جولة في شارع المسرح البريطاني زواج فيجارو..
مجلة الفنون المسرحية
جولة في شارع المسرح البريطاني زواج فيجارو..
ترجمة : هشام عبد الرءوف - مسرحنا
جولة في شارع المسرح البريطاني زواج فيجارو..
ترجمة : هشام عبد الرءوف - مسرحنا
ما أكثر العروض المسرحية المأخوذة عن المسرحية الموسيقية الكوميدية زواج فيجارو للموسيقار النمسوي موزار. عاش موزار حياة قصيرة لم تتجاوز 36 عاما بين عامي 1756 و1791. وقد أبدع هذه المسرحية وهو في الثلاثين من عمره وكان العرض الأول لها في عام 1786. ولم تتوقف عروض تلك المسرحية المكونة من أربعة فصول سواء كانت بشكلها الموسيقي التقليدي أو معالجة غير موسيقية أو مسرحيات مقتبسة منها. هذا بالإضافة إلى الأفلام والمعالجات التلفزيونية.
لكن العرض الناجح الحالي لتلك الأوبرا على مسرح هاكني إمباير في لندن الذي تقدمه فرقة الأوبرا المتجولة وهي فرقة بريطانية شهيرة، والذي سيطوف المدن البريطانية بعد نجاحه في لندن، يعتبر من العروض المتميزة لسبب مهم للغاية، فهو عرض مصاب بعمى الألوان، فالأصل في العرض الذي كتبه موزار أنه يدور في أوساط الطبقة الراقية في فرنسا؛ أي أن كل أبطاله من العنصر الفرنسي الأبيض والأشقر. لكن الأمر لم يكن كذلك مع العرض البريطاني الحالي. ذلك أن أكثر من نصف أبطال العرض من السود أو من أصحاب البشرة ذات اللون الزيتوني (مثل معظم المصريين). وقام هؤلاء بشخصيات يفترض أنها من البيض ولم يكن يجسدها غير ممثلين من البيض في العروض المختلفة السابقة. لكن هذه المرة يجسدها ممثلون من السود دون أن تكون هناك دلالة للون البشرة. وهذا تماما ما يحدث أحيانا في مسرحيات يشارك فيها أبطال من المعاقين دون أن يكون لإعاقتهم أي دلالة في العمل الفني.
ومن يشاهد المسرحية للوهلة الأولى يظن أنها مسرحية أمريكية تتناول كفاح العبيد السود ضد السادة البيض في الجنوب الأمريكي كما يقول الناقد المسرحي للديلي تلجراف البريطانية. وبعبارة أخرى كان المبرر الوحيد لظهور الممثلين هو كفاءتهم وليس لون بشرتهم. وهذا هو الوضع السليم في رأيها.
وكان في مقدمة السود الذين شاركوا في العمل مطربة السوبرانو البريطانية نادين بنجامين التي جسدت شخصية الكونتيسة ألمافيفا. وبالإضافة إلى نادين بنجامين كان هناك المغني صاحب الأصول والبشرة الهندية روس راموبين الذي قام بدور فيجارو، وممثلة زنجية أخرى هي راشيل ريدموند التي قامت بدور سوزانا، وقد أدوا جميعهم أدوارهم بحيوية ونشاط شعر بهما المشاهدون.
الأحداث مقنعة
والأصل في هذه الحالة أن يخشى البعض ألا تكون الأحداث مقنعة بسبب اختلاف لون البشرة. لكن ما حدث بالفعل أن الأحداث كانت طبيعية ومقنعة تماما بفضل الأداء الموسيقي الرائع والتصميم المتميز للملابس والأداء الصادق للممثلين قبل هذا وذاك. فكانت نادين بنجامين تتعامل مع الممثل الأشقر داويد كمبرج الذي جسد شخصية الكونت بشكل طبيعي للغاية. وقد أجاد كمبرج وانتزع ضحكات المشاهدين بباروكة غريبة الشكل وبأدائه قبل ذلك. وتنصح ناقدة الديلي تلجراف نادين وكمبرج بعدم المبالغة في الاندماج في الشخصية والانفعال بالدور.
وتقول إن العرض استمر لثلاث ساعات دون أن يصيب المشاهدين بالملل. وكان لذلك عدة أسباب أبرزها التوزيع الموسيقي الجديد والإخراج الجيد. كما كانت الترجمة الإنجليزية للأغاني للشاعر الإنجليزي جيريمي سامز، بسيطة لم تحتج وقتا طويلا من أبطال العرض لحفظها ولم تحتج جهدا كبيرا لترديدها.
والمسرحية عبارة عن لحن لنص مأخوذ عن نص أوبرالي للشاعر الإيطالي الأمريكي لورينزو دا بونتي. وهذا النص بدوره مأخوذ عن مسرحية للأديب الفرنسي بيير دي بومارشيه (1732 - 1799)، وهي تعد جزءا ثانيا لمسرحية للكاتب نفسه باسم “حلاق إشبيلية”، وهي عبارة عن قصة رومانسية كوميدية تدور أحداثها في إسبانيا حول الخادمين فيجارو وسوزانا اللذين يرتبطان بعلاقة حب ويتعرضان للوقيعة بينهما من جانب الكونت والكونتيسة ألمافيفا. ويحاول الكونت إقامة علاقة مع سوزانا فتصده وتعطيه درسا قاسيا في أهمية الإخلاص لزوجته الطيبة.
وبشكل أكثر تفصيلا تدور أحداث المسرحية في مدينة إشبيلية بإسبانيا حول الكونت الذي تمكن من خلال مساعدة خادمه فيجارو من التودد والفوز بروزين الجميلة بعيدا عن حارسها العجوز الفظ وزوج المستقبل دكتور بارتولو، وفي رواية «زواج فيجارو» أكمل بومارشيه تلك القصة، حيث تزوج الكونت من روزين، لكن المشكلات عرفت طريقها إلى علاقتهم الزوجية بسبب تغزله في السيدات الأخريات. وقد توقف فيجارو عن مهنة الحلاقة وأصبح من المقربين للكونت. ثم أتمم خطبته على سيدة تدعى سوزانا، كانت تعمل خادمة للكونتيسة روزين. ثم يعود بارتولو العجوز لينتقم من فيجارو بسبب إبعاده روزين عنه، بمساعدة مدرس الموسيقى دون بازيل. ويضاف إلى عوامل الفكاهة في العمل شخصيات أخرى من بينها مراهق غرامي، وخادمة عجوز ماكرة، وبستاني مخمور، وفتاة شابة سخيفة. ووقعت معظم الأحداث في يوم واحد.
لا تكشفوا النهاية
الإثارة وحدها لا تكفي
على المسرح الملكي في لندن بدا عرض مسرحية “حب من الغريب” المأخوذ عن رواية أجاثا كريستي عميدة كتاب القصة البوليسية في العالم التي لا تزال قصصها تجد إقبالا واسعا رغم مرور 42 عاما على رحيلها. وتعد هذه القصة من أوائل قصص كريستي التي وجدت طريقها إلى خشبة المسرح؛ حيث عرضت لأول مرة على المسرح قبل 82 عاما في 1936. وكان ذلك بعد 12 عاما من تأليفها؛ حيث نشرت كقصة قصيرة باسم كوخ فيليمول. وأعد المعالجة المسرحية لها الممثل والكاتب المسرحي فرانك فوسبير الذي قام بدور البطولة فيها قبل أن يلقى مصرعه في ظروف غامضة عام 1037 عن 38 عاما. وفي نفس العام تحولت المسرحية إلى فيلم سنيمائي. ولأن قصتها باتت معروفة من خلال الكتب أو المعالجات، عادة ما يقوم المخرجون في المسرح بإدخال بعض التعديلات البسيطة التي تساعد على إكساب النص بعض الحيوية والإثارة لجذب المشاهدين، لكن يظل الخط الأساسي ثابتا. وهذه المسرحية سبق عرضها في مصر ضمن أعمال كثيرة عرضت لهذه الكاتبة البوليسية المتميزة.
يقوم ببطولة المسرحية الممثل البريطاني الشاب سامز فرانشوم (25 عاما فقط) وهو أيضا كاتب سيناريو ناجح يمارس التمثيل والكتابة معا منذ كان في الثامنة عشرة من عمره. وأشاد بأدائه في المسرحية دومنيك كافنديش عميد نقاد المسرح في بريطانيا.
وهي تدور سكرتيرة تشعر بالملل وهي مخطوبة منذ فترة طويلة لشخص يفترض أنه سوف يعود قريبا من السودان لتبدأ الحياة الزوجية.
وفجأة تهبط عليها ثروة من السماء عن طريق اليانصيب، وهنا تنصرف مشاعرها عن خطيبها وتتجه إلى شاب اآخر أمريكي تكبره سنا فتتزوجه ويجمعهما معا هواية حب الترحال والسفر. وبعد الزواج تسيطر عليها مشاعر بأنه تزوجها من أجل أموالها وليس حبا فيها وأنه يخطط من أجل قتلها، وتبدو منه بعض التصرفات المريبة التي تغذي مشاعر الخوف لديها. كما تصلها معلومات غير مؤكدة بأن هذا الشخص أصلا قاتل مطلوب للعدالة. ويظهر في حياتها ضابط يقوم بدوره سامز فرانشوم.
إشادة
وعند هذه النقطة يشيد ناقد الديلي تلجراف بأداء فرانشوم الذي ساعد على تعميق هذا الشعور لدى المشاهدين بفضل الإضاءة والمؤثرات الصوتية. وتتوالى الأحداث المثيرة حتى يصل فرانشوم إلى الحقيقة. وعادة تطلب الفرقة من المشاهدين عدم ذكر نهاية المسرحية لأحد حتى لا تضيع متعتها ولا يحجم المشاهدون المرتقبون عن حضورها. وهذا ما كان يحدث دائما مع العروض المسرحية لأعمال أجاثا كريستي مثل “مصيدة الفئران” وشاهد الادعاء. والمسرحية الأولى استمر عرضها للمرة الأولى لأكثر من 33 عاما وكان الجمهور يلتزم بهذا الطلب. كما كان النقاد يلتزمون أيضا ويعلقون على المسرحية دون الحديث عن نهايتها ومنهم كافندش نفسه. أما المسرحية الثانية فتعرض حاليا على مسرح آخر في مانشستر وهي من إخراج المخرجة المسرحية البريطانية لوسي بيلي وهي مخرجة متخصصة في الكلاسيكيات العالمية لشكسبير وغيره. وهي أيضا مخرجة مسرحية «حب من الغريب».
ويرى كافندش أن العرض الحالي تمكن من تحقيق معادلة صعبة تتمثل في الحفاظ على الإثارة في العمل المسرحي مع الحفاظ على المقومات المختلفة للعمل المسرحي مثل رسم الشخصيات والإضاءة والحوار وغيرها. وأشاد بأداء هيلين برادبوري في شخصية السكرتيرة وكانت تحمل اسم سيسيل هارنجتون وجاستين هافوث في دور الخطيب الأمريكي.
0 التعليقات:
إرسال تعليق