مسرحية " الملك والثــــــأر " تأليف : عبدربه الهيثمي
مجلة الفنون المسرحيةمسرحية " الملك والثــــــأر " تأليف : عبدربه الهيثمي
(اصوات متداخلة عبر المؤثرات الصوتية)
صوت. - ابوك قتل
-صوت. اليوم خمر وغدا امر
- صوت. ضيعني صغيرا وحملني دمه كبيرا
- (.الاضاءة على أمرؤ القيس ويديه على اذنيه)
- أمرؤ القيس: اليوم خمر وغدا امر( يضحك بحزن) اليوم جوع وغدا
أيضا لا فرق بين اليوم وغد(صوت من الخارج)
-صوت. وعزة يأمرؤ القيس
- أمرؤ القيس : عزة...آه (يمسك قلم وورقة) ياعزة من تحت جوارحي
اكتب... اقُلب الكلمات فاقلبهُا وتقلبني واسحق مااتبقى
تحت فوهة القلم...لكنها شأت بأن تنهض جنائز من
ملفات قديمة كنت احبسها بلحد الموت حللهااالتراب
...نهضت لتحملني وتتطلب مني احملها وقد حملت بغيري
كائنا اعتاد ان يزني بمن عاشوا ومن ماتوا على حد سوى
(يتنهد ويترك القلم)لا استطيع اليوم ان ازني بأعضائي.
- صــوت: اذا عليك ان تتوضأ بتلك النار أن النار أهون من الزنا.
- أمرؤ القيس: هل أزني بأعضائي أو اتوضأ بنيران تذكيها دموعك يا
عزة(يدخل طلحة)
- طلحـــة : خيار صعب اليس كذلك ؟ بالأمس كان الخيار بين الشعر
والملك أما اليوم فالخيارآخر بين الثأر أو العار الزنا
بأعضائك أو التوضؤ بنيران تذكيها دموع عزة كما
اسلفت وصرخات امهات بني اســد ماذا ستختار
شاعرمشهود له برجاحةالأختيار.
- أمرؤ القيس: ليس امامي خيـــار
- طلحــة : وخيار الواقع الحتمي الذي فرض عليك
.
- أمرؤ القيس: الواقع خيرني بين الوضوء بالنار لأكون طاهرا كما
يزعمون وبين الزنا بأعضائي
لإكون زانياً...تلك هي المشكلة..
- طلحــة: ستكون في الحالتين جانيا على نفسك.
- أمرؤ القيس: تلك هي المشكلة…وحالة شاعر اتهمته العربان
المستعربة بالزندقة وقادته احلامه بين ليلة وضحاها الى
المشنقة ... فمات ولم يمت وعاش ولم يعش.
- طلـحة : عليك أن تدوس مشاعرك ايها الملك القادم.
- أمرؤ القيس: الملك القادم (يضحك بحزن) الملك القادم حزن افراء
وحزني… حزن الوجوه التي غادرة هاربة…حزن من
ذبحته القبائل ثم فاق من الموت مستسلماً طالبا مغفرة…آه
أنا أمرؤ القيس كنت اميرا وكنت…وكنت…وكنت ولكنني
صرت نكتة هذا الدمار لعرب مستعربة(مستهترا) من يشتري
ثأري يا ال كندا… من يشتري اسمي ايها الشعراء سأبيعكم
حلمي ، سأبيعكم شعري ، قوافي لم أقلها…كنت احبسها
واحبسها …تعالوا من سيأخذ أمرؤ القيس يبتع أسمه والشعر
والأوزان… حتى معلقتي التي سأبيعها.
طلحــة : انت في وطن يموت الشعر فيه وينتصر التخلف يا ملك... ليس
هناك من يشتري نحن في زمن الكل فيه يبيع
امرو القيس: ليس هناك من يشتري صحيح الكل يبيع... شيئ فضيع( ينظر الى
معلقته وهي مرتفعة اليه من ثوب عزة التي تكون في هذه الأثناء
جاثية على الخشبة)في زمن الجهالة عانقوك وكرموك...رفعوك في
اطهر بقاع الله...واليوم يغتالوك ويطالبونني بالثأر... هل أثأر من
احرفك التي حفيت بها الأعراب في كل عشيرة
من بلاد العرب...؟ (صمت)(ردي يا معلقتي الحبيبة...قولي ما الذي
اقدر على فعله ...انا الملك الذي نظمك وكنت جزء من ملكي ومملكتي
وكنت كل شبر في السعيدة(ينهض وهو رافع المعلقة فترتفع مع
المعلقة عزة)...كيف بعثتي من جديد؟
- عـــزة : وهل ماتت معلقتك في يوم من الأيام يا ملك الملوك؟
- أمرؤ القيس: وما علاقة معلقتي ببعثك من جديد؟
- عـــزة : أنا هي...وأنا الهواء والحب في نفسك على مر الزمان ابعث معك في
كل لحظة ان بعثت يا حبيب.
- أمرؤ القيس: لماذا يا عــزة؟
- عـــزة : لا أمنعك مما نويت.
- أمرؤ القيس: لماذا تريدين تكسير مجاديفي يا عزة؟
- عـــزة : الثأر يم هلاكنا وانا وطلحة مجاديفك اذا ابحرت...فلا تبحر بمجداف غريب
عنك انت لم تخلق لهذا...وبعثت ايضا ليس لكي تثأر...بعثت كي تحلم ونحلم
بحياة رغيدة أخرى...الجوع يا أمرؤ القيس والفرق بين اليوم وغد.
- أمرؤ القيس: لا ياعزة ليس الهدف هذا فقط
.
- عـــزة : اذا ماذا؟
- طلحـــة: بين هذا وذاك... بين حلم مضى وحلم أتى ، بين حزنك وحزن الرمال التي
شربت من دمانا الكثير هل نعيدالكرة يا أمرؤ القيس ؟...لا... لا تكون قاتلا
للغفار(أمرؤ القيس يسحب حسامه من غمده بينما طلحة يعترضه)
- عــزة: اتركه ياطلحة سوف يصحوا غدا متسربلا في دمي…(تفتح صدرها)افرق
جنون انتقامك هنا…يالها من مأسأة شاعراً ويريد ان يكون قاتلا .
عــزة: اتركه ياطلحة سوف يصحوا غدا متسربلا في دمي…(تفتح صدرها)
افرق جنون انتقامك هنا…يالها من مأسأة شاعراً ويريد ان يكون قاتلا
.
- أمرؤ القيس: (يرمي بسيفه)اتركيني يا عزة...لقد...لقد جفت المحبرة ...سقط الحرف
وتسابق المخبرين لنصب المشانق وفتح المحاضر لكل الحروف التي لم تحقق
حضورا لأسيادها في القصور...امرؤ القيس الشاعرالمرهف الحس مات لم
اعد هو...صدقيني جفت المحبرة ...وصار لكل الحروف المضيئة مقابر ولكل
الحروف المهينة منابر...كل ما ارانو اليك اشاهدك محاصرة بالعساكر (يقترب
منها ويمسكها من يديها )سيجوك بليل طويل تفيق العصافير فيه وقد اشرعت
للرحيل...انا بين نوازع الثأر لأبي وحبي لك احس
بأني قتيل.
- طلحــة: الحب لا يفصح عنه المرء بالانتقام أو الثأر ممن يحب
.
- امرؤ القيس: ولكنه خيار خيوطه منسوجة على هذه الأرض منذ الأزل…منذ عرفت بأن
ربيع الزهور انتحر …وصار الشتاء بصيف والصيف شتاء لا فرق بين
القضاء والقدر ... على هذه الأرض يا صاحبي جاز لنا
الموت واصبح شعار الحياة انتحار.
- عـــزة : لا يا حبيبي لا تكن قاسيا كالحجر... عد الى الحلم لحظة وستراني بأبهى
الصور...أنت كندا ووجه آل كندا..قوافيك آخر أمل للحياة بهذا الدجى
المستعر (قرع الباب، يفتح طلحة الباب فيدخل مجموعة من الجوقة صامتين
حاملين أشياءهم بصــورة غير واضحة).
- أمرؤ القيس: ماذا يا طلحــة؟
- طلحـــة : رسالة بني أسد إليك ياملك.
- امرؤ القيس: وما الذي يريدونه مني؟
- رئيس الجوقة: ( أيها الملك الجليل انك في المحل والقدر والمعرفة بتصرف الدهر وما
تحدثه ، وتتقل به أحواله بحيث لا تحتاج الى تبصير وواعظ ولا تدكير
مجرب ولك من سوأدد منصبك ، وكرم عرفك ، وشرف أصلك في العرب
محتمل يحتمل ما حمل عليه من اقالة العثرة والرجوع الى الهفوة .
- جوقة (2) : ( يكمل ) اما ان اخترت من بني اسد اشرفها بيتا واعلاها في بنا المكرمات
صوتا فقدناه اليك لتستل سخيمته بتمكينه من الانتقام .
- جوقة (3) : واما انا اخترت فداء بما يروج الى بني اسد من نعمها فهي الوف تجاوز
الحسبة فكان ذلك فداء رجعت به القضب الى اجفانها لم يردده تسليط الأحنة
على البراءة
- عــزة : ( تكمل ) واما ان توادعنا حتى تضع الحوامل فتسدل الازر وتعقد الخمر فوق
الرايات ( هذه المقطوعة أخذت تاريخياً من كتاب أمرؤ القيس ) .
- امرو القيس: لقد علمت العرب ان دم حجر لن اعتاض به جملا او ناقة
( بعد ان يكمل امروالقيس حديثه الكل ويسقطون اشيائهم التي كانوا
يحملونها ثم يتحركون حركات غير طبيعية ويقومون بمحاولت بيع الأشياء
التي كانوا يحملونها احدهم يخلع حذاء ويعرضها للبيع والاخر يعرض علب
فارغة بينما الثالث يعرض ملاسبة للبيع فتنظيم اليهم عزه وتقص شعرها
وتعرضه للبيع ايضا ) .
- طلحــة.: ما هذا الذي ارى انهم يبيعون اشياء لا قيمة لها
- امرو القيس: ذلك ما يستطيع البسطاء بيعه كون الاشياء القيمة من اختصاص الاخر فهم
الذين يتولون بيعها ( يواصل حديثة الى المجموعة التي تستمر في
الحركة)اه يا بني اسد لقد عرضت قبلكم عصارت عظام الحروف نبض
المعاني بكل ارتجافات هذا الوطن وانكساراته المزمنه ... عرضت الدواء
لكل العقول المريضة على احرف عاطرة فائضة بالمشاعر ... ولكنهم اصروا
على قتل كل بذور انثمائي لكم ... لا تعرضو شيئا اسواقكم كاسد
.
- طلحــة: ماذا يعني هذا ايها الملك
.
- امرو القيس: الخيال لايدرك الا في لحظة الخيال ... والحقيقة هي ابراز لحقيقة الاشياء فكل
ما يرى الحس ظاهرا له باطن لا ندركه يا طلحة .
- طلحــة: لم افهم
.
- امرو القيس: ستفهم يا طلحة مستقبلا وستعرف ان ما تراه الان هو صراع الانفصال داخل
الانفصال والاختلاف داخل الاختلاف لهويات متعددة لفارق الفروق واختلاف
الاختلافات
.
- طلحــة: ولكن ماذا يعني اقدامهم على بيع اشيائهم ؟
- امرو القيس: يعني لحظة توقف الفكر وموته ، لحظة نهاية الحقيقة وبداية التلقين
- المجموعـة: ( يتركون اشيائهم ويمشون كانهم يتحركون بالريمت كنترول بمصاحبة
موسيقى هادئة تعلو شيا فشيا وتتحول حركتهم الى رقص صاخب ).
- طلحــة: انهم يرقصون
.
- امرو القيس: ليس في امرهم ما يدعوا الى الغرابة … فقد رقص قبلهم العاهرين جميعا بهذا
البلاط وحل الزواج الذميما… وصار القديم حديثا والحديث قديما لا فرق بين
الفرس والحمار ... فالحمار اسرجوه بجلد الوطن والفرس كتفوه قبل ان يمتطيه
الضحايا ... ثم افتوا بفتوا اجاز لهم حلبة بما يقتضه الرعاه وحسب
قوانين حوش البقر .تعود الموسيقى الصاخبه ثواني وتتوقف فجأه وتنفرد عزه
عن المجموعة متوجه الى امرو القيس بينما الكل ينسحب .
- عـــزه: هذا هو عالمك المصفد بالماسي ايها الملك الضليل .
- امرو القيس: ( يؤمىء براسه الى الارض ) اعرف ذلك .
- عـــزة: طوال ربع قرن من تأخر الشمس عنهم ... طوال ربع قرن من الأوهام
والصور والاشباح والدجل باسم الارض والانسان ... الا زلت مصُر على
الانتحار .
- امرو القيس: ااتيني بخيار آخر يا عزة قبل أن تدعيني للانحسار عن مواقفي
- عـــزة: التعامل مع الحي من ارثنا يا أمرؤ قيس والبحث عن ما هو اصح خيارا لك
ولنا ... فلا تقتل احلامنا في وحل ثارا قديما غدا مضيعة شعبنا ... لماذا اذن
لا ترى غير هذا لماذا تصر على ذبحنا ؟
امرو القيس: ااتيني بخيار آخر يا عزة قبل أن تدعيني للانحسار عن مواقفي .
- عـــزة: التعامل مع الحي من ارثنا يا أمرؤ قيس والبحث عن ما هو اصح خيارا لك
ولنا ... فلا تقتل احلامنا في وحل ثارا قديما غدا مضيعة شعبنا ... لماذا اذن
لا ترى غير هذا لماذا تصر على ذبحنا ؟
- أمرؤ القيس: انا لا اصر على ذبح احدا ولكنهم ذبحوني ... هم اختاروا الموت لي ولهم
عندما كرموني بعنق ابي
- عـــزة: ارثنا يا أمرؤ القيس … ليس اقتتال فقط … وليس ظلام فقط … عليك ان
تبحث عن وجه اخر لتلك القوافي وتلك العلوم لنعيش الحياة بما نرتأيها
وليس بما ارتوئها هما .
- امرو القيس: آه . رسموها قبل ان يبعثوني من رحم هذا الزمان الصلد ... لذا فالخروج على
سنة العرف شيئا مهين... ليس خيارى انا بل خيار الذي صنعوا موتنا قبلنا ...
وصار هنا الميت حي والحي يجب ان يموت .
- عـــزة: وانت ما هو دورك الست افصح لسان العرب وابلغها ... الست إنسان لك
الحق في القول والاختيار ...كيف تقبل ان تكون اداة الاخر ووجه السلف ...
الزمان اختلف ، والتعلق باوهام ماضيك جرمك وليس جرم السلف .
- أمرؤ القيس: صحيح ياعزة كلامك صحيح .( اظلام يدخل الثلاثة الجوقه بلباس ابيض ولحا
طويلة بينما عزة تكون قد خرجت فيضعون أمرؤ القيس على آلة تعذيب بحيث
يستطيعون من خلالها تدوير الآلة وهو مقيد عليها يصبح احيانا راسه فوق
واحيانا تحت ).
- جوقه(1) نويت ... نعم نويت ... اتريد الخروج على سنة الأولياء الصالحين .
- جوقة (2) يا لك من جاحد ناكر .
- جوقة (3) ابوك حملك دمه كبيرا ( يكمل امرو قيس ) .
- امرو القيس: وضيعني صغيرا .
- جوقة (1): وسنضيعك كبيرا .
- جوقة (3): اذن اعترف ... ونويت صدقت كلام تلك الفاجرة .
- جوقة (2): انما الاعمال بالنيات .
- امرو قيس: نعم نويت .
- جوقة (1): بماذا .
- امرو قيس: نويت بان لا انوي .
- جوقة (1): اذن انتهيت .
- امرو قيس: بل ابتديت .
- جوقة (3): من أين .
- امرو قيس: لا أدري .
- جوقة (1): ها... هذا هو المطلوب ( الكل فرحان ) .
- جوقة (2): اياك ان تدرى .
- جوقة (3): هيا يا جماعة انتهى التحري ( اظلام يدخل طلحة ويفك وثاق امرو القيس
ويقف ينظر اليه بألم).
- طلحـة : ارى لا مجال لك ان تفكر … هنا ان تفكر كفرت بحق الوطن والمواطن ، لذا
بعد موتك سيأذن لي الاتقياء ان تفكر … حينها سنصطر بدم مهجنا هوانا
ونبحر الى آخر الذكريات لننسأ ألمنا وننسأ التذكر.
- امرو القيس: الى اين يا طلحة والدهر يقتالنا باستمات ... كلهم شهدوا بوفاتي قبل ان
يمنحوني حياتي ... حملوني رفاتي ورفات أبي وطلبوا مني الثأر من جثتي
... كيف بامكاني ذلك يا طلحة .
- طلحــة: تمالك نفسك يا صاحبي ... هزيمتنا من خارجنا ولا تدع اليأس يهزمنا من
الداخل ايضا ... سنواجهم بكل ما أوتينا من قوة .
- امرو قيس: من سيواجه من ... نحن في دائرة مغلقة رسموها باجسادنا العارية ... القاتل
منا ومنا ايضا المقتول ( يقاطعة ) .
- طلحــة: والمنتصر منا امام الكل يظل مهزوم .
- امرو قيس: تلك هي الماساه يا طلحة وسنبقى هكذا طالما واحاجيج الكلام في الردود على
الكلام تحجرت ، وقاتلت الحقيقة ذاتها حتى تماهت في دجي ازلي اغواءاته
النهواء وحسن الحال والتقوى ... اذا سرنا فمن سيئ الى اسواء ... وان اعدنا
بلا وطن ولا مأوى ... نهايتنا هنا والثأر غايتنا لا طريق لنا غيره
.
- طلحــة: ( بانفعال ) كيف يكون ذلك وانت تعرف كل ذلك يا ملك تعرف حقيقة مضينا في
هذا الخطر وتريد ان تثأر
- امرو قيس: نحن لسنا البداية ولسنا النهاية .
- طلحــة: ولكن الثأر ليس غايتنا .
- امرو قيس: اذن أعطيني البديل .
- طلحـــة: البديل الحياة
.
- امرو قيس: الحياة بلا هدف موت.
- طلحـــة: وهل الثأر هو البديل .
- امرو قيس: هذا هو السائد
.
- طلحـــة: سيادة الموت.. ليست مرجعية لنا حتى وأن اخذت منها القبائل سلم الاولوية فلن
نتخذها نحن مرجعيتنا .
- امرو قيس: ولكن منطق الاحداث يقضي بذلك .
- طلحـــة: سنحيد عنه .
- امرو قيس: سيقذفونا بتهمة الخوف والذل .
- طلحـــة: ليس بذلك ما يسيىء لنا .
- امرو قيس: وعروبتنا ؟
- طلحـــة: اشعارك ببلاغتها وما تحمله من مضامين انسانية هي عروبتك .
- امرو قيس: زمن الشعر انقضى ولم يعد هناك ما يؤخذ به مأخذ الجد .
- طلحـــة: مرحلة آنية وستنتهي
- امرو قيس: الآنية في هذا الزمان استمرارية لا تنتهي .
- طلحـــة: نحن اداة النهاية ونحن البداية وما انت مقدم علية خيانة ... لماذا تريد الاجهاز
على ما تبقى لنا من امل في الحياة ... لماذا بعصبية الموت كل الامور تفسر ...
لماذا تضيف لهذا التصحر تصحر ، العقول التي شنقوها بوهم التجلي والتضرع
الى ليل معتم ، بحاجة الى من يفك الخناق عليها ، ويعيد ابتسامة الى
شفتيها ... فلا تختصرها بضربة حسامك وتفتح لها موت أشهى واخطر ...
ولك ما قررت ( يخرج ) .
- امرو القيس: ( الى الجمهور ) اقرر بأن امروالقيس الشاعر مات على يدي ، انا امرو
القيس الثائر بمعنى الثأر وليس. بالمعنى الآخر - واقر بأن مضي بهذا ضلالة
وحيرة حائر تماثل له الوهم لحظت سقوطة بان شفائه به فاستقاه ، واقر أيضا
( يدخل الثلاثة الجوقه وهم يلبسون لباس عسكري فيربطون على عينيه ).
- جوقة(1): ليس بمقدورك اقرار اي شي ... نحن الذي نقرر
.
- جوقة(2): استعد ... خطوة الى الامام .
- جوقة(3): عود الى الخلف خطوتين .
- جوقة(1): الى اليسار خطوة .
- جوقة(2): وبدون انفعال .
- جوقة(3): والى اليمين خطوة ، وبدون انفعال .
- جوقة(1): هكذا . علمناك تعلم .
- امروالقيس: فهمت الدرس ... فهمت المضي الى الخلف بعينين معصوبتين ... وعند اقتضى
الظروف اسير بأقص اليسار وبأقصى اليمين واتمترس بالوسط ...
- جوقة(1): برافوا... برافو يا ملك هذا هو المطلوب هيا ( يخرج مع الجوقة ).(
تدخل عزة )
- عــزة: برافو... برافو ( ساخره منه ) فهمت الدرس ... اذن ردد بعدي ألف ... باء...
تا... ثا... جيم (امرو القيس في حالة انكسار وصامت ) لماذا اصمت ردد بعدي
الف ... باء... تا... ثا...
- امرو القيس: ( يصرخ بها ) عزه ... كفاية ... اتعزيني أو تسخريني مني .
- عـــزة: اعزيك يا ملك الفلاة وارتجيك بوضع حد لهذه الماساه التي تعيشها .
- امرو القيس: اي ماساه فالمأسي كثيرة ... ماساة الثأر مرتبطة بماساة الدرس وماساة
الدرس مرتبطة بالثأر .والموت بأبجدية الحياة ... لذلك فحدود الحياة محدودة
وحدود الموت مطلقة
.
- عـــزة: لذلك اخترت المضى في المطلق وتركت المحدود ... اليس كذلك .
- امرو القيس: ليس المطلق بالمعنى المفتوح وانما حدود الموت المطلق ... حدود الوصايا
التابوتية الجامدة التي وضعها اجدادنا من بني اسد وسار الكل عليها .
- عـــزة: وصايا ميته لا يقبلها العقل ولا المنطق ... لماذا لا تضع نقطة أو فارزة بين
وصاياهم وبين وصيتك أنت لأجيال بني أسد ولى من اقتفى أثرك مستقبلا .
- امرو القيس: وصيتي انت وفارزتي وفيض مرارتي .
- عـــزة: لا يمكن ان اكون وصيتك وضحيتك في وقت واحد
.
- امرو القيس: شلت يداي اذا فكرت في هذا ... ما هذا الكلام يا عزة .
- عـــزة: الم تقرر قتل مائة فارس من بني أسد .
- امرو القيس: هذا صحيح .
- عـــزة: من هؤلاء ... اليس احبتي . اهلي ..اليس قتلهم قتلي أو ترى ان هناك فرق .
- امرو القيس: انفذ وصيت ابي يا عزه .
- عـــزة: وصيتك انت .
- امر القيس: ( بانكسار ) تعرفين ابانني قادم على امر لن يترك بعده اثر او وصيه
لامرؤ القيس (يبكي فيحاول أخفاء دموعه عن عزه بينما عزه تسحبه وتريد
مقابلته
- عـــزة: دعني أرى عيناك دعني اعوم فيها ... دعني ارى قدري ومجدافي المهشم
فوقها قبل الوداع ... دعني اشاهد ضياعنا في أفقها الذابل لحظات الغروب
( تقترب منه باكيه وتمسك من كتفيه ) أهكذا يا معشر الشعراء تقتلوننا دون
ذنوب ( بتانيب أكبر ) اهكذا يتحول الشعراء تجار حروب .
- امرو القيس: ( هراباً منها ) انا لا اتجار بدموعك ولكني ضحية حد هذا السيف والقلم
المحنط في يدي... ضحية واقعاً عربي دمرنا وافرق حلمنا من محتواه .
- عـــزة: يا خسارة ... كنت حلمي ... وكنت الضياء كلما غيمت أو دنا على الغروب
المساء.. كنت كل اختلاجات قلبي ونبضة... وكنت الدماء . كنت حين اصادف
طفلاً يتيماً او ارملة أكلت وجهها مأسي الحروب . أقول لهم .
- امرو القيس: ( مقاطعاً) ماذا يا عزة .
- عـــزة: اقول لهم ابشروا سيأتي الخلاص غداً … امرؤ قيس قادم … قادماً من
فضاءات هذا الدجى ليمتصه ونحلق معاً في السماء ... لنسمو فوق جراح
الحروب التي يتمتنا ... فوق جراح الحروب التي جعلتنا نأكل بعضنا مثل الذئاب
... ولكن خسارة تحول منقذنا واحدا من هذا القطيع ... بل ذئب الذئاب ...
يا ترى هل هو الاقتراب بعينه .
- أمرء القيس: هو الاقتراب هو الاستلاب ، سميه ما شئت من الكلمات طالما وشرعية
الغاب وقانون الذئاب مرجعية الأعراب في شرق البلاد وغربها لذا يكفي عذاب
ومحاكمة .
- عـــزة: أنا قد تهون محاكمتي لك وقد يمتصها غضبك وقد … وقد ولكن عندما
سيحاكمك وطنك… عندما سيحاكمك قلمك … عندما تصبح حروفك في
مراقدها وقد اقتالها قدرك ... ترى ماذا تقول لها ... هلنستميحها عذراً ونعلن
للملأ ولها : مات امرؤ قيس ولم يعد الجمل جمله .
- امرو قيس: لكل نفس بما حمله ... توارء عهده قلمي يا عزة ولم يعد الزمن زمنه .
- عـــزة: وقلبي يا ترى ... هل قد توارء وهاجرة نبضاته مملكة طيفك واثنوى الحلم
الجميل . اريد ان افهم حتى اغادرك قبل ذلك وأغض الطرف عن ابشع جحيم ...
بعد ان اصبح أقناعك شي مستحيل .
- امرو قيس: ( يهز راسه استجابة لرغبتها في المعرفة ) ساعطيك اليقين :
- انا من شرد طفل صغير ... انا من صودرت افكاره واحلامية واشعاره وعذبه
الرحيل … كل ممالك الاعراب في الوطن الكبير تلفظني ... تمردت على
أوثانهم ، على افكارهم ، قلت الحقيقة ... ابيتالاستجارة باحدهم ... حينها حللوا
دمي ، هشموا قلمي ... هنا يغسل أفكاري مخبر ... وهنا يذبح احلامي مخبر ...
وهنا يسجن احلامي مخبر ، حتى صار قلبي اكثر حلكت من هذا الليل الطويل ...
حاقداً ... متآمراًأوكد ما يقوله ذلك الوالي ، وامدح ذلك الظالم وامضي حيثما
شاءوا عساكر ذلك الفاجر .
- عـــزة: ( تصرخ ) طلحة ... اين انت يا طلحة ( يدخل طلحة ) .
- طلحــة: ماذا يا عزه .
عـــزة: صديقك يا طلحة .
- طلحــة: لقد سمعت كل شي وليس هناك ما استطيع فعله .
- عـــزة: استسلمت مثله .
- طلحــة: استسلمت له وليس لهم ...
- عـــزة: لا فرق بين الحالتين .
- امرو قيس: اذهب يا طلحه وعد عتادنا واترك عزه وشأنها ... انا قررت وحينما ستكون
جاهز يبدأ النزال .
- طلحــه: امرك يا صديقي ( يخرج دون مبالي برفض عزه ) .
- عـــزه: ( تتثبت بطلحه وترفض خروجه ) لا. لا انتظر ستكون شاهدا علينا وانا
احتضر... احتضر حب من حبيب لقلبي سواء ... احتضر حب من كنت اشعر
حين آلامس يديه بدفئ الحياة ... احتضر انشطارات شاعر مات شعوره وذاب
مداد حروفه وتحول بركة من دماء . بعد ذلك تترك طلحه دون ان يخرج ) .
- امرو قيس: يا الله ... كفاني عذاب يا عزه اذهب يا طلحه ودعها .
- عـــزة: سيذهب طلحه ويعد العده ... وتذهب انت ... ويدوس حصانك طفلة ... ويحصد
حسامك رؤوس رجال بني أسد( الى طلحه ) انت مقتنع بهذا ...
- طلحه : وهل امرؤ القيس ايضا مقتنع بما هو قادم عليه صدقيني ليس هناك من يذهب
الى الموت بقناعة ولكنا طالما والمصير واحد سوف أكون معه حتى النهاية
اعذريني يا عزه ( يخرج )
- امرو القيس : (يقترب من عزه ويمسكها من يدها ) . عزه ... انا لم اخونك ولست انا
المتهم هما من دفعني لهذا الالم .. وان مت في ناظريك جبان فلا تقبلي تعزية
كوني انا صرت قاتل نفسي وحامل لواء هذه الفعلة المخزية ...
وان مت في ناظريك شهيد ساوصيك آخر وصية ...
بان اعترف الضحية مبرر يكفي بان لا هناك قضية وليس هناك اتهام
.( صوت من الخارج يوحي عن احتدام معركة امرؤ القيس يخرج ) .
- عزه ( تصرخ عندما تسمع صرخت احدهم خارج الخشبة فتسقط على الخشبة
مخضبة بالدماء )
- امرو القيس: ( داخل للخشبة ) عزه ... عزه هل اصابك سهم طائش .
- عزه : لا بل قتلتني يامرؤ القيس قتلتني متعمداً ... وقتلتني مستسلماً ...
قتلت كل تطلعات اليوم في غدنا وعاد الامس كرته واختل التوازن بين ماضينا
وحاضرنا واتحد الحبيب مع العدو ، ماذا تبقى يا ترى يأسي بلغ حد الزبا
ورفرف الموت باجنحته على احرف معلقتك وهي مسجئة بحد قدميك منهكة
القوى .
- امرؤ القيس : لم يكن الامر هذا بيده ... لقد انتهى كل شي ( مبرراً ) تم ان الموت حق .
عــــزه : لكنه باطل .. باطل اتدري لماذا لانه اتى منك كنت الته وطلقته ضحية قلت
ضحيتها كما قال الشاعر ...اتقتل حاضرك في سبيل ماضي لا صلة لك فيه
غير الوصية
- امرو القيس : الوصية أو المنية لم يعد هناك فرق بين الحالتين .
- عزه : صحيح لم يعد هناك فرق ... ولكن يجب ان تعلم بانك مسئول عن كل هذا ...
مسئول عن موتنا الف عام مضت منذ ابن رشد الى اليوم هذا ... مسئول عن
هذا العجز والضعف والانكسارا ... ماذا صنعت ؟هل من جديد ؟ انظر لماضيك
ولمستقبلك سترى انك مثل وطواط يهوي الخروج بغسق الظلام
( تشير الى ثوبها الملطخ بالدم ) تأمل كيف قرأت القديم وسنيت سيفك له
ودمرت كل عظيم ، تأمل لا تخجلك افعالك تلك نتيجة اي فكر سقيم ينمو عن
رعديداً جبانا ... وداعاً ايها الشاعر المستهام البليد وداعاً ... اليوم شكلت
احرف معلقتك بالدماء .. هيا قفا نبكي .( امرؤ القيس يحاول يوقفها على
اقدامها لكنها تكون قد فارقت الحياة ) .
- امرو القيس : هيا قفا نبكي ... هيا قفا نبكي هذا الزمان البليد منذ رحيل الخليفة ابن الرشيد
الى اليوم هذا ..هيا قفا نبكي نور حبيباً شاركت بطفائه أهل السيادة والفقهاء
والمتقين قفا نبكي أحرف معلقتي علي بهذا البكاء اصنع حروفاً اخرى ليس
مقدسة بحدود المحرم ، وليست مكررة وجامدة مثل وصية ابي ... ادركت معنا
كلامك يا عزه ،القاتل منا ومنا ايضا المقتول والمنتصر منا أمام الكل يظل مهزوم .
ستار
0 التعليقات:
إرسال تعليق