رسالة اليوم المسرح العربي 10 / 1/ 2018 -الفنان والكاتب السوري فرحان بلبل : نريد أن تُقفَلَ مخافر الشرطة في عقول المبدعين.
مجلة الفنون المسرحية
رسالة اليوم المسرح العربي
10 / 1/ 2018
نريد أن تُقفَلَ مخافر الشرطة في عقول المبدعين.
فرحان بلبل – سوريا
بداية أشكر مجلس الأمناء في الهيئة العربية للمسرح على اختياره لي لإلقاء كلمة يوم المسرح العربي. وأتمنى أن يتبنى المسرحيون العرب هذا اليوم في كل أقطارهم. فيحتفلون به معاً. ويلقون كلمته معاً. وبذلك يصبح هذا اليوم عربياً بامتياز. فهو فخرٌ للمسرحيين العرب، ونافذةُ ضوء للمستقبل.
وقد عملت في المسرح أكثر من أربعين عاماً. وكان لي فيه مجموعة قواعد سرت عليها طوال هذه المدة. وهي أن يعالج المسرح هموم وقضايا عصره، وأن يتوجه إلى الجمهور العريض في شرائحه كافة، وأن يكون ممتعاً مثيراً فاتناً. ولهذا كانت فرقتنا المسرحية تجوب أنحاء سورية شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، وتقدم المسرحية الواحدة مرات كثيرة كانت تصل أحياناً إلى ثمانين أو مائة مرة. وكما اهتممت بالمسرح السوري فقد اهتممت بالمسرح العربي. فأدركت أكثر خصائصه وميزاته وعيوبه. ووجدت أنه يتنوَّع في أقطاره تنوع الإبداعات الخاصة بكل قطر، ويتمتع بخصائص واحدة رغم كل التباينات والتناقضات فيه. ومن هنا أصل إلى السؤال الأهم الذي يليق بهذا اليوم وهو:
هل المسرح العربي المعاصر بخير؟
لقد عرف العرب المسرح – كما هو مُتَداول في كتب النقد – منذ ما يزيد قليلاً عن قرن ونصف قرن. لكنهم خلال هذه المدة القصيرة أتقنوه وتفننوا فيه كتابة وإخراجاً وتمثيلاً، كما أتقنوا بقية أشغاله المتممة له. وما كاد القرن العشرون ينتهي حتى كان المسرح في جميع الأقطار العربية – على تفاوت بسيط بينها – قد توغَّل في حياة الناس. فأمتعهم وثقَّفهم وناقش معهم أخطر قضاياهم. فكانت ليالي العرب مع المسرح سمراً ومتعة وثقافة. وكان له في كل قطر طعوم وألوان. ومدارس واتجاهات. فإذا جمعت هذه الطعوم المختلفة وتلك المدارس المتعددة إلى بعضها البعض، تبين لك أن المسرح العربي صار واحداً من أغنى المسارح في العالم.
لكنه منذ أواخر القرن العشرين حتى اليوم صار مضطرباً ضائعاً لا يعرف ماذا يجب أن يقول. ويتخبط في أشكاله فلا يعرف كيف يتقنها. وهذا ما جعله عاجزاً عن تأدية مهمته الاجتماعية والفنية والجمالية التي كان يقوم بها. وعجزُه هذا جعل جمهوره منفضاً عنه. فلم يعد يحظى اليوم إلا بنخبة ثقافية أو شبه ثقافية دون أن يحظى بجماهيرية واسعة كانت له في الكثير من مراحله.
واضطراب المسرح العربي اليوم وضياعه نتيجة حتمية لأوضاع الوطن العربي الذي يعيش اليوم تمزقاً في بعض أقطاره، وتحمحماً مكبوحاً برغبة التغيير الاجتماعي في بعض أقطاره، وضبابيةً في النظرة إلى المستقبل في كل أقطاره. ولعل المسرح السوري اليوم يشكل النموذج الأوضح لكل الاضطراب الناتج عن التمزق. فهو متوقف في بعض مدنه. وهو ضعيف في بعض مدنه. وهو مكبوح مقيد في كل مدنه. فيكاد يكون ممسوح الملامح في تلك الأرض التي دفعت بالمسرح العربي من قبل خطوات إلى الأمام.
وبهذه المناسبة أتمنى من الشعوب العربية أن تقف مع الشعب السوري في محنته التي ينزف دمَه فيها وهو الذي وقف معها في مِحَنِها. إن لم يكن ذلك بدافع رد الجميل، فبدافع أخوة الدم واللغة والمصير.
إن هذا الضياع والاضطراب وغموض النظرة إلى المستقبل أوجاع يعاني منها كل المسرحيين العرب. وأظن أنها ستزداد إيلاماً ودفعاً إلى كثير من اليأس والإحباط.
وهذا يعني أن المسرح العربي ليس بخير.
لكن الضياع والاضطراب وغموض النظرة إلى المستقبل – والحياة تفرض ذلك – ستكون مخاضاً موجعاً وطويلاً لانبثاق عصر مسرحي عربي جديد. وسوف يكون هذا المسرح الجديد شيئاً مختلفاً عما نعرف، ومستفيداً من تجربة المسرح العربي الطويلة في شتى أقطاره مما نعرف. لأنه سوف يستوعبها ويتتلمذ عليها ويعيدها إلينا خلقاً جديداً يدخل بالمسرح العربي في مرحلة جديدة.
إلا أن هذه الولادة الجديدة لن تتحقق مهما طال الزمن إذا لم يكن المسرح العربي حراً في قول ما يريد، وفي انتقاء الأشكال التي يريد.
لقد مكر المسرحيون العرب في الالتفاف على تقييد حرياتهم، وتلاعبوا على الرقيب الصارم في عهود الاستعمار وفي العهود التالية له. فقالوا ما يمكنهم قوله وأبدعوا الإبداع كله بهذا الالتفاف. ورغم مكرهم في التحايل على قيودهم فقد بدؤوا ينادون بالتخلص منها للوصول إلى التمتع بحرية القول والفعل منذ الدورة الأولى لمهرجان دمشق المسرحي عام 1969 وفي دوراته التالية. لكن أحداً لم يستجب لهم. فاستمروا في إبداعهم رغم كل القيود المفروضة عليهم.
فهل سيفيدهم التحايل على الرقابة اليوم وهم بانتظار انبثاق الميلاد المسرحي الجديد؟
يمكننا أن نجزم أنه بعد هذا الانهيار العربي الكاسح لن يكون إجبار المسرحيين العرب على التحايل على الرقابة إلا تحجيماً وإعاقةً لقدرة المسرحي العربي. لأنه سيكون عجزاً وليس إبداعاً. سيكون هروباً ولن يكون مجابهة.
ولهذا.
نريد أن يكون المسرح العربي حراً.
نريد أن تُقفَلَ مخافر الشرطة في عقول المبدعين.
نريد أن تتحطم القيود المفروضة على ألسنة المسرحيين وعلى أفكارهم.
نريد أن يزول الخوف من قلوبهم عندما يفكرون.
فهل يستطيع المسرحيون العرب اليوم انتزاعها بأنفسهم والدنيا جحيمٌ من حولهم؟
إن هذه المطالب ليست فنية وفكرية فحسب، بل هي إنسانية تحفظ للمسرحي العربي كرامته حتى يستوي بها مبدعاً. وإن المطالبة بها والدفاع عنها والإصرار عليها هي التي تعطي احتفالنا بيوم المسرح العربي قيمته. فهو يوم لحرية التفكير ولحرية المطالبة بكسر كل القيود.
وكل عام وأنتم بخير.
ملحق .
السيرة الذاتية المختصرة للفنان و الكاتب فرحان بلبل.
من مواليد مدينة حمص – سورية عام 1937.
تخرج من جامعة دمشق عام 1960 قسم اللغة العربية وآدابها.
عضو اتحاد الكتاب العرب منذ عام 1971.
– بدأ العمل في المسرح منذ عام 1968 في الأندية الفنية في مدينة حمص.
– في عام 1973 ساهم في تأسيس (فرقة المسرح العمالي) ضمن اتحاد عمال حمص. وبذلك كانت هذه الفرقة رائدة في ميدان المسرح العمالي في سورية وفي الوطن العربي. ومايزال مديرها حتى الآن.
– أبرز ما أنجزه مع فرقة المسرح العمالي – طوال أكثر من أربعين عاماً – أن عروضها كانت تقدم في العديد من المدن السورية. وأحياناً كانت المسرحية الواحدة تعرض قريباً من مائة مرة.
– في أكثر العروض في المدن والقرى والتجمعات العمالية والفلاحية كانت تجري مناقشة العرض المسرحي. وبذلك ساهمت الفرقة في نشر الثقافة المسرحية. وأحياناً يكون ذلك في أماكن لا يمكن لأحد أن يتخيل إمكانية تقديم عرض مسرحي.
– شارك في لجان تحكيم عدد كبير من المهرجانات المسرحية السورية والعربية. كما دُعِيَ إلى عدد كبير من المهرجانات المسرحية العربية ضيفاً ومحاضراً.
– كتب في النقد المسرحي عدداً كبيراً من المقالات والدراسات في الصحف والمجلات المختصة وما يزال. وأصدر في ميدان النقد المسرحي ثلاثة عشر كتاباً منها (المسرح العربي المعاصر في مواجهة الحياة) و(مراجعات في المسرح العربي منذ النشأة حتى اليوم) و(المسرح السوري في مائة عام 1847- 1946) و (المسرح التجريبي الحديث عالمياً وعربياً) و(من التقليد إلى التجديد في الأدب المسرحي السوري) و(أحزان الشعر العربي الحديث بين حزيران 1967 وتشرين 1973) و (مسرحنا العربي واقعُه وآفاقه). و(قضايا وشؤون مسرحية) و(أوراق غير متناثرة)
– منذ عام 1986 حتى عام 2011 عمل في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق أستاذاً لمادة الإلقاء المسرحي. وكتب كتابه (أصول الإلقاء والإلقاء المسرحي).
– مجموع النصوص التي كتبها 33 مسرحية منها ستة نصوص للأطفال. والنصوص التي أعدَّها فأعاد تأليفها 6 مسرحيات. وجميع هذه المسرحيات مطبوعة في سورية ولبنان ومصر ودولة الإمارات العربية.
– قُدِّمت مسرحياته في عدد كبير من أقطار الوطن العربي لأكثر من مرة وماتزال.
– مجموع المسرحيات التي أخرجها 33عملاً مسرحياً. والمسرحيات التي قدمتها الفرقة تجاوزت 40 عرضاً مسرحياً.
– تولى رئاسة تحرير مجلة (الحياة المسرحية) التي تصدرها وزارة الثقافة السورية عام 2005.
-كرَّمه مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي عام 1995ضمن عشرة من أهم المسرحيين في العالم.
-كرمته مديرية الثقافة في حلب عام 1997.
-كرمه اتحاد الكتاب العرب في سورية عام 2001.
-كرمته نقابة الفنانين السورية ضمن مهرجان حمص المسرحي السادس عشر عام 2003
-كرَّمته وزارة الثقافة في سورية عام 2004 ضمن مهرجان دمشق للفنون المسرحية الثاني عشر عام 2004
– كرمه اتحاد عمال حمص عام 2006 ضمن احتفاله بالذكرى الثالثة والثلاثين لتأسيس فرقة المسرح العمالي.
– كرمته مدينة الحسكة السورية عام 2006 ضمن مهرجان المدينة الثقافي.
-كرمه الاتحاد الوطني لطلبة سورية في مهرجان المسرح الجامعي الحادي والعشرين عام 2007.
-كرمته جمعية (أصدقاء حمص) عام 2009.
-كرمه الاتحاد العام لنقابات العمال ضمن الدورة العشرين لمهرجان المسرح العمالي المركزي عام 2009
-كرمته نقابة المعلمين السورية ضمن احتفالها باليوم العالمي للغة العربية في شهر آذار – مارس -2010
-كرمته رابطة الخريجين الجامعيين في حمص عام 2010
-كرمته جامعة حلب في شهر تشرين الثاني – نوفمبر – عام 2010 ضمن فعاليات الندوة الدولية للنقد التطبيقي.
-كرمته الهيئة العربية للمسرح عام 2014 ضمن تكريمها لإثنين و عشرين من كتاب المسرح العربي، خلال الدورة السادسة من مهرجان المسرح العربي، التي نظمت في الشارقة – دولة الإمارات العربية.
[1] بدأت الهيئة العربية للمسرح بالاحتفال باليوم العربي للمسرح، إعتباراً من 10 يناير 2008، و هو اليوم الرسمي لتأسيس الهيئة، و قد ألقى كلمة اليوم العربي للمسرح عام 2008 د. يعقوب الشدراوي – لبنان، 2009 أ . سميحة أيوب – مصر، 2010 أ . عز الدين المدني – تونس، 2011 أ . يوسف العاني – العراق، 2012 أ . سعاد عبد الله – الكويت، 2013 أ . ثريا جبران – المغرب، 2014 صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، 2015 د. يوسف عايدابي – السودان، 2016 أ . زيناتي قدسية – فلسطين، 2017 أ . حاتم السيد – الأردن.
10 / 1/ 2018
نريد أن تُقفَلَ مخافر الشرطة في عقول المبدعين.
فرحان بلبل – سوريا
بداية أشكر مجلس الأمناء في الهيئة العربية للمسرح على اختياره لي لإلقاء كلمة يوم المسرح العربي. وأتمنى أن يتبنى المسرحيون العرب هذا اليوم في كل أقطارهم. فيحتفلون به معاً. ويلقون كلمته معاً. وبذلك يصبح هذا اليوم عربياً بامتياز. فهو فخرٌ للمسرحيين العرب، ونافذةُ ضوء للمستقبل.
وقد عملت في المسرح أكثر من أربعين عاماً. وكان لي فيه مجموعة قواعد سرت عليها طوال هذه المدة. وهي أن يعالج المسرح هموم وقضايا عصره، وأن يتوجه إلى الجمهور العريض في شرائحه كافة، وأن يكون ممتعاً مثيراً فاتناً. ولهذا كانت فرقتنا المسرحية تجوب أنحاء سورية شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، وتقدم المسرحية الواحدة مرات كثيرة كانت تصل أحياناً إلى ثمانين أو مائة مرة. وكما اهتممت بالمسرح السوري فقد اهتممت بالمسرح العربي. فأدركت أكثر خصائصه وميزاته وعيوبه. ووجدت أنه يتنوَّع في أقطاره تنوع الإبداعات الخاصة بكل قطر، ويتمتع بخصائص واحدة رغم كل التباينات والتناقضات فيه. ومن هنا أصل إلى السؤال الأهم الذي يليق بهذا اليوم وهو:
هل المسرح العربي المعاصر بخير؟
لقد عرف العرب المسرح – كما هو مُتَداول في كتب النقد – منذ ما يزيد قليلاً عن قرن ونصف قرن. لكنهم خلال هذه المدة القصيرة أتقنوه وتفننوا فيه كتابة وإخراجاً وتمثيلاً، كما أتقنوا بقية أشغاله المتممة له. وما كاد القرن العشرون ينتهي حتى كان المسرح في جميع الأقطار العربية – على تفاوت بسيط بينها – قد توغَّل في حياة الناس. فأمتعهم وثقَّفهم وناقش معهم أخطر قضاياهم. فكانت ليالي العرب مع المسرح سمراً ومتعة وثقافة. وكان له في كل قطر طعوم وألوان. ومدارس واتجاهات. فإذا جمعت هذه الطعوم المختلفة وتلك المدارس المتعددة إلى بعضها البعض، تبين لك أن المسرح العربي صار واحداً من أغنى المسارح في العالم.
لكنه منذ أواخر القرن العشرين حتى اليوم صار مضطرباً ضائعاً لا يعرف ماذا يجب أن يقول. ويتخبط في أشكاله فلا يعرف كيف يتقنها. وهذا ما جعله عاجزاً عن تأدية مهمته الاجتماعية والفنية والجمالية التي كان يقوم بها. وعجزُه هذا جعل جمهوره منفضاً عنه. فلم يعد يحظى اليوم إلا بنخبة ثقافية أو شبه ثقافية دون أن يحظى بجماهيرية واسعة كانت له في الكثير من مراحله.
واضطراب المسرح العربي اليوم وضياعه نتيجة حتمية لأوضاع الوطن العربي الذي يعيش اليوم تمزقاً في بعض أقطاره، وتحمحماً مكبوحاً برغبة التغيير الاجتماعي في بعض أقطاره، وضبابيةً في النظرة إلى المستقبل في كل أقطاره. ولعل المسرح السوري اليوم يشكل النموذج الأوضح لكل الاضطراب الناتج عن التمزق. فهو متوقف في بعض مدنه. وهو ضعيف في بعض مدنه. وهو مكبوح مقيد في كل مدنه. فيكاد يكون ممسوح الملامح في تلك الأرض التي دفعت بالمسرح العربي من قبل خطوات إلى الأمام.
وبهذه المناسبة أتمنى من الشعوب العربية أن تقف مع الشعب السوري في محنته التي ينزف دمَه فيها وهو الذي وقف معها في مِحَنِها. إن لم يكن ذلك بدافع رد الجميل، فبدافع أخوة الدم واللغة والمصير.
إن هذا الضياع والاضطراب وغموض النظرة إلى المستقبل أوجاع يعاني منها كل المسرحيين العرب. وأظن أنها ستزداد إيلاماً ودفعاً إلى كثير من اليأس والإحباط.
وهذا يعني أن المسرح العربي ليس بخير.
لكن الضياع والاضطراب وغموض النظرة إلى المستقبل – والحياة تفرض ذلك – ستكون مخاضاً موجعاً وطويلاً لانبثاق عصر مسرحي عربي جديد. وسوف يكون هذا المسرح الجديد شيئاً مختلفاً عما نعرف، ومستفيداً من تجربة المسرح العربي الطويلة في شتى أقطاره مما نعرف. لأنه سوف يستوعبها ويتتلمذ عليها ويعيدها إلينا خلقاً جديداً يدخل بالمسرح العربي في مرحلة جديدة.
إلا أن هذه الولادة الجديدة لن تتحقق مهما طال الزمن إذا لم يكن المسرح العربي حراً في قول ما يريد، وفي انتقاء الأشكال التي يريد.
لقد مكر المسرحيون العرب في الالتفاف على تقييد حرياتهم، وتلاعبوا على الرقيب الصارم في عهود الاستعمار وفي العهود التالية له. فقالوا ما يمكنهم قوله وأبدعوا الإبداع كله بهذا الالتفاف. ورغم مكرهم في التحايل على قيودهم فقد بدؤوا ينادون بالتخلص منها للوصول إلى التمتع بحرية القول والفعل منذ الدورة الأولى لمهرجان دمشق المسرحي عام 1969 وفي دوراته التالية. لكن أحداً لم يستجب لهم. فاستمروا في إبداعهم رغم كل القيود المفروضة عليهم.
فهل سيفيدهم التحايل على الرقابة اليوم وهم بانتظار انبثاق الميلاد المسرحي الجديد؟
يمكننا أن نجزم أنه بعد هذا الانهيار العربي الكاسح لن يكون إجبار المسرحيين العرب على التحايل على الرقابة إلا تحجيماً وإعاقةً لقدرة المسرحي العربي. لأنه سيكون عجزاً وليس إبداعاً. سيكون هروباً ولن يكون مجابهة.
ولهذا.
نريد أن يكون المسرح العربي حراً.
نريد أن تُقفَلَ مخافر الشرطة في عقول المبدعين.
نريد أن تتحطم القيود المفروضة على ألسنة المسرحيين وعلى أفكارهم.
نريد أن يزول الخوف من قلوبهم عندما يفكرون.
فهل يستطيع المسرحيون العرب اليوم انتزاعها بأنفسهم والدنيا جحيمٌ من حولهم؟
إن هذه المطالب ليست فنية وفكرية فحسب، بل هي إنسانية تحفظ للمسرحي العربي كرامته حتى يستوي بها مبدعاً. وإن المطالبة بها والدفاع عنها والإصرار عليها هي التي تعطي احتفالنا بيوم المسرح العربي قيمته. فهو يوم لحرية التفكير ولحرية المطالبة بكسر كل القيود.
وكل عام وأنتم بخير.
ملحق .
السيرة الذاتية المختصرة للفنان و الكاتب فرحان بلبل.
من مواليد مدينة حمص – سورية عام 1937.
تخرج من جامعة دمشق عام 1960 قسم اللغة العربية وآدابها.
عضو اتحاد الكتاب العرب منذ عام 1971.
– بدأ العمل في المسرح منذ عام 1968 في الأندية الفنية في مدينة حمص.
– في عام 1973 ساهم في تأسيس (فرقة المسرح العمالي) ضمن اتحاد عمال حمص. وبذلك كانت هذه الفرقة رائدة في ميدان المسرح العمالي في سورية وفي الوطن العربي. ومايزال مديرها حتى الآن.
– أبرز ما أنجزه مع فرقة المسرح العمالي – طوال أكثر من أربعين عاماً – أن عروضها كانت تقدم في العديد من المدن السورية. وأحياناً كانت المسرحية الواحدة تعرض قريباً من مائة مرة.
– في أكثر العروض في المدن والقرى والتجمعات العمالية والفلاحية كانت تجري مناقشة العرض المسرحي. وبذلك ساهمت الفرقة في نشر الثقافة المسرحية. وأحياناً يكون ذلك في أماكن لا يمكن لأحد أن يتخيل إمكانية تقديم عرض مسرحي.
– شارك في لجان تحكيم عدد كبير من المهرجانات المسرحية السورية والعربية. كما دُعِيَ إلى عدد كبير من المهرجانات المسرحية العربية ضيفاً ومحاضراً.
– كتب في النقد المسرحي عدداً كبيراً من المقالات والدراسات في الصحف والمجلات المختصة وما يزال. وأصدر في ميدان النقد المسرحي ثلاثة عشر كتاباً منها (المسرح العربي المعاصر في مواجهة الحياة) و(مراجعات في المسرح العربي منذ النشأة حتى اليوم) و(المسرح السوري في مائة عام 1847- 1946) و (المسرح التجريبي الحديث عالمياً وعربياً) و(من التقليد إلى التجديد في الأدب المسرحي السوري) و(أحزان الشعر العربي الحديث بين حزيران 1967 وتشرين 1973) و (مسرحنا العربي واقعُه وآفاقه). و(قضايا وشؤون مسرحية) و(أوراق غير متناثرة)
– منذ عام 1986 حتى عام 2011 عمل في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق أستاذاً لمادة الإلقاء المسرحي. وكتب كتابه (أصول الإلقاء والإلقاء المسرحي).
– مجموع النصوص التي كتبها 33 مسرحية منها ستة نصوص للأطفال. والنصوص التي أعدَّها فأعاد تأليفها 6 مسرحيات. وجميع هذه المسرحيات مطبوعة في سورية ولبنان ومصر ودولة الإمارات العربية.
– قُدِّمت مسرحياته في عدد كبير من أقطار الوطن العربي لأكثر من مرة وماتزال.
– مجموع المسرحيات التي أخرجها 33عملاً مسرحياً. والمسرحيات التي قدمتها الفرقة تجاوزت 40 عرضاً مسرحياً.
– تولى رئاسة تحرير مجلة (الحياة المسرحية) التي تصدرها وزارة الثقافة السورية عام 2005.
-كرَّمه مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي عام 1995ضمن عشرة من أهم المسرحيين في العالم.
-كرمته مديرية الثقافة في حلب عام 1997.
-كرمه اتحاد الكتاب العرب في سورية عام 2001.
-كرمته نقابة الفنانين السورية ضمن مهرجان حمص المسرحي السادس عشر عام 2003
-كرَّمته وزارة الثقافة في سورية عام 2004 ضمن مهرجان دمشق للفنون المسرحية الثاني عشر عام 2004
– كرمه اتحاد عمال حمص عام 2006 ضمن احتفاله بالذكرى الثالثة والثلاثين لتأسيس فرقة المسرح العمالي.
– كرمته مدينة الحسكة السورية عام 2006 ضمن مهرجان المدينة الثقافي.
-كرمه الاتحاد الوطني لطلبة سورية في مهرجان المسرح الجامعي الحادي والعشرين عام 2007.
-كرمته جمعية (أصدقاء حمص) عام 2009.
-كرمه الاتحاد العام لنقابات العمال ضمن الدورة العشرين لمهرجان المسرح العمالي المركزي عام 2009
-كرمته نقابة المعلمين السورية ضمن احتفالها باليوم العالمي للغة العربية في شهر آذار – مارس -2010
-كرمته رابطة الخريجين الجامعيين في حمص عام 2010
-كرمته جامعة حلب في شهر تشرين الثاني – نوفمبر – عام 2010 ضمن فعاليات الندوة الدولية للنقد التطبيقي.
-كرمته الهيئة العربية للمسرح عام 2014 ضمن تكريمها لإثنين و عشرين من كتاب المسرح العربي، خلال الدورة السادسة من مهرجان المسرح العربي، التي نظمت في الشارقة – دولة الإمارات العربية.
[1] بدأت الهيئة العربية للمسرح بالاحتفال باليوم العربي للمسرح، إعتباراً من 10 يناير 2008، و هو اليوم الرسمي لتأسيس الهيئة، و قد ألقى كلمة اليوم العربي للمسرح عام 2008 د. يعقوب الشدراوي – لبنان، 2009 أ . سميحة أيوب – مصر، 2010 أ . عز الدين المدني – تونس، 2011 أ . يوسف العاني – العراق، 2012 أ . سعاد عبد الله – الكويت، 2013 أ . ثريا جبران – المغرب، 2014 صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، 2015 د. يوسف عايدابي – السودان، 2016 أ . زيناتي قدسية – فلسطين، 2017 أ . حاتم السيد – الأردن.
0 التعليقات:
إرسال تعليق