كريم الفحل رائد الفنتازيا المسرحية مونودراما " في حضرة الشيخ القوقل " نموذجا
مجلة الفنون المسرحية
الكاتب كريم الفحل |
بقلم : الأستاذ هلال العطية
نص مسرحي إنساني غرائبي ساخر .. يحيلنا قسرا على التفكير والتحليل .. التفكيك والتركيب .. بحثآ عن مخرجات دلائلية حول جدلية صراع نعيشه اليوم .. صراع راهني .. دون الاكتراث والشعور بضرورة الوقوف عند مسبباته وحلوله .. يطرق باب هذا الصراع ويفتح ملفاته كريم الفحل الشرقاوي الذي لم يسبقه مؤلف مسرحي إلى تناوله ،واضعآ يده على ظاهرة الثورة المعلوماتية التي غزت العالم و تسائل بإلحاح المثقف العربي والعالمي و المتمثلة في هيمنة الزمن الرقمي و انقراض الزمن الورقي و هي التيمة الدرامية التي يتناولها الكاتب من خلال رؤية فنتازية تخييلية تستحضر صراع آخر بائع للكتب في كل الأزمنة " مسرور بن عاشور الكتبي " مع ( الشيخ القوقل / غوغل google ) . هذا الأخير سيحاول بعد اختفاء الكتب و كل المنشورات الورقية إلى إبرام عقد احتكاري مع " مسرور " قيد حياته بوضعه في قفص زجاجي بمتحف غوغل العظيم . و أيضا بعد مماته بتحنيط جثته حتى يظل مزارا أبديا للأجيال المتعاقبة .
و بالإضافة إلى صراع " مسرور " الوجودي مع الشيخ القوقل يواجه أيضا صراعا داخليا مع زوجته " شبشوبة المسعورة " و معاناته من جحيم حممها البركانية المشحونة .. شبشوبة التي ستهجر زوجها رافضة العيش مع دودة الكتب البائدة لتتحول إلى راقصة كباريه .. شبشوبة الحاضرة الغائبة التي جعل منها المؤلف عنصرآ مكملآ للصراع متعدد الدلالات لواقعنا الاجتماعي . و هكذا يطرح الكاتب العديد من التساؤلات عن مصير ذاكرتنا و وجداننا و تراثنا أمام هذا الاجتياح العولمي و المعلوماتي الرهيب .
إن عوالم النص وفضاءاته و علاماته و دلالاته تنم عن وعي معرفي للكاتب الذي سيعمد إلى تفكيك الخيوط العنكبوتية للإضطهاد والهيمنة التسلطية بأدوات محكمة حيث تمكن المؤلف وبنجاح من إجراء تحليل نفسي وفكري لشخصية البطل التي أدخلها إلى غرفة عملياته الدرامية جاريآ تشريحآ دقيقآ لبنيتها و لعوالمها الفنتازية ليعلن لنا عن نص سيقف عنده الكثير من المهتمين بشؤون المسرح العربي .
نص " في حضرة الشيخ القوقل " كتب بلغة ساخرة لاذعة محكمة المعاني ... سمفونية مونودرامية نسج أحداثها بحواريات تصنف في خانة السهل الممتنع . لذلك لا غرابة وانت تقرأ نصآ مسرحيا للشرقاوي صاحب التجربة الثرية على صعيدي التأليف والإخراج من أن يحيلك على نصوص الكاتب العراقي الكبير " علي الزيدي " التي أخذت مساحة واسعة ونصيبآ متميزآ بإخراجها مسرحيآ و ركحيا و تقديمها في مهرجانات محلية وعربية ودولية .. لقد اكتشفت حالة من القرابة الإبداعية بين نصوص( الشرقاوي) و( الزيدي) في اللغة واستخدام المفردة والحوارات التي تستفز القاريء .. و تثير الجدل وتتحدى الواقع بمعالجة درامية قلةمن الكتاب استطاعوا الوصول إليها .
كريم الفحل الشرقاوي بهذا النص يؤشر لنا وبالدليل القاطع ان الكاتب المسرحي العربي يتخطى الحدود ويعبر الى العالمية....
هلال العطية
جماعة المسرح المعاصر
العراق - البصرة
0 التعليقات:
إرسال تعليق