أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الجمعة، 3 مايو 2019

مسرحية " جليسة الأطفال "تأليف: فريدة عمارة

مجلة الفنون المسرحية



مسرحية تعليمية عن الجراثيم
من السن 6 إلى 18 سنة.

الشخصيات:
نورس: سيد البيت.
سحر: سيدة البيت.
روزة: الخادمة.
جليسة الأطفال.
العمة عايدة.
التوأم همسة ولمسة.
بائع الكتب.

                                            الفصل الأول
                                        ( المشهد الأول  )

(المكان هو غرفة الجلوس تحتوي على نافذة على اليسار و شرفة على اليمين تقابلها المدفئة مشغلة عن طريق الخشب و في الوسط طاولة كبيرة من ثمان كراسي و في الجهتين باب يؤدي إلى الطابق العلوي و باب يؤدي إلى المطبخ. سحر تجلس لوحدها تتناول القهوة ثم يلحق بها نورس. و الجو يظهر من النافذة يوحي بالشتاء).
نورس: صباح الخير.
سحر: صباح النور.
نورس: ما هذا الصباح البارد ! نكاد لا نخرج من بيوتنا.
سحر: هل نسيت أننا في فصل الشتاء.
نورس: ناوليني الإبريق، آه تذكرت أين هي روزة؟.
روزة: نعم سيدي أنا آتية.
نورس: تعالي قليلا.
روزة: (تحضر مستعجلة) أمرك سيدي.
نورس: أين هي صحف اليوم.
روزة: لم تصل بعد.
سحر: عن أي صحف تتكلم.ألم ترى الطقس من الشرفة. من سيخرج في هذا الجو المخيف.
نورس: (يطأطئ رأسه) أنا مستغرب من قولك هذا؟ أنسيت أنك من عشاق الثلوج و الجو الغائم و إلتقاط صور الأشجار العارية من الأوراق المغطاة بالأبيض.
سحر: أوه. لا تذكرني بتلك الأيام، لقد اشتقت إلى تلك البيوت المهجورة التي تخلوا من الحياة.
نورس: أتذكر جيدا عندما كنت توقفيني في الطريق لإلتقاط الصور.
سحر: حسنا بما أنك صحوت ذكرياتي القديمة، و حمست شعوري ما رأيك أن نقضيا عطلة هذا الأسبوع في أحد مناطقنا الجزائرية.
نورس: أين؟
سحر: إلى جبال تيكجدة مثلا، فالسنة الماضية ذهبنا إلى جبال الشريعة .
نورس: أنا لا أريد اذهبي أنت مع البنتين.
سحر: (باستغراب) عجبا لا أصدق هذا !!أنسيت أنك كنت تصفها بالمكان الذي تنعم فيه بالحياة في الشتاء و تجلب السياح و هي جميلة و تتميز بأشجار السدر الخضراء. 
نورس: حسنا سوف أذهب معك لا تكثري الكلام.
سحر: هذا جيد إذا إتفقنا (تنادي على الخادمة) أين أنت.
روزة: أنا في المطبخ.
سحر: تعالي بسرعة.
روزة: (تدخل مستعجلة).
سحر: هل صحت البنتين من نومهما.
روزة: ليس بعد سأصعد للطابق العلوي لأتفقدهما.
سحر: بعد قليل سوف نذهب لتبضع نريد قضاء نهاية الأسبوع في جبال تيكجدة، تعجبني كثيرا إنها تبعث في الإنسان الشعور بالراحة.
روزة: ما أجمل هذا، ليتني أكون معكما.
سحر: هيا أسرعي، اصعدي و أيقضيهم من أجل الاستحمام و الذهاب للنادي الرياضي.
روزة: و هل سيبقيان معي؟.
سحر: و هل تظنين أني سأخذهم معي، آه لقد تذكرت شيء أريد أن تبحثي لي عن جليسة أطفال.
روزة: و لما هذه الفتاة فأنا موجودة و سأعتني بهما كالمعتاد.
سحر: أريدها خفيفة الظل، منفتحة واسعة الخيال و صبورة مع بناتي.
روزة : حسنا سأبحث لك عنها، لا تقلقي بهذا الشأن.
نورس: هيا أسرعي لنخرج حتى لا يقطع الثلج عنا الطريق.
(يحظران أنفسهما و ينصرفان ثم تصعد روزة للطابق العلوي و بعد لحظات ينزل الثلاث معا).
همسة: أين هي أمي. أنا لا أسمع أصواتا البيت هادئ.
روزة: لقد خرجة إلى السوق إنها تحظر لرحلة قصيرة مع والدكم.
لمسة: و ماذا بشأننا؟
روزة: (مبتسمة) لا شيء، اذهبا للإستحمام و تناولا فطور الصباح ثم حظرا نفسيكما للخروج.



                                      ( المشهد الثاني )

(في غرفة الجلوس على المائدة تجلس كل من همسة و لمسة أما روزة فهي واقفة تساعدهما).
روزة: لقد سكبت لكما القهوة و الحليب أضيفا السكر لوحدكما.
همسة: أنا أريد الخبز مع الزبدة.
لمسة: و أنا أريد الخبز مع الشكولاطة.
روزة: احتسيا القهوة، أريد القيام بمهمة كلفتني بها سحر (تذهب إلى الهاتف مكلمة نفسها) جليسة أطفال من أين لي بهذه الفتاة ( تحمل السماعة و تجرب بعض الأرقام. تنتظر قليلا فيرد عليها شخص ما) ألو. ألو نعم. من فضلك هل أنت العمة عايدة. كيف حالك أنت بخير. لم أكلمك منذ وقت بعيد. لقد اتصلت بك من أجل حفيدتك أنا بحاجة ماسة إليها، هلا بعثتها لي من فضلك أريدها أنت تأت للبيت الذي أشتغل فيه. أنت تعرفين عنوانه بلا شك. سأكون ممتنة لك إذا أبلغتها رسالتي هذه. شكرا لك مع السلامة (تدور للبنتين بعد انتهاء المكالمة) هيا جهزا نفسيكما و أجلبا الأغراض للذهاب للنادي هيا بسرعة.
همسة: حسنا سنصعد للغرفة.
روزة: سوف أنظف المائدة و أرتب الصالون لا تتأخرا.
(بعد لحظات تنزل التوأم من الدرج).
لمسة: نحن جاهزان نادي على السائق.
همسة: أريدك أن تضعي لي المعجنات بالجبن في الغذاء و لكن أريده جبن عادي ليس حامضا و مخمرا مثل المرة الماضية، لم يعجبني مذاقه.
روزة: حاضر صغيرتي سأصنع لك كل ما تحبينه، رافقتكما السلامة.
التوأم: إلى اللقاء.
(تغلق روزة الباب و تصعد للطابق العلوي و بعد ساعة من الزمن تسمع دق على الباب فتنزل و تفتح، يدخل كل من نورس و سحر يحملان المقتنيات).
نورس: ساعديني روزة، أنقليها عني ( تدخل البعض إلى المطبخ و البعض الآخر تصعد به سحر إلى الطابق العلوي ثم تنزل).
روزة: (تخرج من المطبخ) هل أنقل الحقائب إلى السيارة يا سيدي.
نورس: نعم، هيا بسرعة. (تصعد روزة و تنزل مع الحقائب و عندما تفتح الباب تتفاجئ بالفتاة التي كانت تنتظرها).
الجليسة: مرحبا، هل هذا بيت السيد نورس.
روزة: أجل هذا هو، مرحبا تفضلي بالدخول . لقد عرفتك جئت في الوقت المناسب، أعرفك هذه سحر و هذا زوجها نورس.
سحر: تفضلي بالجلوس، تمنيت لو تعرفت عليك أكثر و لكن الوقت يداهمنا، أظن أن روزة شرحت لك المهمة. أتمنى أن تكوني شديدة الحرص عليهما. واشغالهما بأشياء مفيدة.
الجليسة: أتمنى هذا.
( يخرج كل من سحر و نورس و يغلقان ورائهما الباب)
روزة: إنزعي معطفك. عليقه هنا و تعالي لنجلس قرب المدفئة ، تبدو عليك علامات البرد على وجهك و يدك، حتى جفونك ترتجف.
الجليسة: شكرا، هذا من فضلك.
روزة: إرتاحي على الأريكة سوف أجلب لك شرابا ساخنا حتى تحسي بالدفء.
(تذهب روزة مسرعة للمطبخ بينما هي تتمعن في المنزل ثم ترجع حاملة فنجان بين يديها).
روزة: خذي، أمسكي إنه شاي ساخن اشربيه.
الجليسة: شكرا فأنا أحتاجه.
روزة: عندما تنتهي سأخبرك عن طلب مجيئك. (بعد لحظات تتكلم روزة من جديد) تعلمين أن سحر سافرت مع زوجها إلى جبال تيكجدة من أجل الإستمتاع و الراحة و تغيير الجو و لم تشأ أخذ توأميها خوفا عليهما من البرد.
الجليسة: لقد فهمت كلامك. و لكن ما علاقتي أنا بكل هذا؟
روزة: لا تستعجلي فأنا آتية إليك، و لكن سوف أخبرك السبب. لقد طلبت مني سحر إيجاد فتاة مثقفة مثلك ترافق بنتيها و تشغلهم حتى لا يحسان بغيابها.
الجليسة :وهل تظنين أني ذلك الشخص الذي تبحثين عنه أنت و سحر.
روزة : لقد فكرة مليا وجئت أنت الأولى في بالي . 
الجليسة: كيف أكون جليسة للأطفال و أنا إنقطعت عن الدراسة منذ عدة أعوام، حتى أني قضيت كل حياتي في الإعتناء بجدتي المريضة.
روزة: تريثي هذا ليس بصعب، أنظري أنا هنا، هما بنتين صغيرتين ظريفتين و ليستا مشاغبتين، سوف أنادي عليهما. (تصعد الدرج و تنادي بصوت مرتفع) همسة، لمسة انزلا حالا هناك مفاجئة لكما (ترجع من جديد و هي تضحك) يا لغبائي كيف أنادي علهما و هما في النادي، لكن لا بأس دعينا نحكي قليلا حتى يرجعا أظن أنك ستحبيهما و أرجو ألا تتراجعي عن عرضي.
الجليسة: عندما قابلت سحر عند الباب تظاهرت بقبول العمل و لكن لم أعرف المهمة سوف تكون صعبة هكذا.
روزة: لا تقلقي سوف أساعدك للخروج من هذه الورطة.
الجليسة: (تضحك) أظنها ورطة من دون حل.
روزة: ما رأيك أن تسأليني و أنا أجاوب.
الجليسة: عن ماذا؟
روزة: عن أي شيء يخصهما.
الجليسة: حسنا أخبرني عن كل ما يهوانه من حيوانات و نباتات و أماكن كانوا يقصدوها
و هي تروق لهما.
روزة: سأبدأ بالحيوانات فهم يحبون الأليفة أما النباتات فكانا يساعدان سحر عندما تعتني بالحديقة و أيضا يذهبان مع نورس إلى الغابات و الجبال ليقطفوا الفطر بسبب شكله الجميل و عندما يذهبان إلى الشاطئ يجمعون الحجارة و الأصداف.
الجليسة: هذا رائع دعيني أفكر قليلا (تطأطئ رأسها و تفكر برهة ثم ترفعه و تحدق في رزوة قائلة) بما أنهما يسعيان دائما وراء الطبيعة و ما توجد به سأذهب بهم إلى مكتبة المدينة، كنت أقصدها في أيام الدراسة و أختار لهم كتابا فيه مادة علمية نتداولها نحن الثلاثة ربما يتعودان على هذه الكتب بعد رحيلي.
(يطرق الباب تنهض الجليسة من مكانها و تتجه نحوه لتفتح فتستقبل الطارقان بابتسامة).
همسة: من أنت.
لمسة: هل أنت خادمة جديدة.
روزة: (تقف) تعاليا هنا. مهلا. ما هذا الإستقبال، سلما عليها أولا ثم اسألا من تكون.
همسة: مرحبا.
لمسة: طاب يومك، ما إسمك.
الجليسة: أدعى جليسة الأطفال.
همسة: و ما ذا يعني هذا!
لمسة: هل ستجلسين معنا.
الجليسة: لا يا عزيزتي... أكثر من هذا.
لمسة: أنت لم تجاوبيني.
الجليسة: تعاليا هنا إجلسا و إستريحا ثم أشرح لكما.
(تنهض روزة من مكانها متجهة للمطبخ من أجل إحضار الغذاء).
الجليسة: معنى جليسة الأطفال هي الفتاة التي تجلس معهم وقت غياب والدتهم و تعتني بهم و تسليهم.
( تدخل روزة من جديد و تبدأ في تحضير المائدة و تنادي عليهم من أجل الجلوس ثم تخاطب الجليسة) لا أريد أن أذكرك أنت في بيتك.
الجليسة: شكرا (تحمل الملعقة و تفرغ الحساء في الصحون).
همسة: أين هي أمي؟
الجليسة: لقد ذهبت في رحلة.
لمسة: كنا نعلم بهذا و لكنها ذهبت بسرعة و لم تودعنا حتى.
الجليسة: لا تعتبا عليها رأيتها مستعجلة لآن الطقس لا يطمأن اليوم و الجو غائم.
همسة: من أين أنت و ماذا تفعلين في حياتك.
الجليسة: أنا من البلدة المجاورة و أعيش مع جدتي أنا أعتني بها لأنها مريضة، أما عن يومياتي فأنا أهوى الكتب العلمية و الأحياء و الطبيعة.
لمسة: هل لديك أزهار تعتنين بها مثل أمي.
الجليسة: أجل لدي أزهار جميلة مثلكما و أيظا حوض كبير أربي فيه بعض الأسماك.
همسة: ما نوع الأسماك.
الجليسة: الأولى تدعى زيبرا هي تحب الإنارة الجيدة و الخضرة الكثيفة و تختلط مع الأسماك الأخرى أما الثانية فهي الدولار الفظي تتغذى أيضا بالنباتات المائية و الثالثة هي دسكاس شكلها جميل و ألوانها براقة لكن تحب المياه النظيفة، أما الرابعة فهي بلاتي ألونها أيضا متعددة و تمتاز بقدرتها على مقاومة الأمراض أما الخامسة و الأخيرة فهي سمكة أنجل ألوانها مختلفة، مسالمة مع الأسماك الهادئة و لكن تمرض من المياه الغير نظيفة.
لمسة: تدعى أسماك الزينة أليس كذلك.
الجليسة: ولكن الكثير لا يهتم بل يزين بها المنزل فقط و ينسى أنها كائنات حية مثله تستحق الإعتناء.
همسة: وهل للأسماك قواعد عند تربيتها.
الجليسة: نعم: قواعد متعددة تتعلق بالأكل، النظافة و الامتزاج مع الأسماك الأخرى، فمثلا لا نضع سمكة هادئة تعيش في نفس الحوض مع سمكة عنيفة.
لمسة: أفهم أنه إن لم نحافظ عليها فتمرض.
همسة: (تخاطب الجليسة) و كيف نعرف أنها مريضة.
الجليسة: هناك علامات مميزة تظهر إما على عيونها مثلا جحوظهما أو فتح السمكة لفمها بصفة دائمة أو سباحتها   المتأرجحة و تفقد توازنها، و هناك أيضا من تظهر عليه نقاط بيضاء مثل البودرة، و حتى الذيل و الزعانف تتآكل و أيضا تنتفخ البطن و عندما تمرض و تصاب بالبكتيريا تصعد إلى السطح و تسبح مباشرة تحت الماء.
لمسة: كنت أظن أن البكتيريا موجودة في أيدينا فقط.
همسة: ماذا تطعميها؟.
الجليسة: أشتري لها من السوق طعام خاص بها.
لمسة: و عند الإنتهاء من الغذاء ماذا سنفعل.
الجليسة: نذهب للمكتبة.
لمسه: أنا لا أريد عندي كتب كثيرة.
الجليسة: سنختار كتابا واحدا و ليس كتبا. و يكون علميا و مفيدا حتى في حياتكم اليومية.
همسة: أنا أوافقك الرأي، أريد هذه التجربة الجديدة.


                                            ( المشهد الثالث  )


(الجليسة متجهة مع البنتين إلى المكتبة ، و هذه الأخيرة صغيرة و مرتبة ،صاحبها ينظر من الباب و يراقب تساقط الثلوج ،تقف الجليسة أولا ثم يراها البائع فيفتح لها تدخل ثم تتبعها كل من همسة و لمسة). 
الجميع: مساء الخير.
البائع: مساء النور أدخلوا ( يغلقون مظلاتهم و يضعونها جانبا ثم ينزعون قفازاتهم و يتجهون نحو الرفوف البائع ينتظر منهم طلب المساعدة لكن لا أحد يتكلم فيستدير إلى الباب و يواصل المشاهدة).
الجليسة: (تقرأ بصوت مرتفع) هذه كتب السياسة، علم الاجتماع ، الثقافة، و من هنا كتب الدين ، الفيزياء و هذا عن العلوم و الأحياء.
همسة: (تحمل كتابا ما) هذا عن الفطر و أنواعه.
لمسة: (تحمل كتابا أخر) هذا عن أسرار البحار و المحيطات.
الجليسة: هيا أتركا من أيديكما و تقدما  قليلا (تدقق النظر فتلاحظ كتابا عن الجراثيم فتحمله و تخاطبهما) هذا ما كنت أبحث عنه (تنادي البائع).
البائع: نعم يا بنيتي كيف أساعدك.
الجليسة: كم سعر هدا الكتاب.
البائع: 600 دينار جزائري.
الجليسة: (تفتح الحقيبة و تناوله المال).
البائع: شكرا لك.
الجليسة: يا سيدي مكتبتك لازالت كما كانت في الماضي.
البائع: لماذا. هل كنت تزوريني من قبل.
الجليسة: أجل فأنا أسكن بالقرب من هنا في البلدة المجاورة تحديدا و كنت أقصدك في أيام دراستي.
البائع: لا، لا أتذكر لقد فات وقت طويل.
الجليسة: حسنا سوف أذكرك ببعض الأحداث حتى تتعرف عليا.
البائع: مثل ماذا؟
الجليسة: مثل دعني أفكر قليلا (تنظر إلى السقف ترى المصابيح ثم تكلم البائع) مثل هذه المصابيح.
البائع: ما بها؟
الجليسة: لقد كانت صديقتي مروة تقول دائما إنها تصلح للأفلام القديمة، و أنت تغضب من مزاحها.
البائع: لا لم أتذكر.
الجليسة: حسنا ما رأيك في الكتاب الذي اشتريته منك في الصباح و أرجعته لك في المساء بسبب تآكل صفحاته من طرف الفئران التي تسكن مكتبتك.
البائع: لقد بدأت أتذكر   أعطني أحداث أخرى.
الجليسة: و الكلب الذي كنت تربيه و تربطه أمام الباب، و شعره كثيف و جميل كنا نطعمه من الفطائر التي نجلبها معنا من أجل تناولها في أوقات الإستراحة.
البائع: للأسف لقد مات ذلك الكلب.
الجليسة: لقد كنت أنا و مروة طائشتين و نضحك كثيرا.
البائع: هذا صحيح أذكر مزحكما الثقيل.
الجليسة: هل تذكر صديقتي مروة إبنة ذلك الشرطي الذي أنقذ حياتك يوم وقع إعصار شديد و كسر الجسر.
البائع: أجل أذكره جيدا لقد كان إعصار قوي كاد أن يؤدي بحياتي إلى الموت، لقد نصحتني زوجتي في الصباح بعدم الخروج و فتح المكتبة و لكني كنت عنيد وقتها.
الجليسة: أتذكر عندما شاهدت أمي الأحوال الجوية في التلفاز و منعتنا من الذهاب للمدرسة.
البائع: ماذا نفعل إنها مشيئة الله سبحانه و تعالى.
الجليسة : لقد كانت أيام الدراسة تلك جميلة و عزيزة على قلبي و لم أعش أفضل منها.
البائع: حتى أنا أعتبرها فترة مقدسة في حياتي لأن العلم في ذلك الزمن كان له مرتبة بين التلاميذ و الطلاب و ليس مثل ما وصلنا إليه الآن.
الجليسة: عندما كانت المعلمة تكلفنا ببحث ما كنا ندخل عندك و نخرب لك كل الرفوف من أجل البحث عن كتاب واحد و انت كنت تغضب منا.
البائع: و أنا الآن نادم على ذلك الغضب و أتمنى من تلك الأيام أن ترجع و تزوروني كل يوم .
الجليسة: تبدوا علامات الحزن على وجهك.
البائع: لما لا أحزن وقد قلت نسبة المشترين وأصبح الآن زبائني عددهم قليل جدا، تعرفين لماذا لأنه لم يعد أحد يكترث لمطالعة الكتب بل همهم الوحيد هو البحث عن سبل تجلب المال الكثير و بأقصى سرعة، حتى أنني مللت من هذه المهنة.
الجليسة: إن الناس الآن أصبحوا منشغلين بالانترنت و شبكات التواصل الإجتماعي لأنهم وجدوا فيها ضالتهم.
البائع: نسبة قليلة فقط بقية تطالع الكتب أما الباقي فلديهم ما يشغلون أنفسهم به.
الجليسة: لا تحزن كثيرا لازال البعض يحبون الكتب ويعرفون معناها، خذني أنا مثلا، لقد جئتك الآن باحثة عن كتاب فيه مادة علمية لأنفع به هاتين الصغيرتين بدلا من ممارسة الأشياء التافهة التي لا تغني ولا تنفع .
البائع: بارك الله فيك يا بنيتي أمثالك قلائل.
الجليسة: أنا فرحة جدا لأني إلتقيتك اليوم.
البائع: وأنا أيضا زوروني مجددا من فظلكم.
الجليسة: هذا من دواعي سروري مع السلامة.
(يجمعون أغراضهم ويرحلون).


                                          (المشهد الرابع )

(يدخل الجميع إلى حديقة المنزل فتخطر فجأة فكرة على بال الجليسة تشير إلى البنتين بالجلوس فيها بدلا من الداخل لأنه لازال لم يحل الليل، يجلسان على الكراسي أمام الزهور وتقابلها الجليسة ثم تخرج الكتاب وتقلب صفحاته لكن وجهها تبدو عليه الغرابة ).
التوأم: ماذا وجدت فيه؟
الجليسة: فيه معلومات كثيرة و مصطلحات ربما لم تفهموها ولكن سوف أبسطها لكما.
همسة: (تمسك الكتاب) العنوان هو الجراثيم، أنا متحمسة هيا ابدئي القراءة بسرعة.
الجليسة: (بجدية) الجراثيم هي كائنات دقيقة أو ميكروب لا ترى بالعين المجردة، وهي وحيدة الخلية، وتشتمل على جميع الأحياء الدقيقة من فطريات وبكتيريا وفيروسات وهي مجموعة لا تشترك لا بالصفات ولا بالخصائص الحيوية و ظهرت على سطح الأرض منذ قديم الزمان وهي شكل من أشكال الحياة.
لمسة: وكيف هو شكلها .
الجليسة: هي تجتمع مع بعضها البعض و تأخذ أشكالا مختلفة مثل عقد أو سبحة فتسمى مكورات عقدية أو على شكل عنقود عنب فتسمى مكورات عنقودية، و توجد أخرى على شكل عصا وتدعى عصيات، و هناك واحدة تدعى الحلزونية .
لمسة: إذا ليس لها أطراف مثلنا.
الجليسة: (تضحك) نعم ليس لديها أرجل ولا أيادي.
همسة: ولماذا أسماؤها مثل ممتلكات الإنسان؟
الجليسة: لأنه منذ أن بدأ الإنسان يعي ويكتشف شيئا شبهه بأغراضه حتى يميزه من غيره فيما بعد.
لمسة: وأين نجدها؟
الجليسة: إنها تستوطن التربة، الهواء و النباتات ويحتوي الغرام الواحد من التربة على 40 مليون خلية بكتيريا وأيضا توجد في أنف الإنسان و أمعائه ولديها القدرة على التكيف مع أي ظرف و أي بيئة.
همسة: لما قلت لنا تستوطن بدلا من تعيش !
الجليسة: بما أنها تستطيع الوصول إلى أي نقطة في أجسامنا فهي تعيش فيه على شكل مستعمرات دقيقة متطفلة تؤدي إلى المرض وهنا هي غير مرغوب فيها لأنها تسبب المرض.
همسة: وهل للإنسان القدرة على محاربتها.
الجليسة: نعم الإنسان توجد فيه أشكال كثيرة، منها على الجلد وفي جهازه الهضمي ولكن جهاز المناعة دائما مسخر لحمايته منها.
لمسة: هل تمتلك القوت وتقاوم دائما لكي تعيش.
الجليسة: منها من لا يموت سواء بالمنظفات أو الحرارة أو البرد الشديد، فمرة إكتشف عالم أن هناك ميكروبات عمرها  40 مليون سنة و تستطيع التكيف مع البيئات القاسية.
همسة: ( مقاطعتا لها) أريد معرفة حركتها هل تشبه الإنسان.
الجليسة: لا حركتها إنزلاقية و إرتعاشية و سرعتها في الحركة تساوي سرعة الأسماك في السباحة على الأقل وأيضا هي تتحرك بشكل عمودي وتستخدم الأسواط للسباحة في السوائل وعندها شعيرات تقوم بمدها ثم تسحبها بقوة وهذه الأسواط تتحرك مثل مروحة السفينة.
لمسة: وكيف تتحكم في حركاتها.
الجليسة: (قلب الصفحة) تنجذب البكتيريا المتحركة أو تبتعد بتأثير محفزات معينة في سلوكها.
لمسة: وعملية التكاثر عندها هل تشبه الإنسان و الحيوان.
الجليسة: إنها تجتمع مع بعضها البعض مشكلة موجات من الخلايا ثم تتفرق لتشكل أجسام التكاثر المحتوية على الجراثيم.
همسة: وكيف ذلك ؟
الجليسة: عن طريق الإقتران أو التحول أو التنبيغ وهنا يمكن إدخال المادة الجينية الخارجية داخل البكتيريا هذا بالنسبة للتحول أما الاقتران فهو نقل المادة الوراثية بين إثنين من الخلايا البكتيريا على إتصال مباشرو بالنسبة للتنبيغ فهو حقن الحمض النووي من قبل فيروس في بكتيريا و أيضا يعني إدخال مواد جينية جديدة إلى الخلايا اللاجرثومية.
لمسة: إذا لها علاقات مع أصدقائها.
الجليسة: هذا بلا شك فهي تكون علاقات معقدة مع الكائنات الحية الأخرى ويمكنها تقسيم هذه العلاقات التعايشية إلى عدة أنواع منها التطفل و التنافع و التطاعم ويوجد أمر أخر هل تصدقانه.
التوأم:  وما هو؟
الجليسة: هناك بكتيريا أخرى مفترسة لأنها تقتل الكائنات الحية الدقيقة ثم تستهلكها أو تغزوا خلية أخرى و تتكاثر داخل العصارة الخلوية.
همسة: إنها تشبه الحيونات المفترسة عندنا في الغابات.
لمسة: إنها لا ترأف بمن تقابل دائما ممرضة وقاتلة له.
الجليسة: (تقلب الصفحة) عندما تكون للبكتيريا علاقة طفيلية مع الكائنات طفيلية عضوية أخرى فإنها تصنف كعامل مرضي وجرثومي للجسم وتؤدي إلى الموت أو الإصابة بأمراض السل، الزهري، الكوليرا، التسمم أو جرثومة المعدة .
همسة: أيا منها يسبب المرض؟
الجليسة: نأخذ على سبيل المثال المكورات العقدية فهي تسبب الإلتهابات الجلدية و الرئوية و السحايا وتسمم الدم فتوسع بذلك الأوعية فيحدث الموت.
لمسة: أفهم من كلامك أنها تتمتع بالذكاء ولديها قوة كبيرة لقتل الملايين من البشر.
همسة: ( تحاول العطس) لم تقولي لنا من إكتشفها في الأول.
الجليسة: (ترد بتعب) وهل تركتم لي المجال لذلك، فأنا لم أتنفس منذ حملت هذا الكتاب بين يديا (تقلب الصفحات إلى الوراء فتتمعن ثم تقرأ بتريث)أنطوني فان ليفينهوك ( ثم تغير نبرة القرأءة بسرعة) هذا إسمه إكتشفها في 1676.
همسة: وهل رآها بعينه . 
 الجليسة: لا، بل بمجهر أحادي العين من تصميمه الخاص و أطلق عليها إسم الحيونات المجهرية، لكن فيما بعد أطلق عليها كريستيان جو تفريد إرنبرغ تسمية بكتيريا في 1828 وبعده ظهر لويس باستور عام 1859 وبرهن على أن عملية التخمر تحدث بسبب نمو كائنات حية دقيقة وهذا النمو ليس بسبب التكاثر الذاتي.
(تلتحق بالمجموعة روزة فيسمعان صوت رجليها يلتفتان إلى الوراء ).
الجليسة: وصلت في الوقت المناسب كنت أنوي مناداتك.
روزة: كيف أساعدك؟
الجليسة: لقد بدأ المغيب و نسبة الضوء قلت، نريد سراجا نستضيء به.
روزة: سأدخل القبو و أبحث عنه.
الجليسة: (محدقة في البنتين) لقد حل الليل. نكمل الجزء المتبقي و ندخل.
همسة: عما يتحدث.
الجليسة: عن الجراثيم النافعة و الصديقة.
عمسة: و هل هي صديقة للإنسان.
الجليسة: نعم هي كذلك، صديقة لصحته، فوجودها في جسمه مقابل تلك السيئة الممرضة هي مفيدة له.
لمسة: و أين تعيش؟
الجليسة: تعيش في الزبادي، اللبن و بعض أنواع الأجبان.
همسة: و ما هو الدور الذي تقوم به؟
الجليسة: هي تقوم بدور نافع في أجسامنا عن طريق نوع من التوازن و لكن إذا اختل هذا التوازن لصالح أحد الطرفين فإن المعادلة تختل. فإذا زاد عددها مثلا تصبح ممرضة و اذا نقص لا تؤدي دورها بالشكل المطلوب.
لمسة: و هل تخاصم الضارة.
الجليسة: شيء كهذا، فهي تطرد السموم و تقتل الفطريات و تقوي الجهاز المناعي كما تخفض الكولسترول الضار.
(ترجع روزة من جديد تحمل السراج و تجلس معهم).
همسة : (بصوت عالي) ما رأيكم أن أكون أنا النافعة و أختي الضارة.
روزة: كيف ذلك؟
(ينظر التوأم إلى بعضهم البعض ثم ينهضون و يدخلون للبيت).
روزة: أضن أنك تكيفت بسرعة معهم.
الجليسة: نعم هذا لحسن حضي.
روزة: لقد لقد تركتهم سحر أمانة بين يديك.
الجليسة: مجالسة الأطفال الصغار ليس بالأمر الهين كما تعتقدين، يجب عليك الإنتباه و الحرص على كل كلمة تتلفظين بها و مراجعة أفعالك قبل القيام بها أمامهم، إنهم لا يفوتون كبيرة و لا صغيرة.
(تخرج كل من  كل من همسة و لمسة من البيت الأولى تضع تاج على رأسها و وشاح أبيض على كتفها أما الثانية فتضع قناع مخيف على وجهها و أظافر سوداء مصنوعة من الورق و وشاح أسود على كتفيها).
روزة: لقد فاتني الدرس هيا إشرحي لي.
همسة: يوجد في الكون جراثيم ضارة و أخرى نافعة.
روزة: الضارة أعرفها و لكن النافعة لم أسمع عنها، كيف هي و متى اكتشفت؟
الجليسة: (مقاطعتا لهم) إسمها الجراثيم المفيدة، لقد مر وقت طويل بعد اكتشاف الضارة حتى تنبهوا لها و أجريت عدة دراسات حولها و جعلتها أيضا شركات المنتجات الغذائية مادة للتصنيع و الربح و كان تسويقها موسوم بصيغة علمية، و خلاصة القول النافعة تحمينا من الضارة.
همسة: أنا أفضل منك، أنت نكرة. 
روزة: عجبا؟ إن كلمة جراثيم دائما توحي بالمرض و الضرر.
الجليسة: (تقلب الصفحة) ما يخفى علينا أنها تساعد على إعادة التوازن البيولوجي داخل أمعاء الإنسان و تباع أيضا كمكملات غذائية.
روزة: هل القدماء إستعملوها في غذائهم.   
 الجليسة: أجل القدماء عباقرة لم يفوتوا أي شيء حتى جربوه لذلك استخدموها في الزبادي و الأطعمة المخمرة و اللبن و تعتبر البكتيريا الموجودة فيها طبيعية و مفيدة للصحة، لأن الأطعمة المخمرة تحفز على تكاثر هذه الأخيرة، مثلا نأخذ الجبن الرومي فهو يصنف من النوع الحاد الطعم عن طريق التخمر لفترات طويلة حتى يتعفن و تنموا فيه بكتيريا.
همسة: و هل لديها أعداء غير البكتيريا الضارة.
الجليسة: أجل المضاد الحيوي يقضي عليها و لا يفرق بين أحد.
همسة: كيف يقضي عليها و هي التي تقضي على الضارة.
الجليسة: لقد أثبتت الدراسات أنه من 20% إلى 40% من الأطفال يعانون من الإسهال بسبب الإستخدام العشوائي للمضادات الحيوية.
لمسه: مسكينة لا تكاد ترتاح من العدو الأول حتى يظهر لها المضاد الحيوي.
الجليسة: إن المضاد الحيوي بقدر ما هو دواء بقدر ما هو مبيد للبكتيريا و كابح لها، أي يمنع نموها.
روزة: سبحان الله في خلقه.
الجليسة: و أمام منافعها فهي انتهازية.
روزة: من تقصدين النافعة.
الجليسة: نعم فعندما تقل مناعة الإنسان تنتهز الفرصة و تهجم و تسبب المرض.
روزة: هذا يسئ مقابل استعمال الخمائر في تحضير الأطعمة فمساوئها قليلة مقابل منافعها.
الجليسة: و على هذا وجد فيها الإنسان القديم منفعة في تحضير الجبن و المخلل و صلصة  الصويا و حتى الخل و النبيذ.
همسة: وهل هي سريعة التكاثر و التكييف مثل الضارة؟
الجليسة: طبعا هي تتكاثر بسرعة في الأطعمة السالفة الذكر عندما يتركوها تتخمر لعدة أيام.
(تغلق الكتاب و نخاطبهما) أرجو أن تكونوا استفدتم من هذه الجلسة العلمية.
لمسة: أنا أعجبتني هذه المعلومات، فلم أسمع أبدا عن الجراثيم النافعة.
همسة: و أنا أيضا استفدت من هذه الجلسة العلمية ، و من اليوم فصاعدا سأحرص على نظافة بدني خاصة يديا.
روزة: و أنا سأحرص على الأطعمة المخمرة و أعطيها حقها على مائدة الغذاء و العشاء.
الجليسة: إذا لنطفئ السراج و ندخل لقد حل الليل.
(تمشي كل من همسة و لمسة إلى الباب متعانقتان و يغنيان).


جراثيم جراثيم        جراثيم جراثيم.        
 ضارة نافعة          ضارة نافعة.
نقتل نمرض           ندمر نهجم. 
ندافع نشفي           ننفع نتصدى.
نغزوا الطبيعة        نغزوا الخلق.
هيا تعالوا            لتشاهدونا يا رفاق.
روزة: (تدخل بينهما و تعانقهما) هاي لا تستعجلا أنا إسمي المضاد الحيوي و أقضي عليكما بسرعة لا تنسيا هذا، هل فهمتم.
الجليسة: ( تمشي ورائهم و تأخذ نفس عميق و تكلم نفسها) لقد مرت هذه المهمة على خير الحمد لله.
(يدخل الجميع و يخلق الباب).

           ستار 




  




0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption