أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الخميس، 4 ديسمبر 2025

أ. د . سامح مهران - مصر - صاحب رسالة اليوم العربي للمسرح 10 يناير 2026

مجلة الفنون المسرحية


أ. د . سامح مهران - مصر - صاحب رسالة اليوم العربي للمسرح 10 يناير 2026

أعلنت الهيئة العربية للمسرح، اليوم الخميس أن الدكتور  سامح مهران - مصر - صاحب رسالة اليوم العربي للمسرح 10 يناير 2026
وهو  حاليا  رئيس مهرجان المسرح المعاصر و التجريبي
وحيث أن الأمانة العامة للهيئة العربية للمسرح في كل عام تختار شخصية مسرحية مبدعة  لكتابة وإلقاء رسالة اليوم العربي للمسرح  في يوم افتتاح فعاليات مهرجان المسرح العربي.

الأربعاء، 3 ديسمبر 2025

الجدار .. المسرح العراقي الجديد في مواجهة الكولونيالية الحديثة

مجلة الفنون المسرحية


الجدار .. المسرح العراقي الجديد في مواجهة الكولونيالية الحديثة 

 أرسلان درويش -- كوردستان – العراق     

   في زمن تتداخل فيه بقايا الماضي الاستعماري مع أشكال الحاضر المتحوّلة، وتنبعث فيه الكولونيالية الحديثة بوصفها نظامًا ناشطًا في الوعي قبل الواقع، وفي الرمز قبل الفعل، يأتي عرض (الجدار)* للمخرج العراقي ( سنان العزاوي) ليشكّل موقفًا مسرحيًا معرفيًا قادرًا على إعادة طرح سؤال بالغ الخطورة: كيف يتغلغل الفعل الكولونيالي في المجتمع، وكيف يتحوّل من هيمنة عسكرية مباشرة إلى بنية اجتماعية مستترة تستمر في التحكم بالتصورات واللغة ومفاصل السلطة والعلاقات اليومية؟ في هذا السياق، يقدّم العرض خطابًا فنيًا وفكريًا يؤسّس لأشتغال معرفيّ صاخب، حادّ، وجماليّ، خصوصًا أنه جاء مترافقًا مع مشاركته في مهرجانات عربية مرموقة، كان آخرها مهرجان أيام قرطاج المسرحية، الذي توج فيه ب(تانيتات)ذهبية وفضية واحتفاء فني كبير. وقد توج العام الماضي بجائزة أفضل عرض متكامل في المسابقة الدولية لمهرجان بغداد الدولي للمسرح في دورته الخامسة.
 شكّل عرض (الجدار) في لحظته المسرحية التي تجلّى فيها أول مرّة على خشبة مسرح الرشيد في بغداد 2024، أحد أهم التحولات الجمالية التي عرفها المسرح العراقي في العقدين الأخيرين؛ تحوّلًا لا ينبع من محض اختلاف شكلي أو انزياح تقني، بل من قدرة العرض على تأسيس أفق تعبيري جديد، يضع التجربة المسرحية العراقية أمام ضرورة إعادة التفكير في أدواتها، ورؤاها، ومنظوماتها الإدراكية، وفي كيفية صياغة خطابها الجمالي بوصفه جزءًا من بنيتها الثقافية والاجتماعية والسياسية .
 فالمسرح العراقي، منذ ستينيات القرن الماضي، لم يكن مجرّد فن سردي أو أداة محاكاة، بل مختبراً فكريًا صاغ ملامحه عبر مزج المحلي بالكوني، وتوسيع حدود الجسد والفضاء والرمز ليصبح قادراً على قول ما يستعصي على القول. وقد أنتجت هذه المختبرية تقليداً راسخاً من السعي إلى تفجير البنية الدرامية، وتجاوز الإطار الواقعي نحو انزياحات بصرية وفلسفية جعلت من الخشبة مكانًا لإعادة كتابة الوجود.

هذا الإرث لم يكن معزولاً عن التحولات الاجتماعية والسياسية التي عصفت بالعراق؛ بل كان في تماسّ مباشر معها، يلتقط توتراتها ويعيد تشكيلها ضمن لغة جمالية مشبعة بالتجريب. ومع مرور العقود، تعمّقت هذه النزعة، وصار المسرح العراقي أكثر ميلاً إلى التأويل منه إلى التمثيل، وإلى تفكيك الزمن لا مجرد سرده، حتى بات يمكن القول إنّ المسرح العراقي يحمل في داخله نزعة مقاومة راسخة؛ نزعة تحوّله باستمرار من فن أدائي إلى مشروع تأويلي للوجود ذاته، حيث يُفهم العرض بوصفه اقتراحًا معرفيًا لا يقلّ أهمية عن كونه بنية جمالية. 
وقد ظل المسرح العراقي يراهن على الجسد والصورة كرافعتين معرفيتين. غير أن (الجدار)  يعيد تحديث هذا الإرث عبر حساسية حداثوية أكثر التصاقاً بخطاب الأزمة المعاصرة. فالعرض يشتبك مع الذاكرة العراقية المُنهكة، مع طبقات الحرب، مع هشاشة الفرد أمام البنى القمعية، ومع التحولات الاجتماعية التي تآكلت فيها الثقة وانكشفت فيها الهويات. ومن خلال هذا الاشتباك، ينجح في تحويل المسرح من شاهد إلى فاعل، من ناقل إلى منتج للوعي، وهو ما يشكّل امتداداً حول وظيفة المسرح في إعادة تشكيل المخيال الجمعي زمن الأزمات.
من هنا يأتي (الجدار) كامتداد طبيعي لذلك الإرث: ليس عرضاً يروي حكاية أو يعيد تشكيل واقع اجتماعي فحسب، بل عرضٌ يعيد صياغة علاقتنا بالوجود، ويُدخلنا في تماسّ مع السؤال الإنساني الأعمق حول الحرية، والهوية، والمحو، والذاكرة. إنّه يعيد فتح الجرح الكولونيالي والداخلي معًا، ويفضح، عبر لغته السينوغرافية والجسدية، صور التغلغل الكولونيالي التي ما تزال تعتم البنية القيمية والثقافية لمحليّتنا، وتعمل ـ في الخفاء ـ على إعادة إنتاج الخضوع والمنظومات التي تدجّن الخيال.

وبهذا المعنى فإنّ (الجدار) ليس نصًا مسرحيًا ولا عرضًا فحسب، بل استئنافٌ لرحلة المسرح العراقي نفسه: رحلة البحث عن معنى في عالم يزداد انزلاقًا نحو الصمت، ورحلة مقاومة لطبقات القمع التي تتناسل من التاريخ كما من الحاضر. إنه يضع المتلقي أمام إرث مسرحي ووجودي في آن، ويدعوه إلى التفكير في المسرح لا كفنّ، بل كجهازٍ لكشف العتمة، وتحرير الذات من آثار التاريخ التي ما تزال تعمل داخلها حتى اللحظة..

يدون الكاتب المسرحي ( حيدر جمعة) نصَّه كما لو أنّه يستدعي اللغة من منفاها الأخير؛ لغةٌ لا تُقال بل تُنتزع من صمتٍ كثيف. نصّ لا يعترف بمهادنة، ولا يُقيم وزنًا للبلاغة المألوفة. إنّه نصّ يُشعل السؤال لا ليُنير الطريق، بل ليحرق العتمة التي اعتدناها، مُحاصرًا كلّ يقين حتى يتهشّم تحت وقع ارتيابه.
هذا النصّ لا يكتفي بكشف المتغاضى عنه؛ إنّه ينزل إلى أعمق طبقاته، يُقلّب تربة الجرح، يفتح نفقًا بين الخطيئة والقداسة كأنّهما وجهانٍ لذات الحنين المُستنزَف. في هذه المنطقة المشبوهة، تُرى السلطة وهي تنهش آخر ما تبقّى من الضمير، ويطفو الألم الأنثوي كروحٍ سُجنت طويلًا في سرداب التاريخ، روحٍ تُمسك بخيط الضوء ولا تسمح له بالتلاشي. أمّا العار الجمعي، فينهض هنا كمرآة غائمة، كلّما اقتربت منها اتّسع صدعها، كأنّها تُعيد تشكيل الجماعة وفق فزعها القديم.
الجدار، في هذا النص، ليس مادّةً ولا معمارًا؛ بل كينونة تتثاقل فوق الزمن. جدارٌ يتنفّس خرابه، ينهض كقاضٍ أعمى يرى بالبصيرة لا بالبصر، يمدّ يده الباردة نحو الأجساد ليعيد صياغتها وفق ذاكرةٍ مجروحة، ويُخرج من الشقوق ما تحاول اللغة ذاتها حجبه. إنه جدارٌ تُقيم فيه الهوية مكيدتها، وتختبئ في تجاويفه حكاياتٌ نُسيت عمدًا، كأنّه الأرشيف المظلم للضمير الإنساني.
كل شخصية في النص ليست شخصية، بل شرخٌ يتكلّم؛ صيحةٌ محتبسة في جسد الجدار. وكل شرخ هو وثيقة بلا تاريخ، شهادةٌ تضيء لأنّها خرجت من ظلامٍ أعمق من أن يُمحى. هكذا يتحوّل النصّ إلى خرائط ندوب، كلّ ندبة تفتح بابًا، وكلّ باب يقود إلى جرح أكبر، حتى يغدو القارئ نفسه جزءًا من هذا الجدار ؛ شاهِدًا، ومشهودًا عليه في آن واحد.
إنّ خصوصية نص (الجدار) تكمن في قدرته على تحويل البنية الاجتماعية العراقية إلى متوالية درامية مفتوحة. فالنص لا يشتغل على حكاية واحدة، بل على شبكة من الحكايات التي تتقاطع وتتجاذب وتتنافر، مثل جروح تمتد عبر طبقات المجتمع:

فتاة خدعها حبيبها ومن ثم زوجها؛ جسدها أُطعم وأُهمل في الوقت نفسه، لتصبح مادة للاستغلال، أداة قسرية في لعبة السيطرة والتملك، ليتحول حلمها بالحب إلى سردية استعباد مستمرة. تليها حكاية امرأة أخرى أُجبرت على تبادل الزوجات، حيث يصبح الجسد ساحة للسلطة الذكورية، والروح سجينة العادات القمعية، والعلاقات الجنسية وسيلة لتمرير القهر.
أخرى تحلم بالطيران، لكن أخاها يقيم على جسدها مصائد الإدمان والتخدير والاغتصاب، ليُجبرها في النهاية على زواج قسري منه، فتتحول أحلامها إلى شبكة من الأسرار والكبت، ويصبح الجسد مذبحًا للخيانات العائلية والنكبات الصغيرة التي تتراكم في الذاكرة. في زاوية أكثر سوادًا، فتاة أخرى تحمل في رحمها جنينًا من والدها، تكرارًا للاغتصاب، إرغامًا على الطاعة، ليصبح الجسد فضاءً للصمت المطبق والجرح المعمّق، وذاكرة للعنف الأبوي الذي يعيد إنتاج ذاته في كل جيل.
وأمرأة أخرى ، استدرجها رسام إلى مرسمه، فرفضت الخضوع؛ وجسدها صار شاهدًا على القسوة، فحرق وجهها، فتثور فتقتل مرتكب الجريمة، فتتحول لوحة الفرشاة إلى أداة انتقام، وتصبح الحياة والموت محاولات لنقد جسدي مباشر. وأخرى، متزوجة من رجل مدمن على الإباحية، ترى جسدها يستخدم كمرآة للرغبات الشاذة، وفضاء لاختبار الحدود بين الحرية والاستعباد، بين الشهوة والتحكم.
هناك أيضًا امرأة تحاول أن تنقذ بناتها من والدهن المغتصب، لكن الغرق يبتلعها، موتها شهادة على استحالة النجاة في عالم يبتلع القوة والنية الطيبة، بينما امرأة أخيرة تتستر بالدين، تردد ترديدات متصوفة، لكنها تحمل داخليًا القسوة والدهاء، محاولة حماية الذات والهيبة في عالم فاسد.

وسط هذا المشهد النسوي، يقف الرجل المتحول، المخنث، الخادم أو المشرف على المكان. رجلً صاغته صدمة الطفولة المبكرة؛ اغتصاب في عمر أربع سنوات شكل وعيه الجسدي والنفسي. هذا الجسد الذكوري، المتحول، ليس مجرد عنصر صادم، بل جهاز قراءة للذاكرة، لأثر الانتهاك المبكر الذي يعيد إنتاج ذاته في كل علاقة، كل فعل، وكل مكان على الخشبة.
كل الحكايات تتقاطع، لا في تسلسل زمني تقليدي، بل في شبكة من التوازي والتضاد، حيث يصبح الجدار نفسه كائنًا حيًا: يقرأ، يختبر، يمتحن الضمير، ويعيد ترتيب مفهوم الحرية والهوية. الأجساد، النسائية والذكورية، تتحرك ككتابة حية، كصوت للصمت، كأداة نقد للمعايير الاجتماعية المغلقة، لكل تربية قسرية، لكل ممارسة تحكمية، ولكل أثر كولونيالي أو سلطوي مزروع في الأعماق.
الجدار، إذًا ليس مجرد فاصل مادي، بل آلة كشف مستمرة؛ كل شخص خلفه أو أمامه، كل حركة جسدية، كل انكسار أو صرخة، كل صورة ضوئية وصوتية، تتحول إلى تجربة معرفية - وجودية. الترتيب غير الخطي للحكايات يسمح للمتلقي بالغوص في عمق الصدمة، واستكشاف التداخل بين العنف والسيطرة، بين الطفولة والسلطة، بين الصمت والتمرد، في مشهدية تهدم التوقعات وتعيد تشكيل الفضاء المسرحي كجسد حي، متنفس للوعي الجمعي، ومرآة لتراكمات القهر التاريخية والاجتماعية.
هكذا تصبح الخشبة، من اللحظة الأولى وحتى النهاية، مختبرًا للوعي، حيث تتقاطع السياسة، النفس، والجسد، وتتصادم الذكريات مع الرغبات، ويصبح التفاعل بين المتلقي والنص تجربة معرفية مستمرة، تحفز التساؤل، وتعيد إنتاج حس النقد الذاتي والجماعي في قلب المكان والزمان المسرحي.
 إنه نصّ يقوم على تقويض البنية المعيارية لسرديات الضحية والجلاد، وعلى فضح التواطؤات الصغيرة والكبيرة في الحياة اليومية. النص هنا يعمل مثل مشرط في جسد المجتمع، لا ليعاقب أو يدين، بل ليكشف ويعرّي ويضعنا أمام حقيقتنا الأكثر فوضى. اللغة في النص هي لغة مأزومة، مشروخة، تتكلم بلسان الحياة لا بلسان البلاغة، لكنها في الوقت ذاته تحمل انزياحات شعرية دقيقة تجعل التجربة النصية مزيجًا من السرد الجمالي والحفر الاجتماعي العميق.

ومع أن النص يمثّل بنية قوية، فإن الإخراج في (الجدار) هو الذي يمنحه فضاءه الوجودي. المخرج المفكر(سنان العزاوي) في هذا العرض، قدّم أحد أكثرواهم اشتغالاته نضجًا وقدرة على تطويع الخشبة، ليس بوصفها مكانًا، بل بوصفها بنية مرنة تتغير مع كل شخصية، ومع كل لحظة، ومع كل جرح. حيث لم يقدّم (العزاوي) النص كما هو، بل أعاد كتابته على الخشبة عبر الصورة، والحركة، والضوء، والصوت، والكتلة. وهو يخلع عن المسرح جلده اليومي، يفتحُ عينه على عالمٍ يتشكّل من تكرار الصرخة. إخراجه ليس صناعة، بل طقس؛ وليس هندسة، بل تحويل الوجود إلى رؤيا. يضع الجسد في مواجهة ذاته، ويُصغي إلى ما يقوله الصمت حين يصبح أعمق من الكلام. المسرح هنا فضاءٌ يُعاد ترتيبه كأنه حلم يتكسّر، كأنّ الجدار ليس حدًّا بل جرحٌ مفتوح في ذاكرة المكان.
لقد بنى ميزانسينًا يقوم على التوازي بين الثابت والمتحرك، بين الظاهر والمظمر، وبين الممثل وجسده ككيانين منفصلين ومتحدين في الوقت ذاته. إن طريقة عمله مع الممثلين أعتمد على نظام عرض أدائي كامل لايعتمد التمقص او السرد بل يلوج في السايكولوجيا الوصفية, فهو يجعل الممثل يخرج من منطقة الشخصية بوصفها حكاية، ويدخله في منطقة الشخصية بوصفها علامة، دالًّا، أثرًا، أو بقايا ذات تبحث عن شكل.
فمن خلال إخراجه يتحويل النص إلى تجربة حسّية تقف بين النقد الاجتماعي والتأمل الفلسفي. فهو يعيد ترتيب العلاقات بين الشخصيات، بين المكان والإنسان، بين الضوء والجسد، فيشتغل على النص كحقل تتجاذبه الرغبة في الهدم والرغبة في الكشف. ومن هنا ندرك التوافق الكبير والعضوي في الوعي وفي الأستدارك المفاهيمي بين (المؤلف والمخرج) كشريكين اساسيين في مشروع العرض، يجمعان شركاءهم الآخرين لبناء تجربة مسرحية فائقة الخصوصية و التفرد في محتواها الصادم و نظام عرضها المتقن ومتن نسيجها الركحي (الفكري ،البصري ، السمعي، الحركي، الزمني) المذهل..
 في هذا الإطار، يستثمر (العزاوي) المسرح كفضاء للمقاومة الرمزية، محولًا الخشبة إلى فضاء بيني مركب يتقاطع فيه أثر الماضي مع استمرار تأثيراته في الحاضر، بما يتجاوز التجربة الزمنية الضيقة للشخصيات. إذ لا تتحرك الشخصيات ضمن الزمن الدرامي فحسب، بل ضمن أثر كولونيالي تراكمي، يتجسد في شبكة العلاقات غير المتكافئة بين السيد والعبد، المركز والهامش، القوة والضعف. هذا التراكب الكولونيالي ليس مجرد خلفية موضوعية، بل يشكّل نمطًا معرفيًا وسلوكيًا يحدد حركة الشخصيات ويكشف الآليات الداخلية لاستدامة الهيمنة الرمزية.
ويكمن تجليات الأبداع الأخراجي في قدرته على أن يشكل فضاءً تحليليًا تفاعليًا، يجمع بين التجربة الفردية والخبرة الجمعية، حيث تتقاطع الذاكرة الشخصية مع الوعي التاريخي للمجتمع. الشخصيات في هذا العرض لا تعمل كوحدات مستقلة، بل كعناصر متشابكة ضمن نسيج جماعي متكامل، تتقاطع أصواتها مع صمت الجماعة، وتشكل جسورًا بين زمن الغياب وزمن الحضور، مما يحول التجربة المسرحية إلى حقل معرفي-رمزي يمكن من خلاله دراسة عمليات الهيمنة، المقاومة، والتشكل الاجتماعي.
في هذا الإطار، ينجح العرض في أن يكون سياسيًا دون الاعتماد على الخطاب المباشر أو الشعارات السطحية، وفلسفيًا دون الانزلاق في التنظير المجرد، وإنسانيًا دون الوقوع في الميلودراما المبالغ فيها. تتشكل البنية الدرامية من تداخل الأبعاد الفكرية والجمالية، والمستويات الرمزية والمادية، والحركة والإيحاء البصري. كل عنصر في فضاء الجدار يمثل مؤشرًا على التاريخ، الذاكرة، السلطة، وقيود المجتمع غير المرئية، محولًا الخشبة إلى جغرافيا رمزية لدراسة العلاقات المعقدة بين الفرد والمجتمع، بين القيد والمقاومة، بين الحاضر وامتدادات الماضي.

ومن خلال هذا الاشتغال، يتحوّل (الجدار)  إلى نموذج حي للمسرح العراقي الجديد، يعيد صياغة العلاقة بين التصميم الفني والمضمون، بين الأداء والمفهوم، بين التجربة المحلية والانفتاح على السياق العالمي، ويتيح إطارًا معرفيًا لفهم التفاعلات المعقدة بين السلطة، الثقافة، والفعل الفردي في البنية الاجتماعية. 

