أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الأحد، 28 أغسطس 2022

مسرحية للأطفال " غابة اليوتوبيا " تأليف طلال حسن

مجلة الفنون المسرحية

الكاتب  طلال حسن 

 مسرحية للأطفال " غابة اليوتوبيا " تأليف طلال حسن


                                                                                                                           


      ( الفصل الأول )


                         غابة ، الدبة ترقد بكسل ، الدب 

                         الصغير يرقد في حضنها ،                       
                        الدجاجة تنظف الباحة في تذمر ،          

يدخل الديك وهو يختال بريشه
الزاهي ، يقف لحظة ، ثم يصيح
.. كوكو.. ريكو


الديك : ما رأيك ؟ إنه من مقام .. ، لن أحدثك
عن الموسيقى ، فأنت دجاجة ، هل قلتُ
صباح الخير ؟

الدجاجة : لم ..

الديك : إنني جائع ، أريد الفطور الآن .

الدجاجة : الفطور في القن .

الديك : الجو رائع اليوم ، لن آكل في القن .

الدجاجة : حيرتني ، وضعت لك الفطور هنا
البارحة ، فصرخت ، أريد أن آكل في
القن ، واليوم ..

الديك : صه .

الدجاجة : لقد احترت ..

الديك : قلتُ لك صه ..

الدجاجة : " تسكت " ....

الديك : أتحاسبينني !

الدجاجة : إنني لا أحاسبك .

الديك : أنسيتِ من أكون ؟

الدجاجة : آه .

الديك : أنسيتِ من تكونين ؟

الدجاجة : أين تريد أن تأكل ؟

الديك : هنا .

الدجاجة : " تتجه إلى القن " حاضر .

الديك : لحظة " تتوقف " أخبريني ، أليس الجو
بارداً هنا ؟

الدجاجة : أنت ، ماذا تقول ؟

الديك : بارد .

الدجاجة : لماذا تسألني إذن ؟

الديك : إن البرد يضر حنجرتي ، لن آكل هنا ،
سآكل في القن .

الدجاجة : كما تشاء .

الديك : طبعاً كما أشاء ، هل نسيتِ من أنا ؟

الدجاجة : أنتَ الديك .

الديك : وأنتِ ؟

الدجاجة : دجاجة .

الديك : مجرد دجاجة ، نظفي الباحة جيداً ،
ريثما أتناول فطوري .

الدجاجة : " في تذمر " حسناً .

الديك : " وهو يدخل  " ترى ماذا جرى لها ؟


                     الدجاجة تنظف الباحة ، الدب

                     الصغير يفتح عينيه ، وينسل

                    من حضن أمه ، الدبة تستيقظ


الدبة : " تتثاءب " آآآآ  .

الدب الصغير : " يزوم في غضب ؟ ....

الدبة : " للدجاجة "صباح الخير ، يا عزيزتي .

الدجاجة : صباح النور .

الدبة : " لصغيرها " نونو .

الدب الصغير : " بغضب " لم أعد نونو ، ألا ترين ؟

الدبة : إلى أين ؟

الدب الصغير : إنني جائع .

الدبة : " للدجاجة " أتسمعين ، يا عزيزتي ؟
إنه لا يشبع أبداً.

الدب الصغير : ماذا أكلتُ لأشبع ؟

الدبة : ألم أصطد لك البارحة سمكة ؟

الدب الصغير : البارحة !

الدبة : " للدجاجة " أتسمعينه ، يا عزيزتي ؟
إنه يسخر مني .

الدب الصغير : أتسمين تلك الفأرة سمكة ؟الدبة

الدبة : " للدجاجة " إنه بالضبط كأبيه .

الدب الصغير : ما له أبي ؟ إنه دب محترم .

الدبة : مثلك .

الدب الصغير: ولو كان هنا لما كنتُ جائعاً .

الدبة : انتظره إذن .

الدب الصغير : سأنتظره .

الدبة : " للدجاجة " عزيزتي .

الدجاجة : نعم .

الدب الصغير : ماما ..

الدبة : ارتاحي قليلاً ، إن العمل لا ينتهي .

الدب : ماما .

الدبة : نكدح طول اليوم دون جدوى .

الدب الصغير : " يصيح " ماما .

الدبة : ألا تراني أتحدث مع الدجاجة ؟ ماذا
تريد ؟

الدب الصغير : أريد قطعة من العسل .

الدبة : ليس لدينا عسل .

الدب الصغير : أريد عسلاً .

الدبة : نونو ..

الدب الصغير : لستُ نونو .

الدبة : كان عليك أن تعرف إذن ، أنه ليس لدينا
عسل .

الدب الصغير : لو كان أبي هنا لأعطاني عسلاً "
يمضي " سأبحث بنفسي عن الطعام .

الدبة : نونو ..

الدب الصغير : " يزوم غاضباً"....

الدبة : لا تدنُ من النهر .

الدب الصغير : " يخرج " ....

الدجاجة : لقد تأخر زوجك ، المسكين إنه مريض.

الدبة : هذا ما يدعيه .

الدجاجة : لا تقولي هذا ، يا عزيزتي ، إن زوجك
دب حكيم ، يحترمه الآخرون جميعاً ،
ويعملون برأيه .

الدب : اسأليني أنا عن حكمته ، يا عزيزتي ، لا
تصدقي كلّ ما يقال عنه ، إنه دب ثرثار
لا أكثر .

الدجاجة : عزيزتي ..

الدبة : إنه زوجي .

الدجاجة : ماذا أقول أنا إذن ؟

الدبة : زوجك ديك لامع ، يكفيك صوته .

الدجاجة : وماذا أفعل بصوته ؟

الدبة : عزيزتي .

الدجاجة : إنه كسول ، جعجاع ، يا عزيزتي ، لا
تصدقي كلّ ما يقال عنه ، إنه زوجي ،
وأنا أعرفه .

الدبة : إنني جائعة " تنهض " من الأفضل أن
أذهب إلى النهر " وهي تخرج " لعلي
أصطاد سمكة .


                               الديك يخرج من

                               القن ، ثم يصيح


الديك : كوكو .. ريكو .

الدجاجة : " تنظر إليه بحنق " ....

الديك : يوم رائع للغناء ، بالمناسبة ، شعير
الفطور لم يكن نظيفاً ، وكذلك قدح الماء ،
لقد رأيت فيه ذرة رمل .

الدجاجة : " تتأفف " ....

الديك " هل قلتِ شيئاً ؟

الدجاجة : " بتذمر " كلا .

الديك : على كل حال ، لا أريد أن يتكرر هذا
ثانية ، هل سمعتِ ؟

الدجاجة : " تصيح " نعم .

الثعلب : " يطل برأسه ، ويبتسم في مكر " ....

الديك : ماذا جرى لها ؟ " يصيح " كوكو ..
ريكو ، الله ، لنرَ ماذا سيقول المحكمون
الأغبياء هذه المرة " للدجاجة " آه نسيتُ
أن أسألكِ عن صديقنا الدب ..

الدجاجة : لم يرد خبر منه .

الديك : صديقي العزيز ، سأغني أجمل ألحاني
إذا عاد ، آه .. لو أن لي حكمته لسدتُ
العالم ، حسن ، سأذهب الآن .

الدجاجة : إلى أين ؟

الديك : وما شأنكِ أنتِ ؟ أنسيتِ من أكون ؟
أنسيتِ من تكونين ؟ 

الدجاجة : " تتأفف " ....

الديك : سأذهب إلى التل الأخضر ، يجب أن
أتدرب على الغناء في جو صحيّ ، فأنا لا
أريد أن أفشل ثانية في السباق ، وأترك
الجائزة الأولى لديك " كجي " قذر " يهم
بالخروج ثم يتوقف " البارحة لمحتُ
الثعلب هنا .

الثعلب : " يسحب رأسه " ....

الدجاجة : أنت لم تلمحه ..

الديك : وعلمتُ أنه يتردد عليكِ .

الدجاجة : الكلب هو الذي أخبرك .

الديك : ماذا يريد ؟

الدجاجة : إنه صديقي .

الديك : صديقكِ ! أيتها الحمقاء  أنسيتِ من
تكونين ؟

الدجاجة : " باعتزاز " أنا دجاجة .

الديك : وهو ثعلب .

الدجاجة : إنه ثعلب طيب .

الديك : الثعالب كلها سواء ، اسمعي ، لا أريده
هنا ، إنني لا أحب أن أترمل منذ الآن ،
فأنا ما زلتُ شابا ..

الدجاجة : " تطرق رأسها " ....

الديك : سأذهب الآن ، وأعود قبل الظهر ،
اعدي لي غدائي مبكراً ، هل سمعتِ ؟

الدجاجة : " تصيح " نعم .. نعم .. نعم .

الديك : " وهو يخرج " لقد جنت .


                   الدجاجة ترمي المكنسة من يدها 

                     بتذمر ، يدخل الثعلب ، وينظر 

                  إليها باشتهاء ، ويتظاهر بالمسكنة


الثعلب : صباح الخير ، يا عزيزتي .

الدجاجة : صباح النور ، لقد تأخرت اليوم .

الثعلب : كنت في غابة اليوتوبيا " يتلفت حوله "
يبدو أنك وحيدة ، أين الطلب ؟

الدجاجة : اطمئن ، ليس هنا .

الثعلب : الحمد لله ، إنه لا يحبني ..

الدجاجة : " تهمّ بالكلام " ....

الثعلب : لا تدافعي عنه ، يا عزيزتي ، إنني لا
أحقد عليه ، والدب ؟

الدجاجة : لقد ذهب إلى طبيب الغابة ، إنه مريض.

الثعلب : مريض ! المسكين ، ليشف الله ، لو أن
الدبة هنا لواسيتها .

الدجاجة : إنها ليست بعيدة ، لقد مضت قبل قليل ،
لتصطاد السمك .

الثعلب : إذا صاح أحدنا ، هل تسمعه ؟

الدجاجة : بالطبع ، إن سمعها قوي .

الثعلب : وكذلك قبضتها .

الدجاجة : لكنها طيبة ، وخاصة مع الأصدقاء .

الثعلب : من الأفضل إذن أن أبقى من الأصدقاء .

الدجاجة : أنت صديق عزيز فعلاً .

الثعلب : أشكرك ، يا عزيزتي " صمت " يبدو
أن أحداً لا يساعدك في أعمال المنزل ؟
أين زوجك ؟ 

الدجاجة : فوق التل الأخضر ، يتدرب على الغناء.

الثعلب : ومن يساعدك ؟

الدجاجة : لا أحد .

الثعلب : ماذا تقولين ؟ ليس هناك حيوان متطور
يساعد زوجته الآن ، ماذا يظن نفسه ؟
نحن في القرن العشرين .

الدجاجة : ماذا أفعل ، يا عزيزي ؟ إنه ديك .

الثعلب : ولكن هذا لا يعطيه الحق في استعبادك ،
إن الديكة تساعد زوجاتها في غابة
اليوتوبيا .

الدجاجة : اليوتوبيا !

الثعلب : غابة الحرية ولإخاء والمساواة .

الدجاجة : أرجوك ، حدثني أكثر عنها .

الثعلب : غابة اليوتوبيا غابة .. " يتشمم " إنني
أشم رائحته .

الدجاجة : من ؟

الثعلب : الكلب .

الدجاجة : لا تخف منه .

الثعلب : " يهم بالخروج "من الأفضل أن أذهب .


                   يدخل الكلب ، الثعلب يقف في  مكان

                     محرجاً ، ثم يبتسم بتردد وخوف

 

الكلب : ماذا تفعل هنا ، أيها الثعلب ؟

الثعلب : مرحباً ، أيها الصديق .

الكلب : أجبني .

الدجاجة : أرجوك ، إنه ثعلب صديق .

الكلب : إنه ثعلب ، يا عزيزتي .

الثعلب : صحيح أنا ثعلب ، لكني ثعلب متطور ،
و ..

الكلب : أنت ثعلب وكفى .

الثعلب : الثعالب ، يا صديقي كالكلاب ، ليست
كلها متشابهة ، هل الكلاب كلها مثلك ؟

الكلب : كلا ، لأن بعضها كان سيمزقك ، قبل
أن تتأوه .

الثعلب : " بخوف " من الأفضل أن أذهب الآن .

الدجاجة : " للكلب " لا أدري بأي حقّ تتصرف
هكذا ؟

الثعلب : نعم ، بأي حقّ ؟

الدجاجة : إنه صديقي .

الثعلب : أنا صديقها .

الكلب : امض ِ من هنا .

الثعلب : اسمح لي ..

الكلب : قلتُ لك ، امض ِ .

الثعلب : سأمضي ، ولكن ..

الكلب : " يكشر عن أنيابه " سأمزقك .

الثعلب : " للدجاجة وهو يهرب " إلى اللقاء .

الدجاجة : " تبقى صامتة " ....

الكلب : صديقتي العزيزة ..

الدجاجة : " لا تجيب " ....

الكلب : أنت تعرفين كم أحبك ، وأحترمك ، إن
الثعلب ..

الدجاجة : دعني أرجوك .

الكلب : عزيزتي ..

الدجاجة : إنني لا أسمح لأحد ، أن يتخل في
شؤوني .

الكلب : لكني أخاف عليك ، يا صديقتي .

 الدجاجة : لستُ صديقتك ، إنني حرة ، ولا أريد
أن تحوم حولي طول اليوم ، وتمثل دور
الصديق المخلص .

الكلب : " بأسى " آسف .



                              يدخل الديك منتشياً ،

                              ويقترب من الكلب


الديك : مرحباً أيها الصديق العزيز " للدجاجة "
أين غدائي ؟ " للكلب " لم تحثني عن
صديقنا الدب .

الكلب : إنه بخير ، لقد شفي من مرضه .

الديك : " للدجاجة " شفي .. " للكلب " يا للفرح
، من أخبرك بهذا ؟

الكلب : السنونو .

الديك : أفرحتني " للدجاجة " ألا تسمعيني ؟ "
للكلب " ألم يقل السنونو ، متى يأتي ؟ "
يصيح " إنني جائع ، متى سيحضر ال ..
" يسعل " ..

الكلب : مساء اليوم .

الديك : وهل عليّ أن أنتظر حتى .. ؟ " للكلب
" عفواً ، هل قلت أنه سيأتي مساء ؟ "
يصيح " أين الغداء ؟

الدجاجة : ليس هناك غداء .

الديك : ماذا ! " للكلب " ماذا قالت ؟ 

الكلب : " لا يجيب " ....

الديك : " للدجاجة " ماذا قلتِ ؟ 

الدجاجة : " لا تجيب " ....

الديك : " للكلب " هل قالت ليس هناك .. ؟

الكلب : " يهز رأسه " ....

الديك : لماذا ؟

الكلب : اسألها .

الديك : " للدجاجة " لماذا ؟ " يصيح " تكلمي .

الدجاجة : هل أنت جائع .

الديك : يا للجنون ، طبعاً .

الدجاجة : إذن حضره بنفسك .

الديك : ماذا أحضر ؟

الدجاجة : الطعام .

الديك : أنا أحضر الطعام ! هل جننتِ ؟

الدجاجة : لن أحضر الطعام مهما فعلت .

الديك : أيتها المجنونة ، أنسيتِ من أنا ؟

الدجاجة : أنت ديك .

الديك : وأنت ؟

الدجاجة : أنا ..

الديك : " يقاطعها " دجاجة ، مجرد دجاجة .

الدجاجة : " تصيح " نعم ، أنا دجاجة ، دجاجة ،
لكني لستُ عبدة لك أو لغيرك ..

الديك : لقد جنت ، جنت .


                          تدخل الدبة مسرعة ،

                        وصغيرها يمشي وراءها


الدبة : ماذا جرى ، يا عزيزتي ؟

الدجاجة : دعيني أرجوك ، دعيني .

الدبة : اهدئي ، يا عزيزتي ، اهدئي ، هذا ليس
من طبعك ، ماذا جرى ؟ أخبريني .

الدجاجة : " تمضي إلى الخارج " لن أبقى هنا
لحظة واحدة .

 

                        الدبة تلحق بها ، الثعلب يمدّ

                     رأسه ويبتسم بخبث ، ثم ينسحب  


الدب الصغير : ترى ماذا دهاها ؟

الديك : ماذا أفعل ؟ أخبرني ماذا أفعل ؟ هل
اذبحها ؟

الدب الصغير : تذبحها !

الديك : يجب أن أذبحها .

الدب الصغير : لكن لماذا ! ماذا فعلت ؟

الديك : صحيح إنني سأترمل ، لكن لا مفر ،
يجب أن أذبحها .

الكلب : اهدأ يا عزيزي ، سيأتي صديقنا الدب ،
ويجد لك حلاً .

الدب الصغير : " بفرح " سيأتي أبي .

الديك : حل ! ليس هناك إلا حلّ واحد .

الدب الصغير : " للكلب  هل سيأتي ؟

الديك : سأذبحها ، هذا هو الحل الوحيد .

الكلب : لحظة ، أرجوك .

الدب الصغير : " يتعلق بالكلب " أيها الكلب ..

الكلب : " للديك " اهدأ .. اهدأ .

الدب الصغير : أخبرني ..

الديك : لا تقل لي إنني سأبقى بلا زوجة ..

الكلب : أرجوك ..

الدب الصغير : لقد نفد صبري .

الديك : " وهو يخرج " لم أعد أحتمل .

الكلب : إلى أين ؟ 

الديك : إلى التل الأخضر ، يجب أن أغني وإلا
انفجرت .


                       الكلب يحاول اللحاق بالديك ،

                      الدب الصغير يضربه بعنف

 

الكلب : " يحاول التخلص منه " دعني ، يجب
أن ألحق به .

الدب الصغير : أيها الكلب اللعين ، لماذا لا تردّ عليّ ؟

الكلب : ماذا ! هل كنت تكلمني ؟

الدب الصغير : ماذا تظنني ؟

الكلب : مهلاً ..

الدب الصغير : لم أعد نونو ، هل فهمت ؟ لم أعد نونو.


                     الكلب يهرب إلى الخارج ، الدب

                    ، الصغير يعدوا وراءه ، ويصيح 


الدب الصغير : لم أعد نونو .. لم أعد نونو .. لم أعد
نونو .. لم أعد نونو ..


                                ستار




     ( الفصل الثاني )


                     منظر الفصل الأول نفسه ، صباح 

                  اليوم التالي ، الديك والكلب يتهامسان  


الديك : بعد منتصف الليل !

الكلب : لمحته يدنو من القن ، ثم سمعتُ الباب
يُفتح في هدوء ..

الديك : والدجاجة ؟

الكلب : رأيتها تطل من فتحة الباب ، وتهمس له
بشيء ..

الديك : المجنونة .

الكلب : فأشار لها أن تخرج ..

الديك : آه لو رأيتهما .

الكلب : وهمت أن تخرج فعلاً ، ولو لم أزم ،
وأنبح ، لكانت دجاجتك الآن ..

الديك : تبحث عن المساواة في أحشائه ، آه ماذا
أفعل ؟ أخبرني .

الكلب : تمالك نفسك ، يا عزيزي .

الديك : ليس هناك سوى حلّ واحد ، حلّ واحد
لا غير ، لا تقل إني ..

الكلب : سيأتي الدب بعد قليل .

الديك : هل حدثته ؟

الكلب : طبعاً .

الديك : ماذا قال ؟ أخبرني .

الكلب : أنت تعرف الدب ، وتعرف آراءه
المتحررة .

الديك : لا تحدثني في الفلسفة ، أخبرني بكلمة
واضحة ، ماذا قال ؟

الكلب : أرجوك ، لا ترفع صوتك .

الديك : " يهمس بغيظ " ماذا قال ؟

الكلب : بصراحة ، قال إنه لا يريد أن يفرض
رأياً على الدجاجة .

الديك : حسناً ، لم يبقَ سوى حلي ، سأذبحها .

الكلب : أرجوك ، إنه قادم .


                             يدخل الدب متمهلاً ، 

                         ويقترب من الديك والكلب


الدب : صباح الخير .

الكلب : أهلاً بصديقنا الحكيم .

الديك : " بانكسار " صباح النور .

الدب : كيف حالك ، يا عزيزي الديك ؟

الديك : سأفشل هذه المرة أيضاً .

الدب : بل ستفوز ، فصوتك رائع .

الديك : كيف يتسنى لي الفوز ، والدجاجة
تمزقني .

الدب : الألم العظيم يخلق الفنان العظيم ، أين 
صديقتنا الدجاجة ؟

الديك : في القن ..

الدجاجة : " تدخل " إنني هنا .

الديك : لكني أمرتك أن تبقي في القن .

الدجاجة : أمرتني ! إنني ..

الدب : أرجوكما ، لقد اجتمعنا هنا ، لنسوي
قضيتكما لا لنعقدها ، والآن أخبراني ، ما
هي القضية ؟

الديك : القضية ..

الدجاجة : قضيتي ..

الدب : لن نصل هكذا إلى نتيجة .

الديك : الكلام لي .

الدجاجة : أنا صاحبة القضية .

الدب : الزما الهدوء رجاء ، سيتاح لكل منكما
أن يتكلم ، ويدافع عن وجهة نظره ،
لتتحدث الدجاجة أولاً ، ثم ..

الديك : لكني ديك ، ومن حقي أن أتكلم قبلها .

الدب : من فضلك ، سنستمع أولاً إلى رأي
الدجاجة ، ثم نستمع إلى رأيك " للدجاجة
" تفضلي .

الدجاجة : القضية ، يا صديقنا الحكيم ، أن لي
مطلباً ، ويجب أن يتحقق .

الدب : سيتحقق إذا كان عادلاً .

الدجاجة : إنه عادل .

الدب : حسناً ، ما هو مطلبكِ ؟

الدبة : " تدخل " أريد ابني .

الدب : أعوذ بالله .

الدبة : هذا مطلبي .

الدب : ما الذي جاء بها الآن ؟

الدبة : جد لي ابني .

الدب : ألم يكن معك قبل قليل ؟

الدبة : نعم  كان يلعب إلى جانبي .

الدب : أين ذهب إذن ؟

الدبة : لا أدري .

الدب : وهل أدري أنا ؟

الدبة : طبعاً لا تدري ، مادمت تقضي جلّ
وقتك في تمثيل دور .. الدب الحكيم .

الدب : أعوذ بالله .

الكلب : أرجوكِ  نحن في مهمة جليلة .

الدبة : أريد ابني .

الدب : اذهبي ، وابحثي عنه .

الدبة : أين أبحث عنه ؟

الدب : ليس هنا .

الكلب : اسألي صديقه الأرنب .

الدبة : سألته ، لا يعرف شيئاً عنه ، ساعدني
في البحث أنت ، وإلا جننت .

الدب : لا أستطيع الآن ، ألا ترين ؟

الدبة : إنه ليس ابني فقط ..

الدب : اذهبي الآن .

الدبة : إنه ابنك أيضاً .

الدب : قلت لك اذهبي .

الدبة : لا تصرخ بي هكذا ، لستُ " ترتفع
صرخة من الخارج " أسمعتَ ؟ ابني ..

الكلب : أعتقد أنه صوت ..

الدبة : " وهي تخرج مسرعة " إنه ابني ، ابني
..

الدب :  يضحك " المجنونة ، لم تعد تفرق بين
الدب الصغير  وبين الببغاء وهو يقلده "
للدجاجة " حسناً ، يا عزيزتي ، نعود إلى
مطلبك . 

الدجاجة : مطلبي هو المساواة .

الديك : مرة أخرى .

الدب : المساواة ، مع من ؟

الديك : معي .

الكلب : لحظة صديقي ، لحظة .

الديك : ما ذنبي إذا كانت بلا عرف ؟

الدب : أرجوك ، يا صديقي " للدجاجة "
أخبريني يا عزيزتي ، في أي مجال
تطالبين بالمساواة ؟

الدجاجة : في كل المجالات .

الديك : اسألا الدجاجة ، ألستُ أقدمها على نفسي
، عندما أعثر على الطعام ؟

الدجاجة : لستُ بحاجة إلى طعامه ، فأنا الأخرى
لي عينان ، وأستطيع أن أعثر على
طعامي .

الديك : وعند الخطر ، من يحميك غيري ؟

الدجاجة : أنت تحميني ؟

الديك : أتنكرين هذا أيضاً ؟

الدجاجة : ممن حميتني ؟

الديك : حميتك من ..

الدجاجة : الذئب ؟

الديك : " بألم " آه .

الدجاجة : لقد رأيتك تركض من وجهه كالفأرة .

الدب : عزيزتي ، إن الهرب من موت محتم ،
لا يعتبر نقيصة ، بل بطولة .

الدجاجة : لكن ماذا تعتبر الديك ، الذي يهرب
ويترك زوجته وأفراخه للموت ؟

الديك : هذا افتراء .

الدجاجة : أتعتبره بطلاً أيضاً ؟

الدب : أعزائي ..

الديك : آه لقد فضحتني هذه الدجاجة .

الدب : لنعد إلى موضوعنا " للدجاجة "
عزيزتي " لقد طالبت بالمساواة ، مع
صديقنا الديك ، وهذا مبدئياً مطلب
مشروع ، وعادل ، وأنا في الحقيقة معك
، لكنك لم تخبريني ، في أي مجال بالذات
تطالبين بالمساواة ؟

الدجاجة : أيها الحكيم ، هل تسمح لي ، أن أفصل
بعض الشيء ؟

الديك : فصلي .

الكلب : أرجوك ، يا عزيزي .

الديك : هل أبقت مني شيئاً ؟

الدب : من فضلك ، لا تقاطعها ، سيتاح لك أنت
أيضاً أن تتكلم " للدجاجة " تفضلي .

الدجاجة : أيها الصديق الحكيم ، إنني أضع البيض
، وأحضنه حتى يفقس ، وأعنى بالصغار
حتى يكبروا ، ثم أضع البيض ثانية ،
وهكذا .. إضافة إلى أعمال المنزل من
تنظيف ، وإعداد الطعام .. و .. و .. و ..
بينما حضرة الديك ، لا يفعل شيئاً سوى
الاختيال والغناء بمناسبة وغير مناسبة ،
هذه ليست عدالة ، وأنا لن أرضى بهذا
الواقع مطلقاً . 

الديك : وما الحل في رأيك ؟ أتريدين أن أبيض
بدلاً منك ؟

الدجاجة : لا .

الديك : ماذا تريدين إذن ؟

الدجاجة : أوريد أولاً ، أن نقتسم فترة احتضان
البيض .

الديك : هذا أولاً ، وثانياً ؟

الدجاجة : أن تأخذ على عاتقك رعاية الصغار 
وتربيته .

الديك : وبعد ؟

الدجاجة : وتساعدني في أعمال المنزل .

الديك : وهل أكون ديكاً عندئذ ؟

الدجاجة : لا يهمني ماذا تكون ، المهم أن تتحقق
العدالة ، وتتم المساواة .

الديك : هذه ليست أفكارك ، أنت زوجتي ، وأنا
أعرفك ، هذه أفكار صديقك .. الثعلب .


                             يدخل الثعلب ، الجميع 

                             يحدقون فيه مندهشين


الثعلب : السلام عليكم " لا أحد يرد " كيف حالك
، يا أصدقائي ؟ " لا أحد يرد " كيف حال
صديقي الدب ؟ لقد أخبرتني صديقتي
الدجاجة ، أنك كنت مريضاً ، فأرجو أن
تكون الآن بخير " الدب لا يرد "
وصديقي الكلب ، مثال اليقظة والوفاء ،
كيف حاله ؟

الكلب : لستُ صديقك .

الثعلب : سامحك الله .

الكلب : إنني لا أصادق المحتالين .

الثعلب : سبحان الله ، أنت مثلي بالضبط .

الكلب : لستُ مثلك .

الديك : أنت دجال .

الثعلب : لا .. أرجوك .

الديك : تستغل البسطاء ، وتغرر بهم .

الثعلب : لا .. لا .

الديك : وتفتك حتى بالفراخ الصغيرة البريئة .

الثعلب : يا صديقي ، يبدو أن معلوماتك عني
قديمة جداً ، نعم ، لا أنكر أنني كنت
حيواناً محتالاً ، شرساً ، لا أتورع عن
شيء ، لكني تبت ، يا صديقي .

الدب : يا للدجال .

الديك : أخبرني ، إذا صادف وأن رأيت فرخاً
صغيراً ، ماذا تفعل ؟

الثعلب : أعيده بكل حنان إلى أمه .

الديك : وإذا كانت أمه الحمقاء ، دجاجة صغيرة
وسمينة .

الثعلب : أعيد إليها صغيرها ، وأمضي في
طريقي .

الديك : فقط ؟

الثعلب : آه ، كلا بالطبع ، قبل أن أمضي ،
أنصح الأم أن لا تترك صغيرها يبتعد
كثيراً ، فقد يصادف أن يمرّ ثعلب رجعي
، لا يؤمن مثلي بالتطور ، وعندئذ .. كم
تعلم .. لن يجدي الندم .

الكلب : يا للكذب .

الديك : من يصدق هذا الهراء ؟

الثعلب : سامحك الله .

الكلب : امض ِ من هنا .

الثعلب : من فضلك .

الديك : لا نريدك بيننا .

الكلب : " يزوم " ...

الدب : أصدقائي ..

الثعلب : أهكذا تعاملون ثعلباً متطوراً ؟ آه يا
للأسف .

الديك : أنت محتال .

الكلب : دجال .

الديك : كاذب .

الدب : أرجوكم ، ليس هكذا .

الديك : ليمض ِ من هنا .

الدب : سيمضي مادمتم لا ترحبون بوجوده "
للثعلب " من الأفضل أن لا تبقى هنا .

الثعلب : " ينظر إلى الدجاجة " حسناً ، سأمضي
الآن ، سأمضي  .

الدجاجة : صديقي ..

الديك : صه .

الثعلب : لن أبقى في غابتكم ، سأذهب إلى غابة ،
لا يعامل فيها ثعلب متطور مثلي ، معاملة
رجعي موتور .

الكلب : ما اسم هذه الغابة .. الكذبة ؟

 الثعلب : إنها ليست كذبة ، إنها غابة اليوتوبيا .

الدجاجة : كالحالمة " يو ,, تو .. بيا .

الدب : لم أسمع بهذه الغابة ، أين تقع ؟ 

الثعلب : لا تسألني ، يا صديقي ، أين تقع ..

الكلب : لأنه لا يعرف ذلك .

الثعلب : بل اسألني عن حقيقتها .

الديك : لقد سمعنا أكاذيبك عنها .

الثعلب : اليوتوبيا غابة الحرية والإخاء والمساواة
، غابة الحلم .

الدجاجة : الله .

الثعلب : " للدب " أتمنى أن تتفضل معنا .

الدب : أشكرك ، يبدو أنك لن تسافر وحدك .

الثعلب : نعم ، لقد سبقني بعض الأصدقاء .

الكلب : ثعالب مثلك .

الثعلب : بعضهم كلاب ، لكن ليسوا مثلك .

الديك : أنت كاذب .

الثعلب : وبعضهم ديكة ، ولكن ليسوا حمقى .

الديك : أيها اللعين .

الثعلب : ألا تتفضل معنا ؟

الديك : كلا .

الثعلب : ستتفضل يوماً ما .

الديك : امض ِ من هنا 

الكلب : امض ِ وإلا مزقتك .

الثعلب : " ينظر إلى الدجاجة  ....

الدجاجة : صديقي ..


الديك صه ، أيتها المجنونة .

الكلب : " يهجم على الثعلب " أيها اللعين ،
سأمزقك .

الثعلب : " يهرب " إلى اللقاء .


                      الكلب يندفع وراء الثعلب 

                     ، الدجاجة تدفن وجهها 

                     بين جناحيها ، وهي تبكي


 الدب : عزيزتي ، نحن أصدقاؤك ، ولا يهمنا
سوى راحتك وسلامتك ..

الدجاجة :  يزداد بكاؤها " ....

الدب : أن الثعلب محتال ، وأنا لا أعتقد أنه
يمكن أن يكون يوماً صديقاً لك ، أو
صديقاً لأي دجاجة . 

الديك : ما لكِت بكين ؟ اسكتي .

الدب : دعها ، يا صديقي .

الديك : انظر كيف تبكي وتشهق ، لو أنني
استشهدت بين فكي ذئب متوحش ، هل
كانت تبكي عليّ هكذا ؟

الدب : يا صديقي ..

الديك : كلا بالطبع ، فأنا أعرفها .

الدب : عزيزتي ، هدئي من روعك " يزداد
بكاؤها " إننا نتعاطف مع قضيتك ،
وسنجد لها حلاً عادلا ً .

الديك : انظر كيف تبكي ، لقد فضحتني .

الدب : أنتِ متعبة ، ومن الأفضل أن تذهبي
إلى القن ، وترتاحي قليلاً " يخفت شهيقها
" هيا يا عزيزتي ، اذهبي .

الدجاجة : " تخرج " ....

الدب : عزيزي ، يجب أن تتفهم زوجتك
الدجاجة ، وتلبي بعض مطالبها ، إن
العالم يتطور ، ومن الضروري أن نتطور
نحن أيضاً .

الكلب : " يدخل وهو يلهث " أيها الحكيم ..

الدب : مهلاً ، مهلاً ، ما لك تلهث هكذا ؟

الديك : أخبرني ، هل لحقت بالثعلب ؟

الكلب : اللعين ، غرست أنيابي في مؤخرته .. "
الديك والدب يضحكان " أيها الحكيم ، لا
تضحك .

الدب : " يواصل الضحك " هاهاها  لماذا ؟

الكلب : الدبة قادمة .

الدب : " مازال يضحك " هاهاها، ولماذا لا
أضحك ؟

الدبة : " تدخل " أين الحكيم ؟ أين هو ؟

الدب : أعوذ بالله .

الدبة : " تندب " ابني ..

الديك : ما له ؟

الدبة : بحثت عنه في كل مكان ، ولم أجده .

الكلب : لا تخافي عليه ، لم يعد صغيراً .

الدبة : " تنوح " ابني ، ابني " كالحالمة "
البارحة رأيته يطير فوق النهر ..

الدب : يطير !

الدبة : وحوله هالة من نور ..

الدب : يا للجنون ، هل رأيتم دباً يطير ؟

الدبة : هتفتُ به أن يعود ، لكنه هوى إلى النهر
، وهو يصيح أمي .. أمي ..

الدب : لقد جنت .

الدبة : " تنوح " ابني .. ابني ..

الكلب : " ينهنه باكياً " لا تنوحي هكذا .

الدبة : أين أنت الآن ؟ أين أنت ؟

الكلب : " يجهش بالبكاء " لم أعد أحتمل .

الديك : عزيزتي ، هل صحيح أنه كان يطير ؟ 

الدبة : نعم .. نعم .

الديك : ثم .. هوى إلى النهر ؟

الدبة : وهو يصيح .. أمي .. أمي .

الديك : لم أرَ في حياتي دباً يطير .

الدبة : هل تعتقد أنني أكذب ؟

الديك : كلا ، يا عزيزتي ، لكن ..

الدبة : لقد رأيته بعينيّ ، وهو يهوي إلى النهر
، ويختفي في أعماقه المظلمة ، وحين
استيقظت ، لم أجده إلى جانبي .

الدب : هل كنتِ نائمة !

الدبة : نعم .

الدب : وكيف رأيته إذن ؟

الدبة : في الحلم .

الدب : لعنة الله عليكِ .

الدبة : " تبكي " ابني ، أريد ابني .

الدب : صه .

الكلب : اسكتي ، يا عزيزتي ، سنبحث عنه
جميعاً .

الديك : " وهو يخرج " اسمحوا لي لحظة ،
يجب أن أطمئن أولاً على دجاجتي
الحمقاء .

الدبة : ابني ، ابني العزيز ، آه كم كان جميلاً ،
وهو يطير ، وحوله هالة من النور ، لكنه
فجأة هوى .. هوى .. هو .. ى ..

الديك : " يولول من الخارج " آآآآ ه .

الدبة : " تصيح باكية " ألم أقل لكم ، إنه ابني ،
لقد مات .

الدب : اسكتي أيتها المجنونة .

الكلب : ماذا جرى ؟

الديك : " يدخل مولولاً " يا للكارثة ، لقد تهدم
قني ، تهدم قني ..

الدب : مالك ، يا عزيزي ، مالك ؟

الديك : المجنونة ..

الكلب : من !

الديك : دجاجتي ..

الدب : ما لها ؟

الكلب : ماذا أصابها ؟

الدبة : ماتت ؟

الديك : هربت مع الثعلب .

الكلب : اللعين ، سيأكلها هذه المرة .

الدبة : المسكينة ، كلّ هذا بسببكم .

الدب : يجب أن نلحق بهما ، قبل فوات الأوان .

الدبة : ولبني ؟

الدب : لننقذ الدجاجة أولاً ، ثم نبحث عن الدب
الصغير .

الديك : بسرعة أرجوكم ، بسرعة .

الدب : ليذهب كلّ منّا في طريق " للكلب "
اذهب أنت والديك من هنا " للدبة " وأنتِ
اذهبي من هنا ، هيا يا أعزائي ، هيا .


                       ينطلق الجميع في اتجاهات 

                      مختلفة ، يبقى المسرح للحظة 

                             خالياً ، ثم يُسدل ..

                     

                                  الستار         





    ( الفصل الثالث )


                          فسحة في الغابة ، تحف بها 

                          أشجار كثيفة ، يدخل الدب ، 

                           يسود المكان هدوء عميق



الدب : آه ، لقد أنهكني السير ، عندما كنتُ يافعاً
، لم يكن يهمني أن أعدو النهار بطوله ،
أما الآن فإن ساعة واحدة من السير تكاد
تقعدني" يند صوت من بين الأشجار "
لعله الثعلب " يتسمع " آه ليس هو ،
اللعين ، سيدفع الثمن غالياً .  

الدبة : " تدخل وهي تنوح " ابني ..

الدب : أيتها المجنونة ، ماذا دهاكِ ؟

الدبة : ابني ، ابني ..

الدب : كفي عن النواح ، ألا ترين إننا نبحث
عنه ؟

الدبة : ابني ليس هنا ..

الدب : من أدراك ؟

الدبة : إنه في النهر .

الدب : ثانية ؟

الدبة : صديقه الأرنب أخبرني بذلك .

الدب : وماذا يفعل في النهر ؟

الدبة : أغواه الثعلب .

الدب : الثعلب !

الدبة : وطلب أن يصطاد له سمكة .

الدب : اللعين 

الدبة : ومن يدري ، لعل التيار قد جرفه .

الدب : لا تخافي عليه ، إنه يجيد السباحة .

الدبة : لكنه صغير ، والتيار قوي ، آه ابني ،
أين أنت الآن ؟ أين أنت ؟

الدب : اللعين ، سيجر علينا الدمار ، الدب
الصغير قد يكون في النهر فعلاً ، أما
الدجاجة فلا يعرف مكانها إلا الله .


                           الديك والكلب يدخلان ، 

                            وهما يتلفتان حولهما

الديك : أنا أيضاً أعرف .

الدب : أين هي ؟ أخبرني .

الديك : في بطن الثعلب .

الدبة : أكلها ! " تنوح " يا للدجاجة المسكينة .

الديك : آه .

الدبة : كانت رحمها الله دجاجة فاضلة ..

الديك : آه يا زوجتي العزيزة .

الدبة : كانت شجاعة جسورة ..

الديك : آه يا دجاجتي المجنونة .

الدبة : لن يجود الدهر بمثلها أبداً .

الكلب : " ينشج باكياً " الرحمة ، أنتما تبكياني .

الديك : عودي إليّ ، وسأفعل ما تريدين ، سأنام
على البيض ، وأعنى بالصغار ، و ..

الكلب : " يتشمم " صه ، إنهما قريبان من هنا .

الدب : قريبان !

الدبة : ألم تمت الدجاجة !

الكلب : كلا .

الدبة : لكن الديك قال ..

الكلب : صه ، إنني أشمّ رائحته .

الدبة : رائحة من ؟

الكلب : الثعلب . 

الديك : ودجاجتي ؟

الكلب : " محرجاً " دجاجتك .. 

الديك : ألا تشمّ رائحتها ؟

الكلب : الحقيقة ، إنني أشمّ رائحته ..

الديك : ألم أقل لكم ؟

الدب : يا صديقي ..

الديك : لقد أكلها .

الدبة : " تنوح " فليرحمها الله ، كانت دجاجة..

الدب : صه أيتها الحمقاء .

الدبة : إنها صديقتي الوحيدة ، دعني أبكيها .

الكلب : " يتسمع " أصغوا ، إنني أسمع وقع
أقدام .

الدب : هيا نختبىء في هذه الأجمة .

الكلب : هيا يا أصدقائي ، هيا بسرعة .

 الديك : " للكلب " أخبرني ، أهي معه ؟

الدب : تعال ، يا صديقي ، سنعرف هذا بعد
قليل .


                      يختبىء الجميع في الأجمة ، تدخل

                     الدجاجة والثعلب ، يقعي الثعلب  في

                      طرف ، والدجاجة في طرف آخر  


الدجاجة : آه ، إنني متعبة .

الثعلب : أنا أيضاً متعب ، آه .

الدجاجة : وجائعة .

الثعلب : أرجوكِ ، لا تذكريني بالجوع .

الدجاجة : يمكنني أن أحتمل أي شيء إلا الجوع .

الثعلب : أنا أيضاً مثلك ، وخاصة عندما يكون
أشهى الطعام أمامي .

الدجاجة : آه .

الثعلب : كان أبي حكيماً ، وكانت له مقولة
ترددها جميع الثعالب ، كان يقول ، لو
كان الجوع دجاجة لأكلته .

الدجاجة : " بفزع " ماذا !

الثعلب : عفواً ، لو كان ثعلباً ، آه ، إنني أحسده ،
فقد ارتاح الآن من هذا الهم .

الدجاجة : هل هو في غابة اليوتوبيا ؟

الثعلب : كلا .

الدجاجة : أين هو إذن ؟

الثعلب : يرقد في بطن أسد .

الدجاجة : آه .

الثعلب : كان ثعلباً حكيماً ، والثعالب مازالت
تؤمن بحكمته .

الدجاجة : أتعرف ماذا أتمنى الآن ؟

الثعلب : ماذا ؟

الدجاجة : حفنة شعير ، وقدح ماء ، وأنت ؟

الثعلب : أنا !

الدجاجة : ماذا تتمنى .

الثعلب : " يحدق فيها " وماذا يمكن أن يتمناه
ثعلب ؟

الدجاجة : ماذا! 

الثعلب : أتمنى أن ترتاحي ، في غابتي ، غابة
اليوتوبيا .

الدجاجة : أشكرك ، أشكرك جداً .

الثعلب : صدقيني ، يا عزيزتي ، إذا دخلتي
غابتي ، فلن تخرجي منها أبداً .

 الدجاجة : ألم يسبقني إليها أحد ؟

الثعلب : مئات الطيور والفراخ والدجاج و ..

الدجاجة : والأغنام والماعز و ..

الثعلب : كلا ، كلا ، ماذا تظنين غابتي ؟ بطن
إنسان ؟

الدجاجة : لكمه أيضاً حيوانات مسالمة .

الثعلب : إن غابتي خاصة .

الدجاجة : بالدجاج ؟

الثعلب : كلا ، فقد دخلتها مئات الطيور والفراخ
، وحتى الديكة .

الدجاجة : لابد أنها مزدحمة إذن .

الثعلب : كلا ، كلا ، ليست مزدحمة ، وأستطيع
أن أؤكد لك ، إنها الآن تكاد تكون فارغة 

الدجاجة : " تلوذ بالصمت " ....

الثعلب : " ينظر إلها " ....

الدجاجة : لماذا تنظر إليّ هكذا ؟

الثعلب : أنت جميلة .

الدجاجة : أشكرك .

الثعلب : وسمينة ..

الدجاجة : حقاً !

الثعلب : ومشتهاة ..

الدجاجة : ماذا تقول ؟

الثعلب : وأنا معجب بك ، وخاصة بجسمك
السمين .. الطيب .. المشتهى .

الدجاجة : ماذا دهاك ؟

الثعلب : انظري إليّ ، من أنا ؟

الدجاجة : أنت صديقي .

الثعلب : من أنا ؟

الدجاجة : ثعلب .

الثعلب : حسناً ، وأنتِ ؟

الدجاجة : دجاجة .

الثعلب : أرأيتِ ؟ أنا ثعلب ، وأنت دجاجة ، هكذا
خلقنا .

الدجاجة : أرجوك ، أنا صديقتك .

الثعلب : أنتِ دجاجة .. سمينة ..

الدجاجة : وأنت ثعلب متطور ..

الثعلب : وأنا جائع ..

الدجاجة : أرجوك .

الثعلب : جائع جداً .

الدجاجة : ارحمني .

الثعلب : اقتربي مني ، اقتربي .

الدجاجة : ارحمني ، ارحمني .

الثعلب : تعالي إلى غابتي ، غابة اليوتوبيا "
يهجم عليها " تعالي وسوف ترتاحين إلى
الأبد .

الدجاجة : " تهرب " النجدة ، النجدة .

الثعلب : لن يسمعكِ هنا أحد .

الدجاجة : أصدقائي ، أصدقائي ..

الثعلب : لم يعد لكِ أصدقاء ، هيا .

الدجاجة : أنقذوني ، سيفتك الثعلب بي .

الثعلب : ادخلي غابتي ، ادخليها ، وأريحيني .

   

                      الثعلب يحاصر الدجاجة ، يدخل

                       الجميع ويحاصرون الثعلب ، 

                       فيتمالك نفسه ، ويبتسم في مكر

الثعلب : أهلاً بالأصدقاء ، تفضلوا ، الجو هنا
رائع " يحدقون فيه " لقد شعرت صديقتي
الدجاجة بالضجر ، فاقترحت عليها أن
نلعب لعبة ..

الدبة : إنني أعرف ألعابك .

الثعلب : لعبة .. الدجاجة والثعلب .

الدب : يبدو إننا وصلنا قبل النهاية .

الثعلب : آه ، إن أطيب قطعة من اللعبة ..
النهاية.

الدبة : أين ابني ؟

الثعلب : ابنك ! آه ، الدب الصغير ، إنني أعرف
مكانه " يهمّ بالخروج " أمهليني لحظة ،
سآتيك به.

الدب : " يقف في وجهه " حدثنا أولاً عن
النهاية .

الكلب : وسنحدثك نحن أيضاً عن نهايتك .

الثعلب : نهايتي !

الدب : حدثنا عن نهاية اللعبة .

الثعلب : لعبة الدجاجة والثعلب ؟ 

الدب : " يهز رأسه " ....

الثعلب : في النهاية ، ينقض الثعلب على الدجاجة
، ويمزقها ، و ..

الدبة : هذا ما سأفعله بك ، أين ابني ؟

الثعلب : " يحاول أن يتملص " لحظة ، سآتي
كبه .

الدب : لن تخرج من هنا .

الثعلب : ارأف بأمه المسكينة .

الدب : قلت لن تخرج الآن .

الثعلب : ألا تخشى على ابنك ؟

الدب : إنني أخشى عليه منك .

الثعلب : مني ! ماذا جنيت ؟

الدبة : لقد غررت به .

الثعلب : أنا !

الدبة : وجعلته ينزل النهر الهائج ، ليصطاد لك
سمكة .

الثعلب : من أخبرك بهذه الكذبة ؟

الدبة : الأرنب .

الثعلب : طبعاً الأرنب ، من يكون غيره ..

الدبة : إن الأرنب صادق .

الثعلب : يا صديقتي ، إذا كان الأرنب صادقاً ،
فمن يكون الكاذب إذن ؟

الدبة : أنت .

الثعلب : اسألي أي حيوان محترم ، عن سبب
الشق في الشفة العليا للأرنب ، ولن تجدي
حيواناً واحداً ، لا يقول لك ، إن السبب
هو الكذب ، يا للعي ، كيف يمكن أن
أغوي ابنك الصغير ، على النزول إلى
النهر الهائج ، أليس لي ضمير ؟


                       يدخل الدب الصغير ، والماء

                       يقطر منه ، الدبة تنظر إليه

  

الدب الصغير : " يتوقف صامتاً " ....

الدبة : ابني ، لقد بحثت عنك في كل مكان ،
أين كنت ؟

الدب الصغير : في النهر .

الثعلب : آه .. قلبي .

الدب الصغير : " للثعلب " لم أستطع أن أصطاد لك
شيئاً .

الثعلب : قتلتني .

الدبة : " للثعلب " الأرنب يكذب ؟

الدب الصغير : لقد جرفني التيار  وكدت أغرق .

الدبة : " للثعلب " سأمزقك .

الثعلب : أرجوك ، أصغي إليّ .

الديك : دعيني أفقأ عينيه .

الثعلب : الرحمة .

الكلب : دعوني أعضه .

الثعلب : لا ..

الكلب : " للثعلب " سأقطع لسانك ، حتى لا
تغرر بأحد ثانية ؟

الدب : لحظة أرجوكم .

الدبة : دعني أمزقه ، لقد أوشك لبني على
الغرق .

الدب : أصغوا إليّ ..

الديك : دعني أفقأ عينيه ، لقد كاد يرملني .

الدب : أصغوا أرجوكم ، لديّ فكرة ..

الطلب : أيها الأصدقاء ، دعونا نسمع صوت
الحكمة .

الدب : لقد كنّا سعداء ، قبل أن يطهر الثعلب
بيننا ..

الكلب : أحسنت .

الدب : وسنكون سعداء إذا اختفى .

الدبة : سنمزقه إرباً .

الدب : كلا .

الكلب : ماذا نفعل به إذن ؟

الدب : ننفيه .

الديك : لكنه قد يعود .

الدب : لن يعود .

الدبة : وإذا عاد ؟ 

الكلب : أقطع لسانه .

الدب الصغير : أرميه في النهر .

الدجاجة : أفقأ عينيه .

الديك : عزيزتي ، افقئي أنت عيناً ، وأفقأ أنا
عينه الأخرى . 

الدب : " للثعلب " لقد استمعت إلى حكمنا ، 
اذهب ولا تعد .

الثعلب : حسناً ، سأذهب " للدب " ألا تأتي معي؟

الديك : اذهب قبل أن أفقأ عينيك .

الثعلب : قد نلتقي في يوم ما .

الديك : لن نلتقي أبداً .

الثعلب  : وإذا كنتُ لن ألتقي بك ، فسيلتقي حفيدي
بحفيدك ، وستدفع الثمن .

الكلب : " يهجم على الثعلب " سأقطع لسانك
هذه المرة .


                   الثعلب يطلق ساقيه للريح ، الكلب

                   يعدو وراءه ، وهو ينبح ، الجميع 

                           يغرقون في الضحك

                                                                                                                      
ستار  




0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption