أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

‏إظهار الرسائل ذات التسميات بحوث ودراسات مسرحية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات بحوث ودراسات مسرحية. إظهار كافة الرسائل

السبت، 16 نوفمبر 2024

ذاتية المؤدي والتعبير في الأداء المسرحي تأليف جيمس هاملتون ترجمة أحمد عبد الفتاح

مجلة الفنون المسرحية


       ذاتية المؤدي والتعبير في الأداء المسرحي    تأليف  جيمس هاملتون   ترجمة   أحمد عبد الفتاح

الأربعاء، 6 نوفمبر 2024

أثر مسرحة المناهج في تطوير العملية التعليمية التعلمية داخل السياق الجامعي

مجلة الفنون المسرحية



أثر مسرحة المناهج في تطوير العملية التعليمية التعلمية داخل السياق الجامعي

(المسرح التعليمي في الجامعة المغربية في ضوء مستجدات المنظومة التربوية)

السبت، 21 سبتمبر 2024

المسرح وصورة الإرهاب الثوري في الاستلهام الخيالي الاسترجاعي لأوتوشرك مزامنة الخيال التوقعي لحرب غزة

مجلة الفنون المسرحية 



المسرح وصورة الإرهاب  الثوري في الاستلهام الخيالي الاسترجاعي 
  لأوتوشرك  مزامنة الخيال  التوقعي لحرب غزة 

الأحد، 18 أغسطس 2024

بحث في "المزج بين الحقيقة والوهم داخل النص المسرحي-مسرحية(السراب)أنموذجًا" دراسة في ميتاتياتر المسرح

مجلة الفنون المسرحية
الباحثة د. مروة زلابية 

"المزج بين الحقيقة والوهم داخل النص المسرحي مسرحية(السراب)أنموذجًا" دراسة في ميتاتياتر المسرح


هذا البحث نُشر من قِبل ا م د مروة عبد العليم زلابية في مجلة بحوث كلية الآداب جامعة المنوفية في شهر اكتوبر ٢٠٢١

"The Combination of Truth and Illusion Within The Theatrical Text-The Play (The Mirage)as a Model"

 A study in metatheater

د/مروه عبد العليم عبد الحكيم زلابية

مدرس بقسم الإعلام التربوي-كلية التربية النوعية جامعة المنوفية

marwazlabia@yahoo.com


ملخص البحث

يهدف البحث الحالي إلى التعرف على التقنيات النصية التي وظفتها الكاتبة"ميسون حنا" من أجل خلق ميتاتياتر المسرح داخل النص المسرحي(السراب)، واستخدمت الباحثة المنهج السيميولوجي لتحليل الدلالات والعلامات والرموز اللغوية وغير اللغوية الموجودة داخل النص.

وتوصل البحث إلى النتائج التالية:

  1. تحقق في النص المسرحي"السراب"سمتان أساسيتان من سمات نظرية ميتاتيتر المسرح التي اعتمدت على آراء"آبل"وهي:(المزج بين الحقيقة والوهم حيث تختلط وتمتزج الحياة في النص بالوهم, فيعتمد النص على خيال المتلقي واستيعابه للحدث الدرامي, كما تحقق وعي الكاتبة بذاتها من خلال تصويرها لشخصية المرأة الصامدة وتحيزها لها)وتم استبعاد السمة الثالثة لها- نقاء الظاهرة كابتكار غربي خالص- لعدم توافرها في النص, كما طغت السمة الأولى على الثانية داخل النص.

  2. التوظيف الدلالي لتقنية الانفعالات الشخصية والعلامات شبة اللغوية التي وردت في النص كانت من أهم التقنيات التي لجأت إليها الكاتبة واستخدمتها من أجل خلق ميتاتياتر المسرح في النص.

  3. العلاقة بين الحقيقة والوهم علاقة عكسية بين متضادين للتمييز بينهما, فالواقع الأليم لمخلفات الحرب وما ينتجه من دمار نفسي ومادي للشخصيات هو ما دفع الرجل والمرأة للوهم المتمثل في الأمير والأميرة اللذين عاشا في برجٍ عاج للهروب من الواقع, ودائمًا ما يتم اكتشاف الوهم بعد اكتشاف الحقيقة؛ لذا صرخ الرجل عندما وجد الحقيقة أمامه واضحه مع بزوغ الشمس. وبالتالي لا يوجد حقيقة بدون وهم والعكس. 

  4.  وظفت الكاتبة تقنية النهاية المفتوحة كتقنية نصية, لم تُفصح لنا عن الحل وتركت لنا السطر الأخير من حياة الرجل ليكتبه كلُّ منا على طريقته الخاصة وبفهمه وتصوره وتخيله للمشهد. فالسراب نص يتناول مشكلة، لكن بدون حلول جذرية لها.

الكلمات المفتاحية: الحقيقة والوهم، النص المسرحي,السراب, ميتاتياتر المسرح.

مقدمة:

تناول البحث الحالي مفهوم الميتاتياتر وأسسه التنظيرية التي أرسها الكاتب الأمريكي"ليونيل آبل" وأعتمد عليها كثير من الدارسين المسرحيين, وقد تلاه في ذلك العديد من الدارسين مثل:"رضا غالب في كتابة ميتاتياترو-المسرح داخل المسرح,والكاتب المسرحي المغربي"حسن يوسفي" في كتابة(المسرح في المرايا). ولم يكن"آبل" المسرحي الوحيد الذي حاول أن يُرسي دعائم الميتاتياتر, فحاول في ذلك كل من الألماني(شليننج), والفرنسي(باتريس بافيس), إلا أنه قد اعتمد العديد من الدارسين المسرحين على آراء"آبل" ولعل السبب في ذلك, أنها ظاهرة ذات أبعاد فلسفية؛ وتتعامل بلغات خشبة المسرح. والميتامسرح ممارسة منبثقة أساسًا من النص المسرحي, فهو ظاهرة نصية ذات بنية موضوعاتية وخطابية.وهذا ما أكدته نتائج دراسة(السعيد,رندا حلمي.2020.ص629)

ولأن المؤلف يساهم بشكل أو بآخر في رصد الحقائق والتعبير عنها من خلال فنه وتوظيف التقنيات النصية لخدمة ذلك, لذا حاولت الباحثة توضيح التقنيات النصية التي وظفتها الكاتبة المسرحية"ميسون حنا"(*)في النص المسرحي"السراب"من أجل خلق ميتاتياتر المسرح وتوضيح المزج بين الحقيقة والوهم وإظهار وعي الكاتب بذاته داخل النص المسرحي كسمات أساسية من سمات النظرية الميتاتياترية, وبنية ودلالات هذه المسرحية ذات الفصل الواحد والتي تعرض حادثة واحدة؛ وإلقاء الضوء عليها بشكل مكثف ودقيق, مع توضيح صورة هذه الحادثة أو الشعور النفسي بطريقة بارعة.(بهجت,نبيل.2020.ص9-10). والنص المسرحي تنظيم لغوي يسعي لصنع تقنيات مرئية ومسموعة تلقي أمام المتفرج, وأن هذه هي خصيصته الأساسية التي لا غني عنها منطلقًا من أن الدراما منذ تعريفها الأول عند أرسطو؛ تمثل أشخاصًا في حال الفعل.(شحاتة,حازم.2014.ص7). فأدوات المؤلف المسرحي وتقنياته هي أدوات الخشبة وليست أدوات لغوية فقط.

وبالتالي حاولت"ميسون" أن تكتب عن مخلفات الحرب وما ينتج عنها من تدمير أسري وعلاقات زوجية زائفة تنخدع بتقلبات الدهر ومصائب الحياة, ومحاولة الهروب من تلك الحقائق إلى الوهم لمحاولة تقبل الواقع المرير. كما عبرت عن الأنثى وتصور نفسها وتعالج علاتها, وأن تتحمل كل تلك الضغوطات وأن تنفجر معبرة عما تشعر به لأنها تتحمل فوق طاقتها بكثير؛ والانفجار هنا بسبب أن الرجل لم يفكر فيما تريده تلك الأنثى بل يفكر فيما يريده ويشعر به هو فحسب وهنا يبدأ الصدام والصراع الحقيقي بينهما, والتي استطاعت الكاتبة التعبير عنه بالقلم والفكر.

مشكلة البحث: 

تم تحديد مشكلة البحث من خلال محاولة الباحثة التطرق إلى دراسة ميتاتياتر المسرح التي أرسي دعائمها"آبل"من خلال نصوص مسرحية كتبت حديثًا, فلاحظت عند إجراء مسح لبعض تلك النصوص المسرحية استطاعت الحصول على كتاب يتضمن أربع مسرحيات سُمي بـ"وكر الافاعي"الذي صدر عام2020, وكُتب النص المسرحي "السراب" من بينهم وترتيبه الرابع والأخير, وتم الاختيار العمدي لهذا النص لتحقق بعض سمات ميتاتياتر المسرح فيه أكثر من النصوص الأخرى. ولأنه يوعي الناس بواقعهم الأليم ويكشف لهم عن الطرق والسائل العديدة لتغيير هذا الواقع حتى وإن كانت في عالم وهمي غير حقيقي وهذا ما أكدته دراسة (Hundal,Sukhwant.2002)

لذا ارتأت الباحثة أن تدرس بعض سمات وخصائص ميتاتياتر المسرح في النص المسرحي(السراب), وبالتواصل مع الكاتبة(*) وجد أنه لم يكتب عنها مقالات نقدية إلا واحدة فقط حتى الآن؛ ولا يوجد عرض مسرحي له-على حد علم الباحثة- مما دفعها لأن تتناول النص بالبحث والتحليل, خاصةً أن المزج بين الحقيقة والوهم تتبع نظرية ميتاتياتر المسرح وسمة من سماته؛ كذلك وعي الكاتب بذاته حيث تمتد جذور الكاتبة إلى فلسطين, والنص يتحدث عن الحقيقة ومخلفات الحرب وما ينتج عنها من آثار ودلالات تدميرية للنفس البشرية بشكل عام والرجل/الزوج, والمرأة/الزوجة بشكل خاص, ومحاولة تقبل الحقيقة من خلال الوهم الذي تعيشه الشخصيات وعلى ضوء ذلك يمكن صياغة السؤال الرئيس للبحث على النحو التالي:

ما التقنيات النصية التي وظفتها الكاتبة"ميسون حنا" من أجل خلق ميتاتياتر المسرح داخل النص المسرحي(السراب)؟

ويتفرع من السؤال الرئيس الأسئلة الفرعية التالية:

  1. هل تحققت سمات النظرية الميتاتيرية كما وردت في آراء"آبل" في النص المسرحي"السراب"؟

  2. ما التقنيات النصية التي استطاعت الكاتبة توظيفها للمزج بين الحقيقة والوهم كسمة من سمات ميتاتير المسرح؟

  3. كيف وظف وعي الكاتب بذاته في النص المسرحي كسمة من سمات ميتاتير المسرح؟

  4. كيفية توظيف المزج بين الحقيقة والوهم في النص المسرحي؟

  5. ما دوافع استخدام الكاتبة لتلك التقنيات في النص المسرحي؟

أهداف البحث: يهدف البحث إلى التعرف على التقنيات النصية التي وظفتها الكاتبة"ميسون حنا" من أجل خلق ميتاتياتر المسرح داخل النص المسرحي(السراب), وينبثق من هذا الهدف الرئيس عدة أهداف فرعية وهي:

  1. التعرف على مدي تحقق سمات النظرية الميتاتيرية كما وردت في آراء"آبل" في النص المسرحي "السراب".

  2. التعرف على التقنيات النصية التي استطاعت الكاتبة توظيفها للمزج بين الحقيقة والوهم كسمة من سمات ميتاتير المسرح.

  3. التعرف على مدي توظيف وعي الكاتب بذاته في النص المسرحي كسمة من سمات ميتاتير المسرح.

  4. التعرف على كيفية توظيف المزج بين الحقيقة والوهم في النص المسرحي.

  5. التعرف على دوافع استخدام الكاتبة لتلك التقنيات في النص المسرحي.

أهمية البحث: تنبع أهمية البحث الحالي وتكمن في:

  • تسليط الضوء على نظرية ميتاتياتر المسرح داخل النص المسرحي من خلال آراء"آبل" التي ذكر فيها سمات ميتاتياتر المسرح؛ فهو ممارسة منبثقة أساسًا من النص المسرحي الذي نفترض أنه يجسد خصوصيته.

  • إلقاء الضوء على الكاتبة الأردنية ذات الجذور الفلسطنية"ميسون حنا" كنموذج مسرحي أنثوي مهم في المسرح الأردني, وحصول كتاباتها التي عُرضت في عدة مهرجانات على جوائز مختلفة.

  • تأتي أهمية البحث من أهمية النص المسرحي"السراب" والذي يرصد ما تنتجه الحرب من دمار على النفس البشرية بأحداثها المؤلمة شديدة الواقعية التي تعيشها الشخصيات محاولين الهرب إلى عالم وهمي يصنع لهم سلام نفسي بعيدًا عن الحرب.

  • قد يفيد نتائج البحث الحالي الباحثين في تناول وتحليل مسرحيات آخري للكاتبة"ميسون حنا".

حدود البحث: 

- حدود موضوعية:يتحدد موضوع البحث في:"المزج بين الحقيقة والوهم داخل النص المسرحي(السراب) كدراسة في ميتاتياتر المسرح".

- حدود زمانية:تتمثل في الزمن الذي كتب خلاله النص المسرحي(السراب) ونشره إلكترونيًا عام2020م.

عينة البحث:تتمثل عينة البحث في النص المسرحي(السراب) للكاتبة"ميسون حنا" والذي كتب ضمن أربع مسرحيات, وكان ترتيبها الرابعة والأخيرة في كتاب سمي بـ(وكر الأفاعي) نشر إلكترونيًا. 

منهج البحث:استخدمت الباحثة المنهج السيميولوجي، والذي يعد من أكثر المناهج ملائمة لطبيعة البحث الحالي لإظهار العلامات والدلالات والتي وظفت لخلق ميتاتياتر المسرح من خلال التقنيات النصية."فكل دراسة سيميولوجية تقوم على وحدات ووصف علامتها المميزة, ثم اكتشاف معايير أكثر دقة لقياس هذا التميز؛ وهو منهج تحليلي لعناصر النص الدرامي والعرض المسرحي معًا؛ ويعني بالنظام البنائي الشكلي لكل منهما؛كما يعني بالنسق الداخلي للأنظمة الدالة التي يتكون منها كلاهما بدينامية لتوليد المعني واستخلاصه من قبل المتلقي".( أبو العلا,عصام الدين. 2005.ص ص 18-19) فتدرس النص من خلال تفكيك عناصره وتركيبها من جديد عبر دراسة شكل المضمون للبحث عن المعنى والدلالة واستخلاص البنية المولدة للنصوص منطقيًا ودلاليًا.(كوبلي, بول وجونز,ليسا.2005.ص10-12)

مصطلحات البحث:

الحقيقة:هو فهم واستيعاب للحياة الواقعية, وتكوين مفاهيم خاصة لما يحدث من أحداث في الحياة من حولنا.(عبد الواحد,زينب عبد العظيم.2018.ص9)

وتعرفها الباحثة إجرائيًا بأنها:الظروف الاجتماعية والنفسية التي تحيط بالشخصيات المسرحية وتؤثر عليهم مما تجعلها تنعكس على سلوكياتهم لتغيير تلك الحقائق.

الوهم: شكل من أشكال التشوه الحسي يتشارك فيها عادةً معظم الناس؛ وهي حالة عقلية مضطربة، إذ يُصبح العقل غير قادرٍ على التمييز بين ما هو حقيقي ومنطقي، وبين التخيلات والأوهام، لدرجة مساواة جميع الظواهر الوهمية والإدراكية في وجودها, والأوهام تُشوه الحقيقة، وتُؤثر عادةً على حاسة الإنسان أكثر من رؤيته. بينما يُعد الخداع البصري أكثر أنواع الوهم شهرةً وتفهمًا. ويأتي التركيز في الخداع البصري من أن حاسة البصر تُسيطر على الحواس الأخرى في معظم الأحيان, فهناك ألفاظ متعلقة بمفهوم الوهم "كالظن,الخيال, الكذب, الشك,..".(اليبرودي,إنشراح أحمد.2014.ص42), والوهم/الحلم أصبح يشكل ظاهرة يومية للبشر,لما يملكه من إمكانية تخيلية واسعة تتماشي مع النفس البشرية ودواخلها.(حسين,محمدعامر.2018.ص948)

وتعرفه الباحثة إجرائيًا بأنه:الأمنيات والتطلعات والأحلام التي تسعى إليها الشخصيات المسرحية لتحقيقها أملًا في تغيير الحقائق, حتي يصلوا إلى عالم هادئ النفس رائق البال, ومحاولين الهرب إلى عالم وهمي يصنع لهم سلام نفسي بعيدًا عن الحرب حتى وإن كان لوقت قصير.

ميتاتياتر المسرح:هي نظرية عرضها الكاتب الأمريكي(ليونيل آبل)Lionel Abel في كتابه Metatheatre Anew View of Dramatic باعتبارها مصطلح جامع لدراما القرن العشرين؛ النقيض للدراما التقليدية. ويقول عنه هاني مطاوع خلال مقال نقدي:"إن(آبل)هو الوحيد من بين كل هؤلاء الذي حاول من خلال كتابه أن يُرسي دعائم كلمة ميتاتياتر بوصفها تسمية لتيار الدراما اللاواقعية فيما بعد الحرب العالمية الثانية, فهي ظاهرة ذات أبعاد فلسفيه لديه, ونظرة جديدة للشكل الدرامي".(مطاوع,هاني.1986.ص17)

"ويشير إلى الشكل الدرامي الذي يعتمد عليه المؤلف على عالم المسرح نفسه في خلق حياة الدراما التي يكتبها وأحداثها, والتي يتم تقديمها بلغة مسرحية خالصة, فيتحول المسرح إلى نفسه ليعكس ذاته الخاصة بلغته الخاصة, مبتعدًا عن أي محاولة لمحاكاة الطبيعة أو الحياة الفعلية خارجه, بل يكمن صدق هذه المسرحية في كونها قادرة على إقناعنا أن ما تعرضه لنا هي الحقيقة الكامنة في الخيال المسرحي نفسه الذي يعزز خيال المؤلف وخيال شخوصه المسرحية كذلك. ومن خصائصها التداخل بين "الحلم والواقع/ الوهم والحقيقة, وعي الكاتب بذاته, نقاء الظاهرة كابتكار غربي خالص".(مطاوع,هاني.1986.ص18-20)

الإطار المعرفي للبحث:

ميتاتياتر المسرح: نظرية أرسي دعائمها(آبل), واعتمد أغلب المسرحيون على آرائه، لأنه صبغ الميتامسرح بصبغة ذات بعد فلسفي، وتعامل بلغات خشبة المسرح، حيث أكد أنه إذا كانت الممارسة تفترض وجودًا آخر يتحقق في العرض, فإن هناك مبدأ ثابتًا يتحكم في علاقة النص بالعرض، وهو أن لغة العرض تبنى في الغالب على لغة النص, حيث أصبح العرض بمثابة ميتالغة بالنسبة للنص.(مطاوع,هاني.1986.ص17),(السعيد,راندا حلمي.2020.ص629)

والميتاتياترو هو بنية شكلية درامية تترجم الرؤية الخاصة للفنان المسرحي إزاء واقعه, فالميتاتيتر ينفي الحدود الفاصلة بين النص الدرامي والحياة, فهي تتضمن ازدواجية الخبرة الإنسانية بين الوهم والواقع وتشابك الحياة بالحلم وما هو مأسوي بما هو ملهوي".(غالب,رضا.2016.ص73)

والميتامسرح ممارسة منبثقة أساسًا من النص المسرحي الذي نفترض أنه يجسد خصوصيته عبر ما تسميه "آن أوبر يفيلد" بأنوية المسرح. فهو ظاهرة نصية ذات بنية موضوعاتية وخطابية, بحيث تقوم هذه البنية على خاصتين أساسيتين هما:(يوسفي,حسن.https://www.kutubpdfbook.com/book.ص40)

الخاصية الأولى(الموضوعاتية الذاتية):والتي تجعل موضوع المسرح هو المسرح ذاته بمكوناته وقضاياه الجمالية والفكرية ومشاكله وصعوباته, إما باعتباره فنًا أو أدبًا أو فضاء...أو غير ذلك.

الخاصية الثانية(العرض الذاتي):أن البنية الموضوعاتية تحتاج إلى بنية متميزة بواسطة الأشكال الدراماتورجية والخطاب المسرحي, وتكمن أهمية هذا البعد الخطابي-من وجهة نظر بافيس- في كونه يمكن تحليل كل مسرحية انطلاقًا من موقف مؤلفها إزاء لغته وإزاء إنتاجه.

ويمكن تلخيص خصائص الميتاتياتر في ثلاث خصائص رئيسية وهي:(مطاوع,هاني.1986.ص17-20)

  1. التداخل بين الحلم والواقع/الوهم والحقيقة.

  2. وعي الكاتب بذاته.

  3. نقاء الظاهرة كابتكار غربي خالص.

وهناك فرق واضح بين(ميتاتياتر المسرح) وسماته وخصائصه التي حددها"آبل" وبين(التمسرح/المسرح داخل المسرح/المسرحة)وهي من أهم أسس التنظير التي ارتبطت بالمؤلف المسرحي"لوجي ببرندللو". فالميتاتير تمزج بين الحقيقة/الواقع والوهم/الخيال/الحلم حيث تتحول الحقيقة إلى الحلم أو الفن أي يحدث تداخل بينهما. أما المسرح داخل المسرح يحول الحقيقة إلى الخيال/الحلم أو الفن ولكن يفصل بينهما.

"وتبلورت أسس التنظير للتمسرح لدي"ببرندللو" من خلال الثلاثية المسرحية(ست شخصيات تبحث عن مؤلف),(كل شيخ له طريقة),(الليلة نرتجل)؛فأراد من خلالهما أن يتعرض إلى مسألة أي العالمين أشد حقيقة:عالم الواقع أم عالم الخيال؛ العالم المادي الزائل أم الإبداع الفني الباقي, الحيثية الاجتماعية الفنية أم الشخصية المسرحية الخالدة" كما أنه يري أن العمل الفني يخلو من الحياة البشرية العادية وأن عالم الفن أثبت من عالم الواقع وأن الوهم أصدق من الحقيقة.(محمد,محمد اسماعيل. 1997.ص7)

أما رضا غالب فيري:أن الميتاتياترو مفهوم وآلية كاشفة للصنعة المسرحية التي تلفت الانتباه على نفسها. وأن المسرح داخل مسرحية هو تصنيع مكشوف للعب المسرح. فالخيال المسرحي جوهر الميتاتياترو؛ وكذلك الوعى بالذات المسرحية بين الواقع الدرامي والوهم الفني".(غالب,رضا.2016.ص51)

ويرى خالد سالم أن تقنية المسرح داخل المسرح، تقوم على أساس فكرة أن الواقع ليس تمثيلًا دراميًا والأشخاص الحقيقية شخوص في مسرح. وهو تداخل عوالم مختلفة في مسرحية واحدة، نصًا وإخراجًا. وهذا يعني وجود أسلوب كتابة، تأملي، أو ذي وعي ذاتي يذكر المتلقي بأنه أمام عمل من وحي الخيال، يعمل على تعقيد العلاقة بين الخيال والواقع، لنقع في الحيرة التي يسببها عدم القدرة على معرفة أين ينتهي الواقع ويبدأ الخيال..ومسرح"خوسيه مورينو أريناس"خير نموذج على هذا، أعني تقنية المسرح داخل المسرح.(سالم,خالد.2020),وهو أسلوب يعتمد على تكوين صورة فنية درامية من خلال تقديم عرض مسرحي جديد داخل العرض المسرحي الأساسي. أي أسلوب  درامي يقوم على إدخال مسرحية داخل مسرحية بغض النظر عن حجم أي من المسرحيتين، وبغض النظر عن طبيعة العلاقة بينهما، يؤدي ذلك إلى بنية مركبة فيها حدثين أو حكايتين تتموضعان ضمن مكانين وزمانين تبعًا للحالة التي تعرضها المسرحية.(إلياس,ماري والقصاب,حنان.2006.ص435)

فنجد أن"خوسيه" يلجأ للاقتضاب في أعماله، فكلها قصيرة؛ ويتميز مسرحه بالإيعاز والإثارة وبالإيجاز في البنية والسياق؛ ويشحذ الوعي الاجتماعي والفني لقرائه ومتفرجيه من خلال الحد الأدنى من الكلمات والمواقف. هذا النوع من المسرح المقتضب مسمىً؛ وضعه"خوسيه" لمسرحياته القصيرة هي خير نموذج للمسرح داخل المسرح، التي تمثل وخزة للمتلقي لتوقظه لما يُطرح عليه؛ ويقدم المؤلف مسرحًا معقدًا، يتضمن سلسلة من الثوابت الرمزية والجوهرية. ومعروف أن كل عمل من هذه النثريات يطرح موقفًا وحيدًا يتطور أمام المشاهد. وهذا الاقتضاب يؤثر على الشخوص واللغة، فكل العناصر تتقلص وتتركز بدءًا من عملية الإبداع من أجل وقع مباشر ومؤثر على المتلقي. الحبكة وحيدة وقصيرة بينما المضمون موجز ويسير في اتجاه واحد، خطي، وتتجلى الفكرة في جوهرها مجردة، بلا إضافات زائدة. 

كل هذا يحدث بغية التأثير على المشاهد ليصبح مجبرًا على تخطي حدود الاكتفاء بمشاهدة ما يقع على خشبة المسرح. يقدم المؤلف الحافز ليثير ردة فعل، فيصبح في مواجهة مقترح الاقتضاب والمباشرة معًا ولا يبقى له سوى المشاركة. ويشير المؤلف أن مسرحه مرآة تعكس ظلال أشخاص يحاولون البقاء على قيد الحياة في مجتمع يحيط به هو شخصيًا ويشارك فيه، وسط أقوال مطروقة وقوالب اجتماعية.(أريناس,خوسيه مورينو.2019.ص ص436 -438)

لذا تستند الباحثة في دراسة ميتاتياتر المسرح وسماته إلى الأسس التنظيرية التي حددها"آبل" في تحليل النص المسرحي(السراب) وذلك لتحقق سمتان أساسيتان لميتاتياتر المسرح داخل النص وهما(المزج بين الواقع والخيال, وعي الكاتب بذاته)وتم استبعاد السمة الثالثة لها- نقاء الظاهرة كابتكار غربي خالص- لعدم توافرها في النص, ويمزج ميتاتياتر المسرح بين الواقع والخيال أو الحقيقة والحلم ويخلط بينهما.

ولم تستند الباحثة في تحليلها للنص المسرحي على الأسس التنظيرية(للمسرح داخل المسرح/التمسرح) التي حددها"ببرندللو" لأن سماتها غير محققة داخل النص, ولأنها تحول الحقيقة إلى وهم وخيال ولكن تفصل بينهما. 

نتائج تحليل النص المسرحي السراب:(*)

النص المسرحي(السراب) ترتيبه الرابع والأخير كُتب ضمن أربع مسرحيات منفصلة سُميت بـ(وكر الأفاعي),وهو نص اجتماعي نفسي يخاطب الشباب المتزوج في أي مجتمع, وتدور أحداث النص في مكان واحد فقط هو:(البيت الذي قصف أثناء الحرب), أما عن زمن الحدث الدرامي فهو يتنوع ما بين:(الماضي, الحاضر, المستقبل). والمدهش في الأمر أن قضية الرجل والمرأة متشابهان فالرجل ينتظر زوجته والمرأة تنتظر زوجها.

المرأة:"نعم إنه لمن القسوة أن ينتظر المرء مصيره وحيدًا".

الرجل:"جميل أن ننتظر معًا".

فالأحداث الدرامية ذات صلة ببعضها؛ لا يمكن أن نحذف جزء منها كما في المفهوم الأرسطي للحدث؛ وذلك الحدث يتميز بكثافته وضغطه بشكل جيد كما في الحياة؛ فيقدم بنفس لغة الحقيقة المعاشه للحياة العقلية والنفسية للشخصية الدرامية. فأخذت الأحداث داخل النص المسرحي اتجاهًا واحدًا من بداياتها إلى نهايتها, فالحبكة قصيرة في حين أن المضمون موجز ويسير في اتجاه واحد، وتتجلى الفكرة في جوهرها بلا إضافات فائضة, تستغني الكاتبة عما هو حشو تكميلي للأحداث الدرامية، وبالتالي يظهر إيقاع النص المسرحي سريعًا, كل هذا يحدث بغية التأثير في المتلقي قدر الإمكان، فيصبح مجبرًا على تخطي حدود الاكتفاء قراءة صفحات المسرحية التي بين يديه.

فنجد السطور الأولى تبدؤها الكاتبة بالزوج وبحثه عن زوجته، والجميل هنا هو الأسلوب المشوق الذي اعتمدت عليه، بإعطائنا الحقيقة في تدرج, فيستنتج المتلقي من أول وهلة أن المرأة هي زوجته التي يبحث عنها؛ ثم يصل الحدث إلى ذروته في وسط الأحداث الدرامية, لتجعله(المرأة) بعد معاناة طويلة يعترف لها بحبه رغم بشاعة منظرها, ورغم رفضه لتقبل الواقع فتضغط عليه بكل السبل وتحاصره لكي يتقبلها رويدًا رويدًا حتي الظلام فيحدث علاقة بينهما؛ وفي نهاية الحدث الدرامي نظل حائرين مع صراخ الرجل هل تقبلها أم لا؟ فلم تُفصح لنا الكاتبة عن الحل وتركت لنا السطر الأخير من حياة الرجل ليكتبه كلٌ منا على طريقته الخاصة وبفهمه وتصوره للمشهد. فالسراب نص يتناول مشكلة، لكن بدون حلول لها.

يكمن اختلاف وتميز نص(السراب) عن غيره من النصوص في أن الصراع داخله صراع وجدان ومشاعر أكثر منه صراع أشخاص كالمتعارف عليه دائمًا. فهناك صراع ومراوغة بين الحقيقة والوهم والتداخل بينهما؛ ونجد أن هناك صراعًا خارجيًا؛ يتمثل في صراع الرجل مع المرأة والعكس, عندما أجبرته(المرأة) من خلال ذكائها وعزيمتها القوية على تقبلها حتى وإن كان في خياله فقط- رغم عدم تقبله لما حدث لوجهها- وهناك صراع داخلي؛ يتمثل في صراع الرجل الدائم مع ذاته ورفضه لتقبل(المرأة) بشكلها الجديد القبيح, وهو يحاول مقاومة هذا الشعور, وينكره أمامها حتى تيأس أنه تعرف عليها رغم تغير ملامحها, وصراعهما مع المجتمع وأوضاعه والحرب التي هدمت كل شيء ودمرت وجهها. وبالتالي أصبح الصراع نفسيًا داخليًا, فهناك جانب واقعي وجانب متخيل في ذهن الشخصيات.

وستتناول الباحثة تحليل الدلالات والعلامات والرموز اللغوية وغير اللغوية الموجودة داخل النص والدال من الحروف المكتوبة وما ينتج عنه من مدلول كصورة ذهنية وفكرة؛ فالكلمة إشارة ورمز, وذلك من خلال الأسس التنظيرية لميتاتياتر المسرح التي حددها"آبل" من خلال الثلاث نقاط الرئيسة التي وردت سابقًا وتم استبعاد السمة الثالثة لها- نقاء الظاهرة كابتكار غربي خالص- لعدم توافرها في النص.

أولًا:المزج بين الحقيقة/الواقع والوهم/الحلم في النص المسرحي (السراب):

فالمقصود بالوهم هو ما هو مسرحي, أما الحقيقة فيقصد بها ما هو من حياة خارج المسرح, ويؤدي المزج بينهما داخل النص المسرحي إلى شكل يجعل القارئ/المشاهد يرى الحياة الحقيقة ماهي إلا وهمًا يتلاقاه من خلال النص.

فعند قراءة اسم المسرحية(السراب) تشعر أن شيئًا وهميًا-ما لا حقيقة له-سيحدث ويتلاشى وينطوي على الخداع والوهم البصري, فبعض الأشياء البعيدة قد تبدو أقرب مما هي في الحقيقة؛ لأن السراب ظاهرة طبيعية وهي ما يُرى من بَعيد في واضحة النهار، وانعكاس الشمس وكأنها ماء, حيث ترى كمسطحات الماء تلصق بالأرض عن بعد، وتنشأ عن انكسار الضوء في طبقات الجو عند اشتداد الحر، وتكثر بخاصة في الصحراء. أي أن هناك خيالًا يصطدم بالحقيقة عند رؤيتها من قريب.

كما تبادر إلى ذهن الباحثة قول الله تعالى:" وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ"(النور:39). وهذا مثل ضربه الله لأعمال أهل الكفر به, وبمن جاء به مثل أعمالهم التي عملوها(كسراب).

وكذلك رواية نجيب محفوظ(السراب)(*) والتي تتناول أحداثًا عاطفية مؤلمة؛ فبطلها شاب عجز عن الزواج لسلبيته ولم يستطع ممارسته لأسباب نفسية متعلقة بتاريخه، وأفضى بسره إلى طبيب لم يعرف الشاب عن قرابته من زوجته فاستغل الطبيب ما أفضى به إليه، وتوالت الأحداث لتنتهي إلى فوضى من الخسارة والألم. وقال عنها محفوظ:"إنها رواية نفسية تربوية ونوع نادر في كتاباته؛ يعاني فيها البطل من مشاكل نفسية, هذه الاضطرابات النفسية تضع البطل في مشاكل لا حصر لها".

فالسراب كلمة عادية ولكن تحمل بطياتها من المعاني الشيء الكثير؛ وارتبطت عند البعض باليأس وفقدان الأمل وتبخر الأحلام وبالتالي لا يحبذها البعض, فنجد من يقول:"آمالي أصبحت سرابًا". فهل كلمة السراب هي المسئولة عن فشلنا في تجارب شخصية ومواقف عصيبة مررنا بها كي نلقي اللوم عليها؛ أم نحن المسؤولون عن نتائج أفعالنا وتصرفاتنا؟. ما تعنيه الباحثة هنا ألا يمكننا أن نتعامل مع السراب كظاهرة طبيعية مثلها مثل غيرها من الظواهر الطبيعية التي تدعو للتأمل بقدرة الله. أم أن رؤية السراب تقبض النفوس وتعيد لنا شريط ذكريات مريرة لتجارب فاشلة عشناها, ويصبح حالنا كمن رأى عدوًا متربصًا به.

وبالتالي فإن كلمة السراب كعنوان للنص المسرحي توحي للقارئ/المشاهد بالرمزية والإسقاط مما يوحي أن علاقة الرجل بالمرأة فيها سراب ووهم رغم وجود حقيقة وهي أنهما زوجان, ويتعرف المتلقي على ذلك سريعًا بمجرد قراءته لعنوان النص والذي يبرز متميزًا فهو أول لقاء بين القارئ والنص وبين القارئ والكاتب فلا يمكن الولوج للنص إلا من خلاله, فالعنوان بطاقة تعريف تمنح النص هويته؛ ويكشف عن نفسه أولًا ويفصح عما في النص ثانيًا, فدائمًا ما يقصد شيئًا ما وبالتالي فهو علامة ودلالة على حال النص وما يستتر خلفه.(رحيم,عبد القادر.2008.ص7-9), لذا يمكن اعتبار عنوان النص المسرحي السراب أحد العلامات الدلالية على المدلول وهو المزج بين الحقيقة والوهم.

الرجل:(بشرود) لأن الحقيقة أحيانًا تبدو كالسراب, وعندما نكتشف كُنههَا يسكنا السراب ونضيع".

المرأة:" لماذا أعدتني للواقع..كنت أفكر بالسراب الذي يسكننا.. كيف نمتلكه, ونحيله إلى الحقيقة".

الرجل:"(بشرود)السراب..السراب دعينا من السراب وتابعي معي".

التوظيف الدلالي للشخصيات الدرامية في النص لتحقيق المزج بين الحقيقة والوهم:

عبر الحوار عن سمات الشخصيات وطبيعتها الفنية والحسية وأنتج ذلك للمتلقي؛ فعلي أساس أفعال وأقوال الشخصيات تتشكل التقنيات النصية وتوظف الأدوات لإنتاجها, بحيث تصبح هي فاعل الفعل المسرحي. فجاءت لنا الكاتبة في النص بأسماء الشخصيتين مجردة لتعبر عن كل مرأة ورجل وما يعانيانه من فقد الشغف للحياة بسب الضغوط الاجتماعية خاصةً الحرب وما ينتج عنها من دمار وتخريب."فدلالة النكرة واضحة لتفيد التعميم؛ والتعميم يوسع الدلالة والمدلول فلا يحصرها في معني محدد؛ مما يؤدي إلى التعميم, فلا يمكننا تحديد ماهية تلك المرأة بدقة".(معيكل, أسماء.2015.ص32), فتوضح"ماريا دل كارمن" أن اسم الشخصية ما هو إلا بطاقة دلالية ووظيفية بيضاء في بداية المسرحية, وتمتلئ هذه البطاقة بكل دلالات الشخصية مع نهاية العمل".(بوبيس,ماريا دل كارمن.2001.ص409).

فنجد أن شخصيات النص عبارة عن دراما ثنائية منفردة بين(الرجل,المرأة) فالرجل الشخصية الرئيسية, وهو زوج المرأة التي تشوه وجهها في الحرب؛ ويحاول أن يتقبلها بشكلها الجديد الذي أصبح قبيحًا؛ وأحيانًا يكون غليظًا لا يلين ولا يجامل امرأته؛ يعشق وقت الغروب وتفاصيله.

المرأة:"لكنك ملطخ, لذا تري الآخرين بمرآتك, وتجرح بسهولة دون أن تشعر بالتأنيب أو الخجل".

أما المرأة فهي شخصية محورية رئيسية في الأحداث لأنها تجعل الرجل/الزوج يحبها وتقنعه أن يتقبلها رغم قباحة منظرها حتى وإن كان تقبله لها في الوهم أو الخيال أكثر منه في الحقيقة أو الواقع. وتتهم زوجها بالحماقة والغلظة لعدم احتوائه لها وشعوره بما تشعر به, وتتهمه أحيانًا بالجبن عندما يراوغها ويتظاهر بعدم معرفته لها, وتتهمه تارة آخري باللؤم لأنه يفرح بمصائب الآخرين, فهي تخاف نظرة الأخرين لها بعد أن كانت جميلة ورقيقة والجميع يحبها ويتودد إليها.

المرأة:"عندما تطحنا دوامة الحياة, ننغمس وراء همومنا ننسى التفاصيل, حينئذٍ أنسى ما حدث لي(بحماس) وينتابني شعور مليء بالثقة التي كنت أشعر بها سابقًا(بهدوء وحزن) ولكن الناس يذكرونني بالحقيقية دائمًا, أري هذا في نظراتهم(منفعلة)الشفقة أراها في عيونهم تقع على كالسياط, والاشمئزاز الذي يخفونه يعذبني(بهدوء وبلهجة حالمة) مع أني كنت محبوبة".

ولم تذكر لنا الكاتبة تفاصيل خاصة بالجانب المادي والاجتماعي للشخصيتين ولكن اهتمت أكثر بالجانب النفسي لهما؛ وهذا يتماشى مع طبيعة الأحداث الدرامية للنص. وأن حقيقة وواقع الشخصيات فيه لا تعني بالنسبة لهم المدركات الحسية أثناء اليقظة, بل تعني كل ما يتعلق بتلك الشخصيات من أفعال يمارسها حتي عند النوم عبر اللاشعوريًا/أحلام اليقظة, فالشخصيات هنا تمارس حلم اليقظة/الوهم عبر خيالهما لتحقيق ما لا يستطيعان تحقيقه في الحقيقة, أي أن حلم اليقظة يقع بين الحقيقة والهذيان أو الوهم والتداخل بينهما, حتي يصلان إلى عالم هادئ النفس رائق البال حتى وإن كان لوقت قصير.

التوظيف الدلالي لتقنية الحوار الدرامي في النص لتحقيق المزج بين الحقيقة والوهم:

جاء الحوار مناسبًا ومعبرًا بشكل جيد عن النص وما تنتجه الحروب على النفس البشرية خاصةً العلاقة الأسرية بين الزوج والزوجة؛ ويطرح الحوار تساؤلًا هامًا يدور حول استمرارية العلاقة بين الرجل والمرأة رغم تقلبات الدهر, أم أنها شعارات تقال فقط ولا تطبق في الحقيقة؟!. فالحوار عبر عن الفكرة الرئيسية للنص المسرحي من خلال المراوغة بين الحقيقة والوهم والمزج بينهما, والقدرة على تقبل الآخر عندما تدور عليه الدوائر أو يصاب المرء بشيء لم يكن له يد به.

كما يصف لنا الحوار الحالة الشعورية-الضحك الهستيري- للرجل/الزوج؛ فهو يضحك بطريقة مبالغ فيها، وهي دلالة على حالة تصيب الشخص فلا يكون قادرًا على التحكم في انفعالاته والتي من بينها الضحك، وقد يعاني من المواقف المحرجة وغير اللائقة, وتحدث نتيجة التغير المزاجي وأحيانًا ندخل في نوبة ضحك على أمور غاية في الغرابة، ونجد أن الغالبية الكبرى من الضحكات تكون لا علاقة لها بالفكاهة.

"الرجل يضحك, يتحول ضحكه إلى ضحك هستيري, وهي ترقبه بصمت, يكف عن الضحك وينظر إليها"

وهذا إن دل يدل على أن الكاتبة تحاول أن تثري الصراع وتؤكده, كما أنها شديدة الدلالة على عدم قدرة الرجل تقبل الحقيقة؛ فيهرب منها بكافة السبل؛ لعدم تصديق ما حدث لوجه زوجته بسبب القصف والحرب؛ وأنها ستعيش باقي عمرها بهذا القناع الجديد الذي لن نستطيع التخلي عنه.

عبر الحوار الدرامي أيضًا عن عدم تقبل الزوج لزوجته بعد تشوه وجهها الجميل, وتكرر ذلك في الحوار بأكثر من موضع, ورغبة الزوجة الملحة أن يتقبلها, ومحاولته تقبلها بكل سبل حتي وإن كان في الوهم والسراب, واحتياج الرجل لوقت حتي يستوعب ويتقبل الوضع الجديد.

الرجل:(الرجل ينظر إليها ويغالب إحساسه بالضيق, ويتكلف الابتسام),"(حالمًا)قلبي يحدثني أنها لم تمت.. أنقذيني واحسمي الأمر أنت","لا تغضبي..قد أعتادك فعلًا, لكن لا تطلبي مني هذا سريعًا".الحوار هنا يعبر ويدلل عن التقبل الظاهري لها لكنه لا يستطيع أن يقاوم شعوره بعدم الرغبة في تقبل الموقف برمته.

المرأة:"ولكني أشعر بالألم كونك لا تطيق النظر إلى وجهي". تم تكراراها في النص للتأكيد والدلالة على رغبتها في تقبل زوجها لها رغم بشاعة وقبح وجهها. والحوار هنا يعبر عن ألمها الداخلي, وشعورها بالقهر.

كما وضح لنا الحوار مراوغات الزوجة لزوجها في تأكيدها بشكل مباشر له أنها هي زوجته التي يبحث عنها, ثم تعود لتبعد هذه الفكرة عن ذهنه لخوفها من عدم تقبله للحقيقة, وحزنها الشديد لشعورها بعدم قدرته على رؤيتها بهذا المنظر البشع, وحدوث العكس أيضًا من الزوج فأحيانًا يشعرها بأنه عرفها وأحيانًا آخري يؤكد لها أنه لا يعرفها.

المرأة:"(بضعف)لا تتحدث وأنت معرض عني فهذا يؤلمني","(بتحد)هذا بيتي","(مرتبكة)عندما..عندما..لا أدري, ولكنها ستعود حتمًا". دليل على عدم قدرتها على البوح بحقيقتها لأنه لا يتقبلها بشكلها الجديد المشمئز.

المرأة:"(بهدوء ومراوغة) بعد أن هدم بيتي لجأت لهذا المكان واحتميت به و..".

الرجل:"لاتغضبي.. قد أعتادك فعلًا, لكن لا تطلبي مني هذا سريعًا".دليل على التقبل الظاهري للزوج لمرأته.

المرأة:"حتي أنا لا أطيق أن أنظر إلى المرآة". دلالة على تعاطفها مع الزوج الذي لا يتقبلها وتعذره, ولكن في نفس الوقت لا تتقبل داخليًا فكرت رفضه لها وعدم قدرته النظر إليها والاشمئزاز من منظر وجهها.

المرأة:"(حزينة,شاردة)وتقول أنك لا تعرفني". فهي على يقين أنه قد عرفها ولكنه يُكذب نفسه ولا يتقبل ما حدث لها.

الرجل:"نعم يحبك ولكن أمهليه حتى يهضم الواقع ويستوعبه".وهنا يدلل لنا الحوار على محاولته لتقبل الحقيقة رغم بشاعتها؛ ولكنه يحاول من أجل امرأته التي لا ذنب لها فيما أنتجته الحرب لهما من دمار نفسي أكثر من الدمار المادي.

وجاء الحوار الدرامي به تشبيهات بلاغية في عدة مواضع مختلفة في النص ليدل على مدي بشاعة الحرب وما تخلفه من دمار مادي ونفسي, وأن الوهم فيه نجاه للروح البشرية من قباحة الحقيقة وآلامها التي لا تنتهي.

الرجل:"سلام عليك أيتها الأطلال.. لتشهد هذه الجدران أني بحثت في كل زاوية وكل ركن دون جدوى, ولكني سأواصل البحث, سأغربل الهواء, وأبحث بين حبات الرمل وسأجدك.. نعم سأجدك, ولكني تعبت.. تعبت". الحوار هنا جاء ليدلل لنا على إصرار الرجل الوصل إلى امرأته التي لا يجدها رغم اعيائه وتعبه الشديد.

المرأة:"أشعر أن وجهي أصبح قناعًا يحجب حقيقتي, قناع لم أصنعه بإرادتي..". وكأنها تعبر عن إرادة الحرب في دمار كل شيء؛ حيث صورت لنا الكاتبة وجه المرأة كالقناع الذي يحجب حقيقة وجهها الجميل الرقيق, فهي إرادة الحرب؛ وليس بإرادتها أن ترفض أو تقبل الحقيقة.

الرجل:"(بشرود)قاسية, صلبة.. أين ليونتها, رقتها, غاصتا إلى الأبد". حيث شبهت الكاتبة رقت المرأة وليونتها بأنهما شخصين غاصا في البحر إلى الأبد.

الرجل:"الشمس هي الحياة, والظلام هو الموت".فالليل بالنسبة للرجل يمثل الحقيقة المشوهة؛ فيلجأ إلى الوهم والخيال لكي يجمل تلك الحقائق, أما النهار فهو النور الذي يفتح العقول. رغم أن الدلالات النصية تشير أن الليل والظلام جعلهما يتوهمان ويحلمان ليتنسيان الحقيقة المره التي تنتظرهما في الصباح مع ضوء الشمس. وهنا لا حظت الباحثة أن هذه المفارقة نتجت عن اختلاف تأويل كُل من المرأة والرجل للظلام والنور حسب غرض ومشاعر كل من هما وما يعانيان منه في الحياة, وحسب تدرج الحوار الدرامي بينهما.  

المرأة:"يا لهذا الظلام الجميل الذي يحمل بين طياته الدفء والحياة.. أصبحت أعشق الظلام كالخفافيش".

الرجل:"النور هو الحقيقة, والحقيقة أبقى من الخيال". وكأن الكاتبة هنا تغير رأي الرجل عن النور والنهار حتي تمهد لنا صرخته الأخيرة في نهاية الحدث الدرامي وتتركنا نتخيل نهاية الرجل والمرأة وهل تقبلها أم لا؟؛ أم أنه يحتاج مزيد من الوقت؟. 

الرجل:"اللآلئ تُستخرج من أعماق البحار حيث الظلام والموت, وأنا استخرجتك من ظلمات نفسك المتوارية خلف قناعك البغيض, الذي لا يلبث أن يزول أمام بريقك الروحي". وهنا تصور لنا الكاتبة جمال روح المرأة باللآلئ التي تستخرج من أعماق البحار؛ دلالة على جمالها الروحي والظاهري. 

المرأة:"الروح كذلك تفقد بريقها عندما تمرض". شبهت الكاتبة الروح بأنها تمرض كالإنسان عندما تتألم من ذنب لم تقترفه, كدلالة على شدة تعب المرأة النفسي وعدم قدرتها على التأقلم.

المرأة:"أنا مثلًا أحلم أني أميرة, أجلس في برج عالٍ.. وأراقب المعجبين الذين يتهافتون للاقتراب مني, وأنا أتمنع عليهم لأني امرأة مستحيلة". هنا تؤكد لنا الكاتبة أن الوهم وحلم اليقظة مشروع رغم ألم وقسوة الحقيقة؛ فهو يري زوجته حالمًا بصورتها الأولي عند زواجهما ويشعر أنها أميرة وأنه الأمير الذي يليق بها قبل تدمير الحرب لهما ولأسرتهما الصغيرة.

الرجل:"هذا الصوت لا يصدر إلا عن تلك الأميرة التي تجلس في برجها العاجي", تعبير مجازي يدل على مكان معزول تمامًا عن العالم الحقيقي. ونجده يقال عندما يخرج شخص لنا بفكرة تثير النقاش حول حل بعض المشاكل الاجتماعية سيقول الناس بأنه يعيش في برج من عاج ولا يعي طبيعة العالم الحقيقي.

ونجد أيضًا أنه تكرر في الحوار ثلاث مرات اتهام المرأة/الزوجة للرجل/الزوج بالحماقة والغلظة لعدم احتوائه لها وشعوره بما تحسه منذ أن رأته أمامها, وفي مواضع أخري تتهمه بالجبن عندما يراوغها ويتظاهر بعدم معرفته لها, وتتهمه باللؤم لأنه يفرح بمصائب الآخرين.

الرجل:"روح الأمير تشفي عندما يعانقها الأمير".

المرأة:"لن أسمح لك بالاقتراب مني حتى تهدأ روحك وتطمئن إلى..". صورت لنا الكاتبة الروح بأنها إنسان يهدأ.

المرأة:"(منفعلة)أنت جلف..".

الرجل:"(بجلافة)ماذا تريدين مني؟".

المرأة:"(تصرخ)أنت فظ وجلف.. أين تعلمت كل هذا؟","تجرح بسهولة دون أن تشعر بالتأنيب أو الخجل","أنت جبان وهارب من المعركة, والدليل أنك لم تصاب بأذى","كنت تفرح لمصائب الآخرين, دموعك لا تمسح لؤمك".

كما عبر الحوار عن رغبة المرأة في موت الزوج ليبقي رمزًا جميلًا في ذاكرتها, وتتمني ذلك لكي تضع نهاية لما وصلا إليه من شرود وضعف, ولكن نجده يلوم عليها لتفكيرها في الموت لمجرد سوء تفاهم بينهما.

المرأة:"ليتك مت لتبقى رمزًا جميلًا في ذاكرتي".

الرجل:"(بدهشة)وتتمنين موتي؟".

المرأة:"أو موتي أنا لنضع نهاية لما وصلنا إليه".

الرجل:"أي نهاية هذه؟ إنه مجرد سوء تفاهم, لقد قسوت عليك, وأنتِ لا تبيتين ثأرًا..ربما لأننا جريحان, كلانا يتعذب فيلقي بهمومه على الآخر..الموت لا.. الأمر يستحق طلب الموت لا..لا". وهنا يؤكد لنا الحوار ويدلل لنا أنه برغم كل ما يمر به الرجل والمرأة إلا أن طابعهم القديم في الأمل لا ينتهي داخلهما.

المرأة:"(بشرود)مفعم بالحيوية, ومقبل على الحياة.. عهدي به, كأنه يريد أن يعيش أبد الدهر".

يظهر لنا الحوار في نهاية الحدث الدرامي أن الأحلام والأوهام مشروعة رغم قسوة الحقيقة بكل آلامها وعدم الرغبة في تقبلها. فأرادت الكاتبة أن تعطي للقارئ/المشاهد أمل وإن كان صعب تحقيقه في الحقيقة فلما لا نحققه بخيالنا وأحلامنا وأوهمنا البسيطة ونحدث التداخل والمزج المشروع بين الحقيقة والوهم, ولكن هذا لا يعني أنه مهما طال بنا الوهم؛ سنعود حتمًا للحقيقة المؤلمة بقبحها.

المرأة:"أنا مثلًا أحلم أني أميرة,أجلس في برج عالٍ.. وأراقب المعجبين الذين يتهافتون للاقتراب مني, وأنا أتمنع لأني امرأة مستحيلة.. واستحالتي تكمن في قبحي","ها أنت قلت.. الخيال.. الخيال فقط","غدًا.. عندما تشرق الشمس, سوف أرتدي خمارًا يحجب قبحي","تبًا للحقائق التي تُظهر تشوهاتنا, لماذا لا تغيب الشمس إلى الأبد, ليدم الليل هذا الليل ويدوم حتى ينقضي العمر","لنمت إذن ويبقي وهمنا الجميل بعدنا","حيرتي كيف أحافظ على جمالي الذي ارتسم في مخيلتك؟","الحقيقة عندما تكون قاسية عليها أن تراوغنا حتى نتقبلها".

الرجل:"جميل خيالك..","ولكنك توافقيني مع أني جنحت بخيالي نحو المستحيل","لماذا عدت للواقع؟ كنت أتمنى تتمادى في خيالك, تتصوريني الأمير الواقع في حبك, ألا يجوز لي أن أصبح أميرًا في الخيال أنا الآخر؟","الخيال يبيح لنا كل شيء","أنا لا أتبينك بتاتًا,لكن صوتك عذب.. هذا الصوت لا يمكن أن يصدر إلا عن تلك الأميرة التي تجلس في برجها العاجي.. أميرة باهرة ذات وجه ملائكي, ونظرات تتسع لحب العالم بأسره","النور هو الحقيقة, والحقيقة أبقى من الخيال","سيموت وهمنا معنا".

وهنا أجادت الكاتبة تصوير المراوغة التي تحدث بين الحقيقة والوهم والعلاقة العكسية والتضاد بينهما وحدوث المزج والتداخل أيضًا, والتي استمرت في معظم النص؛ وتترك لنا النهاية مفتوحة حتي نقرر من سينتصر في النهاية الحقيقة أم الوهم.

وجاء نهاية الحوار الدرامي للمسرحية ليدلل لنا على حدوث علاقة بين الزوجين دون الإفصاح بشكل مباشر عن ذلك.

الرجل:"لا تبتعدي..","أنت أمرأه أشعلتني فتيقظت أحاسيسي التي كانت متبلدة","بل أني سأوقظ أنوثتك كما كنت أفعل فيما مضى". 

المرأة:"لقد أنعشت روحي","دعني أغفو على صدرك".

وبالتالي جاء الحوار الدرامي ليكشف لنا عن دلالة الشخصيات ويعبر لنا عن وضوح فكرة المسرحية لدي الكاتبة, وجاء الإيقاع الحواري مرتب ويسير في تسلسل الأحداث الدرامية والحبكة؛ وجاء الحوار بين الثنائي الرجل والمرأة متساويًا ولم يهمين أحدٌ منهما على الآخر في الحوار, أما عن التركيب اللغوي له فجاء بسيطًا وسهلا الفهم ومعبرًا ودال عن الحدث الدرامي والشخصيات إلا في المواضع القليلة التي تم ذكرها سابقًا؛ فكل كلمة في الحوار لها وظيفة دلالية ومدلولية ومعنى يتم في إيقاع منسجم. 

التوظيف الدلالي لتقنية الإرشادات المسرحية(النص المرافق) لتحقيق المزج بين الحقيقة والوهم: فهي نص موازٍ للنص المنطوق, وليس شارحًا له فقط وبالتالي يمكن دراسته كبنية درامية.

التوظيف الدلالي للإرشادات(انفعالات الشخصيات الدرامية)في النص:

 فنجد الكاتبة لم تذكر لنا تفاصيل في النص المرافق عن شخصية(المرأة),(الرجل) إلا القليل منها. ويرجع ذلك إلى أنها تريد أن يشعر كل من يقرأ/ يشاهد أنه(الرجل) وأنها(المرأة) بدليل مجيئها بالأسماء مجردة من أي أسم لنفس الغرض. وعليه فإنها تترك للمتلقي أن يستشف ويتصور كل شخصية حسب مثالياته وثقافته هو كمدلول, وهذا ما يتفق مع طبيعة القضية التي يتناولها النص, فكل رجل ومرأة في الوقت الحالي ومع وجود الحروب يعانيان من الحرمان الأسري في الحياة, والحرمان من الحب الصادق وتقبل الآخر مهما تقلب الدهر وأحواله وتغيرت المقادير.

وبالتالي جاءت الانفعالات الشخصية معبرة ودالة عن لحظات الحب والصراع وهروب(الرجل) من(المرأة), ولهذا جاءت معبرة عن المزج الذي يحدث بين الحقيقة والوهم بشكل جيد ومناسب للحدث الدرامي منذ بداية النص وحتى نهايته, فركزت الكاتبة على الانفعالات الشخصية بشكل واضح وملموس عن باقي الإرشادات المسرحية في النص المسرحي؛ وهناك انفعالات تكررت أكثر من مرة في مواضع مختلفة من الحوار الدرامي.

"يصمت لحظة.. يجفل..يحدق باهتمام.. يهز رأسه باستنكار.. بحزن.. مطرقًا.. بضعف..بشرود..منتبهًا.. بلؤم..متألمًا.. بحماس.. منفعلة.. مرتبكة,قلقة.. بتحد..بدهشة.. حزينة,شاردة.. بضعف.. بذعر..بحماس,وسرور.. بهدوء ولهجة حالمة.. بسعادة.. فجأة.. بلطف.. مستدركة.. بسخرية.. مضطربة.. بسرعة وأمل.. حائرة.. مترددًا.. بعجب.. بصمت وحيرة.. تستكين..يضمها بقوة أكثر.. يتعانقان..منفعلة..بقلق..بمرح.. سعيدة..مراوغة..بشرود".

وهذا يؤكد أن التوظيف الدلالي لتقنية الانفعالات الشخصية والعلامات شبة اللغوية كالإيماءة والنبرة والتي تقوم بوظيفة المؤشرات اللغوية التي وردت في النص كانت من أهم التقنيات التي لجأت إليها(ميسون حنا) واستخدمتها بكثرة من أجل خلق المزج بين الحقيقة والوهم في نص(السراب).

كما نجد أن صراخ الرجل جاء في أكثر من موضع في النص–سبع مرات-وهي: الرجل(يصرخ):"قولي شيئًا.. قولي ماتت..أو..أو..","(يصرخ)ما شأنك أنت","(يصرخ) لماذا جئتِ","(يصرخ) أين هي صاحبة البيت إذن","(يصرخ) ولكنك تقولين أنك لم تقابليها","(يصرخ) لقد تشوهت روحك(أشد صرخًا) تشوهت روحك","(يصرخ)ليس ذنبي أني لم أُقتل أو أُصب.. كنت أرى الموت أمامي كل لحظة". وهذا يدل على الألم والتوتر والضغط النفسي الذي يتعرض له الرجل؛ وعدم قدرته على استيعاب الحقيقة وقسوتها.

وجاء صراخ المرأة في ثلاث مواضع فقط وهما:المرأة:"(تصرخ) كنت أجاريك في تأملاتك". عندما استنتج أن زوجته قد تكون تشوهت مثلها."(تصرخ)أنت فظ وجلف..","(تصرخ)كانت قد رحلت قبل قدومي لتحتمي في مكان آخر..". وتري الباحثة أن الكاتبة جاءت لنا بالصراخ نتيجة ودلالة على تموج وانفعال وحدة حوار الشخصيتين مع بعضهم البعض.

التوظيف الدلالي لإرشادات الديكور المسرحي في النص:

ركزت الكاتبة في النص المسرحي على وعي الشخصيتين بالمكان وخصوصيته بالنسبة لهما ودلالته لديهما, مما جعل لهذا المكان قدسيه لديهم. فجاء ذكر الديكور في موضعين فقط في النص؛ فهو نص لا يهتم بالتفاصيل أكثر من الاهتمام بالحالة الشعورية للرجل والمرأة. وهذا الجزء من النص موجه للقارئ/المخرج حتي يتم تصميم المنظر ولتأكيد الرموز والدلالات في النص. 

فنجد أن الديكور الذي تم ذكره في الموضعين؛ أهتم بشرح مبسط لهدم البيت وخاصةً الجدار الأيمن منه 

"حجرة في بيت, حيث تظهر واجهة الجدار الأيمن متهدمة, يدخل الرجل, يجول بنظراته في أرجاء المكان","مشيرة إلى الجدار المتهدم".

"فإذا كانت بعض الأشكال المسرحية قد عمدت إلى إفراغ المكان المسرحي من محتوياته التقليدية الخاصة بالديكور, لكي تجبر المتلقي على أن يملأه بخياله".(أسعد, سامية.1985.ص91) فوجود البيت ذي الجدار الأيمن المتهدم؛ يوحي بخلو المشهد من الديكور الواقعي الكامل للمتلقي, فقد يعتمد على أسلوب إيحائي بالمكان المسرحي, ولم تذكر لنا الكاتبة مكان الأحداث, وجعلت الأحداث الدرامية تدور في مكان واحد وهو الأطلال وهي مفردة شديدة الدلالة والرمزية.  

ويمكننا القول بأن وظيفة المكان وظيفة جمالية دلالية وأن الجمع بين عنصر المكان ودلالاته في النص هو المحرك الأساسي لبنية أحداثه وتسلسل أزمنته المختلفة؛ نظرًا لطبيعة العلاقة التي تربط بينهما وتخضع لأهداف المؤلف التي يقررها في سير النص؛ وهي بدورها تترجم ميوله وقدراته ومهارته الإبداعية في نقل الواقع الثقافي والاجتماعي والنفسي بلغة مزدوجة بين الصمت والجهر/الحقيقة والوهم؛ لتحقق فعل القراءة لدى المتلقي. لتنشأ العلاقة المزدوجة بينهما، فتكون في اتصال أحيانًا وفي انفصال حينًا آخر. فيبسط المكان حركته على الشخصيات، ليدلنا على مدى الجدلية التي توليها اللغة في إطار توظيفها هذا من خلال الحقائق المرتبطة بالعادات والتقاليد والمعاناة والانتصارات والمواقف والأحداث داخل النص.(فاطمة الزهراء,عجوج.2018.ص ص أ-ث)

فالمكان له أبعاده الحقيقة والوهمية والتي ترتبط بالنص وما يحتويه من شخصيات وأحداث وأزمنة, وتساعد المتلقي على التخيل تلك الأماكن وما تحمله من أبعاد سياسية وفلسفية واجتماعية ونفسية واقتصادية, فيمكن فهم الأحداث وتفاعل الشخصيات وعلاقتها ببعضها البعض. "فقد أضاف أرسطو طابعًا حسيًا ملموسًا للمكان لأن المكان مرتبط في الواقع بالوجود الإنساني".(لتمان,يوري.1986.ص89)ووصفه شارل كريفل Crival Charles:"المكان هو الذي يضفي على التخيل مظهر الحقيقة".(جينت,جيرار وآخرون.2002. ص137)فإن النقطة الأساسية التي ينطلق منها المؤلف هي أن البيت هو مكان الألفة ومركز تكيف الخيال،وعندما نبتعد عنه نظل دائمًا نستعيد ذكراه ونسقط على الكثير من مظاهر الحياة المادية. (باشلار,غاستون.1984.ص30)

فهنا أرادت الكاتبة بذكرها لأطلال البيت أن تظهر أهمية المكان ودلالته وربطه بالأشياء والأمكنة وبالخيال والإحساس, بل غلب عنصر الخيال على المكان الذي كان يجمع الأسرة قبل الهدم, فهو يشير إلى ما هو أبعد وأعمق من المكان والتحديد الجرافي له, فعلاقة الشخصيات الدرامية بالمكان علاقة تأثير وتأثر, وارتباطهم ارتباط وثيق بالمكان فتدور الأحداث الدرامية جميعها في هذا المكان. وقد يُحي المكان بذكريات لدي المتلقي نفسه كتجربة عاشها فيترك أثرًا في نفسه, حتى أصبح المكان مسرحًا وساحة للحدث الدرامي لخلق دلالة التدمير والهلاك ما بعد الحرب مما جعل الشخصيات تلجأ للمزج بين الحقيقة والوهم لاستيعاب ما حدث لهم.

وتلاحظ الباحثة ذكر الكاتبة هدم الجدار الأيمن من البيت فقد تقصد به أن هدم هذا الجدار له دلالة بانهيار البيت ككل وتأثره بمخلفات الحرب أو قد تم ذكره بشكل عفوي دون دلاله منه.

فالمكان هو جوهر النص، فكلما أحسن الكاتب توظيفه، كلما ترسخت قيمته وحددت مواقفه، فخاصية المكان تتعلق بمقدار تجربة المبدع المختلفة، والحاملة لدلالات اجتماعية ونفسية وتاريخية، فلمسة المبدع المتقنة تحقق للمكان انسجامه. وهذا ما توصلت إليه دراسة(فاطمة الزهراء, عجوج.2018.ص263)

التوظيف الدلالي لإرشادات الإضاءة المسرحية في النص:

جاء ذكر الإضاءة في أكثر من موضع داخل النص لتدلل على زمن الأحداث فقط, ومدي عشق الرجل لوقت الغروب وتفاصيله, وأنه يكتشف أن أمرأته أقل قبحًا في الظلام فيبدأ في تقبلها, ونجد المرأة تؤكد له أنه سيراها أجمل في الظلام الدامس- لأنه سيراها بمخيلته- فدائمًا تختبئ الحقائق مع الظلام فإنه يحمل في طياته الدفيء والحياة.

(الوقت الآن غروب, والمكان أصبح مظلمًا نسبيًا),(الظلام دامس الآن),(صمت تام, الرجل والمرأة يغفوان متعانقان, ثم إنارة حيث تتسلل خيوط الشمس,..).

الإضاءة المسرحية في المسرح التقليدي يقتصر دورها على جانب الزينة أو التجميل أو خلق جو واقعي للأحداث, على النقيض من المسرح الحديث فيبرز بعض المشاهد ويركز عليها.(إبراهيم,حمادة.1993.ص81)

فنجد الظلام الدامس وُظف لغرض يرمز ويهدف إلى تهيئة الجو النفسي للحظة اللقاء الجنسي بين الزوجين, وعادةً ما يرتبط خفض الإضاءة أو الإظلام كدلالة على لحظة اللقاء الحميمي بين أي زوجين لدي المتلقي.

التوظيف الدلالي لعنصر الزمان والمكان(الزمكانية) في النص لتحقيق المزج بين الحقيقة والوهم:

فنجد أن مفهوم الزماكنية في المسرحية الميتاتياترية بوصفهما كيانين متصلين عبر المفاهيم الفلسفية والفزيائية, والزمن الذاتي والنسبي والمطلق وموقف الشخصيات الدرامية منه, وأثرهما على الفعل الدرامي وحاملي هذا الفعل, والآليات التي يعتمد عليها الكاتب للدلالة على الزمن مثل:"الحلم, النبوءة, السرد المصغر, ظرف الزمان, الاكسسوار والملابس",والمكان ككيان ثقافي واجتماعي متحول حسب الزمن".(غالب,رضا.2016.ص ص51-52)؛ "فيدفع المتلقي ليشعر ويُوهم بأن ما يقرأه بين غلافي المسرحية مندمجًا في أحداثه وشخصياته, كاندماجه في ممارسة الحياة".(غالب,رضا.2016.ص55)

فالإضاءة والديكور المسرحي تقنية بتخلق المكان والزمان داخل النص؛ فنجدهما متدخلان, فكل استحضار للزمان يستلزم حضور للمكان, فينشأ علاقة بين المتلقي والنص المسرحي؛ وهذا ما تحققه المسرحية الميتاتيرية؛ وهكذا يبني النص تقنياته ويوظفها لتكون علامة دالة ومنتجة للمدلول. فأرادت"ميسون" أن تعكس حالة الشغف والفضول التي تجتاح العامة في الحوادث الصادمة والحروب من خلال هذان العنصريين، ولتستثير الفضول لدى المتلقي أيضًا لتجعله يفكر سبب هدم المنزل وعما يبحث هذا الرجل الشارد بين الأطلال.

"إن بنية الزمن في الميتامسرح بالتوازي مع بنية الحكي تطرح علاقة بين الخاص والعام، خلال تفتيت مكونات الحكاية إلى جزيئات، هي الأحداث التي تمت في الماضي، ثم محاولة جمع هذه الأجزاء في حاضر بعيد عنها زمنيًا، ولكنه ليس مختلفًا عنها، مما يسمح بطرح مختلف المواقف وانعكاسها على الحاضر المعيش".(أريناس,خوسيه مورينو.2019.ص15) فزمن الحدث الدرامي متنوع ما بين ماضي الشخصيات كأسرة سعيدة يملئها الحب والسعادة وراحة البال؛ والحاضر وما يحمله من نتائج الحرب ذات الدلالات التدميرية على الزوجين؛ والمستقبل وما يحمله من علامات استفهام كثيرة  وغموض حول استمرارية علاقة الرجل بالمرأة بعد إصابة وجهها وعدم تقبله لذلك.

وتقول آن أبرسفيلد:"إن الكتابة المسرحية كتابة في الحاضر تنكر وجود الماضي والمستقبل, ومن ثم فإن كل ما يدل على الزمن يدخل في العلاقة بالحاضر". (غالب,رضا.2016.ص223)

التوظيف الدلالي التقني للنهاية المفتوحة في النص المسرحي لتحقيق المزج بين الحقيقة والوهم:

الخاتمة جزء مهم من كيان المسرحية وصياغتها أن لم تكن الجزء الأهم فيها؛ وغالبًا ما تحمل رؤية الكاتب المبدع وتكشف جزء كبير من أسرار موهبته المسرحية؛ لذا يجب أن يختاره بعناية. فلم تُفصح لنا الكاتبة في نهاية الأحداث الدرامية عن الحل, بل تركت للمتلقي السطر الأخير من حياة الرجل/الزوج ليكتبه كلٌ منا على طريقته الخاصة وبفهمه وبتصوره الشخصي للمشهد. فالسراب نص يتناول مشكلة، لكن بدون حلول لها فالنهاية تكون مفتوحة تحتمل كثير من التأويلات.

وكأن الكاتبة تجعل المتلقي يتساءل:"هل سيتقبل الزوج أمرأته بشكلها الجديد القبيح؟, هل سيقاوم إحساسه بالاشمئزاز وعدم قدرته على النظر إليها؟, هل سيتقبل أمرأته بقاءً على العشرة ويتعايش مع قَباحة منظرها؟, إلى أي مدي يمكن أن يوثر مرور الوقت في اتخاذ الزوج قرار التقبل لها ولحقيقة أمرها؟, وإلي أي مدي تؤثر العشرة في سرعة أتخاذ الرجل القرار وتأقلمه مع الواقع؟, هل انتصرت الحقيقة بآلامها على الوهم وأحلام اليقظة لدي الزوجين في نهاية الأمر؟, هل سيلجأ الزوج للوهم مرة آخري كي يتعايش مع أمرأته ويتقبلها؟.. وغيرها من التساؤلات والمشاعر المتناقضة التي تتبادر إلى ذهن المتلقي فور انتهاء الحدث الدرامي بصراخ الرجل.

الرجل:لااااااااا.... .

وهنا أثارت الكاتبة شغف المتلقي وفضوله؛ وحثًا لمخيلته لتنشيطها لإرساء نهاية الحدث على حل مرضي ومقنع لجميع الأطراف من وجهة نظره, فأرادت أن تبرز الموضوع الجدلي الاجتماعي والنفسي القائم في النص حول تقبل الزوج لزوجته رغم تقلبات الدهر وتركتها للمتلقي وتشركه ليضع نهايتها وحلول لها كما يريد بإبداعه ومخيلته وثقافته واتخاذ موقف إزاء ما قرأه, فقد يتقبل البعض هذا الوضع ولا يستطيع الآخر تقبله, فيحدد مصير الشخصية.

"المسرحية الجادة ذات النهاية السعيدة أو الأسيفة والتي تعالج مشكلة هامة علاجًا مفعمًا بالعواطف على ألا يؤدى إلى خلق إحساس فجيعي مأسوي"(حمادة,إبراهيم.1985.ص113). 

ثانيًا:وعي الكاتب بذاته:

أما بالنسبة للخاصية الثانية التي أشار إليها"آبل" بوصفها سمة رئيسية لميتاتياتر المسرح وهى وعي الكاتب بذاته تشمل أيضًا وعيه بفنه, حيث قد جرت العادة على أن يستخدم هذا المصطلح للإشارة إلى وعي الكاتب المسرحي بفنه, بحيث يظهر هذا الوعي الفني واضحًا وجليًا في الاستخدام المفرط للتقنيات المسرحية المختلفة.ويؤكد على أن كُلًا من الكاتب وبطل المسرحية يتبارى من أجل تأكيد وعيه بذاته ومحاولة إبراز هذه الذات.حيث يري أن البطل في ميتاتياتر المسرح يرينا إحساسه بذاته من خلال مشاركته للكاتب في استعراض مختلف فنون المسرح وتقنياته, حيث شبه البطل بالحرباء؛ نظرًا لدخوله في سلسلة من التحولات من الشخصية إلى أخرى, ويتولى مهمة تنفيذ كل الألعاب المسرحية التي يصممها الكاتب.ويرى"آبل" أنه قد لا يصل إلى هذا الحد فقط إنما قد يتحول البطل إلى مؤلف مسرحي,يكاد يلغي وجود الكاتب الأصلي نفسه. (مطاوع,هاني.1986.ص17-20)

فتحدث"سارزاك"عن مفهوم الكاتب الملحمي الذي لا يتوارى وراء شخصياته كما هو الشأن لدى الكاتب الكلاسيكي وإنما يخرج إلى واجهة الأحداث ويعبر عن آرائه ومواقفه بشكل مباشر من خلال عمله الفني مستخدمًا في ذلك تقنيات متعددة".(يوسفي,حسن.https://www.kutubpdfbook.com/book.ص40), وبالتالي فهو يرى أن ما تم ذكره هو أدق وصف للكاتب في المسرحيات الميتاتياترية لم يخلُ منها النص المسرحي"السراب".

التوظيف الدلالي للشخصيات الدرامية في النص لتحقيق وعي الكاتب بذاته:

تري الباحثة من خلال القراءة المتعمقة والتأملية للنص أنه تم توظيف الشخصيات المجردة-الرجل/المرأة- لخلق وإبراز الحالة الموجودة عند الكاتبة توظيفًا دلاليًا رمزيًا من أجل خدمة الفكرة الأساسية للمسرحية. وأن دلالة المرأة في النص تمثل صورة ذهنية لدي المتلقي عن المدلول وهو الوطن؛ والهم النسوي في الحياة, فهي مجرد امرأة تعاني من أثار ومخلفات الحرب ودماره النفسي أكثر من الدمار المادي الذي تحققه الحروب خاصةً على العلاقة الزوجية كما يسردها لنا النص. ونجد الرجل يمثل الفكرة ولكنه لا يمتلك القدرة على الفعل, فعندما تقبلها حدث ذلك في الظلام/الوهم, أما الزوجة رغم دمارها النفسي فهي قادرة على الفعل والتمسك بالزوج.

ونجد أن هناك علاقة بين الشخصيات والمكان/الأطلال كأحد عناصر الفعل الدرامي في نص (السراب), كما نجد أن شخصية المرأة شاركت الكاتبة في خلق الذاتية وبناء النص ككل فهي تعبر عن المرأة الصامدة رغم تقلبات الدهر وما ينتج عن مخلفات الحرب من دمار على النفس البشرية, حيث تأثرت الكاتبة بجذورها الفلسطينية وصمود المرأة الفلسطينية أمام الحرب والنكبات وحالات الفقدان سواء زوج أو أخ أو أب على مدى سنوات الاحتلال الطويلة؛ فهي مثال للتضحية والفداء؛ومازال المئات من النساء الفلسطينيات اللواتي استشهدن أو تعرضن للاعتقال والتعذيب، ومازلن خلف القضبان إلى الآن, وهكذا تمضي المرأة الفلسطينية قدمًا بعطائها اللامحدود أسوة بالرجل على طريق الحرية والفداء والنضال. وبالتالي تحقق في النص سمة من سمات ميتاتياتر المسرح وهي ذاتية المؤلف.

التوظيف الدلالي لتقنية الحوار الدرامي في النص لتحقيق  وعي الكاتب بذاته:

يرى"آبل" أن"برناردشو"كان مهتمًا بالتعبير عن أفكاره في مسرحه,كما كان لديه إحساس بالدراما الفلسفية, لذلك فإن آبل يَعُد مسرحياته(بيجماليون),(سانت جوان),(دون جوان في الجحيم) ميتادرامات تكشف عن وعي الكاتب بذاته.(مطاوع,هاني.1986.ص23) وهذا ما ينطبق على"ميسون" في النص المسرحي(السراب) محاولة التعبير عن أفكارها من خلال توظيف الحوار الدرامي.

جاء الحوار باللغة العربية الفصحي البسيطة ليعبر عن فكر الكاتبة ولكن نجد بعض الكلمات التي لا يفهمها القارئ/المشاهد بسهولة, وترجع الباحثة ذلك إلى البيئة التي نشأت فيها(ميسون حنا) لأنها من أصول فلسطينية وتعيش في عمان الأردن الآن؛ فهي كلمات مفهومة للمتلقي الأردني أكثر من المتلقي المصري.

"الرجل يجفل لدي رؤيته لها... ثم يشيح بوجهه جانبًا","يلتفت إليها للحظة ثم يطرق","استغرب ولوجك المكان دون استئذان","الرجل:بجلافة","أقيمي هنا ريثما نجد لك حلًا","الرجل:عندما نكتشف كُنهَهَا يسكننا السراب ونضيع","المرأة:(بحزن) تستهجن هذا أيضًا؟".(أنس,إبراهيم. 2004),(الرازي, زين الدين أبو عبد الله. 1995)

يجفل: بمعني فزع وذعر, نفر وشرد. أما يشيح: يعني أنه أعرض عنها عابسًا أو تركه جانبًا.

وطرق الرجل: سكت ولم يتكلم، أرخى عينيه ينظر إلى الأرض. ولوجك المكان: أي دخول المكان دون استئذان. بجلافة: جلِف الرجل: صار جلفًا، اتصف بالحمق وغلظ الطبع, والخُشونة , السَماجة, الفظاظة.

ريثما:ريثم مقدار المُهلة من الزمن، وتأتي متصلة بـ (ما) ما قعد إلا رَيثما انصرف. دليل على البطء ومقدار الوقت الذي سيجد الرجل فيه حل للمرأة.

كُنههَا:أدرك غاية الشيء ونهايته وجوهره. أما تستهجن: ترفض واستقبحته قولًا وفعلًا.

وجاء الحوار الدرامي ليعبر عن الحرب وما يخلف عنها من دمار وهدم مادي ومعنوي كما جاء بأكثر من موضع في النص, تتهم الزوجة الزوج بأن القتال في الحرب علمه القسوة والغلظة, ولكنه من وجهة نظرها ليس مبررًا ليقسو عليها.

مثال: المرأة:"الحرب أيها الشاب, الحرب.. البيت كان مهجورًا وأنا بلا بيت".

الرجل:"(بلطف) الحرب تبيح لنا أن نكسر المألوف لا تنحرجي, اعتبريني لم أعد بعد".

المرأة:نعم,الحرب هي التي فعلت هذا بي.

الرجل:(بشرود) ماذا لو تكون زوجتي قد أصيبت أثناء الحرب, وفقدت جمالها؟".

المرأة:"هذا لايبرر قسوتك".

الرجل:"(بحماس) لتعلمي أني قاتلت قتالًا مريرًا,وحققت انتصارات شتى..قُتل رفيقي الذي كان يحارب معي, وأخذت ما كان في حزامه من ذخيرة, ووجدت قطعة خبز كذلك في حزامه, أعادتني للحياة تلك القطعة, كنت جائعًا وهو يخفي الخبز في حزامه, حقدت عليه(بحماس) وسررن كونه قُتل لأحصل عليها, ثم شعرت بتأنيب الضمير(بهدوء) وبكيت بحرقة لأكفر عن ذنبي, ولحزني على فراقه, ولفرحي بالنجاة..".

يلاحظ من الحوار السابق أن الكاتبة جاءت بقطعة الخبز لتدلل لنا على أنها سر عودة الرجل للحياة مرة أخري بمجرد أكلها, أثناء معاناته في الحرب, فهو يثبت لزوجته أنه حارب ولم يصب ولكنه لاقى الكثير من التعب وتحمل موت صديقه أمامه؛ فهو كان يرى الموت كل لحظة مما يدلل لنا على بشاعة الحرب وما تخلفه لنا من دمار نفسي ومادي.  

“فهم الحرب وآثارها المستدامة على المدى الطويل التي تحقن جوًا أكثر تهديدًا في المسرحية، وتوليد الكثير من الصراع بين شخصياتها, وأن الخلط بين التجارب الحقيقة والأحداث الملفقة/الوهمية, تجعل الشخصية ترجع إلى ماضيها وإعادة خلق ذكرياتهم الحنينية, واستخدام الرمز والدلالات للتعبير عن ذلك. فهناك شعور بالأمل في أنه من خلال مواجهة الحقيقة قد نصبح جميعًا أكثر قدرة على تحمل العالم".(Pp61-62.Shane Kinghorn.2020)

وتري الباحثة أن الكاتبة جاءت لنا بصراخ الرجل أكثر من صراخ والمرأة في الديالوج القائم بينهما نتيجة ودلالة على أن صراخ المرأة جاء أقل من صراخ الرجل لتدلل لنا على قدرتها وصمودها أكثر من الرجل رغم أن آلامها ومصابها أكبر من الرجل؛ ولكنها تحاول رغم ذلك الصمود وتقبل الحقيقة بكافة السبل حتي وإن لجأت للوهم والخيال وأحلام اليقظة. وهنا تظهر ذاتية الكاتبة في التعبير عن المرأة الفلسطينية التي تتحمل الصعاب ولا تأن.

المرأة:"(تصرخ)أنت فظ وجلف.."

التوظيف الدلالي لتقنية الإرشادات المسرحية(النص المرافق) لتحقيق وعي الكاتب بذاته:

ظهر وعي الكاتب بذاته في الديكور المسرحي من خلال تهدم الجدار الأيمن وأساس البيت لتأثر بمخلفات الحرب وما ينتج عنها من دمار مادي ومعنوي؛ وبالتالي يدرك المتلقي-القارئ- مدى تأثر الكاتبة بالدمار الذي عاشته في طفولتها في فلسطين مما جعلها تنتقل للأردن والاستقرار بها. وهنا يلاحظ توظيفه للنص المرافق كتقنية نصية تخلق العديد من تقنيات العرض المسرحي وتدل عليها, لتبرز وعي الكاتب بذاته. 

فيتدرج المستوى الدلالي في النص من القوة إلى الضعف، فهو يمر بمراحل تُشبه الإشراق ثم العتمة ثم الانحلال ثم الذوبان، للوصول إلى النقطة التي تنتهي فيها الحيرة إلى الحزن والكآبة لانعدام الأمل، حتى ظهر في الصرخة الأخيرة ما يجسد الذوبان والاستسلام بالحقيقة, فهناك ثنائية بين الحقيقة والوهم فالحقيقة-كما أكدتها دراسة(حميد,وضاء قحطان.2018.ص445)- تتمثل في مخلفات الحرب وما نتج عنها من آثار مزعجة للشخصيات داخل النص, وأن الوهم يتمثل في الحلم بحياة الأميرة والأمير في برج عاج لا يستطيع أحد الوصول إليه غيرهما. ويوصلنا لأهمية التخييل أو ما يسمي بالـوهم الجميل فباستطاعته أن يجعل المتلقي يغض  الطرف عن الحقائق الواقعية نتيجة تأثره بالجمال التخيلي، ويحرك الفاعلية الوجدانية على حساب الصرامة المنطقية. فذلك الواقع الممتلئ بالوهم جعل المتلقي يشارك بعقله وليس فقط مشاعره, أي يمكن للمؤلف الإبداع في الواقع الرمزي للأشياء.

وبالتالي فإن عالم الدراما عالم وهمي متخيل, يقدم للمتلقي بطريقة توحي بأنه الحقيقة وتوهمه-الايهام- بحقيقة الشخصيات والأفعال والحوار الموجه له. واستطاعت الكاتبة أن تساهم بشكل أو بآخر في رصد الحقائق, فالكاتب هو ابن مجتمعه وثقافته والضمير الواعي له؛ فتتركز عنده تجارب الحياة التي يعيشها مجتمعه.(عامر,أمينة بيومي.2020.ص334) وهناك ارتباط وثيق بين المؤلف وقضايا مجتمعه, وقدرته على رصد الحقائق المتناقضة داخل هذا المجتمع؛ فهو يحاول تقمص مشاعر الأخرين والتعبير عنها.(الصباغ,رمضان.2003.ص ص188-189).

"السراب مسرحية تنفذ في زيف العلاقة الزوجية وتنتفي زيف طمأنينة العيش مع من يفترض نصفًا ثانيًا للذات الحائرة في تمزقها, وفي استعسار التناغم المطلق بين الشريكين حين تتبدل الأحوال, وتختفي بعض المعايير التي اختار بها كل منهما الآخر في البداية. إن الاحساس بالقلق مركب يمد هواجسه في كل اتجاه, فالذات لا تأمن الحياة المتقلبة, لا كنها لا تأمن أكثر تنكر العشير الزوجي لسبب طارئ قد يكون مرضًا أو نائبة من نوائب الزمن التي لا يسلم منها المرء".(إبراهيم,الزهرة.2021) فاستطاعت الكاتبة أن تجعلنا نتصور كل ما يحدث بل ونصل لحد التصديق لشدة التفاصيل الواردة في الأحداث الدرامية للنص المسرحي.

النتائج العامة وتفسيرها:

  • تحقق في النص المسرحي"السراب"سمتان أساسيتان من سمات نظرية ميتاتيتر المسرح التي اعتمدت على آراء"آبل"وهي:(المزج بين الحقيقة والوهم حيث تختلط وتمتزج الحياة في النص بالوهم, فيعتمد النص على خيال المتلقي واستيعابه للحدث الدرامي, كما تحقق وعي الكاتبة بذاتها من خلال تصويرها لشخصية المرأة الصامدة وتحيزها لها)وتم استبعاد السمة الثالثة لها- نقاء الظاهرة كابتكار غربي خالص- لعدم توافرها في النص.

  • تحققت ذاتية المؤلف في النص المسرحي من خلال شخصية المرأة التي شاركت الكاتبة في خلق الذاتية وبناء النص ككل؛ فهي تعبر عن المرأة الصامدة رغم تقلبات الدهر وما ينتج عن مخلفات الحرب من دمار مادي ومعنوي على النفس البشرية, حيث تأثرت الكاتبة بجذورها الفلسطينية وصمود المرأة الفلسطينية أمام الحرب والنكَبات وحالات الفقدان على مدى سنوات الاحتلال الطويلة.

  • طغت سمة المزج بين الحقيقة والوهم في النص المسرحي على وعي الكاتب بذاته كسمة من سمات ميتاتياتر المسرح.

  • أن العديد من الدارسين المسرحين قد اعتمدوا على آراء"آبل" ولعل السبب في ذلك, أنها ظاهرة ذات أبعاد فلسفية؛ وتتعامل بلغات خشبة المسرح, والميتامسرح ممارسة منبثقة أساسًا من النص المسرحي, فهو ظاهرة نصية ذات بنية موضوعاتية وخطابية, وقد استند البحث على آراءه في تحليل النص المسرحي"السراب" خلال تلخيصه لسمات لميتاتياتر المسرح؛ وجاء الاختيار ملائمً لمضمون النص المسرحي الذي مزج بين الحقيقة والوهم حيث تتحول الحقيقة إلى الحلم أو الفن أي يحدث تداخل بينهما, أما المسرح داخل المسرح/التمسرح يحول الحقيقة إلى الخيال/الحلم أو الفن ولكن يفصل بينهما. 

  • التوظيف الدلالي لتقنية الانفعالات الشخصية والعلامات شبة اللغوية كالإيماءة والنبرة والتي تقوم بوظيفة المؤشرات اللغوية التي وردت في النص المسرحي كانت من أهم التقنيات التي لجأت إليها الكاتبة واستخدمتها بكثرة من أجل خلق ميتاتياتر المسرح في النص.

  • جاء عنصري الزمان والمكان(الزمكانية) متداخلين في النص المسرحي(السراب), فكل استحضار للزمان يستلزم حضور للمكان بأبعاده الحقيقية والوهمية, كأحد عناصر الفعل الدرامي في النص, ولتأكيد الرموز والدلالات فيه, فعلاقة الرجل والمرأة بالمكان علاقة تأثير وتأثر, فهدم الجدار الأيمن من بيت الزوجية  يخلق دلالة التدمير للبيت ككل والهلاك ما بعد الحرب مما جعل الشخصيات تلجأ للمزج بين الحقيقة والوهم لاستيعاب ما حدث لهما وتقبل الزوج لزوجته ليلًا مع حلول الظلام كسمة من سمات ميتاتياتر المسرح. وزمن الحدث الدرامي متنوع ما بين ماضي الشخصيات كأسرة سعيدة يملئها الحب والسعادة وراحة البال؛ والحاضر وما يحمله من نتائج الحرب ذات الدلالات التدميرية على الزوجين؛ والمستقبل وما يحمله من علامات استفهام كثيرة  وغموض حول استمرارية علاقة الرجل بالمرأة بعد إصابة وجهها وعدم تقبله لذلك.

  • إن ميتاتياتر المسرح يمكنها المزج بين عوالم متناقضة ومترامية الأزمان، وخلق عالم مغاير لها يحتوى على الإيجابيات في قالب إبداعي يستند لماضي الرجل والمرأة ويتعامل مع حاضرهما ويشير إلى المستقبل الذ لم يتحدد في النص وتركت الكاتبة للمتلقي تحديده، وهو ما يُمكن من تقديم نص مسرحي ملائم للمتلقي ويحقق المتعة ويتفاعل مع الأحداث الدرامية ويتعايش معها، حيث تتمتع ميتاتياتر المسرح بالمرونة التي تربط بين الحقيقة والوهم، وتحقق وعى الكاتب بذاته. 

  • جاءت الشخصيات الدرامية مجردة؛ فدلالة النكرة واضحة لتفيد التعميم؛ والتعميم يوسع الدلالة فلا يحصرها في معني محدد, فلا يمكننا تحديد ماهية المرأة والرجل بدقة داخل النص.

  • جاءت شخصية المرأة لتعبر عن الوطن والصمود والتحمل والفكرة والمثابرة للوصول إلى ما تريده فهي الواقع بكل حقائقه المريرة, أما شخصية الرجل فجاءت شخصية لتعبر عن الفكرة فهو يمتلك الفكرة ولكنه لا يمتلك القدرة على الفعل فيلجئ للخيال/الوهم ليتقبل الحقيقة.

  • جاء الحوار الدرامي ليكشف لنا عن دلالة الشخصيات ويعبر لنا عن وضوح فكرة المسرحية لدي الكاتبة, وجاء الايقاع الحواري مرتب ويسير في تسلسل الأحداث الدرامية والحبكة؛ وجاء الحوار بين الثنائي الرجل والمرأة متساويًا ولم يهمين أحدًا منهما على الآخر في الحوار, أما عن التركيب اللغوي له فجاء بسيط وسهل الفهم ومعبر عن الحدث الدرامي والشخصيات إلا في المواضع قليلة تفهم للمتلقي الأردني أكثر من المتلقي المصري؛ فكل كلمة في الحوار لها وظيفة دلالية ومعني يتم في ايقاع منسجم.

  • جاء عنوان النص المسرحي(السراب) كعلامة أولية استخدمتها(ميسون حنا) ووظفتها للدلالة على المزج بين الحقيقة والوهم, والذي يحمل دلالة مباشرة وصريحة لا تقبل عدة تأويلات عن السراب/الوهم. لذا يمكن اعتبار عنوان النص المسرحي السراب أحد العلامات الدلالية على المدلول وهو المزج بين الحقيقة والوهم

  • وظفت الكاتبة تقنية النهاية المفتوحة كتقنية نصية, حيث جاءت نهاية الأحداث الدرامية مفتوحة؛ لكي يضع المتلقي النهاية من خلال ثقافته وفكره؛ فوضعت لنا الكاتبة بداية الحل عندما تقبلها ليلًا في الظلام ولكن الرجل يحتاج إلى وقت لتقبل الحقيقة. لذا لم تُفصح لنا عن الحل وتركت لنا السطر الأخير من حياة الرجل ليكتبه كلُّ منا على طريقته الخاصة وبفهمه وتصوره وتخيله للمشهد. فالسراب نص يتناول مشكلة، لكن بدون حلول جذرية لها.

  • العلاقة بين الحقيقة والوهم علاقة عكسية تصارعية قوية بين متضادين للتمييز بينهما, فالواقع الأليم المرير لمخلفات الحرب وما تنتجه من دمار نفسي ومادي للشخصيات هو ما دفع الرجل/الزوج والمرأة/الزوجة للوهم المتمثل في الأمير والأميرة اللذين عاشا في برجٍ عاج حتى يصنع لهم الوهم سلامًا نفسيًا بعيدًا عن الحرب. ودائمًا ما يتم اكتشاف الوهم بعد اكتشاف الحقيقة؛ لذا صرخ الرجل عندما وجد الحقيقة أمامه واضحه مع بزوغ الشمس. ولكن يمكن القول بأنه لا يوجد حقيقة بدون وهم, ولا هم من دون الحقيقة. 

Abstract

The aim of the current research is to find out the techniques that writer"Mayson Hanna"employed in creating Metatheatre within the theatrical text-the Play(the Mirage),the researcher used the semiotic method to analyze the semantics,signs and linguistic and nonlinguistic symbols within the text.

The Most Important Results:

1.The theatrical text"The Mirage"achieved two main features of the theory of Metatheatre,which relied on the opinions of"Apple":(the combination of truth and illusion where life mixes and blends in the text with illusion,the text depends on the imagination of the recipient and his absorption of the dramatic event, as well as the awareness of the writer herself through her portrayal of the character of the steadfast woman and her bias)and excluded the third feature of it-the purity of the phenomenon as a pure Western innovation-because of its lack of availability in the text,The first feature also dominated the second within the text.

2.The semantic recruitment of personal emotion technology and the semi-linguistic markers contained in the text were among the most important techniques used by the writer to create the theater metatitter in the text.

3.The relationship between truth and illusion is an inverse relationship between the opposing to the distinction between them, the painful reality of the remnants of war and the psychological and material destruction it produces for the characters is what led the man and woman to the illusion of the prince and princess who lived in an ivory tower to escape reality, and the illusion is always discovered after the discovery of the truth,so the man screamed when he found the truth in front of him clearly with the dawn of the sun.Thus,there is no truth without illusion and vice versa.

4.The writer employed open end technology as a textual technique, did not reveal the solution to us and left us the last line of a man's life to write each other in our own way, understanding, visualizing and imagining the scene. The mirage is a text that addresses a problem, but without 

radical solutions.

Keywords:Truth and Illusion,Theatrical Text,The Mirage,Metatheatre.

المــــــراجــــــع

أولًا:المصادر:

  • القرآن الكريم.سورة النور.أية رقم(39).

  • حنا,ميسون سليمان.(2020). وكر الافاعي- أربع مسرحيات. المملكة الأردنية الهاشمية. عمان. مكتبة آفاق حرة الإلكترونية. https://www.afaqhorra.com. ص126-149.

ثانيًا:المراجع:

  1. Shane Kinghorn.(2020).The Echo Chamber:Theater in a“Post-Truth” World- Remnants of a Theatrical Revolution. William C. Boles Editor. First Online 30 April.

  2. Hundal,Sukhwant B.A.(2002). "Theate for social change in the Punjab state of India". M.A Canada.Simon fraser university.

  3. إبراهيم,حمادة.(1993).التقنية في المسرح- اللغات المسرحية غير الكلامية.القاهرة.مكتبة الأنجلو المصرية.

  4. أبو العلا,عصام الدين.(2005).مدخل إلى دراسة علم العلامات في اللغة والمسرح. تقديم: مني صفوت.القاهرة. الهيئة المصرية العامة للكتاب. 

  5. أريناس,خوسيه مورينو.(2019).مسرح الميتاتياترو.ترجمة وتقديم:خالد سالم. دار العين للنشر.

  6. أسعد, سامية.(1985).مفهوم المكان في المسرح المعاصر.الكويت. مجلة عالم المعرفة.ع4.مارس.

  7. إلياس, ماري والقصاب,حنان.المعجم المسرحي.ط2.بيروت.مكتبة لبنان.

  8. أنس,إبراهيم.(2004).المعجم الوسيط. مج1.ط4.القاهرة.مجمع اللغة العربية. مكتبة الشروق الدولية.

  9. السعيد,راندا حلمي.(2020).الميتا مسرح وحداثة المعالجات الفنية للتراث في مسرح الطفل-صياد العفاريت نموذجًا. مجلة البحوث في مجالات التربية النوعية.مج6.ع31.نوفمبر.جامعة المنيا.كلية التربية النوعية.

  10. باشلار,غاستون.(1984).جماليات المكان. ترجمة: غالب هلسا. بيروت. المؤسسة الجامعية للنشر والتوزيع.ط2.

  11. بهجت,نبيل.(2020).المسرحيات القصيرة في المسرح المصري-دراسة ونصوص.القاهرة.الهيئة المصرية العامة للكتاب.

  12. بوبيس,ماريا دل كارمن.(2001). سيميولوجيا العمل الدرامي. ترجمة:خالد سليم.القاهرة. مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي. الدورة الثالثة عشر.

  13. جينت,جيرار وآخرون.(2002).الفضاء الروائي.ترجمة: عبد الرحيم حزل.منشورات إفريقيا الشرق.الدار البيضاء/المغرب.بيروت/لبنان.

  14. حسين,محمدعامر.(2018).الحلم في النص المسرحي العالمي-نصوص أوغست سترندبيرغ إنموذجًا.مجلة كلية التربية الأساسية للعلوم والتربية والإنسانية.جامعة بابل.ع38.

  15. حمادة,إبراهيم.(1985).معجم المصطلحات الدرامية. القاهرة.دار المعارف.

  16. حميد,وضاء قحطان.(2018).تأثير المسرح داخل المسرح(الميتامسرح)على مسرحية الملك هو الملك-أنموذجًا. مجلة ميسان للدراسات الأكاديمية.مج17.ع34.

  17. الرازي, زين الدين أبو عبد الله.(1995).مختار الصحاح. تحقيق:محمود خاطر.بيروت.مكتبة لبنان ناشرون.

  18. رحيم,عبد القادر.(2008).العنوان في النص الإبداعي-أهميته وأنواعه.جامعة محد خيضر بسكرة.كلية الآداب والعلوم الانسانية والاجتماعية.

  19. شحاتة,حازم.(2014).الفعل المسرحي في نصوص ميخائيل رومان.مكتبة الأسرة.القاهرة.الهيئة المصرية العامة للكتاب.

  20. الصباغ,رمضان.2003.جماليات الفن.القاهرة. دار الوفاء.

  21. عامر,أمينة بيومي.(2020).قضايا التغير الاجتماعي وانعكاساتها على مسرح رشاد رشدي. مجلة بحوث التربية النوعية.جامعة المنصورة.ع58.

  22. عبد الواحد,زينب عبد العظيم.(2018).معالجة العروض المسرحية المقدمة بالقنوات الفضائية لقضايا الواقع الاجتماعي-دراسة تحليلية.مجلة كلية التربية النوعية.جامعة المنيا.ع17.

  23. غالب,رضا.(2006).الميتاتياترو- المسرح داخل المسرح.تقديم:مدكور ثابت.دراسات ومراجع مسرح(42).أكاديمية الفنون.

  24. فاطمة الزهراء,عجوج.(2018).المكان ودلالته في الرواية المغاربية المعاصرة. رسالة دكتوراه.الجزائر.جامعة جيلالي ليابس/سيدي بلعباس.كلية الآدب واللغات والفنون. قسم اللغة العربية وآدابها.

  25. كوبلي, بول وجونز,ليسا.(2005).علم العلامات.ترجمة: جمال الجزيري.المشروع القومي للترجمة.القاهرة.مطبعة المجلس الأعلى للثقافة.

  26. لتمان,يوري.(1986).مشكلة المكان الفني-المكان والدلالة.ترجمة: سيزا قاسم.مجلة ألف.ع6.

  27. محفوظ,نجيب.(2017).السراب.القاهرة. دار الشروق.

  28. محمد,محمد إسماعيل.(1997).مقدمة من الأعمال المختارة لويجي بيرندللو.ترجمة:محمد إسماعيل محمد.الكويت. وزارة الإعلام- من المسرح العالمي.ديسمبر.

  29. مدحت, رؤذان أنور.(2013).الدراما النسائية في المسرح العربي الحديث-مسرح ميسون حنا.عمان. دار غيداء للنشر والتوزيع.

  30. مطاوع,هاني.(1986).ماهية الميتاتياتر وخصائصه.القاهرة.مجلة الفن المعاصر.مج1.ع2.أكاديمية الفنون.

  31. معيكل, أسماء.(2015).في تلقي الإبداع والنقد. القاهرة. الهيئة المصرية العامة للكتاب.

  32. اليبرودي,إنشراح أحمد.(2014).الوهم و أثره في السلوك الإنساني-دراسة نفسية تربوية إسلامية.مجلة الجامعة الإسلامية للدراسات التربوية والنفسية.مج22.ع4.فلسطين.غزة.

ثالثًا: مواقع الانترنت:

  1. إبراهيم,الزهرة.(2021).ميسون حنا في وكر الأفاعي.موقع حرة آفاق الالكتروني. https://www.afaqhorra.com. تم زيارة الموقع بتاريخ10/8/2021م.

  2. سالم,خالد.(2020).خوسيه مورينو ومسرح الميتاتياتروhttps://middle-east-online.com تمت الزيارة بتاريخ30/8/2021م.

  3. يوسفي,حسن.المسرح في المرايا.موقع اتحاد كتاب المغرب.نشر إلكترونيا على الرابط: https://www.kutubpdfbook.com/book ht. تم زيارة الموقع بتاريخ28/7/2021م.


تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption