مسرح عالمي: "حروب الورد".. حيث يندمج التاريخ والفن
مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني
ترجمة/ عادل العامل
عن/ Express
تظل وجهة النظر المستمرة صحيحةً بالتأكيد فيما يتعلق بمسرحيات شكسبير التاريخية نظراً لكون تصورنا الشعبي للعصور الوسطى يأتينا بشكل كامل تقريباً عبر موشور التعاقب الزمني للكاتب من ريتشارد الثاني إلى ريتشارد الثالث، كما يقول الناقد مايكل أردينتي في عرضه هذا.
ونادراً ما كان لتلك المسرحيات تأثير أعظم مما حصل حين قام بيتر هول المخرج الشاب لفرقة شكسبير الملكية، المتشوق لاستكشاف النضالات السياسية لمرحلة أوائل الستينات، بالتحول إلى أكثر سلاسل شكسبير دمويةً، ثلاثية هنري السادس وريتشارد الثالث.
وبالرغم من كل شعبيتها مع أرضيات شكسبير، كان هول يشك في أن تفرض الثلاثية الصبر لدى جمهور مشاهدين معاصر فطلب من زميله جون بارتون تحرير المسرحيات الثلاث وجعلها اثنتين، قُدِّمتا، مع ريتشارد الثالث، باسم " حروب الورد Wars of the Roses ".
[ وحروب الورد، تاريخياً، كما تذكر ويكيبيديا، سلسلة من الحروب الأسرية من أجل عرش إنكلترة، جرت بين مؤيدي فرعين متنافسين من بيت بلانتاجينيت الملكي، وهما أسرتا لانكستر ويورك. وقد خاضها الطرفان في حلقات متقطعة عديدة بين عامي 1455 و1487، وإن كان هناك قتال له علاقة بذلك قبل وبعد هذه الفترة. وقد نجم النزاع عن مشكلات اجتماعية ومالية أعقبت حرب المائة عام، وهي سلسلة النزاعات التي اشتعلت من عام 1337 إلى عام 1453 بين أسرة بلانتاجينيت، حكام إنكلترا، و أسرة فالوا Valois، حكام فرنسا. ويشير اسم " حروب الورد " إلى رمزي الوردة البيضاء والوردة الحمراء لدي الأسرتين المتنازعتين، يورك ولانكستر.]
ولقد حدد الانتاج المتغلب للعمل المسرحي أسلوب فرقة شكسبير الملكية على مدى العقود الثلاثة القادمة: تقديمات مسرحية احتياطية موصوفة على نحوٍ جميل ظهرت علاقة ما فيها بوقتنا هذا من خلال النص وليس عن طريق فرض "تصوراتها" التافهة عليه، كما هي الحال مع مخرجين أقل موهبةً.
وقد دفع تريفور نَن Nunn ، الذي أعقب هول في فرقة شكسبير، ضريبة لمستشاريه الاثنين بامتطائه الدراجة الثلاثية في " مسرح الورد Rose Theatre"، الذي تطابق منصة العرض فيه تلك التي في مسرح الورد في بانكسايد، حيث جرى تمثيل مسرحية هنري الخامس لأول مرة.
وإنها لبهجة غامرة تتبّع السرد الجارف حيث يتجلى انهماك شكسبير بطبيعة الملوكية ورعب الفوضى الدائم في النزاع الدامي بين أسرتَي يورك ولانكستر، وتنبعث أسماء الأماكن على نحوٍ مثير في مكائد سَفوك، نورفوك، سوميرست، بيدفورد، و أيكستر.
ولا يمكن إنكار الفقرات المملة، خاصةً في المسرحية الثانية، المعنوَنة هنا بـ " إدوارد الرابع "، حيث تفتقر الصدامات الضروس التي لا نهاية لها إلى التنوّع. والكثير من الشعر هنا بلاغي والوصف غير مشذَّب.
ويمكن القول إن تفسير دوق بورغندي لوجهه المتغير وهو يلتحق بجيش جون الأركي: " إما أنها قد سحرتني بكلماتها أو أن الطبيعة تجعلني ليّناً بشكل مفاجئ " يُظهر لامبالاة شكسبير الشاب بالحقيقة السايكولوجية.
ومع هذا فإن نَن، وهو يعمل مع مصممه لوقت طويل جون نابير، ويستخدم موسيقى غاي وولفيندن الأصلية، يوجهنا عبر عالم السياسة القروَسطية المتاهية بمهارة كاملة، إلا في مشاهد المعركة، الممسرحة مع ضوء صاعق وجليد جاف، حيث تبدو جمالية فرقته الشكسبيرية باهتة.
ومن بين مباهج المشروع رؤية تطور الشخصيات مثل وُرويك الذي يقوم بدوره تيموثي ووكر، و كلارينس ( مايكل زافيير ) عبر المسرحيات، وتعدد مواهب الممثلين في أجزاء متنوعة، منهم أليكسندر هانسون، أندرو وودول، أليكساندرا جيلبريث، سوزان ترَيسي و روفاس هاوند.
ويتّسم تمثيل جولي ريتشاردسون هنا بالالتزام الشديد في دور الملكة مارغريت المحوري، لكن مداها الصوتي محدود وغالباً ما تُجبر على الصياح. أما الخيبة الكبيرة فهو ريتشارد الثالث ( روبرت شيهان ). إنه يتسكع هنا وهناك، كارزمياً وبلا شخصية، في البلاط، مثل مولسوَرث. و بالمقارنة معه، نجد أليكس وولدمان رائعاً تماماً بدور هنري السادس. فهو، في دوريه كملك صبي بريء و عاهل في منتصف العمر على السواء، يجلب الدفء والكوميديا اللطيفة للبلاغة الرسمية في مشاهد البلاط، ومؤثر على نحوٍ عميق في حالة عزله وموته.
عن/ Express
المدى
0 التعليقات:
إرسال تعليق