مسرحية " أهل الجنة " تأليف : طنطاوي عبدالحميد طنطاوي
مجلة الفنون المسرحيةالشخصيات :
-------------
البهلول : صاحب الملابس البالية المرتقة
السيدة : برفقتها أولادها الأربعة أحدهما فوق يديها
جنود : 1 – 2 -
ملثمون : 1-2-
المسعفون : 1-2-
ويمكن أن يزداد العدد عن اثنين ( جنود – ملثمون – مسعفون )
الغرباء : شيخ – قسيس – حاخام – هندي – المرأة الجميلة
وهم القادمون من الجنة
يستعان بالأضواء الخافتة أحيانا أو المنعكسة حتى يتبدى القادمون
من الجنة كهالات ضوئية
قبل أن تفتح ستارة المسرح ، صرخات بشرية تصم الآذان وتتباعد وتختلط وتبدو أقوى أصوات لتفجيرات قوية مصحوبة بأزيز طائرات ، أصوات تدعو الله بالرحمة ورفع الكرب ، صوت لامرأة تنوح وتصرخ بأنها لا تجد لأولادها أثرا ، انعكاس للنيران المتأججة يخترق وتنعكس على ستارة المسرح ، بكاء طفل ظاهر وما يلبث أن يختفي أيضا
يفتح الستار ببطء شديد ، تسقط أضواء بصورة عكسية فتبدو صور لأشباح خمسة وكأنها خيال للظل فوق غلالة بيضاء رقيقة ، الأشباح المرئية لمجموعة من البشر لكن ملامحهم غير واضحة ، يتحركون بصورة عكسية يتفرقون ثم يجتمعون ثانية وكأنهم وحدة واحدة ، تتكرر أصوات المدافع وأزيز طائرات ، أصوات تفجيرات ،صرخات بشرية تتوالى ، تصل أصوات الأشباح ومغلوب عليها الرعب والخوف والتوسل إلى الله بدعوات مختلفة متداخلة
شبح1 : ارتكبنا خطيئة ... لنكفر عنها ...علينا بالعودة
شبح2 : هل أخطأنا أننا فكرنا أن نعود للأرض ؟
اشتد حنيننا لنرى ما أصبح عليه الحال
شبح3 : " يبدو أنه صوت أنثى "
لا أصدق ما أرى ... هذه المدينة التي أضحت خرابا وركاما
هل تتذكرون ؟
رأيناها قبل هبوطنا ... ما زلت أتذكر ما رأيت في الأمس أو ما قبل
الأمس ... كانت روضة والبشر يرتادون جنباتها في مرح وحبور
كبيرين ... كانت وجوه البشر تعكس سعادة ...سعدنا لسعادتهم
" صارخة " يا لهول التحول الغريب ... زيف سعادة وملامح مرح
كاذب ... يدمي قلبي ما أرى ... الدماء المراقة بأيديهم ...
لم تتشرب الأرض حتى اللحظة دماء القتلى ....
لون الدماء لم يعد باللون الأحمر غلب عليه اللون الأسود واجتمعت
فوقه الحشرات وجوارح الطير والحيوانات المفترسة تنهل من البقايا
... آه ... آه ... بقايا بشرية
شبح4 : يا الله حتى الأطفال لم يسلموا من القتل والتنكيل ... آه من هذا الشقاء
كيف تتأتى لهم الجرأة فيقتلونهم ... وآخرون يعبثون بجثثهم ...
يفتحون البطن أو الرأس ... من تأتيه الجرأة فيفعل ذلك ... هل
سمعتوهم ماذا يرددون ؟ وهم منهمكون في عملهم بصورة غريبة ...
شبح1 : علينا بالعودة فما نراه لا يمت للحقيقة بصلة
ربما أصابتنا لعنة البشرية اليوم
شبح5 : لنتريث ... لنشاهد
شبح2 : أي منكر يرتكبون ؟ !!!
أطالبكم أن نعود أدراجنا وبسرعة
شبح5 : إنهم يتاجرون بأجساد قتلاهم حتى بما يتبقى من جثث الأطفال
شبح3 :أنا أؤيدك علينا بالعودة
شبح2 : خوفا أم
شبح3 : خوفا
شبح2 : لا تخافي فمازلنا أشباحاً من نور ...
شبح4 : هالات النور حائط صد بيننا وكل المتفجرات التي تسمعونها
اطمئنوا فلنا حائط صد قوي كفيل بأن يحول بيننا وما يصيب
البشر العاديين
شبح3 : لا خوف من مصاب يصيبنا بقدر ماهو خوف مما وصل إليه الإنسان
شبح5 : " ضاحكا " عفوا لضحكاتي ... فشر البلوى ما يثير الضحك ... ضحك
مصحوب بالأسى والشفقة على أبناء جنسنا ... أولادنا ... أحبابنا ...
لا تنسوا فإنا أموات
شبح1 : نعم نحن في الجنة ... لكن لماذا يفعلون هذا ؟ أعرف أنه ليس جديدا
... نعم تقاتل الإخوة منذ فجر التاريخ ...
شبح5 : لكن لم يفكر في بيع أجزاء جسده ... كان يفكر كيف يواري جسده
التراب ويحزن لفعله
شبح2 : وتعلمها الإنسان من طير نرمز له بالشؤم ,,, أليس الغراب ؟
شبح1 : ربما ضاقوا ذرعا بالحياة ... يقتلون أنفسهم ... أم يبحثون عما يثير
شهواتهم ... إنهم في ضلال كبير
شبح3 : " الصوت النسوي " ألسنا كلنا أبناء الله وخلفاءه في الأرض ...
شبح2 : شهوات النفس هي الدافع لكل تلك الأفعال ... إنها تتنامى فتعمي
البصر فتحجب نور الله
أشياء مزعجة حقا ... لنتأسى على حال البشرية ...
لا يحمدون الله عل ما منحهم ... هل يأس من الحياة ؟ أم نفاذ صبر ؟
شبح3 : عشاق الله لا ينفذ صبرهم ... في ظلمة الليل يرون تباشير الفجر
خلق الله المعاناة لتبزغ السعادة من أتونها ...
ليسوا بشرا ... إنهم سكارى زنادقة لا يدركون كم أنعم الله عليهم
شبح5 : إنهم يوقدون نارا تأتي على الأخضر واليابس
شبح1 : لا بأس من إشعال النيران ... ليتهم يشعلون نيرانا تشع نورا
يومها تهجر الشياطين عقولهم وتنير أفئدتهم بالخير
شبح2 : نعم أرواحهم مضللة بفعل فاعل ...
متى ينفضون عن رأسهم غبار الجهل ؟
" تتباين الأضواء الخلفية الساقطة وتميل للون الأحمر الدموي ...
يعم الظلام الخلفي مع أصوات انفجارات متتالية متتابعة ... تختفي
معالم الأشباح الظاهرة ... لكن هناك أصوات تُسمع صادرة عنهم
تعكس حالة الذعر والهلع "
أصوات : لنهجر هذا المكان
أخطأنا
يقتلني الحزن عليهم
لنعود
تختفي صور الأشباح بعد توقفت الأضواء الخلفية
رويدا رويدا تنفرج ستارة المسرح
المشهد الأول
--------------
منطقة شبه صحراوية ... قليل من الأشجار التي تتحمل الجفاف منتشرة على امتداد العين ، فوهات ظاهرة لمغارات متعددة ، أصوات رياح ظاهرة وغبار من أثر الرمال المتطايرة وكأنه دخان لا شيء يبدو واضحا ، من إحدى الفتحات تخرج سيدة ذات ملابس مهلهلة ، أمامها ثلاثة أبناء وفوق ذراعها طفل رضيع ، يخرج خلفها جندي بملابس غير محددة الألوان ويدفعها بفوهة البندقية
السيدة : " باكية " الرحمة
جندي1 : اصمتي وإلا ... " ينظر حوله "
في ساحة المعركة تسقط من قلب الجندي الرحمة
السيدة : تقتل أطفالا !!!
جندي1 : كل مسخر لما خُلق له
السيدة :" تواصل التوسل والبكاء " مُسخر للقتل !!!
جندي1 : العبد الصالح قتل طفلا صغيرا تنفيذا لمشيئة القادر سبحانه ، الملائكة
مأمورون بالفعل بدون سؤال ، عزرائيل يسحب الأرواح وينتهي الجسد
والروح ترقص طربا ساعة فرارها من سجن الجسد أليس فعل خير
للروح ؟ وكل بإرادة الله
السيدة : وإن كان بأمر الله ... فلا راد لحكمه ... اقتلني أنا وأتركهم ... كانوا
خمسة ... قالوا ولدك الأكبر يسير في تيار ضد الملك العادل ... وأنتم
خارج رحمة مولانا ...
" تصمت وتبكي أكثر " حُكم علينا جميعا ...خفت وأقسمت أمام
جنود الملك العادل إن كان ولدي فعل تلك الفعلة النكراء فأنا
أتبرأ منه وأطالبكم أن تقتصوا منه أمام عيني ... دفعت بأكبرهم
لأنقذ ما تبقى ... دعهم يعيشون وأنا رهن إشارتك ...
لتفعل بي ماشئت
جندي1 : من أين أتيت ؟
السيدة : من معسكر إيواء ممن غُضب عليهم فألقوا بهم في العراء ... بيوت
هشة من صفيح وأقمشة ممزقة وأغصان نخرة ... أمطار وصقيع
وهزال وأجساد لا تجد قوت اليوم وكنا نطمع في الرحمة ... وها أنت
تسوقنا للحتف ... اسأل ربك هل يرضيه فعلك أو فعل جنود الملك ؟
جندي1 : تستحقون الحرق
السيدة : لماذا ؟ وماذا فعلنا ؟
جندي1 : فعلتم كل شرور الدنيا ...يكفي هؤلاء الأطفال
السيدة : مالهم ؟
جندي1 : مذ كم من الأعوام وأنتم في الإيواء ؟
السيدة : اليوم أكملنا ثلاثة عشر عاما
جندي : ويأتي إليك زوجك لينام إليك لينبت في بطنك جنينا وتسعدين وهو
يستشعر برجولته ... ويهرب ليواصل القتال ... يقول مجاهدا !!!
لماذا تنجبون أولادا ؟ ... تتركونهم ...
للقهر وللظلم وللموت في الصقيع ... أنتم
لستم بشراً تستحقون القتل
" يشير لطفلين " كانت ولادتهما في معسكر الإيواء !!
السيدة : نعم سيدي ... أردنا أن يتبقى من نسلنا
" يشير عليها بالصمت ، يخرج جندي آخر بشدته العسكرية لكن
ملابسه تدل أنه من معسكر آخر "
جندي2 : " موجها بندقيته لجندي1 " الق سلاحك ... استسلم
جندي1 : الموت أفضل من إلقاء سلاحي ... ساكون شهيدا
" يخرج البهلول بملابس مرتقة ذات ألوان مختلفة ويمسك في يده
عصا حديدية في نهايتها مجموعة من الحلقات المعدنية ، يطرق بها
على الأرض كل الوقت "
البهلول : " يسحب جندي1 مبتعدا بعض الشيء "
جرما ترتكب يوم تفكر في القتل ... ألا يكفي من أرقت دماءهم ؟
جندي1 : ابتعد عني ولا تثيرني ...أنا جندي مأمور
البهلول :" مقاطعا " حسبك يا عبد الوالي والسلطان ... كذاب أنت وكلامك فارغ
مثل بندقيتك ...جنة سلطانك تحرمك من جنة خالقك
جندي2 :" مقتربا منهما " أنا قلت له ما يفعله حرام ...
جندي1 :" مصوبا بندقيته ناحية جندي2 " أحذرك فأنت وجيشك قتلة ...
البهلول :" ضاحكا " كاذبان ... مدعيان ... مسخران لخدمة أغراض
سيطلقون عليك لقب شهيد ... ربما لا يعثرون على جثتك
" ضاحكا " تخيلا إن أتت مقذوفة ونالت منكما ... واختلطت عظامكما
وأصبحت الأرض أمكما ملاذكما ... من عظامه تدخل الجنة ومن
ستكون النار مأواه
جندي1 : أنت أيضا أحذرك أيها الدرويش
البهلول : بندقياتكما فارغتان أليس كذلك ؟
معا : " يظهر عليهما الارتباك " لا ... لا
البهلول : حسبكما ... رقاب البشر الطائرة تدفع الوالي لمزيد من الظلم ...
فيشد بفعله هذا على رقاب باقي الشعب إلى حبل طاعته
جندي2 : أنت بهلول حقا ...الشعب يُفتن بالجبار الجائر
جندي1 : إننا نردد أشعارا من ميراث الأجداد ونهتف بها للملك
ما شئت إلا ما شاءت الأقدار
فاحكم فأنت الواحد القهار
البهلول : حقه أن يستعبدكم وتصيرون رهن إشارة من إصبعه الأصغر
له الحق أن يظن أن حبله السري مرتبط بالسماء ...اعترفا
بما يخالجكما من مشاعر ... ذُل الرقِ يدفعكما لطاعة الأمر
لكن أكرر قولي ... بندقياتكما فارغتان ...
جندي1 : كيف عرفت ؟ بالله عليك لا تفضحني ... قلت أطوي خيمتي
وأهاجر لأرض أخرى
البهلول : وأسراك " مشيرا للسيدة وأولادها "
جندي1 : أتصنع بهما أني مازلت في صفوف الملك
جندي2 : سيدي البهلول أشعر أن في عينيك سحرا ... نظراتك تشق
غياهب المجهول وربما تسقط النسر المحوم في الفضاء
ضقت يا سيدي من يدي الملوثة بالدماء وهارب من ميدان
المعركة وأدعي القوة
جندي1 : هارب يا سيدي البهلول ...
أنا لا أعرف سببا لإراقة دم الإنسان
جندي2 : ولا أنا ... فالملك دفة التاريخ مرهونة بأمره ...وهذا الجندي
ديانته وملته غريبة ... صدقني يستحق القتل
جندي1 : أنتما وقائدكما في النار
جندي2 : لا عقيدة ولا إيمان لديكم
البهلول :" ضاحكا " جاهلان ... جاهلان ...
العقائد السماوية والدعوة لله تتحد في جوهرها
وإن اختلفت ما تلبسه من صور
جندي2 : هذا مايردده أعوان السلطان وكهنته ونحن عبيد أفكاره
يقولون : لا عصمة لدم خارج عن ملتنا
البهلول : كذب ... كذب ... الله هو الخالق وكلنا عبيد للخالق
آفة البشر التشدد والتعصب ...أقول لكل من يفكر في القتل
تسامحوا ... تراحموا
أحبوا الخير وعمروا الأرض فأنتم خلفاء الله
أدعو الله أن يُلقي يوسف عليه السلام بقميصه فوق
وجوهكم فتعودون مبصرين ... تراحموا ... ستتلقفكم أمكم
الأرض الحنون بين طياتها من جديد ...
" ضاحكا " كلنا من نفس واحدة ... أليس كذلك ؟ أم أصاب
عقلي البوار ... تأملوا ... نفس الأعضاء ... لون الدم واحد
واختلفت الوجوه لتساير اختلاف الليل والنهار ,,,
" يتوقف عن الحديث ويجلس على الأرض ... يخرج من مخلاته
بعض الكسرات الجافة وقربة ماء صغيرة ... يفرش غطاء فوق
الأرض ويرص ما أخرجه ... يدعوهما للطعام والشراب ...
يمتنعون جميعا "
أنا أعلم أن الجوع يقتلكما
" للسيدة " اقتربي أنت وأولادك ... لقيمات يقمن أودك
" الجميع يشاركون في الطعام ، يسحب جندي1 جندي2 مبتعدا"
جندي2 : إنا كما قال البهلول كل منا يتهم الآخر بالكفر ... رغم أن
الله واحد والطريق واحد ... قل لي ما أمنيتك
جندي1 : "بلا تردد " أن أقتل الشر
جندي2 : كيف تقتله ؟
جندي1 : بالإيمان
جندي2 : وهل قتل الإيمان الشر ؟
وهل يوم تؤمن ينتهي الشر من على وجه الأرض ؟
جندي1 : أنا وكل البشر
جندي2 : إذن أنت تلقي بتبعية الشر على المعتقدات الوثنية ...
إن هذا هو السبب الرئيسي في تنامي قوى الشر ؟
إذن فأنت تدرك أن السبب الرئيسي في وجود الشر
تناقض أهواء الآلهة ... هذا السبب نظرا لوجود
آلهة للخير وأخرى ساعية للشر
جندي1 : " صارخا" استغفر ربك يا أخي ... رغم أننا من فصيلين مختلفين إلا
أننا نؤمن بالواحد القهار أليس كذلك ؟
جندي2 : وتلك المرأة قتلها يوجبه شرع و دين ...أليس كذلك ؟
جندي1 : ستُقتل ... كافرة وترضع نشوة ثورة لأطفال في الغد
جندي2 : " متآوها " هل أقمت صلاتك ؟
جندي1 : لا أترك صلاتي
جندي2 : الموت أو القتل لا موعد له ...
أنصحك أن تكون في كل الأحوال على طهارة ...
الغسل في وادينا مطلوب فالقتل يتربص بالإنسان ...
لا تقل إنني بعيد أو أن ليس لي شأن بما يحدث ...
فعليك أن تغتسل غسل الموتى وتنتظر القتل ...
يومها ستقتل على طهارة ... ربما تظن أنك تدخل الجنة
ومازال وضوؤك قائما بدم ضحاياك ...
جندي1 : أغلق فمك ...
غلق الفم ضروريا في الصحو وفي النوم
فالشيطان يبول أفكاره في الفم مثل الأذن
المشهد الثاني
---------------
نفس المشهد السابق لكن يختفي كلا من الجنديين والبهلول والسيدة وأولادها، يخرج ملثمان من فتحة أخرى من فتحات الكهوف ، يتبادلان أنخابا ويطرقونها ببعض وكل منهما يتمنى الصحة والسعادة للآخر
ملثم1 : أجدت في اختيار هذا المكان
ملثم2 : بعيدا عن العيون وفي أمان تام
ملثم1 : لكن علينا أن نستطلع الأمر كل حين
ملثم2 : تصلنا الأخبار تباعا
ملثم1 : وعلى أتباعنا أن يتحركوا لمناطق الموت ...
" ضاحكا " أقصد لمناطق الخير
ملثم2 : أظن أن حصيلة أعضاء جثث الأمس لا بأس بها ...
يكفي أنها أصبحت مطلوبة وبأثمان باهظة ...
لنرقص طربا
ملثم1 : علينا أن نتحكم في السوق العالمي للقطع البشرية
ملثم2 : لتغزو معروضاتنا الأسواق ... السماسرة يربحون الكثير
ملثم1 : وما حاجتنا اليوم للسماسرة ...
ملثم2 : لا تنسى هم أدرى بحالة الأسواق ...
علينا أن نحرص على تدفق سلعنا المعروضة ...
مزيد من القتل ... مزيد من الخير
ملثم1 : علينا أن نقيم حواجز بينهم
ملثم2 : حواجز !!! لا داعي
ملثم1 : هل نتركهم ؟
ملثم2 : نعم ... هم يصنعون حواجزهم ...
يقسمون بعضهم فرقا وأحزابا ...
ودرجات من الإيمان ...
" ضاحكا " يصنفون أنفسهم بدرجات من إيمان كاذب ...
ندفعهم من خلف حجاب ...
قد نضطر أن نمول حركات قادتهم
ملثم1 : بدون تمويل ... إنهم يشتهون القتل
" ضاحكا " إنهم ثوار... كل منهم يظن أنه على حق ...
إنهم يستسلمون للشهوة
يطلقون الكلاب المفترسة من معاقل قلوبهم
تسقط عنهم ...
كل دعوات الخير الكاذبة التي تناقلتها البشرية
ملثم2 : من قال لك صديقي إنهم ثوار ؟
لقد احتسوا من الخمر ما ذهب بعقولهم ...
كل أمير يلقنهم أصول الثورة وفق معتقده ...
لا يتوقفون ...نعم الخمر قد تصنع ثورة ...
يسكرون بالثورة
ملثم1 : الخمر !!! ملعون شاربها وحاملها
ملثم2 : " يلقي بالكأس التي في يده بعيدا " حقا إنها محرمة
ملثم1 : هم يقولون ذلك ... بل إنهم يقيمون الحد على شاربها ...
خمرنا صنعناها عن علم ومعرفة وليست حراما ...
نحن لا نسكر بها أو منها ... إنها أكثر قربا من خمر الجنة
ملثم2 : " ضاحكا " حقا إنها فتاوى تترنح من فرط السحر
ملثم1 : السحر !!!!
ملثم2 : نعم فالجن يركب رؤوسهم والجن نوع من الخمر أيضا ...
السحر خروج من ملكوت الله ...
والجن خادم للساحر وبيدنا سر الخاتم ...
بيدك الأمر
ملثم1 : وماذا أيضا ؟
ملثم2 : ساحرهم قائدهم سكب الماء المسحور فوق وجوههم
تراءت لهم الجنة وهي تفتح ذراعيها
ملثم1 : تتكلم بلسان الساحر
ملثم2 : هم يا سيدي ملل متعددة وخالق واحد ...
كل منهم يدعي أنه الحق والآخرون كفارا ...
حتى أن أبناء الملة الواحدة ...
يقيمون الصلاة وكل منهم يتخوف من جاره ...
تنام الكراهية في جنبات قلوبهم المظلمة
أليس الموت أولى بهم ؟
ملثم1 : حقا يستحقون الموت
ملثم2 : تقصد الشهادة
ملثم1 : نعم سيدعي كل منهم الشهادة ...
مترفون ... فاسوقون ... لا يفقهون
" يبدو أن هناك اثنين قادمان صوبهما فيلتزمان بالصمت ، القادمان
يرتدي كل منهما ثياب تعكس أنه تابع للهلال والصليب الأحمر و
يدفعان أمامهما ما يشبه الثلاجة عليها نفس الشعار "
مسعف1 : " لملثم1 " سيدي لا أثر لجثث حديثة القتل في هذا الوادي
" لملثم2 " ضاع يومنا ولم نحظ بقطعة أو جزء من عضو
بشري دافئ صاحبه مقتول في التو وفي اللحظة
ملثم2 : لا تخافا فالقتل شبه مباح في شتى أرجاء المعمورة ...
إن لم تكن الساعة ...
تأكد أن الساعة القادمة تستطيع أن تجمع
من أعضاء البشر الساخنة ألوفا
ملثم1 : " ضاحكا بقوة " لا يصبكما اليأس ... إنا نفعل الخير ...
الأثرياء يبغون عوضا عن أجزاء أجسادهم البالية ...
نهبهم ونكسب من ورائهم ...
إنا رسل السماء إلى الأرض ...
مسعف2 : إن توقف القتل
ملثم2 : سنشعلها ...
لتحيا اقتل جارك ... أو حتى أخاك ... سيشاركك
في الخير وأنت أولى بالنعمة ... أليس كذلك ؟؟؟
المشهد الثالث
---------------
من أحد الفتحات يخرج دخان كثيف ... أشباح تبدو لا تظهر كينونتها ...
قوقهم هالات من نور خفيف ...جميع الموجودين يبتعدون حتى الجنود ... يتراجعون للخلف ... يدفع كل منهم الآخر للحديث أو السؤال
ملثم1 : من أنتم ؟
شبح1 : غرباء
ملثم2 : وماذا يبغي الغرباء ؟
إن كنتم قادمون لغاية معينة فعليكم بالرحيل
ملثم1 : عليكم أن تنسوا ...
لنا حق استغلال المكان وما يتخلف عنه ...
هذا بموجب عقود قائمة ومشروعة ...
إننا ندفع لهم
" لجندي1 " أليس كذلك ؟
جندي1 : تدفعون لي !!!
ملثم1 : للكبار ...سادتك وقوادك ...
أنت تابع وعليك تنفيذ الأمر فحسب...
ملثم2 :" مقاطعا " دعونا من كثرة الأحاديث غير المجدية ...
عليكم بالرحيل من هنا وإلا ...
لماذا تتعقبوننا ؟
تشم أنفي رائحة مؤامرة تحاك في الخفاء ضدنا
مسعف2 : يبدو أنهم تابعون لشركة استثمارية غيرنا
مسعف1 : اتركونا لحالنا ... أتشاركوننا في رزقنا ؟
من دفعكم ولصالح من ؟
شبح1 : أتينا لنرى حال الأهل على الأرض
جندي2 :" ساخرا " قادمون من كوكب آخر
شبح2 : ربما
السيدة : أنقذونا ... أنقذوا أولادي من الموت ...
أظل خادمتكم طول العمر
جندي1 : " يدفعها بمؤخرة بندقيته " اصمتي أيتها المجنونة
ملثم1 : " للجنديين " ليتقدم أحدكما ويتأكد من كينونتهم
جندي2 : " مترددا متخوفا " ليسوا بشرا ...
من أنتم ؟ ومن أين أتيتم ؟
ملثم2 : إنهم من الفضاء ... لا يبدو أنهم بشر ...
قادمون من ...
شبح2 : جزء من حديثكم صواب ... إنا اليوم لا ننتمي إلى البشر
جندي2 :" متراجعا ومصوبا بندقيته تجاههم "
خطوة واحدة من أي منكم
ورصاصاتي ستخترق جسده ... أحذركم
جندي1 : إنه لا يعرف المزاح ... عليكم بتنفيذ أوامره وإلا
السيدة : " باكية متوسلة " أنقذوني وأولادي
ولد1 : خذونا معكم لنهجر ونهاجر من أرضنا ... ارحمونا ... قدمت
أمي أكبرنا ضحية افتدتنا به ...
" باكيا "قتلوه أمام أعيننا بل مثلوا بجثته ...
قالوا إنه ثائر ... إنا لا نجد قوت اليوم
ولد2 : نحن طوع أمركم
جندي1 : اخرسوا ... لن ينقذكم من بين يدي سوى الموت
ملثم2 : " لجندي2 " إنهم من الأعداء
متنكرين في أزياء غريبة
" يقترب أحد المسعفين وهذا بادِ من ملابسه ذات الهلال والصليب "
مسعف1 : إنهم خمسة ... أربعة رجال وسيدة ...
هذا واضح وجلي أمام عيني
" لجندي2 " سأدفع لك مقابل كل جثة مائة دولار
هيا تشجع يا رجل...
جندي2 : أسعارك زهيدة ...
مولانا الملك يدفع في الرأس الواحد أكثر من مائتي دولار...
يمكن أن يمنحني وساما أتباهى به بين الخلق ...
مسعف2 : لن نزيد عن مائة وخمسين دولارا ...
لتونا تركنا ساحة عامرة بجثث القتلى ومازالت أعضاؤهم دافئة
شبح2 : كم أصبح ثمن الإنسان زهيدا !!!
السيدة : لا نقبض أسود أو أبيض ... ماذا فعلنا ؟ كوننا فقراء
إنهم يتاجرون بنا ونحن ...
مسعف1 : " مقاطعا وبحدة " صوبي كلامك ... إنا خدام البشرية
" تشتد حدة البؤرة الضوئية الساقطة على الأشباح فتتبدى أشكالهم
وينقشع الضباب بعض الشيء ... تبدو صور الأشباح متمثلة ... شيخ
بعمامته وعباءته وقسيس بقلنسوته السوداء وملابسه وحاخام يرتدي
اليارمولكه وآخر يرتدي عمامة هندية بوجري ونقطة حمراء في
جبهته وامرأة جميلة لا تتزين بأي ألوان ولكن يبدو جمالها الآخاذ "
ملثم1 : " صارخا " من أنتم ؟
جندي1 : " متراجعا " إنهم هاربون
لكن من أين ؟ هاربون
الشيخ : أجدت يا بني ... نعم نحن زائرون
ملثم2 : من أين ؟
الجميلة : من الجنة
مسعف1 : " لجندي2 " ومن يهرب من الجنة !!!
إنهم كذبة ألم أقل لك ... اقتلهم وسأرفع لك ثمن الجثة
الواحدة أكثر مما يدفعه ملككم المعظم
السيدة : " باكية ومتوسلة وتحاول الاقتراب من الجميلة "
خذينا معك سيدتي
الجميلة : إياك أن تقتربي أكثر إنا مازلنا في غلالة النور القادمين بها
من الجنة من الخير لك أن تظلي بعيدة حتى لا تضاري
مسعف2 : " ضاربا كفا بكف " كذبة ... منافقون ...
هذا شيخ معمم وهذا قسيس
وصاحب هذا الغطاء الصغير في مؤخرة رأسه فهو يهودي ...
أما صاحب تلك العمامة فيبدو من أهل الهند
أو ما جاوروها من بلدان فهو سيخي أو هندوسي ...
لا أدري فتعداد دياناتهم لا حدود له حتى الأبقار ...
" يضحك " أما تلك الجميلة فأنا سأدفع فيها ألف دولار
مسعف1 : أنت مجنون ...ستدفع أغلب ما كسبته في أسبوع
مسعف2 : ألا ترى فتنتها صاحبي
ملثم1 : طب نفسا صديقي فعليها أن تختار ونحن من نملك الأمر
" متوجها بالحديث للجميلة "
عليك أن تختاري وإما سنضطر أن نضرب
القرعة ومن تكونين نصيبه سيأخذك على الفور
الجميلة : لا يجوز أن يتزوج من كان على قيد الحياة بمن فارق الحياة
ملثم2 : دعك من هذا اللغو ... أفصحوا وإلا
الشيخ : يا ولدي إنها الحقيقة ... ولماذا نكذب ؟
القسيس : صدقه يا بني ... فارقنا الدنيا من أمد فات ...
أصابنا الجنون وأردنا أن نرى حال الأرض اليوم ...
فاستأذنا رضوان
ملثم1 : " ساخرا "رضوان حارس باب الجنة ... ووافق
هل تملكون تصريحا بالتجول ؟
هل تظنوننا أغبياء ؟
الحاخام : ولماذا نكذب عليكم ؟ بصعوبة بالغة وافق
كدنا أن نقبل يديه ... وافق أخيرا وأذن لنا وحضرنا
جندي2 : أنت بالذات لا تنبس بكلمة فأنا أكرهك أيها اليهودي الزنديق
الحاخام : شكرا يا ولدي ...
حتى تلك الألفاظ الخارجة الحارقة نسيناها
فرواد الجنة لا يعرفون سوى الحب
جندي2 : يهودي في الجنة !!!
ملثم2 : لا يعقل هذا
الشيخ : يا ولدي أنت أعلم بنا أم من خلق الإنسان ...
كنا نزلاء في الجنة أقسم لك ...
عليكم أن تصدقونا
ملثم2 : أنتم سبب البلاء على الأرض ... اختلفتم وتقاتلتم
كل منكم له حاشية وأتباع ...
كل يفكر في قتل الآخر وأتباعه ...
" مستدركا" كيف تدخلون الجنة ؟
وكل منكم ينكر الآخر وأن الجنة مرهونة به وأصحابه ... كيف ؟
أنا لا أصدق ...
" للجميع " هل تصدقون ؟
مهزلة كبيرة تراها عيوننا ... ربما أسرى لحلم غريب
ملثم1 : يساورني الشك فيما أرى وأسمع
جندي1 : يهودي وشيخ وقسيس وآخر من بلاد واق الواق ...
وغانية رموش عينيها تزأر فتفلق حجر قلب العابد
جندي2 : لا.. لا يجتمعون أبدا
" يظهر البهلول وضحكاته تجلجل "
البهلول : يختلفون فليس بأيديهم فإنها مشيئة القادر
كل بلونه بدينه تحق له الحياة
العبادة واحدة وإن اختلفت السبل
جندي1 : أنا لست في نوم ...
ماذا يحدث ؟ وماذا يصل لأذني ؟ إنه تهريج
كيف يجتمع هؤلاء ؟
الشيخ بالقسيس باليهودي بالهندي الكافر بتلك الراقصة الفاتنة
ويدعون إنهم هاربون من الجنة ... سأقتلهم
الشيخ : من أي ديانة كنت يا ولدي ...
هل تعلم كيف يحاسب الله عباده ؟
الجنة مرهونة برحمة الله
القسيس : يا ولدي نحن في عداد الموتى
جندي2 : دعني أقتلهم أنا
مسعف2 : هيا ... لتسرع ... أربعة فحسب أما الجميلة فجرم قتلها
مسعف1 : الأعضاء ستكون دافئة ساخنة
الحاخام : لن تجدي أسلحتكم
" يحاول كل من الجنديين إطلاق بندقيته وكأنهما نسيا "
جندي1 : الرصاصة لا تخرج
جندي2 : وأنا أيضا ... أشهد أنكم من ...
السيدة : لم يرحمونا ... لا ترحموهم
الجميلة : ليس بيدنا شيء ... إنا أرواح في زيارة للأرض فحسب
ملثم2 : " لملثم1 " هل ذهبت الخمر ب ...؟
ملثم1 : يبدو ذلك ... إنها جميلة وقادمة من الجنة
ملثم2 : حورية
الهندي : ماذا تفعلون ؟ أصدقونا القول
ولد1 : " مشيرا للملثمين " هذان يدفعان
" للجنديين " هذان ينفذان
" للمسعفين " هذان يستخرجان الأعضاء ... يتاجران في
في بيع أعضاء جسد أخيه الإنسان ... أظن الدور علينا
فنحن ... فأبناء الشعب القاصر ...
عرضة للموت في كل ساعة ندفع الثمن ...
" صارخا متضرعا " أين الله ؟
الجميلة : الله موجود يا ولدي ... رحمته وسعت كل شيء
يكفي ما حاق بالدنيا من دمار ...
يكفي ما أنتم فيه هو عين الجهل والضلال ...
أراكم متدثرين برداء القبح ...
اخلعوا تلك الأردية التي تقطر دما
وليكن حبكم للحياة أسمى أمانيكم
ملثم1 : من أنتم حتى تحاسبوننا ؟...
أنتم بإختلاف مللكم من ذرعتم الفتنة والقتل ...
لسنا سذجاً فتدعون بأنكم قادمون من الجنة
ملثم2 : " للجنديين " أقتلوهم وسأجزل لكما العطاء
مسعف2 : شيء غريب حقا ...
كيف يجتمع هؤلاء في الجنة ؟
مسعف1 : كاذبون لا تصدق فتلك تراهات ...
علينا أن ندفعهما لقتلهم
ولنا الفوز بأعضائهم وهي ساخنة
جندي2 : " يحاول إشهار مدية بندقيته ويتقدم للهجوم لا يستطيع الحركة "
قُيدت قدماي وشُلت يداي
جندي1 : أصابني ما أصابك
الشيخ : دعكم من قتلنا ... لماذا أنتم تتقاتلون ؟
هل قتلكم للآخرين تبرير لحياتكم ؟
إنها عين النقمة التي أصابتكم ...
إنه جُرم يدخلكم في دائرة الجنون
ستحرمون من جنة الخالق
القسيس : كل منهم ظن لاهوته حل في ناسوته ...
ندعو لهم بالرحمة
الرحمة صليب يُسمر عليه من يحب البشر
الشيخ : حقا والعياذ بالله ...
تأكدوا أن المتعبدين حقا يدفعهم شوقهم إلى ما وراء الحياة ...
لا تنسوا كلكم قربان للأرض ولن يعتقكم دودها ...
طموح إلى زوال
الجميلة : لماذا تتقاتلون ؟
أرض الله واسعة ... خلقكم من نفس واحدة
ولد2 : اقتلوهم ... قتلوا أخانا الأكبر
الهندي : ليس بيدنا يا ولدي ... إنا جئنا للحب لا للقتل
ولد2 : لماذا أتيتم ؟
الحاخام : إنا اليوم أكثر قربا من الله ... القتل ليس شريعتنا
" لهم" ستشعرون بالسعادة إن كنتم رعاة للقطيع
أو حتى كلابا لحراسته
ملثم1 : دعونا من هذا اللغو والكلام الفارغ
وراءكم سر خفي ... ترى ما هو ؟
الشيخ : قلنا ربما ينصاعوا لكلمة خير
الشيطان يجركم إلى جحيمه ...
هل هناك معنى للوجود؟
مسعف1 : أنا لا أصدق عيناي ...
أنتم قادمون من الجنة ...كيف ؟
الجميلة : دخلناها برحمته وبفعل الخير ... لا تنسوا أنكم فتحتم
قلوبكم فحلت الكراهية ضيفا ثقيلا ينام داخلكم
مسعف1 : و كلهم ينكر الآخر... عجبا !!!
القسيس : يا من تشتري وتبيع لحم أخيك الإنسان ...
هل تدرك أن الله محبة ؟
هل تعلم أن المطر الهابط من السماء منة من الله ؟
منه الحياة لكل المخلوقات ...
الله واحد تستقبله كل أرض كما تستقبل الماء ...
تختلف الأرض فمنها الرملي والطيني والصخري ...
الاختلاف سنة كونية أرادها الخالق ...
قلوبنا مشبعة بالخير رغم اختلافاتنا
ملثم1 : أنا معي مسدس لوقت الحاجة ...
سأتأكد مما تقولون ...
الهندي : حسبك ... أنت محفزهم ودافعهم للقتل ... تريث يا أيها
الحي الذي تنتابه نوبة كبرياء والإثم في فعله قائم ...
ارجعوا ثقتكم بأنفسكم يوم تثقون بالآخرين ...بالحب
ملثم 1 : لست بمفردي ... كثيرون يتكسبون أكثر مني
الشيخ : " للمسعفين " كيف تتجرآن وتبقران بطن إنسان ؟
مسعف1 : اليوم تجارة رابحة وسهلة ... إنا نحيي إنساناً يموت باستبدال
عضو ميت بآخر فيه الحياة ... ألسنا نخدم البشرية البائسة ؟
الجميلة : كل منهم سيجد المهرب ... ليتهم يعلمون
الشيخ : انقذوا أنفسكم من حيرة الشك والظن بالأقربين ...
تمسكوا بتعاليم الله ...
يومها ستحظون برحمته وخلود سرمدي
في جوار الحنان المنان
جندي2 : أمثالكم من دفعونا للقتال والقتل
وحلمنا بالفوز بجنة الرحمن
القسيس : يا بني لا تظلمنا ...
أنتم من تشتبكون في شجارات ومساجلات ويشط بكم الخيال
تتقاتلون وتنسون أنكم تنازعون الله في ملكه ...
تفتحون الأبواب المغلقة للشياطين ...
هل تطمحون بفعلكم هذا في ملامسة النجوم ؟
ولد1 :" هائما يسأل الجميلة " صفي لي الجنة وفيها ماذا يفعلون ؟
الجميلة : ما لا عين رأت ولا خطر على قلب بشر ...
في زورق يطفو فوق سطح مويجات لبحيرة
تختال بكامل زينتها فوق ندى البنفسج والقرنفل ...
فضاء عامر برائحة الليمون وأزهار البرتقال ...
يالجمال روائح الياسمين والنرجس ...
ولد1 : هناك مأكل
الجميلة : ما لذ وطاب
ولد2 : إنا ننتظر القتل
ولد1 : فلنحلم ربما أصابنا الموت قبل القتل
السيدة : ليقتلنا الجندي ولنصعد معكم
إنا مصابون بلعنة الغربة في الوطن
جندي1 : عشتم حلما ... استيقظوا الموت أولى بكم
الهندي : ألا تصحو من غفلتك ؟
جندي2 : كم تتوق نفسي لتلك الجميلة ...
أنا لا أصدق أنها من رواد الجنة
يبدو أنها دخلتها عن طريق الخطأ ...
في عينيها إثارة تخرج العابد من المحراب
الجميلة : ربما كانت أفكارك صائبة ...
لكني كنت حانية على كل مخلوقات الله ...
قالوا أن سيدة دخلت الجنة لأنها سقت هرة ظمئى ...
وأنا رعيت كثيرا من الحيونات ووفرت لها المأكل والمشرب
ونسيت نفسي ... فما رأيك ؟
الهندي : تتدثرون بأفكار مريضة ...ضباب كثيف فوق عيونكم ...
عيونكم قاصرة وعقولكم خاوية
وأفكاركم كلها العبث والجنون ...
تخلصوا من أغلالكم ... طالت غفلتكم ...
اسرعوا واقفزوا في سفينة الإنسانية لتصلوا لمرفأ
الأمان والحب ...
الشيطان يجركم إلى جحيمه ...
هل هناك معنى للوجود ؟
الحاخام : اسرعوا ... تآلفوا وتحابوا ...
ماذا تنتظرون ؟ في الغد ستأسركم غابات من القبور ...
امسكوا يد أحبائكم بقوة كما يقبض الكسيح على عصاه
الهندي : دعوا نداوة الفجر تتسرب إلى قلوبكم ...
تطهركم من رجس وعشق الذات ...
يومها ستنامون ملء جفونكم ...
أوقدوا نارا تشع نورا فتهرب الشياطين
الجميلة : كل منهم ينسج خيوطا من الأوهام يستميل بها أصحابه ...
فيعلن أنه الحق ولا حق إلا هو ...
" لجندي1 " هل تشعر بالغبطة يوم تقتل ؟
" لجندي2 " بماذا تشعر ؟
جندي2 : آه يا سيدتي ... مازالت ذكريات النصر تداعب خيالي
الجميلة : سعيد بها
جندي2 : " بأسى " كان علينا أن نهدم القصر ...
نفذنا الأمر وهدمنا القصر الكائن والقائم منذ زمان ...
تدحرجت الجماجم ...
كانت الحوائط والجدران جماجم بشرية عفا عليها الزمان
جندي1 : تماما كما حدث لنا في أعقاب النصر ...
بعد الهدم أمر قائدنا الظافر المنتصر أن نعيد البناء ...
لكن بلا جماجم قديمة بالية
ليكن البناء بجماجم حديثة جديدة ...
أنا تحاصرني كل ليلة الجماجم ولا يأتيني النوم
جندي2 : وأنا لا تتركني تنتهك معالم إنسانيتي
ملثم1 : " يخرج مسدسه ويسحب أجزاءه "
سأقتلكم ولتعود ما تتبقى من أجسادكم إلى الجنة
البهلول : " صارخا " كفاك كفرا يا مجنون ...
كفاك دعواتك الشريرة ... دعهم يسمعون ...
متى تنفض عن رأسك غبار الجهل ؟
تضللهم بالذهب والفضة
ستُحرق يوم يقوم الناس لرب الناس ...
دعوكم من أفكار مضللة ...
اسمعوا إليهم إنهم من ذاقوا حلاوة الإيمان
انظر إليهم لتروا هالات النور
ملثم2 : درويش مجنون ... دعك منه ...
مسعف2 : لكن ... لكن ... كيف اجتمعوا في الجنة ؟
لا أصدق
جندي1 :" مستسلما " وماذا تريدون ؟
الجميلة : أن تعودوا وتتفكروا فيما تفعلون ...
يومها الجنة تفتح ذراعيها
جندي2 : وأنت دخلت الجنة ... كيف ؟
وأنتم دخلتم الجنة ... كيف ؟
البهلول : وضعوا الله نصب أعينهم
ملثم1 : " صارخا " اصمت أنت ... عليهم ان يجيبوه
الشيخ : تخلينا عن فعل مذموم وأعمال الشر
القسيس : نبذنا الدنيا وما طمعنا فيها
الحاخام : فارقنا الملذات وتحررنا من هوى النفس
الهندي : لم يملكنا شيء ولا نملك شيئا
الجميلة : هجرت الدنيا وزهدت متعها الزائلة ...
ورضيت بحب الخالق
البهلول : ارفعوا عصابة الجهل من فوق عيونكم ...
اسمعوهم اقتدوا بأفعالهم ... أرض الله واسعة ...
عودور لرشدكم ادعوا بدعوة أبينا إبراهيم ...
وسيأوي إليكم العشرات
" ممسكا بحفنة من الرمل في يده "
أرض ندية ... احفروا يتفجر الماء ...
ازرعوا ... كلوا و اشربوا ...
تصبحون ملاذا لطير وحيوان وحياة زاخرة بالخير
مسعف1 :" لمسعف2 " هل في الثلاجة أعضاء ؟
مسعف2 : لم يتبق شيء ... هي فارغة ... كنا ننتظر
مسعف1 : أخاف ... أشعر برجفة ...
لا أصدق ما كانت تفعله أيادينا
مسعف2 : نبقر بطن لإنسان !!...نتكسب أموالا ... ملعونة
ملثم1 : بماذا تتهامسان ؟
المسعفان : تبنا وأنبنا
ملثم2 : هل نسيتما ما تقاضيتماه من أموال ؟
ملثم1 : " لجندي1 " اقتلهما
ملثم2 : حسبك ومن يستخرج أعضاء القتلى
" لجندي2 " تقومان بعملهما وتقبضان الضعف
جندي2 : ولو بملء الأرض ذهبا
" يدخل القادمون إلى المغارة تباعا وهم يختفون صوتهم
يصل ويخفت رويدا رويدا "
ضمائركم تشعر بالراحة
ولد2 :" باكيا " ذهبوا ... لم يأخذونا معهم
" ستار "
0 التعليقات:
إرسال تعليق