أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الجمعة، 14 يوليو 2023

مسرحية للفتيان " النور الأحمر " تأليف طلال حسن

مجلة الفنون المسرحية

   

الكاتب  طلال حسن 

       مسرحية للفتيان "  النور الأحمر " تأليف    طلال حسن   

       





     شخصيات المسرحية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ الملك ملك بابل

2 ـ الملكة زوجة ملك بابل

3 ـ ولي العهد حاكم مدينة اريدو

4 ـ الحكيم حكيم مدينة اريدو

5 ـ الزوجة زوجة الحكيم

6 ـ الكاهن الأعظم كاهم مدينة بابل

7 ـ الكاهن كاهن مدينة اريدو

8 ـ الحاجب حاجب الملك

9 ـ الحاجب حاجب ولي العهد

10 ـ الخادم

11 ـ الخادمة




المشهد الأول




                         غرفة ، أثاث بسيط ، الحكيم

                             جالساً يكتب على رقيم


الحكيم : " يعتدل في جلسته " آه تمّ النور
الأحمر أخيراً ، ولماذا النور الأحمر ؟
" يبتسم " هذا ما قاله لي الأمير ولي
العهد ، فقلت له ، إنه نور الشمس ، يا
مولاي ، فعندما تشرق الشمس أو تغرب ،
يكون محاطا بهالة من النور الأحمر "
يصمت " ابتسم الأمير ، وقال لي ، تعال
أيها الحكيم ، واشرح لي النور الأحمر ،
فأنا تلميذك .


                           الزوجة تدخل ، وتقف 

                             صامتة عند الباب 


الحكيم : انحنيت له  ، وقلت مبتسماً ، أمرك
مولاي .

الزوجة : " تنظر إليه متعجبة " ....

الحكيم : " تتسع ابتسامته " أمرك ..

الزوجة : " تتنحنح " احم .

الحكيم : " ينتبه " .... 

الزوجة : " تنحني محاكية زوجها " طعام الغداء
جاهز ، يا مولاي .

الحكيم : "ينظر إليها و يبتسم " آه .. نوري
الحبيب .

الزوجة : أنت تحدث نفسك ، ستجن يا حبيبي ، إن
لم تكن قد جننت بعد .

الحكيم : جننت يوم رأيتك ، ولم أعقل حتى الآن
، ثم إنني لم أكن أحدث نفسي .

الزوجة : " تنحني محاكية إياه " وأمرك مولاي
؟ يا حبيبي .

الحكيم : " يضحك " إنني أحدث الأمير .

الزوجة : الأمير ! عجباً " تتلفت " إنني لا أراه ،
ولا أرى أحداً .

الحكيم : وكذلك أنا .

الزوجة : يبدو أنه لا يكفي أن ترى الأمير في
القصر ، وفي البستان ، وعند شاطىء
النهر ، وفي المنام و .. و .. فتراه حتى
في خيالك  ..

الحكيم : إنه أميري ، يا نوري الحبيب ، وتلميذي
، ورفيقي ، و ..

الزوجة : وأنا  ؟

الحكيم : " ينهض "أنت نوري الحبيب .

الزوجة : سأنطفئ ، يا حكيمي الحبيب ، فأنت لا
تلتفت إليّ ، وتنصرف كلياً إلى ولي العهد
الأمير ، ونورك الأحمر .

الحكيم : النور الأحمر ، يا حبيبتي ، إنه نور
العمر ..

الزوجة : " تهز رأسها " ....

الحكيم : اطمئني " يحاول معانقتها " لقد
أتممته  اليوم .

الزوجة : " تبتعد عنه " دعني ، اذهب وعانق
نورك الأحمر .

الحكيم : هو نور آخر ، أنت حبيبتي ، ونوري
الدافئ .

الزوجة : هذا لا يفيد ، إنني لا أرى منك غير
الكلمات .

الحكيم : مهلاً ، مهلاً يا حبيبتي ، سأتفرغ لك بعد
أن ..

الزوجة : ابتعد عني ، ابتعد ، دائماً هناك بعد أن
.. وبعد أن ..

الحكيم : " يضحك " حسن ، امهليني الآن ،
، لدي ما يشغلني .

الزوجة : أرأيت ؟

الحكيم : " يبتسم " دقائق قليلة .

الزوجة : " تحدق فيه " ....

الحكيم : هل عاد الخادم ؟

الزوجة : لكن الطعام جاهز ، ولابد أنك جائع جداً
، دون أن تشعر ، فأنت لم تأكل شيئاً منذ
البارحة .

الحكيم : لا عليك ، سأتعشى بعد قليل ، 
الخادم اللعين تأخر .

الزوجة : هذا الخادم ، لا أدري لماذا لا أرتاح إليه
  ، رغم أنه مطيع وخدوم ، ولا يتأخر
عن عمل يُكلف به .

الحكيم : أنتِ مخطئة ، فهو على ما يبدو لي
إنسان طيب مسكين " يبتسم " لعلك لا
ترتاحين إليه ، لأنه يتودد إلى خادمتك
الشابة .

الزوجة : أنت الطيب " تهز رأسها " وكم أخشى
عليك من طيبتك هذه  .

الحكيم : لا تخشي شيئاً ، إن هو إلا خادم ، في
بيت حكيم " يبتسم "  شاعر.

الزوجة : " تبتسم " ليتك شاعر فقط .

الحكيم : لكن الشعراء كما تعرفين ، تتطلع
عيونهم إلى أقمار متعددة .

الزوجة : هذا ممكن ، لكن شاعري يختلف ، فلا
يوجد في سمائه سوى قمر واحد ..أم  إنني
.. ؟

الحكيم : " يضحك " بلا أم ، اذهبي ، وأرسلي
لي الخادم حالما يعود .

الزوجة : أنجز عملك بسرعة ، إنني لم أتغدَ بعد "
وهي تخرج " لا تدعني أنتظر طويلاً ،
فأنت تعرف جنوني .

الحكيم : حبيبتي ، تحمليني ، أنا أثقل عليك ، آه
نوري الحبيب ، هذا قدرك . 

الزوجة : " تخرج " ....

الحكيم : أحنّ إلى نوري ، وهي إلى جانبي ، لكن
ماذا أفعل ؟ إن النور الأحمر يطغى على 
كلّ شيء أحياناً ، حتى على نوري
الحبيب .


                              يدخل الخادم ، ويرمق

                              الحكيم بنظرة سريعة


الخادم : سيدي .

الحكيم : يبدو لي أنك تأخرت َ .

الخادم : عفواً سيدي ، ذهبت إلى صديقك الكاتب
، وبيته كما تعرف بعيد بعض الشيء ،
وطلبت منه أن يوافيك هنا ، بحسب
رغبتك ، فقال لي ، إنه سيأتي بعد قليل .

الحكيم : نعم ، هذا ما أريده " وكأنه يحدث نفسه
" فقد أنجزت الجزء الأخير من  النور
الأحمر  ..

الخادم : " يرمقه بنظرة سريعة " ....

الحكيم : " ينصت " أظن ، يا مولاي ، أن الباب
يُطرق .

الزوجة : " من الخارج " أرسل الخادم ، الباب
يُطرق .

الحكيم : لحظة " للخادم " افتح الباب ، لعله
الكاتب .

الخادم : " يخرج مسرعاً " ....

الحكيم : هذا الكاتب دقيق وسريع في عمله ،
سأعطيه هذا الجزء الأخير ، لعله ينجز
الكتاب كله في وقت قريب .

الخادم : " من الخارج " تفضل ، يا سيدي
الكاهن ، الحكيم موجود في غرفته .

الحكيم : إنه ليس الكاتب إذن بل الكاهن " يبتسم
" إنه طيب رغم أنه كاهن .


                             يدخل الكاهن ، الخادم

                                يقف عند الباب 


الكاهن : طاب مساؤك .

الحكيم         :أهلاً ومرحباً " للخادم " هات شراباً
منعشاً لصديقي العزيز " للكاهن "
والأفضل أن تشاركني الغداء .

الكاهن : " يضحك " أي غداء هذا ؟ الشمس
ستغيب بعد قليل .

الحكيم : شراب منعش إذن " للخادم " أسرع ،
هات الشراب .

الخادم : " يخرج " ....

الحكيم : العمل يُنسيني كلّ شيء أحياناً ، إنني لم
أتغدَّ حتى الآن ، ومع هذا فإنني لا أشعر
بالجوع .

الكاهن : أنت في أعماقك كاهن ، زاهد ، متقشف
، لا تعيش إلا على النور .

الحكيم : " يضحك " وخاصة النور الأحمر .

الكاهن : " يهز رأسه " .....

الحكيم : تفضل ، اجلس .

الكاهن : أشكرك ، إنني مستعجل ، لدي مهام لا
لا استطيع إرجاؤها .

الحكيم : أنت دائماً مستعجل ، أجلس ، أجلس ولو
قليلاً .

الكاهن : " يجلس " ....

الخادم : " يدخل حاملاً  الشراب ويقدمه للكاهن 
" تفضل سيدي .

الكاهن : " يتناول منه الشراب " أشكرك .

الحكيم : " للخادام " اذهب أنت ، وأعلمني
حالما يأتي الكاتب .

الخادم : " يخرج " حاضر سيدي .

الحكيم : "يبتسم للكاهن " تفضل ، اشرب ، إنه
شراب منعش ، أهداه لي منذ أيام أميري
العزيز .

الكاهن : " يرشف قليلاً من  الشراب " أشكرك
" ينظر إلى الباب " خادمك هذا من
الرواد الدائميين للمعبد .

الحكيم : وهذا بلا شك ما يريحك منه ، أو من أي
إنسان يرتاد المعبد في اريدو .

الكاهن : بالعكس " يرتشف رشفة أخرى من
الشراب " إنني لا أرتاح له .

الحكيم : يا للعجب ، هذا ما قالته عنه زوجتي
أيضاً .

الكاهن : لزوجتك حدس دقيق  " يبتسم " لا
عجب ، إنها امرأة .

الحكيم : من يدري " ينظر إلى الكاهن " أنت
، يا صديقي العزيز ، لم تأتِ في هذا
الوقت لتحدثني عن خادمي .

الكاهن : أيها الشاعر الحكيم ، إن كلّ ما يمكن أن
يمسك ، أو يلحق بك ضرراً ، مهما كان 
، فهو يقلقني .

الحكيم : أشكرك ، أرجو أن لا يكون هناك أمر
خطير لا أعرفه .

الكاهن : " ينظر إليه " ....

الحكيم : أنت صديقي " يضحك " رغم أنك
كاهن في معبد انانا .

الكاهن : لأني صديقك ، وأخاف عليك ، جئت
إليك .

الحكيم : اطمئن ، يا صديقي ، فأنا كما تقول أنت
.. شاعر .

الكاهن : نعم شاعر ، وشاعر كبير ، لكني أتمنى
لو تكتفي بالكتابة عن القمر والنجوم
والأطفال ، بل وحتى النساء .

الحكيم : حسن ، كما تشاء ، سأكتب عن امرأة
تشبه انانا .

الكاهن : انانا إلهة .

الحكيم : المرأة أيضاً إلهة .

الكاهن : لا تجدف .

الحكيم : إلهة فانية .

الكاهن : " ينظر إليه " ....

الحكيم : أما انانا فإنها امرأة خالدة .

الكاهن : أنت تلعب بالنار .

الحكيم : ليتك تقرأ النور الأحمر بتمعن .

الكاهن : قرأت مقاطع منه ، ولهذا فأنا أقول لك
إنك تلعب بالنار .

الحكيم : الحياة تتقدم ، يا صديقي ، والنور
الأحمر ، سيكون علامة على الطريق إلى
المستقبل .

الكاهن : هذه هرطقة ، أتمنى أن لا يسمعها
غيري من الكهنة هنا ، أو في معبد الإله
مردوخ في بابل ، النور نور الآلهة فقط ،
وهو نور خالد .

الحكيم : " ينظر إليه صامتاً " ....

الكاهن : عفواً ، لم آتِ لأجادلك ، ولكن يا
صديقي ، أرجوك كن حذراً .

الحكيم : " يبقى صامتاً " ....

الكاهن : هذا ما جئتُ لأقوله لك ، وأرجو أن تأخذ
قولي هذا بكل جدية " يمد يده إليه " ..

الحكيم : " يشدّ على يده " أشكرك .

الخادم : " يدخل " سيدي .

الحكيم : " يلتفت إليه " نعم .

الخادم : الكاتب بالباب .

الحكيم : فليدخل .

الخادم : " يخرج " ....

الكاهن : لديك ضيف ، آن لي أن أذهب .

الحكيم : رافقتك السلامة .

الكاهن : " يخرج " ....


                           يدخل الكاتب ، يبقى

                             الخادم عند الباب


الخادم : سيدي ، الكاتب .

الحكيم : أهلاً ومرحباً .

الخادم : " يبقى في مكانه " ....

الكاتب : طاب مساؤك .

الحكيم : طاب مساؤك ، يا عزيزي " للخادم "
اذهب أنت الآن .

الخادم : " يخرج ببطء " ....

الحكيم : " ينظر إلى الخادم مفكراً " ....

الكاتب : عفواً ، كان لدي ما يشغلني ، أرجو أن
لا أكون قد تأخرت عليك .

الحكيم : لا عليك ، جئت في الوقت المناسب ،
فقد أنجزت اليوم الجزء الأخير من كتابي
" النور الأحمر " ، وأردت أن تأخذه
بنفسك .

الكاتب : حسن ، أوشكت أن أنجز تلك الأجزاء
من الكتاب ، وسأنجزه كاملاً خلال فترة
قصيرة .

الحكيم : أريد عدة نسخ من الكتاب ، وسأهدي
النسخة الأولى منه إلى ولي العهد ..
الأمير .

الخادم : " يدخل " سيدي .

الحكيم : " يلتفت إليه " نعم .

الخادم : تقول سيدتي ، يجب أن تأتي وتأكل ،
ولو لقمة واحدة .

الحكيم : " ينظر مبتسماً إلى الكاتب " أسمعت ؟
يجب ..

الكاتب : لدي آمر أنا أيضاً في البيت ، تفضل ،
سأنتظرك .

الحكيم : " وهو يخرج مسرعاً " لن أتأخر .

الخادم : " يقترب من الكاتب " يبدو لي أن
عملك مرهق جداً ، الاستنساخ على ألواح
الطين ، وأحياناً على الصخر .

الكاتب : هذا عملي ، وأنا أجد متعة فيه .

الخادم : لدي ما يمتعك أكثر .

الكاتب : " يبتسم " شراب أيضاً .

الخادم : أعطاني إياه كاهن صديق ، من معبد في
المدينة المقدسة نيبور .

الكاتب : آه شراب نيبور لا مثيل له حتى في
بابل . 

الخادم : لا تنسَ ، إنه من كاهن عجوز .

الكاتب : هؤلاء الكهنة لهم ذوق عال ، وخاصة
في الطعام والشراب .

الخادم : هذه متعتهم الوحيدة " يبتسم " بعد
العبادة طبعاً .

الكاتب : " يبتسم " ....

الخادم : جاء سيدي الحكيم ، لا أدري كيف يبقى
على قيد الحياة ، وهو يعمل باستمرار ،
دون أن يأكل إلا القليل " يتجه إلى
الخارج " سأزورك هذه الليلة ، ومعي
شراب نيبور .


                        يخرج الخادم ، ويدخل الحكيم ،

                          ويقترب مبتسماً من الكاتب 

                                   إظلام       


















     المشهد الثاني



                            غرفة الاستقبال في قصر ولي

                           العهد ، يدخل الكاهن والحاجب


الحاجب : تفضل ، يا سيدي .

الكاهن : لست على موعد مع سيدي ولي العهد ،
لكني أريد لقاءه لأمر هام .

الحاجب : سيدي في جناحه ، وقد استيقظ من
القيلولة قبل قليل ، سأبلغه بحضورك ،
وبرغبتك في لقاء جلالته . 

الكاهن : أشكرك .

الحاجب : عن إذنك سيدي .

الكاهن : تفضل .

الحاجب : " يخرج " ....

الكاهن : لعل ما أفعله بدون فائدة ، إنني أعرف
الحكيم ، لكن لابد أن أبذل جهدي ،
والخير ما تختاره الآلهة .

الحاجب : " يدخل مسرعاً " ....

الكاهن " ينظر إليه متلهفاً " ....

الحاجب : سيدي .. ولي العهد .


                           يدخل ولي العهد ،

                            الكاهن ينحني له


الكاهن : طاب مساؤك ، يا مولاي .

ولي العهد : أهلاً ومرحباً " يشير للحاجب بالخروج
" .

الحاجب : " ينحني ثم يخرج " ....

الكاهن : أخشى ، يا مولاي ، أن أكون قد جئت
في وقت غير مناسب .

ولي العهد : لا ، لا ، أنت تعرف أن بابي مفتوح لك
، في كلّ وقت .

الكاهن : أشكرك مولاي .

ولي العهد : ثم إنك لا تأتي عادة إلا لأمر هام ، ترى
أنه لا يمكن ارجاؤه .

الكاهن : " ينظر إليه صامتاً " ....

ولي العهد : الحكيم مرة أخرى " يبتسم " هذا
الشاعر المتعِب .

الكاهن : مولاي ، أصارحك ، إنه يتمادى ، أكثر
مما يجب .

ولي العهد : لا أدري ، لعلي مخطئ ، أنتم تأخذون
كلّ ما يقوله مأخذ الجد .

الكاهن : لكن ما يقوله خطير ، يا مولاي ، ومن
الصعب أن يُغض النظر عنه .

ولي العهد : أيها الكاهن ، أنت نفسك تقول عنه دائماً
إنه شاعر ، وهو شاعر فعلاً .

الكاهن : نعم  إنه شاعر ، لكن شعره ، وكتاباته
الأخرى ، تتجاوز الخطوط الحمراء ،
التي يصعب السكوت عليها .

ولي العهد : " يضحك " النور الأحمر .

الكاهن : نعم ، وبالذات النور الأحمر ، هذا نور
قاتل ، يا مولاي .

ولي العهد : آه .

الكاهن : إنني أخاف عليه ، يا مولاي ، ولهذا
جئتُ إليك .

ولي العهد : أعرف أنك تحبه , وهو أيضاً يحبك ،
ويقول عنك " يبتسم "  إنني أحبه رغم
أنه كاهن .

الكاهن : " يبتسم " مولاي .

ولي العهد : لا عليك ، سأحدثه ، ولمصلحته ، وبناء
على رغبتك ، سأوقفه عند حده ، فأنا
أيضاً أحبه ، وأخاف عليه .

الكاهن : هذا ما أرجوه ، يا مولاي ، وإلا أوقع
نفسه في خطر لا يمكن تلافي نتائجه
القاتلة .

ولي العهد : سيأتي بعد قليل ، وسأحذره من مغبة
أعماله ، اطمئن ، كلّ شيء سيكون على
ما يرام .

الكاهن : أشكرك ، يا مولاي " ينحني "  أستودعك الآلهة .

ولي العهد : رافقتك السلامة .

الكاهن : " يخرج " ....

ولي العهد : هذا الحكيم ، رفيقي وأستاذي ، صحيح إنه لم يعد صغيراً ، لكنه طفل ، وهذا ما لا يدركه الكثيرون ، وخاصة الكهنة .

الحاجب : " يدخل " مولاي .

ولي العهد : نعم .

الحاجب : مولاي ، الحكيم .

ولي العهد : لابد أنه عرف أنني هنا الآن ، وليس في جناحي .

الحاجب : نعم ، يا مولاي ، وأراد أن يراك ، ربما على جناح السرعة .

ولي العهد : أرجو أن لا يكون قد عرف بحضور الكاهن .

الحاجب : لا أظن ، يا مولاي .

ولي العهد : حسن ، دعه يدخل .

الحاجب : " ينحني " أمر مولاي .

ولي العهد : " يهزّ رأسه " ....

الحاجب : " عند الباب " تفضل سيدي ، مولاي الأمير ينتظرك .

الحكيم : " عند الباب " أشكرك .


                            يدخل الحكيم مبتسماً ،

                           ويقترب من ولي العهد


الحكيم : طاب مساؤك ، يا أميري العزيز .

ولي العهد : أهلاً بالنور الأحمر .

الحكيم : " يضحك " إنني أحب هذا الاسم ، وإن كانت زوجتي لا ترتاح له .

ولي العهد : ليس زوجتك فقط .

الحكيم : " يبتسم " أميري ..

ولي العهد : الأحمر خطر ، أيها الشاعر الطفل ، حتى لو كان نوراً .

الحكيم : ليس في النور ، مهما كان لونه ، أي خطر .

ولي العهد : الشمس بنورها الحامي ، قد تحرق من يقترب منها .

الحكيم : بدون الشمس ونورها ، يا مولاي ، لن تكون هناك حياة .

ولي العهد : آه منك .

الحكيم : الفراعنة في مصر ، لا يعبدون الآن إلا إله واحد ، يا مولاي ، هو الإله آتون .. الشمس .

ولي العهد : لكن الكهنة ثائرون على الفرعون اخناتون ، وأنت تعرف الكهنة ، عندما تتهدد مراكزهم ، ويثورون .

الحكيم : أنت قلتها ، يا مولاي ، تتهدد مراكزهم ، ومصالحهم .

ولي العهد : إن ثورتهم لا تقف عند حدّ ، وقد يقتلون الفرعون اخناتون نفسه .

الحكيم : نعم ، قد يقتلونه ، لكنهم ومهما فعلوا ، لن يقتلوا.. الشمس .

ولي العهد : أنت ، يا رفيقي ، يا أستاذي ، لا تعبد آتون .

الحكيم : أنا لا أعبد آتون ، ولا آمون ، ولا ..

ولي العهد : " يبتسم " كفى شعراً .

الحكيم : الآن أرى .. النور الأحمر .. وأرى أنه .. الحقيقة .

ولي العهد : لندع آتون والنور الأحمر ، لقد أعدوا لنا في جناحي .. دلمون .

الحكيم : لكني أراك هنا ، ولهذا جئت لأعرف ما يجري .

ولي العهد : " ينظر إليه صامتاً " ....

الحكيم : الكاهن كان هنا .

ولي العهد : هذا الكاهن يحبك .

الحكيم : أنا أيضاً أحبه .

ولي العهد : ليتك تطمئنه .

الحكيم : إنني أحب النور الأحمر .

الأمير : " يهز رأسه " ....

الحكيم : أحد الحكماء قال لصديق يحبه ، ويختلف معه في الرأي ، يا صديقي العزيز ، إنني أحبك ، لكني أحب الحقيقة أكثر .

الأمير : " يمسك يده " كم أخاف علك ، يا أستاذي ، من هذه الحقيقة .

الحكيم : مهما يكن ، فأنا مطمئن " يبتسم " النور الأحمر سيبقى .

الأمير : تعال نذهب إلى جناحي ، ونتمتع بحقيقتنا .. دلمون .

الحكيم : " يبتسم " إلى دلمون إذن ، يا مولاي العزيز .


                             ولي العهد يخرج ،

                             ممسكاً بيد الحكيم 


                                   إظلام     

         












    المشهد الثالث




                             قاعة العرش ، يدخل

                          الكاهن ، وخلفه الحاجب


الكاهن : " ينظر إلى الحاجب " جلالة الملك
، على ما يبدو لي ، تأخر هذا اليوم ، أم
إنني مخطىء ؟

الحاجب :أخشى ، يا سيدي ، أن تكون ، قد بكرت
قليلاً .

الكاهن : ربما ، فنحن الكهنة كما تعرف ، ننام
مبكرين ، ونستيقظ مبكرين .

الحاجب : جلالة الملك ، حفظته الآلهة العظام
ورعته ، سعيد ومرتاح هذه الأيام ،
وربما يسهر مع سماره ، إلى ساعة
متأخرة من الليل ، فهو يريد أن يحتفل بما
تحقق من انتصارات .

الكاهن : ما تحقق ليس قليلاً ، ومن حق جلالته
أن يحتفل بهذا الانجاز العظيم ، والناس
كلهم يحتفلون معه  .

الحاجب : نعم ، يا سيدي ، كفانا قلقاً وخوفاً ، لقد
زالت جميع المخاطر عن المملكة ،
واستتب الأمن في كلّ مكان .

الكاهن : ربما هناك خطوة أخرى ، خطوة مهمة
للغاية ، وعندئذ فقط سيكون بلدنا الحبيب
.. جنة .. دلمون  .

الحاجب : " يحدق فيه مندهشاً " ....

الكاهن : " كأنما يحدث نفسه " نعم ، هناك
خطوة لابد منها ، وإلا فأن كلّ ما أنجزناه
، وما سننجزه في هذه البلاد المقدسة ،
سيذهب أدراج الريح . 

الحاجب : " ينظر إلى الخارج " أظن أن جلالة
الملك قادم .

الكاهن : " ينظر بدوره إلى الخارج " نعم ،
إنه جلالة الملك .

الحاجب : يبدو جلالته منشرحاً " يسرع نحو
الباب " لتدِم الآلهة هذا الانشراح " يقف
بالباب متأهباً " .. 


                  

                                 يدخل الملك منبسط  

                             الأسارير ، الحاجب ينحني  

                           

الكاهن : " يحني رأسه قليلاً " عمت صباحاً ،
يا مولاي .

الملك : عمت صباحاً أيها الكاهن الأعظم .

الكاهن : أخشى أن أكون بكرت اليوم قليلاً ، يا
مولاي .

الملك : " يبتسم " أو تأخرت أنا بعض الشيء
الكاهن : " ينظر إليه صامتاً " ....

الملك :  نحن على موعد هذا الصباح ، وأنا كما
تعرف لا أحب أن أجعلك تنتظر  .

 الكاهن : أنا طلبت هذا الموعد ، وقد استجبتم
جلالتكم رغم انشغالاتكم بحفلات النصر
وأفراحه .

الملك : حمداً للآلهة ، لقد قضينا على الغزاة ،
وحررنا الوطن منهم ، وحقّ لنا أن نحتفل
ونفرح ونتمتع .

الكاهن : والفضل للآلهة العظام ، ولكم ولولي
العهد ، يا مولاي ، نحن نبتهل إلى الآلهة
العظام دوماً ، أن يديمكم ذخراً للبلاد ،
وحصناً للإيمان ولما توارثناه من قيم
وعادات وتقاليد خالدة ، من آبائنا وأجدادنا
الخالدين .

الملك : حان وقت العمل والبناء  إذن ، فلنشيد
القصر الكبير ، الذي يليق بعرش هذه
البلاد القوية العظيمة ، ونجدد معبد الإله
مردوخ ، فالخطر الذي كان يهددنا ، زال
إلى الأبد .

الكاهن : هذا ما كنت أرجوه ، ويرجوه معي كلّ
مواطن شريف غيور على هذه البلاد ، يا
مولاي .

الملك : " ينظر إليه " ....

الكاهن : مهما كنا أقوياء ، علينا أن نتحوط ،
ونكون في منتهى الحذر ، فلوطننا أعداء
كثيرون  ، وعلينا أن نحذرهم ، ولا نغفل
عنهم لحظة واحدة .  

الملك : أعداؤنا الخارجيين هزمناهم شرّ هزيمة
، وكسرنا شوكتهم ، ولن تقوم لهم قائمة
بعد الآن .

الكاهن : الأعداء الخارجيون ، يا مولاي ،
خطرون جداً ، وقد هزمناهم فعلاً ، ولم
يعد يشكلون خطراً علينا ، لكن الخطر لم
يَزل تماماً .

الملك : أيها الكاهن الأعظم ، ما تقوله أمر
غريب ، فلم يعد الأعداء سوى فلول
وشراذم خارج الحدود .

الكاهن : مادام هناك أعداء في الداخل ، يا مولاي
، فالخطر موجود .

الملك : أعداء في الداخل ! هذه مبالغة " يحدق
فيه " من تعني .. ؟

الكاهن : من يدعونه  الحكيم ، وما يمكن أن يتبعه
من الرعاع والغوغاء والمخربين .

الملك : لكن هذا الحكيم أقرب إلى الشعراء
الهائمين ، كما يقول شاعر البلاط ، وهو
لا يقيم هنا ، بل في مدينة اريدو .

الكاهن : وهنا يكمن الخطر ، فابنكم ، ولي العهد
، يا مولاي ، يحكم تلك المدينة ، وأنتم
تعرفون علاقة الحكيم به .

الملك : يا لابني ولي العهد ، لم يجد شخصاً
يرافقه في المملكة كلها ، ويتتلمذ على يديه
، سوى هذا الحكيم .

الكاهن : وهذا أمر يجب أن لا نسكت عليه ، يا
مولاي ، ابنكم حفظته الآلهة ، هو ولي
العهد ، ومن سيحكم بعدكم ..

الملك : " يشير له أن يسكت " ....

الكاهن : عفواً مولاي ..

الملك : " يحدق فيه " .....

الكاهن : إنني حريص على عرشكم المقدس ،
عرش الآباء والأجداد العظام ، يا مولاي
، حرصي على بيوت الآلهة ومصالح
البلاد وسلامتها .

الملك : أعرف .. أعرف .

الكاهن : مولاي ، هذا المارق الخطر ،  ألف
كتاباً جديداً ، يفوق في خطورته كلّ ما
قاله وكتبه حتى الآن .

الملك : " يحدق فيه " ....

الكاهن : وصلتني قبل أيام ، من مدينة أريدو ،
نسخة من كتابه  هذا " يقدم له الكتاب "
أنظر ، يا مولاي .

الملك : " يأخذ الكتاب ويتطلع إليه " النور
الأحمر ..

الكاهن : اقرأه ، يا مولاي ، اقرأه جيداً ، وسترى
ما يقصده هذا المارق المرتد بالنور
الأحمر .

الملك : سأقرؤه الليلة ، وإن كنت لا أحتمل
القراءة " ينظر إلى الكاهن " ألقاك
غداً ، في نفس هذا الوقت .

الكاهن : " ينحني " مولاي .

      


                           الكاهن يتجه إلى الخارج ،

                            الملك يحدق في الكتاب 


                                     إظلام













    المشهد الرابع



                              منظر المشهد الأول ،

                            الملك يقف وسط القاعة


الملك : أيتها الآلهة ، هذه البلاد العظيمة المقدسة
منحتها لي وكلفتني برعايتها وحمايتها ، 
ومنحتني معها القدرة على الدفاع عنها
والتصدي للغزاة ، وسحقهم ، وطرد
فلولهم خارج الحدود  ، والآن لدي .. "
يتوقف وينظر إلى الخارج ويصيح " أيها
الحاجب .

الحاجب : " يدخل " مولاي .

الملك : هل جاء الكاهن ؟

الحاجب : ل يا مولاي .

الملك : إذا جاء ، فليدخل مباشرة .

الحاجب : أمر مولاي .

الملك : اذهب .

الحاجب : " ينحني ويخرج " ....

الملك : هذا الحكيم ، حكيم اريدو ، يبدو أنه ليس مجرد شاعر، يقال أنه في حدود الخمسين وله كتب عديدة ، وأنا رغم هذا لا أكاد أعرفه " بل ولم أره ، وحتى كتابه هذا  .. النور الأحمر .. لم أفهم منه أي شيء " يصمت "  يقول  الكاهن إنه خطر على العرش المقدس ، عرشي ، عرش الآباء والأجداد ، ولابد أنه خطر فعلاً " يصمت ثانية " وهذا ما أستطيع أن أقول إنني رأيته في .. النور الأحمر .

الحاجب : " يدخل " مولاي ..

الملك : الكاهن ؟

الحاجب : لا يا مولاي ، جلالة الملكة .

الملك : " يصمت متضايقاً " ....


                              الملكة تدخل عابسة ، 

                                الملك ينظر إليها  


الملكة : " للحاجب " أخرج أنت .

الحاجب : " يهمّ بالخروج " ....

الملك : أيها الحاجب .

الحاجب : " يتوقف " مولاي .

الملك : أعلمني إذا حضر الكاهن .

الحاجب : أمر مولاي .

الملكة : والآن أخرج .

الحاجب : " ينحني للملكة " أمر مولاتي "
يخرج " .

الملك : لديّ موعد مهم مع الكاهن ، هناك أمور
مهمة لابد أن نناقشها ، أما الأمور
الأخرى فيمكن إرجاؤها ، إذا كانت هناك
أمور تستحق ..

الملكة : لم أحتمل البقاء في جناحي ، لقد لاحظت
ليلة البارحة ، أنك كنت مشغولاً بعض
الشيء.
الملك : " متضايقاً " آه .

الملكة : لن أرتاح ، ولن يهدأ لي بال ، حتى
أعرف ما كان يشغلك  .

الملك : اطمئني ، أيتها الملكة ، لا توجد هناك
امرأة أخرى تشغلني .

الملكة : إنني قلقة عليك ، قلقة جداً ، فالبارحة
سهرت حتى ساعة متأخرة من الليل ، وقد
حاولت أن أعرف مع من سهرت ، لكن
دون جدوى .

الملك : لم أسهر مع امرأة ، بل لم أسهر مع أحد
، فقد سهرت مع " يريها الكتاب " مع
النور الأحمر .

الملكة : نعم !

الملك : " يريها الكتاب " ....

الملكة : " تحدق في الكتاب " النور الأحمر !

الملك : هذا من سهرت معه ،  النور الأحمر ،
وهو ليس امرأة كما ترين .

الملكة : من يدري ، لعل هذا النور ، أكثر
خطورة من أي امرأة ، وإلا ما بقيت معه
هذه المدة من الليل .

الملك : هذا ما يظنه الكاهن أيضاً ، رغم أنه ،
كما تعرفين ، ليس امرأة ، بل ولم يعرف
أي امرأة .

الملكة : مهما يكن ، أبعده ، هذا النور الأحمر ،
لا أريد أن أراه بين يديك ، لا في النهار
ولا في الليل .

الملك : " يهز رأسه " لك ما تشائين ، لن تريه
، ولن تسمعي ثانية أي شيء عنه . 

الحاجب : " يدخل " مولاي ..

الملك : " للملكة " جاء النور الأسود .

الملكة : " تنظر إليه " ....!

الحاجب : الكاهن ، يا مولاي .

الملكة : " تنظر إلى الملك " ....

الملك : " للملكة " هذا النور الحامي " للحاجب
" فليدخل .

الحاجب : " ينحني للملك " أمر مولاي " يخرج
" .

الملك : " للملكة " إذا حضر النور الأسود ،
فعلى النور الأبيض أن يعود إلى جناحه ،
وينتظر هناك .

الكاهن : " يدخل وينحني للملك " عمت صباحاً
، يا مولاي .

الملك : أهلاً بك ، أيها الكاهن الأعظم .

الكاهن : "ينحني  للملكة " عمت صباحاً ، يا
مولاتي .

الملكة : عمت صباحاً " للملك " هذه الليلة لا أريد أن  ترى بين يديك الملكيتين إلا النور الأبيض .

الكاهن : " ينظر إليها مذهولاً " ....

الملك : رافقتك السلامة .

الكاهن : " ينحني للملكة " رافقتك الآلهة الرحيمة ، يا مولاتي .


                              الملكة تسير مختالة ، 

                            وتخرج ، الملك والكاهن


الملك : " ينظر إلى الكاهن " .....

الكاهن : مولاي ، هذا اليوم ، جئتَ مبكراً جداً ، وهذا أمر مفهوم .

الملك : قرأت النور الأحمر .

الكاهن : لقد صليت طول الليل ، يا مولاي ، متمنياً أن ترى فيه ما رأيته ، دون زيادة أو نقصان .

الملك : صلاتك أثمرت على ما يبدو ، فالآلهة معك ومع الحقيقة ، إنني لم أرَ فيه فعلاً غير .. الأحمر .

الكاهن : " ينحني منشرحاً " النور نورنا ، يا مولاي .

الملك : إنه كما قلتَ ..

الكاهن : فتنة ، وأي فتنة .

الملك : هذا ما رأيته أنا أيضاً .

الكاهن : والفتنة نائمة ، يا مولاي ..

الملك : والموت لمن يريد إيقاظها .

الكاهن : لا عجب ، يا مولاي ، فأنت حامي النور الحقيقي .

الملك : اكتب إلى ابني في اريدو ، أن أقتل صاحب النور الأحمر .

الكاهن : " بارتياح " أمر مولاي .

الملك : أرسل الكتاب اليوم ، واحرص أن يصله في أقرب وقت .

الكاهن : سأذهب الآن ، وأكتبه على جناح السرعة ، وسيصله كتابنا اليوم ، ولو بعد منتصف الليل .

    

                          الملك يجلس على العرش ،

                            الكاهن ينحني  ثم يخرج

                    إظلام














    المشهد الخامس



                             ولي العهد يتمشى 

                          وحده في قاعة العرش


ولي العهد : " يحدق في الرسالة " هذه الرسالة هي
موتي " يتوقف " الحكيم ! معلمي
ورفيقي ، أهذا كابوس أم حقيقة ؟ يا لأبي
، إنه يعرف مكانته عندي ، فكيف يأمرني
بأن .. ؟ " يمشي بانفعال " أعرف من
يقف وراء هذا الأمر ، فلينتظر ، لن أدعه
يفلت من هذه الجريمة ، مهما كلف
الأمر" يتوقف " لكن الآن ما العمل ؟
أرسلت في طلب الحكيم ، وسيأتي بعد
قليل " يتوقف وينظر إلى الرسالة " ما
العمل ؟ ما العمل ؟.


                 

                           يدخل الحاجب ، الملك

                              يحدق فيه صامتاً

 

الحاجب : " ينحني " مولاي .

الملك : " لا يتحرك " ....

الحاجب : مولاي ، الحكيم بالباب .

الملك : " لا يتحرك " ....

الحاجب : مولاي ..

الملك : " ينتبه " نعم .

الحاجب : الحكيم بالباب .

الملك : دعه يدخل .

الحاجب : " ينحني " أمر مولاي " يخرج "


                        يدخل الحكيم ، ويقترب

                          من ولي العهد باشاً


الحكيم : " ينحني قليلاً " عمت صباحاً ، يا
مولاي العزيز .

ولي العهد : " يحدق فيه صامتاً " ....

الحكيم : عفواً ، يا مولاي العزيز ، لأني حرمتك
البارحة من النوم ، حتى ساعة متأخرة
من الليل .

ولي العهد : " ينظر إلى الرسالة " بل لم أنم حتى
الآن .

الحكيم : أعرف أن كتابي النور الأحمر قد أثارك
، وربما حرمك من النوم " يضحك "
مولاي .. 

ولي العهد : " ينظر إليه صامتاً " ....

الحكيم : سألني كاهن عجوز تجاوز السبعين من
العمر، ماذا تقصد بالنور الأحمر ؟ فقلت
له ، أقصد به النور الأحمر .

ولي العهد : " يحدق فيه " ....

الحكيم : " يضحك " فقال لي ، لكن النور أبيض
، منذ أن خلقته الآلهة حتى الآن ، فكيف
تريده أن يكون أحمر ؟

ولي العهد : " مازال يحدق فيه " ....

الحكيم : " تتراجع ضحكته " مسكين ، إنه كاهن
، كاهن عجوز .

ولي العهد : " ينظر إلى الرسالة " ....

الحكيم : " ينظر حيث ينظر ولي العهد " هذه
الرسالة ، يبدو أنها وصلتك اليوم ، يا
مولاي .

ولي العهد : " يهز رأسه " كلا ، لم تصلني اليوم ،
بل ليلة البارحة .

الحكيم : لكننا كنّا في البستان ، يا مولاي ، نقرأ
كتابي النور الأحمر ، حتى ساعة متأخرة
من الليل .

ولي العهد : هذه الرسالة ، وصلتني قبل أن أصل
القصر بقليل .

الحكيم : " مفكراً " آه .

ولي العهد : ولم تدعني أنام حتى الآن .

الحكيم : خيراً ، يا مولاي ، أقلقتني .

ولي العهد : " يجلس " تعال ، تعال اجلس " يحدق
فيه " أخبرني ..

الحكيم : " يجلس قبالته " مولاي .

ولي العهد : كتابك النور الأحمر ، كم نسخة كتبت
منه ؟

الحكيم : صديقي الناسخ ، كتب منه ثلاث أو أربع
نسخ ، على ما أعتقد .

ولي العهد : يبدو أن إحدى هذه النسخ ، وصلت إلى 
الكاهن الأعظم في بابل .

الحكيم : من يدري ، ربما .. " يبتسم " ليقرأ هذا
الكاهن شيئاً غير محفوظاته ، التي ملها
الجميع .

ولي العهد : " ينظر إليه صامتاً " ....

الحكيم : " يلوذ بالصمت " ....

ولي العهد : الأمر خطير ، يا رفيقي .

الحكيم : " حائراً " مولاي .

ولي العهد : خطير جداً .

الحكيم : آسف جداً ، يا مولاي ، لأن هذا قد
أزعجك .

ولي العهد : لم يزعجني ..

الحكيم : " ينظر إليه صامتاً " ....

ولي العهد : بل قتلني .

الحكيم : " مصدوماً " مولاي . 

ولي العهد : " يدفع له الرسالة وينهض " اقرأ .

الحكيم : " يمسك الرسالة حائراً " ....

ولي العهد : اقرأ .. اقرأ .

الحكيم : " يقرأ بتأثر متزايد " ....

ولي العهد : " ينظر إليه " ....

الحكيم : " يرفع وجهه مصعوقاً إلى ولي العهد
" ....

ولي العهد : قرأتَ ؟

الحكيم : نعم ، قرأت يا مولاي ، قرأت .

ولي العهد : والآن ، قل لي ، ما العمل ؟

الحكيم : " ينظر إليه صامتاً " ....

ولي العهد : أنت رفيقي ، ومعلمي ، وجزء من
حياتي ، أخبرني ، ما العمل ؟

الحكيم : " يطرق صامتاً " ....

ولي العهد : " بصوت متهدج " الرسالة واضحة ،
والأمر لك ، يا مولاي .

ولي العهد : ليس الأمر لي ، بل أمر ملكي ، وليس
لي إلا أن أنفذه .

الحكيم : " ينظر إليه صامتاً " ....

ولي العهد : أنت تعرف الملك .. أبي ، إنه لا يتسامح
، في مثل هذه الأمور ، حتى معي ..أنا
ابنه الوحيد .

الحكيم : مادام هذا رأيك ، يا مولاي ، فأنا لا
أرى إلا ما تراه .

ولي العهد : لكن في هذا موتي أيضاً ، إنك تعرف ما
تعنيه أنت عندي .

الحكيم : لا خيار ، فإرادة الملك ، كما تراها يا
مولاي ، فوق كل شيء .

ولي العهد : إنني آسف ، يا رفيقي ، ستكون نهايتك
خسارة كبيرة ، ليس لي فقط ، بل لكل
الناس.

الحكيم : أشكرك ، أشكرك يا مولاي ، إنني أقدر
مشاعرك الطيبة  .. " يصمت " ..

ولي العهد : " ينظر إليه متأثراً " ....

الحكيم : مولاي ، إنني رهن إشارتك .

ولي العهد : رفيقي العزيز .. ليس لي .. إلا أن أترك
لك أن تختار الطريقة ..

الحكيم : أشكرك ، يا رفيقي .

ولي العهد : " ينظر إليه دامع العيني " ....

الحكيم : " يصمت مطرقاً " ....

ولي العهد : " يبقى صامتاً " ....

الحكيم : اخترت .

ولي العهد : " يغالب تأثره " ....

الحكيم : إذا سمحت ..

ولي العهد : " يهز رأسه دامع العينين " ....

الحكيم : سأذهب إلى بيتي ، وأبقى فيه ، بدون
طعام أو شراب ، حتى الموت .

ولي العهد : " ينظر إليه والدموع تسيل من عينيه
" ....

الحكيم : " ينحني له " أشكرك ، يا مولاي .


                          الحكيم يستدير ، ويخرج ،

                        ولي العهد يقف دامع العينين

                                   إظلام


                                       




    المشهد السادس



                         فناء بيت الحكيم ، الخادم 

                         يتحدث همساً مع الخادمة  


الخادم : ليتنا نتحدث دائماً ، كما تحدثنا ليلة البارحة ، والقمر يسطع بدراً فوقنا ،  في
السماء .

الخادمة : " تنظر إليه دامعة العينين "....

الخادم : هذه الليلة ، سيسطع القمر أيضاً ، في
السماء .

الخادمة : " بصوت تخنقه الدموع " سيدي
الحكيم ..المسكين ..

الخادم : نحن بحاجة إلى أحاديث أخرى ، فأمامنا حياة طيبة ، بعد ما عشناه من بؤس طوال عمرنا .

الخادمة : ليس هذا وقته .

الخادم : سيتغير الحال ، لن نبقى خدماً ، نحن
بشر ، ويجب أن تكون لنا حياتنا ..

الخادمة : سيدنا يموت ، وهناك خائن يقف وراء
نكبته هذه ..

الخادم : " ينظر إليها صامتاً " ....

الخادمة : " تبتعد عنه " جاءت سيدتي .

الخادم : " يبتعد هو الآخر " ....


                               تدخل الزوجة ، حاملة

                             صينية طعام ، تبدو متعبة


الخادمة : " سيدتي " تسرع إليها " أنت متعبة ،
دعيني آخذ الطعام إلى سيدي .

الزوجة : لا هذه مهمتي .

الخادم :سيدتي ..

الزوجة : لقد حاولت مرات " للخادم " وأنت
أيضاً حاولت ، لكن دون جدوى .

الخادمة : سيدتي ، دعيني أحاول أنا ، هذه المرة ،
لعله يستجيب لي .

الزوجة : " بصعوبة " ما دام لم يستجب لي ،
فلن " تترنح " آه .

الخادمة : " تحاول اسنادها " سيدتي .

الزوجة : لا عليك " تبتعد قليلاً " إنني بخير "
تتجه نحو الغرفة " أيتها الآلهة .. "
تدخل الغرفة " .

الخادمة : " تنظر إلى الخادم " ....

الخادم : " يُطرق رأسه محرجاً " ....

الخادمة : سيدي الحكيم الطيب ، لا يستحق ما  يجري له .

الخادم : " وكأنه يدافع عن نفسه " لعله .. النور الأحمر .

الخادمة : " تحدق فيه " ....

الخادم : " يتململ محرجاً " الكاهن نفسه ، لقد سمعته مراراً ، يحذره من .. .

الخادمة : لكنه إنسان طيب ، مليء بالمحبة والحنان ، لو أعرف من وشى به ، لما اكتفيت باحتقاره ، بل لدفنته بنفسي في التراب .

الخادم : " مغالباً انفعاله " كفى .

الخادمة : " بصوت باك " إنه يموت .

الخادم : " يكاد ينهار " كفى .. كفى .

الخادمة : " تنظر إليه وكأنها تتهمه " لو أن لمن وشى به ذرة من الشرف ، وهو يراه يموت ، لدفن نفسه قبله .

الخادم : " يفتح الباب بسرعة ويخرج " ....

الخادمة : أيتها الآلهة ، ماذا يجري ؟ أيمكن أن يكون هو من وشى .. " تهز رأسها " لا .. لا .. لا .

   

                            تقبل الزوجة حزينة من 

                         الغرفة ، تحمل صينية الطعام


الخادمة : " تسرع إليها " سيدتي ..

الزوجة : " بصوت دامع " مرة أخرى ، رفض أن يأكل أو يشرب أي شيء .

الخادمة : الآلهة الرحيمة موجودة ، تنظر إليه ، وسترعاه يا سيدتي .

الزوجة : " تتداعى " آه .

الخادمة : " تسندها " سيدتي " تمد يدها إلى الصينية " أعطيني صينية الطعام .

الزوجة : " تدفع لها الصينية " آه .. آه .. سأموت إذا أصابه شيء .

الخادمة : تماسكي ، يا سيدتي " تسندها جيداً " إن سيدي مازال بخير .

الزوجة : هذا ما يبقيني على قيد الحياة .. حتى الآن .. وإلا لكنت قد ..

الخادمة : سأذهب بالصينية إلى المطبخ ، يا سيدتي ، وأعود بسرعة ، " الخادمة تسرع نحو المطبخ " .

الزوجة : منذ أن جاء من قصر الأمير ، وهو لم يأكل أو يشرب أي شيء ، ماذا جرى ؟ وما هي جنايته ليموت من الجوع والعطش ؟

الخادمة : " تعود مسرعة من المطبخ " سيدتي ، أنت متعبة ، ليتك تدخلين غرفتك ، وترتاحي قليلاً .

الزوجة : كلا ، سأبقى هنا قريبة منه ، جيئيني ببساط ومخدة ، سأتمدد هنا .

الخادمة : هذا أفضل " تتجه نحو الغرفة " سآتي بالبساط والمخدة حالاً .

الزوجة : آه ، كم أنا متعبة ، منذ أيام لم يأكل ، ولم آكل ، كيف آكل وأشرب ، وهو جائع وعطشان ؟ " ترفع عينيها إلى السماء " أيتها الآلهة الرحيمة العادلة ، إذا قدّرتِ أن تأخذيه إلى العالم الأسفل ، حيث لا يعود من يذهب إليه ، فخذيني أنا قبله .

الخادمة : " تعود حاملة بساطاً ومخدة " سيدتي ، تعالي هنا " تفرش البساط وتضع المخدة " تعالي وتمددي على هذا البساط ، لعلك ترتاحي .

الزوجة : نعم ، إنني بحاجة إلى الراحة " تقنرب من البساط " سأرتاح قليلاً ، ثم أدخل عليه بالطعام والشراب مرة أخرى " الباب يُطرق " .

الخادمة : " تسندها " تمددي ، يا سيدتي .

الزوجة : سمعتُ الباب يُطرق .

الخادمة : الجو هنا مريح ، تمددي " الباب يُطرق ثانية " .

الزوجة : انظري من بالباب .

الخادمة : ليكن من يكون ، يا سيدتي ، أنتِ بحاجة إلى الراحة ، تمددي .

الزوجة : قبل أن أتمدد ، افتحي الباب .

الخادمة : " تتجه نحو الباب " حاضر ، يا سيدتي ، سأفتحه حالاً .


                             الخادمة تفتح الباب ،

                          يلوح الكاهن في الخارج


الخادمة : سيدي الكاهن ..

الكاهن : سيدتك موجودة .

الخادمة : عفواً سيدي ، تقصد .. ؟

الكاهن : سيدتك .

الخادمة : نعم ، يا سيدي   " تلتفت إلى الزوجة " سيدتي ..

الزوجة : " تتماسك " فليتفضل .

الخادمة : " للكاهن " تفضل ، يا سيدي .

الكاهن : " يدخل " ....

الخادمة : " تغلق الباب " ....

الكاهن : " يقترب من الزوجة " طاب صباحكِ ، يا سيدتي .

الزوجة : " بصوت باكٍ " لن يطيب لي صباح ، يا سيدي الكاهن ، بعد الآن .

الكاهن : لا يا سيدتي ، أنت امرأة مؤمنة ، أوكلي أمرك للآلهة .

الزوجة : الآن أكثر من أي وقت مضى ، زوجي المسكين بحاجة إلى رحمتها .

الكاهن : الآلهة رحيمة ، يا سيدتي " ينظر إليها متأثراً " كيف هو ؟

الزوجة : " باكية " إنه يموت .

الكاهن : " يهز رأسه " ....

الزوجة : أخبرني ، يا سيدي ، ما العمل ؟

الكاهن : " ينظر إليها " الأمير ، ولي العهد ، يسأل عنه دائماً .

الزوجة : قل للأمير أن يغيثه .

الكاهن : هذا ما لا يستطيعه الأمير .

الزوجة : إنه ولي العهد  .

الكاهن : هذه إرادة الملك ، وهي من إرادة الإله ، ولا رادّ لها .

الزوجة : لو أعرف فقط ، ما هو خطأه .

الكاهن : " يطرق رأسه " ....

الزوجة : ما أعرفه ، أن الأمير صديقه ، وطالما رافقه ، وسامره و ..

الكاهن : الأمير يحبه جداً .

الزوجة : " بصوت تبلله الدموع " يحبه لدرجة ، أن يتركه يموت من الجوع والعطش ، يا له من حبّ .

الكاهن : " ينظر إليها صامتاً " ....

الزوجة : أيها الكاهن ..

الكاهن : " يتراجع ببطء " سيدتي ، عليّ أن أذهب الآن ..

الزوجة : " تقف صامتة باكية " ....

الكاهن : سأزوره غداً .

الزوجة : غداً ! 

الكاهن : " يتوقف لحظة " ....

الزوجة : ربما لن تراه غداً .

الكاهن : " يتراجع نحو الباب " ....

الزوجة : رافقتك السلامة .


                             الكاهن يخرج مسرعاً ،

                               ويغلق الباب وراءه


الخادمة : " تنظر إلى سيدتها صامتة " ....

الزوجة : هذا الكاهن ، إنه حتى لم يعد يدخل عليه الغرفة .

الخادمة : أنتِ ، يا سيدتي ، تعرفين أن الكاهن يحبه .

الزوجة : " تهز رأسها متألمة " الأمير أيضاً يحبه .

الخادمة : من يدري ، يا سيدتي ، لعله لا يريد أن يراه على حاله هذا .

الزوجة : الجرح لا يؤلم إلا صاحبه .

الخادمة : " تنصت إلى ضجة تصدر من الخارج " سيدتي ..

الزوجة : " تنصت باهتمام " أسمع أصوات مرتفعة مختلطة ، ماذا يجري ؟

الخادمة : " تنصت عند الباب " هناك صياح ولغط ، يا سيدتي ، لابد أن أمراً له خطورته قد حدث . 

الزوجة : اذهبي ، وانظري ما الأمر .

الخادمة : " تفتح الباب " حاضر سيدتي " تفتح الباب وتخرج " ..

الزوجة : الصياح يرتفع " تلتفت نحو الغرفة " أخشى أن يزعج هذا الصياح الحكيم ، وكأن لا يكفيه ، كلّ ما يعانيه من جوع وعطش .

الخادمة : " تدخل مسرعة " سيدتي .

الزوجة : " تنظر إلى الغرفة " هششش .

الخادمة : " تقترب منها " الخادم ..

الزوجة : " تنظر إليها متسائلة " .... ؟

الخادمة : شنق نفسه في البستان .

الزوجة : شنق نفسه !

الخادمة : " تهز رأسها " ....

الزوجة : أنت تخفين سراً .

الخادمة : كنت أشك فيه ، لكن انتحاره اليوم أكد شكوكي .

الزوجة : أريد الحقيقة .

الخادمة : سيدتي ، ربما كان هو وراء وصول النور الأحمر  إلى كاهن بابل .

الزوجة : آه .


                           

                            الحكيم يظهر عند باب 

                            الغرفة منهكاً ، متداعياً 


الزوجة : " تسرع إليه وتسنده " حبيبي ، أنت متعب ، تعال وعد إلى فراشك .

الحكيم : لم أعد أطيق البقاء في الغرفة ، أريد أن أبقى هنا في الفناء .

الخادمة : " تسند الحكيم مع الزوجة " سيدتي ، لنأخذ سيدي إلى البساط ، ونمدده فوقه ، الجو هنا أفضل .

الحكيم : " ينصت إلى ما يجري في الخارج " ماذا يجري ؟

الخادمة : سيدي ..

الزوجة : " تقاطعها " لا شيء .

الحكيم : أسمع أصوات مرتفعة ، تصدر من الخارج .

الزوجة : من يدري " وهي تمدده بمساعدة الخادمة " ربما تشاجر بعضهم ، الحمقى كثيرون .

الحكيم : نعم ، يا نوري الحبيب ، الحمقى كثيرون ، كثيرون جداً .

الزوجة : تمدد .. تمدد .

الحكيم : لا " يجلس " ضعي المخدة وراء ظهري ، أريد أن أبقى هكذا .

الزوجة : " تضع المخدة وراء ظهره " ليتك تتمدد لترتاح أكثر .

الحكيم : إنني مرتاح هكذا ، لا داعي للعجلة " يبتسم بوهن " سأتمدد قريباً ، سأتمدد إلى الأبد .

الزوجة : " تغالب دموعها " ....

الحكيم : " ينظر إليها " إنني .. أتعبك .. يا نوري .. الحبيب .

الزوجة : أنتَ نوري .. حبيبي .. لا تغب عني .

الحكيم : إذا شاءت الآلهة " يبتسم " كما تقولين أنت ، يا نوري .

الزوجة : أنت لم تأكل .. منذ أيام .. ولم تشرب أي شيء .

الحكيم : هذا ما وعدت به .. أميري العزيز .. وأنا عند وعدي .

الزوجة : نعم ، هذا ما وعدته به ، لكنك لم تعده بالبقاء هنا حتى الموت .

الحكيم : " يهز رأسه " ....

الزوجة : الأمير لم يضع حراسة حول البيت ، وربما هذا يعني ، أنه يعطيك فرصة للحياة .

الحكيم : أمر الملك واضح .

الزوجة : فلنهرب .

الحكيم : نهرب !

الزوجة : الأمر واضح ، يا عزيزي ، لعلّ هذا ما يريده الأمير .

الحكيم : إنني أعرف قدري ، ولن أهرب منه ، مهما كلف الأمر .

الزوجة : هذه فرصتنا ..

الحكيم : " يتداعى " هاهو النور ..

الزوجة : " تسرع إليه " حبيبي ..

الحكيم : مدديني .

الخادمة : " تسرع وتسرع الزوجة " بهدوء ، يا سيدتي .

الحكيم : إنني أرى .. النور الأحمر ..

الزوجة : " بصوت باك " لا .. لا .. لا تذهب .. يا عزيزي .. لا تذهب .. لا تذهب إنني بحاجة إليك .

الحكيم : " بصوت يخفت بالتدريج " النور الأحمر " يغمض عينيه " النور .. الأحمر .. النور .. النور .. النور .


                            النور الأحمر يغمر المنظر

                               كله ، إظلام تدريجي

                                      إظلام

                                       ستار


                                         19 / 5 / 2012    


     

البريد الالكتروني  :talalhassan71@yahoo.com





    الهوامش

ــــــــــــــــــــــ


1 ـ اخناتون : فرعون مصري ، اسمه امنوفس الرابع ، نقل مركز العبادة من آمون إلى آتون ، وانتقل إلى عاصمة جديدة في " تل العمارنة " . 

 


0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption