أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

‏إظهار الرسائل ذات التسميات المسرح في السودان. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات المسرح في السودان. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، 27 يناير 2023

تاريخ مسرح الشارع في السودان - البدايات و الممارسة / *زهير عبدالكريم

مجلة الفنون المسرحية 
تاريخ مسرح الشارع في السودان .. البدايات و الممارسة 
 
توطئة:- 
عندما نريد أن نتحدث عن بدايات المسرح السودانية ، نجده  بدا خارج العلبة الإيطالية كاقرينه في المسرح اليوناني مع ملاحظة الفروقات في المواضع والموروثات الشعبية والمصادر الأخرى الأكثر تماسا مع الواقع.
كتبت كثير من المراجع المسرحية والدراسات عن بدايات المسرح السوداني إبان 1903 فترة المستعمر  و ما بعدها ، كان التركيز لا ينعتق في تلك الدراسات من كونها أولآ  تريد أن تثبت هذا الفعل بعيدا من مكان ممارسته باعتبار تلك الدراسات مفادة لصالح حفظ الفعل المسرحي بالتواريخ، ولا يعنيها أماكن الممارسة، إلا في بعض الدراسات التي أبرزت أماكن الممارسة وذلك لضرورة المكان في حد ذاته، وهذه الملاحظة تفيد فيما نكتب عن دور مسرح الشارع في السودان البدايات وأشكال وأنماط الاشتغال به. و تشير الكثير من الدراسات أن أول عرض مسرحي كان لرائد تعليم للبنات الأستاذ بابكر بدري ، وكان هذا العرض في ساحة  منزله لصالح إنشاء مدرسة للبنات ،من هنا تجلت فضاءات المسرح السوداني وامتدت وتنوعت أماكن العرض المسرحي السوداني ، عزز ذلك هو عدم وجود مسارح بالسودان في ذلك الزمن فكان رواد الحركة المسرحية يقدموا مسرحياتهم في فضاءات يتم تطويعها والتماهي مع معطيات المكان ،وبرغم استخدام نمط العلبة الإيطالية الذي جاء وافدا مع المستعمر إلا أن هذه العروض كانت تقع في فخ الفضاءات غير تقليدية و المفتوح .
وجاء عرض المسرحية الأخرى لبابكر بدري في ساحة المولد وهنا انتقل المسرح من مكان إلى مكان يحقق فيه انتخابه بقصيدية  واعية لمهاية المكان ، توالت النشاطات المسرحية فظل المسرحين يقدموا عروضهم في أماكن مختلفة يتم تطويعها لصالح مسرحيتهم ، دعونا نسترجع أهم الأماكن في تلك الفترة وهي (ساحة منزل ، ساحة المولد ، نوادي ، ساحات المدارس) هذه الإثباتات تدعم دراستنا حول تاريخ مسرح الشارع في السودان. المتأصل  و المتجذر منذ عشرينيات القرن الماضي في عام 1959 تم بناء المسرح القومي السوداني كمبني  حسب المقاييس الدولي للعلبة الإيطالية وانتظمت حركة المسرح السوداني من خلال المواسم المسرحية ، إلا أن مسرح الشارع ظل يتحرك على هامش العاصمة الخرطوم والقرى والريف وهذا أيضا ما عززه قلة المسارح للعلبة الإيطالية لكثرة نفقاتها على الدولة انذاك، ظلت فرق كثيرة تمارس مسرح الشارع في فضاءات ممنوحة وآخرى مفروضة عليه ، استمر هذا الحال لزمن طويل حتى دخول مفهوم المسرح الحديث والبحث للمسرح الاحترافي فضاءات أكثر تحقيقا لجمهور مختلف بعزفه عن القدم للمسرح القومي ، فكانت الرحلات المسرحية تسافر إلى أطراف المدن والقرى المختلفة لتقدم ما قدمته على المسرح القومي إلا أن هذه العروض تقع في فخ الأماكن غير المؤهلة لمسرحياتهم  ولكن كان صانعيها يعون هذا المأزق وسرعان ما يتم تطويع العرض على بيئة المكان إن كان (نادي أو مدرسة ، سينما).
عمل الكثير من المسرحيين السودانيين على صناعة عروضهم لتتماشى مع ظروف الاماكن المفروض على مسرحيتهم .
و توارث الأجيال المسرحي هذا السلوك برغم بناء عدد كبير من المسرح في جميع أنحاء السودان وعند وصول المسرح سؤال  التجريب و الحداثة وما بعد الحداثة ظل عدد من خريجي المعهد العالي للموسيقي والمسرح و قسم الدراما بقصر الشباب والأطفال تشغلهم هذه الأسئلة والبحث عن الإيجابيات من خلال العلبة الإيطالية وآخرون كانوا يذهبون بالسؤال نحو مسرح الشارع والفضاءات غير التقليدية باعتباره رهن خصب و فضاء ممنوح للتجارب التي ما أنفك عنها مسرح الشارع السوداني منذ 1903 ، فقدموا التجارب على عدد كبير من الأماكن أم مطوعة و أم ممنوحة ، ونذكر من تلك التجارب على سبيل المثال تجربة الفنان المسرحي عز الدين كوجاك بمدينة مدني الذي تفاني وأخلص لمسرح الشارع بعربته الكارو وخصص له (مسرح الكارو) ويقدونا هذا إلى أحد الدلال المهمة تاريخنا هذا حينما قدمت قناة الشروق مسرح الشارع كأحد أبرز برامجها المسمي بي (مسرح على الهواء) وهذا أثرى  بالتجربة وعضدد تحركه بيقظة  أكبر فقدم واتجه نحو أسماء بحثية أعمق كامسرح المكان الثابت بالحدائق العامة في يوم محدد ، بل جعل رواد الحركة المسرحية يقدمون عروض مسرح الشارع في أشكال متنوعة وتحت مسميات مختلفه كامسرح الفرجة ومسرح الاحتفال ، وجاءت الأسئلة الأكثر تعقيدا في البحث عن مسرح الشارع وانشغل صانعي العروض بسؤال مسرح الشارع أم مسرح في الشارع ، أي أن لكلاهما أضحت هناك خصائص لابد من مراعاتها وفق شرطية السؤال لصناعة العرض ، بل ذهبوا إلى أسئلة أكثر تمحورٍ هل نصنع عرض شارع مدبر الموعد مع الجمهور أم دون موعد مسبق واختلفت الفرق بين هذا وذاك وآخرين ذهبوا إلى مسرح المكان بأعتبار أن بعض الأماكن لها من الخصوصية في ذاكرة العقل الجمعي كالأسواق والمتاحف والمولد ، وكل يعمل لصالح عرضها المسرحي وفق الاجابات المُريحه لعروضهم ويبقي التساؤلات موجود لكل الفرق 
مسرح الشارع ام مسرح للشارع ام مسرح المكان.
وهل بمواعيد مسبقة مع الجمهور و مدبر أم بمواعيد غير معلنه تعمل على التقاط جمهورها وفق شروط العرض بالمكان والزمان الذي يحددها فريق العرض ، وتسارع آخرين ولا تشغلهم هذه الاسئلة بينما يفكرون في أن يكون مسرح الشارع تفاعلي والجمهور جزء من العرض وفق المداخلات التي يبنيها صانعي العرض بحتمية وقصيدة واعية ، وظن هذا الأسئلة لا تخص مسرح الشارع في السودان وحده بل هي اسئلة نحتاج البحث عنه في القطر العربي و الآفروعربي من باحثين ونقاد يشغلهم أمر هذا النوع القديم قدم البشرية و المتجدد والذي أضحي واقعا ملموسا في كل بقاع الأرض وخصصت له دول مهرجانات وكتب فيه مراجع برغم قلتها إلا أن الأمر يساهم في بناء مسرح أصيل و معافي يعمل علي قيم الحق والخير والجمال.

*مخرج وباحث من السودان 

الأربعاء، 26 أكتوبر 2022

ورقة نقدية مقدمة لمهرجان بغداد الدولي للمسرح بعنوان " تجليات التمسرح فى المشهد السياسى السودانى المعاصر " / للناقد السوداني :* السر السيد

مجلة الفنون المسرحية

الجمعة، 26 أغسطس 2022

النقد المسرحي فى الصحافة السودانية قهر " الميديا" وشروط الكتابة

مجلة الفنون المسرحية 

الخميس، 3 مارس 2022

الحلقة 15 من سلسلة إقرأ كتب الهيئة حول كتاب “المسرح في السودان”

مجلة الفنون المسرحية



الحلقة 15 من سلسلة إقرأ كتب الهيئة  حول كتاب “المسرح في السودان”

إعداد : د.شمس الدين يونس، عبد الحفيظ على الله، د.فضل الله أحمد عبد الله

 

إقرأ كتب الهيئة، برنامج شهري يفتح نقاشات فكرية ومسرحية حول إصدارات الهيئة العربية للمسرح


     مدار نقاش الحلقة الخامسة عشرة من سلسلة إقرأ كتب الهيئة، التي أطلقتها الهيئة العربية للمسرح في شهر أغسطس من العام الماضي، كتاب “المسرح في السودان” إعداد د.شمس الدين يونس، عبد الحفيظ على الله، د.فضل الله أحمد عبد الله. الكتاب صادر ضمن منشورات الهيئة العربية للمسرح في الشارقة العام 2009م – ضمن سلسلة المختصر المفيد في المسرح الجديد تحت (رقم 6)، وسيجده الراغبون في قراءته منشورا طيلة الشهر الجاري، بصيغة PDF على الموقع الإلكتروني الرسمي للهيئة.

     يعالج كتاب “المسرح في السودان” قضية نشأة وتطور المسرح السوداني، وهي قضية قديمة جديدة – تقول مقدمة الكتاب – وتنطلق من السؤال الذي ظل مطروحا في إطار المسرح العربي، وشغل المسرحيين العرب دهرا طويلا فانقسموا وهم يتجادلون إلى من يقول بأن المسرح اليوم هو مسرح عربي طالما تطرق لقضايا عربية واستطاع الوصول إلى جمهور عربي، ومن يحتج بأن هذا الشكل يعبر عن الثقافة الغربية ولا يدخل ضمن فنون العرب…

     تعددت آراء المسرحيين وتباينت حول تاريخ ونشأة المسرح السوداني، فهناك من الباحثين من يُرجع أصول المسرح في السودان إلى الأشكال والممارسات الطقوسية الدينية والشعبية والاجتماعية التي عرفتها الحضارة السودانية كطقوس التتويج في حضارة وادي النيل الأوسط وطقوس الزار ورقصة العروس وغيرها من الممارسات… التي لا يتوانى الباحث في وصفها بالممارسة الدرامية، المسرحية. وهناك من يبحثون في نشأة وتطور الدراما / المسرح في السودان المعاصر باعتباره نشاطا جاء نتيجة لاحتكاك السودان بغيره من الثقافات الأخرى كالثقافة المصرية والشامية والانجليزية، وهذا التوجه يعتبر الاهتمام النسبي بالمسرح في السودان بدأ في العام 1880م ارتباطا بالنشاط الطلابي في المدارس.

     يأخذنا معدو كتاب “المسرح في السودان”، د.شمس الدين يونس، عبد الحفيظ على الله، د.فضل الله أحمد عبد الله، في سفر معرفي لمعاينة كيف كانت إذا بداية المسرح في السودان واستكشاف طبيعة هذا المسرح والوقوف عند وظائفه والعلائق العضوية التي تربطه بأنساق المؤسسة الاجتماعية التي أنتجته. وذلك من خلال العناوين التالية: (نشأة وتطور المسرح في السودان / بداية المسرح الشعري في السودان / التجريب في النص الدرامي السوداني / المسرح السوداني الحديث وتطوره / إشارات المسرح الأرسطي / مسرح الأندية والجمعيات الأدبية / بروز المسرح الحديث في السودان / المسرح والتطور التاريخي للذاتية السودانية / خالد

أبو الروس / إبراهيم العبادي / معهد بخت الرضا وتجدير المسرح في بنية الثقافة السودانية / قصة نشأة معهد التربية بخت الرضا / بخت الرضا والفنون المسرحية / أحمد الطيب الدراماتورج في مسرح بخت الرضا / شكسبير وأحمد الطيب والمسرح السوداني / قراءة في انعكاس العرض المسرحي السوداني)

ويختم معدو الكتاب منجزهم بمجموعة من صور لمسرحيات سودانية وبورتريهات لمسرحيين سودانيين.




ملاحظة:

* الكتاب يُقرأ على موقع الهيئة وغير قابل للتحميل.

* التفاعل مع الكتاب المقترح لا يتجاوز مدة الشهر المحدد لمناقشته.

إعلام الهيئة العربية للمسرح

الاثنين، 10 مايو 2021

المسرح في السودان: فن وافد ونافذة لفهم المجتمع

مجلة الفنون المسرحية


المسرح في السودان: فن وافد ونافذة لفهم المجتمع

محمد الحمامصي-  العرب

التطهير والترفيه والاتصال من وظائف المسرحيات في بلاد ذات ثقافة هجينة.
المسرح السوداني المعاصر كاشف المجتمع وعالج قضاياه

ما يختزنه المسرح المعاصر من أشكال ثقافية متشابكة ساهم في جذب اهتمام العلماء من مختلف مجالات العلوم الإنسانية، حيث أدّى التقدم اللافت في فنون الأداء وانفتاحها من النص إلى الحركة ومن الصمت إلى الفعل ومن القول إلى الإضمار وغيرها من ثنائيات اللعب، إلى تنشيط التفكير النظري والبحث الذي بدأ يدرك أن الأداء الفعّال يلعب دورا اجتماعيا أساسيا في منح المادة الثقافية معنى. كما ترسخ مع مرور الزمن الدور الأنثروبولوجي للمسرح الذي بات يعتبر بوابة لفهم الشعوب وثقافاتها.

تكمن أهمية دراسة “المسرح السوداني المعاصر ودوره في الواقع” للباحث محيي عبدالحي في كونها تتناول العلاقة بين المسرح بوصفه ظاهرة اجتماعية ومعطيات التحليل الأنثروبولوجي لتطور الظواهر الاجتماعية، ومن بينها الظواهر الثقافية والفنية والتي يعد المسرح واحدا منها.

ويتناول عبدالحي دور المسرح المعاصر في السودان وما قدمه من أعمال، في محاولة للتعرف على التغيرات التي طرأت على القيم المجتمعية لمجتمع الدراسة: الخرطوم، أم درمان، الخرطوم بحري.

المسرح والأنثروبولوجيا


المسرح السوداني بين النقد الاجتماعي والتحريض يثير قيم العدل والتحرر من قمع السلطة ويحاول تشكيل القيم المجتمعية

يعد المسرح مصدرا مهما للباحث الأنثروبولوجي كونه يتناول قضايا المجتمع من أجل معرفة الكثير عن أفكار الشعوب وتفسير سلوكياتها ورؤيتها إلى ذاتها وإلى الآخرين، حيث يقدم المسرح إلى الباحث قراءة حقيقية عن المجتمع وطرائقه المتنوعة من أجل التعايش مع ظروفه، وقدرة أفراد هذا المجتمع على الإنتاج الثقافي الملائم لمختلف أدوارهم الاجتماعية ومواقفهم الفكرية.

ويرصد الباحث أيضا في دراسته الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب الأدوار المتعددة والدلالات الثقافية والاجتماعية التي تعبر عن السمات العامة للمجتمع السوداني، وتلقي الضوء حول أنواع المسرح المختلفة وتبرز خصائص المسرح السوداني المعاصر. حيث يسعى إلى التعريف بالمسرح السوداني المعاصر وأشكاله ومكوناته وخصائصه الثقافية، ووظائفه، وأثرها في القيم المجتمعية، والكشف عن القيم المجتمعية التي يعكسها ويشكلها هذا المسرح.

ويشير عبدالحي إلى أنه تناول المسرح السوداني من خلال المرئي والمسموع المتمثل في العرض المسرحي في ضوء القيم، سواء أكان حيا أم مسجلا، حيث تم الاعتماد على قراءة بعض النصوص المسرحية المختارة، وكذلك مشاهدة بعض العروض المسرحية الحية والمسجلة.

ويقول الباحث “لا يزعم التعرض إلى جماليات النص أو العرض المسرحي، فهذا موضوع آخر له دارسوه ومتخصصوه، إلا أنني أولي اهتمامي على الدراسة الأنثروبولوجية لدور المسرح التي تعرض للقيم المجتمعية في السودان من خلال التفسير والتحليل وربط النص والعرض المسرحي بمجتمع البحث وبالسمات والعناصر الثقافية المتوارثة وما طرأ على المجتمع من تغيرات، من أجل الكشف عن أهم القيم المجتمعية التي رسخ المسرح السوداني المعاصر لبقائها، وكذلك البحث عن القيم المكتسبة الجديدة التي شكلها المسرح في مجتمع الدراسة”.

ويلفت الباحث إلى أن المكونات والخصائص الثقافية في مجتمع الدراسة والتي تتمثل في طبيعة المجتمع الجغرافية وتراثه التاريخي والحضاري، انعكست في كل الأبنية ومنظومة القيم المجتمعية، وعناصر كثيرة أخرى كالآداب والفنون الموسيقية والغنائية والحركية والقولية، وأن تكوينه السكاني تشكل من أعراق عديدة ولغات وديانات وأنشطة اجتماعية وثقافية واقتصادية وسياسية، اندمج فيها الجنس العربي والأفريقي، وامتزاج الثقافة القبلية مع الثقافة العربية والإسلامية والمسيحية، مما أفرز ثقافة هجينة ذات سمات وملامح أفريقية لها معتقداتها وأخرى عربية إسلامية ومسيحية.

فن وافد

فن لم يمتلك خصوصيته بعد
فن لم يمتلك خصوصيته بعد

يقر عبدالحي بأن المسرح فن وافد على الثقافة السودانية بشقيها العربي الإسلامي والزنجي الأفريقي، سواء أكان ذلك في صورته التقليدية التي تقوم على الأحكام الأرسطية أم في شكله المعاصر والحديث، حيث إن المسرح في السودان لم يعرف إلا في أواخر القرن التاسع عشر.

ويقول إن العديد من الباحثين والمهتمين بالمسرح في السودان قد عملوا على إيجاد اتجاهات جديدة تبحث عن أشكال مغايرة تعبر عن هوية وخصوصية المجتمع السوداني المعاصر وتخاطب فكر ووجدان وقيم الإنسان، وإيجاد مسرح يبحث عن أشكال ومضامين تتماشى مع روح العصر وما يحمله من أساليب وآليات وتقنيات حديثة ووسائل تكنولوجية، خصوصا بعدما أصبحت هناك معطيات أخرى من متغيرات اجتماعية وثقافية واقتصادية وسياسية ودينية تركت آثارها الواضحة في المجتمع السوداني.

وكذلك يلفت إلى أنه قد تكونت الفرق والجماعات المسرحية على مر تاريخ الحركة المسرحية مثل فرقة الخريجين، وفرقة السودان للتمثيل والموسيقى، وفرقة الفاضل سعيد، وفرقة أضواء المسرح، وفرقة الأصدقاء المسرحية، وفرقة الأرض المسرحية، وجماعة السديم المسرحية، وجماعة المسرح التجريبي، وجماعة مسرح شوف، والورشة المستمرة لتطوير فنون العرض، والورشة المسرحية الجوالة، وغيرها من الفرق والجماعات المسرحية العديدة التي أسهمت في نشأة وتطور المسرح السوداني بعضها كتب له الاستمرار، والبعض الآخر لم تسمح الظروف باستمراره.

ويذكر عبدالحي أن المجتمع السوداني شهد متأخرا نسبيا مقارنة بقية الدول العربية المهرجانات المسرحية فكان أول مهرجان مسرحي “الفرق والجماعات المسرحية” عام 1990، ثم مهرجان “نمارق للمسرحيات القصيرة” عام 1993، تلاه مهرجان “الشباب للمسرح التجريبي الأول” عام 1998، ثم مهرجان “أيام البقعة المسرحية” عام 2000، فمهرجان “أيام الخرطوم المسرحية” عام 2006، ومن ثم مهرجان “البيان للمسرح الجامعي” 2012، وكذلك مهرجان “المسرح الحر” والذي اتحدت على إقامته مجموعة من الجهات الإبداعية عملت على تنشيط الحياة المسرحية، وكان لها دور معرفي في نشر الثقافة.

وظائف المسرح

Thumbnail

ويرى الباحث أن معظم المسرحيات التي قدمت منذ بدايات المسرح في السودان قد تعرضت إلى بعض القيم المجتمعية عبر مضامين المسرحيات مثل الوحدة الوطنية كما في مسرحية “الملك نمر”، والدعوة إلى التعليم كما في مسرحية “المرشد السوداني” وإزكاء الشعور الوطني والقومي كما في مسرحية “صلاح الدين الأيوبي”، ومحاربة الشر وارتكاب الجرائم عبر القيم السلبية المتمثلة في النفاق الذي يستشري في الحياة الاجتماعية كما في مسرحية “خراب سوبا” والتأكيد على القيم الإيجابية مثل مظاهر البطولة، الكرم، النبل، الوفاء، الحب والوحدة الوطنية كما في مسرحية “الملك النمر”.

وكذلك تعرضت المسرحيات إلى بعض القيم التي تصدرت في مجابهة ومحاربة الفساد الإداري لقضايا المحسوبية والرشوة وفساد كبار الموظفين، كما في مسرحية “أكل عيش” وأيضا التعرض إلى العديد من القيم الاجتماعية مثل إشكالية الاغتراب عن الواقع أو الفصام الاجتماعي كما في مسرحية “خطوبة سهير”، وكذلك بث قيمة العدالة من خلال استلهام التراث عبر القيم الدينية والمضامين والممارسات الشعبية كما في مسرحية “حصان البياجة” وكذلك نبذ القيم السلبية والثورة على التقاليد الاعتقادية الدينية والسياسية القمعية كما في مسرحية “نبتة حبيبتي”.

ويكشف الباحث أن للمسرح وظائف عديدة منها الوظيفية التطهيرية والنفسية والترفيهية والاتصالية، وقد تناول وظائف المسرح في مجتمع البحث، وخلص إلى أن الوظيفة الثقافية للمسرح تعمل على تنوير المجتمع بالمعرفة، واتخذ مسرحية “المرشد السوداني” نموذجا لإحدى قيم المحتوى “القيم النظرية” حيث كشف من خلالها عن وظيفة المسرح ودوره المهم في التفاعل المجتمعي؛ حيث عملت المسرحية على بث قيم العلم ونشر الوعي ومحاربة الجهل والرذيلة.

ويوضح أن الوظيفة الاجتماعية للمسرح تعمل على بث وترسيخ القيم الاجتماعية من خلال إعداد وتنشئة وتشكيل أفراد المجتمع، وتأكيد الضبط الاجتماعي، حيث يعد الضبط الاجتماعي أحد الوسائل والنظم التي تتبع في المجتمع، لحفظ النظام وتحقيق تماسك المجتمع، وتطابق سلوك أفراده مع مجموعة من القواعد من أجل تحقيق الأهداف العامة والحفاظ على قيمه الأساسية.

الباحث يسعى إلى التعريف بالمسرح السوداني المعاصر وأشكاله ومكوناته وخصائصه الثقافية ووظائفه وأثرها في القيم المجتمعية

 وقد اتخذت مسرحية “خطوبة سهير” نموذجا لإحدى قيم المحتوى “القيم الاجتماعية”، حيث تناولت المسرحية قضايا التفكك الإنساني في المجتمع السوداني، وكشفت الأبعاد الاجتماعية للشخصيات والتغيرات والتحولات الكبيرة التي وصل إليها المجتمع، كما أبرزت دور المرأة في المجتمع، وكذلك كشفت الصورة الانهزامية للرجل واغترابه.

ومن ثم عملت العديدمن المسرحيات السودانية على ترسيخ وظيفة المسرح في إيجاد معادل درامي يجعل المتلقي ناقما على القيم السلبية متفاعلا مع القيم الإيجابية؛ من أجل إحداث التفاعل المرجو مع قيم التواؤم الأسرية.

وقد اتخذ الباحث مثالا على المسرح الوظيفي مسرحية “أكل عيش” التي تناولت قضايا الفساد والغش والكذب، وأوضح الدور الحيوي الذي قامت به المسرحية، حيث جاء التوظيف كاشفا للسلوك الاجتماعي من خلال إظهار القيم المستحدثة في المجتمع السوداني وفضحها، والتي لا تمثل أعراف وتقاليد المجتمع الأصيلة. فعملت المسرحية على بث القيم الاجتماعية الإيجابية.

وتكشف المسرحية التحولات التي أصابت القيم الاقتصادية في المجتمع السوداني ساعية إلى تعرية الواقع المرير الذي يمر به المجتمع من كذب وزيف، وجاء مضمون الخطاب المرسل بين ثنايا النص ليضع قضية البطالة عاملا مؤثرا في تغير السلوك الإنساني وبالتالي منظومة القيم.

كما اتخذ عبدالحي مسرحية “نبتة حبيبتي” نموذجا لإحدى قيم المحتوى “القيم السياسية” حيث يكشف من خلالها صراع الشعب ضد الفقر والجوع والاستلاب السياسي والديني من قبل سلطة الكهنة الظالمة، فعملت المسرحية على إيقاظ الشعور الوطني لدى المتلقي، حيث عملت الوظيفة على التحريض وأثارت قيم العدل والتحرر من قمع السلطة الذي يحث الأفراد على المشاركة السياسية داخل المجتمع.  ومن جانب آخر مع مسرحية “الملك نمر” خلص إلى أن المسرحية اتخذت الوحدة الوطنية طريقا إلى الخلاص والتحرر من الاستعمار.

 أما مسرحية “بت حلال” فتتناول قضايا الزواج مركزة على التسلط الاجتماعي في بنية الأسرة، وما يترتب عليه من إشكالات في عدم الاستقرار المؤدي إلى تفكك الأسرة وتحللها، حيث وجهت المسرحية نقدا لاذعا إلى القيم الاقتصادية الدارجة والتي ترسخ للعرف السائد في المجتمع، والمتمثل في ارتفاع قيمة المهور لمراسم الزواج السوداني، فجاء التوظيف كاشفا التقاليد السلبية التي يجب الاستغناء عنها.

وتناول الباحث بالتطبيق والتحليل مسرحية “النظام يريد” كاشفا عن دورها في تشكيل القيم المجتمعية من خلال جميع قيم المحتوى “النظرية والاجتماعية والساسية والاقتصادية والدينية والجمالية”، حيث قامت المسرحية بدور حيوي في بث وتشكيل القيم المجتمعية، محققة تفاعلا ونجاحا جماهيريا، واستمرت ما يقرب من أربعة أعوام واستحوذت على نسبة مشاهدة تجاوزت 900 ألف مشاهد من أفراد المجتمع في معظم أنحاء السودان، مما يدلل على مدى التفاعل الجماهيري ومدى الدور الذي قامت به.

تطوير الفن الرابع

الثقافة السودانية الهجينة أثرت في المسرح
الثقافة السودانية الهجينة أثرت في المسرح

من أهم النتائج التي توصل إليها الباحث أن المكونات والخصائص الثقافية في مجتمع البحث انعكست في كل الأبنية ومنظومة القيم المجتمعية، وأن تكوين المجتمع السوداني مختلف الأعراق قد أثر في الأعمال المسرحية المقدمة من حيث مواضيعها والقيم التي تحاول بثها والتي تراعي التنوع الديني والقبلي والعرقي كما تراعي الاختلافات الثقافية.

وقد حاول المسرح كفن وافد في السودان أن يتعرض إلى بعض القيم المجتمعية الإيجابية مثل الوحدة الوطنية والتعليم والبطولة والكرم والنبل والوفاء والحب والعدالة، وكذلك تعرض إلى بعض القيم السلبية مثل المحسوبية والرشوة والفساد والاغتراب والتفكك الأسري. وهو ما يراه الكاتب في العديد من الأعمال التي يعددها في الكتاب، ويقوم بتحليلها لا من منظور جمالي أو تقني بل من منظور المحتوى والأفكار التي تطرحها.

ويخلص عبدالحي إلى أن المسارح بمجتمع البحث الذي تناوله تحتاج إلى تطوير وإعادة نظر بداية من البناء المعماري وتجهيزاتها من خشبات، وغرف الممثلين وصالات المسارح، وغرف تحكم الإضاءة والصوت، وانتهاء إلى تزويد المسارح بالمعدات والأجهزة الحديثة لتتمكن من العطاء والتطور.

الأحد، 28 يونيو 2020

السودان المؤثر المغيّب في المسرح المصري / د.سيد علي إسماعيل

مجلة الفنون المسرحية

السودان المؤثر المغيّب في المسرح المصري
المسرح جمع الشعبين المصري والسوداني وجسد وحدتهما وتلاحمهما ضد الاحتلال.

بدايات المسرح العربي كانت مشوبة بالكثير من الحيطة نظرا إلى الأهمية السياسية البالغة للفن المسرحي في قراءة الأحداث أو تصور مآلاتها وغيره من المواضيع التي يمكنه الخوض فيها، حيث كان المسرح يسمى بـ”رواية”. لكن المثير في تتبعنا لتاريخ المسرح العربي هو العلاقة المغيبة بين المسرح السوداني والمصري، حيث نادرا ما تطرق أحدهم إلى تأثير السودان في المسرح المصري الذي يعتبر من الرواد عربيا.

أغلب الدراسات التي تحدثت عن تاريخ المسرح في السودان، تحدثت عنه من خلال ارتباط السودان بمصر، وتحديدا عن أثر المصريين في حركة المسرح السوداني وتاريخه، مما يعني أن أغلب الدراسات تبحث عن صورة مصر ودورها في المسرح السوداني. ولا أظن أن دارسا أو باحثا فكر في كتابة بحث بصورة معكوسة! أي البحث عن أثر السودان وتاريخه في المسرح المصري.

إذا حاولت البحث عن اسم السودان أو أحداثه الموظفة في المسرح المصري، سأجد أحداث الثورة المهدية هي المثال الواضح، لاسيما وأن ظهور المهدي في السودان في الربع الأخير من القرن التاسع عشر يُعدّ الحدث التاريخي الأهم دينيا وسياسيا في تلك الفترة بالنسبة إلى مصر والسودان.

النص المُكتشف
هذا الحدث وجد طريقه إلى المسرح المصري، عندما ألّف نجيب الحداد مسرحيته “المهدي” في أبريل 1896، وأعلنت جريدة “لسان العرب” عن قُرب تمثيلها في الإسكندرية من خلال جمعية الاتفاق بالإسكندرية (جريدة لسان العرب- عدد 503– القاهرة 7/4/1896).

ومن الواضح أن الجمعية لم تُمثل المسرحية لسبب ما؛ حيث قام نجيب الحداد بتغيير العنوان إلى “المهدي وفتح السودان” بعد خمسة أشهر، وقامت فرقة إسكندر فرح بتمثيلها على مسرح شارع عبدالعزيز في سبتمبر 1896 (جريدة المقطم- عدد 2287– القاهرة 29/9/1896).

وهذه المسرحية تحديدا، تُعد من الآثار الأدبية المجهولة لنجيب الحداد، الذي جمع المرحوم الدكتور محمد يوسف نجم أغلب آثاره الأدبية، ونشر جزءا كبيرا من مسرحياته عام 1966، ورغم ذلك لم يشر الدكتور نجم إلى اسم هذه المسرحية في دراساته، ولم يذكر أنها من آثار نجيب الحداد (محمد يوسف نجم– المسرحية في الأدب العربي الحديث– دار الثقافة– بيروت  1956، وكتابه الآخر: المسرح العربي: دراسات ونصوص.. نجيب حداد– دار الثقافة– بيروت  1966).

الترابط بين الشعبين المصري والسوداني ضد الاحتلال الإنجليزي وصل إلى مراتب كبيرة بفضل الأعمال المسرحية

كما أن هاني هلال خوري كتب بحثا قيما عن نجيب الحداد عام 1969 – ما زال مخطوطا ومحفوظا في الجامعة الأميركية في بيروت– أشار فيه إلى مسرحية “المهدي وفتح السودان”، وأنها من تأليف نجيب الحداد، مؤكدا أنها غير منشورة ومفقودة، ولم يحصل على نصها المخطوط أي باحث حتى الآن.

ولأهمية هذه المسرحية وجدت مقالة منشورة عنها، وعن مضمونها وظروف تمثيلها، نشرتها جريدة “المقطم” المصرية يوم 30/ 9/ 1896.

يتضح لنا –مما سبق– أن نص مسرحية “المهدي وفتح السودان”، هو وثيقة مسرحية أدبية تاريخية مهمة جدا، لأنه مكتوب في أبريل –ورُبما عُدّل في سبتمبر- سنة 1896؛ أي أثناء قوة الثورة المهدية وانتشارها في السودان، وقبيل الحملة الإنجليزية المصرية، وقبل سنوات قليلة من حسم المعركة بين جميع الأطراف! وبناء على ذلك، نستطيع القول: إن ظهور نص مسرحية “المهدي وفتح السودان” سيفتح المجال واسعا لكتابة دراسات مسرحية متنوعة؛ لأنه يُعدّ كشفا أدبيا كبيرا لأهم أثر أدبي، لأشهر كاتب مسرحي في مصر والشام في القرن التاسع عشر، وهو الشيخ نجيب الحداد اللبناني، ناهيك عن قيمة النص؛ بوصفه أول نص مسرحي – في عالمنا العربي وربما في العالم بأسره– تمت كتابته وعرضه على خشبة المسرح عام 1896 عن الثورة المهدية في السودان.

وبفضل ملخص المسرحية المنشور سابقا في جريدة المقطم، وذكر أسماء الشخصيات والمعلومات المنشورة…إلخ، استطعت أن أكتشف نص مسرحية “المهدي وفتح السودان”. وهو نص مخطوط مكتوب بخط اليد بالمداد الأزرق في كراسة تتكون من إحدى وثمانين صفحة منزوعة الغلاف، وتبدأ صفحتها الأولى بعنوان “الفصل الأول” ثم وصف المنظر هكذا “في غرفة من قصر المهدي في أم درمان”. وفي الصفحة الأولى من الفصل الثاني جاء الآتي “الفصل الثاني، المنظر الأول، في معسكر المصريين في خيمة القائد: سردار، لوا، محافظ الحدود، أركان حرب، ضباط مصريين”. أما الفصل الثالث فيقع في السجن. والفصل الرابع، يقع في قاعة أمينة في قصر المهدي. والفصل الخامس، يقع… إلخ.

وهذه المخطوطة، تحتاج إلى جهد كبير في تحقيقها من أجل نشرها؛ لأن الطرف الأيسر من الكراسة به تمزق أثر على إخفاء سنتمتر أو نصف سنتمتر من آخر كل سطر يقع على يسار الصفحة اليسرى، أو في بداية الصفحة اليمنى، مما يعني أن الكلمة الأخيرة (فقط) منقوصة تماما أو آخر حروف منها اختفت، وهذا العيب يحتاج إلى تحقيق مضن لوضع احتمالات عديدة للأحرف المحذوفة، لاسيما في ما يتعلق بالأبيات الشعرية، وأتمنى أن أجد الوقت لإنجاز هذه المهمة، لإنقاذ هذا الأثر الأدبي، والإسهام في نشره ليستفيد منه المسرح السوداني.

على الرغم من اكتشافنا لنص مسرحية “المهدي وفتح السودان”، إلا أن هناك عرضا مسرحيا بعنوان “الهجرة”، أعلنت عنه جريدة “مصر” في فبراير 1919، وأن فرقة الشيخ أحمد الشامي ستقوم بتمثيله في تياترو برنتانيا، والمسرحية من تأليف مصطفى سامي. وبعد ثمانية أشهر أعلنت جريدة “الأهرام” وكذلك جريدة “النظام” عن قيام فرقة أحمد الشامي بتمثيل مسرحية “الهجرة” أو “مصر والسودان” على مسرح برنتانيا، وهي من تأليف مصطفى سامي.

مسرح بقضايا سياسية

وهذا الخبر يعني أن مسرحية الهجرة هي مسرحية “مصر والسودان”، والعكس صحيح. ومما يؤكد هذا الخبر أن أغلب الجرائد –طوال ست سنوات– كانت تُعلن عن اسم المسرحية بأنه “الهجرة” أو “مصر والسودان” من تأليف مصطفى سامي، وتمثيل فرقة أحمد الشامي، التي عرضت المسرحية بدار التمثيل العربي، وبتياترو كونكورديا، وفي تياترو برنتانيا، وفي تياترو الأوبرا بالمينا الشرقية بالإسكندرية، وفي تياترو الألدورادو ببور سعيد.

وعلى الرغم من عدم اكتشافنا لنص مسرحية “الهجرة” أو “مصر والسودان” إلا أننا وجدنا مقالة صغيرة منشورة في جريدة “السفور” بعنوان “رواية الهجرة”، جاءت فيها معلومات تدل على أن “الهجرة” المقصودة في المسرحية هي هجرة المهدي الشهيرة تاريخيا ودينيا، ناهيك عن وجود أسماء وشخصيات في المقالة، تؤكد ما نذهب إليه، لذلك سنذكر هنا ما جاء في جريدة السفور بالنص:

“شاهدنا تمثيل رواية الهجرة من جوقة أحمد الشامي، فأعجبنا بشرف قصد المؤلف وإخلاصه؛ ولكن الرواية خارجة خروجا كبيرا عن قواعد الفن المسرحي، ومزدحمة بأفكار كثيرة، كانت تمر على المشاهدين مرّ الخيال لكثرتها، فيضيع الغرض منها. ونعيب على المؤلف وضع دور ‘بهاءالدين’ و’حبيبته’ باللغة العربية الفصحى؛ لأن ذلك مناف للحقيقة، ومستهجن في رواية كل أدوارها عامية. وما أقرب إلى الاستغراب، وأدعى للدهشة من سماع بهاءالدين يكلم باللغة العربية الفصحى زنوج أفريقيا، الذين لا يعرفون إلا بعض كلمات عامية منها. وفي الرواية قليل من الألفاظ المكشوفة، يجب محوها. أما عن الممثلين فقد أجاد ممثل دور ‘مطر باشا’، وممثل دور ‘دسوقي’، وكذلك أجادت ممثلة دور ‘أنيسة’، وممثلة دور الخادمة السورية وإن كان الدور غير مهم”.

محمد علي وفتح السودان
في عام 1925 وصل الترابط بين الشعبين المصري والسوداني ضد الاحتلال الإنجليزي الساعي للفصل بينهما إلى قمته؛ فقام الكاتب المسرحي بديع خيري بتأليف مسرحيته “محمد علي وفتح السودان”، التي عرضتها فرقة أولاد عكاشة –أو “شركة ترقية التمثيل العربي”- على مسرح حديقة الأزبكية في فبراير 1925. وهذه المسرحية لقيت نجاحا كبيرا في هذا الوقت؛ لأنها كانت تعبر بصدق عن تلاحم الشعبين المصري والسوداني. ومما زاد المسرحية انتشارا، اشتراك المطربة “أم كلثوم” بأغانيها الوطنية بين فصول المسرحية، وفي بعض مشاهدها الحماسية. وقد كتب الناقد محمد عبدالمجيد حلمي تحليلا مستفيضا عن هذه المسرحية، بدأه بهذه الافتتاحية:

“… إذا كان الأستاذ بديع خيري قد قصد إلى إلقاء عظة دينية؛ فقد أفلح كثيرا، إذ ملأ الرواية بالآيات القرآنية، والجمل الممتعة التي تفيض حكمة وسموا، والتي فيها رادع للآثم، وزاجر للئيم. وإذا كان قد قصد إلى إلقاء درس في الوطنية؛ فقد نجح نجاحا عظيما في حث الشعب على الدفاع عن وطنه؛ لأن مصر والسودان جزء لا يتجزأ؛ فقد كانت تلك اللغة الفخمة، والجُمل المنتقاة المرصوصة مثارا للحمية، ومبعثا لاهتياج العواطف والشعور”.

ومسرحية “محمد علي وفتح السودان” لبديع خيري لم تُنشر وما زالت محفوظة في شكل مخطوط، أحتفظ بصورة منه، ووصفه كالتالي: النص مكتوب بخط اليد بالمداد الأسود في كراسة من تسع وعشرين صفحة. مكتوب على غلافها “رواية محمد علي وفتح السودان. تأليف بديع خيري 1924.

فرقة عكاشة”.وفي الصفحة الثانية “أشخاص الرواية”، وهم: محمد علي: والي مصر. الأمير إسماعيل: قائد الجيش المصري الفاتح

للسودان ونجل الوالي محمد علي. محمد بك الذفرادر: قائد حملة مصر بالسودان، وصهر الوالي. أحمد باشا أبوددان: حاكم السودان المصري من قبل الوالي. خيرالدين أفندي مرتضى: ملازم أول بالحملة المصرية في السودان. أبوالمعاطي: شيخ مدينة شندي بالسودان وصهر خيرالدين أفندي. نادية: زوجة خيرالدين وابنة أبي المعاطي. النمر: ملك مدينة شندي بالسودان. خضر: ابن خيرالدين أفندي مرتضى. غنيم: أمين بيت المؤونة لجموع المجاهدين السودانيين. عوض الكريم: زعيم الدراويش المحاربين بالسودان. خويلد: مقاتل في جموع الدراويش. الشيخ الشرقاوي: شيخ الإسلام في مصر. السيد البكري– السيد السادات– السيد مكرم– شاه بندر التجار– قُواد عسكريون– أمراء بحريون– كتخدا بك– مأمور الديوان الخديوي– جنود– أهال.

وأمام صفحة “أشخاص الرواية” صفحة مكتوبة بالقلم الرصاص –وبخط مختلف عن خط المخطوطة– بها أسماء الممثلين الفعليين لهذا النص، وهم أفراد فرقة عكاشة، مما يعني أن هذه النسخة خاصة بالمخرج! والأسماء المكتوبة هي: عبدالعزيز خليل، عبدالله عكاشة، محمد يوسف، عبدالمجيد شكري، زكي عكاشة، محمد بهجت، حسن حبيب، أحمد فهمي، علي حمدي، فكتوريا، عبدالحميد عكاشة، محمد المغربي، محمد فهمي أمان، أبوالعلا، محمد هلال… إلخ.

وعلى الرغم من أن مسرحية “محمد علي وفتح السودان” تدور أحداثها قبل ظهور المهدي في السودان إلا أنني وضعتها هنا من باب الاكتشافات المسرحية المتعلقة بصورة السودان في المسرح المصري، ناهيك عن كون نصها ما زال مخطوطا (ملحق الدراسة، الصورة الثالثة والرابعة والخامسة)، ويُعدّ كشفا أدبيا ثانيا، هذا بالإضافة إلى وجود عنصر الدراويش في أحداث المسرحية، وهو عنصر ربما كان إرهاصا لظهور المهدي في ما بعد.

مسرحية تحت العلم
نص مسرحية "المهدي وفتح السودان"، هو وثيقة مسرحية أدبية تاريخية وهو أول مسرحية عن الثورة المهدية في السودان
نص مسرحية "المهدي وفتح السودان"، هو وثيقة مسرحية أدبية تاريخية وهو أول مسرحية عن الثورة المهدية في السودان
مسرحية “تحت العلم” ألفها عبدالرحمن رشدي المحامي عام 1926، وعرضتها فرقة رمسيس، بطولة يوسف وهبي وفاطمة رشدي، وقد توقع الجميع نجاحها نجاحا ساحقا؛ لأنها جمعت بين مؤلف قدير وممثل كان النجم الأول، وممثلة كانت الأشهر. وكفى بنا للدلالة على ذلك، ما أخبرتنا به جريدة “الأهرام” في إعلانها عن المسرحية قبل عرضها، قائلة:

“… تحت العلم، هي رواية مصرية سودانية. مأساة في أربعة فصول لأكبر كاتب مسرحي، درس المسرح، وعرف خوافيه. وكثيرا ما لعب بأفئدتنا، وأبكى عيوننا؛ الأستاذ القدير عبدالرحمن رشدي المحامي. وقعت حوادثها بين مصر والسودان. يُمثلها فرقة مسرح رمسيس، فترى الحوادث مجسمة: ثورة المهدي – الدراويش – عبدالله التعايشي – سعيد باشا – سلاطين باشا – الجيش المصري في صحارى النوبة. يُمثل أهم الأدوار الأستاذ النابغة يوسف بك وهبي- فاطمة رشدي”(جريدة الأهرام– 26/10/1926).

وهذه المسرحية غير منشورة أيضا، ولكنني أحتفظ بصورة منها منسوخة ومكتوبة بالآلة الكاتبة، وتقع في 86 صفحة من القطع المتوسط، ومكتوب في صفحتها الأولى– بعد الغلاف “رواية تحت العلم: صحيفة فياضة بالآلام، ذات فصول أربعة. وقعت حوادثها في وادي النيل بين سنتي 1884 و1897”. والنص مرفق بثلاث أوراق رسمية من جهاز الرقابة المسرحية وقتئذ (ملحق الدراسة، جميع صور الوثائق من الصورة السادسة إلى الصورة الثانية عشرة): الأولى، بها طلب ترخيص بتمثيل المسرحية موقعا من محمد عبدالجواد سكرتير مسرح رمسيس، ومؤرخا في 10/ 10/ 1926. والورقة الثانية عبارة عن تقرير رسمي من قبل الرقيب حسن حافظ، مؤرخا في 14/10/1926، وهو تقرير يحمل ملخصا للمسرحية، ورأي الرقيب في موضوع المسرحية، ولأهمية هذا التقرير سأذكره بنصه، وجاء فيه:

“تحت العلم: تتضمن هذه الرواية حديث إخلاء السودان سنة 1884، وما أصاب المصريين من المهديين المتوحشين بعد أن نكثوا العهود والمواثيق وعذبوا الضباط الذين وقعوا في الأسر. ثم تعود فتذكر فتحه سنة 1897 وإنقاذ الجيش المصري لأولئك الأسرى المعذبين؛ فإذا بين ضباط الجيش الفاتح أبناء للضباط الذين ظلوا في أسرهم كل ذلك الزمن لا يعلمون ما حل بأولادهم. وبين هذا وذاك تعرض قهوة من القهوات التي كانت في ذلك العصر شائعة كثيرة يغشاها الناس لشهود الرقص وسماع الغناء فإذا في هذه القهوة ضباط يلهون ويلعبون ويسرفون في اللهو واللعب والإنفاق فإذا حانت ساعة الجد والعمل تقدموا إلى الجهاد وبقلوب مطمئنة واستعذبوا الموت تحت العلم. تلك خلاصة ما تحتويه الرواية وليس فيها محظور اللهم إلا إن حسبتم ذكرى السودان بهذه الصورة من المحظورات، والرأي لحضرتكم على كل حال”.

وملاحظة الرقيب كانت في غاية الأهمية؛ لأنه يعلم جيدا محاولات الإنكليز في هذه الفترة لشق الصف بين الشعبين المصري والسوداني، لذلك ينبه رئيسه بأن إعادة تاريخ الصراع بين البلدين أيام الثورة المهدية تُعدّ من المحاذير الرقابية، مما يعني أن منع تمثيل المسرحية سيكون القرار الأصوب. وهنا تظهر أهمية الورقة الثالثة.

والورقة الثالثة عبارة عن الترخيص بتمثيل المسرحية، موقعة من مدير الرقابة، وموجهة إلى محافظ مصر –أي محافظ القاهرة– ومؤرخة في 1/11/1926، وهذا نصها “حضرة صاحب السعادة محافظ مصر، نرسل مع هذا لسعادتكم نسخة من رواية ‘تحت العلم’، التي رُخص بها، وهي تأليف عبدالرحمن أفندي رشدي، وستمثل ابتداء من الليلة بمسرح رمسيس. فالأمل التنبيه بحفظها للإشراف على التمثيل بمقتضاها مع مراعاة ما حذف منها في الصفحات: 3 و4 و5 و12 و14 و15 و23 و24 و26 و27 و28 و29 و32 و39 و43 و50 و55 و61 و62 ومراقبة عدم إلقائه أو تمثيله”.

وهذا التصريح يُعدّ من أهم الوثائق الرقابية، التي تبين موقف الحكومة المصرية –الممثلة في الجهاز الرقابي– تجاه السودان! فالأجزاء المحذوفة أو التي تم تغييرها، كلها أقوال مشينة ضد المهديين. لذلك قام الرقيب بشطب كل إساءة قاسية موجهة إليهم، كما أنه غيّر كل تعبير مستقبح وُجه إليهم في النص، وعدّله إلى كلام موزون، ملطف من موقف الحكومة المصرية تجاه ماضيها في السودان. ومثال على ذلك: تم شطب عبارة في الصفحة الثالثة، ونصها يقول “تقولش فيه حد ما يرضاش بانتصارنا على دعاة المهدي المضللين دول”. وفي الصفحة الرابعة تم حذف كلمة “الأمر” من عبارة “وزاد الطين بلة الأمر بإخلاء السودان”؛ وذلك عند الحديث عن حملة الجنرال هكس، وحذف كلمة الأمر يعني أن الإخلاء كان طبيعيا وليس بأمر من الإنكليز! وآخر مثال دال على ما نقول تمثل في حذف أطول عبارة في المسرحية، وذلك في الصفحة الرابعة عشرة، والنص المحذوف هو “ويجمعون نسوان الموظفين والضباط متزوجات وغير متزوجات، ويقدمونهم زي سبي الجواري بالبهدلة والضرب للدراويش الفجرة”.

وهكذا نالت فرقة رمسيس التصريح بعرض المسرحية، وعلى الفور بدأت في نشر الإعلانات، ومنها الإعلان المنشور في ملحق الدراسة (ملحق الدراسة، الصورة الأخيرة- الثانية عشرة)، ونصه يقول: “مسرح رمسيس، إدارة يوسف بك وهبي، تمثل فرقة رمسيس ابتداء من الاثنين أول نوفمبر لغاية 7 منه، رواية ‘تحت العلم’ تأليف الأستاذ عبدالرحمن رشدي المحامي. صحيفة من حياة مصر الخالدة حوت من الصور والبيئات المسرحية نماذج حيّة كانت تمرّ في أطوار حياتنا الماضية، وتحفظها الذكرى ولا تنساها… صحيفة ولو أنها فياضة بالآلام غير أنها تبتسم للمستقبل. صحيفة تبدأ بذكرى الضحايا العديدة التي تقدمت طائفة فرحة مستبشرة بالموت في سبيل الوطن وتختم بالنصر الذي يحيي في النفوس جيوش الآمال ظافرة مهللة مكبرة. يمثل أهم الأدوار: يوسف وهبي، فاطمة رشدي”.

وعلى الرغم من هذا الزخم حول مسرحية “تحت العلم”، إلا أنها فشلت فشلا كبيرا عندما عُرضت على الجمهور (مجلة الصباح 8/11/1926). وعندما سأل أحد النقاد مؤلف المسرحية: ما هو الرابط الذي يربط بين السودان، وحرب الدراويش، وحانات القاهرة ومواخيرها! أجاب المؤلف عبدالرحمن رشدي بأن غرضه أن يبين أن الحملة السودانية، وسفر الضباط المصريين فيها قد أفسدا من أخلاق الشبان أبناء هؤلاء الضباط؛ لأنهم تربُّوا بعيدين عن عناية آبائهم وملاحظتهم (جريدة البلاغ 9/11/1926).
----------------------------------------
المصدر :جريدة العرب 

الاثنين، 30 ديسمبر 2019

“جبال تورو” أفضل عرض في مهرجان السودان الوطني للمسرح

مجلة الفنون المسرحية


“جبال تورو” أفضل عرض في مهرجان السودان الوطني للمسرح

(رويترز) 

فاز العرض المسرحي “جبال تورو” لفرقة الأجاويد الكوميدية بجائزة أفضل عرض متكامل في الدورة الثانية لمهرجان السودان الوطني للمسرح التي أسدل الستار عليها، الجمعة.

وفاز بجائزة أفضل ممثل أبو بكر فيصل عن دوره في مسرحية “في.آي.بي” بينما ذهبت جائزة أفضل ممثلة مناصفة إلى هبة الرحمن عبدالرحمن عن دورها في مسرحية “جبال تورو”، ونضال يحيى إسحاق عن دورهافي مسرحية (سيد الرصة).

كما منحت لجنة التحكيم جائزة الإخراج مناصفة لعبد الإله محمد المهدي عن مسرحية (سيد الرصة) وعمر عقال عن مسرحية (جبال تورو).

وحصل على جائزة أفضل موسيقى لعرض مسرحي مهاب معتصم وولاء الماحي عن مسرحية (زنزانة 89) لفرقة أهالينا.

وجرى تنظيم المهرجان في الفترة من 21 إلى 27 ديسمبر، من قبل وزارة الثقافة والإعلام بالتعاون مع الهيئة العربية للمسرح التي تتخذ من الشارقة مقرا، وذلك في إطار مبادرة الهيئة بإقامة مهرجانات وطنية للمسرح في كل بلد عربي.

وتنافست على جوائز الدورة الثانية التي حملت اسم المسرحي الراحل الفاضل سعيد (1935-2005) عشرة عروض من أنحاء السودان.

وقبل إعلان الجوائز، ألقى المخرج عادل حربي رئيس لجنة التحكيم توصيات اللجنة والتي تلخصت في عدة نقاط من أبرزها؛ إعلان تفاصيل وشروط المشاركة بالمهرجان قبل فترة كافية من انطلاقه لا تقل عن ستة أشهر، ومراجعة لائحة المهرجان، وعقد ورشة متخصصة لتقييم وتقويم الدورة الثانية للوقوف على السلبيات والإيجابيات.

تغطية صحفية للنشرة العربية سامح الخطيب – تحرير ليليان وجدي

الأحد، 22 ديسمبر 2019

كلمة الأمين العام للهيئة العربية للمسرح في حفل افتتاح فعاليات الدورة 2 لمهرجان السودان الوطني للمسرح

مجلة الفنون المسرحية

كلمة الأمين العام للهيئة العربية للمسرح في حفل افتتاح فعاليات الدورة 2 لمهرجان السودان الوطني للمسرح

اسماعيل عبد الله : سعادتنا تكتمل لإنجاز هذا الحلم بنساء ورجال حملوا الأمانة المسرحية بنبل وخير وحب
الدورة 2 لمهرجان السودان الوطني للمسرح


اسماعيل عبد الله: لم يكن لهذه السعادة أن تكتمل لإنجاز هذا الحلم لولا نساء ورجال حملوا الأمانة المسرحية بكل ما تحمله من نبل وخير وحب… رغم قساوة الظروف مدججين بالأمل في أن القادم أفضل…

ها نحن نلتقي مجددا في مقرن الخرطوم بأرض السودان بوابة العرب على أفريقيا وبوابة إفريقيا على الوطن العربي، حيث يتعانق النيل الأزرق مع النيل الأبيض وهما يجرفان معهما إرثا حضاريا وثقافيا غنيا ينهل من العمق الإفريقي الزاخر بالطقوس والتقاليد المتنوعة والكثيفة ويرتشف من الحضارة العربية وكنوزها البشرية والفكرية والمادية.
ها نحن نلتقي في رحاب السودان حيث الفرجة وتذوق الفنون، حيث حب الحياة بأشكالها وتقلباتها غناء ورقصا، إرتجالا وتقمصا، وحيث ثقافة التلقي والمشاركة الجماهيرية من سمات الشعب السوداني المتجدرة في العادات والتقاليد، في الأعياد والمناسبات، في الإحتفالات الصوفية والدينية وفي حلقات الذكر والإنشاد والمناجاة وفي ليالي السمر وحلقات الحكي الشعبية.
وها نحن نلتقي في حضرة أبي الفنون، هذا الفن النبيل الذي وجد نفسه وضالته في هذا المناخ السوداني المفعم بالحياة وفي هذه الممارسات الطقوسية؛ الإفريقية العربية الخاصة بأهل السودان القديم، وفي هذه المناطق الأثرية السودانية التي تعتبر من أوائل الحضارات الإنسانية في تاريخ الجنس البشري والتي أثبتت البحوث والدراسات أصولها الدرامية .ولعل الأثر الكبير الذي تركته مسرحية “المك نمر” على الجمهور السوداني لخير دليل على تغلغل المسرح في المجتمع السوداني وكيف لا والملايين كانت تحفظ ولا زالت مقولات هذه المسرحية الشعرية التي تدعو إلى لم شمل السودانيين والتي تقول:
جعلي ودنقلاوي وشايقي ايه فايداني
غير ورثة خلاف خلت أخوي عاداني
خلو البينا يسري مع البعيد والداني
يكفي النيل أبونا والجنس سوداني
واسمحوا لي في ظل هذه الأجواء المسرحية الإحتفالية البهية أن أنقل لكم تحيات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى لاتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، حاكم الشارقة، الرئيس الأعلى للهيئة العربية للمسرح الذي يتابع عن كثب مجريات هذا المهرجان وكل رجائه أن يتكلل بالتوفيق وأن يساهم في إعادة الروح والدينامية للمسرح السوداني في ظل مبادرته السامية الرامية إلى خلق حراك مسرحي عربي من خلال إحداث مهرجانات وطنية للمسرح بكل من البحرين، الأردن، المغرب، موريتانيا، فلسطين، العراق، لبنان، اليمن والسودان.
وبعد نجاح الدورة الأولى في السنة الماضية التي حققت أهدافها، ها نحن اليوم نشهد استمرار هذا المنجز الثقافي والفني الهام بإطلاق الدورة الثانية لمهرجان السودان الوطني للمسرح بعزيمتكم وإصراركم، بعشقكم وإيثاركم، وهي الدورة التي تأتي تكريما لأحد رموز المسرح السوداني الفاضل سعيد، هذا الفتى الذي كانت خطواته الأولى نحو التأليف والتمثيل من فرقة الكشافة برعاية عبد الرحمن المهدي كأصغر عضو فيها والذي ولج عالم المسرح بعد أن نفد وصية أستاذه خالد أبو الروس الذي قال: “يا بني لا أريدك أن تمثل الآن….. ولو مثلت الآن فلن تتعلم، ونحن في حاجة للممثل المتعلم” وكم هي حاجتنا كبيرة للمسرحيين المتعلمين في هذا الزمان.

وستكون هذه الدورة زاخرة بالعروض المسرحية التي تأهلت للمهرجان بعد منافسة شريفة على مستوى مناطق السودان والتي سمحت للمسرحيين أن يبرزوا قدراتهم وملكاتهم الإبداعية وأن يخلقوا ذلك الرواج المسرحي الذي نبحث عنه بالأقاليم والمدن البعيدة. فحظا سعيدا للفرق المؤهلة وحظا أوفر للباقين.
وإذا كانت للإبداع مكانة هامة في هذه الدورة فإن حضور البحث والدراسة والنقد سيكون بارزا من خلال الندوات ومن خلال الإصدارات العشرة الجديدة التي أصدرتها الهيئة العربية للمسرح والتي ستعزز الخزانة السودانية والعربية والتي تتناول مختلف القضايا المرتبطة بالمسرح بأقلام نخبة من الباحثين والنقاد السودانيين. وسعادتنا في هذه الدورة مضاعفة بفعل تجديد التعاون المثمر والبناء مع وزارة الثقافة والإعلام في الحكومة الجديدة وبفعل التفاعل الإيجابي لمعالي الوزير الأستاذ فيصل محمد صالح مع هذا المشروع المسرحي المتكامل الذي يحمل في طياته إلى جانب مهرجان السودان الوطني للمسرح، النية في إحداث مركز للفنون الأدائية الذي يهدف إلى تعزيز منظومة التكوين والتدريب بالسودان وتشجيع الدراسات والبحث والتوثيق وتطوير آليات التعاون مع المؤسسات الرسمية و الأهلية المسرحية.
هذا علاوة على السعي إلى تدعيم هذا التعاون بشراكة استراتيجية مع وزارة التربية والتعليم إيماناً من الطرفين بضرورة المساهمة في بناء أجيال جديدة واعية وذلك من خلال تفعيل استراتيجية تنمية المسرح المدرسي في الوطن العربي خدمة للمسرح المدرسي في السودان متعلماً ومعلماً ومحيطاً اجتماعياً عبر دورات لتأهيل الإدارات المدرسية المختلفة لتهيئة البيئة المدرسية الملائمة للنشاط المسرحي.
ولم يكن لهذه السعادة أن تكتمل لإنجاز هذا الحلم لولا هذه الثلة من بنات وأبناء هذه الأرض الطيبة من نساء ورجال حملوا الأمانة المسرحية على أكتافهم بكل ما تحمله من نبل وخير وحب وساروا بها إلى الأمام رغم قساوة الظروف مدججين بالأمل في أن القادم أفضل وأن على المسرح، كما كان دائما، أن يلعب دوره الطلائعي في التغيير والبناء والتطوير. فإليكم جميعا ألف تحية وسلام.
وقبل الختام لابد من تقديم آيات الشكر والعرفان لكل من انخرط في هذا الأفق الواسع للخلق والإبداع من حكومة ومبدعين ونقاد وإعلام وجمهور ولكل من تجاوب مع هذه الرغبة الجامحة لإعادة الوهج لأبي الفنون بالسودان الحبيب، وأخص بالشكر والتقدير وزارة الثقافة والإعلام وأعضاء اللجنة العليا وإدارة المهرجان ولجان الإختيار ولجنة التحكيم وفريق العمل التنفيذي للمهرجان الذين كان لهم الأثر الكبير في الوصول إلى هذه المحطة الهامة، وكذا كل الفرق المسرحية بالتراب السوداني التي كابرت وثابرت من أجل أن تكون في الموعد.
ولأننا تعلمنا أن نبادل الوفاء بالوفاء فلا بد أن نشيد بالجهود القيمة والمتابعة الحثيثة لابن السودان الوفي لأب المسرحيين السودانيين الروحي الأستاذ والمعلم والأب الدكتور يوسف عيدابي الذي تعذر عليه الحضور لظروف مرتبطة بعمله.
فالشكر لجميع من ساهم في دعم وتثمين هذه المبادرة، وتعالوا جميعا لننشد معاً أنشودة الحياة، أنشودة التجديد والتجدد، أنشودة الخلق والإبداع، ونردد مع صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي مقولته الشهيرة (لنجعل المسرح مدرسة للأخلاق والحرية).

------------------------------------
المصدر: إعلام الهيئة العربية للمسرح



الأحد، 15 ديسمبر 2019

10عروض مسرحية في مهرجان السودان الوطني للمسرح الدورة الثانية 21–27 ديسمبر2019

مجلة الفنون المسرحية

10عروض مسرحية في  مهرجان السودان الوطني للمسرح الدورة الثانية 21–27 ديسمبر2019

اعلنت إدارة مهرجان السودان الوطني للمسرح الدورة الثانية دورة ” الفاضل سعيد ” عن تأهل 10عروض مسرحية من 36 في المنافسة التمهيدية في الفترة من 1-9 ديسمبر الجاري على المسرح القومي بـ أم درمان برعاية وزارة الثقافة والإعلام السودانية والهيئة العربية للمسرح .

وأعلن د. سعد يوسف عبيد مدير مهرجان السودان الوطني للمسرح أنه قد تمت مشاهدة أكثر من 40 فرقة بولايات السودان المختلفة، وقد أشادت إدارة المهرجان بصبر ونزاهة لجنة المشاهدة، مثمنة الجهود الفكرية والفنية بكافة العروض التي تقدمت و شاهدتها اللجنة على مسرحي الفنون الشعبية والمسرح القومي خلال الفترة من 1 إلى 9 ديسمبر الحالي، قد تكونت لجنة المشاهدة من د. اليسع حسن أحمد رئيسا وعضوية مصطفي الخليفة وايمان ابراهيم ، وتجري الاستعدادات لانطلاق الدورة الثانية في الفترة من 21–27 ديسمبر بالمسرح القومي أم درمان .

وقد جاءت العروض المختارة كالتالي  :

من ولاية الخرطوم عروض “زنزانة 89″ تأليف سفيان محمد إبراهيم وإخراج محمد عبد المنعم، لفرقة أهالينا،  ” سيد الرصة” تأليف أحمد دفع الله، وإخراج عبد الإله محمد المهدي، لفرقة سيد الرصة ، ” بنات نعش ” تأليف وإخراج هدى مأمون لفرقة ماريا مانو، ” لحن النساء” تأليف السر محجوب، إخراج أميرة أحمد إدريس،  “علامة فارقة” تأليف وإخراج طارق بكري، لفرقة المختبر، “V.I.P ” تأليف وإخراج مصطفى عبد الكريم ، “العم تية ” تأليف عمر الحاج وإخراج محمود عبد اللطف لفرقة ميلاد، ” حق المشوار دبل ” تأليف وإخراج محمد جبريل لفرقة أضواء، ” جبال تورو” تأليف وإخراج عمر عقال لفرقة الأجاويد  – غرب دارفور، ” نداء النقارة ” تأليف وإخراج ربيع يوسف لفرقة رابطة الجوالة ورابطة الأدب والدراما بورت سودان – البحر الأحمر .
جدول عروض المهرجان 




الثلاثاء، 30 أكتوبر 2018

مهرجان السودان الوطني للمسرح – دورة الفكي عبد الرحمن يعلن نتيجة مشاهدات الدورة الأولى

مجلة الفنون المسرحية



ضمن مبادرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي
مهرجان السودان الوطني للمسرح – دورة الفكي عبد الرحمن يعلن نتيجة مشاهدات الدورة الأولى
     
  إعلام مهرجان السودان الوطني للمسرح
                                           
تستعد السودان لتنظيم أول دورة من مهرجان السودان الوطني للمسرح، المهرجان الذي يأتي تنفيذاً لمبادرة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، التي كلف بها الهيئة العربية للمسرح، لتنظيم مهرجانات وطنية للمسرح في الدول العربية، ويأتي هذا المهرجان ثمرة تعاون مثمر بين وزارة الثقافة في السودان و الهيئة العربية لمسرح، حيث أحدث الإعلان عن المهرجان حراكاً كبيراً في الوسط المسرحي على امتداد التراب الوطني.
هذا و قد أعلنت لجنة المشاهدات الأولية لمهرجان السودان الوطني للمسرح (الدورة الأولى) الذي تنظمه وزارة الثقافة بتعاون و دعم من الهيئة العربية للمسرح، مساء اليوم الأحد 28 أكتوبر 2018م، قائمة الأعمال المختارة للمشاركة في المهرجان، الذي سينظم في الفترة من 17 – 23 نوفمبر، و حمل اسم دورة الفكي عبدالرحمن، على خشبة المسرح القومي.
ضمت الاختيارات  عشرة عروض و هي :
1.     (أربعة رجال وحبل)، من تأليف الراحل ذو الفقار حسن عدلان، إخراج قاسم أبو زيد.
2.     (المفتش) لـ مصطفى أحمد الخليفة، والمخرج ربيع يوسف الحسن.
3.     (تحت الثلج) لـ عمر عقال عبدالدين تأليفاً وإخراجا.
4.     (حاكم وصاحب خاتم) للمؤلف صلاح يوسف الحسن، ومخرجها مصطفى محمد عبدالكريم.
5.     مسرحية (رجل الطيور) من تأليف عادل ابراهيم محمد وإخراج تاج السر عابدون.
6.     (رغبة أسمها الرهبة) من تأليف عادل إبراهيم محمد وإخراج محمد المجتبى موسى الطيب.
7.     (في بيتنا ممثل) تأليف عادل إبراهيم محمد و إخراج  منصور علي عبيد.
8.     (سفر البن) لـ هدى مأمون إبراهيم تأليفاً وإخراجا.
9.     (طرمبة حكومة) تأليف وإخراج وليد الألفي.
10.                        (نقطة إنتهى) لـ السر محجوب، وأميرة أحمد إدريس.
ضمت لجنة المشاهدة كل من جعفر محمد نصر رئيساً، وعضوية سر الختم موسى الطاهر، ود. محيي الدين خليفة مقرراً، وسيبدأ تنافس العروض على جوائز المهرجان في السابع عشر من نوفمبر على خشبة المسرح القومي بأم درمان.
من ناحية ثانية كشف رئيس لجنة المشاهدة الأستاذ جعفر نصر خلال حديثه أن الخرطوم شاركت بـ (52) عرضاً مسرحي، وأنسحبت منها (9) عروض، نافست منها (43)، وشاركت ولاية الجزيرة بـ (5) و (4) للبحر الأحمر والنيل الأبيض التي انسحب منها عرضاً، ومثلها لغرب دارفور مع انسحاب عرضين، بينما قدمت كسلا عرضين وعرض لشمال دارفور، وقدمت لجنة المشاهدة جملة توصيات منها تطوير وتنمية المواهب والقدرات، وتوظيف المسرحيين في مهام إدارية وفنية وإبداعية، واقامة منافسات ولائية تحت مظلة ورعاية وزارة الثقافة والسياحة والآثار.

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption