«جلجامش»... الدمى تبحث عن زهرة الخلود في عرض بحريني يعرض للمرة الأولى في دبي
مجلة الفنون المسرحية
«جلجامش»... الدمى تبحث عن زهرة الخلود في عرض بحريني يعرض للمرة الأولى في دبي
ديانا أيوب - الأمارات اليوم
لا يمكن تقليل التحدي الذي واجه كاتب ومخرج العمل المسرحي «جلجامش»، والذي قدم في اليوم الثاني من «المسرح العالمي للطفل والدمى»، في المركز التجاري العالمي في دبي، فنقل الشخصيات الأسطورية في هذه الملحمة إلى عالم الدمى فيه الكثير من المغامرة، حيث قدمت الفرقة البحرينية العرض وسط أجواء تمزج بين المرح الطفولي وسرد الأسطورة، معتمدة على السرد البسيط وغياب الحوار في العمل، ليكون التمثيل الإيمائي الصامت السبيل إلى إيصال الرواية لعقول الصغار.
كتب العمل الذي امتد عرضه إلى نحو 40 دقيقة، عادل المحميد، وبدأ العرض من الشاشة التي كانت تساند الممثلين على المسرح، إذ بحضور الدمى لم يكن هناك أي إضافات على المسرح باستثناء الإضاءة. انطلق العرض برواية الأسطورة عن جلجامش، وتحديه مع أنكيدو، وكيف هزمه بينما توسل إليه الأخير بألا يقتله، فاتفقا على أن يتحدا معاً، ويتجها إلى غابة الأرز بحثاً عن زهرة الخلود.
بدأت رحلتهما إلى غابة الأرز، ولكن اعترضتهما عشتار، التي حاولت منعهما من الدخول، مستعينة بالكثير من الحيوانات الضخمة التي حاربتهما. قضى أنكيدو في المعركة مع الوحش، ما جعل جلجامش يكمل الرحلة وحيداً، مع إصرار كبير على إيجاد زهرة الخلود. تم الاعتماد في هذا القسم من العمل على الدمى الضخمة، التي كانت تقدم على المسرح من خلال ممثلين يحركونها عبر الخشب، فكانت كل دمية تتطلب ممثلين أو ثلاثة لتحريكها، بينما كانت الشخصيات الأساسية في العمل تقدم من خلال ممثلين. هذا الاعتماد الثنائي على الممثلين والدمى أوجد للعمل نكهة خاصة، جعلته ينصرف إلى الكوميديا التي تداعب عقول الصغار، وتقدم الملحمة للصغار بعيداً عن التسطيح الذي قد نشاهده في عالم الدمى المتحركة، حيث العرض يحمل الكثير من التفاصيل، ويتطلب الكثير من التركيز، ولاسيما في الأحداث التي كانت تتوالى على المسرح بشكل متسارع، حيث تم اختصار الملحمة في وقت قياسي. وقد دعم هذا العرض الفني الصور التاريخية المعروفة حول الأسطورة، والتي كانت تدعم المشاهد التمثيلية، وتبين الحقائق التاريخية التي استند إليها العمل.
في القسم الأخير من العرض، نرى ما هو مستوحى من ثقافة الخليج، وهذا ما أُدخل على الملحمة لجعلها قريبة ومواكبة للمجتمع المحلي، فهنا يبدأ جلجامش بحثه عن زهرة الخلود في أعماق البحر، بمساعدة النوخذة المعتاد على الغوص لاستخراج اللؤلؤ. يعثر جلجامش على الزهرة، ولكن الثعبان يأخذها ويأكلها، فيتخلص منه جلجامش بعد أكله الزهرة. هذا المقطع الختامي يهدف إلى توصيل الرسالة الأساسية من العمل، وهي أن خلود البشر أمر غير ممكن، إذ يطلب النوخذة من جلجامش النظر إلى أرض المستقبل والخلود فتعرض صوراً من البحرين على الشاشة.
عن هذا العمل الذي يقدم للمرة الأولى، قال المخرج أحمد جاسم، لـ«الإمارات اليوم»، «في الواقع إن الأسطورة عنيفة ودموية، ولكسر هذا العنف، فقد تم تبسيط العرض بأخذه إلى عالم الدمى، مع الاستعانة بالدمى اللطيفة وغير المخيفة، إلى جانب إضافة بعض المشاهد غير الموجودة في الأسطورة، ومنها الأسماك، والذئاب، كي يشعر الأطفال بالراحة، وبأن العمل يتوجه إليهم». وأردف قائلاً «اعتمدنا اللغة البسيطة مع الراوي، ليستمتع الأطفال بالرواية وفهمها من خلال التمثيل بشكل أساسي». وشدد على أن «التاريخ العربي فيه الكثير من الأساطير وفي غاية الروعة، ومنها شخصية عنترة، أو داحس والغبراء، فكلها أساطير ضخمة ويمكنها أن توصل للطفل فكرة عن هذه المعارك، وإنما بشكل مختلف، وغير دموي».
وأكد جاسم أن العمل كتب منذ ثمانية أشهر، ولكن التدريبات على العرض بدأت منذ شهرين، وعلى نحو خاص لتقدم في دبي، فكان الجهد المبذول جباراً، خصوصاً أنه عمل على تصميم وتصنيع الدمى، وهذا كان يستغرق الكثير من الوقت، فكل دمية كانت تحتاج إلى نحو التسع ساعات من العمل في اليوم. ولفت إلى أن الدمى صنعت من الإسفنج بشكل أساسي، ولكنها تتطلب الكثير من المهارة في التحريك، لأن بعضها ضخم جداً، معتبراً أن الدمى متجددة وجميلة، ولكن القصور لدى الفنانين، وبأنه لو كان هناك مسرح دمى متواصل لكان الأطفال تعرفوا إليه بمعناه الراقي، وليس الساذج الذي يبرز الدمية كمهرج. وأوضح حرصه على إيصال هذه الثقافة من خلال التقنيات الصعبة في الدمى، من خلال المفاصل الكثيرة.
وعن معاناة خاصة تواجه مسرح الدمى، رأى جاسم أن هذا المسرح كغيره من المسارح، لا توجد فروقات، ولكن الإشكالية التي تواجهه هي السمعة الساذجة التي تجعله في خانة سطحية، ففي العالم العربي توضع الدمى في خانة التهريج، بينما في أوروبا وفي فرنسا بالذات، تقدم مسارح الدمى أعمالاً للصغار والكبار، وهناك شركات متخصصة في تقديم هذه الأعمال. وأضاف، «ينقص العالم العربي الفنانون الذي يؤمنون بالدمية، وأنه ليس من اليسير في العالم العربي إيجاد الممثلين القادرين على تحريك الدمى، فهذا تخصص، ومن عملوا في عرض اليوم، على سبيل المثال، لم تكن لديهم خبرات سابقة بتحريك الدمى، فالدمى تحتاج إلى الخفة في التحريك، وقد تمرنوا كثيراً على ذلك».
0 التعليقات:
إرسال تعليق