أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

‏إظهار الرسائل ذات التسميات المسرح في ألمانيا. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات المسرح في ألمانيا. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، 1 مايو 2020

برتولت بريشت - الشاعر الذي أضاء الزمن المظلم

مجلة الفنون المسرحية

مشهد من مسرحية اوبرا القروش الثلاثة 

برتولت بريشت - الشاعر الذي أضاء الزمن المظلم

برتولت بريشت كان له حضور كبير في العالم العربي في الستينات باعتباره رائداً مسرحياً، غير أن أشعاره ظلت مجهولة إلى حد ما. الآن بات بإمكان القارئ الاطلاع على ترجمة شاملة لأشعاره صدرت حديثاً. ولكن ما راهنية شعر بريشت اليوم؟
برتولت بريشت في شبابه 

برتولت بريشت كان له حضور كبير في العالم العربي في الستينات باعتباره رائداً مسرحياً، غير أن أشعاره ظلت مجهولة إلى حد ما. الآن بات بإمكان القارئ الاطلاع على ترجمة شاملة لأشعاره صدرت حديثاً. ولكن ما راهنية شعر بريشت اليوم؟

لم يؤثر كاتب في المسرح الألماني مثلما فعل برتولت بريشت (1898 – 1956)، ولم يجدد أحد في المسرحيات الألمانية شكلاً وموضوعاً مثلما فعل رائد المسرح الملحمي. لم ينحصر تأثير بريشت على المنطقة الألمانية فحسب، إذ ترجمت أعماله إلى معظم لغات العالم، وكان خلال الأربعينات والخمسينات من أكثر الكتاب حضوراً على خشبة المسرح العالمي. كما كان بريشت - المعروف عربياً بـ"بريخت" - حاضراً بقوة في العالم العربي خلال ستينات القرن الماضي. آنذاك انتشرت ما يشبه "حمى بريشت" في أنحاء المنطقة العربية، فأصابت أكثر من مترجم تنافسوا على نقل عدد كبير من مسرحياته، مثل "الاستثناء والقاعدة" و"دائرة الطباشير القوقازية" و"الأم شجاعة" و"غاليليو". أما مسرحية "أوبرا القروش الثلاثة" فقد تم اقتباسها في أكثر من بلد عربي، ونذكر مثلا مسرحية "ملك الشحاتين" للشاعر المصري نجيب سرور، ومسرحية "عطوة أبو مطوة" للكاتب المصري ألفريد فرج.

قصائد بريشت في العالم العربي
ولكن ماذا عن الشاعر بريشت الذي يعتبر من أبرز الشعراء السياسيين في المنطقة الألمانية؟ لقد توارى بريشت الشاعر في العالم العربي خلف الكاتب المسرحي اليساري، ولذلك تأخر الاهتمام بشعره بعض الشيء. وكان المترجم وأستاذ الفلسفة عبد الغفار مكاوي من أبرز من عرّفوا القارئ العربي بأشعار بريشت، وهو قام قبل سنوات بجمع القصائد المبعثرة في المجلات وأعاد طباعتها في كتاب بعنوان "هذا هو كل شيء"، صدر عن "دار شرقيات" بالقاهرة.

والآن، بات بإمكان القارئ العربي الاطلاع على "مختارات شعرية شاملة" لبرتولت بريشت، صدرت عن "دار الجمل"، وقام بإعدادها وترجمتها عن الانكليزية أحمد حسان. من بين نحو ألف قصيدة اختار حسان 325 قصيدة من مختلف المراحل الشعرية لدى بريشت لتقديمها للقارئ، وهو يقول عن هدفه من هذه المختارات في حديث لـ "دويتشه فيله": "كان هدفي أن أقدم الشاعر كله، بكل اتساع أفقه الشعري. في المجموعة هناك قصائد سياسية مباشرة، وقصائد كفاحية وتحريضية، كما أن هناك قصائد حب وتأمل وقصائد في الطبيعة. كان طموحي هو تقديم مختارات شاملة لبريشت."

"إلى الأجيال المقبلة"
أي زمن هذا
الذي يكاد يُعد فيه الحديث عن الأشجار جريمة
لأنه يتضمن الصمت على العديد من الفظائع؟

بهذه الكلمات لخص برتولت بريشت مأساة جيله، وتراجيديا الشعر في زمن الحرب. استُدعي بريشت للتجنيد خلال الحرب العالمية الأولى، فخدم في مستشفيات الجيش، وهناك عايش عن قرب أهوال الحرب، ومن هذه التجربة نبع رفضه التام لكل الحروب. توقف بعد ذلك عن دراسته في كلية الطب وترك مسقط رأسه أوغسبورغ متوجهاً إلى برلين، عاصمة الثقافة والفن في أوروبا في العشرينات. وفي برلين انطلق نجم بريشت كاتباً مسرحياً، فنشر أول أعماله بعنوان "بعل" عام 1920، وبعد ثلاث سنوات نشر مسرحيته الكوميدية "طبول في الليل" وفيها نقرأ جملته التي وجهها للجمهور بعد ذلك في أكثر من عمل، وهي: "لا تحملقوا هكذا برومانسية." أعقبت ذلك مسرحيات عديدة، منها: "قائل نعم، وقائل لا" و"الاستثناء والقاعدة" و"ازدهار وسقوط مدينة مهاغوني". ولكن سرعان ما يصل هتلر إلى الحكم في ألمانيا، وهكذا تبدأ في حياة بريشت رحلة المنافي التي أخذته من برلين إلى براغ إلى باريس إلى موسكو إلى الدانمرك وإلى السويد. هذه الرحلة المريرة تحدث عنها بريشت في قصيدته المشهورة "إلى الأجيال المقبلة" حيث قال:

"أنتم يا من ستعقبون الطوفان
الذي غمرنا
حينما تتحدثون عن إخفاقاتنا
تذكروا كذلك
الزمن الحالك
الذي أفلتم منه.
فقد مضينا نبدل بلدا ببلد أكثر مما نبدل حذاء بحذاء."

استقر المقام بالشاعر في الولايات المتحدة، غير أن حملة المكارثية طالته عام 1947، فعاد إلى أوروبا، ثم استقر في برلين الشرقية. وفي عام 1956 رحل الشاعر ورائد المسرح الملحمي بعد حياة قصيرة، غزيرة الإنتاج، عميقة التأثير.

قد يبدو شعر بريشت أحياناً سياسياً مباشراً يقف على النقيض تماماً من جماليات الشعر الحديث الهامس، فماذا يضيف إلينا اليوم؟ أحمد حسان يعتبر في مقدمته أن بريشت – رغم كل هذه السنين – "ما زال قادراً على إثارة الدهشة لدى جمهور آخر". وعن هذا الجمهور المختلف يقول في حواره مع "دويتشه فيله": "كنت متهيباً أن يحاكم الناس بريشت قبل أن يقرأوه، لاسيما وأن الاهتمام بالسياسة بات منحسراً الآن بشدة. غير أني لاحظت إقبالاً كبيراً على شعر بريشت من الشبان تحديداً، وهو اهتمام ينطلق من شعره وليس من مواقفه السياسية". هناك أسباب كثيرة تجعل عمل "هذا المبدع الكبير – وفي مركزه شعره – قادراً على البقاء كما تمنى رغم تغير الظروف وروح العصر"، يقول حسان في تقديمه للمختارات، وبترجمته الشاملة يدعو المترجم القارئ العربي إلى إعادة اكتشاف بريشت شاعراً إنسانياً جميلاً.

مصدر النص: dw.de- الإعداد والتحرير: المركز الألماني للإعلام

الاثنين، 29 مايو 2017

توماس أوسترماير: ضمير المسرح الألماني

مجلة الفنون المسرحية

توماس أوسترماير: ضمير المسرح الألماني

حين سُئِل توماس أوسترماير (1968) الابن الرهيب للمسرح الألماني حول واجب المسرح في التحدث عن مظلوميات المجتمع، كانت إجابته بسيطة وواقعية: «لم أفكر قط في واجب المسرح. لا أعتقد أنَّ من واجبه أن يؤدِّي مهمة، ولا من واجبي بوصفي مخرجاً مسرحياً أن أشرح شيئاً لأحد أو أجبره على تبنّي وجهة نظري حول العالم». أوسترماير الذي يعدّ أحد أهم مسرحيي أوروبا اليوم، يعتبر أن كل عمل مسرحي بمثابة محاولة لفهم الذات وتشارك أخبار جيله، و»مواجهة جادة لفهم تناقضاتنا الخاصة» لا أكثر. يحاول القيام بذلك عبر العودة إلى كلاسيكيات المسرح العالمي واقتباس نصوص لهنريك إبسن، وشكسبير، وبوخنر وأونيل وإعادة تأويلها لتطرح قضايا سياسية واجتماعية راهنة تتطرق إلى الجنس، والسلطة، والجريمة، والمخدرات، وسلطة المال، والأرستقراطيات الجديدة المقنعة. بالنسبة إلى أوسترماير، المسرح حافل بالعنف والجريمة والجنس منذ نشأته... وما علينا سوى تذكر أوديب الذي «قتل والده ومارس الجنس مع والدته».
أعماله مشاكسة، واستفزازية وفذة وآنية: قدم «هاملت» المعاصر الغارق في الوحل. أعاد تقديم فيلم فاسبيندر «زواج ماريا براون» على الخشبة وبدأ عرضه بصرخة «هايل هتلر» (فليعش هتلر) تلاها برسائل عشق وجهتها نساء لهذا الأخير كما لو أنه نجم سينمائي. في «النورس» (2016) للكاتب الروسي تشيخوف، لامس أوسترماير المخاوف السياسية والاقتصادية والنفسية والميتافيزيقية التي نعايشها اليوم في ظل كوميديا قاسية، انتقد فيها المسرح المعاصر. في هذا العمل، جعل شخصية مدفيدينكو أيضاً تتحدث عن المأساة السورية من خلال استذكار طبيب سوري يعمل سائق تاكسي في ألمانيا. ما هي فرص الوصول إلى الحقيقة في ظل هيمنة الاقتصاد وسطوة كبار رجال الأعمال وكيف يتم تحويرها عبر التلاعب الإعلامي؟ في مسرحية «عدو الشعب» (١٨٨٢) لإبسن التي أخرجها أوسترماير عام ٢٠١٢، أجرى تعديلات صغيرة على العرض لدى تقديمه في تركيا، كانت كفيلة بتصنيفه في إحدى الصحف التركية بأنّه معاد لإردوغان! إلى هذا الحد، يبدو أوسترماير معنياً بما يجري خارج نطاق بلاده على المستوى السياسي والإنساني والاجتماعي. هو يخاطب كل جمهور بهمومه الخاصة التي تتجانس تقريباً وتتشابه في كل زمان ومكان من دون أن يقع في فخ فرض الإسقاطات على الآخرين ومن دون أن تستميله نظرة الفن المتعالي على جمهوره. كان لعرض «هاملت» في «مسرح القصبة» في رام الله رمزيته الكبيرة وبخاصة أنه أتى بعد عام على اغتيال صديقه المقرب جوليانو مير خميس (٢٠١١) المسرحي اليهودي المناهض للصهيونية، وجاء دعماً للقضية وللشعب الفلسطيني. مع كل الجنون الذي يكتنفه مسرح أوسترماير على صعيد تأويلات النص والتعاطي مع الفضاء والجمهور، يجد نفسه «مخرجاً محافظاً». مشى عكس تيار مخرجي بلاده، جاعلاً النص العنصر الأهم في العرض، مكرساً بذلك نمطاً واقعياً معاصراً يبتعد عن الإستيتيك المفرط والمجاني. تأثر بسارة كاين وكان السبّاق إلى تقديم ريبيرتوار كامل لأعمالها، ويسعى دوماً إلى إدخال بعض من روحية أعمال كاين حتى في عروض تتناول نصوص شكسبير أو غيره.

* محاضرة متخصصة ونقاش عام حول «رؤيته للمسرح ودوره ضمن النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي المعاصر»: 13 تشرين الثاني: «دواوين» و«آرت لاونج».


---------------------------
المصدر : منى مرعي 

الثلاثاء، 15 ديسمبر 2015

ألمانيا - جنّة أوروبا لفن المسرح

مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني

توصف ألمانيا بأنّها "جنّة أوروبا للمسرح" ليس لتعدّد دور المسارح وتنوّعها فيها فحسب وإنّما أيضا لتاريخها العريق في الفن الرّابع. كما تعدّ ألمانيا مهد كبار الفنّانين والكتاب المسرحيين مثل يوهان فولفغانغ غوته وبرتهولت بريشت
مشهد من مسرحية "فويتسيك" للكاتب المسرحي الألماني غيورغ بوشنر


حول المسرح وأهميّته الفنية قال المخرج المسرحي الألماني الشّهير ماكس راينهارت ذات مرّة "أؤمن بأزلية المسرح"، مضيفا "أن المسرح يُشكّل ذلك المنفذ الرّوحي لأولائك، الذين أخفوا طفولتهم في حقائب وفرّوا بها ليتمكّنوا من التمثيل على خشبة المسرح، حتّى نهاية العمر." وليس من محض الصّدفة أن يكون للمسرح في ألمانيا تلك المكانة الخاصّة، ذلك أنّها توصف بأنّها "جنّة أوروبا للمسرح".
تنوّع وثراء مسرحي متميّز
ففي ألمانيا تمتلك الدولة وتموّل نحو 150 دار للمسرح، ثلثها دور تأوي تحت سقف واحد ثلاثة أنواع من المسارح: مسرح للتّمثيل وآخر الرّقص وآخر للعروض الموسيقية والغنائية. كما يوجد بالإضافة إلى ذلك نحو 280 مسرحا خاصّا بمختلف الاتجاهات والتقاليد الفنّية والحجم والانتماء الجهوي والثقافي. ويتردّد نحو 35 مليون شخص من مختلف الأعمار سنويا على نحو 110 ألف عرض مسرحي وسبعة آلاف حفل موسيقي.
تعد دار الأوبرا التابعة لولاية بفاريا في مدينة ميونخ من ضمن كبرى دور المسارح في ألمانيا
ويُعدّ مسرح "تيدر" (Teader) في بلدة فرانسهايم في ولاية راينلاند بفالس أصغر مسرح على الإطلاق في ألمانيا، حيث تكاد خشبة المسرح تسع أربعة ممثلّين، أمّا قاعة المتفرّجين فتحتوي على عشرين مقعدا. في حين تعدّ دار المسرح الألماني في برلين، إلى جانب دار الأوبرا التّابعة لولاية بفاريا، من ضمن دور المسارح الكبيرة في ألمانيا، حيث تسع 1600 متفرّجا وتقدّم أكثر من 300 عرض مسرحي في السّنة. إلى ذلك، يوجد في ألمانيا نحو أربعين مهرجانا مسرحيا، بالإضافة إلى 150 دار للمسرح ودور عرض دون فرق مسرحية ثابتة وكذلك نحو مائة عرض مسرحي غير مرتبط بدور مسرحية معيّنة وعدد لا يُحصى من الفرق المسرحية الحرّة.
تاريخ عريق في فنّ المسرح

ويعود هذا التنوّع والثراء المسرحي في ألمانيا إلى تاريخها العريق في هذا المجال، ذلك أن الأمراء وكبار النبلاء كانوا يحرصون قديما على استضافة عروض مسرحية في قصورهم دلالة وإبرازا لمكانتهم المرموقة. ثم أصبحت الطّبقة البورجوازية المثقّفة ترى في المسرح أداة للتعريف بالذّات. وتمكّنت قطع مسرحية على غرار "فاوست" للكاتب المسرحي الألماني يوهان فولفغان غوته من تحويل "أبو الفنون" الذي يطلق عليه أيضا الفنّ الرّابع إلى محطّ اهتمامات الحياة الثقافية للشّعب الألماني. وعلى الرّغم من أن عدد دور المسرح البلدية لم تتجاو 16 في بداية القرن العشرين، إلاّ أن عدد دور المسارح الخاصّة بلغ 360.
ترك الأديب والشاعر والكاتب المسرحي الألماني غوته بصماته على فن المسرح الألماني والأوروبي

بيد أ، فنّ المسرح شهد خلال فترة الحكم النازي نكسة كبيرة، ذلك أن العديد من الممثلين والمخرجين والكتّاب المسرحيين، ومن ضمنهم ماكس راينهاردت وبرتهولت بريشت، قد اضطروا للهرب من بطش النّظام النازي. كما مثّلت إعادة توحيد ألمانيا فترة صعبة لعدد من دور المسرح وخاصّة منها في برلين، ذلك أن العديد من دور المسرح في الجزء الشرقي في برلين قد واجهت، بعيد سقوط الجدار وتوحيد الألمانيتين، مشاكل مالية كبيرة إلى درجة أنّه تمّ إغلاق البعض منها. ومنذ عام 2007 أصبح لعالم المسرح في ألمانيا جائزة خاصّة تضاهي جائزة الأوسكار في هوليود، وهي جائزة فاوست. وتمنح هذه الجائزة في تسع فئات، من بينها فئة أفضل ممثّل وأفضل إخراج. كما يُعدّ لقب "مسرح السّنة" من أهمّ مقاييس النشاط المسرحي في ألمانيا، ويتمّ منح هذا اللّقب سنويا من قبل مجلّة "المسرح اليوم". يذكر في هذا السّياق أنّ مسرح "تاليا" في مدينة هامبورغ قد فاز بلقب "مسرح السّنة" لعام 2007.

الكاتبة: آناستاسيا بوتسكو/ شمس العياري
مراجعة: هيثم عبد العظيم
DW

الجمعة، 1 يونيو 2012

المسرح الألماني: مساع لإضفاء المزيد من التنوع الثقافي

مجلة الفنون المسرحية

المسرح الألماني: مساع لإضفاء المزيد من التنوع الثقافي


سعياً منه إلى تشجيع الأعمال المسرحية التي تتطرق لمشاكل المهاجرين، ينظم أحد المسارح الألمانية مسابقة مفتوحة للكتاب المسرحيين من أصول أجنبية، وذلك بسبب غياب مثل هذه المواضيع عن خشبة المسرح في ألمانيا.
هرمز شابة جذابة ومثقفة، وفي رحلة بحثها عن شريك حياتها المناسب، تتعرف هذه الفتاة الألمانية ذات الأصول التركية، على تسعة شبان من بينهم الشاب الألماني شتيفان، الذي يصف هرمز بالفتاة التركية التي لا تعرف إلى أي جهة تنتمي. أما هرمز نفسها فتقول بأنها تشعر بأنها ألمانية أكثر من شعورها بأنها تركية، غير أن ثمة أمور تدفعها في بعض الأحيان لتغيير رأيها. عن ذلك تعلق هرمز بالقول: "دائماً ينظر الألمان للأجانب وكأنهم هم من يرفض الاندماج. ونظراً لأن هذا الأمر يؤلمني كثيراً فإنني أفضل أن أكون تركية، غير أنني أيضاً أجد صعوبة في التسليم بذلك".
هذه المشاهد ليست واقعية، وإنما هي مقتطفات من مسرحية "سبعة رجال من أجل هرمز" من تأليف الكاتبة والصحفية من أصول تركية تانيا زيران. فمن خلال هذه المسرحية تود زيران أن تعكس مشكلة الهوية والانتماء التي تواجه الكثير من الألمان من ذوي الأصول الأجنبية. وباتت الكاتبة على وشك الانتهاء من نص هذه المسرحية.

إبداعات كتاب من أصول أجنبية

تلتقي زيران مرة في الشهر في المسرح الوطني لمدينة كاستروب غرب ألمانيا مع ثمانية مشاركين آخرين في مشروع "في المستقبل"، ويقومون معاً بدراسة وإدخال تعديلات على الأعمال المسرحية التي يكتبونها، إذ سيتم اختيار أفضل هذه الأعمال لتعرض في مسرح كاستورب الخريف المقبل، كما سيتم في الصيف تقديم بقية المسرحيات، التي تعكس واقع وآمال المهاجرين في المسارح الألمانية.
وتعتقد تانيا زيران بأن تلقى هذه الأعمال المسرحية الجديدة استحسان الجمهور، وتضيف قائلة: "أتمنى أن يصبح في السنوات العشر المقبلة أمراً عادياً أن تعرض مسرحيات لكتاب من أصول أجنبية على خشبة المسرح الألماني".
مختارات

ويرى زميلها في المشروع ميشائيل كوبيرس أديبيسي أن الأشخاص القادمين من ثقافات أخرى والمنفتحين على ثقافات جديدة لديهم الكثير ليقدمونه، ولديهم أيضاً قدرة أكبر على التواصل وبأساليب مختلفة، مقارنة بالأشخاص الذين لا يعرفون سوى ثقافة واحدة. ويضيف الكاتب الذي توج بجوائز أدبية كثيرة: "هؤلاء الأشخاص يملكون الكثير من الإمكانيات التي يمكن أن تساهم في تطوير المجتمع". وفي مسرحيته الفلسفية "المزج بين الريخستاغ وكافكا" يتحدث هذا الكاتب الألماني من أصول جامايكية عن الهوية المزدوجة.
تعدد الهوية إثراء للمجتمع
وحظيت هذه المواضيع المسرحية الجديدة بتقدير مديرة المشروع ماكسي أوبكسر، التي لم تبخل بالدعم ومد الكتاب الشباب ببعض النصائح، التي تخدم البناء الدرامي لمسرحياتهم وتضفي قوة على الشخصيات والمشاهد فيها. وتقول أوبكسر في هذا الإطار: "هذا المشروع يقدم رسالة مفادها أنه يمكن أن تكون للشخص هويات متعددة وأصول مختلفة، دون أن يضطر لاختصار نفسه في هوية واحدة". وتضيف المشرفة على المشروع بأنه لا بد من أن يصبح أمراً بديهياً، أن ينظر هؤلاء الأشخاص إلى أنفسهم بأنهم ألمان وأتراك في الوقت نفسه وأنه بإمكانهم الكتابة عن كلتا الثقافتين".

وهذا بالضبط ما يجسده الممثل والمخرج سيسان أكوس، في مسرحيته الكوميدية "نعم، أريد" والتي تتناول قصص حب مختلفة، يريد أصحابها تتويجها بالزواج، لكنهم يواجهون مشاكل كثيرة مثل معارضة الوالدين، كما يحصل على سبيل المثال بين عائلات تركية وألمانية، أو بسبب الالتزام الكبير لأحد الطرفين بالدين مقارنة بالطرف الأخر، أو بسبب المشاكل التي تواجه المثليين.
وفي شهر حزيران/ يونيو ستختار لجنة التحكيم المكونة من كتاب وأدباء ومثقفين العمل المسرحي الأفضل ضمن هذا المشروع، حيث سيحتفل العمل المتوج بأول عرض له في شهر تشرين الأول/ أكتوبر. وبغض النظر عن العمل الذي سيتوج بالجائزة فإن الرابح الآن هو المسرح الألماني، الذي اكتشف مواضيع جديدة، تتخذ من تعايش الثقافات المختلفة مادة لها.

ألكسندرا شيرله/ هشام الدريوش
مراجعة: عماد غانم

--------------------------------------
المصدر : DW
تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption