مونودراما " شغف " تأليف : جميل الرجة
مجلة الفنون المسرحية (المسرح عبارة عن كرسي وأريكة ومنضدة وعلبة سجائر على المنضدة وقدح ماء وبعض الأوراق ودمية تدخل امرأة ترتدي سترة وبنطال تقف وسط المسرح بعدها تجلس على الكرسي وتقلب الأوراق تمسك الفانوس )
الممثلة : الذين وصلوا لجزيرة الحبيب بعد أن أشعلوا النيران في سفن العقل، لا عودة هكذا بتم .
الممثلة : حذار من العيون ، جيوش الرموش وكمائن الشفاه، عند مشارف القلب ستجدون رايات ممزقة وبقايا لناس أرادوا الوصول، عصياً هو القلب،الطريق إليه محفوف بالعذاب،في الليالي ستسمع أنين بطعم الفراق, أنين بطعم الشوق, تمر عليكم أشباح محبين عيونهم تقطر شوقا وحزن بلون غابات الخريف, جو الجزيرة متقلب, فيه منخفضات عاطفية مصحوبة بآهات وارتفاع بدرجات الحنين
الممثلة : كل شواهد القبور تحمل عبارة
أرَاكَ عَصِيَّ الدّمعِ شِيمَتُكَ الصّبرُ،
أما للهوى نهيٌّ عليكَ ولا أمرُ ؟
بَلى، أنا مُشْتاقٌ وعنديَ لَوْعَةٌ
ولكنَّ مِثْلي لا يُذاعُ لهُ سِرُّ!
الممثلة : تتلفت حيث وطأت قدماك لا ترى سوى نيران تشتعل بسفن العقل, الحرائق مستمرة
نعيد الكرة, نكتشف جزر جديدة
ها أنا توا وضعت قدمي لتداعبها مياه لا اعرف سرها
الممثلة : أحببته فتى اسمر لأنه أهداني قطعة حلوى
وحيدة صحبتي الخوف والألم ودميتي الصغيرة
كل يوم ينكسر شيء في داخلي
مع ذلك المم بقايا روحي لاستمر في المسير
أنثى تحمل بقايا جسد وروح
(موسيقى )
الممثلة : أسير في درب مظلم احمل مصباح ينير دربي
(فانوس أو مصباح قديم )
الممثلة : طبعا لا تعلمون شيئا عن المصباح انه قلبي
( تحمل دمية )
الممثلة : تبدأ رحلتي مع دميتي
دميتي تستمع إلى حكايتي وتحفظها
( موسيقى )
( تذهب إلى الأريكة وتستريح عليها)
الممثلة : حلمي هو الذهاب إلى العاصمة
لأرى شوارعها المشعة حين أزورها اعد بلاط أرصفتها
أطيل النظر إلى السماء
يأتيني يحدثني
يسعد مساءك ابنة الأحزان
غادرت وسادتك دموعك كفراشات سوداء
في الشتاء ارسم قلباً على ضباب زجاج نافذتي
قلبا يعلوه الصدأ
أعيد رسم القلوب الواحد تلو الآخر
طالما الضباب باق
أحلام منتصف الليل تبقيني متيقظة
وسادتي تئن من دموعي
ما بين زجاج نافذتي ووسادتي حلم يتكرر كل ليلة
مسافة تكفي لأعيشها
بعدها فليأتي الطوفان
أغفو ما بين القلب المرسوم على ضباب زجاج نافذتي والوسادة
الممتلئة بالأحلام
انهضي
( تتردد الكلمة مع الصدى)
الممثلة : لا زلت ترتدين النوم
هيا يا صغيرتي لا زلت طرية على الهموم
حين تكبرين ستحملين تلك الجبال الراسية في الأفق
حياة بعضهم مرتبطة عبر الزمن
متصلين بنداء قديم يتردد على مر العصور
انه القدر
( تخلع السترة وتفرد شعرها وتتحرك بأغراء )
الممثلة : حين كبرت كنت احلم برجل يضمني إلى صدره
يتداعى جسدي بين يديه
في ساعات الليل المتأخرة استحضر كل الذكريات والأوجاع
يتملكني حزن لا أعرف له حدود
يبدأ ولا ينتهي
يفتح أبوابا حريصة على إغلاقها
ذلك الحزن له قدرة عجيبة للدخول لكل شيء يستحضر كل
الصور
بعدها ينتهي بخدر يعم الجسد
(حركات رومانسية مع موسيقى )
الممثلة : الحزن طيور مهاجرة
لازالت كلماته وعطره يغطي لقائنا الأخير عطره يمتزج
بوسادتي
رجولته يضج بها جسدي
غادر سريري وأنا أتابعه بعينين يملؤها الشكر
لنعود لأيام الطفولة
حلمي وأنا صغيرة أن تكون لدي أسرة
( حوار إيقاعي على صوت الحركات )
الممثلة : أب
أم
أخ
أخت لا غير
الممثلة : غادرت بيت جدي كنت أراقبه من خلال زجاج النافذة
الخلفية للسيارة
ذرات التراب تخفي ملامح جدي
تلك الصورة الأخيرة له ولي
لأدخل عالم البلوغ والتهور لا مكان للطمأنينة
التي كنت انشدها في عالم ليست له حدود
كل شيء مباح وممنوع في نفس الوقت
النزوة لا تأخذ من وقتنا الكثير
أعادة تجميل النزوة يحتاج العمر كله
الخيانة
النظرة خيانة
الحلم
الأمنيات
تعيش تحت الظلم مع من يظلمك ويستغلك جسديا وماديا
تحت كل هذا ماذا تملكين للرد عليه
سوى خيانة بمخيلتك
تتخيلين انك تعيشين مع من تحبين
تمسكين يد لرجل من الخيال لتقفي
ترددين أغنية لمطرب احبيتيه بمراهقتك وظل يرافق أحلامك
( تردد أغنية )
الممثلة : تسرقين نظرة واحدة لرجل يحوط زوجته بذراعيّه
ما أكثر خياناتهم وهم يزرعون جسدي
كل جسدي بنظراتهم الخائنة
قسوة الزوج أليست خيانة
أما نحن نغادر الدنيا خائنين
وناقصات عقل ودين
في أكثر الليالي يستبيح جسدي
أحيانا أكون كسريري باردة
أحيانا أكون كالرعد مخيفة
( حوار مع المرايا )
الممثلة : سأقبل بكل خياناتك وأوقات انتظارك
مقابل أن تمد يدك لتمسح على رأسي ولو لمرة واحدة
أو تسترق النظر لي وأنا أقف أمام المرآة.
هذا هو شعوري الآن
يقولون المرأة تتحمل
نحتاج إلى جيوش للتحمل
انظر للمرآة أرى امرأة أخرى
أين ذهبت تلك الطفلة
المرأة الحالمة
أرى بقايا امرأة محملة بالألم
عينين فيها بقايا بريق
تلك العيون كانت تثير غيرة النسوة وتأسر الرجال
سمائي ملبدة بغيوم عقيمة لا تمطر رمادية كأنها جدار من
الفولاذ
غادرت تلك الأحلام بأجنحتها
إلى الجانب الآخر من العمر الذي مضى
لازالت تلك اليد تضغط على صدري
أحسها تزداد قوة وازداد ضعفا
أحيانا أتحسس بيدي الهاوية
أطالع مرور الأيام على وجهي من خلال المرآة
في كل زوايا الأرض الممتدة التي احتضنت خطواتي
لكل خطوة ذكرى
ذكرى مؤلمة تحمل بطياتها صور متخمة بالحزن
الآهات
ورغبات لم تكتمل صورها كأنها خلقت من المستحيل
حكايات أرويها لنفسي
لتسّكن جراحي أثقلتني تلك الانكسارات
للأيام طعم مر لا يغادر بل يتجدد كأنه قدري
مع كل ذلك هناك نور يرسل لي وميضا بين الحين والآخر
ينفذ إلى قلبي يخترقني تستقيم خطواتي
حين يلامسني ذلك البريق الآتي من عمق الأفق
صمت مطبق يخيم على روحي تخترقني صرخات فاقدي الأحبة
الجميع يبكي ويصرخ أنا الوحيدة التي فقدت النطق وتجيد الصمت
( موسيقى حزينة)
الممثلة : أتجول في بيتنا ابحث عمن يعلمني أبجدية مفرداتها
ب
ك
ا
ء
ازددت وزنا بأحزاني
يخترقني صوت وكأنه مؤذن
( تهتز وتسقط )
الممثلة : أبوك قتل
أتلّفت اسمع خطا أبي وصوته يناديني
أيقظتني يد أمي وهي تمسك بكتفيّ
أبوك قتل
أبوك قتل
أنا الذي السماء تحثّني والجحيم أيضاً، على الثأر
أول مرة اعرف في حياتي أن الموت يغّيب الآباء
الموت لا يشبع خصوصا من الاباء
أحيانا من الأمهات
إلا أن أمي كانت تجيد الهرب من فكيه
( تضع يديها على صدرها وتضغط بقوة )
الممثلة : صراخ متجذّر في صدري
شهقة ورثتها من تلك الأيام لا تغادر
كأنها امتزجت وعجنت مع قلبي
خروجها يعني اقتلاع قلبي
حتى حين كبرت لا زالت تلك الشهقة تجهز على صدري الصغير
ابحث عن اليد التي تحمل صفات أبي والأخ والحبيب
لتمسح على رأسي
تمسح دموعي
( تتأنق وتعدل من ملابسها وترتدي قبعة)
الممثلة : تمسك بيدي في ظلمتي
ابحث عن شفاه عذبة تهمس في أذني تحدثني
لا عليك أيتها الصغيرة الكبيرة امشي
اتكئي على كتفي
امسكي بيدي
أنا ذلك الرجل الذي يحمل ملامح فارسك الذي رسمتيه
سأمسح دموعك عن وسادتك
أعيدِ الألوان إلى أحلامك
عزيزتي
أن الحياة بشعة
أنها الفوضى
معركة تستخدم فيها كل الأسلحة الشريفة وغير الشريفة
الجحيم هم الآخرون
الممثلة : في موعدي الأول
أحسست خطواتي تغادر جسدي
شفتاي تحث الخطى
أشواقي تنساب بدفيء
يداي أجنحة
قلبي يتعثر كطفل يحبو
توقف الزمن
بدأت اكتب تاريخي من جديد
أمسينا جسد له اذرع مغمض العينين
يفوح منه عطر بطعم الشوق والحنين
الشخص الذي يحبنا يكون قريب جدا أكثر مما نظن
في فوضى الحياة تضيع المسافات
في آخر محطة من قطار التجربة
نتعرف إلى ذلك الشخص الذي نبحث عنه
( موسيقى )
الممثلة : تمر الأيام
عادت عجلة الأيام على سرعتها القديمة فلنسميها مطحنة الأيام
النسيان ستائر شفافة نغطي بها أحزاننا متمنين نسيانها أو التظاهر بذلك
أين تذهب أحزان الآخرين وأحزاننا هل تحمل أجنحة وتحلق في سماء ذاكرتنا
أيامنا الجميلة أصبحت كأيام الطفولة لا تتكرر
في بعض الأحيان نبحث في الذاكرة لذكريات لها طعم البراءة ويزداد بحثنا
بعدها ... بعدها تنساب الذكرى دمعة دافئة تبلل الشفاه
حينها ندرك أن الراحلين لا يعودون
(كأنا خلقنا للنوى وكأنما حرام على الأيام أن نتجمعا (
( تمسك جوالها مع رنين للجوال )
الممثلة : تعودت الحديث معه همساَ
يهمس في أذني كم أحبك
اعدّل خصلات شعري لأخفي ردة فعلي
أحس بجسدي يتهاوى مع همساته
أجيبه بخجل
كيف بي أذا تعودت على همسك
يجيبني سأهمس لكي لعشرات السنين القادمة
هل هذا وعد
سأبقى حارس لقلبك
وإذا تعبت
حبك يعطيني سر الخلود
في كل ليلة أحن لهمسك وأنت بعيد
يطالعني كل يوم في صفحة التواصل الاجتماعي , يتوسط
زوجته, وأولاده .
(أغنية)
الممثلة : العشق ؟
( أغنية )
الممثلة : العشق
موتٌ وحياةٌ في كل لحظة
تعبٌ وشقاء
حلاوتهُ عندما تمتزجُ روحك بِمُحيّا قدوم الحبيب
الأشجارُ والسماءُ تستعيد ألوانها بقدوم الحبيب
تبدأ حياةٌ جديدة
نموت ونحيا عشقاً يومياً
( توجه حديثها إلى الجمهور وتشير بأصبعها )
هنا أنتِ بدأتِ تعشقين
ما أطعمهُ من وجع
هنيئاً لنا الموتُ والحياةُ يومياً
مع العلم نتفق لا عشق بعد اليوم
لا اتصال بعد الآن
لمن يعذبنا ويجعلنا سهرانين مرتبكين
هنا المصيبة
كيف تكون المصيبة ؟
عندما نريد إشعال النيران في مراكب العودة
هنا نبدأ البحث عن عود ثقاب
(تردد الممثلة أغنية)
الممثلة : مدّ يده ليمسح دموعي بإبهامه,
أصابعه احتضنت خدًّي المثقل بالأحلام
أحسًّست بدفء يتسلل إلى جسدي
سحب يده مرتجفا خائفا شاعراً برغبة جامحة للحياة
أمسكت بيده لأقبل راحته
أطرق بعينيه إلى الأرض,
هربت مسرعة باتجاه الباب على أمل العودة ولو بعد حين .
( تركض وتتلفت وتتحدث بصوت رجالي )
الممثلة : يقولون اغلب الحروب سببها النساء
سأحارب العالم كله من اجل عينيك
سأوقف الجيوش قبل أن تصل مشارف شفتيك ,ابتسامتك
والكثير
من الشعر
ما ها هنا أنا والأخريات نخوض حروب ولم نسمع برجل
أين انتم
أيها العاشقون
الشعراء
نعم
وحيدة وسط الخراب
حين تضع الحرب أوزارها تأتي الغربان
لتأكل من أجسادنا لا بل تصنفنا
بعض النساء للفطور منهن للغداء
والأخريات للعشاء ما أكبرها
مائدة من المحيط إلى الخليج
زرعتم فينا وتركتم الزرع للرياح الصفر
للأقدام الهمجية
أفتتح العالم بابتسامة امرأة
( ضحك هستيري)
الممثلة : لا يا عزيزي
أنت تفتح العالم حين تعتلي المرأة وتغرس أنياب شهوتك
نعم يستطيع الرجال العيش بدون امرأة بدون حب
هكذا خلقوا أشداء
أما نحن النساء نتنفس الحب
نتجرعه رغم طعمه المر
يحل المساء ابتهل إلى الله أن يموت
يندثر يختفي طوال الليل
حين يحل الصباح أجهش بالبكاء واسأل الله أن يبقيه
وان يطوّل بعمره
لست الوحيدة
اغلب النساء يفعلن ما أفعله
( تقف وسط المسرح وتخاطب الجمهور )
الممثلة : الوقوف في منتصف الطريق
بين المأساة والكارثة
الهجر والنسيان
هناك في النقطة التي تقف فيها تقرر
أما الاستسلام لكل ما هو مظلم
أو السير بخطى واثقة لتجربة جديدة
أو خيبة جديدة
المتعة في التجربة هو الألم
شرف المحاولة هو ما نجنيه
هذا ما ورثناه من سيزيف وإباءنا وأجدادنا
في لحظات الموت أو قربه يتفاقم الحب ويتطور
يزداد العطاء, نشعر أنها لحظاتنا الأخيرة
نرتجل ونبدع أحيانا
لا مجال للتراجع
الإنسان المحظوظ يموت ميتة تافهة
ــ ستار ــ
0 التعليقات:
إرسال تعليق