أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الأربعاء، 12 يونيو 2024

مسرحية قصيرة " الدَّوْكَةُ " تأليف بسام الحافظ

مجلة الفنون المسرحية
الكاتب بسام الحافظ 

مسرحية قصيرة " الدَّوْكَةُ " تأليف بسام الحافظ      

   

                                 المشهد الأول                           

        في مكان ..وعند زاوية يقف جمول مرتدياً بنطالاً فضفاضاً وقميصاً مزهر  

فاقع الألوان يحدث صديقه الأفتل ، الذي يرتدي ثوباً يصل طوله حتى أسفل ركبتيه 

ويضع عصابة على رأسه وعلى بعد منهما تقف فتاة ترتدي الملاءة ووجهها مغطى 

بخمار .

جمول : (معاتباً بنزق ) أين كنت ؟ بحثت عنك في كل الأمكنة..قل لي عن جهتك 

لأعرف ، وليهدأ بالي.. ( الأفتل يتفحص الفتاة )

الأفتل : أين سأكون جمول ! أخذت عائلتي بالسوزوكي نزهة ، وأحضرنا ثمار 

المشمش ( يشيرجهة الفتاة ) من تلك؟! 

جمول : دعك منها واستمع . هذه الفتاة ليست من هنا، وقد تقطعت بها السبل..

 الأفتل : لم أفهم آخر الكلام .

جمول : ( ممتعضاً ويلتفت جهة الفتاة ويشير لها بيده أن تنتظر ) لأنك مشتت العقل

الفتاة ضاعت ووصلت حارتنا وهي تبكي ( يتأفف ) أين تريدها أن تذهب . نتركها 

للذئاب الداشرة ، أمثال بنزين وتنباك ، وجاكسون ! علينا احتضانها وحمايتها .

الأفتل :  جمول . من دون لف ودوران ، ماذا تريد مني ؟

جمول : نأخذها إلى بيتك وتنام عندكم ( يهمس ) وأنا لا يمكن أخذها إلى غرفتي 

هل يعقل ذلك ( يرفع من حدة صوته ) ماذا يقال عني ! جاء أبو قرون وذهب أبو قرون .

الأفتل : لايمكن البتة .. وهل تقبل عمتك فاطمة أن تدخلها بيتها ؟!

جمول : وهل البيت لأهلها. مقيد باسم عائلة صايم الدهر ؟ 

الأفتل ( ممتعضاً ) يرحم والدك ، أنا متعب وجائع .. أخي كان شرط الموافقة على 

زواجي منها ، وقبلت.. هذه أمها وهذا أبوها ..ماذا تريد ؟ ( يمر عاشور يحمل 

أبريق ماء الوضوء وقد شمر عن ساعديه ، و يتحدث بصوتٍ عالٍ ولديه لازمة 

يحرك فكه الأعلى ) 

عاشور : السلام عليكم .. لولا مخافة الله والحياء ياسيد جمول. لكللت وجهك برذاذ 

بصاقي  ( يهتز الأبريق فيخرج منه الماء ويصيب جمول والأفتل ) مبارك عليك .

من في هذا الزمن ، يفعل فعلتك ! تضع الشفرة بشق عود وتحلق  شعررأسك الذي 

جعلت منه مرعى للقُمل والصواب . قد تجرح فروة رأسك وتصيبك الغرغرينة 

وتفطس ، أوقد تصاب بالثعلبة فتحصد شعرك . ( معاتباً ) مما يشكو صالون الحلاق 

عاشور الدنون ! ( بعصبية وحدة ) لوحة بقد الجحش . كُتب ( صالون عاشور 

للحلاقة الرجالية.. جميع  القصات الدولية ، وأفخر كولونيا فرنسية ) ..الآن . لم يعد 

يعجب  جمول وتابعه الأفتًل ..رحم الله أيام القُمل والصواب .والاستحمام في عتبة

 الدار.. الآن عاشورصار كخة !    

الأفتل : لا. عمي عاشور ، أنت حلاق الحي الأول والأخير .. جمول يحلق لنفسه 

على طريقة جده الله يرحمه ، وعلى مقاس طاسة البافون .

عاشور : ( يلتفت فيشاهد الفتاة ) معكما فتاة .. عابرة سبيل ، أم من كهف ( التنور 

الملتهب ) راقصات  شيخ ( الحجيات ) خاليدو لعاب الصناجات ؟!

جمول : داهمها الليل وهي تبحث عن بيت خالتها (دعد الجابر) أمام بيت أخي الأفتل 

ودفعاً واسكاتاً للقيل والقال لعدم استضافتها لأنها تقف أمام بيت الأفتل ، الذي وافق 

دون أكراه ، وهذه أمها وهذا أبوها .

عاشور : مستحيل . لم اسمع بهذا الاسم . طلبتما وضع علم وخبر عند المساعد 

عناد ( يهتز الأبريق بيده فيتناثر الماء ) ورب الكعبة إن لم تقدما ذلك للمساعد

سينظم الضبط بحقكما بجرم الخطف، وربما بجرم ذاك الفعل ، أو بيت الأفتل ، 

رقصني يا ولد ..السلام عليكم (يتابع طريقه وهو يدمدم ) وجوب إعلام قسم الشرطة 

، في الساعة والدقيقة ،  أو إبلاغ المختار داموك .. القانون لا يحمي الأفتل ومن هم 

على شاكلته .

الأفتل : بسرعة جمول. إلى بيتنا ..هاتها  ..                       

                                المشهد الثاني

  في القسم .. المساعد عناد وعاشور .. المساعد يتكلم بهاتف القسم ..

عناد : من أين هبطت على بيتي كمية اللحم يا أم العيال ..أليس من حقي معرفة 

المناسبة ؟ وماهي نوعية اللحمة . خروف وردي ، ولا نعجة هرمة ومخنوقة ؟ من

 بيت حاتم الطائي .. طهور ولده..على فريكة.. ولا فاصولياء يابسة وبجانبها ..

( ينظر إلى عاشور ويشير بيده ) 

عاشور : ( يهمس ) باميا .. مع فليفلة حادة ولبن رائب..( يغلق عناد السماعة 

ويلتفت جهة عاشور )  وخبز تنور.

عناد : طاريها منقود . وصلتنا طعمة من جيراننا .. تفضل أخي عاشور . هات ما 

عندك من أخبار تسر الصديق وتغيض العدى .

عاشور : ( يهمس ) قرب بيت الأفتل ، شاهدت أنثى (قل للمليحة في الخمارالأسود) 

فتاة بكر ، متزوجة ، لست أدري ، ومعهما جمول. الملقب ( الصهيوني ) وكأنهما 

 يخططان لفعل فعلة منكرة .

عناد : وماذا يفعلان والليل قد عسعس . وبدأ دبيب الأفتل ، وما أدراك من 

الحشرات الضارة التي ترافقه !

عاشور : يقال ، بأنها ضائعة وتبحث عن بيت خالتها ( دعد الجابر)  لتبيت ليلتها .

عناد : ولماذا لم يصلني العلم والخبر اليقين ( يفكر ) قد تكون .. كلمتها. سألتها ؟

عاشور : لا. كانت تقف على بعد من جمول والأفتل وهي محتشمة ، وقد نبهتهما أن 

يخبراك فوراً ..وماعلى الرسول إلا البلاغ ( يتهيأ للمغادرة ) قلت لهما حذاري أن لا 

تخبرا المعلم عناد . فهو ليس عنده يا أمي ارحميني ، يده والصفع الموجع ، وهو من أبطال ( البكسنك )

عناد : الصباح رباح يا جمول الكلب .. نساء ، وشعر رأسك مثل عرف الديك !

أخي عاشور. قل لصطوف أن يضبط أقوالك بصفة فاعل خير ، حفاظاً على سمعتك 

ومكانتك في الحي .. يارجل . أنت من وجهاء الحي ، والصديق والرفيق المحترم .

 عاشور : ( يهمس ) ربما تتزنر بحزام ناسف ؟! .. أقول ربما ، أو تخفي داخل 

عبها عبوة ناسفة( يغادر ) السلام عليكم سيدي .

عناد : كل شيء وارد .. ورب العرش العظيم ، لألعبن بك ( فوتبول ) يا جمول .                                               

                                 المشهد الثالث

في مكان .. جمول وبنزين وقد أخذا شكل المناطحة.. ويمسكان بتلابيب بعضهما.. 

على بعد منهما يقف الأفتل يحمل عصا ثخينة .

بنزين : وهل فكرت قبل أن تريد منازلتي يا بن السعلاة ..! أنت تعرف تماماً من هو 

بنزين .. اترك قميصي واذهب للعب بالصياح ، وخذ معك تابعك الأفتل .

جمول : فكرت كثيراً ياولدي ، وسأجعل منك ذاك المفقود .. المفقود . تعتدي على 

فتاة غريبة ظلت طريقها ، ونداح الليل وهي تبحث عن مأوى .. ( هما في حالة دفع 

بعضهما بجبهة كل منهما " صراع الديكة " )

بنزين : نشأت في الشوارع ، وفعلت كل ماهو خطأ  ، ولكني لم ولن أقترب 

للنساء..الأنثى أمي وأختي وجارات البيت.. قل غير ذلك حتى أصدقك .من الذي 

عشق الراقصة " سماهر " واتهمني بسرقة حقيبتها من غرفة ملابسها ، وحل 

الخلاف الشيخ " خاليدو " حفاظاً على سمعة ملهى " التنور الملتهب " ألست أنت ؟!              

جمول : أعرف ذلك عنك . أنت تحايلت على فتاة تدعى سعودة الحسينو ، بحجة أن 

تؤمن لها عمل شغالة في بيت قريبك وهربت.. هي في بيت الأفتل . وما أدراك ما 

الأفتل ! عابر نهر الفرات سباحة حتى نهر دجلة .

بنزين : الملتحفة .. هي عندكم ؟!                                                          الأفتل : ( يهش بالعصا مستعرضاً قوته ، ضاغطاً  لسانه بأسنانه ) وتتناول طعامها 

.. كيف سولت لك نفسك أن تسلبها مالها ، وهي على عتبة بيتي ( يتساءل) وبيت 

من ؟ بيت الأفتل ، الذي لا تتجاسر الذئاب المرور من أمامه ، ( بحدة ) والآن تمر 

الكلاب وتتبول على جدار بيته !

بنزين : حرر رقبتي يارجل ..( يبتعدان عن بعضهما )  لقد ضيقت الخناق وحبست 

الهواء. الملتحفة استوقفتني ، ولم يُؤكد لي إن كانت فتاة أو امرأة ، وطلبت مساعدتها

وكانت ترتجف خوفاً ، فقد سرقها أحدهم وهي داخل الباص الداخلي المزدحم بأمة 

الناس ، واشفقت عليها ونقدتها والله بألف ليرة ، وافترقنا..الله وكيلك .

 ( يحضر المساعد عناد .. وحين يبصره الأفتل يجعل من العصا عكازاً ويتوجع ) 

عناد : ما شاء الله .. ماشاء الله . مخفر قطاع خاص . مؤتمر قمة ( يخاطب جمول ) 

تحمي مشردة يا متشرد ! وتأخذها لبيت الرقيع الأفتل ..(سعودة الحسينو)عند 

الزملاء بجرم التسول ( يخاطب بلبل ) تتوجع أيها الوضيع ، والذي يُخرج الحي من 

الميت  ويُخرج الميت من الحي لأجعل منك ( كفتة نيئة ) وكما يقولها أهل الجزيرة 

( كبة نيئة ) الحساب في المفرزة .. بكل هدوء وأدب . نذهب إلى القسم لنشرب 

الشاي ، واليوم نقعد ونتفاهم .. بساط أحمدي ، ونرفض بساط الريح ،وننزع 

الاعتراف مثلما ننزع الشعرة من العجينة .. أخي . كسرنا العصا وطردنا الراعي ، 

فيها شيء من الغلط . أمانة الله فيها شيء من الغلط ؟! 

بنزين : ( يقاطعه  ) سيادة المساعد. والله لم أر وجه قل للمليحة (يقاطعه عناد )

عناد : ستقول لي ، لا علاقة لك .. هذه هي السمفونية التي تُعزف في القسم وكنت

 في ملهى شيخ الحجيات " خاليدو " تدوزن الآلات للفرقة الموسيقية ، تطقطق 

(بالصناجات ) تعالوا لنسهر في القسم على صوت الطقطقة با لصناجات وبأصابع 

العازف بنزين ، ونستمع لصوت سيدة الغناء أم كلثوم ، وسعودة الحسينو سنُركبها 

عصا العجوز الشمطاء وتغادرنا حرة طليقة  صوب قريتها ( دير حافر)هناك،حيث 

خيمة أهلها على أطراف البلدة .. جماعة الشيخ خاليدو..

  (  وقبل أن يغادر الجميع برفقة المساعد والأفتل يتوكأ على العصا بثقل ويتوجع 

كلما يدق الأرض بالعصا وبعصبية وهويدمدم .. )                                                       

الأفتل : ( بحسرة ويزفر ثم يرفع من حدة صوته وداعياً ) من لا حظ له يعضه 

الكلب وهو على ظهر البعير ، وياليت حافر بغلٍ يفتت فمك مع أسنانك يا جمول .. 

 عناد : إلى ( اللاندروفر) وهناك جماعة ( الكومندس ) ألم تحسبوا لي حساباً .. ألم 

تفكروا ولو نتفة ، لووقعنا بيد المساعد عناد خيال (الصكلاوية ) ماذا سيفعل بنا ؟!                 

 إلى فرقة المداهمة .. بسرعة ، وأنا أخو أختي ( يغادر الجميع )                                       

                                         ستار

0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption