من أجل تصويب البوصلة الملك مات في الستينات
مجلة الفنون المسرحية
لور غريّب
لور غريّب
عرفنا أخيراً أن الرسام والمخرج المسرحي فؤاد نعيم يستعد لتقديم مسرحية أوجين أيونيسكو الشهيرة "الملك يموت" لمناسبة الإحتفالية التي تقيمها الممثلة الكبيرة نضال الاشقر في مسرح المدينة، وقد ترجم نعيم النص، فيما ستقوم مجموعة من الممثلين الشباب بتقديمها قريباً.
عظيم. المشروع يستحق الثناء، لا سيما في هذه الأيام التي يعيشها مسرحنا الحديث، المصلوب على خشبة إنتاج "من تحت إيد وباط" كما يقول المثل، حيث صار لمن تحلو له المجازفة إما ان يخرج مسرحية او يكتب مسلسلاً، بعدما صار البوتوكس يتكفل بتجميل جميلات الإستعراض او الطرب أو الإثنين معاً.
اذاً نحن مع المشروع مئة في المئة، ولكن هذا لا يفسر لماذا عندما سمى فؤاد نعيم الذين سيقومون بتمثيل الأدوار لم يأت على ذكر كيف ان ممثلين اصبحوا كباراً بعدما أدوا الادوار التي يستعد اليوم شباب للقيام بها، من دون أن يعرفوا من سبقهم الى المغامرة في بيروت الستينات.
لا يحق لنا ولهم ان ننسى الشاعر الكبير أنسي الحاج الذي كتب النص بالعربية وترك بصماته فيه. وقد قيل للمؤلف، كما ذكرنا في كلمتنا عن المخرج الكبير منير ابو دبس عندما رحل، انه كان الأول الذي عرّفنا على المسرح العالمي بإخراجه الدقيق والمميز في أواسط ستينات القرن الماضي. وأذكر اني شاهدت للمرة الأولى في حياتي أنطوان كرباج في دور الملك.
بدأت القصة في الستينات. كانت مجموعة من الشباب تحلم يومها بجديد في البلد. وصل منير في الوقت المناسب. تلقف الوضع وجمعهم وحولهم ممثلين تركوا اثراً كبيراً في نفوس المثقفين، لا سيما الفنانين منهم. كما إن الانتلجنسيا المثقفة ساهمت في دفع لجنة مهرجانات بعلبك الى فتح مدرسة لهم حملت إسم المسرح الحديث.
نتحدث عن تلك المرحلة وعن كبارنا الذين أدوا دور الرواد، ومنهم كثيرون، نذكر أولا الذين رحلوا، كميشال نبعة الذي أدى دور الحارس، ورضى خوري التي مثلت دور مارغريت، ونبيل معماري (العالم) ومنى جبارة (الخادمة) ورينيه ديك (أعتقد انها كانت زوجة الملك انطوان كرباج الثانية).
عاشت تلك الطفرة المباركة نحو عشر سنوات، وأنتجت اعمالاً مهمة في تاريخ المسرح العالمي، وجميعنا يعلم، وسمع وقرأ، اسماء ممثلين ومخرجين ومؤلفين في تلك المرحلة، أسماء تشرّف الحركة المسرحية الحديثة في لبنان والعالم العربي.
وجاءت الحرب وخربت أشياء كثيرة، ومنها كل ما يتعلق بالفنون، لا سيما المسرح الدرامي، بينما نمت ميول أخرى الى المسرح الإستعراضي، كما نجح شوشو في تأسيس مسرحه الفكاهي قبل أن يخطفه الموت باكراً.
ليس علي ان اؤرخ، ولكنني شعرت ان من الواجب أن نذكر الأوائل الذين فتحوا أبواب العطاء، ولا نزال جميعاً نصارع الإنهيار في كل المجالات الثقافية، وكل فروع الخلق الفني والأدبي والمسرحي والسينمائي، الخ.
فقط أردت ان "نعيد الى القيصر ما هو لقيصر، ومن حقه ... والى الله ما هو لله".
---------------------------------------------------
المصدر : النهار
0 التعليقات:
إرسال تعليق