كتاب "مقالات في المسرح"
مجلة الفنون المسرحية
كتاب "مقالات في المسرح"
زياد العناني
كتاب "مقالات في المسرح"
زياد العناني
يرى الشاعر قاسم حداد في مقدمته لكتاب احمد الشملان "مقالات في المسرح" الصادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر من اكثر المنسجمين مع ذواتهم خصوصاً في نشاطه المسرحي في البحرين وهو الحقل الذي اقترب منه وعايشه في جانب من مراحل عمله الثقافي مستجيباً لذلك الهاجس القديم بأن المسرح احد اكثر الاشكال اتصالاً ومبادرة بالتعبير عن الهموم العامة بوصفه الخطاب الجماعي بالوسيلة الجماعية عن المجتمع. كما يرى الناقد المسرحي يوسف الحمدان ان اهمية كتاب الشملان تأتي انطلاقاً من كونه توثيقاً وقراءة لمرحلة مهمة في تاريخ المسرح البحريني حيث تشكلت فيها رؤى واقتراحات وتقنيات جديدة ومختلفة عن سائد الرؤى والاقتراحات والتقنيات التي صبغت الحركة المسرحية في السبعينيات. لافتاً الى ان الشملان رصد التحولات المهمة التي طرأت على مسرح الثمانينيات في البحرين حيث القراءة البحثية للنص والعرض وفضاء التجربة وبزوغ مسرح الخرجين واقتراح ممثليه الاكاديميين لغة اكثر قدرة على استيعاب فضاء العرض المسرحي وفك مغاليقه وتعضيده بمكتسباتهم الفنية التي تلقوها من الدراسة الاكاديمية في معاهد الفنون المسرحية. ويتناول الشملان في كتابه اسئلة المسرح مقراً بجوهر التساؤلات والتعليقات الفنية على التجارب المسرحية التي قامت خلال العام المنصرم بمناسبة يوم المسرح العالمي مركزاً على السؤال: مسرح او لا مسرح ومجيباً بأنه ليس من المهم ان تكون الاجابة نعم او لا بل المهم ان يستمر هذا السؤال كمنفذ متحرك بأشواكه تحت جماجمنا يوقظ فينا شهوة البحث والجدل في الشيء الجدير بالاهتمام والمساءلة ويزيد إلحاح التساؤل مع تزايد وميض التجارب وتفردها الى الحد الذي صنع لها ملامح اطلق عليها الناقد المسرحي يوسف الحمدان (ملامح التجريب في المسرح البحريني). ويشير الشملان الى انها ملامح ليس الا. اي لم تأخذ وجهة نظر الحمدان شكل ظاهرة ورغم ذلك فتحت ندوته المهمة ابواب الاسئلة في قضية الوضع الراهن ضد المسرحي معتبراً ان ظاهرة التجريب التي برزت بعضوية مثلتها مسرحيتان الاولى (الجوكر) وعنصر التجريب فيها قائم على محاولة طرق باب التأليف الجماعي للنص المسرحي او الابداع الجماعي بشكل عام معتبراً ان قضية الابداع الجماعي للنص المسرحي لا تعني بالضرورة اهمال او تجاهل النصوص المسرحية تماماً دائماً يمكن اخذ الخطوط العامة من نص معين واعادة صياغته مسرحياً بشكل جماعي لافتاً الى ان الابداع الجماعي للنص المسرحي او للإخراج هي مرحلة لم يصل اليها المسرح البحريني لافتقاره الى "المختبر المسرحي" او بشكل ادق للمدرسة التي تقوم بتدريس واعداد الممثل والفنان من خلال التجارب المختبرية. اما المحاولة الثانية التي يشير لها الشملان فهي تجربة هاني الدلال في مسرحية اوراق "والتي اعتمدت على تركيب النص المسرحي من خلال الصحافة وما تصرحه من هموم الناس في باب بريد القراء" مبيناً ان تلك المسرحية رغم النجاح الذي حققته واثباتها النضج الفني الذي وصل اليه الفنان هاني الدلال الا انها أخذت تكتيك الإخراج السينمائي اكثر من الإخراج المسرحي حيث اعتمدت على الكولاج والتقطيع والمونتاج في اجزاء كبيرة منها لافتاً الى انها تجربة مهمة اخراجياً في نطاق التجارب المسرحية في البحرين رغم العفوية التي اتسمت بها مما يؤهلها للدراسة كشكل من اشكال الابداع الجماعي. ويتطرق الشملان الى الخاصية التي امتازت بها تلك الفترة من النشاط المسرحي في الاتجاه المدروس الذي حدد ملامح خطواته الى حد ما الفنانان ابراهيم خلفان وعبد الله السعداوي معتبراً ان اهم ما في هذه الاتجاه هو الانحياز كلياً لمفهوم المسرح الفقير واخضاع العمل الابداعي المسرحي للتجريب بشكل محدد مبيناً بأننا امام هذا الانحياز لمفهوم المسرح التجريبي لا بد من تحديد نقطة مهمة نفرق من خلالها بين مفهوم التجريب في النشاط المسرحي ومفهوم التجريب في الفلسفة المثالية كنهج للوصول الى المعرفة وذلك رغم التوضيح الذي اشتملت عليه ندوة الحمدان مشيراً الى تناقض المفهومين ولا سبيل للخلط بينهما كالمذهب التجريبي في الفلسفة المثالية الذي يلغي تماماً التجربة الانسانية السابقة له لافتاً الى ان تجربة الخطأ والصواب للوصول الى المعرفة معرفة العالم والذات ومن هذا المنظور لا يقيم وزناً لتاريخ الممارسة الانسانية في الوصول الى المعرفة وتراكم الخبرات التي وصلت بالبشرية الى مستواها المتطور الراهن وقد شكلت هذه النظرية الاساس الموضوعي للفلسفة البراغماتية "الذرائعية" والتي يعني التجريب بالنسبة لها في التحليل الاخير مجرد وسيلة لتحقيق طموح الفرد على حساب مصالح مجتمعه اي لا قيمة لمصالح المجتمع اذا ما تعارضت مع الحرية الفردية وطموحات الفرد مشيراً الى ان الخلط بين هذا المفهوم ومفهوم التجريب لمن اعتقدوا ان التجريب في المسرح ينطلق من الصفر متجاهلين المدارس المسرحية السابقة ورافضين في الوقت نفسه العلوم التي يستند عليها فن التمثيل المسرحي. ويعاين الشملان الظروف الموضوعية والذاتية التي تعيشها الحركة المسرحية البحرينية والتي تحرضها على الانتماء كلياً للمسرح الفقير وممارسة التجريب لا بصفته الطريق المناسب مع صعوبته وانما بصفته المختبر الذي يمكنه ان ينتج كوادر مسرحية متمرسة تمتلك ثقافة واسعة وعلى ارتباط مباشر بالمراكز العلمية التي وحدها بالغذاء الروحي الذي تحتاجه مشيراً الى ان المسرح بحاجة الى الاحتراف- احتراف التمثيل والإخراج واحتراف الكتابة ولافتاً الى ان الكم المسرحي الذي يجتاز بنوعية ذات كفاءة عالية يجعل المسرح التجاري صعباً ويجعل الطريق الى الطفل على المسرح وعالمه مغلقاً امام الهواة مبيناً ان مسألة قيام مسرح بحريني صميم ترتبط اساساً بالنص المسرحي منوهاً الى انه وبدون المؤلف المسرحي المرتبط بالمجتمع ستظل المسرحيات تعاني من خلل التواصل بالواقع المحلي وكذلك من خلل الارتباط الفني بالتطوير المسرحي.
0 التعليقات:
إرسال تعليق