1966 م برعاية الدكتور " خليفة التليسي " الذي مارس مهامه بجدارة وبمكابدة _ أي المسرح _ رغم الركود الذي ساده في فترات مسيرته الأبداعيه . ارى بأنه لاجدوى من إنشاء فرقة وطنية تحمل نفس التوجه بل من الأجدى دعمه مادياً ومعنوياً علماً بأن هذا الكيان مفتوحا لكل المبدعين في ليبيا .
* :- ماهي أجندة المسرح الوطني القادمة ؟
القبلاوي :- الأن سندخل بعمل ل " عبدالعزيز الحضيري " وعمل من أخراج د . حسن قرفال .... كما أدعوك بالأستعداد للدخول بعملك القادم وسنحتمل بعضنا وسنصل الى صيغة ترضي الجميع وأعدك بأنه لن تحدث الأرباكات التي حدتث في مسرحية " السعداء " .
علي علي القبلاوي
مواليد المدينة القديمة بزنقة " سوق الحرارة 1949 م في " حوش شايب العين " رقم " 17".
كلام نساوين ....
حكاية نساء
" كلام نساوين " النص الغير مكتمل ل"منصور أبوشناف" فالمسرحية قسمها الكاتب إلى تسع لوحات، كل لوحة تحمل أسم بطلتها، " خد يجة الأولى ، والثانية والثالثة. مبروكة الأولى ، والثانية والثالثة . فوزية الأولى والثانية والثالثة ". أنجز منها المؤلف خمس لوحات حيث توقف عند مبروكة الثانية . هذا النص الذي تعامل معه المخرج " محمد الصادق " .
النص يحكي سيرة ثلاث أخوات عشن في أزمان مختلفة، أو ثلاث مراحل تاريخية. فكل منهن تمثل أفكار وتقاليد المرحلة التي تعيشها ، عهد الترك والطليان الذي تمثله" خديجة" الابنة الكبرى ، وجيل الرائدات اللواتي اقتحمن العديد من المجالات رغم القيود الاجتماعية القاسية الذي تمثله الابنة الوسطى " مبروكة " التي اختارت مجال التمثيل في المسرح . والجيل الحاضر الذي تمثله " فوزية " التي لم نتعرف على مهنتها هل هي طالبة أو موظفة أم عاطلة ؟ فلا يوجد في النص أي ملامح لأبعاد هذه الشخصية ، فالكاتب لم يكتب الجزء الخاص لهذه الشخصية حسب تقسيمه الذي أشرت إليه آنفا . إضافة لشخصية " الأب " الذي يمثل المراحل الثلاثة فطريقة التعامل مع بناته متفاوتة ، في الوقت الذي يسجن فيه الكبرى" خديجة" في البيت مانعا عنها نور الشمس ، هو نفسه الذي نراه يترك الابنة الوسطى " مبروكة " تمتهن مهنة التمثيل ، ونراه غير حاضر عند الابنة الصغرى " فوزية " تاركا لها المجال واسعاً مع مواعيدها الغرامية أو هذا ما لمسناه . ربما يكون هذا السبب الذي جعل الكاتب يترك شخصية " الأب" بدون اسم ، بهذه الطريقة لعب الكاتب على فكرة (الزمن والمكان) عندما ترك شخصيتي " الأب والمطرب " مطاطيتين بجعلهما أداتي ربط بين هذه الأزمنة والأمكنة عن طريق" التحوّل ". نستطيع القول بأن الأب شانه شان كل الشخصيات في المسرحية يتغيّر ويتحوّل زمانياً ومكانياً مع كل شخصية " الأب الأول ، والثاني ، والثالث " وأحياناً يعطينا إيحاء بأنه "أب" لكل البنات الذي يمثل السلطة الاجتماعية ، و تحوّله إلى "فقيه" ليمثل السلطة الدينية . هذه الفكرة تسري أيضا على " الموزيقانتي، المطرب، الشاعر الشعبي" دونما أن يسبغ عليهم الكاتب أسماء .
أما الشخصيات النسائية فتحمل كل منهم زمنها التي عاشت فيه ماعدا شخصية الممثلة " مبروكة " التي أعطت مساحة مبررة لفتح مجال أرحب للنص، فمن خلالها_ المهنة _جسدت الكثير من المشاهد، وعمقت الكثير من الشخصيات بحضورها، وكانت دعماً حقيقيا لتكريس الفكرة التي يسعى إليها المؤلف. فدونما شك ستكون المساحة أضيق لو تم اختيار أي مهنة أخرى مثل " مدرسة أو موظفة " ومن خلالها أيضا جذر الكاتب فكرته عندما وظف مشهد من أهم المشاهد المسرحية في تاريخ المسرح العالمي الذي ينادي بحرية المراءة والدفاع عنها وهو المشهد الأخير ل" نورا " من مسرحية " بيت الدمية " ل" هنريك ابسن " لتتحد فيه "الممثلة والشخصية" وأحياناً نراها تكوّن صلة تقارب بين الشخصية الفنية والشخصية الواقعية .ومازالت هذه الشخصية تحتمل الكثير لإثراء هذا العمل لو عكف الكاتب على إكمال مسرحيته . .
وأخيراً الشخصية الغائبة الحاضرة وهي شخصية" الأم" التي لا نراها في النص إلا من خلال الأغنية المؤثرة المتكررة التي تترنم بها الشقيقات عند أي أزمة " يا ميما وين مشيتي" كأنما تشير إلى سلطة الأب وتغييبه لدور الأم تاركا لها دور الخادمة، وأيضاً تشير إلى الفراغ الذي تركته الأم ، وعن لسان " خديجة " التي تسير على خطى أمها كل ما ضاقت بها الدنيا تهرب إلى الغزل " قالتلي أمي اغزلي لما تتضايقي " كما كانت أمها تهرب إلى" الدخان والشاهي" يرد ذكرها عندما يرفض الأب أحد خطابها" بوي كان راجل ..اللي تقوله آمي ولا نقوله أنا يقول عليه.. كلام نساوين " المرة الوحيدة التي ذكرت فيها الأم " كجلاد" أو أداة في يد الأب تتمثل في هذا المقطع من الحوار على لسان خديجة: " وانا صغيرة زرني كلب ، طلقاته أمي ونشّاته وقالتله أنتشها في عراقيبها ... وجريت والكلب وراي... وطبنجة بوي وراي " وهو إشارة للقهر المزدوج من الأب والأم التي تنقلب إلى جلاد عندما تحاول أن تنفذ نواميس سيد البيت . أما على لسان الأب فدائما يرد ذكر الأم بشكل سلبي فهو يصب جام غضبه على الأم إذا ما خرجت خديجة على تقاليده التي سنها في البيت ، وعن طريق أصوات أطفال في فصل دراسي " هذه أمي .. أمي تغسل .. أمي تطبخ ..هذه جدتي .. جدتي تحكي " .
المساحة الأخرى التي قدمها الكاتب للنص وهي تقنية "المسرح داخل المسرح، أو المسرح في قلب المسرح" مستفيدا من " السدة بالكلة " لتوظيفها كمكان تدور فيه الكثير من الأحداث جاعلاً منها مسرحاً صغيرا وهي فكرة أثرت بنية النص وخدمت فكرة الزمان والمكان .
يستهل مخرج المسرحية " محمد الصادق " قبل فتح إضاءة المشهد بمقدمة موسيقية لأغنية " يطق القلب ومجور عليا" للمرحوم " نوري كمال" تتبعها أهزوجة شعبية من التراث . لنرى بعدها المنظر الذي صممه الفنان التشكيلي " عادل جربوع " وهو عبارة عن " سدة بالكلة وكرسي " في أعلى وسط المسرح ، وتشكيل في اسفل يمين الخشبة كإشارة " للمسدة " ، مع مجسم ل" زيانة" ومستويات لمقاعد على شكل شفاه ضاحكة في أ سفل يسار الخشبة مع مفردات صغيرة على شكل " قرون فلفل " تتكرر في " الكلة" وفي " الزيانة" ، هذه المفردات استلهمها من التراث الشعبي الليبي ، تاركاً وسط المسرح خال تماماً. المجهود واضح في التكوين الذي كوّن منه " المسدة" فبشافية عالية استلهم هذا التكوين من مجموعة أشكال وأنوع للمسدة مكونا منه تكوينا مخالفا يعطي إيحاء للمسدة لا تخطئه العين . دلالات " قرون الفلفل " جنحت إلى المباشرة والتقريرية ففي التراث الشعبي الكثير من المفردات الذكورية لها علاقة بالعناصر التي استلهمها، ربما ستكون أكثر عمقاً وجمالا ً وأكثر تاثير من إدخال مفردة غريبة على التكوين. وأيضا كرسي اللدائن الذي تم إدخاله على " السدة بالكلة"، كان بإمكانه تصميم كرسي تقليدي أو معاصر ينسجم مع التكوين " الهرموني العام للمنظر". أهمل مهندس المنظر روح المعاصرة في النص فالنص يحكي سيرة أجيال، معتمداً مفرداته من التراث فقط . فالمنظر بشكل عام متوازن لا يخلو من الجمال، بالذات العرض الذي شاهدته في مدينة "شحات ". فالعرض الذي تم في مسرح الفكر القومي جاء بعجالة مما اضطر مهندس المناظر تغطية بعض عيوب قاعة العرض،، الذي كان ضحيتها جمالية المنظر العامة .
يدخل " محمد الصادق " في مغامرة نص غير مكتمل محاولاً عن طريق أدواته الإخراجية ترتيق أبعاد بعض الشخصيات، بالذات شخصية فوزية " أينور فتحي " التي تعامل معها المخرج من خلال أبعادها الخارجية كفتاة معاصرة بتزويدها " بنقال" وهي المفردة الأكثر وضوحاً في العرض كدلالة على معاصرة النص . إقحامها في المشهد الأول وهي تحمل نقال في حوار خديجة " عبير الترهوني" كان كفيل بإضاعة المشهد لولا سيطرة " عبير الترهوني " على أدائها في هذا المشهد . فتوقيت تقديمها ما يزال مبكراً بعد مشهدها هي ومبروكة " ياسمين الو رفلي" في بداية المشهد. قدمها المخرج شخصية بدون ملامح
ولا تحمل أي قضية أو همّ . محاولته بتحميلها بعض الحوارات من شخصيات المسرحية مثل حوار مبروكة " ياسمين الورفلي" عن سناء محيدلي الذي أحاله المخرج إلى فوزية " اينور فتحي " التي لا تحمل أي همّ محلي ولا دولي . بينما نراه _ أي المخرج _ استطاع أن يخلق من الشخصية الكثير من الجماليات والتكوينات الجماعية عندما تكون بصحبة" خديجة ومبروكة" وبقية الفريق في هذه الحالة جعل وجودها حقيقي ومبرر ،كما أستثمر صوتها لدعم المشاهد ببعض الجمل الغنائية بعضها مدروس بعناية والبعض مقحم في المشاهد ، ثنائية العشيق والفتاة لم تدرس بعناية رغم تقبل الصالة لها ساهمت في تسطيح الشخصية .
أريد أن أقول بأن المخرج حاول جاهداً إعطاء ملمح ومكان لشخصية بدون ملامح في النص الغير المكتمل رغم هذا فمجهوده البصري حيال هذه الشخصية ينسجم في الكثير من المشاهد مع الرؤية العامة للعرض . إحساس المخرج بالفراغ _ ربما يكون مرده نص غير مكتمل_ جعله يضيف شخصيتن للعمل. عازف " الدربوكة " وعازف " الزكرة " لتوظيفهما في مشهدي "العرس" و " الحضرة " مما سبب الكثير من الإرباك للحركة داخل المشهد. خاصة عندما نعرف بأن المخرج لديه فريق يملك الحضور الجماعي للقيام وبإتقان هذا النوع من المشاهد، مثلما شاهدناه في اللوحة الثالثة عندما عمل الفريق على مفردتي " بف_بردف" إضافة للمشهد الختامي للمسرحية . تم اختيار دمية الرجل على شكل مجسم عرض من مادة اللداين، ربما سيكون أكثر حيوية لو تم اختيار المادة من القماش وإعطائنا تمهيداً يوحي بمشاركة الأخوات الثلاث في نسجها لإيجاد مبرر للصراع الذي دار بين الأخوات حول هذه" الدمية" التي شاركن في خلقها .لم يتم استغلال الإضاءة بشكل يخدم النص خاصة مواقع الإظلام بين المشاهد فلا يوجد مبرر يجعل المخرج يلجاء الى الإظلام مثل تغيير المنظر فصو ت" الرحاء " الذي ينبعث من جهاز الصوت قام بمهمة الإنتقال من حالة إلى أخرى . استخدم الإضاءة بشكل دقيق في المشهد الختامي للوحة الرابعة عندما ركز الإضاءة على " السدة بالكلة " وخديجة"عبير الترهوني " المشهد الذي استبدل به المخرج مشهد الفصل الدراسي الذي يحكي على الأم بإهزوجة شعبية بأداء " فرج عبدالكريم " و" عبدالسلام الهواري" تذكر فضائل الأم، فكان المشهد أكثر تأثيراً من أصوات تلاميذ تنبعث من جهاز للصوت كما يذكر النص. لم يشتغل " محمد الصادق" على مشهد" بيت الدمية" بإمكانه الرجوع للمسرحية الأصلية ليتناول الجزء الأخير من نهاية المسرحية بين" هلمر و نورا" والتركيز على صفقة الباب الصفقة التي أثارت ضجة في المسرح العالمي. فالمشهد كان عابر وأداء الممثلة متواضعاً بالنسبة لشخصية مسرحية معروفة مثل "نورا" .
سأتوقف عند الممثل الذي جسد دور المطرب " فرج عبدالكريم " الذي يمتلك حضور وحيوية مسرحية لا نجدها عند الكثيرين من الممثلين الشباب كما يملك القدرة على الانتقال من حالة الى أخرى بسهولة نأمل من الممثل" فرج عبدالكريم" أن يعي هذه القدرة ويطورها وينميها بوعي ، فمن خلال العرض نلاحظ التناغم بينه وبين المخرج فكان "فرج" وهو الذي يقود المجموعة أشبه بالمايسترو للفريق بالذات في المشاهد الجماعية . " عبدالسلام الهواري " في دور الأب كوّن تنائيا متجانسا مع زميله" فرج عبدالكريمً" قدرة فرج وعبدالسلام هي التي أنقذت العناصر النسائية في العمل. نلاحظ الفرق بين المشاهد الجماعية والمشاهد الفردية للممثلات ، فمجهود "عبير الترهوني " واضح لولا التذبذب في قراءتها للشخصية فأحيانا تعطينا إحساس بأن شخصية "خديجة " شخصية معتوهة ، وأحيانا تجنح لإرضاء الجمهور فالمتفرج ليس دائماً على حق.
يعتبر هذا العمل الرابع للممثل المخرج " محمد الصادق" بعد " الضباب" و"شابن هذوب الليل" و"شيع وطي" و"محمد " يمتلك القدرة لخلق كم من المفردات البصرية ف"كلام نساوين" من الأعمال المسرحية الجميلة والممتعة التي شاهدتها في الفترة الأخيرة .
أخيراً اشكر كل الفريق الذين ساهموا في إنجاز هذا العمل كما أشكر إدارة مسرح الفكر القومي.
مشاركتان في دورة واحدة لمهرجان القاهرة التجريبي "2002 "
" قطار الموت وسرحان "
* من اعداد وإخراج " فتحي كحلول " قدم المسرح الوطني طرابلس على المسرح العائم الكبير بالمنيل مسرحية (قطار الموت) المأخوذة عن مسرحية( العائلة توت) للمجري " اشتفان اوركني " العمل كان ضمن الأعمال المصاحبة للمهرجان .. ولأن الحديث عن عمل لم تتجاوز فترة تدريباته الشهر يعتبر تجنياً عليه، بالإضافة إلى قاعة العرض الصيفية التي لم تتوافر فيها شروط العرض جعلتني اكتفي بانطباع عن العرض مع الأخذ بالاعتبار كل هذه التفاصيل .... الحكاية تقول إن عائلة تتكون من أربعة أفراد الأب توت ورجل المطافي (علي القبلاوي) وزوجته مريم(منيرة الغرياني) وابنتهما نورا ُ(ثريا محمد) ت نعم بالإقامة بإحدى القرى الجبلية حيث الهواء النقي والسكون والراحة، وبمنأى عن لهيب الحرب المشتعلة على الجبهة ، لا يكدر صفو العائلة الصغيرة سوى ابنها المجنَد آدم ، التي تترقب أخباره بفارغ الصبر من ساعي البريد(مهيبة نجيب)وما تجود به من رسائل ،ولأن ساعي البريد تحب الأعداد الزوجية و بالتالي تحب هذه الأسرة حتى لو تطلب الأمر لتغيير فحوى الرسائل، وبالفعل تتلقى الأسرة رسالة من الابن يخبرها فيها إن الكوماندا(محمد الطاهر) المسؤول على كتيبته سوف يقوم بزيارة استرخاء إلى القريه لإراحة أعصابه من أهوال الحرب ، ويجدد الابن تأكيده على توفير الهدؤ للكوماندا، للتغلب على الأرق الذي أصابه في ساحة القتال...تستنفر الأسرة كل إمكاناتها لإحالة بيتها إلى جنة للقادم المبجل ، ولم تكتفي بهذا بل لجأت لجيرانها لمساعدتها على توفير الراحة والهدؤ ولإقامة استقبال يليق بمكانته من اجل ابنها الوحيد الذي سيلقى الرعاية من قبل " الكوماندا" إذا ما نجحت في إرضائه طيلة إقامته معها ... وبالفعل يدخل " الكوماندا" البيت الهادئ ليعيد صياغته ونسقه، وليحيل الأسرة إلى فصيل عسكري يمارس عليه تشوهاته وتسلطه، ولينقل الجبهة الى هذا البيت الأمن ... حالة من الطوارئ القصوى تعيشها الأسرة وهي تتفانى في تنفيذ أوامره أملاً في سلامة ابنها الوحيد الذي تكمن سلامته في إرضاء " الكوماندا" ...بإستتناء رب الأسرة الذي يجد صعوبة في الامتثال لأوامره التي تحرمه من ابسط عاداته، التمطيء والتتأؤب، بل وفرض عليه تنكيس قبعة المطافئ التي بمثابة شرفا لكيانه المهني إضافة إلى حرمانه من النوم . ..الكاتب هنا حاول ان ينقل حالة الهلع التي أصابت الشعوب إبان الحرب العالمية الثانية وأيضا حالة الرعب التي يعيشها العسكر فالكل هنا ضحايا ... تنتهي المسرحية بقتل " الكوماندا " على يد الأب " توت " لتسدل بعبارة مؤثرة من الأم (ولدي.. يا ولدي الصغير الحبيب) كإشارة إلى موت آخر آمل للأسرة ، ولكن المعد " فتحي كحلول " غير الجملة ب: ( ليرعاك الله يإبننا الوحيد) كإشارة منه لبارقة آمل في حياة الابن... لا ننسى إن المعد المخرج ابتكر ثلاث شخصيات ليقول من خلالهم خطابه الخاص " علي الشول، عيسى أبو القاسم، صلاح الأحمر " الذين يشكلون خطابا موازيا للحدث أحيانا بالمشاهد القصيرة والأغاني، و أحيانا يدخلون في صلب الحدث كالتقاطة ذكية من المخرج المعد عندما زرع مجموعة كوماندات داخل بيت توت عن طريق الثلاثي. كان بإمكان المعد آن يدمج( ساعي البريد) التي_ اي الممثلة _ تخبرنا بالحدث قبل حدوثه مثل قدوم " الكوماندا " ، وموت الابن، وأيضا بالإضافة إلى مشاركتها في الحدث فمهمتهم أي الثلاثي " علي، صلاح ،عيسى " مع( ساعي البريد) " مهيبة نجيب " يقومون بمهمة الجوقة ( الكورس) بالمفهوم الأرسطي...أنا شخصيا مع فكرة الاختزال والتكثيف في هذه الحالة ، وأيضا ابتكر المخرج شخصية بديل الكوماندا (فوزي برباش) الذي نراه في الخلفية أثناء غياب " الكوماندا " كإشارة واضحة لهيمنة الكوماندا على المكان.. بالإمكان استعاضته بإحدى أدوات الكوماندا الخاصة أو ملابسه كدلالة لهذه الهيمنة، الديكور كان عبارة عن حالة من الفوضى وهذا ما يقوله النص فعلا ،ولكن يحتاج إلى فوضى مرتبه ومقننه، فمهمة الفن تقديم القبح بصورة لا تخلو من الجمال ،استخدم المخرج (الفيديو بروجكتور) وهذه سابقه ايجابيه تحسب للمخرج، كنا عهدنا هذه التقنية في الحفلات الموسيقية، والحفلات الخاصة، ولم يتم توظيفها في المسرح الليبي، وإن كان بعض المخرجين استخدموا الشريط المرئي والشريط السينمائي.... فهي تتيح لك التركيز على بعض المشاهد أوالشخوص لتبث عبر شاشة في الخلفية لإيصال التعابيرالمراد التأكيد عليها بوضوح للمتلقي . ويبدو لضيق الوقت لم تستثمر هذه التقنية بشكل يسهم في إثراء العرض . لا ادر لماذا كانت قرأه المخرج المادية والنفسية الكوماندا بأنه شخص ذو وجهين_أي تقسيم الوجه نصفين نصف قبيح ونصف جميل_ مع طغيان روح البشاعة شكلا وأداً، علما بأن الطغاة ودودون، حالمون، يضاجعون اجمل النساء ، هادئون وجميلون،يتعطرون بأفخر أنواع العطور ، ويستخدمون اجمل المساحيق، ناعمين ، يتعاطون الشعر والأدب، .. و يطلقون أ حكام الإعدام بسلاسة ونعومة،ورقة،مثلما يردون تحية المساء على عشيقاتهم الأثيرات ... العرض اتكاء على عكازي خبرة " على القبلاوي ، ومحمد الطاهر" وسند بتوهج " مهيبة نجيب، صلاح الأحمر، علي الشول، عيسى أبو القاسم _ الذي أربكته متطلبات الإدارة _منيرة الغرياني،ولأول مرة الإذاعية ثريا محمد " ...الفنيين لم تسعفهم سؤ قاعة العرض لتقديم إمكاناتهم الإبداعيه، " صلاح الهجني، عبد السلام الزنتاني، التنكر فوزي الداكشي " ساعد في الإخراج " فوزي برباش، هدى عبد اللطيف " . ويلاحقني الشك بأن تصميم الديكور ( السينوقرافيا) للفنان " محمد شعبان " كما هو مدرج في الكتيب .
* عز الدين المهدي مخرجاً دؤوباً عرفته من حوالي خمسة عشر سنه شاهدت له اكثر من ستة أو سبعة أعمال ،حاول في هذي السنين جاهداً ليوقد شعلة المسرح في تلك المنطقة الجبلية الساحلية الخلابة،وأيضا أرسى دعائم مهرجان المسرح التجريبي بمدينة البيضاء وهذا إنجاز يهمنا كمسرحيين للاحتفاء به ودعمه.... عز الدين الذي يمثل ليبيا في المسابقة الرسمية بفرقة (المسرح الحديث الجبل الأخضر)، قدم نصا للمغربي المسكيني الصغير(سرحان) يتناول قضية الفلسطيني " بشارة سرحان " الذي اتهم باغتيال السيناتور الأمريكي " روبرت كندي " ، وأيضا مروراً بطغيان " نيرون " وعلاقته بالفيلسوف " سينكا " في روما، بالإضافة إلى مشكلة العبيد وسعيها للإنعتاق ، مسرحية ذات ثلاث مستويات، واذكر إن هذا النص قدم إلي من قبل العزيز " عبد الحفيظ الشريف " كمشروع إخراج في نفس الفرقة ويبدو إن السيد " الشريف " لم يسعفه الحظ لتقديمه... لسؤ حظي لم أتمكن من مشاهدة العرض وأيضا لم أجد متابعة له في نشرة المهرجان سوى متابعتين إحداها للأستاذ " محمد التهامي " رأيت جدوى عدم الاعتماد عليها افضل من ذكرها. لغة " المسكيني الصغير " لغة تقليدية خطابية عفاء عنها الزمن وهذا سؤال للمخرج؟؟ . السؤال الثاني وهو محلي صرف لم نشاهد فريقه الذي اعتمد عليه في مسيرته الفنية!!؟... ما يميز عزالدين في هذا المهرجان اعتماده على الجسد كلغة للعرض.
مهرجانات ... تظاهرات ... أيام مسرحية
حيلتان محليتان …. وحيلة مستوردة وثلاث مهرجانات بدون تعليق !!
منذ المهرجان الوطني الأول للمسرح سنة 1971 م الذي يقام كل سنتين والمسرحيون الليبيون والإداريون يتحايلون لإرساء قواعد ونظم للم الشمل وحسب الموعد يطل علينا المهرجان الوطني الثاني للمسرح سنة 1973 م ليختفي مدة تسع سنوات إلى غاية 1982م الموعد الغير رسمي للمهرجان الوطني الثالث . أثناء هذا الغياب لم يعجز المسرحيون الليبيون والإداريون لتدارك هذا الأمر بنقلة واحدة و "بحيلة لغوية" تم اختراع عنوان "المواسم المسرحية " لكل فرقة. وهي عبارة عن لم شمل مجموعة من الأعمال قدمت في السابق ولا بأس بإضافة عمل جديد ليشد أزر الأعمال القديمة. وبهذه الحيلة تحصل الفرقة على موسم مسرحي قوامه من أسبوعا مسرحياً . وكان سيد هذا الاختراع " المسرح الوطني_ طرابلس" الذي استطاع خلال مسيرته التي تزيد على الثلاثين سنة أن يسد الفراغ بهذه الحيلة اللغوية _ الموسم المسرحي _ ليحقق وبجدارة ثلاث مواسم مسرحية في خلال ثلاثين سنة وهو رقم ليس بالهين مقارنة بالفرق التي حاولت أن تلعب بهذا المصطلح. فمنها من حقق موسمين مسرحيين ومنها من حققت موسماً مسرحياً واحداً .أما بقية الفرق وهي الغالبية العظمى لم تنطل عليها هذه الحيلة و اكتفت بانتظار المهرجانات الرسمية. ولو أن بعض الفرق زودت المتلقي الليبي المتتبع المتعطش للمسرح_ كل حسب استطاعته ببعض الأعمال لعرضها للمتفرج المسرحي وهو عبارة_ أي المتفرج_ عن وجوه مكرورة في كل العروض المسرحية. فالمرء بمجرد أن يحقق ثلاث مشاهدات مسرحية ، لا يبذل جهداً كبيراً للتعرف على هذه الوجوه حتى من خلال تبادل التحايا الممزوجة بالخجل، و قد تتطور هذه التحايا إلى الجلوس مترافقين للاستمتاع بعرض مسرحي وتبادل الآراء وتقاسم الضحك والتصفيق والإعجاب.. والملفت للنظر برغم كثرة الفرق وتباينها الثقافي، والمادي. فهي تتحد في جمهور مسرحي واحد. فالمرء لا يستطيع تمييز متفرج " الفرقة الوطنية " على متفرج " فرقة المسرح الحر " أو"المسرح الجديد". وفي هذه المسألة لم يتميز " المسرح الوطني " أيضا على بقية الفرق المسرحية، فهو أيضا يقدم عروضه لذات المتلقي ونفس المتفرج . رغم التزام هذا المتلقي بالحظور ومسايرة بعض العروض الركيكة والمملة والساذجة والمسطحة والطويلة عن طريق تقديم التهاني لفريق العمل ، إلا أنه لم ينجو من العقاب فبعض الفرق لم تكتفي بتقديم عروض اقل من مستوى الفرجة وعروض ابعد عن الفهم . بل لجأت الى حرمان جمهورها من المشاهدة بنقل عروضها إلي خارج نطاق مشاهديها،بل أن بعض الفرق تنقل عروضها المسرحية إلى خارج الوطن ليستمتع به المشاهد العربي إمعاناً في القسوة. ورغم هذا فالمتفرج الليبي يغض الطرف على هذه الإهانات المتكررة ولا يأتي بأي ردة فعل تجاه نجومه المسرحية. قد يحدث أحيانا ًأن يشاكس ويخرج من العرض للفت الانتباه ليس إلا .
و أحيانا يضحك في غير مواقع الضحك ويتقلص وجهه لسماع " نكتة " تطلق من ممثل. إلا أنه لم يستطع منع يديه عن التصفيق وبشدة عند سماع أي كلمة تقال ثلاث مرات بطريقة تصاعدية في الأداء . وعنده قدرة أيضا على إدعاء الفهم لعروض يعجز المسرحيين أنفسهم على فك شفرتها، بما فيهم أصحاب العرض، وفي هذه الحالة يجلس المتفرج مبهوتاً. وبدون أي تعابير تدل على الرضاء أو الامتعاض. حتى لو أجبره العرض على الخروج فهو يخرج بهدؤ شديد _خوف ملاحظته_ وبخجل أشد . ولكنه والحق يقال فالمشاهد الليبي يعطيك النصف الساعة الأولى قبل ان يبادر بأي ردة فعل . وأحيانا يعطيك فرصة العرض الثاني كل حسب كرمه .
الحيلة اللغوية الثانية _ بعد ما فشلت حكاية المواسم المسرحية _ كانت من اختراع المسرح الوطني طرابلس أيضا وهي " التظاهرة المسرحية " وهي حيلة تسعينية_ عقد التسعينيات _ خرجت بعدما عادت المهرجانات الوطنية إلى السطوع ، ولكن هذه الحيلة خرجت لتسد عدم انتظام مواعيد المهرجانات المسرحية فهي عبارة عن مهرجان مصغر ليلم شتات أعمال الفرق الأهلية بقيادة المسرح الوطني والاتفاق على عروض مسرحية تغطي فترة أسبوعين متتاليين وعادة ما تستدعى فرقة من خارج مدينة طرابلس لتحل ضيفأً مبجلاً على هذه التظاهرة.
أهمية هذه " الحيلة اللغوية " لا تكلف تبعات إقامة ولا إعاشة.
فهذه الحيلة خرجت لتخفف على المسرحيين حدة عناء انتظار المهرجان الوطني للمسرح وأيضا مكافاءة للجمهور المتعطش للمسرح السالف الذكر.
الحيلة اللغوية الأخيرة " أيام طرابلس المسرحية " و"أيام بنغازي المسرحية " فهي حيلة مستوردة من " ايام قرطاج المسرحية " الذي يعد اهم مهرجان دولي عربي يقام في الشقيقة " تونس " وأكثرهم ثباتاً .
لكن السؤال من كان له سبق التسمية مسرحيو طرابلس ام مسرحيو بنغازي ؟.
هذه الحيلة حديثة العهد وببساطة شديدة يتنادى المسرحيون في هذه المدينة أو تلك بالاتفاق مع أمين شعبيتهم أو أمين أعلامهم. لإقامة أيام مسرحية حسب عدد العروض الجاهزة ولا بأس أيضا من تواجد بعض العروض الجديدة لطرد العين . أخرها " ايام طرابلس المسرحية " التي تدخل فعالياتها يوم 22_ 6 _ 2004 م ، برصيد أحدى عشرة مسرحية .
مهرجان المسرح الجامعي... لا تعليق
مهرجان النهر الصناعي العظيم.... لا تعليق
مهرجان البيضا التجريبي..... لا تعليق
دعوني اشكر اللغة التي اسعفتنا كثيراًُ
وهذا ليس بجديد على شعب يسمي الأعمى بصيرا
والسواد " بياض"
والملح " يدام "
والثعبان " حبل "
والنار" عافية" .
" تساؤل " و" وقع الأحدية الخشنة "
بمهرجان القاهرة التجريبي 2003
دائماً تأتي مساهماتنا الليبية القليلة في هذه المهرجانات متسرعة ومرتبكة وفي كثير من الأحيان ينقصها الوعي والخبرة ، الأمر ليس سيئاً إلى هذا الحد عندما نعرف أن المسرح الوطني طرابلس الأكثر حظاً في المشاركات الدولية لا يتجاوز عدد مشاركاته في هذين المهرجانيين ألأربع دورات، وهذا ينعكس على المسرح الوطني بنغازي والفرق الأهلية الأخرى.هذا من اصل ست وعشرين دورة منها عشر دورات لمهرجان قرطاج وستة عشرة دورة لتجريبي القاهرة ، إذا حضورنا معدوم مقارنة بعدد الدورات التي أقيمت .هذا عن دول الجوار تونس ومصر لم نتمكن من المشاركة ، ولا يطمح المسرحيين مشاركاتهم في مهرجانات عالمية مثل ( مهرجان افينون )( ومهرجان أدنبرة) الأمر ليس سيئاً كما أسلفت عندما نعرف إن المؤسسة الثقافية لم تستطع الالتزام بمهرجان وطني واحد كما لم تستطع الالتزام بالمشاركة في مهرجانات دولية . بالذات عندما ندرك إن المشاركات السابقة كانت بمجهود شخصي وتكاثف خاص وأحيانا على نفقتهم الخاصة.الأمر ليس بهذا السؤ عندما ندرك إننا في هذه المشاركات البائسة أخر من يصل وان الفرق الليبية الوحيد ة التي لا يتضمنها كتيب المهرجان لأنها غالباً ما تصل فجأة للمهرجان لتجد نفسها وجها لوجه أمام اللجنة المنظمة للمهرجان لتبادل الإحراج و لتدخل في دوّامة الإقامة وإدراج الفرقة ضمن العروض _لا يهم داخل المسابقة أو على هامشها_ ودوّامة مكان العرض ، تفاصيل مربكة لا حد لها، المبدع الليبي الوحيد في العالم الذي يقبل على العرض وهو منهكاً تماماً .
*ينتمي عبدالله الزر وق للجيل الثاني من المخرجين بعد جيل محمد شرف الدين،عبدالفتاح الوسيع، والراحل الأمين ناصف الذي يعد أهم رموز الجيل الأول، والحديث عنه _أي عبدالله_ يضعك في مفترق طرق فهو المخرج الأكثر إنتاجا أستطيع القول بأنه( مخرج المتاح) فلا تعيقه الإمكانيات من أجل إنتاج عمل فني، ويعتبر بحق مخرجا مسكون بالعمل ولا أغالي إذا قلت بأنه تعامل مع أكثر من 80% من المبدعين الليبيين اعني هنا بعمله في المسرح والمرئية والخيالة بل وان الكثير من هؤلا الفنانين والفنيين خطوا الخطوة الأولى من خلال أعمال كانت بتوقيع عبدا لله الزروق هذا بالإضافة الى كونه كاتب للعديد من أعماله والعديد منها اخرج من قبل مخرجين آخرين فهو مخرجا دؤبا ودائم البحث..يشارك عبدا لله الزروق مع فرقة الجيل الصاعد في هذه الدورة بمسرحية من تأليفه وإخراجه تحمل أسم ( تسأل) تدور أحداثها في مكان ما من العالم في احد شوارع الإعلانات حيث بطالعنا المصور_مفتاح الفقيه_ منهمكا في ترتيب بعض النماذج لصور من إنتاج الآلة الإعلامية الغربية وبعض الشخصيات التاريخية وفتاة الإعلان_ خدوجة صبري_ التي تمارس عملها كعاملة ملصقات في هذا الشارع ومن خلال الحوار الذي يدور بينهما نستشف تدمرهم من اوضاعهما المتردية التي يسلم بها المصور على عكس الفتاة التي تطمح في تحسين مستوى معيشتها نحو الأفضل مما يفيدنا بأنها ضحية مهنتها بتأثير الملصقات التي تتعامل معها يوميا حتى تأتي الفرصة على طبق من ذهب حسب منظورها . هبوط قدمين ضخمتين من الأعلى مما يثير رعبهما، ولكن إصرار الفتاة على اقتناص الفرصة النادرة لتحقيق حلمها لا تترك الفرصة للمصور بالتراجع بل وتحت إلحاحها تجبر ه على الدخول معها في اللعبة التي تجعل منهما الناطقان الرسميان لهذا الحدث النادر أمام وسائل الأعلام حتى إنها تقنعه بالزواج كي تكتمل لعبتها لنجد المصور منساقا أمام رؤيتها الجنونية .لا تسير الأحداث باردة بل تسارع الحكومة في إرسال تحذيراتها من خلال مكبرات الصوت _عبدالله الزروق_ وإرسال عالم الفضاء_ جمال ابوميس_ لتحليل هذه الظاهرة وتتم محاصرتهم بالطائرات بعدها يتفا جاء الجميع بتغيير الطقس الى برودة شديدة في أيام الصيف وهبوط الثلج ثم ذوبانه لتعود الفتاة من حيثما بدأت لتنظف الشارع الذي غمرته المياه لتبدأ سيرة العذاب الأولى حاملة معها صفة مطلقة بعدما أعلن المصور انفصاله عنها، الديكور عبارة عن ملصقات كثيرة ومتنوعة تملا جانبي الخشبة لأشرطة خيالة عالمية وعربية ومع طاولة صغيرة متحركة في أسفل يسار الخشبة ، مع نماذج خشبية لصور بعض الشخصيات الفنية والتاريخية أسفل الخشبة يمينا ويسارا، العمل يقوده ثلاث ممثلين بالإضافة لصوت عبدا لله الزروق، نلاحظ من خلال مشاهدتنا بان العمل لم يحظى بتدريبات كافية وهذا يتجلى عند مفتاح الفقيه خدوجة صبري من خلال الأداء _ وهو مزيج بين الفصيحة والعامية الليبية لغة النص_ فهذه الخاصية لا تذوب إلا بالتمرينات والتي لم نشعر بها عند جمال ابوميس، الحركة كانت في كثير من الأحيان مرتبكة وغير متقنة لتعيدنا لنفس السبب ، الملابس كانت أنيقة ومرتبة ونظيفة_ استثني عالم الفضاء_ وهي لا تتماشى مع الشخصيات التي تلعب بضم التاء، فكرة النص عبارة عن دخول حدث غرائبي في سياق واقعي فهو يحيلنا لكثير من الأعمال من مسرح العبث أو لوحات دالي فكرة جميلة وأسرة لكنها لم تكتمل مع اللغة وبناء المسرحية ، في الوقت الذي اشكر فيه فريق العمل بإدارة الفنان علي ألبركي نأمل منهم إعادة هذا العمل ليشاهده الجمهور الليبي فأنا أدرك تماما مدى معاناتهم .
* للمرة الثالثة يتورط المسرحيون الليبيون في العرض بقاعة المسرح العائم الكبير بالمنيل ، في الدورة الرابعة عشرة استهلها المسرح الوطني طرابلس بمسرحية( قطار الموت). والجيل الصاعد بمسرحية ( تسأل). وفرقة مسرح المختار ( الجبل الأخضر) بمسرحية ( وقع الاحدية الخشنة ) ومخرجها عبد الحفيظ الشريف الذي لم يتحمل وضع هذه القاعة التي لم يتوافر فيها الحد الأدنى من الإمكانيات الفنية المطلوبة فأستهل عرضه بسيل من الاحتجاجات ضد المسؤلين على المهرجان والقائمين على هذه القاعة ، و بعدما صب جام غضبه من موقعه بغرفة المراقبة أعلن عن بداية العرض المسرحي، مسرحية ( وقع الاحدية الخشنة) أعدها للمسرح عبدا لحفيظ الشريف عن رواية للكاتب الجزائري واسيني الأعرج تحمل نفس الاسم ، وهي المرة الأولى على حد علمي تعد مسرحية عن رواية في المسرح الليبي ليدعمها بمحاولتين إعداد نص مسرحي يحمل أسم (الغريب والحسناء) إلى سهرة مرئية من اخراج عزالدين المهدي، ورواية من مكة إلى هنا للصادق النيهوم إلى عمل مسرحي، وأيضا من إخراج المخرج عزالدين المهدي. أحداث المسرحية تدور في ذهن ليلى _ الممثلة جميلة الحضيري_ في ليلة دخلتها، التي كانت تحت تأثير كاتب_ قبل الزواج_ من خلال كتاباته رأت نفسها وكينونتها وأحلامها وحريتها ، إلى أن تصدم بالواقع منذ الليلة الأولى معه _ الممثل سعد صالح _ هنا بداء صراعها الداخلي معه كواقع أي زوج أو معه كفكرة أي كاتب _ الممثل سعد الدلال_ هنا نرى انفصام الكاتب بين ما يريد وبين ما يكتب، فالمراءاة هنا صنيعة أفكار الكاتب المتمردة ، المسرحية تريد أن تقول أن الرجل الشرقي يحتاج الى ليلتين ليلى أفكاره وأحلامه وليلى واقعه وعندما يحاول جمعهما تذوب ليلى الأحلام في دوامة الواقع . يستهل المشهد بموسيقى حالمة في غرفة نوم مرتبة مع الإضاءة التي تخدم شاعرية الحدث الى أن يبدأ الحدث في التصاعد والارتباك حتى ترتبك معه كل قطع الأثاث وهي عبارة عن مكعبات حاول المخرج توظيفها حسب متطلبات الموقف بتفكيكها وإعادة صياغتها و إحالتها الى قطع منزلية( كرسي، أريكة، وسرير،...الخ ) زمن العرض ليلة واحدة ومن خلالها نرى أحداث في أ زمان مختلفة عن طريق الاسترجاع ( الفلاش باك)الى أن يعود الى الهدؤ والاستقرار باختتام المسرحية كما بدأت وعودة المشهد كما رأيناه في البداية لتجبر المرآة على اختيار الزوج الواقع لا الحلم المسرحية عبارة عن حلم تحريضي يدعو فيه المراءاة الى التمرد لامتلاك حقوقها . .إيقاع المسرحية متسارع الأمر الذي عكس أداء الممثلين فتسارع وتيرتهم أحيانا يصل بهم الى حالة التشنج ، وهذا مرده غياب الوقفات والصمت الذي كان من الممكن أن يخدم الأحداث بالذات موضوع المسرحية أحيانا يدعوك الى التأمل ، إضافة الى لون الأداء الواحد يجعلني اشعر بأني أمام ممثل واحد فالأداء يفتقد الى التلوين الصوتي ، أريد أن انوه هنا بأن العرض الثاني قام بدور الكاتب _كما أراه_ الفنان عبدالرحمن عباس. الديكور من تصميم الفنان التشكيلي سعد فرج والموسيقى التصويرية لخالد لطفي ، ونحن في انتظار العمل القادم للفرقة ، فشكرا جميعا.
محمد الطاهر
"الإستمرارية جديرة بخلق المبدع "
بعد مرور أكثر من " 35 " سنة لم تفارق شخصية " كاليجولا " التي لعبها الفنان " محمد الطاهر " في مسرحية " كاليجولا / البير كامو " من إخراج " محمد القمودي " ذاكرة المسرحيين الليبيين ، حتى أن الأجيال اللاحقة تشبعت من روايات المعاصرين لعرضها . " محمد الطاهر " لم يكن رقماً منسياً في ذاكرة المسرح الليبي رغم قلة إنتاجه المسرحي شأن أغلب المسرحيين الليبيين . كما لم ترد كلمة " إلتزام " بكل ماتحمل هذه الكلمة دونما أن يتبادر إلى ذهنك أسم " محمد الطاهر " فهو بحق فنان يحترم هذا العمل وينصهر فيه إلى حد العشق .
لم تختلف بدايات " محمد الطاهر " عن بدايات العديد من المبدعين والرياضيين والكتّاب. فقد كان النشاط المدرسي الراعي الأول للبذرة الأولى الكامنة التي تسكن وجدان هؤلاء الطلاب وربما تنميتها ليسجل بذلك أول خطوات له على الخشبة المدرسية . وربما سحر الخطوات الأولى هو الذي جعله يفكر في الانضمام إلى " نادي المجد " الذي أتاح له المشاركة في مسرحية " فتح مكة " من إخراج " أحمد مادي " مع أواخر خمسينيات القرن الماضي . لم تدم التجربة طويلاً مع انحياز هذا النادي الكامل للرياضة فيما بعد . مؤثراً الانتقال إلى " نادي الشباب العربي الثقافي الرياضي " ب" بن عاشور / جامع الصقع " صحبة " محمد بسيس ، الطاهر القبايلي ، عبدالحميد بيزان " وليشارك بعرض الافتتاح بمسرحية " على قد لحافك مد رجليك " في مستهل ستينيات القرن الماضي .
محمد الطاهر :- ..... انتقلت بعد ذلك إلى العمل بالصحراء مع إحدى الشركات النفطية وعند عودتي في النصف الثاني من ستينيات القرن الماضي ونزولاً عند رغبة زملائي " محمد بسيس ، الطاهر القبايلي ، المهدي بوقرين ، عبدالله هويدي ، محمد ابراهيم الفقيه ، المرحوم محمد قنابة " انضممت الى فرقة " الأمل " التي كانت تستعد لتقديم مسرحية " عمر المختار " من تأليف الراحل " عبدالله القويري " وإخراج " المهدي بوقرين " مشاركاً فيها بدور " بورحيل " رفيق " عمر المختار " التي تم عرضها بمسرح الغزالة .
* :- ................................
محمد الطاهر :- كانت بداياتي الحقيقية مع هذه الفرقة التي لم أفارقها الى أن ضمت الى الفرقة الوطنية تحت تسمية " فرقة الإتحاد المسرحي " في النصف الأول من سبعينيات القرن الماضي .
* :- بالإضافة الى دورك الإبداعي في الفرقة هل كنت مناطاً بدور إداري ؟
محمد الطاهر :- كنت سكرتيراً للفرقة وكان " عبدالحميد بيزان " أمينا للصندوق و " عبدالله هويدي " مشرفاً فنياّ وبإدارة " محمد بسيس " ...... في مستهل تجربتنا مع فرقة " الأمل " حاولنا الإستفاذة من تواجد الفنان " زين العشماوي " في ليبيا كأستاذ للمسرح بمعهد جمال الدين الميلادي الذي اتفقنا معه على إقامة برنامج للفرقة يقضي بإنتاج أعمال مسرحية إضافة إلى دورات تدريبية من خلال هذه الأعمال . كان هذا الاتفاق لقاء مبلغ من المال يجمع من أعضاء الفرقة . وبالفعل تم اختيار أعمال للكاتب " توفيق الحكيم " من فصل واحد قدمت في ليلة واحدة ، والكاتب " يوسف إدريس " . " أريد ان اقتل ، مولد بطل ، الفرافير ، المهزلة الأرضية " قدمت أعمال " الحكيم " في " النادي الثقافي العربي " الذي كان مقره شارع " عمر المختار " وعند عرضها لفتت أنظار المهتمين بالمسرح وكان لها صداً طيباً مما شجعنا لتصويرها للمرئية .
* :- ..................................
محمد الطاهر :- بعد الصدى الذي لاقته الأعمال الأولى شرعنا في الاستعداد لمسرحية " الفرافير " التي كنت مساعداً للإخراج فيها إضافة الى مساهمتي فيها بدور صغير كممثل ، ثم تلتها مسرحية " المهزلة الأرضية " . قدمت لنا هذه الأعمال رصيداً من الثقة والرضى الذاتي فحاولنا بهذا أن نقف عند هذا المستوى من الجودة . قد نضيف له ولكننا حاولنا جاهدين الأ نكون دونه .
* :- .......................... .
محمد الطاهر :- قبل العرض الأول لمسرحية " المهزلة الأرضية " بمدينة بنغازي ، أصيب الممثل الرئيسي بالمسرحية " محمد القمودي " بوعكة صحية أدت الى نقله الى المستشفى على أن يكون المخرج بديلاً للقمودي إذا لم تتحسن صحته إلا أن الأمر أختلف عندما رغبنا في نقلها للمرئية أثناء العرض من اخراج المخرج المصري " حسن الصغير " . رأت اللجنة الإدارية للفرقة بأننا في حاجة للمخرج المسرحي " زين العشماوي " في غرفة النقل المرئي لإلمامه بحركة المسرحية أولاً ولأننا بحاجة للتعريف بأبناء الفرقة في المرئية الليبية ثانياً . الأمر الذي أرسى بذور الاختلاف بيننا وبين المخرج الذي قبل بهذا المقترح مرغماً مما جعله يؤثر التخلي عن مرافقتنا بالحافلة الى شركة البريقة التي كان لنا معها إلتزاماً مسبقاً مفضلاً اللحاق بنا بسيارة خاصة هو وزوجته الممثلة " فتحية عبدالغني " وفرتها له مؤسسة الإعلام ببنغازي في ذلك الوقت . ولعطل ما لحق بالسيارة التي كانت تقله ، لم يتمكن باللحاق بنا في الموعد المحدد ليخطرنا هاتفياً بتأجيل عرض المسرحية معتمداً على عدم وجود الممثلة الرئيسية " فتحية عبدالغني " لأنها كانت تلعب أكثر من دور في العمل . عند هذا الحد كان الخيار لنا والمغامرة كبيرة ولكن روح الشباب الذي يسكنه التحدي كانت ملزمة بالإجابة على السؤال الكبير :- هل هذه فرقة الأمل أم فرقة العشماوي ؟ . وتم الاتفاق على أن تكون " زهرة مصباح " بديلاً ل " فتحية عبدالغني " . وقتها كانت " زهرة " في مستهل مشوارها الفني وكان أعضاء الفرقة قد قاموا بتهيئتها للعب الدور تحسباً لمثل هذه المواقف . .. تدبرنا أدوات مكياج التي قمت بها " انا ، ومحمد الزنتاني " عندما تأخرت مع الأستاذ " العشماوي " وهيئنا أنفسنا للعرض الذي كان من أنجح العروض لهذه المسرحية وكان الجمهور مختلطاً " عرب ، ليبيين ، أمريكان ، إنجليز " حتى أن الضحكات تصلنا على دفعات عندما تترجم من العربية الى الإنجليزية .
* :- ماذا كان رد فعل الأستاذ " العشماوي " بعد هذا العرض ؟
محمد الطاهر :- كان هذا أخر تعامل لنا مع الأستاذ " زين " الذي لم ينصفنا في اتهاماته وعمم قراراً بهذا الشأن لكل الفرق المسرحية .
* :- ضلت الفرقة تفتقد الى مخرج .
محمد الطاهر :- هنا راهنت اللجنة الإدارية للفرقة على " محمد القموي " الذي أنست فيه الفرقة هذه الموهبة والرغبة وكان مؤهلاً أكثر من غيره لهذا الدور ، إضافة لعمله مساعد للإخراج مع الأستاذ " زين العشماوي " في أكثر من عمل . ... وقتها كان الاستعداد للمهرجان الوطني الأول " 1971 م " فتم إختيارنا مسرحية " كاليجولا " للكاتب " ألبير كامو " للمشاركة بها في المهرجان . كان مجرد إختيار مسرحية " كاليجولاً " مفاجاءة للجميع مستكثرين فينا هذا الاختيار وبنفس القدر كان العرض مفاجاءة أخرى فقد كان جيداً بكل المقاييس . قدمنا في المهرجان الثاني مسرحية " الجانب الوضيء " للمرحوم " عبدالله القويري " التي تحصلت على الترتيب الثاني . كما قدمنا مسرحية " الضفادع ل " أرستو فان " التي عرضت في مسرح صبراتة الأثري مع مسرحية " الزير سالم " للمرحوم " الأمين ناصف " . التزمت مع هذه الفرقة الى غاية انتقالنا أنا و" محمد القمودي " الى المسرح الوطني .
* :- كيف كانت تجربتك مع مسرح الطفل ؟
محمد الطاهر :- أوفدت الى " رومانيا " في دورة دراسية للمسرح فؤجئيت هناك بإني أرسلت الى دراسة مسرح الطفل بعد احتجاجي عرض علي التجربة عندها أكتشفت بأنه عالم أخر كبير وخصب . أستهوتني الدراسة في هذا المجال الى أن أكملت المدة . بعد عودتي كلفت بمهام إدارة مسرح الطفل الذي أخرجت له " ثعلب من غير ذيل " و " الكلمات الطيبية " قدمت بعدها مقترحاً للهيئة بتغدية المسرح بخبرات مؤهلة وتأهيل الأعضاء بدورات جديدة . مع الأسف لم تتم الموافقة على هذا المقترح عندها هجرت مسرح الطفل نهائياً وعدت الى " المسرح الوطني / طرابلس " الذي شاركت في معظم أعماله ومن خلاله شاركت في العديد المهرجانات المحلية والدولية .. بعد إحدى عشر سنة صدر قرار بعودتي على رأس هذه المؤسسة فكانت إجابتي بالرفض بعدما غيرت كل اهتماماتي وثقافتي .
* :- ما تقييمك لتجربتك مع المسرح الوطني ؟
محمد الطاهر :- كانت تجربة غنية التقيت فيها بخيرة المخرجين والممثلين والفنيين .... التقيت بالمرحوم " الأمين ناصف " .....
* :- هل كانت لك تجربة مع الأمين ؟
محمد الطاهر :- تجربة لم تكتمل .... كانت تجربة الأمين ناضجة لم يحسن إستغلالها كما لم يحسن استغلال خبرة " عبدالله الريشي " و" خالد خشيم " والعديد من المبدعين . هذه إحدى مساوي الإدارة رغم حسن نيتها. أنا لست من أنصار الفصل بين الأجيال فالخبرة مهمة والتراكم مهم ، والدماء الجديدة وحدها لا تكفي .
* :- أنت في الحركة المسرحية منذ أكثر من أربعين سنة . ما تقييمك لهذه التجربة ؟ .
محمد الطاهر :- أعتقد فترة سبعينيات القرن الماضي تتسم بالاتقاد وبالجدية وبروح التنافس الصحي ، كانت الفرق أشبه بخلية نحل . أعتقد قرار دمج الفرق هو بمثابة إطلاق رصاص على الحركة المسرحية الليبية . كانت الفرق تنتج مبدعيها من " مخرجين ، ممثلين ، وفنيين ، ومهندسي مناظر وصوت ، وإضاءة " الى أن أنبطت هذه المهمة بالمسرح الوطني طرابلس الذي كان يقوم بكل هذه المهام . أي بمعنى أن الفرقة لا تحتاج لفنيين ولا لمصمم ديكور وإضاءة ...... الخ . لأن هذه المهام أنبطت بالمسرح الوطني وكذلك تغذية الفرق بممثلين . عندها تقلصت إفرازات هذه الفرق مما أدى إلى ركود الحركة المسرحية .
* :- هل حل الهيئة العامة للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية ساهم في هذا الركود ؟
محمد الطاهر :- حل الهيئة كان سبباً في غربة المبدع أمام حجم الأمانات . كنت عندما أقصد الهيئة أجد زميلي أما الآن فسأجد أميناً لا يدرك احتياجاتي لأنه غريباً على المهنة.
* :- كنت متحمساً لإخراج مسرحية " مركب بلا صياد " للكاتب " اليخاندرو كاسونا " رغم هذا الحماس تنازلت عليها للمخرج " فرج ابوفاخرة " .
محمد الطاهر :- أولاً لأني أحترم التخصص وثانياً كنت متهيباً من هذه التجربة .
* :- الم يكن العائق إدارياً ؟
محمد الطاهر :- على الإطلاق .
* :- من من الممثلين الذي تحب تواجدهم معك فوق الخشبة .
محمد الطاهر :- كثير من الممثلين .... " لو قلنا " لطفية ابراهيم " .
* :- نتوقف عند لطفية ابراهيم .
محمد الطاهر :- " لطفية ابراهيم " واحدة من الممثلات التي تركت مكانها شاغراً لأنها تدرك ماذا تريد إضافة الى التزامها ومواظبتها واحترامها لعملها . مع سرعة بديهة . رغم مجيئها في فترة نفتقد فيها لوجوه نسائية كثيرة ولكنها لم تعتمد على هذا الخواء بل اعتمدت على موهبتها وطورتها
. وأيضاً في الوقت الذي كان بجانيها الكثيرات كانت تقف بجدارة بينهن لا أقول بأنها أفضلهن ولكنها كانت تتصدر الأفضل . أما الممثلين فهناك الكثير أذكر منهم لا الحصر " عبدالله الشاوش ، عياد الزليطني ، المرحوم علي الرقيعي ، المرحوم الدوكالي بشير ، المرحوم محمد الساحلي ، عيسى عبدالحفيظ .... " . كثيرون كان العمل معهم يشعرك بالأمان.... انا لم أجد مفردة الأنانية في العمل معهم . كنا نتعامل بروح اسرة ومن اجل توصيل الرسالة للمشاهد . كما كنا نستقبل التوجيه من الزميل قبل المخرج . ولم نتسابق على حب الظهور .
* :- هل تعتقد بعد مسيرة اربعين عام في رصيدك بوجود ملمح لمسرح ليبي ؟ .
محمد الطاهر :- ثمة الكثير من العروض تأتي وتخبو ثمة العديد من الأعمال تحمل ملمح ليبي . والتي تعاطى معها الجمهور اذكر في إحدى المسرحيات كانت الصالة وساحة الكشاف تعج بالحضور * :- ما سبب عزوف هذا الجمهور ؟؟ هل مرده قلة الاعمال أم فقدان القيمة الفنية في هذه الأعمال ؟
محمد الطاهر :- تأتي قلة الأعمال على رأس هذه القائمة وقلة الأعمال يعني قلة التجربة .... عندما أقف على الخشبة بعد ثلاث سنوات سيكون دون شك كأني أقف لأول مرة على الخشبة مهما كانت تجربتي ..... الاستمرارية تخلق المبدع الجيد ... تنظيم المهرجانات والتظاهرات يغلب عليها عامل التسرع والارتجال . كما لا توجد لدينا ثوابت .
* :- ما تقييمك للراهن المسرحي الأن . وخاصة بأن العديد من المؤسسات تزود الوسط الإبداعي بدماء جديدة ك " معهد جمال الدين ، وكلية الفنون ، والمركز العالي للموسيقى والمسرح ، وأكاديمية الفنون والإعلام " ؟
محمد الطاهر :- أريد أن أتوقف عند الخريجين الذين لم يعلنوا على أنفسهم الى الأن كما أعلن " معهد جمال الدين الميلادي " في دفعاته الأولى و كان يقدم أربعة مشاريع في السنة .... قد تقدم لك الدراسة نظرياً وتعطيك كماً هائلاً من المفردات . ستذهب هذه المفردات مع الريح إذا لم تدعم بالمحك العملي.... دائماً أقول ربما التربية العملي لحقت مثيلاتها من الأنشطة الرياضية والثقافية والموسيقية واختفت من أجندة مؤسساتنا التعليمية .
* : - من من المخرجين الذين تحب التعامل معهم ؟ .
محمد الطاهر :- تعاملت مع العديد من المخرجين أؤمن بالمثل الليبي القائل " وين ماتحط نفسك تلقاها " ولهذا وجدت وافر الود والمحبة والجدية مع كل من تعاملت معهم .
* :- ماهي الأدوار التي كنت بحاجة لتجسيدها وفات الزمن ولم تتمكن من لعبها ؟
محمد الطاهر : - في فترة من الفترات حوصرت في نوع معين من الأدوار . لا أريد القول بأني لم أكن راض عنها . ..... ما أفكر فيه دائماً هو :- هل إمكانياتي لا تسمح إلا إلى هذا النوع من الأدوار ... لماذا إنا ممثل إذن ؟ بكل بساطة لأني قادر على تجسيد أكثر من شخصية ..... في هذه الحالة بإمكاننا أن نأتي بشخصيات من الحياة لتجسد نفسها .
* :- كثير من الأصوات تقول بأن " محمد الطاهر " ضل حبيساً في شخصية " كاليجولا " ؟ .
محمد الطاهر :- نعم كنت سجين الأدوار الشريرة مثل " عياد الزليطني ، وعيسى عبدالحفيظ " . هذا السؤال يوجه إلى المخرجين الذين سجنوني داخل هذه الأدوار . إنا ارتاح عندما العب " كوميديا " ولعبتها في مناسبات محدودة فالكوميديا لها شروطها . ليس بالضرورة الاعتماد على تلوين وجه الممثل وتغييره . ممثلون كبار يجسدونها بكل هدوء وجدية ولكنهم ينتزعون البسمة من شفاهنا .
* :- أترك لك الكلمة الأخيرة .
محمد الطاهر :- لعبت الكثير من الأدوار وعملت في العديد من الأعمال التي لم تؤخر في رصيدي أو تقدم بل كان مجرد التزام بحكم وظيفتي ..... بعد هذه التجربة أتأسف كثيراً على رصيدي المسرحي الذي لم يتجاوز الأربعين عملاً وربما أقل في تجربة عمرها أكثر من أربعين عاماً .... أدرك بأني لم أكن السبب . بل المؤسسات التي كانت على رأس هذه المؤسسة أو تلك.... رغم هذا أنا أسف جداً على قلة إنتاجي رغم أن الله حبانا بعمل نجني منه قوتنا هو ذاته هوايتنا ورغبتنا .
" عياد الزليطني "
" تنظيم المهرجانات والتظاهرات عبارة عن درء الرماد في العيون "
في النصف الأول من ستينيات القرن الماضي "1964 م" كانت " مدرسة شارع الزاوية " بإدارة الأستاذ " الجعراني " تولي إهتماماً بالغاً بالأنشطة الطلابية كمثيلاتها من المدارس في تلك الفترة . وكانت الأنشطة الطلابية تتبنى نشاطاً سنوياً إحتفالاً بنهاية العام الدراسي من خلال تقديم بعض التمثيليات ذات الفصل الواحد التي كانت تضمها مادة النصوص المقررة .
وقتها كان " عياد الزليطني " مجرد طالب أستهوته مشاهدة التدريبات التي أعدت للإحتفال بنهاية السنة الدراسية ، عندما لفت إنتباه المربي الفاضل " محمد العنقودي " الذي أثاره شغف الطالب وحبه لما يجري أمامه ، الأمر الذي جعله يخاطب الأستاذ " رجب كريمة " مشرف النشاط المدرسي ليضمه الى فريق التمثيل . هذه الخطوات البكر الأولى على خشبة المسرح المدرسية هي التي قادته الى الخشبات الكبيرة فيما بعد .
للمرة الثانية كان متفرجاً عندما دخل هو وزميله " محمد الغرياني " " 1968 م " الى فرقة مسرح " الجديد " التي كانت تجري تدريبات على مسرحية " تراب النصر " من تأليف وإخراج المرحوم " الأزهر أبوبكر حميد " والذي كان يدير الفرقة في ذلك الوقت ..
عياد الزليطني :- ..... كنت مجرد زائر للفرقة بصحبة زميلي " الغرياني " عندما عرض علي المرحوم " الأزهر " المشاركة في المسرحية وتجسيد دور " عمر المختار " ... قبلت المشاركة تحت إصراره مع خوفي من طول حوار الشخصية . عرضت المسرحية بمسرح " الغزالة " وقتها لاحظت الفرق الشاسع بين خشبة المسرح المدرسية وخشبة مسرح " الغزالة " الأمر الذي ملاءني بالخوف عندما بهرتني الاضواء والموسيقى التصويرية . بعدها شاركت في العديد من الأعمال المسرحية " الصرخة ، زهرة المدائن ، الدراويش " كل هذه الأعمال بتوقيع المرحوم " الازهر " وعرضت في الفترة مابين " 1968 – 1969م " . كانت الفرقة تضم " سالمة وناجية الجبالي ، مفتاح الشوشان وعلي الرقيعي والد الفنان فيصل علي " . بعد هذه التجربة شاركت في مسرحية " اللي تظنه موسى " في دور " الصادق " بإقتراح من الفنان " محمد شرف الدين " الذي كان مخرجاً للمسرحية ومن تأليف "المرحوم " مصطفى الأمير " بعد هذا العمل عرض علي عضوية الفرقة من قبل الأستاذين " شرف الدين / الأمير " . في تلك الفترة أعلن " معهد جمال الدين الميلادي " بإدارة " محمد مرشان " عن قبول طلبة لدراسة فن المسرح في الفترة المسائية .
* :- تعتبر دفعتك الثانية بعد المرحوم " الصادق شاكير " .
عياد الزليطني :- المرحوم " شاكير " تخرج قبلنا ولوحده ولذلك لم يشكّل دفعة . نحن نعتبر الدفعة الأولى التي كانت تضم " الهادي الفيرو ، محمد السليني ، مصطفى المصراتي ، محمود الأشهب ، عبدالله تامر ، محمد الفيتوري ، مصباح الزليطني وأخرون " وبرعاية من الأستاذ " أبوضيف علاّم " الذي كان أستاذاً بالمعهد نشاءت فكرة تأسيس فرقة " المسرح الحر " التي كانت باكورة أعمالها مسرحية " تاجر البندقية " التي لعبت فيها دور " أمير مراكش " بعدما رشحت لشخصية " شايلوك " . لم تكن مسرحية " الناصر صلاح الدين " عملاً للمسرح الحر ولكنه عرض تحت مضلتها كان العمل جاهزاً لطلبة " معهد جمال الدين " قبل تأسيسها . ولحقناها بمسرحية " العادلون " للكاتب " البير كامو " ومن إخراج " أبوضيف علاّم " .
* :- هذا أول لقاء بينك وبين " لطفية إبراهيم " التي لعبت دور " الدوقة الكبيرة " .
عياد الزليطني :- وكان أيضاً أول ظهور لها على خشبة المسرح . عندما دعوناه للتعاون معنا عن طريق إدارة " المسرح الوطني " الذي كان يجري تدريبات على مسرحية " الزير سالم " ولكن توقيت عرضنا كان قبل عرض مسرحية " الزير سالم " للمرحوم " الأمين ناصف " .
* :- ماذا تمثل " لطفية إبراهيم " في مسيرة المسرح الليبي ؟ .
عياد الزليطني :- " لطفية " قيمة يتمثل فيها " الضاحك الباكي " فهي قيمة لا تتكرر . قيمة إبداعية وقيمة إنسانية أيضاً لما تتمتع به من طيبة وعفة نفس . وبشكل إستثنائي كانت تقوم بحفظ كل الأدوار النسائية والرجالية لتحل محل أي زميل يتغيب عن التدريبات حفاظاً على سيرها . بالقدر الذي سرّنا إستقرارها هو نفس القدر الذي يجعلنا نأسف كثيراً على غيابها . في أول ظهورها مثلت دور " الدوقة الكبيرة " وبإجادتها لهذا الدور جعل المشاهدين يتساءلون عن الممثلة التي جسدت هذه الشخصية . في هذه المسرحية _ العادلون _ قدمت أنا دور " فوكا " وأثناء إعادتها لعبت فيها دور " أني كوف " . تلتها مسرحية " نحن الملك " للمخرج " محمد العلاقي " للمغربي " محمد خيرالدين " .
* :- ......................
عياد الزليطني :- من محاسب في وزارة الزراعة أنتقلت رسمياً للمسرح الوطني مع مجموعة من الخريجين مع بداية تأسيس " الهيئة العامة للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية " سنة " 1972 م " وأيضاً مع بداية تأسيس فرقة " حمدي " التي كان يديرها " الطاهر القبايلي " قدمنا من خلالها مسرحية " نقابة الخنافس " للمخرج " محمد القمودي " ومن تأليف " الازهر ابوبكر حميد " التي رافقها سجال بيني وبين المخرج على إختيار الشخصية التي سألعبها . تم الإستقرار أخيراً على دور " المجنون " الذي أخترته منذ البداية . . في مسرحية " مايقعد في الوادي إلا حجره " " مصطفى الأمير / قرفال " لعبت دور " عميلاً للإستعمار " حتى إننا عندما عرضت في تونس بحضور الرئيس التونسي السابق " الحبيب بو رقيبة " قال لي أثناء حفل أقيم على شرفنا بالقصر الجمهوري وأنا أمام مائدة المرطبات : -" الحلو مش ليك.... إنت عميل للإستعمار ، الحلو لزكية " إشارة للممثلة " حميدة الخوجة " التي لعبت دور " زكية " . وفي مسرحية " هو وهي والشيطان " تأليف وإخراج " محمد شرف الدين " كتب " د. كمال عيد " في صحيفة " لإسبوع الثقافي " بالخط العريض " مسرحية بطلها الشيطان " الأمر الذي أثار سجالاً بينه وبين " المخرج " محمد القمودي" في عدة أعداد بين " الأسبوع الثقافي " ومجلة " الرائد " التي كتب فيها " القمودي " . قبل ذهابي في دورة دراسية لفرنسا عملت في مسرحية " الزير سالم " من إخراج " الأمين ناصف " و" عكوز موسى " ل" خالد مصطفى خشيم " .
* :- كيف كانت تجربتك مع " الأمين ناصف " ؟ .
عياد الزليطني :- كان الأستاذ " الأمين " من الجيل الذي سبقني ، وعملي معه كان متواضعاً في قيمة الشخصية التي لعبتها وفي حدودها ولكنه عندما شاهدني في مسرحية " عكوز موسى " أخبرني بأنه لم يكن يعرفني وقال لي : " أنت الأن واخذك في بالي ولابد الدفع بيك وبقوة " وعندما شكرته قال : " من حقك أن أقول لك هذا الكلام " .
* :- ما هي الأعمال التي تعاونت فيها مع المخرج " محمد العلاقي " ؟ .
عياد الزليطني :- بالإضافة ل" نحن الملك " كانت " الجانب الوضيء " تأليف " عبدالله القويري " و" الأقنعة " تأليف " محمد عبدالجليل قنيدي " والطابية " تأليف " ساسي مسعود " .
* :- كيف كانت تجربة " باريس " وماذا قدمت لك ؟.
عياد الزليطني :- ذهبت صحبة الفنان التشكيلي " محمد شعبان الفيتوري " والفنان " عمران راغب المدنيني " الى جامعة " فانت سين " التي تخرج منها الشاعر " أحمد عبدالمعطي حجازي " و" محمود أمين العالم " كنا هناك ضمن فريق المخرج " روجيه بلانشيه " . عند عودتي كلفت بإدارة " المسرح الوطني " ورفضت . قدمت في هذه الفترة " الأقنعة و النبع " من إخراج " عبدالله الزروق " . " ثورة صاحب العباءة و " وين العسل يانسيبتي " من إخراج " مفتاح المصراتي " . " محاكمة العبدان " من إخراج المرحوم " ناجي البكشي " . " كشف أوراق أهل النفاق " من إخراج " سالم فيتور " . " تأخرت قليلاً ياصديقي " للمخرج " فرج أبوفاخرة " وأخرجت للمسرح الوطني مسرحية " الحب بالدينار " تأليف " الأزهر أبوبكرحميد " أخر أعمالي في المسرح الوطني مسرحية " حسان " من إخراج " خالد مصطفى خشيم " . تعاونت مع فرق خارج " المسرح الوطني " مخرجاً لمسرحيتي " عفريت الخندق ، الثعلب والمنداف " . أخيراً عملت ممثلاً في مسرحية " الميراث " من إخراج " الزروق " .
* :- كم تحتفظ بعمل مسرحي في رصيدك على مدى يقترب من الأربعين عاماً ؟
عياد الزليطني :- حوالي " 37 " مسرحية ربما سأصل الى المئة عمل لو واتت الظروف الصحية للعمل ؟ .
* :- السبب ؟
عياد الزليطني : - الأسباب كثيرة أهمها عدم وجود قاعات مسرحية صالحة للتدريبات والعرض .كما لم توفد أي عناصر للدراسة منذ ثمانينيات القرن الماضي . الإرتجال في تنظيم المهرجانات المسرحية التي كانت عبارة عن " درء الرماد في العيون " . فقدنا للأعمال الكلاسيكية والإنسانية في مسرحنا الليبي .
* :- يقول محمد الطاهر : - " تم حصرنا أنا وعياد الزليطني وعيسى عبدالحفيظ في أدوار الشر ، رغم قدرتنا على لعب العديد من الأدوار المتنوعة " . ماذا تقول أنت ؟
عياد الزليطني :- أدوار الشر متنوعة والشر متنوع أنا أحاول أن أبتعد على الأدوار المتشابهة في الشر السؤال هو هل نحن أجدنا هذه الأدوار أم لا ؟ . علماً بأن أدواري لم تكن كلها سلبية فقد لعبت العديد من الأدوار الإيجابية في أعمال كثيرة مثل " ثورة صاحب العباءة ، ثورة صاحب العباءة ، وين العسل يانسيبتي ، " والعديد من الأدوار " الممثل هو القادر على تجسيد العديد من الأدوار المتنوعة .
* :- كيف تنظر الى الراهن المسرحي وماتقييمك له من خلال تجربتك ؟
عياد الزليطني :- كل مرحلة تفرز نتاجها من مخرجين وممثلين وكتّاب كانت مرحلتنا أكثر غزارة وعطاء . كنت محظوظاً بتواجدي في تلك الفترة مع خيرة المبدعين . جيل الشباب لم يعلن عن نفسه الى الأن مع قلة إنتاجه .
* :- تعاملت مع العديد من المخرجين . من منهم الذي تجد نفسك معه ؟
عياد الزليطني :- أنا أتمتع بعلاقة طيبة مع جميع الزملاء وبالتالي أحترم المخرج الذي يقدرني ويحترم تجربتي وقدراتي . لم أختلف مع أي منهم ، وإن حدث هذا فمن أجل العمل .
* :- هل يوجد ملمح لمسرح ليبي ؟
عياد :- لم تتضح اي هوية لمسرح ليبي . تضل مجرد إجتهادات .
* : ماذا قدم لك المسرح ؟
عياد :- حب الناس يجعلك تؤثر الإستراحة ومراجعة نفسك بين الحين والأخر من أجل الحفاظ على هذا الحب والإحترام .
0 التعليقات:
إرسال تعليق