أما السينوغرافيا، من خلال  تصميم الشريك الثالث والعضوي المبدع (علي السوداني)، فهو الراوي الذي لا يتكلّم لكنه يغيّر مسار المعنى. السينوغرافيا في (الجدار) لا تُمارس الخداع البصري ولا تنحاز إلى التقشّف الشكلي، لكنها تنبع من ثراءٍ ماديّ محسوس يتصاعد في طبقات من المعنى، حتى يغدو كل عنصر فيها طاقةً مُولّدة، لا زينةً مُضافة. فالجدار المتحرّك، الذي يتبدّل بين الارتفاع والانغلاق والانفراج، ليس ديكورًا يُستبدَل، بل كائنٌ معماريّ حيّ يُعيد تشكيل المكان لحظةً بلحظة، كأنّه نبضٌ مرئيّ للسلطة وهي تُعيد رسم خرائط العيش والخوف على أجساد الشخصيات. أمّا الأبواب المتعددة، فليست منافذ خروج، بل علامات وجودية تتكاثر دلالاتها: بابٌ يفتح على وهمٍ لن يتمّ، بابٌ آخر يلتهم محاولة الهرب، وثالث يتحوّل إلى فخّ بصري يفضح هشاشة الجسد حين يختبر حدوده.
هذه البنية التي صاغها (علي السوداني) ليست خلفية مسرحية بل جسدًا يحتضن خرابًا أنطولوجيًا؛ إذ تحاصر الجدران الثلاثة الشخصيات كما لو أنها تحاصر وعيها، بينما تفتح الشقوق والأبواب المغلقة منافذ وهمية نحو فراغ نفسي متسع، وليست منافذ عبور، بل مجازات عن القدر المُغلق، عن الأمل الذي يتسرّب ولا يتحقق، عن التطلّع المكبوت والطرق التي تُفتح لتقود إلى العدم. حيث يتردّد فيه صدى الأسئلة أكثر مما يتردّد فيه الصوت. كل زاوية مظلمة هنا تُحاكي فجوات الوعي التي تركتها الكولونيالية في الذاكرة الجمعيّة، وكل باب يُفتح ويُغلق يعكس محاولة تفكيرٍ خائبة، أو رغبة في الانفلات من قيودٍ اجتماعية رسّختها عقود طويلة من الخضوع والإكراه.
الإضاءة الباردة، القادرة على تحويل الظلّ إلى جدار ثانٍ، لا تكتفي بالإبانة، بل تستجوب حضور الجسد وتختبر صدق أفكاره. الضوء ينساب بين طبقات العمارة المتحوّلة، يعجن حوافّ الجدار، يخترق الشقوق، ويحوّل كل انتقال للكتلة المعمارية إلى حدث درامي مزدوج. والظل، حين يتقاطع مع هذا الضوء، يتحوّل إلى معمار موازٍ؛ جدار يتنقّل، يتلملم، ويكشف عمّا يختبئ تحت الحركة الميكانيكية من قلقٍ إنسانيّ مكثّف.
الصوت، بدوره، هو ذاكرة هذا الفضاء. إنّه ليس مؤثرًا خارجيًا، بل أنينٌ متأتٍ من عمق الجدار نفسه، كأنّه يعيد تشكيل الفقد المتراكم خلف الأبواب المغلقة. الديكور هنا يشترك في فعل المراقبة، فهو عمارة ترى وتُرى، وتتحكم بحركة الشخصيات كما لو أنها تمتلك السلطة على مصائرهم.
وفي هذا التنظيم، يتقدّم الممثل بوصفه مفردة سينوغرافية كاملة: جسدٌ يتّسع ليصبح امتدادًا للجدار حينًا، ونقيضًا له حينًا آخر، كتلة يعيد الضوء نحتها باستمرار، فتتحوّل الحركة الجسدية إلى كتابة ضوئية متكررة ومتحوّلة. أحيانًا يصبح الممثل بابًا بشريًا: حدًّا بين الداخل والخارج، بين الخضوع والرغبة في الانفلات، بين الصمت والبوح.
الأزياء تتقدّم كعلامات بصرية غير استعراضية، كل قطعة قماش تحمل أثر قيدٍ اجتماعيّ أو ندبة رمزية. وعندما تظهر الأقنعة، فإنها تحوّل الوجه إلى صفحة تُعرّي بدل أن تخفي، وتحوّل الممثل من فردٍ إلى علامة تتكثّف فيها الدلالة. وتعمل المجاميع البشرية كنسيج متوتر يعيد هندسة الفضاء، تُولد من حركتها نحتيةٌ سيميتريّة تُذكّر بأن السلطة قادرة على بناء نظامها حتى من فوضى الأجساد.

وتتسع السينوغرافيا بدخول المقاطع الفيلمية والداتاشو، لا باعتبارها تقنيات مضافة، بل فنونًا مجاورة تُنسَج في العمارة البصرية. الصور المسقطة لا تزيّن، بل تُضاعف الزمن وتربط الحاضر بماضٍ يشبهه. إنّها طبقة ثالثة بين الجدار والممثل: ذاكرةٌ مرئية تتقاطع مع ذاكرة الجسد، مرايا عابرة تُعلّق الحاضر على شاشة وتُعرّي تكرار القمع عبر التاريخ. هنا لا يعود الجدار مادة فقط، بل صورة عن مادة، وذاكرة عن صورة، وعلامة عن سلطة تستنسخ نفسها.
وعند تقاطع المعمار المتحرّك، الأجساد الجماعية، الضوء، الأقنعة، والصورة المسقطة، تتبلور البنية الفوكوية للضبط والمراقبة:
فضاءٌ يعيد هندسة نفسه بلا انتهاء ليذكّر الجسد بأنّه مراقَب، وبأنّ كل باب ليس مخرجًا بل اختبارًا لسلطةٍ تتكاثر في الجدار، وفي انعكاس الجدار، وفي الصورة التي تراقب قبل أن تُراقَب.
وفي الطبقة الأخيرة من هذا التكوين، تنبثق اللامرئيّة بوصفها مركز ثقل العرض: تصاميم ضوئية تبرز الظلال أكثر من الأجساد، كأنّ الكولونيالية لا تظهر في الأشياء بل في ظلالها، لا في حضورها بل في ارتجاف الغياب الذي تخلفه.
هكذا تتبدّى السينوغرافيا في (الجدار) بوصفها جهازًا بصريًا معرفيًا، لا يحتضن الفعل المسرحي بل يخلقه، ويمنحه عمقه الوجودي، كما لو أنّ الركح نفسه يتحوّل إلى كائن واعٍ يدوّن، ويراقب، ويُدين.
 إنّ مسرحية (الجدار)لا تتعامل مع البنى الاجتماعية كما لو كانت طبقات يمكن تقشيرها، بل كما لو كانت جلودًا أسطورية تنمو على الجسد والذاكرة معًا، وتشدّ الذات إلى عتمتها الأولى. فهي تبدأ من تفكيك الذات لا بصفتها كيانًا فرديًا، بل بصفتها أرشيفًا للخطيئة والرغبة والرعب، ثم تمتدّ، كجمرٍ يتقد تحت الرماد، إلى المجتمع بوصفه المهجع الأول للعطب، قبل أن تهوي على النظام كيدٍ تفكّ أقنعة التشريع الخفي للعنف، ثم تمسّ أخيرًا لُبّ البنية الكولونيالية التي لا تزدهر إلا فوق الخراب المتوارث والروح المكسورة. إنّها ليست رحلة بحث، بل رحلة تعرّي السؤال نفسه؛ نفقٌ يهبط لا نحو الإجابات، بل نحو هاوية الأسئلة وحافّتها الراجفة.
والسؤال الذي تبذره المسرحية في وعي المتلقي ليس سياسيًا ولا أخلاقيًا تمامًا، بل هو سؤال الميتافيزيقا التي تتخفّى في بنية الجماعة، سؤال الظلّ الذي يحرس الكارثة:
كيف لمرآةٍ يخشاها مجتمعٌ بأكمله أن تعينه على صدّ الوجه الأشرس للكولونيالية؟
كيف لجسدٍ يتستّر على قبحه الداخلي أن يقف في وجه قبحٍ أشدّ فتكًا، وأبرع في إعادة نحت أشكاله؟

في هذا السياق، يتحوّل الجدار إلى استعارة كونية: جدار الذات التي تنكر جرحها كي لا تنفجر، وجدار المجتمع الذي يحرس عماه كما لو كان نورًا، وجدار النظام الذي يمجّد خوفه ويصيّره قانونًا، وجدار الكولونيالية التي لا تحتاج سوى شقٍّ يسير كي تتسرّب منه وتعيد ترتيب الخراب. وبهذا، لا تعرض المسرحية أجوبةً، بل تمنح المتلقي إحساسًا مرًا بأنّ مقاومة الخارج تبدأ من ذبح الداخل فوق طاولة الحقيقة.
إنها تصرخ، بصمتٍ كثيفٍ وقاسٍ، أن مجتمعًا يهرب من مواجهة ظلاله لن يواجه إلا ظلالًا أشدّ طولًا، أشدّ ظمأً، وأكثـر قدرة على ابتلاعه. وكل هذا يتجسد في أشتغالات المبدع (علي السوداني) في تصميم السينوغرافيا وفق رؤى المخرج الشريك (سنان العزاوي) .
وعلى مستوى الأداء، كشف الممثلون ــ فردًا فردًا ــ عن قدرة مذهلة على حمل هذا التوتر المركب. فالممثلون في (الجدار) ليسوا مجرد أجساد على خشبة، بل أصداء تتحرك داخل جدار الذاكرة، كهوف متحركة تتنفس الألم، شروخ تنبض بالاختلاف، وتصدح بالصمت في الوقت ذاته. كل حركة، كل ارتعاشة، كل صرخة خافتة أو انفجار مفاجئ، تصبح خطابًا حيًّا، لغة تُقرأ بالجسد والروح، لا بالكلمات وحدها. و يتصدر المتألق (يحيى إبراهيم) المشهد المسرحي كجسدٍ يعيد قراءة مفاهيم السلطة والهوية عبر تحوّلٍ صادم، لكنه ليس صدمة بقدر ما هو تفكيك. يظهر جسده كوثيقة سياسية، كمرجعٍ نقدي يفضح سرديات الهيمنة الأخلاقية والاجتماعية. فتحوّله ليس حدثًا، بل مجاز عن الجسد المقموع، عن المدينة التي تبني جدرانًا لاحتواء الاختلاف ثم تدفن خلفها ضحاياها. أداؤه هو تفكيكٌ للمسكوت عنه واحتجاجٌ على الصمت بوصفه صورة من صور القمع. حضوره الرجولي، يتجاوز المظهر الخارجي، ليصبح حاملًا مزدوج المعنى: جسدًا متحركًا للنص، ورمزًا حيًا للصراعات النفسية والاجتماعية.
أداؤه للشخصيات المتعددة (الشاذ جنسيًا، القواد، الزوج المغتصب) يتعدى حدود التمثيل التقليدي ليصبح قراءة مسرحية دقيقة للعلاقات بين الفرد والمجتمع، بين الحرية والقيود، بين الرغبة والتاريخ الاجتماعي. كل شخصية ليست مجرد كيان مستقل، بل طبقة ضمن بناء اجتماعي ونفسي مركب، تتفاعل مع الزوايا والشقوق في فضاء الجدار، فتكشف عن التوترات الرمزية العميقة، وأثر القوى المهيمنة على تكوين الهوية والرغبة.
بهذا الشكل، يصبح الأداء اللافت للقدير(يحيى إبراهيم) أداة تحليلية وتجريبية، تجمع بين الفعل الجسدي والدلالة الرمزية، بين التجربة الفردية والذاكرة الجمعية، بين الحركة والعمق النفسي، لتتحوّل خشبة المسرح إلى فضاء متعدد الطبقات يقرأ النص والجدار والمجتمع في آن واحد، ويتيح رؤية شاملة للعلاقات المعقدة بين الشخصيات والسلطة والرمزية الاجتماعية

اما المبدعات ( آلاء نجم، لبوة عرب،اسراء العاني، رضاب احمد، ريهام البياتي، نعمت عبد الحسين،رنا لفتة، زمن الربيعي، فيروز طلال، اماني حافظ، شيرين احمد، عبير الخفاجي) فهن يشكّلن شبكة جسدية معرفية تتجاوز مجرد التمثيل الخارجي لتصبح مساحة تواطؤ بين العقل والجسد، وفق مقاربة السيكولوجيا الوصفية التي تركز على الإدراك الجسدي للخبرة النفسية وتجليها في الأداء. كل حركة، كل التفافة، كل ارتجاف للعضلات، تُقرأ بوصفها استجابة معنوية للنزاع الداخلي، مكاشفة للاضطرابات النفسية الناتجة عن العنف الاجتماعي والجماعي، وكأن الجسد يتحوّل إلى سجل حي للذاكرة العاطفية والجنسية والجسدية.
الفنانة (آلاء نجم) على سبيل المثال، توظّف خطواتها وامتدادات جسدها كـ طقوس استعادية، تحاكي نزاع الذات مع أثر الصدمة، فتصبح الحركة لغة وصفية تعكس الصراع النفسي بين الرغبة المكبوتة والخوف المتأصل. الرائعة (إسراء رفعت) عبر صمتها المكثف وانكسار جسدها، تقدّم دراسة في التوتر النفسي والاغتراب الداخلي، حيث تتحول الأعضاء المرتجفة إلى علامات وصفية تعكس اضطرابات الهوية والحضور النفسي في فضاء محاصر. والممثلة (رهام البياتي) في تجسيد الألم الأمومي الموروث والمعاش، تستخدم الجسد كمجال لتثبيت التجربة الزمنية للصدمات الماضية والحالية، فتصبح انحناءات العمود الفقري والانزلاقات الحركية سجلًا وصفياً للصراع بين رغبة الحياة وانطفاء الأمل.
 في المقابل، الفنانة (نعمت عبد الحسين) تقدّم أداءً أوبراليًا، يوسّع المجال النفسي والجسدي لتصبح الصوت والجسد متوازيين في إنتاج الدلالة الرمزية، وكأن الصوت الأوبرالي نفسه يشكّل امتدادًا للصراخ المكبوت داخل الذاكرة الجمعية. وصوتها ليس مجرد نغمة بل صرخة الهيمنة الكولونيالية المتمثلة في السلطة الرمزية. كل تصعيد صوتي، كل نفَس مرتفع، يعيد إنتاج العلاقة بين القهر والاختيار، بين الحرية والقيود، ويحوّل الجسد المسرحي إلى لوحة حيّة للهيمنة والتمرد والمقاومة الرمزية.
المهرج والمجاميع لا تقل حضورًا؛ حركتها المتزامنة، تنفسها الجماعي، وقفتها الموزونة، تجعل الركح نحتًا حيًّا للإيقاع الرمزي، جسد المجتمع على هيئة لوحة متحركة، حيث الصمت جزء من الحوار، والضوء والظل خطوطه، والانفعال الفردي يصبح جزءًا من النسيج الكلي للعرض.
وفي هذا العالم المشحون بالرمزية، يظهر( الجوكر) الذي يجسده الممثل(دريد عبدالوهاب)، صامتًا لكنه حاضر بالتهديد، عبثيًا لكنه مُهيمن، مرآة للسلطة الكولونيالية المتخفية في كل زاوية من الركح. صمته ليس غيابًا، بل حضورٌ ثقيل يوجّه الأنظار، يفرض التوتر على المشهد، يقطع المسافة بين الفرد والجماعة، بين الصخب والصمت، ويصبح ظلًا حيًّا يراقب ويعيد تشكيل الأحداث من الداخل، مجسدًا الجانب الساخر والمهدد للهيمنة التي تتسلل عبر الزوايا المخفية للجدار والوعي الجماعي..
الموسيقى في (الجدار) ، من تأليف (رياض كاظم )وعزف (أميرة عز الدين)، ليست مجرد خلفية، بل محرك جمالي للزمن الداخلي للعرض. الصمت الموسيقي والانفجار اللحظي يتقاطعان ليصبح الإيقاع خطًا دراميًا موازيًا لحركة الجسد والضوء والظل، يحدّد انكسارات الوعي ويمنح الجدار نبضًا رمزيًا. 
والكيروكراف من تصميم المبدع (عليّ دعيم)، يتحوّل إلى لغة فلسفية مكتوبة على الهواء. الانحناء، الانكسار، التسلق والانزلاق ليست حركات تقنية فحسب، بل مقاومة رمزية تُعيد إنتاج الوعي بما يُمحى اجتماعيًا: الألم، القمع، والقيود المفروضة على الرغبة والوجود. الحركة هنا ليست أداءً منفصلًا، بل خطاب جسدي متشابك مع الجدار، الضوء، الصوت، والذاكرة، لتصبح كل اهتزازة عضلية شهادة على التاريخ والمجتمع والهيمنة.
أما تصميم الأزياء الذي قام به ( زياد العذاري) وال ماكياج ل( بشار فليح)  ، فهما جزء من الخطاب الكولونيالي نفسه: وجوه شاحبة، عيون معتمة، خطوط متكسرة تشير إلى التعب المتوارث، إلى الشقاء الذي لا يتعلق بالشخصية  وحدها بل بالمجتمع بأسره. الأزياء دقيقة وغروتسكية، وكأنها تُعيد إنتاج طبقات اجتماعية مسحوقة فقدت لونها تحت ضغط التاريخ.

لقد نجح المخرج المبدع (سنان العزاوي)مع شركاءه في هذا العرض ، في تحويل عناصره الفنية إلى منظومة واحدة ومع كل هذه العناصر،وكل تلك الجهود الفنية والتقنية والانتاجية الضخمة، فإنّ ما يجعل (الجدار)علامة بارزة في المسرح العراقي هو أنّه يقدّم قراءة نقدية شجاعة لتصدّعات المجتمع. بلغة ركحية فائضة الجمال ومعاصرة وبينما يغادر المتلقي القاعة، فإن ما يحمله معه ليس (أثر عرض)، بل معادلة: أنّ الجمال يمكن أن يكون أداة نقد، وأن الشجن يمكن أن يتحوّل إلى تمرّد معرفي، وأن المسرح قوة قادرة على فضح صور الاستعمار التي تلبس أقنعة الحداثة، وتستقرّ في اليوميّ، في أخلاق الطاعة، في التراتبيات العائلية والمهنية، وفي الفكرة الرائجة عن (النجاة بالصمت).
 وهكذا يغدو (الجدار) نداءً إلى مساءلة الإرث الرمادي الذي خلّفته الكولونيالية، وإلى تفكيك الحضور الخفيّ لظلّها في حياتنا المعاصرة، بهذا تتحوّل الخشبة والجدار إلى مساحة تجريبية للفكر والإحساس معًا؛ ليس مجرد حدث مسرحي يُشاهَد، بل حدث يقرأنا نحن، ويعيد ترتيب وعيّنا، يضعنا أمام انعكاسات وجودنا في العالم وفي ذواتنا. فالجدار لا يمنع، بل يفتح الأفق: لنرى ما خلفنا، وما أمامنا، وما تحت أقدامنا، وهكذا، لا يقدّم العرض تأويلاً للواقع، بل يتيح للمتلقي أن يعيش ظواهره؛ يتلمّسها، يصغي إلى توترها، ويعيد من خلالها تشكيل وعيه بالسلطة والذاكرة والجسد والحرية.

و يظل (الجدار)علامةً لا تُقاس بالنجاح الفني وحده، بل بقدرته على إعادة تعريف النجاح ذاته، على تحويل العرض من فعل تقني إلى تجربة وجودية. إنه عرض يعيد للمسرح العراقي حضوره كفضاء ذا ذاكرة، وجماليات، وجرأة، كمساحة يُعاد فيها اكتشاف العلاقة بين الإنسان والعالم من جديد.
العرض يفتح باب المساءلة والشكّ والتأمل، ويخلق لغة جديدة للبوح، ولغة جديدة للمواجهة، لغة تختصر بين الصمت والصراخ، بين الظلّ والنور، بين الجرح والرؤية.
إنها تجربة تُعاد فيها كتابة العالم، لا عبر الفكر المجرد، بل عبر انبثاق الظاهرة في شكلها الأولي، كما تُعاش، وكما تترك أثرها في الوعي قبل أن تُؤوَّل..
وتلك هي القدرة العليا للمسرح: أن يجعلنا نرى ما نجهل رؤيته، وأن يجعلنا نسأل، حتى حين لا نجد جوابًا، فنصبح أكثر وعيًا بما نحن عليه، وما قد نكون عليه.


هذه المقالة تنشر احتفاءا" بتتويج (مسرحية الجدار)  انتاج : دائرة السينما والمسرح- الفرقة الوطنية للتمثيل ، بجوائز ذهبية وفضية في مهرجان ايام قرطاج المسرحي الدورة 26، وهي عن مشاهدتي لعرض المسرحية يوم 11 | 12 | 2024 على خشبة مسرح الرشيد ضمن الدورة الخامسة لمهرجان بغداد الدولي للمسرح.. 

في ختام مهرجان الدن المسرحي الدولي الخامس ومن بين 18 عشر عرضاَعربياً وأجنبياً مبدعونا يحصدون جوائزالتمثيل الرجالي والنسائي والتأليف في مسابقة مسرح الشارع

مجلة الفنون المسرحية


في ختام مهرجان الدن المسرحي الدولي الخامس ومن بين 18 عشر عرضاَعربياً وأجنبياً
مبدعونا يحصدون جوائزالتمثيل الرجالي والنسائي والتأليف في مسابقة مسرح الشارع  
مسرحية (النزول إلى الأعلى) لحسين مالتوس تحصد جائزة أفضل ممثل رئيسي وتترشح لجائزة أفضل عرض مسرحي متكامل، لجائزة افضل مؤثرات موسيقية في وقت تم فيه حجب جائزة الإخراج 
مسرحية (سلمى) لنجاة نجم تحصد جائزة أفضل نص للدكتور دلشاد مصطفى، وجائزة أفضل ممثلة أولى للفنانة هوار فارس، وتترشح لجوائز:(أفضل أزیاء، أفضل موسیقى ومؤثرات، وأفضل إكسوارات، وأفضل عرض متكامل )..

كتب – عبد العليم البناء

من جديد يحقق المسرح العراقي مكاسب مسرحية إبداعية متميزة بعد سلسلة المكاسب الابداعية المهمة التي حققها مبدعوه بجدارة واقتدار وكانوا دائماً في صدارة المشهد في أكثر من مهرجان عربي ودولي ليس آخرها فوز مهرجان أيام قرطاج المسرحية الدولي السادس والعشرين حين حصدت مسرحية ( الجدار) للفرقة الوطنية للتمثيل جائزة (التانيت الفضي) وجائزة السيناريو، في تواصل مع فوز مسرحية (بيت أبو عبد الله) وإنتاج الفرقة ذاتها وتقديم فرقة مسرح المستحيل التي يرأسها المخرج أنس عبد الصمد في الدورة السابقة من المهرجان ذاته.
وهاهم مبدعو المسرح العراقي يحققون نجاحات إضافية حين حصدوا أكثر من جائزة في الدورة الخامسة من مهرجان الدن المسرحي الدولي الذي نظمته فرقة مسرح الدن للثقافة والفن بالشراكة مع وزارة الثقافة والرياضة والشباب وعدد من المؤسسات الرسمية والخاصة في سلطنة عمان، الذي أقيمت فعالياته فعالياته للمدة من الرابع والعشرين ولغاية الثلاثين من تشرين الثاني نوفمبر الماضي تحت شعار: (أهلًا بالعالم في سلطنة عُمان) وجرى اختيار 18 عرضًاعربياً وأجنبياً منها تمثل 12 دولة للمنافسة رسميًا ضمن المسابقات الثلاث للمهرجان.

ففي (مسابقة مسرح الشارع) حصدت مسرحية (النزول إلى الأعلى) وهي من سيناريو وإخراج وتمثيل وموسيقى الفنان المبدع حسين مالتوس، ومن إنتاج فرقة مالتوس للفنون الادائية / نقابة الفنانين العراقيين فرع بابل، جائزة افضل ممثل رئيسي أول (حسين مالتوس )، كما ترشحت لجائزة أفضل عرض مسرحي متكامل، وكذلك لجائزة افضل مؤثرات موسيقية في وقت تم فيه حجب جائزة الإخراج .. وحسب مبدعها الفنان حسين مالتوس "العرض ينطلق إلى العالمية .. ليجعل من النزول طريقًا آخر للصعود.. لأن الفن الحقيقي لا يصعد إلا حين يهبط  نحو الإنسان أولاً جاء (النزول إلى الأعلى) بلغة عالمية تتجاوز حدود الكلام ، معتمداً رمزاً عالمياً خالداً (رجل الإنقاذ) ليحمل عبر صمته فلسفة إنسانية عالمية لا محلية فحسب بل ممتدة إلى الوعي الإنساني كله."
وفي مسابقة مسرح الشارع  ذاتها حصد مبدعو المسرح العراقي جوائز أخرى حيث حصدت مسرحية (سلمى) من إنتاج فرقة مسرح هوار الكركوكية ، وهي من تأليف الدكتور دلشاد مصطفى وإخراج الفنان المبدع نجاة نجم، وتمثيل الفنانة هوار  فارس والفنانة الفرنسية أوريلي امبيرت، جائزة أفضل نص للدكتور دلشاد مصطفى، وجائزة أفضل ممثلة أولى للفنانة هوار فارس، كما ترشحت إلی أربع جوائز اخرى وهي :(أفضل أزیاء، أفضل موسیقى ومؤثرات، وأفضل إكسوارات، وأفضل عرض متكامل ).. وتتحدث المسرحية عن مظالم الشعب الكردي التي لحقت به إبان حكم النظام المباد المتمثلة بعمليات الأنفال سيئة الصيت، وستعرض مساء يوم غد الخميس السابع والعشرين من هذا الشهر في الجمعية العمانية للسيارات في العاصمة مسقط.

الجدير بالذكر أن مبدعي المسرح العراقي شاركوا في المسابقة الرسمية لمسرح الكبار بمسرحية (بيت أبو عبد الله ) إنتاج الفرقة الوطنية للتمثيل في دائرة السينما والمسرح، وتقديم فرقة مسرح المستحيل التي أسسها ويرأسها الفنان أنس عبد الصمد، ومن تاليفه واخراج وسينوغرافيا الفنان أنس عبدالصمد ذاته، وتمثيل الفنانين :أنس عبد الصمد، ثريا بوغانمي، محمد عمر،ماجد درندش، صادق الزبدي، سجاد حمزة، يوسف عبد الجبار، حسام معتوك الخزرجي، والإضاءة لعلي السوداني، والموسيقى لرشوان فؤاد. 
كما شارك مبدعو المسرح العراقي  بالعرض المسرحي (الباب الخلفي للحضارة) من إنتاج شعبة المسرح المعاصر في الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة في كربلاء، وهي من تأليف الكتب  محمود أحمد، وإخراج الفنان : زيدون آل سلطان، وتمثيل الفنانين : د. هيثم عبد الرزاق، ورجاء تركي، وأزهر الأسدي، وعلي كاظم، وتصميم وتنفيذ الإضاءة لصادق مكي والمؤثرات الصوتية لأسامة الخزعلي وعلي سجاد، والمعالجة البصرية (الداتاشو) لماهر الخفاجي، والاشراف الفني  الدكتور هيثم عبد الرزاق، والاشراف العام منتظر الطويل. وحسب المخرج زيدون آل سلطان فهذا العرض " من نوع المسرح الاجتماعي ويتحدث عن العائلة والمجتمع والعالم الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها على مجتمعاتنا، وهو عمل مشوق يعتمد على التقنيات البصرية والصوتية وغيرها وبتفاعل حيوي وإبداعي من الممثلين الذين يتقدمهم الدكتور  هيثم عبد الرزاق.
وتجيء المشاركة النوعية لمبدعي المسرح العراقي في الدورة الخامسة من مهرجان الدن المسرحي الدولي لتؤكد الحضور الابداعي الفاعل الذي تبلور عبر مشاركة أربعة عروض مسرحية مهمة تعكس مكانة وأهمية المسرح العراقي الذي تصدر ويتصدر دوماً منصات الابداع في مختلف المهرجانات المسرحية العربية والدولية، وسط وحضور لافت لعدد من النجوم والضيوف من العالمين العربي والدولي، وبرؤية تجعل من المسرح مساحة للحوار والتفاهم بين الثقافات، ومختبرًا للتجارب الإبداعية التي تُنير الوعي وتُسهم في بناء الإنسان.

الثلاثاء، 2 ديسمبر 2025

ستة عشر عرضاً مسرحياً عربياً تأهلت للدورة 16 من مهرجان المسرح العربي.

مجلة الفنون المسرحية



ستة عشر عرضاً مسرحياً عربياً تأهلت للدورة 16 من مهرجان المسرح العربي.

إسماعيل عبد الله: الدورة السادسة عشرة ستشهد تنافساً رفيع المستوى وبعدد غير مسبوق.

أعلنت الهيئة العربية للمسرح العروض المتأهلة للمشاركة في الدورة السادسة عشرة من مهرجان المسرح العربي، والتي تنظمها بالتعاون مع وزارة الثقافة المصرية في القاهرة من 10 إلى 16 يناير 2026، وذلك بعد أن قدمت لجنة مشاهدة العروض واختيار المؤهلة منها لتشارك في هذه الدورة، وكانت اللجنة قد تكونت من:
لجنة مشاهدة العروض

د. يوسف عايدابي – رئيساً السودان
أ. إيهاب زاهدة فلسطين.
أ. زيد خليل مصطفى الأردن.
د. علاء قوقة مصر.
أ. وليد دغسني تونس.

وقد نظرت اللجنة في ملفات العروض المتنافسة لدخول المسارين والتي بلغت في هذا العام مئة وخمسين عرضاً، منها مئة وستة عشر عرضاً تقدمت للتنافس على جائزة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، وقد أخضعتها اللجنة للتقييم والتحليل، وقررت تأهل العروض التالية:
ويندوز 5 widows F، من المغرب لفرقة Art Friends، تأليف وإخراج أحمد أمين ساهل.
الساعة التاسعة، من قطر، لفرقة قطر المسرحية، تأليف مريم نصير، إخراج محمد الملا.
المفتاح، من الجزائر، المسرح الجهوي عبد المالك بو قرموح بجاية، تأليف محمد بورحلة، إخراج زياني شريف عياد.
الهاربات، من تونس، الوطني التونسي بالشراكة مع الأسطورة للإنتاج ، تأليف وإخراج وفاء طبوبي.
بابا، من الإمارات العربية المتحدة، مسرح الشارقة الوطني، تأليف وإخراج محمد العامري.
بيكنك ع خطوط التماس، من لبنان، 62Events by Josyane Bouls، نص ريمون جبارة، إخراج جوليا قصار.
جاكرندا، من تونس، المسرح الوطني التونسي، تأليف عبد الحليم المسعودي، إخراج نزار السعيدي.
طلاق مقدس، من العراق، الفرقة الوطنية للتمثيل، تأليف وإخراج علاء قحطان.
فريجيدير، من الأردن، آرتو وهيك الحاكم مسعود، عن نص هزاع البراري، دراماتورجيا وإخراج الحاكم مسعود.
كارمن، من مصر، مسرح الطليعة، عن كارمن لجورج بيزيه / دراماتورجيا محمد علي إبراهيم، إخراج ناصر عبد المنعم.
كيما اليوم، من تونس، المسرح الوطني والفن مقاومة، تأليف وإخراج ليلى طوبال.
مأتم السيد الوالد، من العراق، الفرقة الوطنية للتمثيل، تأليف وإخراج منهد الهادي.
مرسل إلى، من مصر، فرقة السنبلاوين المسرحية، تأليف طه زغلول، إخراج محمد فرج.
من زاوية أخرى، من الكويت، فرقة المسرح الكويتي، تأليف مصعب السالم، إخراج محمد جمال الشطي.
مواطن اقتصادي، من المغرب، محترف الفدان للمسرح، تأليف أحمد السبياع، إخراج محمود الشاهدي.
فيما تقدم للمسار الثاني أربعة وثلاثون عرضاً تأهل منها:
الجريمة والعقاب، من مصر، نقابة المهن التمثيلية، عن رواية دستوفسكي، إعداد وإخراج محمود الحسيني.
هذا وقدر صرح الأمين العام للهيئة العربية للمسرح بأن المسار الأول مسار جائزة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي شهد تنافساً شديداً من حيث العدد والمستويات الفنية التي ميزت عروضه، مما جعل المسار يستحوذ على أيام المهرجان كلها، وهي المرة الأولى التي يصل عدد المتنافسين فيها إلى 15 عرضاً، لذا فإنني من موقعي أولاً أهنئ لجنة المشاهدة على جهدها وعملها العلمي والفني الدقيق للخروج بما يتناسب وشروط المهرجان الذي يسعى للجودة، كما يمكن ملاحظة أن رقعة المشاركة في التنافس شملت أغلب مسارح الدول العربية، كما نهنئ المسرحيين العرب الذين تقدموا للمشاركة حيث أبانت هذه المشاركة مستوى رفيعاً في نسبة عالية من هذه العروض، 
وأضاف عبد الله، ولا يفوت الملاحظ لهذه العروض التي جمعتها مسارات المهرجان، تنوع الأعمار والخبرات والمشارب الفنية والفكرية، مما سيوفر هذا التنوع متعة للمشاهدين من مختصين وجمهور عادي؛ إننا وباختيار هذه العروض قد وصلنا إلى تمام الاستعدادات للدورة السادسة عشرة التي سنعمل مع شركائنا في وزارة الثقافة المصرية على أن تكون في مستوى رفيع فنياً وإداريا.



نقابة الفنانين العراقيين تشارك في معرض العراق الدولي للكتاب بغداد

مجلة الفنون المسرحية


نقابة الفنانين العراقيين تشارك في معرض العراق الدولي للكتاب
بغداد
تشارك نقابة الفنانين العراقيين في معرض العراق الدولي للكتاب المُقام على أرض معرض بغداد الدولي والذي تقيمه مؤسسة المدى وبمشاركة واسعة للدور وتظاهرة كبيرة للكتب ، و تشارك النقابة من خلال جناحها الخاص المرقم G15، حيث تعرض أحدث إصداراتها الفنية والثقافية وكذلك المساهمة في فعاليات هذا المعرض. 
وتأتي مشاركة ضمن مبادرة مشتركة بين نقابة الفنانين العراقيين ودار “بوك سايننك” لدعم إنتاج الكتب والدراسات الفنية، وتعزيز الحركة الثقافية والمعرفية داخل الوسط الفني العراقي.
وسيكون لزوار الجناح منهاج يومي لتواقيع كتب النقابة بمشاركة نخبة من الفنانين والباحثين والمؤلفين، احتفاءً بالمنجز الإبداعي العراقي وتواصلاً مع الجمهور والمهتمين بالشأن الفني.

الاثنين، 1 ديسمبر 2025

عن مسرحيتي – من زاوية اخري – و – امنية مفقودة - فرقة المسرح الكويتي تحصد 11 جائزة في مهرجان الدن بمسقط

مجلة الفنون المسرحية


عن مسرحيتي – من زاوية اخري – و – امنية مفقودة - 
فرقة المسرح الكويتي تحصد 11 جائزة في مهرجان الدن بمسقط 

عبد الستار ناجي 

حصدت فرقة المسرح الكويتي ( 11 ) جائزة خلال مهرجان الدن المسرحي وذلك عن مسرحيتي – من زاوية اخري – و – امنية مفقودة – وهو ما يمثل انجاز اضافي في رصيد الفرقة وايضا المسرح في الكويت .
وقد حققت مسرحية – امنية مفقودة – التى مثلت فرقة المسرح الكويتي في مسابقة عروض مسرح الطفل في مهرجان الدن المسرحي ( 6 ) جوائز من بينها جائزة افضل عرض متكامل وقد جاءت الجوائز حسب التالي : 
جائزة افضل ديكور : محمد بهبهاني 
جائزة افضل موسيقي : محمد البصيري 
جائزة افضل ممثلة طفلة : الين 
جائزة افضل ممثل دور اول : عبدالله التركماني 
جائزة افضل نص مسرحي : عثمان الشطي 
جائزة افضل عرض متكامل : امنية مفقودة . 
فيما فازت مسرحية – من زاوية اخري – بخمسة جوائزضمن مسابقة عروض الكبار هي : 
جائزة افضل ازياء : ايمان السيف 
جائزة افضل ديكور : خلود الكندري 
جائزة افضل مكياج : ابراهيم الجساسي 
جائزة افضل اضاءه : جاسم التميمي 
جائزة افضل اخراج : محمد جمال الشطي 
وفي تصريح خاص قال الفنان احمد السلمان رئيس مجلس ادارة فرقة المسرح الكويتي بانه يثمن الدعم الكبير من قبل المجلس الوطنى للثقافة والفنون والاداب على الرعاية والاهتمام والمتابعة والدعم المادي والمعنوي . واشاد بالجهود التى يقدمها قطاع الفنون بقيادة الامين العام المساعد لقطاع الفنون مساعد الزامل .
 كما اشاد السلمان بروح الاسرة الواحدة في فرقة المسرح الكويتي والتمازج بين الاجيال مما ساهم في خلق حالة من الحراك والتعاون الفني والابداعي المثمر البناء وشدد في تصريحه على اهمية الرهان على جيل الشباب . 
من جانبه قال الفنان المتميز عبدالله التركماني : اشيد اولا بجهود قيادات المجلس الوطنى للثقافة والفنون والاداب في تقديم كل الدعم والاسناد والذي لولاه لما كانت هذة الاستمرارية والمشاركات والحضور البارز للمسرح في دولة الكويت على الصعيدين المحلي والخارجي . كما اثمن حالة الحراك الدائم الذي تعيشه فرقة المسرح الكويتي ودعم مجلس الادارة والجمعية العمومية للفرقة وبارك لعناصر مسرحيتي – من زاوية اخري – وايضا – امنية مفقودة – فقد كانوا بقدر المسؤولية والثقة فكان الحصاد . 
وعلي صعيد اخر تواصل فرقة المسرح الكويتي استعداداتها للمشاركة في مهرجان المسرح المحلي من خلال مسرحية – هم وبقاياهم – تاليف سامي القريني واخراج علي الحسيني . 


الفنان احمد السلمان

مسرحية من زوية إخرى

مسرحية أمنية مفقودة 

فرحة الفوز 

فرحة الفوز

فرحة الفوز



الأحد، 30 نوفمبر 2025

بمناسبة القمة الخليجية ال 46 مؤسسة الانتاج البرامجي المشترك لمجلس التعاون الخليج العربية تهدي اغنية – خليج الخير –

مجلة الفنون المسرحية


بمناسبة القمة الخليجية ال 46  مؤسسة الانتاج البرامجي المشترك لمجلس التعاون الخليج العربية تهدي اغنية – خليج الخير – 

عبد الستار ناجي 

بمناسبة القمة الخليجية ال 46 التى تستضيفها مملكة البحرين الشقيقة اهدت مؤسسة الانتاج البرامجي المشترك لمجلس التعاون لدول الخليج العربية اغنية – خليج الخير – التى قدمها المطرب الكبير علي بن محمد – وتقول كلماتها : 


ياهلا باللي لفوا بقلوبنا 
الكرام اللي لهم قدر ومكان 
من فعاليكم تعيش شعوبنا 
والخليج بخير وبعز وامان 

مرحبا واهلين ياضيوف المنامة 
ديرة ملوك والظفر واهل الكرامة 
ياهلا بالعزوة حزات الشدايد 
قادة شعوب الخليج اهل الشهامة 

انتم النبراس والحكم الرشيد 
فيكم الامال والراي السديد 
بالشدايد ذخرنا حكامنا 
العضيد يشد من عزم العضيد 

ياخليج الخير ياشعب وقيادة 
للمعالي والريادة والسيادة 
ياعساكم دايم بخير وسلام 
ودون حد حدودنا نحب الشهادة 
ياجعل كل عمرنا فرح وسعاده

إفتتاح مهرجان لبنان المسرحي للحكواتي بمشاركة عربية في سينما الكوليزيه التاريخية

مجلة الفنون المسرحية


 إفتتاح مهرجان لبنان المسرحي للحكواتي بمشاركة عربية في سينما الكوليزيه التاريخية 
 
افتتحت جمعية "تيرو للفنون" و"مسرح إسطنبولي" الدورة السابعة من "مهرجان لبنان المسرحي الدولي للحكواتي" في المسرح الوطني اللبناني في بيروت في سينما الكوليزيه التاريخية، تحت شعار "حكايات الأرض والتراث والهوية " في حضور أعضاء نقابة الممثلين وممثلين عن سفارات الدول العربية وبمشاركة الحكواتيين أحمد يوسف وايمان ابراهيم من مصر ،وبلال زيان وفضيلة أحمد بن صالح من الجزائر ،وحياة عبد الخالق من تونس ونتالي صباغ ورجاء بشارة وماري مطر من لبنان، وكرّمت هذه الدورة الممثل خالد السيد والممثلة والكاتبة منى طايع تقديراً لمسيرتهم الفنية .

وقال خالد السيد " نحن نشعر بالفخر أن نكون اليوم في هذا المسرح التاريخي الذي يعيد الحياة الى بيروت وشارع الحمرا بعد 40 عاماً من الغياب وما يقوم به إسطنبولي وفريقه وجمعية تيرو للفنون يستحق كل الاحترام والتقدير وستبقى هذه التجربة جزء من تاريخ المسرح اللبناني والعربي ".
وعبرت منى طايع عن سعادتها بالتكريم " شكراً للمسرح الوطني اللبناني على هذ التكريم وهذا المسرح يشكل ذاكرة بيروت وقبل 40 عاماً كنت أشاهد الأفلام هنا واليوم أعود الى هذا المكان العظيم بفضل المتطوعين في جمعية تيرو للفنون الذين حافظوا على التراث الثقافي في لبنان في صور وبيروت وطرابلس " .

مؤسس "المسرح الوطني اللبناني" الممثل والمخرج قاسم إسطنبولي أكد أنّ "الهدف من المهرجان هو الحفاظ على الموروث الشفوي والمحافظة على التراث والهوية وفن الحكواتي والعمل على نقله للأجيال"، مضيفاً أنّ "المهرجان سيكون تظاهرة فنية لتبادل تجارب وممارسات تراثية مختلفة بين بلدان متعدّدة، وتسليط الضوء على أهمية اللغة العربية الفصحى في الوطن العربي، والحفاظ عليها وإعادة تأهيل فنّ الحكاية الشعبية والتراث الشعبي وتسويقه بين الأجيال الطالعة".

وتنظم في المهرجان ندوات حول دور الحكواتي في المحافظة على التراث والذاكرة، وأهمية فنّ الحكواتي في التعليم واستخدام الحكاية في العلاج النفسي وكيفية كتابة الحكاية، وإقامة عرض حكواتي ارتجالي تفاعلي مع الجمهور بمشاركة جميع الحكواتيين المشاركين كما ويشارك عبر الانترنت الحكواتية مريم معمر وسليم السوسي من فلسطين، وجلال التازي من المملكة المغربية، وجلال هميلة وهشام درويش تونس، وفاطمة الزاكي ونسرين النور وزهراء مبارك من البحرين، وأدير فارس وهاجر بلعيد وفتحي عباسي من الجزائر .   

وسيقام بالتوازي مع عروض المهرجان "مقهى للحكاية"، وهو عبارة عن فضاء يجمع الحكواتيين بعضهم ببعض، لتبادل التجارب ونقل المعارف، وحضّ الرواة على ضرورة تسجيل قصصهم الشعبية لدى منظمة اليونسكو كتراث شفهي، وستُقام عروض موازية لطلاب المدارس وفي الساحات والمكتبات العامة عبر باص "الفن والسلام" للعروض الجوالة والتي تسلط الضوء على القراءة وسرد القصص التقليدية ورواية السّير الشعبية التاريخية، إضافة إلى إقامة ورش للأطفال حول تأليف حكايات من إنتاجهم الخاص، وتدريبهم على الصوت والأداء، وكيفية الالتفات إلى الجمهور وعلى الملابس الملائمة لفن مسرح الحكواتيين ،بإشراف مدربين وحكواتيين محترفين.

جوائز الدورة 26 لأيام قرطاج المسرحية

مجلة الفنون المسرحية


جوائز الدورة 26 لأيام قرطاج المسرحية

فازت المسرحية التونسية "الهاربات" للمخرجة وفاء الطبوبي بالتانيت الذهبي (الجائزة الكبرى) في اختتام الدورة 26 لأيام قرطاج المسرحية التي أُسدل الستار على فعالياتها مساء اليوم السبت في حفل أقيم في مسرح الأوبرا بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي بحضور كوكبة من الفنانين والمبدعين من تونس وعديد البلدان العربية والإفريقية وعشاق الفن الرابع. وقد تولى الصحفيان الشابان سامية حامي والواثق بالله شاكير تقديم حفل الاختتام.

وحصدت مسرحية "الهاربات" أيضا جائزتين أخريين هما "أفضل ممثلة" وقد فازت بها لبنى نعمان و"أفض"أفضل نص" لوفاء الطبوبي. ويعدّ هذا التتويج بالتانيت الذهبي هو الثاني في رصيد وفاء الطبوبي في أأيام قرطاج المسرحية، إذ سبق لعملها "آحر مرة" أن فاز بجائزة الدورة 22 لسنة 2021. ومنحت لجنة التحكيم التانيت الفضي لمسرحية "الجدار" للمخرج سنان محسن العزاوي من العراق. وفازت مسرحية "جاكرندا" لنزار السعيدي بجائزة "التانيت البرونزي.

 وتم خلال حفل الاختتام تتويج الأكاديمي محمد مسعود إدريس والممثل عبد الحميد قياس والممثلة والمخرجة ليلى طوبال والممثلة عزيزة بولبيار.

وتوزعت جوائز الدورة السادسة والعشرين لأيام قرطاج المسرحية على النحو التالي:

- التانيت الذهبي: مسرحية "الهاربات " لوفاء الطبوبي (تونس) 


- التانيت الفضي: مسرحية "الجدار" للمخرج سنان العزاوي (العراق)

- التانيت البرونزي: مسرحية "جاكرندا" للمخرج نزار السعيدي (تونس)

- أفضل ممثل: أحمد أبو زيد (مسرحية "سقوط حر") للمخرج محمد فرج خشاب (مصر)

- أفضل ممثلة: لبنى نعمان (مسرحية "الهاربات") للمخرجة وفاء الطبوبي (تونس)

- أفضل نص: وفاء الطبوبي مخرجة مسرحية "الهاربات" (تونس)

- أفضل سينوغرافيا: مسرحية "الجدار" للمخرج سنان محسن العزاوي (العراق)

 وتنافس على جوائز هذه الدورة 12 عملا مسرحيا من ضمنها تونس وفلسطين والجزائر والمغرب والعراق ولبنان ومصر والإمارات العربية المتحدة والأردن والكوت ديفوار والسينغال.

واحتكمت أعمال المسابقة إلى لجنة برئاسة التونسي الأسعد بن عبد الله وضمت في عضويتها عماد المي (تونس) وسعداء الدعّاس (الكويت) ومالك العقون (الجزائر) وأبدون فورتونيه (الكونغو) وثامر العربيد (سوريا).

  أما الجوائز الموازية المسندة في هذه الدورة، فقد جاءت كما يلي:

// جائزة نجيبة الحمروني لحرية التعبير (تمنحها النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين): مسرحية "الزنوس" لصالح حمودة وتألفت لجنة تحكيم هذه الجائزة من الفنان المسرحي صامد ميعادي والصحفيتين خديجة السويسي وسيماء المزوغي. وقد نوهت اللجنة بمسرحية "ميتامورفوز" لقيس بولعراس.

// جائزة "مسرح الحرية" للهيئة العامة للسجون والإصلاح:

/ نوادي السجون:

- الجائزة الأولى: مسرحية "صد عقل" للسجن المدني ببرج الرومي

- الجائزة الثانية: مسرحية "الحاوية" لسجن النساء بمنوبة

- الجائزة الثالثة: مسرحية "مول الباش" للسجن المدني بالناظور.

/ نوادي مراكز الإصلاح

 - الجائزة الأولى: مركز الإصلاح بالمروج مسرحية "حياة بدون إدمان".

- الجائزة الثانية: مركز الإصلاح سيدي الجديد عن مسرحية "أولاد عروش".

- الجائزة الثالثة: مسرحية "جلسة سرية" لمركز الأطفال الجانحين بسيدي الهاني.

وأكد رئيس لجنة تنظيم الدورة 26 لأيام قرطاج المسرحية محمد منير العرقي أن هذه الدورة مثّلت فضاء حيّا للإبداع والحوار وتزامنت مع اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، مجددا دعم المهرجان للقضية الفلسطينية. وأشار إلى أن هذه الدورة سجلت حضور عروض متنوعة وفعاليات مهمة أبرزها المنتدى المسرحي الدولي الأول والمحافظة على قسم “مسرح الحرية” الذي قدم أعمالا من إنتاج الوحدات السجنية ومراكز الإصلاح، إضافة إلى تنظيم ورشات تكوين للشباب وفتح المجال للقاء المبدعين من مختلف الدول.

كما ثمّن الحضور الجماهيري الذي واكب الأيام معتبرا إياه الراعي الحقيقي للمهرجان. وأعلن العرقي رسميا اختتام الدورة، داعيا إلى البدء في الإعداد للدورة المقبلة. وقال إن أيام قرطاج المسرحية "لا تتوقف… بل تتجدّد من حلم إلى موعد جديد".
وات

السبت، 29 نوفمبر 2025

حيلةالبريكولاج والدعم المسرحي !! / نـجـيب طــلال

مجلةالفنون المسرحية 
  

                                           حيلةالبريكولاج والدعم المسرحي !!

 نـــفسانيات:
رغم أننا دائما نحاول أن نكبح شغبنا أمام المشهد المسرحي الذي يدعو للشفقة قبل الحيرة -؟ومرارا يدعو النفس الأمارة بالشغـب للابتعاد عنه ما استطاعت لترتكن لنفـسها ، ليس الأمر استراحة محارب بل استراحة مُشاهد من عروض سخيفة تتحرك في الواقع المعاش، واقع انهيار القيم واستفحال اللاخلاق واللادم في وجوه بعض المحسوبين عن المسرح، هؤلاء الحربائيون، قبل أن يكونوا انتهازيين: يعتقدون أن التاريخ لا يدون مسلكياتهم وسلوكهم وممارستهم جوانية الميدان، لأنهم يمارسون النباهة والإستحمار(1) وهُـم في حقيقة الأمر سقط متاع ! وخاصة الذين استفادوا من ( الدعم) المسرحي، وكانوا أعضاء في لجن الدعم مارس سلطة الوهم ، وهناك من مارس سلطة "قراقوش" وهو في لجنة التحكيم ! ممارسات فظيعة تتم باسم المسرح، أجملها صرخات وهمسات بعض من لم يستفد من الدعم هاته (السنة) ناهينا عن ( السنوات السابقة) فكل من صرخ واحتج وأذان اللجنة والدعم، يصبح مستفيدا في السنة المقبلة؟ ليس المسألة فيها إسكات وإرضاء كما يروج البعض بل هي سياسة المؤسسة لتكبيل والتنكيل الناعم ،للصوت النشاز تجاه أبعاد "الدعم " وما أهدافه المستقبلية لأنه:" ويزداد الأمر خطورة حين يتسلل الريع إلى وعينا، بدل أن نرى في المسرح مغامرة فكرية وجمالية ، نراه سُلّـما صغيرا نحو بطاقة الدعم أو السفر إلى المهرجان. عنها يفقد المسرح وظيفته التربوية: لم يعد ينشئ الإنسان الحر، بل المواطن الحذر المتوجس من غضب المؤسسة (2) صاحب هذا القول العجائبي، في كل موسم (ما) يخرج خرجات حينما لم يستفد من الريع أو أصيبت استراتيجيته بعطب ،ليظهر نضاليته المسرحية، لأن المربط في هاته الجملة": غير أن هذا الدعم حين يفتقر للشفافية وآلية التقييم المستقل، ليس مكافأة على العمل، بل على الولاء. إنه شكل من اشكال التخصيص الإمتيازي للموارد، ينتج طبقة صغيرة من المستفيدين ويقصي غيرهم من حقل المشاركة(3)  نفس منطق الإهتباليين الذين استفادوا طيلة عقود من " الدعم" المباشر وغير المباشر(؟) وصاحبنا يبرأ نفسه من الولاء، وشواهد الولاء يعرفها القاصي والداني، لأن المشهد أمسى مكشوفا أكثر من الشفافية، ولاسيما أن الهرولة نحو "الدعم" المسرحي والسينمائي كذلك أعمى البصيرة، حتى تناسوا القانون والأخلاق. الذي يضم واجبين على عاتق الفنان، واجب نحو المسرح بصدق ونبل الممارسة، لأنه مجال روحاني بالدرجة الأولى. وواجب نحو الجمهور المتعطش للفن وجمالية الإبداع، لهذا:" مادامت النفس مذمومة بهذه الصفات، غير مهذبة بالأخلاق الجميلة،   مقيدة بأخلاق دنـيّـة وسيرة جائرة وعادات رديئة، واعتقادات  فاسدة، وجهالات متراكمة، وأعمال سيئة تبقى مربوطة محبوسة، لأنه لا يليق بها ذلك المنزل النوراني والعالم الروحاني(4)لأن الصناعة الثقافية أساسا تتمركز على الجمهور، ومادورالتوطين في هذا الباب؟ هل مجرد إتلاف أموال عامة، لأنه:" لا يمكن الحديث عن صناعة دون جمهور. فالسوق الثقافية لا تقوم فقط على العرض، بل على الطلب أيضاً. غير أن المسرح المغربي يعاني من ضعف في قاعدة المتفرجين، بسبب غياب التربية الفنية في المدرسة، وتراجع الثقافة المسرحية في الفضاء العمومي، وغياب سياسة ترويج ثقافي تُعيد للمسرح موقعه في الحياة اليومية (5) من أنتج هذا أليس المسرحي الذي تهافت عن " الدعـم" وخاصة من لهم أو كان لهم (رقم تأجير) والذين كانوا في صف المسرح التجريبي" الهواة" نعم من حق الأستاذ والموظف أن يمارس شغبه الفني والمسرحي، وقانون الفنان سمح بهذا الهامش، لكننا حولناه لقاعدة، هنا الإشكالية القانونية. لأننا من زاوية مختلفة لازلنا :" صُم بُكـْم عمْيّ" فهم صـمٌ عن الحقائق، بُكم عن الدقائق، عميّ عن المبصرات المعنوية العقلية بعين القلب، وليس يريد بهذا الذم بحيث أنهم لا يسمعون الأصوات، ولا يبصرون الألوان، ولا  يعرفون ولا يفقهون( 6) لأن الإشكالية نسمع لذواتنا، مما غابت النية بالأعمال، نيات يفترض فيها أن تحقق مصلحة الجماعة من جهة ، وبناء صرح حضاري من زاوية أخرى. باعتبارأن المسـرح إلا سـجل شرف، حامـلا في متنـه أشرف القيــم وأبهاها؛ والذي لم يدركه أغلب المسرحيين، أن الجمهور لم يعد ذاك الجمهور الذي تحكمه قناة واحدة، بل أمسى يعرف خبايا الأمور وكواليس الفنانين، مما أمست  العلاقة بين الفنان والجمهورمبثورة وليست هشّة، وذلك من خلال العلائق والتفاعل عبر وسائل التواصل الإجتماعي . ولنا استشهاد بجيل[Z] من منظور قلما انتبه إليه أصحاب العلم الغزير في "البوليتيكا" و"سوسيوتكنولوجيا" جيل لا يهاب الميكروفونات ويتحدث بطلاقة ومتمكن من عـدة لغات حية وحيوية، والغريب لا أحد ممن تفضل بالتحليل والتشريح لمظاهر احتجاج - جيل[Z ] أن يشير عرضا للروائي السعودي " أسامة مسلم" الذي حقق طوابير من الشباب لاقتناء منجزاته الروائية في معرض الكتاب.   
عـــقليات:           
أكيد فالعديد من القراء سيتساءلون ما علاقة هذا بهذا؟ علينا أن نفهم الاشارات والمرموزات ، لأن هذا الجيل استطاع أن يقلب الافتراضي للواقعي، ونحن قلبنا الواقعي للافتراضي ! وباختصار شديد: إننا أمام جيل ليس بتافه بل نحن التافهون الذين لازلنا نتحدث عن الدعم المسرحي، ولازلنا نمارس المواربات،  نموذج" البريكولاج" كحيلة من حيل تغليف ماهوية الدعم كهاجس وحالة مرضية عند أغلب المسرحيين، فالمسرح المغربي يوم ظهر في مقرات الأحزاب الوطنية أنذاك، إلى يومنا هذا لازال يمارس " البريكولاج/BRICOLAGE" الذي يعتمد على العمل اليدوي وبأدوات بسيطة او متآكلة، لإصلاح ما يمكن إصلاحه في المنزل وغيره.: "الفرق بين “البريكولاج كحيلة للبقاء” و“البريكولاج كخيار جمالي” هو ما أردتُ مساءلته. فالمسرح المغربي في رأيي، يعيش مرحلة دقيقة بين إرادة الخلق ومنطق التدبير؛ بين فنان لا يريد أن يتوقف، ومؤسسة لا توفر له شروط الاستمرار(7) لننزاح إلى الخيار الجمالي ونسأل هل عروضنا المسرحية تحمل جمالية إبداعية؟ سننافق أنفسنا كما تنافق لجن التحكيم نفسها؟ إن قلنا: أن عروضنا تحمل جمالية، بل تحمل بؤسا فنيا وإبداعيا، ولو أن البؤس إبداع جسماني. لأن التمركز على البريكولاج كصيغة فنية ، تساهم في نسف البقاء في المشهد المسرحي، رغم أن صاحبها يعتبر صانعا ذكيا يستخدم ويوظف ما هو متاح له من إمكانيات وإمكانات. ليعيد تركيب ماهو موجود سلفا من الرموز والتجارب. أنها صيغة بدائية/ أسطورية كما عبر عنها " ليفي شتراوس(8) حاول من خلال " البريكولاج" عند الحرفي كيفية بناء الفكر والفكرة، وفي سياق الحداثة أو في أعقاب ما بعد الحداثة فلامناص من استعمال العلم والمنطق الصارم من أجل بناء تفسير منظم للعالم، ولهذا فالصناعة الثقافية  أمر حتمي كالرقمنة التي فرضت نفسها، هل ستحتاج للعقل العملي ام للعقل العلمي المنهجي؟ ولقد:" باتت مظاهر البريكولاج والترقيع سمة بارزة في منظومة الانتاج والدعم لم يعد الامر يتعلق فقط بضعف الموارد أو قلة الامكانيات بل بعمق الخلل في الرؤية والتدبير(9) بالعكس حينما يكون تفكيرنا وجوارحنا متجهة نحْـو " الدعم" وهاته حقيقة لجل المهرولين من المسرحيين، طبيعي أن “البريكولاج” سيظل وجهاً مزدوجاً و سلاحاً مؤقتاً في يد الفنان، وخطراً حين يتحول إلى قناعة دائمة، وبالتالي:" ما نعيشه اليوم ليس صناعة ثقافية بالمعنى الدقيق، بل نشاطاً فنياً متقطعاً، تحكمه شروط الدعم أكثر مما تحكمه دينامية السوق أو الحاجة المجتمعية. فالإنتاج المسرحي في المغرب ما زال أسير منطق المشروع الموسمي، الذي ينتهي بانتهاء التمويل(10) لكن ما يدعو الى السخرية المرة: لماذا كل المشاريع الفنية تنهار وتفشل؟ بكل بساطة لأنها تعتمد على" البريكولاج" ذاك" البريكولاج" المبتذل. مثل ما أشار صاحبنا الذي قلبه على المسرح في المغرب:" هناك نماذج ناجحة عالميا- من كندا إلى فرنسا إلى بعض التجارب الإفريقية- استطاعت أن توازن بين تدخل الدولة  بين المال العام والحرية الإبداعية (11) هذا القول كمقترح ضمني لإبقاء(الدعم) ليبقى (البريكول) سائدا ! وهذا ذكرني بذاك الموظف الذي طيلة اليوم وهو في "مرحاض  المؤسسة" في فيلم {الإرهاب والكباب} كلما نودي عليه يخرج  ليقول:[في أوروبا والدول المتقدمة...] ويعود للمرحاض !فبهاته الحيل والفهولة المكشوفة: هل يمكن بناء "اقتصاد مسرحي أخلاقي" وكل الفرق والجمعيات والمقاولات تمارس «البريكولاج « ؟ الأمثلة كثيرة ومتعددة؛ أبرزها تقليص عـدد الممثلين إلى" تيو/TWO" أو " ثري/THREE" ولهذا فالبريكولاج أمام الدعم يعتبر تبذيرا للسلعة الفنية، لأن فالوزارة لا تدعم الجمعيات والمقاولات بأخشاب التدفئة بل بأموال خزانة الدولة. وبالتالي فحينما يأخذ الفنان الدعم يصبح أجيرا والوزارة المُشتغل بطريقة غير مباشرة ؟بخلاف مقولة : بأن الفنان ليس موظفا لدى الوزارة.  

الإستــئــناس
1- لنطلع على كتاب: النباهة والإستحمار لعلي شريعتي   
2- تدوينة: مخرج مسرحي متفنن في الخرجات ابحثوا عنه في الفايس بوك
3- نــفســـــه 
4- رسائل إخوان الصفا ج الثالث- ص7- منشورات صادر بدون تاريخ
5- الصناعة الثقافية والمسرح المغربي : احنا فين ؟ تدوينة( فايس بوك) عماد فجاج بتاريخ, 10/14/2025
6- رسائل إخوان الصفا ج الثالث- ص13- 
7- تدوينة: مخرج مسرحي متفنن في الخرجات- ابحثوا عنه في الفايس بوك
8 انظر- الفكر المتوحش : لكلود ليفي شتراوس - 
9- المسرح المغربي بين البريكولاج والترقيع :لمحمد زيات صحيفة الحصاد24 في  14/10/2025
10- تدوينة : فجاج
تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption