أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

السبت، 3 مايو 2025

مسرحية " شظية صمت!! " (لعبة إستذكار من أجل تهشيم النسيان)تأليف :شوقي كريم حسن

مجلة الفنون المسرحية 
الكاتب شوقي كريم حسن 

مسرحية " شظية صمت!! " (لعبة إستذكار من أجل تهشيم النسيان)تأليف :شوقي كريم حسن

مكان التجسيد
———//
(غرفة مظلمة داخل مركز تحقيق سري، جدرانها متسخة مغطاة بالثقوب والدماء، الأثاث قليل وبسيط: طاولة تحقيق كبيرة، كرسيان، نافذة صغيرة تسمح بدخول ضوء ضعيف ، ساعة حائط متوقفة عن العمل. المكان ضيق وأجواؤه خانقة، يبدو وكأنه يعكس حالة الشخصيات المعذبة.)

زمان التجسيد
———————

(الوقت غير محدد بدقة،و غير معروفة زمنياً، حيث تتداخل الأحداث بين الماضي والحاضر في تزامن غريب. يمكن أن يكون الزمان متوقفاً، حيث يظهر أن الشخصيات تعيش في زمن خارج الازمنة.)

شخوص التجسيد
————————
1. الضابط – في منتصف الثلاثينات، شخصية متسلطة قاسية، ضابط تحقيق في جهاز قمعي. يعاني من أزمة نفسية نتيجة لتورطه في الماضي.
2. السجين – في أوائل الثلاثينات، معارض للنظام، وقع في قبضة الأمن بسبب نشاطه السياسي. يتسم بالذكاء والمراوغة، لكنه يشعر بالعجز أمام الواقع المأساوي الذي يعيشه،
3. الزوجة – في أوائل العشرينات، امرأة ذات شخصية  تُظهر قوة غير متوقعة حين تُحشر في الزاوية.  محاصَرة بين واجبها الأخلاقي وضغط الموقف القاسي.)

الرؤيا الأولى
——————
(السجين جالس على كرسي التحقيق، مكبل اليدين، رأسه منحني إلى الأسفل. الضابط يقف وراءه، ينظر في أوراقه المبعثرة.)
الضابط/(يتمتم لنفسه بينما يتصفح الأوراق) من أين أعرفك؟
(يقترب من السجين، يرفع رأسه بلطف، ثم يحدق في وجهه، لكنه يبتعد بسرعة كما لو أن شيئًا ما يزعجه)وجهك… الصوت… شيء ما في عينيك.
السجين/(بصوت هادئ، ولكنه مليء بالتحدي)هل تعتقد أنك تتمكن من تحطيمي؟
(يحرك رأسه وهو ينظر إلى الضابط)
أنت لا تعرفني، أليس كذلك؟

الضابط/(يتنهد بغضب)
أتحدث إلى شخص لا أستطيع تذكره؟
(يتأمل السجين عن كثب)
أين كنا؟ كيف التقينا؟ لماذا هذا الوجه مألوف؟
(يتنقل بغضب بين الأوراق)
كيف.. كيف… كيف؟!!
السجين/(يبتسم بحزن، ويتكلم بثقة)
تقول أنك تعرفني، لكنك لا تعرف… من الذي جعلك تتذكر؟
(يضحك بشكل خفيف)
هل  هناك لحظة في حياتك تذكرتني فيها؟ هل كنت تتوقع أنني سأكون أنامك هنا اليوم؟
الضابط/(يتقدم خطوة نحو السجين)
توقف عن الحديث بهذه الطريقة. لا تجعلني أعتقد أنني أضيع وقتي معك.
(يصمت للحظة، ثم يقترب منه أكثر)
أنت لست مجرد سجين… أنت صورة من الماضي الذي أرفض مواجهته.
(يغضب، يضرب الطاولة بعنف)
أنت ..أنت، لكن أين التوقيت؟ أين المكان..ليتني أمسكت بخيط زماننا؟!
السجين/(يقف بهدوء، ينظر إلى الضابط بعينين مليئتين بالأسى)
الماضي… هل هو ماضيك أم ماضيي؟ ربما… هناك لحظة واحدة… هل تتذكرها.. مثلك يجب أن يتذكر الكثير من لحظات ماضيه؟!!
(الضابط يتجمد فجأة، يتراجع قليلاً، وجهه شاحب،  يحاول استرجاع صورة ما في ذهنه.)
الضابط/(بصوت منخفض متوتر)
لا… لا… أنت لست ذاك الفتى… لكن هل كنت أنت فعلاً،،لالا غير معقول هذا؟!!
(يقترب أكثر، يحدق في وجه السجين، همساً)هل كنت ذاك الفتى في المدرسة الابتدائية،،الماكر الكثير الضحكات؟!!
(يُغمض عينيه للحظة، كأن الذاكرة تقاومه)
هل كنت… هل كنت ذاك الذي…؟
السجين:/(ابتسامة باردة على وجهه، مع نظرة ناعمة ولكن مليئة بالتحدي)
نعم… أنا من كنتُ هناك، في يومٍ ما… لكنك لم تستطع تذكر ذلك.
(يبتسم بخبث)لن تذكر من ذاك اليوم  شيئاً بعد الآن.!!
الضابط/
(يصرخ فجأة، يتحرك بسرعة ويبدأ في إلقاء الأوراق على الأرض)
أنت لا تعرف ما أواجهه الآن! هذا ليس مجرد أمر عادي! إذا كنت ذلك الفتى، عليك أن تدفع الثمن.
(يتنفس بسرعة، وتبدو يده مرتجفة وهو يشد قبضته)
السجين/(يرتخي قليلاً على الكرسي، مغلقاً عينيه، وكأن الوقت لا يعنيه)
الوقت… نعم، الوقت هو ما يدفعنا إلى هنا.(يبتسم بهدوء)
لكن ماذا لو كان الزمن كله بين يديك؟ هل تظن أنك ستجدني في النهاية؟
الضابط/(ينفجر غاضبًا، يقترب بشدة من السجين)كيف تعتقد أنك تخرج حيًا من هنا بوجودي؟!!
(يرتفع صوته بشكل مفاجئ، ثم يهدأ فجأة يجلس أمامه بشكل مفاجئ)
أنت تتلاعب بعقلي…أنت تحاول تحطيم أعصابي كما عهدتك دائماً!!
(يتنفس بعمق، ثم يظل صامتًا للحظة، كما لو أنه يستعد للقيام بشيء غير متوقع)
الضابط/(يصرخ بغضب مفاجئ، يقف  من مكانه)لا يمكنك أن تلعب معي، لا يمكن! كل شيء واضح الآن!
(يتنقل في الغرفة بسرعة، كأنه يريد الهروب من هذه الورطة الفكرية، ولكن عيناه لا تتركان السجين)
أنا أعرفك، أنت ذلك الفتى الذي…
(يبدأ بالتنقل في المكان متوترًا، وكأن الذاكرة تتلاعب به)لكن هل كنتَ؟ هل حقًا كنت؟!
(يتوقف فجأة، يحدق في السجين وكأن شيئًا قد وقع في ذهنه)
السجين/(هادئ ، ولكن ابتسامته تحمل الكثير من الحنق)
أنت لا تستطيع التخلص من الماضي، أليس كذلك؟ حتى لو كنت تريد قتل ما تبقى من ذكرياته… لا تستطيع.
(يتحدث بنبرة حادة، يشد ظهره إلى الوراء)هل تعتقد أنني نادم على كل  ما حدث معنا..أتعرف مثلي عاش ابتهاج تلك اللحظة حتى الان،،لحظة خاصة!!
الضابط/(يغضب أكثر، يبدأ في ضرب الطاولة بعنف)نادم؟! هل تقول لي أنك لست نادمًا؟!
(يقترب منه فجأة، محاولًا كسر المسافة بينهما)أنت كنت تبيع نفسك… كنت تُذل نفسك مقابل المال، وأنت تعرف ذلك جيدًا!
(يبتسم بشكل متوتر، كأن ثقل العذاب يثقل قلبه)لكنني لا أستطيع أن أتذكر…
(يقف بجانب السجين، يقترب من أذنه)هل كنت تبيع نفسك لأجل لقمة عيشك؟ أكان ذلك حقًا؟ أم أن ذلك كان خيانة؟
السجين/(يضحك بصوت منخفض، رده بارد جدًا)
أنا؟ كنت أفعل ما أظن أنه ضرورة… لكنك أنت من كنت تخشى الظهور.
(يغلق عينيه لفترة، ثم يفتحها ببطء)
لكن الآن… هل تظن أنك تملك القوة؟ لا، أنت لا تملك شيئًا سوى الهزيمة.
(يتنهد)كنت تلاحقني في المدرسة، تكرهني لأنك عرفت من أنا، وفي النهاية أصبحت أداة في يد النظام الذي تظن أنك تخدمه.
(الضابط يقف صامتًا للحظة، ينظر إلى السجين كما لو كان غارقًا في أفكار معقدة. أخيرًا، يتنهد بعمق ويبدأ في التحدث بصوت هادئ، و الكلمات تخرج بصعوبة.)
الضابط/كل شيء تغيّر، أليس كذلك؟
(يقف أمامه، ثم ينظر إلى الجدار كما لو  يتحدث لنفسه)كنتُ جزءًا من عالمٍ مختلف… عالمٍ أحاول أن أنسى فيه الآن… لكن هذه الذاكرة، هذه الذاكرة التي لا تذهب، تستمر في الضغط عليَّ.
(يعود للتركيز على السجين، ويقترب منه مرة أخرى)ماذا كنت تتوقع مني أن أكون؟ هل كنت تتوقع مني أن أكون شخصًا آخر؟ هل كنت تعتقد أنني سأكون الأفضل؟
السجين/(نظرة ساخرة على وجهه)
أنت مجرد خيط في شبكة فساد أكبر من كل ما كنت تتخيله… حاولت أن تتنصل من الماضي، ولكن الماضي لا يتركنا أبدًا.
(ينظر إليه بحزن، لكن يظل صوته ثابتًا)لقد كنت أول من اختار أن يكون جزءًا من هذا النظام، والآن عليك دفع الثمن… ربما تعلم الحقيقة قريبًا.
(الضابط يتنهد ويبتعد قليلاً، يعيد النظر في السجين وكأن الكلمات قد فعلت فعلها. ينظر إلى السقف بترقب، ثم يعود بنظره إلى السجين.)
الضابط/(بصوت منخفض، يقترب منه مرة أخرى)هناك شيءٌ آخر… شيءٌ كان يطارِدني منذ فترة… أنت… لم تك فقط هذا الفتى في الماضي…
(يبدأ التحدث بصوت مرتفع)
أنت السبب في أنني أصبحت الشخص الذي أنا عليه الآن!
(يتوقف فجأة، وكأن الانفعال قد زال، يجلس على الطاولة مجددًا)
هل تعتقد أنه من الممكن أن أكون فاعلاً في كل هذا؟ هل كان هذا يجب أن يحدث؟
(السجين يبتسم بخبث، يحرك رأسه ببطء، وعينيه تتسعان، كأنما يرى أنه قد وصل إلى نقطة النهاية.)
السجين/
ربما كنتَ جزءًا من  هذا، لكنك مجرد دمية في يد من يتلاعبون بك.
(يصمت للحظة، ثم يضيف)لكنك… تظل تذكرني جيدًا، حتى وإن كرهتني.
(يبدأ الضابط بالتركيز على السجين بشكل مكثف، تنقلب مشاعره من الصراع الداخلي إلى محاولة السيطرة على الوضع.)

الرؤيا الثانية
—————/
: نفس الغرفة، ولكنها الآن أكثر خلوًا. الضوء خافت، ظلال الجدران تلعب على الوجوه. الطاولة  في المنتصف،  التوتر الذي  يسكن المكان صار أكثر كثافة…..يدخل الضابط   أكثر غموضًا وتوترًا، يقترب من الطاولة، السجين لا يزال جالسًا ، وكأن الزمن توقف. الضابط يتنقل ببطء في الغرفة، وعيناه تتنقلان بين السجين والطاولة.)
الضابط/(بصوت قاسٍ، مخاطبًا السجين)لقد أخطأتَ حساباتك، كنتَ تعتقد أنك بعيد عن الأنظار، لكنك الآن في مكان لا يستطيع احدا الفرار منه!!.
(يقترب  أكثر، ليواجهه وجهًا لوجه)عليك ان تدرك جيدًا هذه هي النهاية.،،
(يتنفس بعمق، يضع يديه على الطاولة، ينظر في عيني السجين)
لكن… ماذا لو ان هناك طرق أخرى توصلك الى دروب الخلاص!!
(السجين يرفع رأسه ببطء، ينظر إليه بتحدي.)
السجين/(بصوت هادئ، مشبع بالغمزات الماكرة)طرق أخرى؟
(يضحك ضحكة ساخرة)
أنت لا تعرف غير القمع، ولا تستطيع التخلي عن تلك اللعبة التي لم تجد سواها  طوال حياتك، أليس كذلك؟
(يستمر في ابتسامته الساخرة، يتجاهل التهديد) لكني أعتقد أن هناك أمرًا آخر يجذبك… شيء قد يغير كل شيء.
(الضابط يتوقف عن الحركة. نظرته تتحول إلى جمود مؤقت. ينظر إلى السجين كما لو كان يقرأ شيئًا في عقله.)
الضابط/(يحاول السيطرة على نفسه، لكنه يتحدث بعصبية)
ماذا تعني بقولك هذا..ماذا تعني؟!!
(يبدأ  بالسير بسرعة داخل الغرفة،  يعود إلى السجين، ليجلس أمامه مباشرة) قل لي، ماذا تعني بذلك؟
السجين/(يبتسم ، لكن هذه المرة الابتسامة تحمل شيئًا من الرغبة في الفهم)أنت تعرف، لا تستطيع أن تكون هذا الشخص دائمًا… لم تعد لعبة النظام. هناك شيء آخر  يحركك الان، أليس كذلك؟
(ينظر  في عينيه مباشرة)
أنت في صراع أكبر الآن. صراع من نوع آخر…لايمكنك فهم ابعاده ومراميه،
(الضابط ينهض صارخاً، ثم يتوقف   ملتقطاً أنفاسه.)
الضابط/(بصوت منخفض متوتر)
هل تظن أنك تعرفني؟ هل تعتقد أنك فهمتني بعد غياب كل تلك السنوات؟
(يتنقل في الغرفة بسرعة، يتوقف وينظر إلى السجين)أنت لا تعرف شيئًا عني، ولا عن ما عشته واعيشه؟
(يرتاح  قليلاً، لكن التوتر يظل يلوح في الهواء. يتنهد بعمق، ثم يغير لهجته، ليعود إلى تلميحٍ غامض.)
الضابط/لكن… هل فكرت في زوجتك؟
(يقترب منه، يلمس الطاولة بطريقة عصبية،  يبتسم ابتسامة مغرورة)
أعتقد أنك ما بستطاعتي فعله… أجلبها  الئ هنا، وأعطيك خيارًا. خياراً
وأحداً لاغير،،!!
، ( بنبره تصبح أكثر قسوة)إما أن تختار أذلال نفسك أمامي وتحقيق غايتي، أو… أستدعي زوجتك.
(يتوقف ليلاحظ ر فعل السجين)
نعم… أستدعيها فوراودونما تردد.
(السجين يرفع رأسه ببطء، وعينيه تغلقان تدريجيًا، وكأن الساعات تمر عليه في لحظة.  يتنهد ويترك الصوت يخرج منه، ثقيلًا.)
السجين/(بصوت هادئ  مشبع بالقوة)
أتظن أنني سأخضع؟
(ينظر إلى الضابط مباشرة )
أنت لا تعرف من أنا، ولا من هي زوجتي….(يبتسم ابتسامة صغيرة قوية)ولكنك ستكتشف قريبًا…
( ينظر إلى الضابط وكأن النية تتكشف أمامه)هل تعلم أن هذا ليس مجرد تهديد؟ هذا هو بداية النهاية بالنسبة لك.
(ينتقل الضابط في مكانه، وكأن كلمات السجين اثرت فيه بالفعل. يتوقف فجأة ويبدأ في التفكير، بينما تتلاشى نبرة الغضب التي كانت تملأ الغرفة. يسود صمت طويل.)
الضابط/(بصوت منخفض، كما لو أنه يفكر مع نفسه)
هل أنت مستعد الى مثل هذه النهاية؟ وهل أنا مستعد  مثلما انت،، الفرق بيننا واضح منذ كنا صغاراً،،( يصرخ)
نحن لانتشابه بشي..لا نتشابه ابداً!!
(الصمت يسيطر على الغرفة، . لا حركة، لا كلمات. الجميع يقف في مكانه كما لو أن الوقت توقف .يستدعي الضابط مساعدًا له في الخارج. بعد قليل، تدخل زوجة السجين. امرأة في منتصف العمر، ذات حضور قوي، رغم أنها تبدو مرهقة. يمتلئ وجهها بالقلق، لكنها تظهر شجاعة كامنة. يدخلها مساعد الضابط بهدوء، ثم يترك الغرفة.)
الزوجة/(بصوت ذات هيبة واضحة) لم بعثت في طلبي ماذا تريد مني ؟ أين  أخفيت زوجي مالذي فعله؟!!
(تقترب من الضابط، لكنها لا تجرؤ على النظر في عينيه، تتوقف قبل أن تصل إلى الطاولة)
أين هو؟ ماذا فعلتم به…؟!!
(الضابط يبتسم ابتسامة قاسية، موجهاً إليها نظرة فاحصة. .)
الضابط/(بصوت هادئ،  مليء بالتوتر)
أنت هنا من أجل مهمة بسيطة.
(يتنقل حولها ببطء، كأنما يحاول قراءتها) المحترم زوجك كانت لديه فرصة للخروج من هذا المأزق، ولكن الخيارات تغيرت… وقد أصبح لدينا خيار آخر الآن…
(يقترب منها بشكل فجائي، مما يجعلها تتراجع خطوة إلى وراء)
إنه خيار صعب، لكنه حتمي.هل تودين معرفة ما هو…اظن أن لعبة الخيارات
أجمل مبتكرات العقل الإنساني؟!!
(الزوجة تتنفس بعمق، تتأمله لأنها تعرف انه يحاول استفزازها.  ترفع رأسها لتنظر إليه بتحدٍ.)
الزوجة/(بصوت صارم،عنيد)
لن أسمح لك بتهديدي أو تهديده. لا يهمني ما خططت له….خططكم لا توصل الى غير الخراب؟!!
(تقترب منه،  متنفسة بصعوبة، يبدو أن كرامتها أهم من كل شيء) لن تفوز بهذه اللعبة القذرة…الخسارات تلاحق
خطاكم المليئة الكراهيات!!
( يضحك، ضحكة قصيرة، مليئة بالاستخفاف. محولاً نظره إلى السجين، الذي ما زال جالسًا في زاويته، عينيه تتابعان كل ما يحدث.)
الضابط/أنتِ في موقف غير جيد،لديك خيار واحد لاغير. إما أن تُساعدينا بتقديم ما نطلبه منك…
(يتنهد ببطء ويعود للحديث مع السجين بنبرة مغايرة)
أو أن نبدأ في التعامل مع الوضع بطريقة مختلفة تمامًا.
(نظره يطول نحو الزوجة،تقترب كلماته من التهديد)
أنت تعرفين جيدًا أنني أستطيع إجبارك على المضي في الطريق الذي أحدده أنا،،. لا أحد سواي يستطيع تحديد الطرق التي يتوجب اختيارها!!
(يستدير  نحو السجين، يتحدث بلغة أكثر قسوة)وأنت… أنت، يا من تدّعي الشجاعة، هل تتوقع أن يظل كل شيء على ماهو عليه؟!!
السجين/(يرفع صوته فجأة، رغم جراحه النفسية)أنت تعرف جيدًا  ليس لدي ما أخسره.،،،ادمنت الخسارات منذ أول خياراتي؟!!
(يتنهد بقوة، عيناه تلمعان بعنف)
لا أريد لها أن تكون جزءًا من لعبتك القذرة.
(يبتسم ، نظرة الشر تملأ عينيه)إذا كان هدفك إذلالنا، فاعلم أنني اخترت الموت منذ زمن. أول مواجهاتي معه،،
هل تعرف كم مرة واجهني الموت وواجهته؟
(يحول نظره إلى زوجته، عينيه مليئتان بالأسى)لا تخافي، مهما حدث، سنظل معًا وسط دائرة الاحلام المدمرة،،.( متنهدا)ليتني أمسكت بخيط احلام يوصلني الى ما ارغب واريد!!
(الزوجة  تمسح دموعها ، وتبقى واقفة، تنظر إلى الضابط  الصمت يملأ المكان.)
الضابط/(بصوت متشنج، وهو يقترب من الزوجة، ثم يلتفت إلى السجين)
أنت تعتقد أن قوتك في الصمت؟ هل تظن أن ذلك سيغير شيئًا؟
(يضع يديه على الطاولة،مواجهاً السجين بنظرة ثابتة)
لقد اخترتَ طريقًا لا رجعة فيه. كنت تستطيع  المساومة، لكنك اخترت أن تُعلّمنا درسًا من نوع آخر.(يتنهد)، إذا كنت تريد أن تنتهي هذه اللعبة، عليك أن تختار… أنت، وزوجتك. نعلم جميعًا ماذا يمكن أن يحدث عندما يتفجر الصمت؟!!.
(الزوجة تقف مستعدة للمواجهة، بينما السجين  يراقب بعينيه المفعمتين بالعزم. الضابط يترك الغرفة بسرعة، مغلقًا الباب وراءه بصوت مدوٍ. تظل الزوجة والسجين في صمت طويل.)
الزوجة/( تغني ببطءوبهمس متقطع، كأنها تلامس وجهه بخوف واشتياق)
ليلُك جفني، لا تَسرْ
شفتي صمتٌ… لا تخُنْ
بردُهم… فيكَ اشتعالٌ
لا تقل شيئًا… سَتَفنْ!

الرؤيا الثالثة
——————
  الغرفة نفسها، الإضاءة خافتة جدًا. الجو ثقيل و موحش. الضابط يقف بعيدًا، ينظر إلى السجين بعينين جامدتين. الزوجة على بعد خطوات، تحمل في عينيها عزمًا لا يراه الضابط. تبدأ الحديث بلهجة  قوية.
الزوجة/(بصوت خافت، )
ماذا تريد مني الآن؟ هل تعتقد أنني أسلمك نفسي؟ هل تعتقد أنني سأقع في شراك امانيك الحقيرة التافهة؟
(تقترب من السجين، تضع يدها على ذراعه، رغم الخوف الذي يملؤها)
أنت لست وحدك في هذا، لا يمكن أن يطلبوا منا هذا… لن يكون ذلك الحل.
(تتوقف،  تنظر إلى الضابط، عينيها مليئة بالغضب)
أنت لا تعرف شيئًا عنا، ولا عن قوتنا. لن تدمرنا بهذه الطريقة…ليس مثلك
من يدمر عظمة وعي راسخ ويقين ثابت،،ليس مثلك من يفهم معنى أن
يكون الإنسان قيماً ومواقف؟!!
(الضابط يقترب منها ببطء، يبتسم ابتسامة مريرة، ثم يحدق في عينيها.)
الضابط/(بهدوء، محاولًا إظهار قوته)
أنتِ مخطئة، لن يكون لديك خيار آخر.
(يومئ برأسه، محاولًا إعادة السيطرة على الموقف)الخيارات كانت لديك في البداية، اما الآن فنحن هنا. نحن من يقدم الخيارات او يشطبها!!
(يضع يديه على الطاولة ملتفتاً إلى السجين)لا يمكنك الفرار من هذا الأمر. الخيار الوحيد أمامك… هو كيف تختار أن تُنهي هذه القصة.؟!!
(يلتفت فجأة إلى الزوجة،)
هل تعتقدين أنك تستطيعين إنقاذه؟ عليك أن تختاري الآن: إما أن تُساعدينا وتُعيدي له الحياة، أو أن تُدمريه أكثر.
(الزوجة تهز رأسها بحزن، ملتفتة إلى السجين.)
السجين/(بنبرة ثابتة ولكنها مليئة بالقهر)إذا كانت الحياة تنتهي هكذا، فلن تكون على حساب كرامتي أو كرامتكِ. لا أريد أن تدمري روحكِ من أجلي.
( ينظر إلى الضابط،و في عينيه نظرة حقد)لن تسحقني بهذه اللعبة القذرة.
(يتنهد، ثم يرفع رأسه)
تظن أنك تملك كل شيء، لكنك لا تفهم شيئًا عن الموت الذي يسكنني.
الضابط/(يتنهد مقترباً من السجين،  بصوت منخفض)
الموت ليس نهاية اللعبة هنا. الموت  ببساطة بداية جديدة غير محددة المعالم للألم.
( يتوقف لحظة، ساحباً نفسه بعيدًا عن السجين)ولكن بما أنك لم تختار، إذًا سأجعل اختيارك بيدي. أنا(يضحك)
خبير اختيارات منذ كنا سوياً!!
(الزوجة تقف عينيها مليئة بالعزم.)
(الضابط يدخل مجددًا، تتبعه مجموعة من الجنود. ينظر إليهم بحذر  يتحرك نحو السجين، الذي لا يزال جالسًا في زاويته، عينيه تحدقان في الفراغ.)
الضابط/(بصوت خافت، غير مُبالٍ)
لقد قررت…او سمعت ما اقول لقد قررت،،
(يتنقل في ارجاء الغرفة  ليتحقق من كل شيء)
القرار ليس في يدك الآن، ولا في يدها. القرار  في يدي.(يضحك)القرار في يدي ولا يمكن لسواي ان يقول لا او نعم!!
(يقف أمام السجين، عينيه لا تفارقان وجهه) أنا من أملك الكلمة الأخيرة.
(يعود لينظر إلى الزوجة، يتنفس بعمق)أنتِ لست سوى أداة من ادواة  هذه اللعبة، تمامًا مثل هذا الذي تسمينه زوجك……!!
(يلتفت إلى الجنود)
خذوها…اياكم والتحدث معها !!
( الجنود ويأخذونها بعنف إلى الزاوية الأخرى.)
(الزوجة تتنفس بسرعة،  عينيها لا تتركان السجين.  تريده  قويًا، بينما هي محاصرة بين الخوف والعزيمة.)
الزوجة/(صوتها يخرج مرتجفًا، لكنها تُخفيه وراء جدار من الشجاعة)
لا تلمسوني… إذا اقتربتم مني، سأحطم كل مافي هذا المكان المليء
بالسفالات!!(تنظر إلى الضابط)
إذا كان هذا  ما تريده، فهذا لن يمر دون ثمن.
الضابط/(بابتسامة شيطانية، يقترب من الزوجة ملتفتاً إلى السجين)
سنبدأ الآن… كل شيء يعتمد على هذه اللحظة.،،أعشق تلك اللحظات التي
اسميها لحظات الحسم!!
(ثم ينظر إليها ،وأعينه تلمعان بالشر)
(يسود الصمت. السجين يبدو وكأنه يحاول تحمل آلامه، بينما الزوجة تبدأ في التراجع شيئًا فشيئًا.الضابط يقف  وحده، . السجين والزوجة في أماكنهم. الوقت يمر ببطء،.)
الضابط/(صوت حاد، يخطو خطوة إلى امام)لقد جئتُ إلى هنا من أجل شيء واحد… تحويل الألم إلى انتصار.
( يلتفت نحو السجين)
لقد اخترتَ أن تكون الضحية… والآن أرى أنك مستعد للخسارة.
(يبتسم، ثم يلتفت نحو الزوجة)
والآن… اخترتِ أيضًا الوقوف في طريق من لا رحمة لهم.
(يخطو خطوة أخرى نحو السجين)
لن ننتظر أكثر من ذلك. ستنهار هذه الجدران كلها.
(ثم يعود وينظر إلى الزوجة)
اختيارك هو بداية النهاية.
(تستمر الأضواء في التناقص تدريجيًا حتى تصبح الغرفة في الظلام التام.)

الرؤيا الرابعة
——————-
(،  الأضواء ضعيفة جداً، تبدو الغرفة كأنها غارقة في الظلام. الضابط يقترب من السجين بعد وقت  من التوتر. الزوجة، ، تراقب بصمت).
الضابط/(بصوت ، مليء بالقسوة) يبدو إننا  تجاوزنا مرحلة الكلام… ما نحن فيه الآن هو  النهاية التي كان يجب الوصل إليها، بغض النظر عن خياراتكم. التي ما نفعتكم بشيء
(يقترب أ من السجين، يركع الى جانبه)
إذا كنت تعتقد أن رفضك يجلب لك النجاة، فدعني أخبرك، لا شيء يمنحك الأمل الآن.،،،الأمل أكذوبة ابتدعها العجز وجسدتها المخاوف!!
( يلتفت إلى الزوجة)
أنتِ سيدتي  موجودة هنا من أجل مراقبة النهاية،  أليس كذلك؟
(يركز على وجه السجين)
أنتَ عاجز عن الإختيار،،، وهذا ما جعلني أختار بدلاً عنك.!!
(الزوجة تراقب تفاعلاته مع السجين بعينين مليئتين بالتحدي.)
الزوجة/(بصوت ثابت)
كنتَ تعرف تمامًا أن الحياة لم تك ستنقلب هكذا، أليس كذلك؟ كنتَ تعرف أنك لا تستطيع فرض ما ليس له معنى…المعاني هاجس وجودك الاعظم(تنظر إلى الضابط بحدة)
 انتظر، هناك لحظة واحدة تشعر معها أنك خسرت أكثر مما كسبت.،،تلك اللحظة التي لا خلاص منها..لحظة تشبه طائر الوهم..!!
(تبتعد عنهم، تبدأ بالنظر إلى الحائط)
كل هذا ينقلب ضدك…الوجه الاخر الاكثر قتامة ووقاحة ستراه يقف بين
يديك دون أن تعرف كيف تقاومه؟!!
(السجين صامتًا، عينيه، الضابط يقف قبالته، يتأمل وجهه، غير قادر على تحديد رد فعل آخر. الزوجة تراقب عن كثب.)
الضابط/(صوت حاد، لا يترك مجالًا للشك) كنتَ تظن أن الصمت هو الحل. لكن الصمت هو النهاية البطيئة، النهاية التي لا مهرب منها.
(يتحرك نحو السجين يقترب ليواجهه مباشرة)لن أسامحك أبدًا على إهانتك لي… كنتَ تظن أنك أفضل مني؟
(يأخذ نفسًا عميقًا، ثم يستدير نحو الزوجة)والآن… دورك أنتِ إن كان لك ثمة دور.هل تحاولين أنقاذ وغدك هذا؟ أم أنك تتبعين خطوات صمته ورضاه؟!!
(الزوجة تنظر إلى السجين تقترب من الضابط.)
الزوجة/(بصوت واثق،)لن أدعك تستمر في قتل أ ماتشاء من الاشياء
كراهياتك دمرت روح السلام في الأعماق!!.
(تقترب منه موجهة كلماتها إليه)
أنت لا تفهم شيئًا مهما ادعيت الفهم،خيارك الأهم انك تعيش في الظلام. الذي لا يحتفظ بشكل وجوده! 
(تدير ظهرها مبتعدة، ترفض  تهديداته)
الضابط/(يصمت للحظة، يتنهد، عاجزًا عن الرد)
أنتِ تعتقدين أن هذا يتوقف؟
(يرتجف، ثم يلتفت فجأة)
لن يدعنا أحد نعود إلى الماضي، كل شيء هنا يشير إلى النهاية التي لا محال منها…كثيراً ما احرقت أعماقي فكرة النهاية  مئات الإشكال رسمت لكني فشلت،، أعترف أمامكم أني فشلت!!
(يسود الصمت، تبدو الأمور وكأنها قابلة للانفجار في أي لحظة.الضابط يتحرك بعصبية، يمر بجانب السجين والزوجة،وهم محاصرون في التوتر والرهبة. السجين يبدو أكثر ضعفًا، والزوجة لا تزال تحمل في قلبها العزم.)
الضابط/(بصوت مكبوت، يواجه السجين)كل هذا كان عليك أن تراه، يا عزيزي. كنتَ تعيش في وهم. وداخل دائرة عمياء،،(يتحرك خلفه)
 كانت البداية واضحة جدًا، وكل شيء يتدفق إلى النهاية التي لا مفر منها.
(يرفع يده إلى الهواء)
لا شيء يمكن أن يعود بعد الآن، لا شيء… العودة الى وراء فعل جنون مستحيل،،( صارخاً)لاشيء يسمى وراء
،،،لاشيء..!!
( يعود إلى الزاوية حيث يقف الجنود، يوجه تعليماته ببرود.)
إنهاء الأمر الآن….الاوامر غير القابلة للرفض او حتى الاعتراض!!
(الزوجة تتحرك  نحو السجين، تضع يدها على كتفه، عينيها مليئة بالدموع لكن إرادتها  صلبة.)
الزوجة/(بصوت عميق، ملئ بالمرارة)
ربما لا يمكننا العودة، لكن لا تتوقع أنني سأكون على نفس الطريق الذي اخترته أنت،،طرقنا مختلفة افهمت؟
(تقترب من الضابط بخطوات سريعة)
أنتَ.. ليس الوحش الذي أعتقده، أنتَ مجرد رجل ضائع مثلك مثل الجميع.
(تقترب منه أكثر،) نعم اعترف لك لقد خسرنا، لكننا لن نقع.،، وقوعنا مايشبه
المستحيل،،بل هو المستحيل بكامل
تجسيده!!
(الضابط يصمت ، يتراجع إلى الوراء قليلاً،  يرفع رأسه وكأنما يواجه تحديًا داخليًا.)

الرؤيا الخامسة
——————-
 (الغرفة نفسها، الضوء  باهتًا جدًا، يعكس الظلال على الجدران. الجو  أكثر ثقلًا، مع شعور متزايد بالعزلة. السجين جالس على الأرض، والزوجة تقف قربه، بينما الضابط يتأمل الموقف بعينين متعبتين.)
(الضابط يتحرك ببطء، ينظر إلى السجين والزوجة وهو يشعر بشيء غير مألوف في قلبه. الصمت يعم، فقط الأصوات الخافتة تكسر الجو الثقيل.)
الضابط/(يتنهد بعمق،ليرتفع صوته تدريجيًا)هل تعتقدان أن أي شيء من هذا الذي نحن فيه سيتغير؟
(يتجه نحو السجين)
أنتَ الآن في مكان محكم الاغلاق لا منفذ للهروب منه، وأنتِ أيضًا…أيها
الإنثى  الرائقة الجمال والفاتنة الفعل!!
(يبتسم متوجهاً للزوجة)
أنتِ مثل كل الآخرين، تعتقدين أن هناك شيئًا يمكن إنقاذه…مذ عرفتك
أول مرة وانت تفكرين بما يمكن انقاذه!!
(يقترب منهما أكثر، جسده يزداد توترًا) هذا أمر محكوم عليه بالفشل…  العالم الذي نعيش فيه، ليس به مكان للضعفاء و المتمردين،،والباحثين عن
فرص جماعية رعناء!!
( يوجه نظره مباشرة إلى السجين)
كنتَ خائفًا طوال الوقت، أليس كذلك؟ كنتَ تخشى الوقوع في فخ. او تباع بمكيدة،، لكنك في النهاية وقعْتَ دون أن تدري كيف حتى!!
(السجين يرفع رأسه ببطء، نظراته فارغة. الزوجة، التي كانت تراقب المشهد بصمت، تتحرك  نحو الضابط.)
الزوجة/(بصوت هادئ،  مليئ بالقوة)
أنتَ لم تفهم شيئًا قط،،هكذا ابدا الفهم عدو الرأس الذي تحمل!!.
(تقترب منه بسرعة)
لقد قررتُ أن أكون الشخص الذي لا يختبئ خلف الكلمات الفارغة، مثلما تفعل أنتَ الآن…كلماتك الفارغة لاجدوى منها،،!!
( تلتفت إلى السجين)
تظل أنتَ مثلما كنتَ، وستظل أنتَ كما  الجميع.
(تقف ثابتة، تنتظر ردًا من الضابط).

الضابط/(يضحك بقوة)
ماذا تريدين أن تقولي؟  كان يمكن أن يتغير كل شيء؟ هذا غير ممكن. لن أترك شيئًا خلفي، لن يبقى شيء غير الألم.
(يقترب من السجين وهو يمسك رأسه بين يديه)
لماذا لم تحاول الهروب؟ لماذا لم تكن لديك القوة لتمضي بعيدًا؟
(يتنهد بصوت عميق)
 كنتَ مثل الجميع، تفكر في نفسك أولًا. أما الآن، فقد تأكدت من شيء واحد: لن تخرج حيًا.(يرتفع صوته فجأة)لكن لا يهم. كنتُ أبحث عن سبب معقول  لتدميرك، وهذا كافٍ لي الآن. بل ومبتهج به،،(يقترب أكثر)
أنتَ لم تدرك أن هذا هو السبيل الوحيد، لم تك تعرف أنه لا مهرب لك.
(يلتفت نحو الزوجة)
وأنتِ… أنتِ مجرد جزء من هذه اللعبة الآن، لستِ أكثر من ذلك. جزء صغير تافه من لعبة محكمة لا خلاص منها!!
(الزوجة ، عيونها مليئة بالغضب، لكنها لا تقول شيئًا. السجين صامتًا، كما لو فقد كل أمل.)
الزوجة/أنتَ دائم الاعتقاد أنك ستفوز… لكن النهاية التي ستحصل عليها  من صنعك أنت، ولن يكون هناك من ينتشلك…لقد خسرت كل شيء هنا.
الضابط/(يحدق بها للحظة، ثم يهز رأسه)أنتِ لا تعرفين أي شيء. لم تفهمي بعد.
(يتنفس بصعوبة، يحاول السيطرة على نفسه)لن تهمنا الكلمات بعد الآن.
( يبدأ في السير ببطء إلى الباب، وكأنه يهرب من المواجهة.)

الرؤيا السادسة
———————

( ،  خيوط الضوء الخافتة تنبعث من النوافذ المهشمة، مما يجعل الظلال تبدو أكبر. الضابط واقف في المنتصف ، بينما السجين والزوجة يراقبونه بعيون مشدودة.)
الضابط:(يصرخ فجأة، وكأنما استنفد كل طاقته)أريد أن أرى أي شيء آخر غير هذا الظلام! أريد أن أرى ما تبقى من الأمل، لكنني لا أستطيع… أين تراني أجد الامل في لحظات التوحش هذه؟!
أريد رؤيتكما وانتما تذبلان، ..تذويان أمامي، لأنني لا أستطيع تحمل فكرة أن كل شيء بدأ ينقلب ضدّي.
(يضع يديه على رأسه، )أريد أن أرى كيف تكون نهايتكم  وسط هذا المكان
المتوحش الملامح!!.
(الزوجة تلتفت إلى السجين، عيناهما تتلاقيان.  تلتفت نحو الضابط، مبتسمة ابتسامة حزينة.)
الزوجة/(بهدوء، مليئ بالقوة)
لان فقط  فزنا عليك بالفعل.(صارخة)لقد فزنا عليك بالف،،،،ع…ع..ل!!(تربت على يد السجين)
لقد كنتَ أكثر قوة مما ظنوا. هذا ماعرفته عنك منذ كانت لحظات وجودنا الأولى!!
(الضابط يقف صامتًا، عيناه تتسعان، كأنما استوعب حقيقة ما قيل، يقلب بين يديه قطعة من المعدن، كأنما يبحث عن شيء يبرر وجوده في هذه اللحظة.)
الضابط/(بصوت منخفض، محاولاً السيطرة على مشاعره)
كل شيء  يسير وفقًا للخطة المرسومة، أليس كذلك؟(يتنهد)
، يبدو أنني لم أعد أعرف كيف أتعامل مع هذا الموقف.(يقترب  من السجين)لقد فقدت السيطرة. لن أقول لك إنك انتصرت، لا، لكنني أعرف شيئًا واحدًا…
(ينظر إلى الزوجة ثم إلى السجين)
أنا أكثر منك ضعفًا. وهذا يزعجني أكثر من أي شيء…منذ كنا نلعب هناك كنت اكره الضعف مدعياً القوة والشجاعة!!
(السجين  يرفع رأسه .)
الزوجة/(تستدير نحو الضابط، بصوت ثابت وواضح)
أنتَ لا تحتاج إلى القوة لتحكم، بل إلى الإنسانية التي فقدتها منذ البداية.
(تقترب منه)لكن لم يعد هناك وقت للندم.لاأحد ينجو منا، كلنا محاصرون.
(الضابط يقف عاجزًا للحظة،يبتسم بمرارة.)
الضابط/أنتِ محقة… هذا هو حال ، نحن جميعًا نعيش وسط هذا الجحيم  الذي لايعرف الانتهاء يغني ببطء)“جحيمكم لا يعنيني”
كلُّ وجه هنا… قصةٌ تنتهي،
وأنا؟ لست معنيًّا بأيّ شقي.
أسأل الصمت: كم واحدًا قد مضى؟
فيجيب الهواءُ: كثيرٌ، فما بقي؟
في جحيمكمُ الباردِ، أنتم وحدكم،
تحترقون… وأنا في هدوئي النقي.
ليس ذنبي إذا خسرَ المرءُ روحًا،
أنا لا أرى غير نفسي… وضيقي.
(يضحك بسخرية، ينهض مغلقًا الباب خلفه…)
الرؤيا السابعة
——————-
:(  . لا شيء سوى الظلال والأنفاس الثقيلة..الضابط يدخل الغرفة ، يبدو منهكًا، وفي يده مسدس. الزوجة  والسجين يقفان صامتين، كل منهما يواجه الآخر بنظرات متوترة.)
الضابط/(يقترب ببطء، مستشعرًا التوتر في الجو)
هل تعتقدون أنكم هزمتموني؟
(يتنهد بحزن ) اعتقدتُ أنكم ستنتهيّون، لكن لا… مازال هناك شيء في داخلي يريد البقاء.
(يرمي المسدس على الأرض)
… لا أعرف ماذا أفعل بعد الآن.
(يبتعد عنهم، يجلس في الزاوية بعيدًا عن الأنظار.)
الزوجة/(بحذر، تتحدث إلى السجين)
 لم يبق غير قليل من  الوقت… لنحاول الابقاء عليه،،( تنظر إلى الضابط)لن يُسعفك  شيء بعد الآن. .. انتهت اللعبة… ولا احد مهما اوتي من قوة اعادة النهايات،،العودة الى النهاية
فعل مستحيل!!
السجين/(بصوت خافت، مغمض العينين)كل شيء انتهى… لكنه لم يك يفهم ما يبدو عليه…انظره مثل وحش يعيش وسط تيه !!
( يتوجه نحو الضابط .)
أنت لم تهزمني بعد، ولكنني سأغادر. وأتركك مع أفكارك المكسورة.
(الضابط يرفع رأسه إلى السجين، ثم إلى زوجته.)
الضابط/(بصوتٍ غاضب)لم أك أظن أن النهاية تكون بهذا الشكل…
(يفجر المسدس في الهواء، ثم يسقطه أرضًا)
(الضابط على الأرض، يجلس في زاوية الغرفة ممسكًا برأسه بين يديه. السجين والزوجة واقفان، يراقبان الموقف بصمت، وكأن كل شيء قد وصل إلى ذروته.)
الزوجة/(تقترب من السجين هامسة له)انتهى كل شيء ، لكنك تعرف أن الحياة ليست هذه. لا يمكننا أن نعيش في  الظلام إلى الأبد…لابد من ضوء يجيء ذات يوم،،،واهم من يريد للظلام الجلوس على كرسي الأزل؟!!
(تقترب من الضابط )هل تعتقد أن هذا يغير شيئًا..أويمكن أن يكون التغيير بهذه السهولة؟!!
(تبتسم بحزن)لقد خسرت، نفسك، حتى لو حاولت التظاهر بأنك لم تفعل.
الضابط/(يبتسم ابتسامة مريرة)
 كان كل شيئاً مستحيلاً، صحيح؟
(يرفع رأسه، مركزاً على السجين والزوجة)لكن الآن، لا فرق بيننا. نحن جميعًا في هذا العالم التائه دون درب او دليل..تيه لايوصل الى غير تيه آخر
وآخر،،وآخر!!
(يتمدد على الأرض ناظراً إلى السقف، يبدو متعبًا للغاية.)
ربما،حين تحين الخاتمة، لا أحد منا يستطيع الهروب…(يضحك)والى أين
يهرب،،(صارخا) الى،،أين…يهرب،،؟
(الضابط يغلق عينيه ببطء، ليغرق في الظلام.)

. الرؤيا الثامنة
———————-
 (، الجدران مغطاة ببقع داكنة.  ضوء شاحب يخترق الشقوق ، كما لو أن الغرفة تتنفس. الرياح تكاد تسمع عبر النوافذ المهدمّة. الجو ثقيل، مليء بالحيرة والوجع.الضابط مستلقٍ على الأرض ، رأسه مرفوع قليلاً نحو السقف، يداه مفرودتان بجانبه. السجين واقف بعيدًا، الزوجة جالسة ، تتأمل ما حولها. الغرفة تحولت إلى مكان منسي حيث تداخلت الذاكرة مع الفعل، لحظة صمت، لا يُسمع سوى صوت انفاس ثقيلة.)
الزوجة/( تغني بصوت ناعم حزين،)
حبيبي الغالي، الليل طال،والريح تهمس باسمك في المدى،
نجمة بعيدة، ضوؤها خافت،
تشبه عينيّ حين يغيب الرجاء.
(تسحب يديها إلى صدرها وكأنها تغلق حوارًا داخليًا.)
 أي نهاية هي التي نتحدث عنها؟
(السجين يقف ساكنًا في مكانه، يُقلب كفّيه في الهواء، يقترب منها ببطء.)
السجين/(بصوت متردد)نعم، انتهى… ولكن سؤال الشك يدوي في اعماقي هل بدأنا فعلًا؟ هل كانت البداية هي النهاية، أم أننا لم نرَ ما يجب أن نراه إلا الآن؟
(ينظر إلى الضابط بتمعن)كل شيء تحول إلى فراغ ..… تعس الإنسان الذي لايعرف كيف يحطم فراغ وجوده؟!!
(يبتعد  قليلاً، )هل  يستحق كل هذا؟ لا،… لم يك… كانت لعبة، مجرد لعبة.(بهمس يغني) واليوم وحدي، وحدي أغني،لحلم قديم تلاشى كالدخان.يا ليتني كنت نجمة في سمائك،أراك من بعيد أينما ذهبت،لكنني ظلٌّ في هذا المساء،أحيا على ذكرى
الزوجة/(تلتفت إليه، بصوت حزين مهزوم) ألم يك هو من اخترع اللعبة
ووضع قواعدها واسس ابديتها مانعاً
حتى مناقشة قواعدها او تعديل بعض
ما لحق بها من خطأ؟!!
(تنظر  إلى السجين، ثم إلى الضابط  الغارق في أفكاره.)
لكن… هو لم يك الوحيد الذي اعتقد أنه يتحكم في اللعبة.  ، كل واحد منّا  ظن  أنه الأقوى. الذي يستطيع التحكم بكل مايريد ويرغب..كل منا صنع لنفسه قوة خارقة صعبة الإنهيار!!
(تنظر إلى الضابط  مستلقيًا.)
 هل يبقى  شيء بعد كل هذا؟
(السجين يبتسم يقترب من الضابط، ينحني نحوه بهدوء.)
السجين/(بصوت ساخر)لا أحد منا هرب… نحن جميعًا في هذه الغرفة، كلنا مدفونون منذ زمن فقدنا بداياته، لا مكان للهروب. هل تظن أن ما تبقى منا يمكنه الإستمرار بالعيش؟
(ينهض قليلاً ثم يعود إلى مكانه)
أظن أننا جميعًا عشنا في دواخل اوهامنا حتى النهاية… الآن ودون سابق تفكير، بدأنا نفهم أن النهاية هي الحقيقة الوحيدة التي كنا نبحث عنها طوال الوقت.،،(يغني ببطء)
(يقترب السجين والزوجة من الضابط، . الضوء الخافت في الغرفة يبدأ في التلاشي تدريجيًا، وكأن الوقت  يتلاشى معهم.)
الزوجة/(بصوت هادئ، تخاطب الضابط بشكل مباشر)
أنت لم تك أقوى منا. ولكنك  تتوهم أنك المسيطر، حتى لو كنا جميعًا محبوسين في هذا المكان.
(تتأمل الضابط ، ثم تبتعد عنه.)
لقد خسرت كل شيء، وعندما تفقد كل شيء، لا يعود هناك أي معنى للسيطرة. نحن هنا الآن، ولا يمكننا العودة.
(تستدير نحو السجين، ثم تنظر بعيدًا في الصمت.السجين/(يغمض عينيه قليلاً، كأنه يحاول تصفية ذهنه)
الحرية لا تأتي بالحرب، ولا تأتي بالقوة. الحرية تأتي عندما نقر بأننا لا نملك شيئًا نخسره.
(ينظر نحو الضابط الذي ما زال مستلقيًا، يعم الصمت لحظة.)
لكن، من يستحق العيش في هذا الواقع؟ هل يستحق أحد ذلك؟
(الزوجة تقترب من السجين، وتضع يدها على كتفه، بينما الضابط يظل في مكانه، وقد أصابه الصمت المطبق.)
الزوجة/نحن من صنعنا هذا العالم…
(تبتسم بحزن)والآن نتحمل تبعاته.
(تنحني بجانب الضابط.)
(الصمت يعم المكان. الجميع في وضع ثابت، والأضواء تتضاءل تدريجيًا حتى تنطفئ تمامًا.)
الزوجة/(تغني بهدوء)
ما عاد يوجعني غير السكوت
ما عاد عندي حلم سليم
عيناي مسجونتان معي
تسرق ضوءًا وذكرى تضيع
لا صبح بعدي، ولا ليلتي
تحكي لروحي عن المستطيع
هذا أنا وحدي، آخر دروب
لا صوت ينطق، لا ضوء يؤوب
فليهدأ الظل، فليُغلَق الباب
أنا والعدم… دون أي ذنوب،،
(صمت)
.

0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption