أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

‏إظهار الرسائل ذات التسميات تاريخ المسرح. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات تاريخ المسرح. إظهار كافة الرسائل

السبت، 4 نوفمبر 2017

الاعترافات المحذوفة من مذكرات يوسف وهبي

مجلة الفنون المسرحية


الاعترافات المحذوفة من مذكرات يوسف وهبي


قبل أيام، وتحديدًا فى ١٧ أكتوبر الماضى، حلت الذكرى الـ ٣٥ لرحيل «فنان الشعب» يوسف وهبى، التى مرت فى صمت لا يليق بالرجل الذى ملأ الدنيا، وشغل الناس، وشهد له التاريخ بأنه الأب المؤسس للمسرح المصرى الحديث، واستطاع أن يغير سمعة الفن ويحول الفنان من مجرد «مشخصاتى» لا تقبل شهادته فى المحاكم إلى صاحب مهنة نبيلة، ويمكن أن يكون من أبناء الذوات ويحمل لقب «البكوية». والسؤال: «هل فى سيرة يوسف بك وهبى جديد يمكن أن يُكتب ويُقال ويُنشر؟».. الإجابة بقلب واثق: «نعم.. هناك جديد.. ولدينا وثائق طازجة بخطه، ورائحته قادرة على صناعة الأخبار واستعادة الذكرى».. باختصار: «ما زال يوسف وهبى بعد ٣٥ عامًا على رحيله قادرًا على إثارة الدهشة».

شطب فقرات من «عشت ألف عام» والنقاد يعتبرونها الأجرأ فى تاريخ الفن

فى ٢٧ يونيو الماضى، كتب الناقد المرموق «إبراهيم العريس» مقالًا مطولًا فى صحيفة «الحياة» اللندنية، خصصه للحديث عن مذكرات عميد المسرح العربى يوسف وهبى، وقدم فيه إعادة قراءة لمذكراته الأشهر: «عشت ألف عام»، وكان عنوان المقال دالًا على رأيه ومُلخصًا لوجهة نظره: «يا للأكاذيب الجميلة».
«العريس» أخذ على مذكرات يوسف بك «كثرة ما فى النص من مبالغات وأكاذيب ونفخ فى الذات لا يستقيم مع الصورة التى ترسمها كل تواريخ الحركة الفنية والاجتماعية»، معتبرًا أنه «يصعب تصديق أى صفحة من مذكرات الرجل كما هى».
ومع ذلك، فإن «العريس» يعود فيعترف أن «أجمل ما فى (عشت ألف عام) هو مبالغاته»، مضيفًا: «لقد كان يوسف وهبى حالة على حدة فى تاريخ المسرح المصرى، حالة لا تظهر سوى مرة واحدة، تيمنًا بعبارته الشهيرة: (شرف البنت زى عود الكبريت ما يولعش إلا مرة واحدة)».
هذا رأى «إبراهيم العريس» فى مذكرات يوسف وهبى «الشرعية»، التى نشرتها «دار المعارف»، وقالت فى مقدمتها إنها المذكرات الكاملة للفنان الكبير «كما كتبها دون تدخل فى أى من التفصيلات أو الوقائع التى أوردها، سواء عن نفسه أو عن سواه ممن تحدث عنهم أو احتكت حياته بحياتهم خلال المسيرة الطويلة، التى استغرقها كفاحه الفنى العظيم».
فهل سيغير «العريس» ودار المعارف رأيهما عندما يقرآن الوثيقة التى ننشرها وتؤكد أن يوسف وهبى خدع الجميع، وأنه لم ينشر مذكراته كاملة، بل شطب أجزاء وفقرات عديدة منها، تتضمن مبالغات أكثر من تلك التى استوقفت وأدهشت إبراهيم العريس، فجعله يصفها ــ بلطف ــ بأنها «أكاذيب جميلة؟».
وبعيدًا عن رأى «العريس»، فإن أغلب النقاد المنصفين ينظرون إلى «عشت ألف عام» على أنها واحدة من أجرأ المذكرات الفنية وأمتعها، خاصة أنها تضمنت اعترافات عارية بل صادمة أحيانًا، لِمَ لا؟، وصاحبها امتلك الجرأة والشجاعة لأن يعترف بأنه أقام علاقة جنسية كاملة مع صديقة والدته، وهو لم يزل تلميذًا يافعًا فى المدرسة.
واعترف وهبى كذلك فى تلك المذكرات بأنه انضم لتنظيم «المافيا» أثناء سفره إلى إيطاليا لدراسة المسرح، وأن ظروفه الصعبة اضطرته للإقامة مع فتاة «كومبارس» إيطالية فى شقتها بشارع للدعارة فى «ميلانو»، حتى اتهمه البوليس بقتلها، وقضى فى السجن ٤٨ ساعة إلى أن أظهرت التحريات براءته.
كما اعترف بأنه كان مدمنًا للقمار، وعلى موائده الخضراء خسر عشرات الآلاف من الجنيهات، وأنه أضاع الثروة التى ورثها عن والده، واضطرته الظروف لأن ينام فى عشش الفراخ وأن يهرب من «الدَيانة». ما سبق بعض مما حكاه عميد المسرح المصرى فى مذكراته، وجزء مما كتبه، أما الذى شطبه فكان لا يقل جرأة بل يزيد، وذلك فى البروفة الأولى لـ«عشت ألف عام»، ــ التى بحوزتنا ــ، وكتبها يوسف وهبى بقلمه قبل أن ينقحها، ويشطب العديد من فقراتها، وننشر فيما يلى المقدمة البديعة للمذكرات كاملة على لسانه بلا أى حذف.

لا أنام إلا بحفنة من الحبوب المخدرة وترددت على طبيب نفسى سويسرى

يندر أن أهنأ بثُبات عميق ــ «يقصد سُبات» ــ.. فذكريات الماضى يحلو لها أن تهاجمنى فى الليل البهيم، وشريطه السينمائى يعرض أعماقى طوال الليالى، فأهب من رقادى مهما كنت مرهقًا، وإذا تصادف وانتصر على النعاس فعقلى الباطن لا ينام بل يظل متيقظًا.
وكثيرًا ما يحدث لى عندما أعتزم كتابة مسرحية وتستعصى على مخيلتى تنظيم أحداثها يتطفل عقلى الباطن المستيقظ ويشاركنى فى تنظيم وقائعها. 
إنه كالضيف الثقيل الذى لا تحلو له سوى زيارتى ليلًا فأضطر إلى إضاءة «الأباجورة» المجاورة لفراشى، فالعقل الباطن مثل الأرواح يهرب من بهرة الضوء، وهذه هى الوسيلة الوحيدة لطرد الضيف الثقيل، وأستعين بأى كتاب تقع عليه يداى حتى إذا ما طلع الفجر لا أجد بدًا من تناول حفنة حبوب مخدرة لتصرعنى، وهكذا أنجو من الجنون.
لكن ما إن أفيق من ثُباتى ــ «يقصد سُباتى» ــ، حتى تتراقص أمامى أشباح الماضى وتتدافع آلاف الذكريات فى شريط سينمائى لا أول له ولا آخر، وأستعرض السنين وتتراقص الصور والشخصيات والأحداث التى مرت فى حياتى وألهث فى تتبعها ويعترينى الإعياء من هذا الاستعراض الإجبارى وأصرخ بصوت عالٍ: «لا.. لا.. مستحيل».
هل كل ما فى هذا الاستعراض حقيقة أم محض خيال؟ إنها لا تقف عند حصر.. لقد صدق طبيب الأعصاب الشهير فى مدينة «جنيف» عندما لجأت إلى مصحته منذ سنوات للعلاج بعد حادث مفجع وقع لى وكاد يطيح بعقلى وقال لى: «لقد عشت ألف عام.. ألم تفكر فى تسجيل حياتك الحافلة؟».
راودتنى الفكرة مرارًا بيد أننى كنت أتراجع.. لماذا؟.. لأن تاريخ حياتى فيه من الأسرار ما يحتم علىّ عدم نشره.. وحبى لفنى عرضنى للعديد من المآزق والتجارب والمغامرات.
هيا لا تضيّعن الوقت.. احزم أمرك وسجل كل ما وعته ذاكرتك، وضع نصب عينيك أن واجبك إطلاع العالم العربى كله على تاريخك الطويل.. اجعل منه كتابًا مفتوحًا وتوخ الصدق والأمانة ولا تحاول أن تتهرب من أخطائك واضحط ــ «يقصد ادحض ــ» الأكاذيب والافتراءات إذا كانت هناك أكاذيب وافتراءات.
وذات ليلة منذ بضعة شهور سمعت دويًا فى أذنى، ثم اهتز سريرى، ففتحت عينى وأنا بين الثبات ــ «يقصد السُبات» ــ واليقظة، لمحت على أشعة القمر التى تتسرب من نافذة غرفة نومى شبحًا، وعندما دققت النظر بدا لى هذا الشبح كصورة طبق الأصل منى فارتجفت وهمهمت:
- من أنت؟
- أنا حاضرك. 
- حاضرى؟ وماذا تريد؟
- جئت لأعاتبك على كسلك وإهمالك فى تسجيل ماضيك. 
- ماضى؟
- نعم ماضيك. 
- أنت محق كثيرًا.. ما أمسكت القلم وأنا معتزم أن أكشف عن ماضى الستار ومرارًا ما ملأت منه صفحاتى.. وفى كل مرة أتوقف بل أمزق ما دونت لأن تاريخ حياتى يحتاج إلى تكريس كل وقتى والتفكير فيه يضنينى ويهد كيانى. 
- سألازمك من الآن ولن أدعك حتى تنتهى منها. 

خسرت عشرات الآلاف فى القمار.. ونمت فى عشش الفراخ

- إنها مسئولية خطيرة وأسرار طواها الزمن ويشوبها عدم الاستقرار.. إنها مسيرة طويلة وعمر عشته طولًا وعرضًا.. وكثيرًا ما أسائل نفسى: «كيف صمدت بمفردى ودون عون من أى مخلوق على اجتياز الصعاب التى مرت بى؟».
عشرات السنين عشتها بين مد وجزر.. فى قصور فاخرة وفى غرفة على السطح يشاركنى فيها الدجاج.. رأسمال ضخم ورثته عن أبى وأضعته ثم استرددته ثم فقدته.. دوامة لا تهدأ: فقر وغنى.. شظف وترف.. ظلام وبهرة أضواء.. قامرت وربحت وخسرت.. انتصرت وانهزمت، لكننى لم أُسلم سلاحى ولم أخضع للأقدار ولم أغتر بالثراء ولم أجزع من الإفلاس العلنى وملاحقة «الدَيانة». إعصار وزوابع وحرب عوان أشهرتها على الرجعية والحقد.. مغامرات مع الجنس اللطيف تفوق حد الخيال. راغبات فى خلق علاقة مع ذوى الشهرة، وفضوليات متعطشات للتذوق والتجربة، فراشات تغريها الأضواء ثم يتساقطن فى أتون النار.. لكننى كثيرًا ما كنت ضحية للمغريات.. لفقوا علىّ القصص.. اتهمونى بأنى قناص أصطاد الطير الضعيف، نهم فى المتعة، حشاش، سكير، عربيد، جعلت من المسرح مصيدة سقط فيها العديد من الضحايا.
والحقيقة كانت عكس ما لفقوه عنى وما ابتكروه لتحطيم سمعتى. أنا لا أدعى أننى كنت قديسًا أو راهبًا أعيش فى محراب أو متصوفًا فى صومعة أو معصومًا من الخطأ والشهوات.. لكننى كغيرى أيام الشباب والفتوة كنت أستجيب أحيانًا للإغراء والجمال فى شىء من النهم بيد أننى لم أشرب الخمر ولم أتعاط المخدرات ولم أرتكب موبقات سوى حبى السابق للقمار الذى سلبنى عشرات الآلاف.
- كم مرة أحببت؟
هذه عملية حسابية تحتاج إلى خبير فى مسك الدفاتر، لكننى أحببت لأول مرة مبكرًا وقبل البلوغ وكان عمرى ٨ سنوات.
- خبرنى أولًا يا أستاذ يوسف هل أنصفك أولئك الذين أرخوا للمسرح؟
- من النادر بكل أسف.. معظم من ادعوا معرفة تاريخ المسرح لم يعاشروه. 
- متى بدأت هوايتك للمسرح؟
-منذ كان عمرى ٧ سنوات وتضاعف هذا العشق على مر الأيام وتحول إلى وله وأصبحت خشبة المسرح أشبه بامرأة أُذبت فيها وجدًا لكنها كانت وما زالت امرأة قُلّب أذاقتنى حلوها ومرها وبعت نفسى وشبابى لها.
- هل كان النقد لأعمالك ومسرحياتك بناء أم هدامًا؟
- معظمه كان معاول هدم وتشويه لجهادى، بيد أننى لا أنكر فضل بعض الأقلام النزيهة التى ساندتنى وأنصفتنى.

سيناريو مسلسل درامى يحكى قصته فى مكتبه بوسط البلد.. مَنْ ينتجه؟

حسنا فعلت أسرة عميد المسرح المصرى، وفنان الشعب يوسف وهبى عندما أهدت مؤخرًا مكتبته وأوراقه إلى مكتبة الإسكندرية لتكون فى الحفظ والصون، وحتى لا نجد تلك الوثائق المهمة قد تسربت وخرجت من مصر واستقرت فى أدراج كئيبة على ضفاف الخليج لا تعرف قيمتها ولا مكانة صاحبها بل دفعوا فيها حقائب من الدولارات لمجرد التباهى.
وحسبما ذكره لى أيمن منصور، المدير فى «بيت السناري» التابع لمكتبة الإسكندرية، الذى تولى تسلم وثائق يوسف بك من أسرته، فإن هذه «الثروة» تضم سيناريوهات مسرحياته والوثائق الخاصة بفرقته المسرحية «رمسيس»، وكتبه الشخصية بمكتبته، وأغلبها عن المسرح وتاريخه بأغلب اللغات العالمية، ومجموعة نادرة من اللوحات التى رسمها له كبار الرسامين العالميين، ومتفرقات من مذكراته الشخصية التى نشرت بعد ذلك فى ٣ أجزاء عن «دار المعارف»، وكذلك ما حصل عليه من نياشين وأوسمة وشهادات تقدير خلال مسيرته الحافلة.
وقد أُتيح لى أن أرى وأطلع على كثير من تلك الوثائق فى مكتب يوسف وهبى فى مكتبه بوسط البلد، الذى يشغله الآن ابن شقيقه ويحمل نفس اسمه المهندس يوسف وهبى، ففى حجرة عمه كانت كل أوراقه كما تركها عند رحيله فى ١٧ أكتوبر ١٩٨٢، وكان بينها سيناريو مسلسل درامى فى ٣٠ حلقة.
يحكى هذا المسلسل قصة يوسف وهبى وسيرته منذ مولده فى الفيوم لأسرة أرستقراطية ترى فى التمثيل «عارًا» و«قلة قيمة» إلى أن أصبح أشهر ممثل مسرحى فى الشرق وواحدًا من أبرز نجوم التمثيل فى كل الأجيال.. وأتصور أنه يمكن أن يكون الأساس لسيناريو مسلسل كبير يليق بسيرة واسم يوسف وهبى «مبعوث العناية الإلهية لإنقاذ فن التمثيل».
أذكر يومها ــ أكتوبر ٢٠١٠ ــ أن المهندس يوسف وهبى كان غاضبًا بشدة ومحتجًا بقوة على مشروع مسلسل كان السينارست فيصل ندا قد أعلن أنه بدأ كتابته بالفعل عن حياة يوسف وهبى، وقال إنه سيقف ضده بشدة ليمنع ظهوره.
وأظن أن فيصل ندا بعد كل هذه السنوات قد تراجع عن مشروعه، ولم يبق إلا السيناريو الموجود فى حوزة أسرة يوسف وهبى، لعل واحدًا من المنتجين الحقيقيين يتحمس لإعادة يوسف وهبى إلى الحياة.


-------------------------------------------------
المصدر : الدستور 

الأحد، 15 يناير 2017

الأصول التاريخية لنشأة المسرح الجزائري دراسة في الأشكال التراثية

مجلة الفنون المسرحية

الأصول التاريخية لنشأة المسرح الجزائري دراسة في الأشكال التراثية
العيد ميرات

تـمهيد
يتفق جل الباحثين على أن المسرح بالمفهوم الحديث، أي باعتباره نوعا أدبيا، و فنا له أصوله و قواعده المتعارف عليها، ظهر في الأدب العربي حديثا، و ذلك بعد اتصال العالم العربي بالحضارة الغربية. و بغض النظر عن الحديث عن نشأة المسرحية و البحث في أسباب تأخرها عند العرب، فإن تراثهم لم يخل من ألوان قصصية و تمثيلية تكاد تكون صورا مسرحية، نابعة من تصورات فكرية ارتبطت بمراحل تاريخية و بظروف اجتماعية و سياسية معينة. و يبدو ذلك من خلال الإنتاج المسرحي عند الرواد الأوائل الذين تأثروا إلى حد بعيد بالتراث الشعبي1.

2و إذا كان اتصال الجزائر بالحضارة الأوروبية من خلال الاستعمار الفرنسي قد جاء مبكرا، فإن المسرح في هذه البلاد لم يظهر للوجود إلا بعد الحرب العالمية الأولى مباشرة، أي بعد مضي قرن من الزمن على الاحتلال. على أن هذه الظاهرة كان لها ما يفسرها و يبرر وجودها من أسباب مادية و معنوية، ساهمت بصورة أو بأخرى في تأخير نشأة المسرح في هذا القطر العربي.

3لقد كانت عملية الاستعمار ظاهرة صراع فكري و حضاري، فضلا عن كونها ظاهرة صراع اقتصادي و سياسي، استهدفت منذ البداية القضاء على الثقافة العربية في الجزائر، و طمس معالم الشخصية الوطنية. و قد ترتب على ذلك كله جمود فكري عاق تطور الثقافة العربـية بشكل عام و الحركة الأدبية بشكل خاص، و كان الواقع الحضاري ينطوي على ألوان من الثقافة التقليدية. فظل الشعر هو الفن الأدبي السائد إلى جانب علوم الدين و علوم اللغة و شروح المصنفات.

4كذلك ازدهر الأدب الشعبي على اختلاف أشكاله التعبيرية، حيث أصبح يمثل مصدر التسلية الأساسي لكثير من الطبقات التي قل حظها من الثروة، خاصة البورجوازية الصغيرة و المتوسطة.

2 - طالب الابراهيمي، أحمد.- من تصفية الاستعمار إلى الثورة الثقافية، ترجمة حنفي بن عيسى.- الجزائر، الش (...)
5على أن ما يميز هذه الثقافة بشكل عام، و بغض النظر عن قلتها من حيث المؤلفات المبتكرة " أنها كانت ثقافة وطنية، أصيلة تستمد قوتها من التراث القومي و تستخدم اللغة القومية للتعبير عن ذاتها "2.

6و لعل ما تنبغي الإشارة إليه هنا، أن الواقع الثقافي المتردي، مرجعه الحصار الثقافي المضروب على الشعب من قبل الاستعمار، الذي استهدف قطع الصلات الحضارية بينه و بين أشقائه المغاربة و المشارقة. و ذلك بعزله عن كل الروافد التي كانت تغذيه و تنميه، و عن التفاعلات الثقافية التي شهدها العالم العربي منذ منتصف القرن التاسع عشر.

7و لما كان الفن و بضمنه الأدب يتأثر بكل ما يحدث من تحولات اجتماعية و سياسية في المجتـمع فإنـه ظل خاضعا للأشكال و المضامين التقليدية كالشعر، و المأثورات الشعبية مـتمثلة في الألوان القصصية و التمثيلية، و لازمت هذه الظاهرة الثقافة العربية في الجزائر حتى ظهور الحركات الوطنية و بداية النهضة.

8و إذا كان الجزائريون لم يعرفوا المسرح بالمفهوم الحديث إلا في مطلع القرن العشرين، فإن تراثهم لم يخل من الفنون القصصية و التمثيلية الشعبية التي أفرزتها ظروف تاريخية معينة كالـرواية الشعبية، و الحلقة، و المداح، و الأراجوز، و هذا الموروث الشعبي على بساطته كان يشكل جزءا هاما من مكونات الشعب الثقافية و الفكرية، و تجسد ذلك في الإنتاج المسرحي الشعبي الذي انطلق في سنة 1926 على يد كل من علالو و رشيد القسنطيني و باش طارزي. فكان هؤلاء يستمدون موضوعاتهم من التراث الشعبي، كالسير الشعبية و حكايات ألف ليلة و ليلة… فضلا على أنهم كانوا يخاطبون الجمهور بلغته العامية لأنه لم يكن على مستوى عال من الثقافة المسرحية و على دراية بهذا الفن بحكم ظروف الاستعمار، و رغم ذلك كان يتفاعل مع العروض المسرحية و يتجاوب معها لأنها كانت تمثل الواقع الاجتماعي و تصور الحياة اليومية المضنية للفرد الكادح.

9عرفت الجزائر في القرن التاسع عشر، و قبل النهضة المسرحية، فنونا شعبية مختلفة، لقيت رواجا كبيرا و كان لها جمهور لا يستهان به ؛ لكن لم يصلنا منها شيئا بالإضافة إلى أننا لا نجد لنصوصها أثرا في الكتب التي أرخت للمسرح الجزائري باستثناء بعض الإشارات و الأوصاف البسيطة التي تؤكد على وجودها و انتشارها.

I. الألوان القصصية الشعبية
10كان المجتمع الجزائري في ظل الحكم التركي مجتمعا طبقيا، يحكمه نظام إقطاعي، تديره طبقة إقطاعية تركية مترفة، إلى جانب فئة من الأعيان الجزائريين. و كان هؤلاء الذين يمثلون السلطة الحاكمة في البلاد يعيشون في ترف و بذخ و يزدادون غنى يوما بعد يوم، فيما كانت غالبية المجتمع و هم من الفلاحين يعانون من الجوع و الفقر المدقع.

11و في غياب الوعي السياسي و الاجتماعي و تفشي الجهل من جهة، و تسلط الطبقة الحاكمة - لما أوتيت من سند الحاكم و وسائل القهر و القمع - من جهة أخرى، استطاعت هذه الطبقة أن تمارس نشاطها السياسي و الفكري و ما إلى ذلك من النشاط الإنساني، كما أنها أمنت وجودها و سيادتها و دخلها.

12ثم ازدادت الأوضاع الاجتماعية و السياسية في الجزائر تدهورا أثناء الاحتلال الفرنسي نـتيجة السياسة الاستيطانية التي كان يمارسها إزاء الأهالي، أرادت من خلاله تحويل الجزائر إلى مقاطعة فرنسية تقع وراء البحر الأبيض المتوسط. و لذلك تم اللجؤ إلى غزو الجزائر إيديولوجيا و ثقافيا. و تجسدت نوايا فرنسا الاستعمارية في الاستراتيجية التي اتبعتها في تثبيت وجودها في المنطقة. و يبدو ذلك في التغـير الجذري الذي حدث على الصعيد الاجتماعي حيث فجرت البنية الاجتماعية الأصلية، فظهرت إثر ذلك طبقات اجتماعية جديدة أخذت في التنامي، و احتدم الصراع الطبقي نتيجة تطور عملية الاستعمار و الممارسات الاستعمارية المضاعفة الآتية من المعمرين.

13و ترتب على تلك الأوضاع الاجتماعية و السياسية المتردية التي آل إليها المجتمع، علاوة على الفشل في الحياة السياسية، خيبة أمل كبرى أدت إلى اليأس و التذمر الشامل لدى أوساط الشعب. و لم تجد فئات الشعب المقهورة سبيلا إلى التغيير فلجأت إلى الانطواء على نفسها و الاستكانة للهروب من هذا الواقع المر الذي فرضه الاستعمار.

3 - انظر : مرتاض، عبد المالك.- فنون النثر.- ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر، د.ط، 1983.- ص.37.
14واتخذ هذا الهروب من الواقع مظهرين سادا طيلة الفترة الاستعمارية و حتى تاريخ اندلاع الثورة المسلحة. و يتمثل المظهر الأول في الحركة الزهدية التي ساعد على ازدهارها الاتجاه الصوفـي، و انتشار الصوفية التي اتخذت من الزوايا منابر لها تدعو لأفكارها، فاستقطبت فئات عريضة من الشعب و جعلتها تعتزل الحياة السياسية و ترغب عنها، و انعكست آثار ذلك على أفعالهم و سلوكهم في المجتمع3.

4 - دغمان، سعد الدين .- الأصول التاريخية لنشأة الدراما.- ص.75.
15أما المظهر الثاني فيتجلى في إقبال الناس على التراث الشعبي من قصص و حكايات شعبية، و الاهـتمام بها لما كانت توفره لهم من عالم وهمي، فضلا على ما كانت " تنطوي عليه من أعلام مهدئة مخدرة تمنح العزاء للبأس و الرجاء لليأس و السلوى للمحروم و العدل للمظلوم"4.

5 - ابراهيم، نبيلة.- قصصنا الشعبي من الرومانسية إلى الواقعية.- بيروت، دار العودة، 1974.- ص.7.
16و تأتي أهمية التراث الشعبي من حيث أنه كان البديل الخيالي للواقع كما كان " تعبيرا رومانسيا عن آمال الشعب الذي كان يرتاح إلى هذا التعبير لأنه يصور له العالم الجميل الذي يصبو إليه "5 لاسيما بعد التغيير الذي طرأ على الصعيد الاجتماعي و السياسي إثر عملية الاستـعمار، حيث أصبح الفرد يعيش صراعا مع واقع يرفضه من جهة و هو عاجز عن إحداث أي تغيير فعلي فيه، كما أنه يعيش في الوقت ذاته صراعا مع بقية الفئات الاجتماعية من جهة أخرى مما أدى إلى تعاظم مأساته و تضاعف معاناته.

6 - ابراهيم، نبيلة.- أشكال التعبير في الأدب الشعبي.- القاهرة، دار المعارف، الطبعة الثالثة.-ص.103.
17من ثم لجأ الإنسان الجزائري إلى الأدب الشعبي - بغض النظر عن أشكاله التعبيرية المختلفة- لأنها تحقق له " حياة العدالة و الحب التي يحلم بها… و تقدم بوسائلها الخاصة جوابا شافيا عن السؤال الذي يدور بخلد الشعب عن مصيره و كأنما تود أن تقول له هكذا ينبغي أن تعيش خفيفا متفائلا متحركا مغامرا مؤمنا بـالقوى السحرية في عالم الغموض الذي تعيشه"6.

7 - ابراهيم، نبيلة.- المرجع السابق.- ص.171.
18و تظل أحلام الشعب و أمنياته معلقة و مصيره مبهما طالما لم يظهر البطل المخلص للأمة. و لهذا نلقى فكرة البطل المخلص واردة في الأدب الشعبي، و تعتبر خاصية أساسية من خصائصه بشكل عام. على أنها تتجلى بوضوح في السير و الملاحم الشعبية. و قد استطاع الخيال الشعبي بما أوتي من إمكانات إبداعية و خيالية أن يقدم صورة البطل الذي يأتي على يده خلاص الأمة العربية و تغيير قيمها الأخلاقية و نظمها الاجتماعية و السياسية، و ذلك بهدف خلق مجتمع جديد و نصرة شعب عاش طويلا في ظل الفوضى و العبودية7.

8 - دغمان، سعد الدين.- الأصول التاريخية لنشأة الدراما.- ص.ص. 80 – 83، و انظر أيضا يونس، عبد الحميد.- (...)
19و البطل في المأثورات الشعبية يمثل المثل الأعلى للبطولة لاسيما لأنه يعبر عن الصراع بين الشعب و بين أعدائه، و لابد أن ينتصر عليهم في آخر الأمر، و كي يصل إلى هدفه النهائي نجد الخيال الشعبي يسبغ عليه المبالغة في القوة، فيبدو ذا قوة خارقة بدنية و عقلية تجعل منه بطلا فذا، و هو إلى ذلك يستعين بعناصر أسطورية، كالسحر و الجن و أمور أخرى غيبية. و بهذه الصورة يبدو قادرا على كل شيء " لا يعرف الهزيمة أبدا و لا يحدث نصر إلا على يديه، و حياته سلسلة من الأعمال العظيمة و المغامرات العجيبة التي تروع المستمعين… و هـكذا يصير فارس القوم و أحد الشجعان في زمانه، لا يتحقق نصر إلا به و لا تصدر فضيلة إلا عنه"8.

20و قد استطاع البطل في الأدب الشعبي و خاصة في السير و الملاحم الشعبية أن يقدم الكثير مـن الحلول الطوباوية لمسائل عديدة ظلت تؤرق الطبقات الشعبية الفقيرة لفترة تاريخية طويلة، على أن هذا البطل الذي عاش و لازال يعيش في وجدان الشعب استطاع أن يسد حاجة الـمبدع العربي لتغطية المراحل التاريخية المختلفة للوطن العربي ككل في مواجهاته لأعداء حدوده التقليديين. فعن طريق الأحداث الملحمية التي تثبت في السير الشعبية حول البطل الشعبي أمكن إعطاء البعد الاجتماعي و الإنساني و الفني لأشهر الأحداث التاريخية في المنطقة العربية قبل و بعد الإسلام. و الواقع أن السير الشعبية يمكن أن تمثل الكتابة الشعبية للتاريخ العربي. أو يمـكن أن تمثل الرؤية الاجتماعية لواقع المكونات الرئيسية في المجتمع العربي، أثناء لـحظات التمزق الذي عاناه هذا المجتمع في لحظات تكونه… و لحظات التدمير… و كذلك التفسخ الذي أدى إلى ظهور طبقات غنية متحكمة جامعة بموروث الشعب و آماله و أحلامه"9.

21و إذا كانت أشكال التراث الشعبي على اختلافها تغلب عليها الصبغة الاجتماعية في تناولها لأحداث القصة، فإنها لا تخلو من البعد السياسي، و يبدو ذلك - و على وجه الخصوص- من السير و الملاحم الشعبية، إذ الأحداث فيها تعكس لنا واقعا تاريخيا بكل صراعاته و تـطلعاته في ظل ظروف تاريخية بعينها عاشها المجتمع العربي، و قد يكون هذا الصراع داخـليا و خارجيا. و يتمثل الوجه الأول منه في الصراع الطبقي القائم على أساس إيـديولوجي بالإضافة إلى تجسيد علاقة الحاكم بالمحكوم. أما الوجه الثاني للصراع فهو ما كانت تصوره السير من اضطرابات و حروب كان يخوضها المجتمع العربي ضد مجتمعات أخرى نتيجة مشكلات سياسية.

22و لاشك أن القصص الشعبي قد لعب دورا خطيرا في حياة المجتمع العربي خلال مراحل تكونه الطويلة. و لعل ما قدمه لتاريخ الحضارة العربية جدير بالاهتمام و الدراسة، إذ كان بمثابة ذاكرة الشعب حيث حافظ للأجيال عبر مراحل تاريخه طويلة بمعلومات ثمينة عن تاريخ أسلافهم و صور لهم مجتمعاتهم بمتناقضاتها و عاداتها و أفكارها ظلت تتناقل شفهيا جيلا بعد جيل.

23و في ضوء ما سلف يمكننا ذكر مسألة كثيرا ما تثار بصدد الحديث عن الغرض من رواية القصص الشعبي. على أن التمييز بين أنواع الأدب الشعبي لا يتأتى بشكل دقيق إلا بالاعتماد على الوظيفة التي يؤديها كل نوع دون غيره. و لذا من الضروري أن نميز بين هذه الأنواع على أساس من الوظائف و الحوافز، فهي تغلب بعض الأشكال و المضامين عل غيرها. غير أنه يبدو أن الأدب الشعبي بصورة عامة قد أدى وظيفتين أساسيتين هما التعليم و الإرشاد ثم الترفيه و الاستمتاع بتلك الحكايات الخرافية التي كانت تجد فيها فئات الشعب المغلوبة على أمرها سلواها الوحيد. و لذلك حاول - الأدب الشعبي - في مجمله لاسيما ألف ليلة و ليلة "أن يخلق عالما وهميا جماليا تعويضيا يستطيع أن يطرح حلولا مثالية طوباوية، و لكنها غير واقعية أو عملية للمشكلتين الإجتماعية و السياسية"10.

المداح و القوال

11 - أنظر : 
BADRI, Mohamed.- Sources et origines du théâtre Algérien.- Révolution Africaine, N° 322, 1 (...)
12 - المرجع نفسه، الصفحة نفسها.
24و لقد حظي الأدب الشعبي في الجزائر باهتمام كبير من قبل فئة الشعب فكان الأدب الفكاهي لا سيما الحكاية الشعبية التظاهرة الفنية الأولى التي عرفها المجتمع حيث ازدهرت على يد شعراء و رواة شعبيين متجولين يشبهون إلى حد ما شعراء التروبادور"11 و كان هؤلاء الفـنانون الشعبيون في الغالب من المغاربة يجوبون المدن و القرى الجزائرية كي يقدموا عروضهم التي كانت تروي حكايات خرافية و أساطير عجيبة يستعين فيها الراوي بالحركة"12 للتعبير عن المواقف الحادة و لشد انتباه المتفرج.

25و كانت هذه العروض تلقى صدى عميقا لدى الجمهور، و كثيرا ما كانت تنال إعجاب و رضا شيوخ القرى فيكرمونهم و يستضيفونهم أياما للاستمتاع بفنهم.

13 - أنظر : الكساندوفنا، تمارا.- ألف عام و عام من المسرح العربي، ترجمة توفيق المؤذن.- بيروت، دار الفرا (...)
26ثم ظهرت في مرحلة من مراحل تطور المجتمع أشكال جديدة يذكر بعض الباحثين منها " الحلقة " و " المداح ". و الحلقة هي شكل من أشكال الفرجة المسرحية التي كانت معروضة في بلاد المشرق العربي كمصر و سوريا، أما المداح فهو الحكواتي، و كان هؤلاء المداحون محبوبين جدا في الجزائر كما كان لهم جمهورهم العريض الذي يرتاد مجالسهم13.

14 - المرجع السابق.- ص.35.
27لقد كان المداحون أو الرواة يقدمون عروضهم في الأسواق الشعبية و الساحات العامة حيث تلتف حولهم حشود من المتفرجين، يستمعون بشغف لأحداث القصة، و يراقبون باهتمام حركات الراوي فيبدو الواحد منهم و كأنه طرف في القصة، " فمن هنا جاءت فعالية المتفرجين القصوى حيث لا يحسب الواحد منهم أنه مجرد مراقب بل هو مشترك ضروري في كل ما يحدث أمامه "14.

15 - أنظر : بورايو بن الطاهر، عبد الحميد .- القصص الشعبي في منطقة بسكرة.- رسالة ماجستير – جامعة القاهر (...)
28و لعل سبب نجاح تلك العروض، يرجع إلى ما تتوفر عليه الرواية الشعبية من عناصر درامية من ناحية، و ما كان يبديه الراوي الشعبي من براعة و موهبة فنية أثناء عملية الحكي. و بالرغم من خلو المأثورات الشعبية من الجمالية المسرحية و تقنيات الفن المسرحي الحديث، فإن الراوي استطاع من خلال و سائله الخاصة و ما أوتي من إمكانات خياله الإبداعية، و قدراته في الأداء الدرامي أن يتقمص شخوص القصة ليخلق مشاهد مسرحية منسجمة، مـستعينا في ذلك بالحركة و الكلمة. و هو فضلا عن ذلك كان معلقا على أحداث القصة عن طريق السرد15.

29و قد أفلح الراوي من خلال أدواته الفنية المتاحة له و المتمثلة في الكلمة المنطوقة و الحركة أن يؤثر في جمهوره و يشد انتباهه إليه، و قد توصل من خلال ذلك إلى خلق رباط خفي بينه و بين الجمهور يكاد يكون هذا الرباط الخفي بمثابة الإيهام المعروف في المسرح الحديث، كذلك كان يلجأ في كثير من الأحيان إلى الغناء و الرقص و عزف الموسيقى بهدف بعث الحياة في القصة و إبعاد الملل عن المتفرجين16.

30و من هنا يتسنى لنا ملاحظة الفروق القائمة بين الراوي و الممثل المسرحي، " فإذا كان الـممثل يجسد النص المسرحي فعلا و حركة فإن الراوي كان يجهد نفسه في تجسيد نص الحكاية و تقريبه إلى إفهام العامة و تصوراتهم "17 معتمدا في ذلك على الكلمة و الأداء الحركي و تقنيات أخرى. غير أن تكوين الراوي لم يتكامل بصورة إيجابية ليتطور إلى ممثل بالمفهوم الحديث.

18 - أنظر : تمارا، أ.- ألف عام و عام من المسرح العربي.- ص.ص. 45-46.
31و إذا كان بعض الدارسين يرجعون نشأة هذه الألوان القصصية في كثير من البلاد العربية إلى الطقوس الدينية مثل " التعزية "، ثم تفرعت عن هذه الفنون الطقسية ألوان أخرى من العروض عنيت بالناحية الدنيوية، فإننا في الجزائر نجد الأمر يختلف، إذ أن ما كان معروفا هناك، كان يخضع للفرجة المسرحية و ينـزع نحو الانسلاخ عن العروض الطقسية، هذا بخلاف باقي بلدان المغرب العربي التي ظهرت فيها عروض التعزية كمراكش و تونس18.

32و الجدير بالذكر أن ما كانت تقدمه هذه الأشكال الشعبية، " كالمداح " و " الحلقة "، على بساطته، كان ينطوي على مضامين حية تصور الواقع الاجتماعي و الحضاري المتردي للمـرحلة التاريخية السائدة، و لذا فطن الاستعمار للدور الذي يمكن أن يلعبه الراوي في التأثير على جمهوره و بالتالي بعث الوعي الاجتماعي و السياسي لدى أوساط الشعب الفقير و المقهور. و على هذا الأساس لجأت السلطة الاستعمارية إلى محاربة المداحين و الرواة الشعبيين و فض مجالسهم19.

33و لا ريب في أن موقف الاستعمار العدائي من هذه الفنون الشعبية و ممارسيها، كان عاملا أساسيا، قد أثر تأثيرا سلبيا على تطور هذا الفن من حيث الشكل من ناحية، كما أنه حال دون تطور الراوي الذي لم يجد المناخ المناسب ليطور أدوات فنه كي يتحول إلى ممثل خالص.

II. الألوان الشعبية التمثيلية
20 - أنظر : لانداو، يعقوب.- دراسات في المسرح و السينما.- ص.182، و انظر أيضا، دودو، أبو العيد.- مجلة ال (...)
34لقد شهدت الجزائر في القرن التاسع عشر أشكالا تمثيلية محلية، إلى جانب القصص الشعبي الذي كان يتم عن طريق الحلقة و الشعراء المداحين في الأسواق. و كان لهذه الأشكال التمثيلية تقنياتها و قواعدها الخاصة التي أخذت تتكامل عبر التطور التاريخي، و يـذكر يعقوب لانداو، أن هذه التمثيليات كان لها مظهران : الأراجوز و الفارس الشعبي، و يصفها بأنها كانت تشبه مظاهر المسرح المصري قبل عهد الخديوي إسـماعيـل20.

الأراجوز

35يعد الأراجوز من الألوان التمثيلية – إلى جانب خيال الظل – التي عرفها العالم العربي بشكل عام. و إذا كان هذا النوع من المسرح الشعبي قد عرفته بعض أقاليم المشرق العربي كمصر و الشام في وقت مبكر يرجع إلى القرن العاشر الميلادي، حيث تطور و ازدهر، و أصبحت له نصوصا مدونة، باستثناء بعض الأخبار الـتي تؤكد انتشاره، و تـذكر لـنا ذلك شهادات بعض الرحالة الأوروبيين الذين رأوا عروضا للأراجوز في المغرب العربي بشكل عام و الجزائر بشكل خاص.

36و إذا كانت هذه الأخبار التي وصلتنا، تختلف في تحديد الفترة التي دخل فيها هذا الفن إلى الجزائر بدقة، و الظروف التي أحاطت بنشوئه، فإن وجوده قد ثبت في تلك البيئة حيث كان مصدر تسلية و ترفيه لدى فئات الشعب و الحكام الأتراك. على أن بعض الدارسين، يذهب إلى أن الأراجوز قد دخل الجزائر في القرن السابع عشر على يد الأتراك الذين جلبوه معهم للتسلية وقت الفراغ خاصة في شهر رمضان. و أول ما ظهر كان في المدن و المناطق حيث يتجمع الأتراك، ثم انتشر بعد ذلك عبر كل البلاد21.

الفَارْسْ الشعبـي

حيث يذك (...)
37و إلى جانب الأراجوز الذي ظل حيا رغم مضايقات الاستعمار، ازدهرت بعض التمثيليات القصيرة، لاسيما في نهاية القرن الماضي. و قد عنيت تلك التمثيليات بمضامين مختلفة دينية و دنيوية، كانت تمثل في الغالب في المناسبات كالمولد النبوي و مواسم الحج و الأعراس. و يذكر محي الدين باش طارزي أن بعض الحجاج كانت تمثل رحلاتهم بهذه المناسبة أمام الجمهور في الساحات العامة. و من هؤلاء الحجاج سيدي محي الدين الطيار، و سيد ابراهيم الغبريني و سيدي احمد بن يوسف22.

و انظر أيضا : الهواري، م ع.؛ القسنطيني، رشيد.- (...)
38و كان هذا الشكل التمثيلي الجديد عبارة عن فصل أو مشهد كوميدي قصير يقدم في مناسبة معينة، و يعرض قصة هي في الغالب مستوحاة من واقع الطبقات الشعبية23. و لذا ظهر في البداية في المناطق الريفية ثم انتقل بعد ذلك إلى المقاهي و الساحات العامة بالمدن.

39و إذا كانت معالم هذا اللون التمثيلي في الجزائر، تبدو باهتة، إذ يصعب على الباحث دراسته و تحديد أبعاده نظرا لانعدام الدراسات فإنه قد ثبت وجوده و ازدهاره في بعض البلدان العربية، لاسيما مصر و العراق حيث كان "يسمى بـ " الإخبار " و هو عبارة عن ديالوجات تتضمن الطرائف و العراك ". و قد أطلق عليه أيضا إسم " الفصل المضحك "24 هذا، بينما تؤكد الباحثة تمارا أنه نوع من الفارس الشعبي على أساس أن الفصل المضحك ذو مفهوم أوسع يخضع لعناصر الكوميديا و عناصر الفارس الأوربية، فضلا على أنه كوميديا مرتـجلة. و هـذا ما لم يتوفر في الفارس الشعبي العربي، و بالتالي فإن هذه التمثيليات الهـزلية – في نظر الباحثة – تشبه إلى حد بعيد " الفابل " الفرنسية و كوميديا " ديل آرتي " الإيطالية25.

40لقد كان للفارس الشعبي ممثلوه المختصون و جمهوره، و قواعده، و كانت أحداث القصة التي يقدمها بسيطة تقوم في الغالب على تصوير سلوك الناس في المجتمع و ما يتخلله من متناقضات مثيرة للضحك و التهكم، يؤديها أشخاص عددهم غير محدود، عن طريق الحوار و الحركة. أما الغاية منه فهي التسلية و الترفيه. و هو إلى ذلك لم يكن يخلو من أشكال النقد الاجـتماعي و تعرية المجتمع العربي بشكل عام، بما كان يسود فيه من فساد، و وضعت الخطيئة بشكل مكشوف مقابل البراءة و الجنة مقابل جهنم، و الحيل الذكية مقابل المراءاة و جرى فضح الآفات الاجتماعية كالمراهنة و الظلم و الرشوة و تواطؤ القضاء "26. و اخـتلفت المواضيع باختلاف البيئات الاجتماعية العربية، فلذا اكتسى الفارس الشعبي العربي طابعا محليا.

41و بالرغم من التشابه بين الأراجوز و الفارس الشعبي من حيث الطابع الكوميدي الذي يسودهما و الغاية التي يهدفان إليها، فإن ثمة فروق جوهرية بينهما، فالفارس يعتمد كليا على الأداء البشري و لا يلجأ إلى الدمى كما هو الحال في الأراجوز، و الشخصية في الفارس تندمج مـع الشخصية التي تتقمصها أو تلعب بدورها، و هي إما شخصية واقعية مستوحاة من المـجتمع، أو خيالية. ثم يترتب عن ذلك مسألة أخرى هي الحوار، فعندما كان الحوار في الـرواية الشعبية و الأراجوز حوارا مباشرا مع الجمهور المتفرج، تحول في الفارس إلى حوار غير مباشر يتم بين الممثلين الذين يعرضون أحداث القصة دون التخاطب مع المتفرجين.

42و لعل ما يمكن استخلاصه من هذا كله، هو مراحل تطور شخصية الراوي الشعبي، حيث أنها اتخذت عدة أشكال و أبعاد جديدة عبر تطورها التاريخي، و تجسدت تلك التطورات في الأراجوز و الفارس الشعبي. و قد مهدت هذه الأشكال التمثيلية الشعبية كلها لظهور الممثل و ولادة المسرح الحقيقي.

43على أن ما كان يميز تلك الأشكال - بالرغم من خلوها من الجمالية المسرحية و تقنيات الفن المسرحي الحديث - أنها كانت تنطوي على مضامين حية تصور الواقع الاجتماعي و الحـضاري للمرحلة التاريخية التي ولدت فيها، و هي مرحلة تاريخية حاسمة اتصفت بخصوصية العمل في سبيلين متلازمين هما مكافحة الاستعمار و وجوده و ثقافته، و استنباط الماضي بعطاءاته الفكرية ليوجهه و يؤهله للمعركة الفاصلة. و من ثم شهدت هذه الأشكال نوعا من التطور النسبي خلال حياتها في ظل الأوضاع الاستعمارية.

المراجع 
1 أنظر : يعد دغمان، الدين.- الأصول التاريخية لنشاة الدراما.- الجامعة العربية بيروت، لبنان 1973، ص.73.
2 - طالب الابراهيمي، أحمد.- من تصفية الاستعمار إلى الثورة الثقافية، ترجمة حنفي بن عيسى.- الجزائر، الشركة الوطنية للنشر و التوزيع.- ص.14.
3 - انظر : مرتاض، عبد المالك.- فنون النثر.- ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر، د.ط، 1983.- ص.37.
4 - دغمان، سعد الدين .- الأصول التاريخية لنشأة الدراما.- ص.75.
5 - ابراهيم، نبيلة.- قصصنا الشعبي من الرومانسية إلى الواقعية.- بيروت، دار العودة، 1974.- ص.7.
6 - ابراهيم، نبيلة.- أشكال التعبير في الأدب الشعبي.- القاهرة، دار المعارف، الطبعة الثالثة.-ص.103.
7 - ابراهيم، نبيلة.- المرجع السابق.- ص.171.
8 - دغمان، سعد الدين.- الأصول التاريخية لنشأة الدراما.- ص.ص. 80 – 83، و انظر أيضا يونس، عبد الحميد.- إيزيس و البطل في الأساطير و الملاحم الشعبية.- مجلة الهلال، عدد فبراير 1986.- ص.25.
9 - خورشيد، فاروق.- السير الشعبية.- القاهرة، دار المعارف.- ص.41.
10 - دغمان، سعد الدين.- الأصول التاريخية لنشأة الدراما.- ص.87.
11 - أنظر : 
BADRI, Mohamed.- Sources et origines du théâtre Algérien.- Révolution Africaine, N° 322, 1970.- p. 21
أنظر أيضا : 
ROTH, Arlette.- Le théâtre Algérien de langue Dialectale.- Paris, François Maspero, 1967.- p. 14
12 - المرجع نفسه، الصفحة نفسها.
13 - أنظر : الكساندوفنا، تمارا.- ألف عام و عام من المسرح العربي، ترجمة توفيق المؤذن.- بيروت، دار الفرابي، الطبعة الأولى، 1981.- ص.60.
و انظر أيضا : لانداو، يعقوب.- دراسات في المسرح و السينما عند العرب، ترجمة أحمد المغازي، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1972.- ص.40.
14 - المرجع السابق.- ص.35.
15 - أنظر : بورايو بن الطاهر، عبد الحميد .- القصص الشعبي في منطقة بسكرة.- رسالة ماجستير – جامعة القاهرة، 1978.- ص.45.
16 - أنظر : المرجع نفسه.- ص.64.
17 - دغمان، سعد الدين.- الأصول التاريخية لنشأة الدراما.- ص.88.
18 - أنظر : تمارا، أ.- ألف عام و عام من المسرح العربي.- ص.ص. 45-46.
19 - أنظر : صبيان، نور الدين.- إتجاهات المسرح العربي.- ص.18.
20 - أنظر : لانداو، يعقوب.- دراسات في المسرح و السينما.- ص.182، و انظر أيضا، دودو، أبو العيد.- مجلة القبس، عدد 50، 1969.- ص.93.
21 - أنظر : ROTH, Arlette.- Le théâtre Algerien.- p. 14.
و انظر أيضا : ARNANDIES, Fernand.- Histoire de L’opéra d’Alger.- Alger, Ed N. Heintz, 1941.- p. 19
22 - أنظر : BACHTARZI, Mahieddine.- Mémoires .- Alger, S.N.E.D., 1969, Tome I.- p.p. 33, 34, 35
حيث يذكر بعض أسماء محترفين، بالإضافة إلى نموذجين من هذا الفارس الذي كان مشهورا قبيل الحرب العالمية الأولى.
23 - أنظر : ROTH, Arlette.- Le théâtre Algerien.- p. 2. 
و انظر أيضا : الهواري، م ع.؛ القسنطيني، رشيد.- رائد المسرح العامي في الجزائر.- جريدة الشعب، (جزائرية)، عدد 23 مارس 1971.- ص.22.
24 - تمارا أ.- ألف عام و عام من المسرح العربي.- ص.75.
25 - أنظر : المرجع نفسه.- ص.ص. 75-76.
26 - المرجع نفسه.- ص.77.


-----------------------------------------------------------
المصدر :المجلة الجزائرية في الأنثروبولوجيا والعلوم الأجتماعية 

الاثنين، 21 نوفمبر 2016

المسرح التونسي : مائة عام من الفن و الفرجة

مجلة الفنون المسرحية

المسرح التونسي : مائة عام من الفن و الفرجة 

تتمثل خصوصية الحركة المسرحية التونسية في عراقتها و في ريادتها في التأسيس و الفعل عربيا و إفريقيا و التي تتواصل على مدى أكثر من قرن من الزمن ، حركة تطورت مع التطورات السياسية و الاجتماعية التي عرفها المجتمع التونسي و مثلت طيلة هذه الفترة دعامة أساسية من دعائم الحركة الفنية و الثقافية في تونس و عنصرا فعالا في محاولات التغيير رغم سعي السلطة في كل الفترات إلى تدجينه و تدجين الفاعلين فيه .
البدايات :
بدأت تونس في التعرف على المسرح الأوروبي خاصة منه الايطالي منذ أوائل القرن 19 حيث تثبت الوثائق التاريخية قدوم فرقة مسرحية ايطالية من البندقية إلى تونس سنة 1826 و تقديم بعض العروض للجالية الايطالية في تونس طيلة موسم كامل .
كما حل بتونس الجوق المصري سنة 1908 بقيادة سليمان قرداحي وقدم بعض العروض في كل من سوسة و صفاقس و العاصمة و القيروان لمسرحيات » صلاح الدين الأيوبي » و » هاملت » و » عطيل » و » هارون الرشيد » و » روميو و جوليات » و إثرها استقر قرداحي بالعاصمة ليقدم عروضه بمسرح روسيني ( سينما البالاص حاليا ) بانتظام كل جمعة و سبت و أحد .
بقدوم قرداحي شاهد الجمهور التونسي لأول مرة تمثيل الرواية العربية على المسرح و التي كان يحضرها الامراء و كبار الموظفين و الأعيان و الأدباء .
ولادة المسرح التونسي :
في الثاني من جوان سنة 1909 صعد مجموعة من الممثلين التونسيين على الركح لأول مرة و هم محمد بورقيبة و محمود بوليمان و احمد بوليمان و الهادي الارناؤوط و محمد بن تركية و محمد الحجام ، و كانوا ينتمون إلى الجوق التونسي المصري الذي تأسس بعد وفاة سليمان قرداحي وقدموا مسرحية » صدق الإخاء » بالاشتراك مع ممثلين مصريين .
و في الثاني و العشرين من سنة 1910 تم تأسيس أول جمعية مسرحية و هي جمعية » الشهامة الأدبية » التي لم تتوفق في تقديم عملها المسرحي الأول لتتأسس في فترة لاحقة جمعية » الآداب العربية » و تقدم مسرحية صلاح الدين الأيوبي يوم 7 افريل 1911 .
و في الجهات تأسست اول فرقة مسرحية في مدينة بنزرت سنة 1923 و هي فرقة » النهضة التمثيلية العربية ، مدنين عرفت المسرح عن طريق » فرقة الشبيبة الورغمية » سنة 1930 ،كما عرفت القيروان تأسيس فرقة الاغالبة من طرف إبراهيم القديدي سنة 1933 ، صفاقس شهدت أيضا ميلاد فرقة » التاج » سنة 1933 و « النجم المسرحي » سنة 1934 و » الهلال الصفاقسي « سنة 1936 ، كما تاسست بالمهدية فرقة » التمثيل » سنة 1922 و » الشباب الناهض « سنة 1931 و » الناشئة الأدبية » سنة 1933 ، سوسة أيضا عرفت » فرقة الجوق التمثيلي الاكودي » 1949 كما انبعثت في المنستير فرقة » المنستيري » سنة 1936 و » جمعية المسرح المنستيري » 1937 ، قابس تكونت فيها فرقة » النهضة التمثيلية » سنة 1936 و في توزر تأسست فرقة » الينبوع » سنة 1937 كما تكونت » فرقة الشباب التمثيلي في قفصة سنة 1937 .
كما تأسست فرق مسرحية أخرى في بعض المناطق و التي ساهمت في نشر الوعي المسرحي و كذلك في إذكاء روح التحرر الوطني و مقاومة الاحتلال بأشكال مختلفة .
أول فرقة مسرحية محترفة في تونس :
تكونت الفرقة البلدية بصفة رسمية بمقتضى قرار بلدي مؤرخ في 25 جانفي 1955 و كلف المسرحي المصري زكي طليمان بتسييرها فنيا في مرحلتها الأولى و أسندت إدارتها إلى محمد عبد العزيز العقربي و هي اول فرقة عاشت تجربة الاحتراف و قع انتقاء نخبة من الممثلين البارزين آنذاك لتأثيث الفرقة و هم الطاهر بالحاج و احمد التريكي و حمدة بالتيجاني و عز الدين السويسي و الهادي السملالي و حمادي الجزيري و الزهرة فايزة كما انضم اليها في فترة لاحقة جميل الجودي و نور الدين القصباوي و رشيد قارة و منى نور الدين و علي بن عياد الذي تولى إدارتها سنة 1963 الذي عرفت الفرقة في عهده تطورا و تغييرا في الأداء و في الإنتاج . ومن الأسماء الأخرى التي أشرفت على إدارة الفرقة نجد محمد كوكة والبشير الدريسي ومنى نورالدين وغيرهم وعلى امتداد مسيرتها قدمت فرقة بلدية تونس للتمثيل عديد الأعمال المسرحية الخالدة: تاجر البندقية، هملت، عطيل، أنطيقون، الماريشال، ثورة صاحب الحمار، مراد الثالث، كاليغولا..
أول مدرسة لتمثيل في تونس :
في فيفري 1955 تأسست مدرسة التمثيل العربي كمدرسة مستقلة تتحصل على منحة سنوية من ادارة العلوم و المعارف ثم من كتابة الدولة للتربية القومية و تعطي دروسا ليلية ، و قد تخرج منها عدد هام من الممثلين و الممثلات .
و في أكتوبر 1959 تم تأميم مدرسة التمثيل العربي و أصبحت فرعا من المعهد القومي للتمثيل و الرقص و الموسيقى تعطي دروسا يومية كغيرها من المدارس العمومية و منها تخرج المرشدون المسرحيون من حاملي شهادة الفن المسرحي الذين تم توزيعهم على ولايات الجمهورية لتسيير الفرق المسرحية المدرسية و تنشيط الحركة المسرحية داخل الولايات .
في أكتوبر 1965 تحولت مدرسة التمثيل العربي الى مركز للفن المسرحي تابع لمصلحة المسرح و تنقسم المواد التي يتلقاها الطلبة الى قسم نظري و قسم تطبيقي .
و في أكتوبر 1982 تحول المركز إلى معهد عال للفن المسرحي تحت إشراف مزدوج لكل من وزارة الثقافة و وزارة التعليم العالي يستقبل حاملي شهادة الباكالوريا تستغرق فيه الدراسة أربع سنوات ، و إضافة إلى التكوين الأساسي يضطلع المعهد بالتكوين المستمر لإطارات المسرح المباشرين كما يساهم في النهوض بالبحث التطبيقي في مجالات التكوين و التنشيط و الوسائل التربوية المسرحية .
في أكتوبر 1998 تحولت المؤسسة إلى وزارة التعليم العالي لتمثل مخبرا هاما لتجارب مسرحية كثيرة قام بها الطلبة بتاطير من الأساتذة و بمشاركة حرفيين كثيرين .
مسرح الدولة الحديثة :
مع دولة الاستقلال اتخذ المسرح موقعا هاما في المشهد الثقافي مواصلا بذلك مسارا مختلفا عما كان في الفترة السابقة سواء من خلال المسرح الهاوي أو من خلال المسرح المحترف في الفرق العمومية في العاصمة و الجهات أو من خلال المسرح الخاص الذي مثل نقلة نوعية للمسرح التونسي بواسطة نخبة من الفنانين سواء منهم من تكونوا في المدرسة التونسية أو من تلقوا تكوينا في الخارج و جاؤوا محملين بأفكار و معارف جديدة و برؤى مختلفة لفن المسرح .
و إلى جانب الفرقة البلدية بالعاصمة تكونت عدة فرق محترفة بصفاقس و الكاف و سوسة و القيروان و قفصة و نابل و المهدية و زغوان و بنزرت و هو ما مثل نقلة في مستوى الإنتاج المسرحي من حيث الكم و الكيف و جعله يتماشى مع الواقع التونسي و قدمت انتاجات عديدة متفاوتة المستوى و ساهمت بدرجة كبيرة في إثراء المشهد المسرحي و تكوين جمهور متابع للحركة المسرحية ، و في سنوات التسعينات تحولت الفرق الجهوية الى مراكز للفنون الركحية و الدرامية في كل من الكاف و قفصة و صفاقس و مدنين و القيروان لمزيد استقطاب المسرحيين المحترفين و تمكينهم من آلية العمل و الإنتاج .
كما يعد انبعاث المسرح الوطني التونسي سنة 1984 مرحلة هامة من مراحل تاريخ المسرح التونسي العمومي فبعد اعتماد اللامركزية توجه الاهتمام إلى خلق إطار عمومي مركزي بطموحات اكبر و إمكانيات أهم خاصة بعد تعثّر الكثير من الفرق المسرحيّة التونسيّة، وتراجع إنتاجها، وكان الهدف من بعثه تطوير الخطاب المسرحيّ في تونس وفتحه على آفاق تعبيريّة وفنيّة جديد ة .
مسرح الدولة الحديثة كانت مساهمته جادة في بناء دولة ما بعد الاستقلال و في محاولة تثقيف و تطوير المجتمع ، كما اسس هذا المسرح لوجود قاعدة جماهيرية متابعة للشأن المسرحي خاصة في المناطق الداخلية كما مثل ايضا في بعض الاحيان » العين الناقدة » للواقع و للسلطة التي التجأت في بعض الفترات الى الرقاية الصنصرة .
من العمومي إلى الخاص :
بولادة جيل جديد من المسرحيين في أواخر ستينات و أوائل سبعينات القرن الماضي ، جيل له معارف و رؤى جديدة للمسرح و للثقافة بصفة عامة و للواقع السياسي و الاجتماعي كان لا بد من اتخاذ سبل و طرق جديدة للفعل المسرحي حيث مثل تأسيس فرقة المسرح الجديد سنة 1975 نقلة نوعية و مرحلة جديدة في تاريخ المسرح التونسي ، حيقا قدمت مجموعة من المسرحيين الشبان تتكون أساسا من الفاضل الجعايبي و محمد إدريس و جليلة بكار و الفاضل الجزيري و الحبيب المسروقي على الشروع في العمل وفق مقاييس جديدة و تنظير جديد للخطاب المسرحي و آلياته و للعلاقة التي تربط المنتج بالدولة و أنتجوا أعمالا مثلت نقلة فنية فارقة في الخطاب المسرحي في تونس .
بعد المسرح الجديد عرف نسق ظهور هياكل الإنتاج المسرحي الخاصة حيوية كبيرة حيث تكونت الفضاءات الخاصة و شركات الإنتاج الخاصة و هي الآن بالعشرات إلا أن الإمكانيات المحدودة لهذه الهياكل و انعدام فضاءات التمارين و التوزيع الخاصة جعل أعمالها متفاوتة و بقيت في اغلبها مرتهنة لدعم الدولة الذي لم يرقى رغم أهميته لإنتاج أعمال ضخمة و ذات قيمة فنية عالية لأغلب هذه الهياكل .
أيام قرطاج المسرحية :
تبلغ أيام قرطاج المسرحية هذه السنة دورتها الثامنة عشر و هي أهم تظاهرة مسرحية في تونس ، حيث تأسست سنة 1983 كمهرجان دولي يقام كل سنتين على غرار أيام قرطاج السينمائية يساعد على تطويرالفنون المسرحية العربية و الافريقية و ذلك باستجلاب العروض التي تمثل نسق تطور بلدانها و تعبر عن واقعها الفني و الثقافي و الاجتماعي ، كما يدعم المهرجان التجارب الرائدة و البحوث المتقدمة في مجال المسرح مع إذكاء روح التنافس بين المسرحيين العرب و الأفارقة .
و كان المهرجان يقوم على مسابقة رسمية تمنح ضمنها جوائز إضافة إلى العروض الموازية و الندوات المختصة التي تهتم بالراهن المسرحي و الدورات التدريبية و الفقرات التنشيطية المتنوعة إلى جانب تكريم المبدعين المسرحيين التونسيين و الأجانب .
و في فترة لاحقة تم الاستغناء عن الجوائز على اعتبار أن التظاهرة هي بالدرجة الأولى فرصة لاتقاء الفنانين و عرض تجاربهم خارج اطر المنافسات و قد تحولت منذ الدورة الفارطة إلى موعد سنوي عوض تنظيمها كل سنتين .
هل استفاد المسرح التونسي من الثورة :
على أهميته و جديته و ريادته خاصة في المنطقة العربية كان المشهد المسرحي يرزخ تحت وطأة السلطة قبل 14 جانفي ، التي تتحكم فيه و تحاول تطويعه من خلال مسألة الدعم العمومي أو من خلال سلطة الرقابة و مع ذلك كان المسرح التونسي في جزء منه يستشرف الواقع و يحاول طرح القضايا الأساسية و الهامة و ثوريا في طرحه و في آليات بحثه .
و لعل طفرة الحرية التي ظفر بها بعد الثورة مازال الوقت لا يسمح بتقييمها لان الفن الحقيقي على اهمية علاقته بالواقع لا بد له من بعض الوقت لتقييم الواقع و جعله مادة فنية عميقة خارج نسق الاثارة و » الانتهازية » الفنية .

---------------------------------------------
المصدر : محمد سفينة -  مجلة الحياة الثقافية

الجمعة، 16 سبتمبر 2016

العراق وبدايات المسرح المصري

مجلة الفنون المسرحية
نجيب الريحاني 


العراق وبدايات المسرح المصري

د. سيد علي إسماعيل


 ممثلون ومطربون

يؤرخ لبدايات المسرح المصري بعام 1905، عندما أصبح (الشيخ سلامة حجازي) صاحب فرقة مسرحية تحمل اسمه؛ بوصفه مصرياً. ومن الأمور المجهولة في تكوين هذه الفرقة، أنها كانت تشتمل على أول ممثل عراقي، يعمل في المسرح المصري، وهو الممثل (محمد العراقي)!! وأول مسرحية قام بتمثيلها في أغسطس 1905 كانت مسرحية (مغاير الجن) بدار التمثيل العربي، وهي من تأليف مشيل مرشاق. وفي عام 1918 وجدناه يُمثل في مسرحية (عشم إبليس في الجنة) تأليف عباس علام، ولصالح نادي جامعة الفنون الجميلة. وفي عام 1918 نفسه انضم محمد العراقي إلى فرقة جورج أبيض، ومثل معه مسرحية (رحلة المسيو بريشون). وفي عام 1924 انضم إلى فرقة فوزي منيب.

الثلاثاء، 30 أغسطس 2016

كواليس المسرح في العراق بين الأمس واليوم!

مجلة الفنون المسرحية

 سامي عبد الحميد
1- 2
لا أحد ينكر ان العراق شهد نهضة مسرحية واضحة منذ بداية الخمسينات من القرن الماضي. وأخذت تلك النهضة تتصاعد عبر الستينات والسبعينات ثم انتكست خلال الثمانينات أيام الحرب مع ايران وفي التسعينات أيام فرض الحصار. ورغم ان السلطة التي حكمت البلد بعد 8 شباط عام 1963 حاولت إيقاف النشاط المسرحي فألغت إجازات الفرق المسرحية الخاصة – الأهلية مخافة تقديمها مسرحيات تتعرض لتلك السلطة بشكل او بآخر، لكنها بعد حين شعرت بأنها بحاجة الى أعمال تلك الفرق المسرحية اولاً لكي تسد بها ساعات برامج التلفزيون، وثانياً لكي تظهر للعالم انها سلطة تقدمية لا رجعية. أقول مع ذلك فإن المسرحيين العراقيين الأصلاء ورغم تعرضهم للمضايقات والملاحقات استطاعوا ان يستمروا بنشاطهم وان يقدموا أعمالاً مسرحية متميزة بأفكارها وأشكالها. وهنا أذكر بعضاً منها مثل (البيك والسايق) اخراج إبراهيم جلال و(تموز يقرع الناقوس) لعادل كاظم وإخراج سامي عبد الحميد، و(عدو الشعب) اخراج بدري حسون فريد و(في انتظار غودو) اخراج سامي عبد الحميد، و(القرد الكثيف الشعر) اخراج سامي عبد الحميد، و(الرجل الذي صار كلباً) اخراج قاسم محمد وغيرها كثير في مرحلة الستينات فقط. تمثلت تلك النهضة

الثلاثاء، 26 يوليو 2016

2016 عام الكاتب المسرحي الاسباني رامون فايي إنكلان: بذراع واحدة أثرى الأدب الاسباني مثل مواطنه سيرفانتس

مجلة الفنون المسرحية

بعد حلول الذكرى الثمانين لرحيل رائد المسرح الاسباني المعاصر الكاتب فايّي إنكلان (1936ـ1866) مافتئت «مؤسّسة فاييّي إنكلان» الاسبانية الثقافية التي تُعنى بآثاره وأعماله تحتفي بسنة احتفالية كاملة في اسبانيا وفي العالم الناطق باللغة الاسبانية على أوسع نطاق بهذا الكاتب المسرحي خلال العام الجاري، حيث تحلّ الذكرى 150 لميلاده. وتتوفّر هذه المؤسّسة في الوقت الرّاهن على مسرح يُعنى بالأعمال الإبداعية، والمسرحية، والدرامية لهذا الكاتب، كما تعتزم هذه المؤسّسة التي تحمل اسمَه إصدارَ مجلة أدبية دورية تحمل اسمَ أحد أعماله المسرحية وهي مسرحيته الشهيرة «برادومين» التي كانت حققت نجاحاً كبيراً في حياته وبعد مماته، كما تزمع المؤسّسة نشر أعماله الكاملة في مجلّدين كبيرين، سيضمّ الاوّل إبداعاته النثرية، ويتضمّن المجلد الثاني أعماله المسرحية والشعرية والقصص. وأشارت المسؤولة عن هذا المشروع مارغاريتا سانشيس إلى أن المجلدّين سينشران في غضون 2017. كما عملت هذه المؤسّسة على إحياء احتفاليات وتظاهرات وملتقيات ثقافية وأدبية، وتنظيم عروض مسرحية وسينمائية وموسيقية، وإقامة معارض وندوات، فضلاً عن إقامة مسابقات أدبية في القصّة، والمسرح، وإنشاء كراسي أستاذية جامعية تحمل اسمَه، في مدينة «سانتياغو دي كومبوستيلا» وفي بعض المدن والمناطق الاسبانية التي عاش فيها الكاتب، وفي العالم الناطق

الأحد، 26 يونيو 2016

تاريخ المسرح التركي

مجلة الفنون المسرحية

دخل الفن المسرحي التاريخ العثماني لأول مرة في زمن الإصلاحات التي قادها السلطان سليم الثالث في القرن الثامن عشر للميلاد.

يُعرّف موقع موضوع الأدب العربي "المسرح" على أنه أحد أشكال الفنون التي تعتمد على وجود مكان خاص للأداء والتمثيل المباشر أمام االجمهور بشكل مباشر، ويُجسد أو يُترجم المسرح القصص والنصوص الأدبية بواسطة استخدام مزيج من الكلمات وبعض الإيماءات بالموسيقى والصوت على خشبته.

وعلى الرغم من عدم معرفة تاريخ دخول الفن المسرحي إلى الدولة العثمانية بالضبط إلا أن المؤرخين الفنيين يؤكدون بأنه دخل أراضي الدولة العثمانية مع عمليات الإصلاحات الاقتباسية الغربية التي بدأت في عصر السلطان سليم الثالث "1761 ـ 1808" وتطورت في عصر السلطان محمود الثاني "1785ـ 1839" الذي وسع عملية الإصلاحات في الدولة العثمانية واقتبس المزيد من الفنون والآداب الغربية من شعر ونثر وغيرهما..

السبت، 25 يونيو 2016

المسرح العربي الشعري منذ البداية وحتى عام 1945

مجلة الفنون المسرحية
مسرحية مأساة أوديب تأليف: علي أحمد باكثير تمثيل إذاعي- إذاعة البرنامج الثقافي من القاهرة إخراج: حسين أبو المكارم

يسجل الدارسون للمسرح ومنهم الدكتور أحمد سيلمان الأحمد في كتابه" دراسات في المسرح العربي المعاصر بأن "أول مسرحية عربية شعرية تعود الى عام 1876 وعنوانها " المروءة والوفاء " لمؤلفها خليل اليازجي . أما أحمد شوقي فهو المؤسس الحقيقي للمسرح العربي الشعري وذلك بمسرحيته " مصرع كليوباترا " التي تعود الى عام 1927 ومسرحية خليل اليازجي تعالج موضوع الطغاة والطغيان وكأنها تشير الى استبداد السلطان عبد الحميد وفيها أيضاً دعم لفكرة العروبة , ولفكرة النهضة العربية أما الشاعر والمؤرخ المهجري جورج صيدح فقد كتب أنه حضر مسرحية مكتوبة شعراً أثناء دراسته في كلية عنطورة في لبنان بين عامي 1910 – 1911 وهذه المسرحية من تأليف نقولا فياض وناصر الدين وكان موضوعها اجتماعياً يدور حول حب شاب غني من فتاة فقيرة .. كما أشار جورج صيدح الى مسرحية شعرية وحيدة في المهجر العربي بأمريكا وهي مسرحية " جزاء المكر " للشيخ رشيد عطية وهو صحفي لبناني اتخذ من البرازيل مكاناً لإقامته .

الاثنين، 23 مايو 2016

من ذاكرة المسرح العراقي

مجلة الفنون المسرحية

* من أنشط الدورات التي تخرّجت في معهد الفنون الجميلة/ فرع التمثيل (المسرح) دورة 1964 و1965 و1966, إذ قدم طلاب هذه الدورات أكثر من سبعين عملاً مسرحياً من مختلف المدارس والمذاهب والتجارب المسرحية العالمية.. ومن أشهر المخرجين المسرحيين يومذاك: (أحمد فياض المفرجي, قاسم حول, مهدي السماوي, مولود المعيني, سليم الجزائري, صلاح القصب, تحسين شعبان, علي رفيق, سامي السراج, عبدالمرسل الزبيدي, ناصر علي الناصر وغيرهم), فأين نحن اليوم من هذا كله يا معهد الفنون الجميلة؟!
* الفرق المسرحية في الستينيات:
- فرقة مسرح بغداد الفني: أسسها سعدون العبيدي وجعفر علي وطه سالم.
- فرقة 14 تموز للتمثيل.
- المسرح الفني.
- فرقة سمير أميس للتمثيل.
- فرقة أنوار بغداد للتمثيل. 
فضلاً عن الفرق العريقة الشهيرة مثل:
- فرقة المسرح الفني الحديث.
- فرقة الزبانية زائداً عشرات الفرق المسرحية في محافظات العراق الأخرى.. فهل يستطيع أبناء المسرح العراقي اليوم, أن يعيدوا أمجاد أسلافهم الكبار؟! مجرد تساؤل - ليس إلا؟!
* من أشهر المسرحيين العراقيين أيام زمان الذين عملوا وقدموا فوق خشبات المسرح التليد التابع لعمادة معهد الفنون الجميلة في الكسرة.. (كريم عواد, خليل شوقي, ثريا خالد, قحطان محمد, نورية يوسف, جانيت يوسف, صادق علي شاهين, قاسم صبحي, روميو يوسف, جعفر علي, وجدي العاني, فوزية الشندي, فوزية عارف, فوزية حسن, حسين علي حسين, مجيد شبيب, محمد أحمد قدو, موسى الخالصي, أيوب الزيدي, ياسين لطيف, حاتم السلمان, حسين الدهان, جواد الرميثي, طارق عبدالجبار العلي, مصطفى النعمان, جعفر هاشم, ثامر مهدي, هناء عبدالقادر, عثمان فائق, رؤيا رؤوف, طعمة التميمي, فوزي مهدي, فخري العقيدي, بهجت الجبوري, ساهرة أحمد, نزار السامرائي, عبدالمطلب السنيد, علي رفيق, أسامة القيسي, عبدالمنعم شكر, سعدي السماك وحافظ عارف وغيرهم المئات).
* وهل تعلم عزيزي القارئ.. أن الدكتورة عاتكة وهبي الخزرجي الأستاذة في دار المعلمين العالي/ كلية التربية فيما بعد, عملت محاضرة في اللغة العربية – إعداد المدرسين بمعهد الفنون الجميلة عام 1964-1965, وألقت العشرات من المحاضرات اللغوية على طلبة المسرح والتمثيل بالمعهد, وكان لها الدور الفاعل في تهيئة الطلبة لغوياً.
* كان أمد الدراسة في مختلف فروع معهد الفنون الجميلة ثلاث سنوات لغاية منتصف الخمسينيات.. أما اليوم فهو خمس سنوات بالتمام والكمال.. ويشترط في المتقدم إلى المعهد أن يكون من خريجي الدراسة المتوسطة على الأقل زائداً موهبة فنية يمتلكها ذلك الطالب! ويمنح بعد التخرج شهادة الدبلوم..

-------------------------------------------------
المصدر : إعداد/ مؤيد الزويني - المشرق



السبت، 21 مايو 2016

حول لطيف وخوشابا ودور السريان في نشأة المسرحية العراقية / د. سعدي المالح

مجلة الفنون المسرحية

مسرحية ( زواج بالاكراه ) لمولير1964 على مسرح النادي الثقافي المسيحي


" التاريخ يسجل للمسيحيين فضل إدخال هذا الفن الجديد إلى العراق وتنبيه الجمهور إليه "
 د. علي الزبيدي – المسرحية العربية في العراق ص76

لقد سبق التأليف المسرحي غيره من الأجناس الأدبية الحديثة في العراق المعاصر، وكانت بداياته على أيدي الأدباء الكلدان السريان الآشوريين. وتؤكد الدراسات المتخصصة بتاريخ المسرح في العراق (1) على أن رجال الدين المسيحيين وقدامى المعلمين في المدارس الملحقة بالكنائس كانوا من أوائل من ألفوا أو ترجموا الأعمال المسرحية الكوميدية والدرامية باللغة العربية، ثم مثلوها على مسارح الكنائس والمدارس، وبالتالي أدخلوا هذا الفن الجديد إلى العراق ونبهوا الجمهور إليه.  ولهذا نرى الطابع الديني، وسيما المسيحي منه، يغلب معظم الأعمال المسرحية العربية الأولى في العراق. ويعزو هؤلاء الباحثون أسباب ذلك مباشرة إلى أساليب الثقافة والتعليم التي كانت تنشرها البعثات التبشيرية والجمعيات والمدارس المسيحية من تعلم للغات الأجنبية الحية كالفرنسية والايطالية والانكليزية والألمانية، والاتصال بالغرب والاطلاع على ثقافته، ومن ثم محاولة تقليد الأجناس الأدبية الغربية وخاصة فن القص في إطاره التمثيلي لتوجيه طلاب المدارس إلى المثل العليا الدينية والتربوية.

السبت، 16 أبريل 2016

الحركة المسرحية في الكويت

مجلة الفنون المسرحية

تعد الحركة المسرحية في الكويت من النشاطات الثقافية البارزة ، التي صاحبت المتغيرات الاجتماعية الحديثة ، وقد توافقت إيقاعاتها هبوطا وصعودا انسجاما مع واقع تلك المتغيرات فلا نجافي الحقيقة إذا جعلنا النشاط المسرحي في الكويت من ابرز أنواع النشاط الفني فيها وأكثرها امتيازا وان كانت المسرحية المحلية قد اقترنت بالكلمة المحلية شكلا ومضمونا خلال ما عرض على خشبة المسرح في الكويت عبر ثلاثين عاما – أي من عصر الارتجال إلى عصر التجريب فالتميز والانتشار – فإن النص المسرحي الأدبي يعد من ابرز عطاءات البحث عن الذات
كانت معرفة الكويت بالمسرح قد بدأت حقيقة منذ عام 1938م على يد أساتذة أفاضل من بعثة المدرسين العرب ، تلك التي جاءت – إلى الكويت في ديسمبر 1936م – ويذكر أن أول مسرحية من نشاطات المسرح المدرسي كانت من تقديم طلاب مدرسة المباركية التي أقيمت على ساحتها في العام 1938-1939م ، حيث عرضت مسرحية " إسلام عمر " أو " عمر بن الخطاب في الجاهلية
تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption