مهرجان المسرح الفلسطيني: دلالة نهوض وتكوين
مجلة الفنون المسرحية
مهرجان المسرح الفلسطيني: دلالة نهوض وتكوين
تحسين يقين - PNN
الفن والادب دلالة وجود وبقاء..
بل دلالة على الوجود الحيوي الفاعل والمؤثر.
بعد أربعة أيام، أي في 25 من تشرين الأول الحالي، ستشهد فلسطين مهرجانا مسرحيا بعد طول انقطاع لفترة تجاوزت العقدين، باستثناء مهرجاني عكا وشفا عمرو في فلسطين عام 1948.
وليست فلسطين استثناء عربيا في مجال التنشاط المسرحي، حيث مرّت بلادنا ووما زالت تمر في مرحلة جزر ثقافي وفني.
مهرجان المسرح الفلسطيني لكل المسرحيين الفلسطينيين في فلسطين، فلسطين التي نعرفها، تلك البرتقالة الواحدة من أريحا إلى يافا..
وهل أجمل من المسرح (ابي الفنون) كي يجمعنا هنا معا ومع ضيوف أشقاء يحلون علينا أخوة وأخوات!
وجميل أولا أن نرد الخير لأهله، للهيئة العربية للمسرح ووزارة الثقافة، على هذا التعاون الذي يعدّ بمثابة إعادة تأسيس للمهرجان، بل لعهل يكون ضمن جهود تطويرية تمأسس المسرح على أرض أكثر صلابة.
لذلك يجيء مهرجان المسرح الفلسطيني الأول في سياق دعم الهيئة العربية للمسرح للمهرجانات الوطنية في بلادنا العربية، إضافة لمهرجان المسرح العربي الذي يدخل عامه الثاني عشر، برعاية الشيخ سلطان القاسمي أمير الشارقة، الذي يؤمن بدور المسرح في استعادة حركة التنوير العربية.
وإننا ننظر بعين التقدير للجنة المهرجان، بوجود اساتذة كبار نجلهم، كذلك نحن على موعد لاستقبال أساتذة كبار من المسرح العربي هنا على أرض فلسطين، وتلك فرصتنا للتعلم وتطوير الذات.
بالرغم ما مسّ المسرح من تشظ وتفتيت بسبب الحالة الفلسطينية على مدار 70 عاما هو عمر النكبة، الا أن الفلسطينيون استطاعوا مراكمة فنية إبداعية، تم البناء عليها في أكثر من فترة زمنية في الوطن والخارج.
ومن المهم هنا الإشارة لحدثين أثرا إيجابا على الثقافة والفنون الفلسطينية، وهما:
أولا: وجود المنظمة في بيروت صار ما يشبه وجود كيان معنوي لفلسطين، لعل نتاج ذلك فنيا هو تأسيس المسرح الوطني الفلسطيني، “حيث طوّر الفنان خليل طافش فرقة “فتح المسرحية” لتصبح فرقة “المسرح الوطني الفلسطيني”، وقد تم خلال هذه الفترة عدة مسرحيات ناجحة، مثل مسرحية “محاكمة الرجل الذي لا يحارب” للشاعر العربي السوري ممدوح عدوان وقد حققت هذه المسرحية شهرة كبيرة وصدى واسعاً ليس في الوطن العربي فحسب، بل في كثير من البلاد الأوروبية أيضاً وذلك عندما مثلت فلسطين في مهرجان المسرح العربي في الرباط سنة 1974، وجاءت بعدها مسرحية “الكرسي” لتكون قفزة للمسرح الفلسطيني بل قفزة للمسرح العربي عامة….”( مركز المعلومات الوطني الفلسطيني).
ثانيا: تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994، حيث شجعت وزارة الثقافة المسرحيين، فحدث نشاط ملحوظ في المشهد المسرحي، وضع لبنات مهمة في البدايات المعاصرة لمسرح فلسطيني.
وكلا الحدثين استلهما حركة التنوير الثقافية التي سادت في فلسطين قبل عام 1948، والتي سعى الاحتلال منذ اليوم الأول للاحتلال الى تقزيمها. وسيأتي مؤرخون موضوعيون يقيمون تلكما الفترتين، والتي أصيبت الأولى بالخروج من بيروت، فيما أصيبت الثانية إصابة بالغة في ظل الانتفاضة الثانية بدءا بعام 2000.
حركة المهرجانات:
سبق أن تم تأسيس عدة مهرجانات مسرحية محلية ودولية، ولعل وصفها بالدولية يعني أنها أجنبية وافدة من خارج الإقليم العربي، بسبب الاحتلال، إلا إذا كان العرض عربيا، لكن الطاقم يحمل جوزازت سفر غربية.
وكان أن تم تنظيم مهرجان القدس المسرحي الذي بدأ عام 1991 ثم توقف عام 2000، وكذلك مهرجان القدس الدولي للدمى والعرائس الذي استمر عدة دورات ناجحة، من خلال المسرح الوطني في القدس (الحكواتي سابقا)، كذلك مهرجان مسرح الطفل الذي نظته وزارة الثقافة عام 1994 في فترة مبكرة جدا من تأسيس الوزارة. إضافة لمهرجان عكا ومهرجان شفا عمرو.
كذلك الحال، فقد شارك الفنانون/ات الفلسطينيون في الكثير من المهرجانات العربية والدولية، قبل قيام السلطة الوطنية وبعد قيامها. ولعل المشاركة في المهرجانات الخارجية قد بدأت مع المسرح الوطني الفلسطيني في الخارج، كما أسلفنا، فيما (وهذا يحتاج لبحث) بدأ الفنانون في الضفة الغربية وقطاع غزة يشاركون بعد السبعينيات، أما مشاركة مسرحيي عام 1948، فإن ذلك أيضا يحتاج لبحث.
وهذا يؤشّر على ضرورة إعداد كتاب وثائقي عن المهرجانات المسرحية هنا، وعن مشراركاتنا فيه وفي الخارج؛ فوجود مثل هذه البيانات ستمنح الدارسين والنقاد والعاملون في المؤسسة الرسمية (وزارة الثقافة) فرصة التحليل واستخلاص العبر، والبناء على المنجز الذي تم، خصوصا فيما اذا تم العثور على الانجازات المتحققة وما عملته من ردود أفعال تجاه مشاركتنا في تلك المهرجانات.
سياسات تطويرية:
المهرجان هو تتويج للجهود الإبداعية من جهة، وهو مؤسس لما تم الاتفاق عليه. ولعله يؤكد على ضرورة أن تكون الجهود الهادفة لتطويره ضمن منظومة تطويرية تشمل:
– سياق التعليم العالي، اعداد الممثل والمخرج والمهن المساعدة. ويدخل في ذلك المسرح الجامعي، ونظن أن أن هناك نواة يتم بناؤها في جامعة بير زيت.
– سياق التعليم العام، حيث من الضروري إدماج الوعي المسرحي ضمن المناهج، سواء من خلال الدراما أو من خلال النصوص الأدبية، والتوعية والتنوير على المسرح والمسرحيين، ويدخل في ذلك المسرح المدرسي، حيث تولي وزارة التربية والتعليم هذا الموضوع أهمية، وهي تطوّر ذلك، ضمن تطوير المسرح المدرسي عربيا، بالتعاون مع الهيئة العربية للمسرح، خصوصا في بناء المنهاج.
– تجهيز وترميم وتطوير المسارح القائمة، وبناء مسارح أخرى بواقع مسرح في كل مدينة.
– الارتقاء بالنقد والإعلام المتخصص بالثقافة والفن، والمسرح منه.
– العمل على الجمهور، بالحفاظ على القائم، واستعادة لمن لم يعد يتابع، وبناء جمهور جديد.
– تشجيع الكتابة للمسرح، ويتم ذلك بالتعاون بين عدة جهات ذات علاقة، تشمل وزارة الثقافة والجامعات والمسارح والفنانين واتحاد الكتاب ورابطة المسرحيين.
– تأريخ وتوثيق، عبر تجميع الوثائق من أرشيف المسارح والفرق وأرشيفات الأفراد، ونشرها، ضمن كتب، تصير مصادر للباحثين وطلبة الفنون وكليات الآداب.
– تكليف باحث أو أكثر لرصد وتوثيق المهرجانات المسرحية التي عقدت في فلسطين، كذلك مشاركة فلسطين في المهرجانات خارج فلسطين.
كل ومسرحه، وحكايته مع المسرح مشاهدا وفنانا وناقدا. 32 عاما كمشاهد للمسرح الفلسطيني على الخشبة، لذلك الفتى القروي الذي قصد القدس لمشاهدة مونودراما المتشائل على خشبة المسرح الوطني في القدس عام 1987، ومن بعده إلى مصر دراسة وارتيادا دائما للمسرح، فالوطن ثانية، فبلاد الله طيرانا وراء المسرح، وقبل ذلك كطفل يشاهد المسرح عبر التلفزيون، فكان أن صار المسرح جزءا من تكويني الفكري، فارتقى بنا أجمل رقي.
وأخيرا، لعلنا نؤكد على ما ابتدأنا به، طامحين لمشاركة واسعة في عروض المهرجان وفعالياته. وهي فرصة للمسرحيين من أعمار وتجارب مختلفة للقاء والتعارف والتعاون، والتأكيد على تكويننا الإنساني من خلال الفنون، والمسرح أب وجد الفنون.
0 التعليقات:
إرسال تعليق