كتاب "دروس في فن المسرح " حصيلة خبرة متراكمة وتجربة عملية
مجلة الفنون المسرحية
شكر حاجم الصالحي
أزعم انه كتاب مهم يصلح أن يكون ضمن مقررات المنهج الدراسي لمعاهد وكليات الفنون الجميلة في بلادنا , فهو حصيلة خبرة متراكمة وتجربة عملية لمؤلفه العراقي المنفي عبد الصاحب إبراهيم أميري الذي كان له حضور فاعل في حياة البصرة المسرحية , مؤلفاً و مخرجاً من خلال ما كتب وما أخرج من نصوص مسرحية بدأها بمسرحية غبار الزمن عام 1967 , وليس آخرها الأعمال المسرحية ( هو والسلطة ) التي اصدرها عام 2017 وضمت اثنين وعشرين نصاً حظيت باهتمام المشتغلين في المسرح , وبالاطلاع على فولدر نشاطاته وانجازاته يتضح لنا غزارتها وتقديمها في المهرجانات المحلية والعربية ومن بينها كتابته أكثر من مئتي نص تمثيلي للاذاعة والتلفزيون العربي في طهران , وكتابه هذا دروس في فن المسرح يضم ستة فصول وسأختار الدرس الثالث والعشرين ( إختيار الممثل ) انموذجاً تطبيقياً للتعريف برؤية المؤلف ومنهجيته في تقديم خبراته لمتلقي دروسه المفيدة , باعتبار أن الممثل يشكل أحد البناءات المهمة في إنجاح العرض وايصال رسالته الى الجمهور .. ولا يفوتنا هنا قبل الدخول الى متن هذا الدرس الحيوي من الإشارة الى ما قاله ستانسلافسكي صاحب المدرسة الواقعية في التمثيل بصدد الممثل اذ يقول:الحياة الشخصية يخلقها الكاتب , وظيفة الممثل والابداع الفني تكمن في ان الممثل عليه ان يوجد هذه الحياة الغريبة لنفسه وللوصول لذلك الهدف , على الممثل أن يهدي عينيه وأذنيه واعصابه للشخصية (الدور) ..
وهنا يرى عبد الصاحب أميري في هذا الدرس أن الممثل :يجب عليه أن يرى ويسمع ويتصرف حقيقة , ويتعامل مع الممثل الآخر المقابل له لا بشكل متفق عليه مسبقاً إنما يعيش الحياة اليومية العادية , ويتصرف وفق هذا , فوظيفة المخرج تنصب في البحث عمّن يستطيع أن يدخل الشخصية ويذوب فيها ويجسدها للجمهور , وكأنه هو الشخصية ذاتها , حتى يصعب علينا أن نفرق بين الشخصية المرسومة على الورق والشخصية التي يجسدها الممثل , ابتداءً من هيكلها الخارجي وانتهاءً بأخلاقها وتصرفاتها اليومية ..
ويضيف أميري في ثنايا رؤيته بالقول :إن الممثل كالسلك الكهربائي الذي نستطيع بواسطته بث أفكار المؤلف وتعليمات المخرج وحرارة الممثل للجمهور , وإذا كان هناك عيب أو خدش في ذلك السلك (الممثل ) فسيؤدي في النهاية الى الكارثة , فالممثل الجيد يجب أن يكون مطيعاً يفهم الموقف ويحترم المخرج والمسرح والجمهور والنص ..... وهذا لا يعني أن الممثل يجب ان يقبل كل شيء دون إدراك وفهم , فالأولى به أن يفهم ثم يقبل , وإلا ستكون الصورة مشوشة ....
ولابد هنا في ختام هذا العرض الموجز من الإشارة الى أن المؤلف عبد الصاحب إبراهيم أميري من مواليد عام 1947 م في كربلاء وتنقل مع عائلته ما بين بغداد و كربلاء و البصرة الى حين تهجيره وعائلته الى ايران في 5/8/1972 , وقد عاد الى وطنه بعد أحداث 2003 في زيارات قصيرة , ولكنه اختار الاستقرار في ايران الذي يعمل فيها مديراًعاماً لمؤسسة ميعاد طلوع النور الثقافية , ومشاركاً فاعلاً في حياة إيران الثقافية من خلال مؤسسته الواسعة الانتشار والحضور ..
وأخـــــــــــــــــــــــيراً :من الضروري الاطلاع على (دروس في فن المسرح ) باعتباره خلاصة تجربة غنية بالدروس والتجارب النافعة , وأتمنى على معاهد وكليات الفنون الجميلة وضع الكتاب ضمن برامجها التدريسية ومناهجها المقررة , واستضافة أميري للاستفادة من خبراته المتراكمة في نقلها الى أوساطنا المسرحية بما يعزز إمكاناتها ويسهم في إضافة ما هو نافع ومفيد لها......
0 التعليقات:
إرسال تعليق