تجليات الغموض في «بقعة زيت» / سافرة ناجي
مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني
تعد عروض المونودراما من العروض التي تكشف عن دوالها بيسر. وتشكل لدى المتلقي استباقا تأويليا لها، بأن النص والعرض سينفتحان على هذيان اللاوعي الفردي ولوجاً لعوالم واقع العرض المسرحي. وبالعادة يتمركز على تقنية حبك مأساة فردية يتشظى فعلها الدرامي إلى لوحات مشهدية الواحدة تزيح الأخرى، باتجاه الحفر في الوعي الجمعي لها. لهذا كل من يتصدى لنصوص المونودراما يسعى إلى نمذجة مأساة الإنسان الكونية لكي يفتح باب التأويل لمشتركات المتلقي أولا، وكسر توقعاته ثانية في فرض جمالي مغاير لهذا الواقع.
وهذا كان هاجس عبد الرحمن التميمي مخرج عرض «بقعة زيت» في الاشتغال على مغايرة كل هذا الاستباق التأويلي، وهو يفتتح حواره مع المتلقي بحقيقة صادمة (انهم يحرقون المكان). الثيمة الرئيسة، التي شرعت منها الرؤية الإخراجية في إعادة صياغة المدونة النصية لمؤلفها محمود أبو العباس، وتشارك معه محمد هاشم في رسم الاداء، وسهيل البياتي في تأسيس السينوغرافيا. اذ افتتح العرض بصريا بمشهدية غائصة في دوال الغموض والترميز المشفر، ليقيم حواراً بينه وبين المتلقي من خلال استقراء المعادل الفكري لمدلول هذا التكوين المشهدي، وإيجاد العلاقة بينه وبين الخارج للعرض. اذ زج كم سيمائي من العلامات المرئية والسمعية والذهنية التي ضبط ممكناتها الجمالية اداء محمد هاشم. وهذا بدوره فجر الكثير من التساؤلات حول قصديته، التي دفعت باتجاه تفكيك هذه العلامية التي اظهرت حامل العرض الشخصية المسرحية/ الممثل مسخاً انسانيا، يبحث عن كينونته في صراعات الواقع. مما حولها الى ذات مستلبة، محاصرة بـ (موت، ودم ) حد الغثيان. وهذا يثير دافعية البحث عن معنى كل هذا المشحون بالغموض والإيحاءات المبهمة، مما شكل استفزازا ومدخلا لتفكيك تركيبات العرض، وتقصي معنى ما يحدث على خشبة المسرح من فعل درامي. . فكل شيء في هذا العرض: ( الشخصية، الفعل، المكان، الزمان) بلا ملامح يمكن أن تحيل الى زمان، او مكان، او نسق ثقافي ما. في قصدية تأويلية لا إشكالية وجود الباث والمتلقي معاً، وصراعهما مع الموت، بسب ما اقترفا من اخطاء لوثت كل شيء. واستباحت طهر روحهما وجسدهما، حتى بات فضاء النقاء (الماء) مقبرة لهما، وهذا يثير جدلية ونفيا لـــ ( وخلقنا من الماء كل شيء حي) في اشارة الى ان الحروب استباحت قدسية الوجود(الحياة.
فاصبح الوهم هو الكينونة الانسانية ما جعل (الشخصية الممسرحة))تشير إلى الأم وثانية إلى الأخت وثالثة الحبيبة ورابعة إلى الوطن. وكل هذه الدوال ذات حضور لفظي متخيل، محمل بمأساة الوطن التي تحولت الى عبء مسخ وجوده ولا يستطيع أن ينفك منه.
وهو مرمي على لوح خشبي ضيق منحدر باتجاه الهاوية في اشارة الى انه على وشك أن يفقد آخر أمل له بالنجاة من الموت. فهو بانتظار ان يبتلعه التلوث ايضاً.
هذا ما افصحت عنه السينوغرافيا التي اختزلت سؤال العرض مرئيا باستحضار لاوعي الشخصية وحوارها مع قرينها (الدمية)، مرة، واخرى مع اصوات الموتى المتداخلة من الصراخ وآهات الخوف والعذاب التي تحيط به . وهو يردد (توقفي، أو تشبعت برائحة الموت) وهذه العلامات السمعية المدوية تقرع جرس انذار (كل شيء سيحترق). العلامات المرئية في رسم حجم كارثة التلوث/ الموت، التي تحاصر المكان.. . كل هذه جعلت منه شخصية مستسلمة لواقعها الملوث. وهذه اشارة الى تحريض معلن وتنبيه الى ان المكان مهدد بطوفان من الدم .
عرض بقعة زيت فعلَ سؤال التأويل، لاسيما ان محمولاته ذات محمول سياسي ارتبط بمدركات المتلقي، ورصد لتشظي الذات وزيف الانتماء الى الواقع والنقمة عليه. مبرهنا على ذلك بالدالة البصرية لتكون علامة روحية ومادية. عندما يسطح هذه الذات المفعمة بالمأساة إلى دالة سلبية، لاتمتلك قوة ارادة التغيير التي تحلم بها. بقيت تئن من إزهاق أحلامها والشك في انتمائها ولم يبق أمامها خيار، غير الاستسلام لارادة الشر. وكأنه يقول لا قدرة لي على تحدي الموت. مادام كل شيء سيحترق. لذا فإن الغموض في هذا العرض تجلى في الإحالة التأويلية للنسق الايديولوجي المسكوت عنه في الواقع .التي عضدته طاقة الاداء لـ محمد هاشم في تناغم مع فرضية العرض التحذيرية .
تعد عروض المونودراما من العروض التي تكشف عن دوالها بيسر. وتشكل لدى المتلقي استباقا تأويليا لها، بأن النص والعرض سينفتحان على هذيان اللاوعي الفردي ولوجاً لعوالم واقع العرض المسرحي. وبالعادة يتمركز على تقنية حبك مأساة فردية يتشظى فعلها الدرامي إلى لوحات مشهدية الواحدة تزيح الأخرى، باتجاه الحفر في الوعي الجمعي لها. لهذا كل من يتصدى لنصوص المونودراما يسعى إلى نمذجة مأساة الإنسان الكونية لكي يفتح باب التأويل لمشتركات المتلقي أولا، وكسر توقعاته ثانية في فرض جمالي مغاير لهذا الواقع.
وهذا كان هاجس عبد الرحمن التميمي مخرج عرض «بقعة زيت» في الاشتغال على مغايرة كل هذا الاستباق التأويلي، وهو يفتتح حواره مع المتلقي بحقيقة صادمة (انهم يحرقون المكان). الثيمة الرئيسة، التي شرعت منها الرؤية الإخراجية في إعادة صياغة المدونة النصية لمؤلفها محمود أبو العباس، وتشارك معه محمد هاشم في رسم الاداء، وسهيل البياتي في تأسيس السينوغرافيا. اذ افتتح العرض بصريا بمشهدية غائصة في دوال الغموض والترميز المشفر، ليقيم حواراً بينه وبين المتلقي من خلال استقراء المعادل الفكري لمدلول هذا التكوين المشهدي، وإيجاد العلاقة بينه وبين الخارج للعرض. اذ زج كم سيمائي من العلامات المرئية والسمعية والذهنية التي ضبط ممكناتها الجمالية اداء محمد هاشم. وهذا بدوره فجر الكثير من التساؤلات حول قصديته، التي دفعت باتجاه تفكيك هذه العلامية التي اظهرت حامل العرض الشخصية المسرحية/ الممثل مسخاً انسانيا، يبحث عن كينونته في صراعات الواقع. مما حولها الى ذات مستلبة، محاصرة بـ (موت، ودم ) حد الغثيان. وهذا يثير دافعية البحث عن معنى كل هذا المشحون بالغموض والإيحاءات المبهمة، مما شكل استفزازا ومدخلا لتفكيك تركيبات العرض، وتقصي معنى ما يحدث على خشبة المسرح من فعل درامي. . فكل شيء في هذا العرض: ( الشخصية، الفعل، المكان، الزمان) بلا ملامح يمكن أن تحيل الى زمان، او مكان، او نسق ثقافي ما. في قصدية تأويلية لا إشكالية وجود الباث والمتلقي معاً، وصراعهما مع الموت، بسب ما اقترفا من اخطاء لوثت كل شيء. واستباحت طهر روحهما وجسدهما، حتى بات فضاء النقاء (الماء) مقبرة لهما، وهذا يثير جدلية ونفيا لـــ ( وخلقنا من الماء كل شيء حي) في اشارة الى ان الحروب استباحت قدسية الوجود(الحياة.
فاصبح الوهم هو الكينونة الانسانية ما جعل (الشخصية الممسرحة))تشير إلى الأم وثانية إلى الأخت وثالثة الحبيبة ورابعة إلى الوطن. وكل هذه الدوال ذات حضور لفظي متخيل، محمل بمأساة الوطن التي تحولت الى عبء مسخ وجوده ولا يستطيع أن ينفك منه.
وهو مرمي على لوح خشبي ضيق منحدر باتجاه الهاوية في اشارة الى انه على وشك أن يفقد آخر أمل له بالنجاة من الموت. فهو بانتظار ان يبتلعه التلوث ايضاً.
هذا ما افصحت عنه السينوغرافيا التي اختزلت سؤال العرض مرئيا باستحضار لاوعي الشخصية وحوارها مع قرينها (الدمية)، مرة، واخرى مع اصوات الموتى المتداخلة من الصراخ وآهات الخوف والعذاب التي تحيط به . وهو يردد (توقفي، أو تشبعت برائحة الموت) وهذه العلامات السمعية المدوية تقرع جرس انذار (كل شيء سيحترق). العلامات المرئية في رسم حجم كارثة التلوث/ الموت، التي تحاصر المكان.. . كل هذه جعلت منه شخصية مستسلمة لواقعها الملوث. وهذه اشارة الى تحريض معلن وتنبيه الى ان المكان مهدد بطوفان من الدم .
عرض بقعة زيت فعلَ سؤال التأويل، لاسيما ان محمولاته ذات محمول سياسي ارتبط بمدركات المتلقي، ورصد لتشظي الذات وزيف الانتماء الى الواقع والنقمة عليه. مبرهنا على ذلك بالدالة البصرية لتكون علامة روحية ومادية. عندما يسطح هذه الذات المفعمة بالمأساة إلى دالة سلبية، لاتمتلك قوة ارادة التغيير التي تحلم بها. بقيت تئن من إزهاق أحلامها والشك في انتمائها ولم يبق أمامها خيار، غير الاستسلام لارادة الشر. وكأنه يقول لا قدرة لي على تحدي الموت. مادام كل شيء سيحترق. لذا فإن الغموض في هذا العرض تجلى في الإحالة التأويلية للنسق الايديولوجي المسكوت عنه في الواقع .التي عضدته طاقة الاداء لـ محمد هاشم في تناغم مع فرضية العرض التحذيرية .
شبكة الإعلام العراقي
0 التعليقات:
إرسال تعليق