أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الأربعاء، 23 يونيو 2021

طلائع التجريب في المسرح العربي (1) / عبدالله المتقي

مجلة الفنون المسرحية


طلائع التجريب في المسرح العربي

تمهيد 

بداءة، دعونا نتفق على أن المسرح في العالم العربي ، بدأ بالنقل و الاقتباس، ثم بعدها أخذ بالتأليف، ومنه إلى التجريب الذي شغل المؤلفين والمخرجين والنقاد والمنظرين ، وكذا المشتغلين والمهتمين بعمق الحداثة والتجريب وقضاياه ، وبذلك تكون نزعة التجريب مصاحبة للمسرح العربي منذ نشأته وذلك من اجل طرح أفكار وأشكال جديدة تتساوق والمتغيرات التي تطرأ على المجتمع ، وكذا تجاوز الحدود التقليدية .
 ومما لاشك فيه أن هذا التطور ساهم في استنبات آفاق وأدوات جديدة أمام المسرحيين مما أفرز تجارب مغايرة  في مألوف المسرح النموذجي .
فما هو مفهوم التجريب في المسرح ؟ شرارته الأولى وبداياته ؟  تجلياته وقضاياه  ؟ 

مفهوم التجريب المسرحي
إن التجريب من المباحث المقلقة والمنفلتة التي اخترقت كل حقول المعرفة الإنسانية سواء في مجالات العلوم أو حقول الآداب والفنون،حتى أنه شغل المسرحيين ، فبالرغم من تداوله من زمن بعيدا ظل القبض عليه منفلتا .
وبخصوص التجريب يميز الناقد المسرحي المغربي " سعيد الناجي " بين التجريب المسرحي باعتباره مفهوما عاما وهو الذي سمح للمسرح بالحياة والاستمرار والملاذ والتطور والنشأة ، وبين التجريب باعتباره أسلوبا منظما وعملية تثوير وتفجير لثوابته في الغرب منذ أواخر القرن التاسع عشر .
وإذا تحدثنا عن مفهوم التجريب ، فنحن نقصد أنه متعدد ، يطال النص والإخراج والركح وحتى المتفرج ،.
 
وعليه ، يكون التجريب المسرحي إقصاء لذائقة جمالية مستهلكة ، و مشروعا لتحطيم الثوابت في عملية الإبداع  المسرحي تجاوزها والعثور على آليات وعناصر جديدة في الشكل والمضمون تلائم روح العصر ، وليس ذلك بغريب مادام " الأصل الاشتقاقي لكلمة «تجريبي» يعني الذهاب خارج، أو بعد الحدود " يقول  المسرحي الكبير ريتشارد شيكنر.
سيعرف المسرح  العربي تمزقا بيت مصطلحي القدامة والحداثة  أو الأصالة والمعاصرة ، فهناك رغبة في في احتواء التراث وغربلته والاخذ مما هو مفيد وتحقيق الهوية واعادة استنباتها مسرحيا ، وهناك رغبة في الانفتاح على المشهد المسرحي الغربي استرفاد ما ينفع العرب لنهوضهم والسير بهم نحو الأمام

بدايات التجريب المسرحي
في خضم الإشكالية العامة الني طرحها الخطاب النهضوي تحت مسميات " القديم والحديث " و" الأصالة والمعاصرة "، والتي حاولت كل الفعاليات الثقافية والفكرية  إيجاد صيغ ملائمة لحل الإشكالية ، لم يتخلف المسرح ونقده في الإسهام بدوره في البحث عن مخارج مناسبة بأدوات تجريبية جديدة ، حيث سيعرف المسرح  العربي تمزقا بيت مصطلحي القدامة والحداثة  أو الأصالة والمعاصرة ، فهناك رغبة في في احتواء التراث وغربلته والأخذ مما هو مفيد وتحقيق الهوية وإعادة استنباتها مسرحيا ، وهناك رغبة في الانفتاح على المشهد المسرحي الغربي استرفاد ما ينفع العرب لنهوضهم والسير بهم نحو الأمام، وتعتبر تجربة توفيق الحكيم ويوسف من بين الطلائع الأولى للتجريب في المسرح العربي .

أ - مسرح الحكيم
يعد توفيق الحكيم إحدى العلامات البارزة في حياتنا الأدبية والفكرية والثقافية ، فهو أحد رواد المسرح العربي الذي امتد تأثيره في أجيال متعاقبة من المبدعين، ويعد أيضا من الأوائل الذين انخرطوا في التجريب المسرحي الذي انطلق على أشده في الستينيات وشارك هو نفسه في تحديد ملامحه . 
شكل  القالب الجديد لدى الحكيم ، بديلا لشكل المسرح الأرسطي ، القائم على نظرية الإيهام ، والبديل في قالب الحكيم أن يقلد الممثل  الشخصية ،ولا  يوهم المتفرج أنه هو الشخصية الحقيقية في الفرجة المسرحية ،بل من الضروري تكون الحدود واضحة بين الممثل والدور، ودون تـذوب ملامحه الخـاصة في تلك الشخصية.
ولاستنبات هذا القالب الجديد ، عاد الحكيم الى التراث الاحتفالي العربي ما قبل التأثير الغربي، ونعني بها مرحلة الحكواتي والمقلداتي  ، الذي يقوم بدور مشابه لدور الراوي،و يقدم الشخصيات ويقتح شهية المتفرج  ، كما يقوم و بدور بالربط والتنسيق ، ثم ينبغي الاعتماد على الموهبة الفنية الطبيعية بعيد عن بهرجة الديكورات والإضاءة والموسيقى  ، أما بخصوص الجمهور  فينبغي أن يكون من الطبقة 
الشغيلة وطلاب المدارس .
ويتسم القالب الجديد بالتركيز الفني والاقتصاد في الشخصيات والمشرفين على العرض،حيث لا نحتاج إلى مخرج فالحكواتي قد يقوم بذلك،وهو في غنى عن الماكياج والديكور والملابس التي يتطلبها المسرح .

أمام هذا القالب المسرحي  الجديد ، يكون توفيق الحكيم  أول من أطلقا شرارة البحث عن صيغة عربية في المسرح .
          ب – مسرح يوسف إدريس
يوسف إدريس ، كاتب من طراز خاص.. لكنه في المسرح كاتب من الطراز الأول، كتاباته   له خصوصيتها ونكهتها وهويتها وإشكالاتها أيضاً والتي أحدثت وما تزال جدلاً واسعاً في الأوساط  المسرحية الثقافية .
يدعو إدريس إلى البحث عن جذور المسرحي المصري،حيث نجح في استثمار العديد من الأشكال المسرحية العربية من أهمها (شكل السامر الشعبي، خاصة في مسرحيته الفرافير" ، التي جاءت في الوقت الذي كان فيه  المسرح المصري     تقليديا شكلا ومضمونا . وجاء الخطاب المقدماتي للمسرحية الفرافير ، لتثير ضجة نقدية بين النقاد والمهتمين بالحركة المسرحية ، حيث أحدثت ثورة فى الدراما المصرية، وهو يعتمد في ذلك على أن مصر تفتقر إلى مسرح أصيل خاص بها، وعليه حاول بـ"الفرافير" أن يقدم نموذجا لمسرحية مصرية خالصة فى مصريتها- لا تعتمد على أصول أوروبية,
 نستشف من استثمار السامر، بان ادريس سعى ان يكون الشكل الذي يبتغيه (مسرحيا) هو الشكل الذي يقترب كثيرا من الاحتفالات الشعبية التي فيها السحرة، والألعاب البهلوانية وأيضا والغناء والرقص، والباعة، ، المهرج والحكواتي، بمعنى انه احتفال متكامل .
 وبذلك تكون مسرحية  "الفرافير" ، ومن خلالها تجربة مسرح " السامر "  عملا مسرحيا تجريبيا اعتمد فيها المؤلف على إجراء التجريب على مستوى النص الدرامي في محاولة لتقديم معالجة جديدة لعرض الأحداث فى إطار شكل جديد 
 هكذا حدد "يوسف إدريس" دور المسرح ووظيفته كما رآه، فالمسرح هو مسرح مشاركة، حيث يجتمع الناس في المسرح في اجتماع كبير ويدركوا أنه في إمكانهم أن يمثلوا في العرض المُقَام مثلما لهم القدرة فى المشاهدة.

خاتمة
ونحن مقبلين على إسدال ستارة هذه الورقة الذي حددت اشتغالها على بدايات التجريب في المسرح العربي ، مسرح توفيق نموذجان ، أن نختم بمجموعة من الأسئلة من قبيل :
         ونحن مقبلين على إسدال ستارة هذه الورقة الذي حددت اشتغالها على بدايات التجريب في المسرح العربي ، مسرح توفيق الحكيم ويوسف إدريس نموذجان ، أن نختم بمجموعة من الأسئلة من قبيل :

الثلاثاء، 22 يونيو 2021

التعصب يدمر الإنسان.. فكرة يناقشها وليد عوني في العرض الراقص «إخناتون وغبار النور»

مجلة الفنون المسرحية


التعصب يدمر الإنسان.. فكرة يناقشها وليد عوني في العرض الراقص «إخناتون وغبار النور»
سحر المليجي 

يعود الفنان العربى وليد عونى إلى دار الأوبرا المصرية بالعرض الجديد(إخناتون.. غبار النور)، والذى يعاد تقديمه على خشبة المسرح الكبير في الثامنة مساء اليوم و29 نوفمبر الجارى مع أبطال فرقة الرقص المسرحى الحديث.

تدور الفكرة الأساسية حول (التعصب) كحالة سلبية تدمر الإنسانية، وذلك في إطار مسرحى راقص من خلال الفرعون صاحب مبدأ توحيد الألهة في مصر القديمة، مؤكداً على الإصلاحات التي قام بها في مدينته «تل العمارنة»، وفك رموز الحالة الفكرية التي تجلى بها «إخناتون» مستخدماً حكمته للوصول إلى النور، والذى يتحول إلى غبار بعد دمار تلك المدينة في صراع متعصب مع الكهنة ورجال الدين، معلناً عن أن التعصب يدمر الشعوب جاعلاً منهم لاجئين، تماما كراكبى مراكب الشمس للإنتقال، كذلك نحن نركب مراكب الهجرة في البحار لنموت فيها فالتاريخ والحاضر مترابطين.

جدير بالذكر أن أخر أعمال (عونى) بعنوان «دموع حديد» والذى تناول حياة المعمارية العربية الراحلة زها حديد، ضمن أشهر أعماله الأخرى Lشهرزاد كورساكوف)، (صحراء شادى عبدالسلام)، (سقوط إيكاروس)، (أسرار سمرقند) و(محمود مختار ورياح الخماسين).. بالإضافة إلى قيامه بإخراج العديد من المناسبات القومية والحفلات الدولية أهمها: إفتتاح ترميم تمثال ابو الهول، إفتتاح مكتبة الإسكندرية ودورة الألعاب 2005.

يعد وليد عونى هو المؤسس والأب الروحى لفرقة الرقص المسرحى الحديث المصري، وهى الأولى من نوعها في الوطن العربى حيث أحرزت نجاحات كبيرة من خلال تناول موضوعات متخصصة في الفنون والحضارة المصرية والعربية وغيرها، كما أسس مع صندوق التنمية الثقافية مدرسة لتعليم فنون الرقص المسرحى الحديث بمركز الإبداع الفنى عند إنشاؤه عام 2001، كما أسس أول مهرجان دولى للرقص الحديث عام 2009..

حصل «عونى» على العديد من التكريمات منها: الوسام اليابانى للفنون، وسام الشرف برتبة فارس من الجمهورية اللبنانية ووسام الفن والأدب الفرنسى، كما سجل إسمه في الموسوعة الأمريكية العالمية لفنون الرقص بإعتباره أحد أهم مؤسسى حركة الرقص المعاصر في مصر والعالم العربى (مع محمود رضا «الفولكلور» وعبدالمنعم كامل«البالية») .

تأسست فرقة الرقص المسرحى الحديث المصري عام 1993، قدمت الفرقة أكثر من 26 عرضاً فنياً وشاركت في الكثير من المهرجانات الدولية والأوبرات العالمية وسافرت إلى معظم الدول الأوروبية وأمريكا والصين وكوريا الدول العربية وقدمت عروضها على أكبر وأهم المسارح والأوبرات الدولية منها: أوبرا فرانكفورت، أوبرا بكين وأوبرا كوريجنانو (بإيطاليا).

الراديو القيمة الفنية في تجليات التحريض /د. حميد صابر

مجلة الفنون المسرحية 
الراديو   القيمة الفنية في تجليات  التحريض 

   وهي الصوت  والصدى  والصرخة  جمالا في تنوعيات الاداء ورسم معالم الاخراج  العلمي بلا ضجيج وادعاء

   وذوبان الاخراج  في عمق  الاداء التمثيلي المعبر والذي فقدناه في عروض اخرى  توهمت انها مسرحا ،  والراديو عنوانا لثراء بصري  ودلالات  تعبيرية في مواجهة واقع مزري  انتمى اليه العرض  متجاوزا  اساليب  اخراجية  قد تكون  ضمن مفاهيم  المسرح السياسي  والملحمي  والتغريبي ، لكن  المبدع دكتور محمد حسين حبيب  مع فريقه الثائر تجاوز ذلك بصور عراقية بين الايقونة والاشارة والمثال  باحكام ايقاعي مدروس ومدهش  جعل المتلقي يتابع بعمق وشغف وتوقع .

    انها حوار نقدي ينفتح على طرح اشكاليات الراهن في صورة تاريخية  ، وتحملنا  مسؤلية الجواب  والتحدي   في شكل كوميدي ساخر بمرارة  وهندسة  تكوينية  ، جعلت الخشبة البابلية تزخر  بالحركة الدالة والنبرة الموجعة  والسينوغرافيا الفاعلة ، لا التي تبهر بلا معنى  ، انها لوحات  غاية في الجمال غاية في حفريات المعنى .

    والحوار هنا وبهذا الممعنى اخترق الثابت  وانطلق من توجه فكري رسمه  الفنان الدكتور محمد حسين  حبيب بوعي ملحمي  تجريبي  يعيد انتاج  الهم  العراقي  بروح الفلسفة  لا بوصفها واقع  يومي  ، بل ارتقى باليومي الى اللعبة الدرامية في مباراة  تمثيلية بين ممثلين عرفوا مهيمنات التحول من فعل الى اخر ومن شخصية لاخرى ، بانسابية عالية التعبير  وفي تركيب  جمالي يتصاعد ليكون تلك اللوحات الادائية المدهشة.
    عرض مسرحي  يزخر بالصور  ، وعرض يسخر بماساة  ويحرض بوعي ، ولنا ان نفكر  ونحن معهم ندهش ونضحك بالصمت والالم )) 

*الصورة بعدسة الفنان خضر السلطاني

وزير الثقافة يبحث فعاليات الموسم المسرحي وإقامة مهرجان الهيئة العربية للمسرح

مجلة الفنون المسرحية 

وزير الثقافة  يبحث فعاليات الموسم المسرحي وإقامة مهرجان الهيئة العربية للمسرح 

ترأس وزير الثقافة والسياحة والآثار د.حسن ناظم، اجتماعاً ضم لجنة دراسة منهاج الموسم المسرحي الجديد في دائرة السينما والمسرح، بالإضافة إلى مناقشة إقامة مهرجان الهيئة العربية للمسرح، برعاية الوزارة وبالتعاون مع نقابة الفنانين.
ودعا ناظم خلال الاجتماع الذي حضره مدير عام دائرة السينما والمسرح أحمد حسن موسى، إلى زيادة أجور الفنانين المشاركين في الموسم المسرحي، مع تأكيده على ضرورة إيجاد السبل الكفيلة بتجاوز الروتين في التعاقد مع الفنانين ممثلين ومخرجين وفنيين، سواء كانوا من داخل دائرة السينما والمسرح أو خارجها.
وقدم الفنان محمود أبو العباس، عضو اللجنة، شرحاً مفصلاً عن طبيعة المهرجان وفكرته في التمهيد لعرض أكثر من 18 عملاً مسرحياً بمنحة الهيأة المقدرة 136 الف دولار، بالإضافة إلى أخرى تقترب من 180 الف دولار وهي المبالغ المتراكمة كمنحٍ من الهيئة للمسرح العراقي بعد تعذر إقامة المهرجان في العامين الماضيين.
وتطرق الاجتماع إلى ضرورة عقد بروتوكول تعاون بين الوزارة والهيئة، بعد تقاطع غير مبرر، بالإضافة إلى مناقشة الموعد المقرر لإقامته في 1 آب/ أغسطس المقبل وعلى مدى أسبوع، فضلاً عن بحث ميزانيته وطبيعة تأمين دعوة الضيوف والمشاركين من الفرق والمسرحيين، ناهيك عن  الفعاليات الجانبية على هامشه مثل الندوات التطبيقية.
وقدمت اللجنة عرضاً مفصلاً للنواحي المادية والإدارية بضمنها تشكيل اللجان التحضيرية والإشرافية لإقامة المهرجان باسم الوزارة.
بدوره، قدم مدير المسارح في دائرة السينما والمسرح الفنان مازن محمد، كشفاً مفصلاً بالموسم المسرحي الجديد،  وفق ميزانية العام الحالي المكونة من 960 مليون دينار لعروض وفعاليات مسرحية من 22 عملا.

الاثنين، 21 يونيو 2021

كتاب "تنمية قدرات التركيز للممثل" تأليف د.علاء قوقة في الحلقة الإلكترونية الثامنة من سلسلة إقرأ كتب الهيئة"

مجلة الفنون المسرحية


الجمعة، 18 يونيو 2021

صدور العدد 720 من جريدة مسرحنا

مجلة الفنون المسرحية 


صدور  العدد 720  من جريدة مسرحنا 

تم صدورعدد جديد  من جريدة مسرحنا وحتوى  الغلاف على العناوين :
"تغريبة بنت الزناتي أم نعي الهلايل والواقع الآني – مسرحة دوستوفيسكي .. المسرح بين السحر والمشهدية – بين الدور التنموي واحلام المخرجين الخاصة .. مسرح الثقافة الجماهيرية في الميزان"
أخبار ومتابعات
وزير الثقافة : مسرحية "قاع" نقلة نوعية في عروض مسارح الدولة
عروسة القمح لفرقة سمالوط ينهي عروضه
ختام كوميديا الحب في الغنايم
"قصة النهر" و "فوتوفوبيا" في ساقية الصاوي – نور مصطفى
لهو الملوك على المركز الثقافي بطنطا قريبا– حسن خليل 
علي عبد النبي الزيدي: الناقد حسن عطية رجلُ مسرحٍ وتأريخ من الجمال– ياسمين عباس
في مدرسة ناس .. «أولى المهارات التى يتلقاها المتدربون بالورشة هى عدم المبالغة للدرجة التى تصل للسخرية»– رنا رأفت
«توظيف المكان لتشكيل الفضاءات المتعددة في العرض المسرحي العراقي» رسالة دكتوراة الباحث دريد هاشم شكور– ياسمين عباس
تحقيقات وحوارات 
بين الدور التنموي .. وأحلام المخرجين الخاصة مسرح الثقافة الجماهيرية في الميزان– رنا رأفت
مينا بباوى: كتاب المسرح المصري «محتاجين يتشافوا» – حاورته إيناس العيسوي
رؤى
الناقدة نور الهدى عبد المنعم تكتب: "الصندوق" ورحلة البحث عن الذات داخله
الناقد أحمد هاشم يكتب : تغريبة بنت الزناتي أم نعي الهلايل والواقع الآني
د. وفاء كمالو تكتب: تيارات الحياة وشغف الحنين في «طقوس العودة»
الناقدة نسرين نور تكتب: تجربة «عزيزي ثيو» النقادة لاتزال في جيبي

نوافذ
نافذة على المسرح العربي يقدمها هشام عبد الرءووف : العرب واليهود يتعاونون لإصلاح مسرح عكا
على ماجد شبو يترجم بحث فلوريان نوسان : مسرحة دوستوفيسكي .. المسرح بين السحر والمشهدية
الباحث عد عبد الحليم يكتب : فرقة "الصامتين" .. المسرح للجميع
د. سيد علي إسماعيل يكتب بدايات جمعية أنصار التمثيل والسينما (3) صراع حول رئاسة الجمعية
لقراءة الموضوعات بالتفصيل تابعونا على رابط الموقع الالكتروني للجريدة

صدور كتاب الدراما الرقمية والعرض الرقمي العلاقة بين فن المسرح تأليف سباعي السيد

مجلة الفنون المسرحية 
صدور كتاب الدراما الرقمية والعرض الرقمي العلاقة بين فن المسرح تأليف سباعي السيد

تم صدور كتاب الدراما الرقمية والعرض الرقمي العلاقة بين فن المسرح تأليف سباعي السيد ويناقش كتاب الدراما الرقمية والعرض الرقمي العلاقة بين فن المسرح والتكنولوجيا الرقمية باعتبارها مسألة إشكالية تزداد تعقيداً مع تطور هذه التكنولوجيا من ناحية، ومع تغلغلها في الحياة الاجتماعية والسياسية من ناحية أخرى. يقول المؤلف: المسرح بوصفه فنا يعتمد على الحضور المكاني والزماني لمؤدين يلعبون أمام عدد محدود من المتفرجين في ذلك الفضاء المحدود المسمى مسرح – يتناقض مع طبيعة تقنية المعلومات والاتصالات، والوسائط الرقمية Media Digital التي تخاطب الملايين من الجماهير في الوقت نفسه، دونما اعتبار للجغرافيا أو اختلاف المنطقة الزمنية. ويواجه المسرح، ذلك الفن الذي يعتمد على جسد الممثل الحي الماثل أمام أعين المتفرجين .

الطبيعية والواقعية والرمزية وتدرجها في النصوص المسرحية / جوزيف الفارس

مجلة الفنون المسرحية


الطبيعية والواقعية والرمزية وتدرجها  في  النصوص المسرحية  

قبل ان نتناول المدرسة الواقعية والتعرف على هذه المدرسة ونشأتها وخصوصية الكتابة باسلوب عرفت من خلالها معظم النصوص المسرحية العالمية , والاطلاع على الاساليب التي انتهجها معظم الكتاب الذين يميلون في كتابات نصوصهم بالاسلوب الواقعي , لنطلع على المدرسة الطبيعية وما يحيطها من الخصوصية التي انفرد بها كتابها ووجهة نظرتهم وانطباعاتهم وفق ماتمليه عليهم نظرتهم وارائهم وتاثرهم بما يحيطهم من جمال الطبيعة وخصوصيتها بعيدين عن المؤثرات الظرفية من الحالة الثقافية والاجتماعية والسياسية اذا ما علمنا بان الطبيعية هي شكل من اشكال البعد الحقيقي الجذري للطبيعة وعلاقة الانسان معها , ونشأت هذا الانسان على التطبع  بما يحيطه من عالم الطبيعة وبعيدا عن المؤثرات التاثيرية والمؤثرة في خصوصية الانسان الطبيعي من سلوكيته وعاداته وتقاليد المجتمع الذي ترعرع فيه ليجد من خلال هذه الطبيعية اصالة في تطبعه على ما تعود عليه من العادات والتقاليد والحياة الاجتماعية والمكيفة وفق الاجواء الطبيعية وجغرافيتها والتأقلم عليها  .
فاتباع المذهب الطبيعي تاثروا بالاجواء الطبيعية ووجدوا من خلالها تنفيسا وتطهيرا لذاتهم وقت ما تخلو الاجواء المناسبة للتمتع باجوائها الجمالية المتناسقة والمتبعثرة , وما يلحقها من تاثيرات التضاريس والمتفقة مع هندسة الطبيعة في كينونتها , من خصوصية توصيف الاجرام السماوية من النجوم والقمر والشمس والفصول الاربعة وخصوصية كل منهم وتاثيراتهم الطبيعية وفق العوامل التي تساعد على وجودها الطبيعي , فاتباع المذهب الطبيعي يفضلون نقل ماهو طبيعي في قصصهم ورواياتهم ونصوصهم المسرحية كما هي في الواقع الطبيعي , ومن دون المساس بطبيعة كينونتها , وبعيدا عن التصوير الفوتغرافي والخاضع للرتوش الفنية , ويفظلون نقل الطبيعة بواقعيتها وتوصيف شخوص رواياتهم ونصوصهم المسرحية بطبيعة كل منهم بعيدا عن المستجدات الثقافية والتطور الاجتماعي  وتصوير ايقاعات تحركاتهم الطبيعية ومن دون تغيير في كينونة اي شخصية يجسدونها في نصوصهم المسرحية ,  اضافة الى هذا هم يفضلون نقل المناظر المسرحية كما هي في الواقع الطبيعي والتعامل مع هذا المنظر الطبيعي  بخلق علاقة طبيعية  بشيىء من الواقعية الطبيعية و بعيدة عن الزخرفة والتصاميم والتي لا تمت للطبيعة باية صلة حياتية , اضافة الى هذا هم يفضلون التصرف الطبيعي فوق المسرح مع عدم مراعات الحركات الممسرحة والوقفات للممثلين حتى لو ادى ذالك الى الوقوف وظهرهم الى  الجمهور , يفضل اصحاب المذهب الطبيعي خلق علاقة طبيعية وتصرفات طبيعية ناتجة من الحالة الطبيعية للانسان , وكثيرا ما يتعرضون الممثلين في المدرسة الطبيعية  لمواقف محرجة في بعض المشاهد لمثل هذه المدرسة والتي تشجع الممثلين على فعل بعض الحركات الطبيعية للانسان  والغير اللائقة لفعلها على خشبة المسرح , الا ان مسرحهم يسمح لهم باداء مثل هذه الحركات  , متخيلين ان هناك جدارا   يفصلهم عن الجمهور المشاهد مما  تخلق ردود افعال انعكاسية ترتسم على وجوه المشاهدين لمثل هذه  المشاهد المسرحية من  علامات النرفزة والتقزز من بعض  الحركات التي يؤديها  الممثلين وبما تملي عليهم شخوصهم من حركة طبيعية  قد تكون غير لائقة وليست مهذبة في بعض هذه  المشاهد , وبهذا هم يؤمنون بانهم  لا ينقلون على خشبة المسرح الا الصفات الحقيقية للطبيعة البشرية ومن خلال عواملها التي تؤثر في خصوصية تغيير بعض المكونات الطبيعية للانسان وتعمل على  تغيرها الطبيعي وتحولها  الى اشكال طبيعية جديدة  يستمتع من خلالها اصحاب المدرسة الطبيعية لهذا التغيير الطبيعي , هذه المدرسة لم تلقى رواجا شاسعا ولا ترحيبا جماهيريا لعدم مراعاتها للمستجدات الظرفية للفرد او للمجتمع من التطور الحاصل نتيجة العوامل الظرفية كالحروب والظروف الاقتصادية المتردية والحياة الثقافية التي لا ترتقي الى المستوى المطلوب , ولا سيما عند الطبقات المتدنية ثقافيا واجتماعيا والتي لا تحبذ تكييف نفسها على الواقع الجديد والابتعاد عن الواقع الحقيقي للطبيعة , الا اجبارا وذاتيا حينما تؤثر بعض العوامل الخارجة عن قوى  الطبيعة   لتؤثر على جغرافيتها مبتدئة في محاولة لتغيير شكلها الطبيعي وتكييف هذه الحالة الجديدة لخدمة الفرد والمجتمع والذي يجبر الانسان على ان يكيف نفسه على العيش ضمن هذه الاجواء الطبيعية الجديدة ووفق ماتمليه عليه ظروف الحالة الطبيعية الجديدة وفق مايراه مناسبا ومنطقيا , هذه الحالة التي تفرضها عوامل القوة التي تقهر الانسان  بمقاومتها والتي تلعب دورا  حيويا واساسيا في عالم الفرد , وتجعله يبحث عن عالم بعيد كل البعد عن الواقع , ولهذا كان لمشاعر الانسان واحاسيسه واسلوب تفكيره وارادته باتجاه هذا التغيير لخدمته وعلى مراحل الزمن , ليأتي اللاحقون ويواصلون لاستحداث هذه المستجدات والتي يرونها من الضروريات الحياتية لخدمة الفرد والمجتمع وعلى اساس هذه المستجدات والتي تدخل  في تغيير الطبيعة وتحدث تغييرات جغرافية في تكويناتها تخدم الفرد والمجتمع وتغير من نمط حياته , عالما فيه شيئا من محاولة للتطوير والتغيير والتي تدخل في هذا التغيير قوة الانسان الطبيعية اضافة الى بعض التقنيات والتي تساعد على تغيير الطبيعة الى عالم جديد واقعي جاء نتيجة تحصيل مايحسه الفرد بانه من الضروريات الحياة الواقعية ليعيش الانسان عالمه الجديد والتي جائت نتيجة تدخل الانسان في تغيير معالم الطبيعة ومن خلال عقله ومنطق الواقع الذي يعيشه وفق الاحاسيس والمشاعر والتي تستجيب لمثل هذه التغييرات , وهكذا يصبح الفرد ملزما ان يواجه هذه التغييرات والتحول من عالم الطبيعة النمطية الى عالم الواقع ومن ثم تاتي مرحلة هي الاخرى لتلعب دورا مهما واساسيا في مفاضلة العيش لواقع جديد يراه الفرد مناسبا وصالحا من جراء عوامل التغيير الحياتية ليخرج الفرد عن النمطية الطبيعية والتقليد الكلاسيكي الجامد باتجاه عالم افضل من الواقع الطبيعي , واول من يتاثر بهذا التغيير هم شريحة المثقفين من الكتاب والشعراء والادباء الذين يترجمون ارائهم ومشاعرهم من جراء هذا التغيير وعن طريق اساليبهم التعبيرية ومذاهبهم الجديدة تنسب من خلالها  اسماء لهذا التحول والتغيير , وكما كان في المرحلة الرومانسية والطبيعية والواقعية , اضافة الى التحولات والمستجدات في عالم الرومانسية وغيرها من المدارس والمذاهب العالمية التي تستحدثها اراء وعقول ومشاعر مثقفي وادباء تلك المرحلة من المراحل الحياتية والتي تاتي نتيجة في تغيير المستجدات وعلى ضوء مايطرأ على واقعية تلك المرحلة نفسها لتئثر في نشأة حياة الفرد المثقف وتجعله يتجه بالتفكير الى استحداث حالة من حالات التكييف لعالم جديد بكل حلته يتفق مع مشاعرهم وحالاتهم النفسية والفكرية والمنطقية بثورة عارمة على تهديم كل المراحل الماضية من واقعية طبيعتها وانشاء مرحلة جديدة متغيرة تتجه باتجاه الحداثة والتغيير لواقع جديد يخدم حرية الفرد ويخلق سعادة لحياة مجتمع عاش مرحلة البؤس والتخلف , وهذا التغيير بالطبع لا ياتي الا بمنهجية او ايديولوجية تسلكها جماعة التغيير في نشر ثقافتهم .
التغيير والمدرسة الرمزية 
 وقد لا تتفق افكار الادباء والمفكرين والمثقفين  مع الانظمة والطغمة المتنفذة والسلطة الحاكمة ضمن هذه المرحلة التي يمر بها المجتمع من بؤس وشقاء ومعانات اقتصادية وتدني ثقافي لا يرتقي مع الحضارات الانسانية العالمية ,  ولهذا يلجأ دعاة التغيير من المثقفين الى التعبير  عن افكارهم التحريضية ويمررونها من خلال اسلوب وطرح غير مباشر يتضمن بعض الدلالات والايماءات وتقريب الطرح من خلال رموز يفهمها المتلقي ويتفاعل معها ومن خلال انتاجات الادباء الشعرية والروائية والنصوص المسرحية والقصص القصيرة , وهذا الاسلوب يتحدد وبموجب ما تقتضيه سلامة الداعين لهذا التغيير لمرحلة افضل مما كان عليه واقع الحال للفرد او المجتمع وعن طريق دعاة التغيير بالثورة على الواقع المتردي والمتدني واصلاح مايحيط من الاوضاع السيئة لواقع المجتمع والخروج بنتائج ايجابية تخدم مصلحة الفرد والمجتمع , وهكذا نرى اننا نتحول وعبر مراحلنا الظرفية بطرح افكارنا وافكار مثقفينا باساليب متغيرة يفرضها واقع الحال من الطبيعية والى الواقعية والى الرمزية , والخ من الاساليب والمدارس المستحدثة وكل منها وبموجب تاثيرات المرحلة الظرفية التي يمر بها الفرد او المجتمع ويعيش اجوائها .
الطبيعيون وتطبيق ارائهم الطبيعية على المسرح  
فعلى سبيل المثال , لو اننا تناولنا اي نص مسرحي يترجم الطبيعية فسنلاحظ ان هناك صعوبة مابين نقل الواقع كواقع حياتي طرأ عليه تاثيرات ثقافية واستجدت على طبيعة الحياة البشرية بعض المتغيرات من ثقافة في الافكار والمعتقدات وجمالية الحديث في التعامل الاجتماعي من لباقة في الكلام واتكيت في جمالية حركة جسم الانسان , في الوقت ان الطبيعية لا تعترف بكل هذه المستجدات بقدر ما تحب ان تعيش الحالة الطبيعية للانسان ومن دون تغيير في  سلوكيته على المسرح  , ونحن في فترة ما من حياتنا شاهدنا قوما يسلكون مثل هذا السلوك اسمهم الهيبز ( في فترة الستينات وبداية السبعينات انتشرت ظاهرة اجتماعية مناهظة للقيم الراسمالية في الولايات المتحدة ثم مالبثت ان انتشرت في باقي دول الغرب بين الاوساط الشبابية محتجين على الواقع الذي يعيشونه مفضلين الحياة الطبيعية للانسان ------ الخ ) ولهذا يرتئي الطبيعيون في المسرح ان الكاتب حينما يرسم شخصية لاي دور مسرحي في المسرح الطبيعي يجب على الممثل ان يجسد واقع الشخصية بطبيعتها ومن دون المساس بمزاجها وحركاتها الطبيعية والتي قد لا ترتقي الى العالم المتمدن وانما الى واقع حال طبيعة الانسان بافعاله وعاداته وتقاليده والتي قد لا تسر محاكاتها من قبل الانسان المتلقي , وانما ما يعرض من خلال هذه المدرسة ماهو الا حقيقة تجسيد الحياة الطبيعية للفرد في الحياة الطبيعية كوقوف الممثل وظهره الى الجمهور , او انه يمارس حالة من الحالات الطبيعية والنابعة من غرائزه وشهواته على خشبة المسرح , وقد ظهرت مثل هذه المسحة من الطبيعية عند برتولد برشت في مسرحية مبادرات عمالية والتي اخرجها الفنان المخرج الراحل د . عوني كرومي وقت ذاك كنت احد الممثلين فيها مع الاستاذ طه سالم ولفيف من طلبة اكاديمية الفنون الجميلة في مشهد يحاول احد الممثلين مجسدا دوره في التبول على قطعة الزبدة وهو يلعن الحالة التي يمر بها  وامام الجمهور المشاهد , وهذا المشهد كان من المشاهد الطبيعية التي كانت تحصل للانسان في ساعة غضبه في حياته اليومية الطبيعية , ومثل هذه العروض لم تلقى ترحيبا لدى الجمهور المشاهد ولم يشجعه .
كتاب النصوص الطبيعية  
كان كتاب نصوص المدرسة الطبيعية لا يفضلون نقل مشاهد احداث عروضهم بتقنيات فنية على خشبة المسرح , وانما يفضلون بنقل المشاهد الحقيقية والطبيعية ومن دون اجراء مسرحة فنية او تقنية جمالية بقدر ما يفضلون الطبيعيون بنقل الواقع الطبيعي بحذافيره مفضلين ان يعيش الممثل مع حالته الطبيعية بصدق وايمان ومن دون حرج في الاداء فيما اذا تخيل ان هناك جدارا يعزله عن الجمهور ليساعده وجود مثل هذا الجدار الوهمي بالتصرف وفق الحالة الطبيعية لمتطلبات رغبة الانسان بالتصرف وعلى سجيته مثلما يحلو له التصرف  بعيدا عن الخجل والاتكيت الجمالي في ممارسة الحركات للانسان في تلبية حاجاته واحتياجاته في الحياة الطبيعية , لانه يؤمن بان الطبيعية كالواقعية قد امنت بنظرية التفسير المادي للحياة المتمثلة في نظرية الوراثة والبيئة ونظرية النشىء والارتقاء ,  ولهذا يحرصون انصار المدرسة الطبيعية في المسرح على نقل الواقع ومن دون المساس بالشكل من خلال اضافة بعض التحويرات الفنية وتهذيبها وخلق خدعة للمتلقي يعيش اجواء مايشاهده بعيدا عن الواقع والطبيعة ومن ثم ينصدم عندما يجابه الواقع الطبيعي لنفس المنظر الحقيقي قبل نقله تقليديا على خشبة المسرح , وهذا مايستدعي بالممثل ان يمثل بطبيعته وعلى ضوء احساسه ومشاعره في الحياة الطبيعية , لا مثلما موجود في حوار رومانسي يعكس اجواءا على غير حقيقتها , فمثلا : عند نقل واقع من الحياة الطبيعية لمتجر او لمعمل على خشبة المسرح وجب ان ينقل بتفاصيل الواقعية الطبيعية الحقيقية وكما هو عليه الحال , والتعامل مع هذا المنظر وكما هو الحال في الحياة الطبيعية كي تخلق المصداقية في النقل والتجسيد ,  ولهذا لم يستحسنه بعض الذين يبدأون بكتابة نصوصهم  بالعرض الاستهلالي ولا بالعقدة ولا بالحل , وانما يكتفي بنقل الحالة الطبيعية وابقائها على مثل ماكانت في الحياة الواقعية الطبيعية ليستنتج المتلقي النهاية الحقيقية والتي يتكهنها في نهاية العرض المسرحي والتي قد تتفق مع احاسيسه ومشاعره , او قد يرفضها ولا يقبلها وكما هو الحال في بعض المسلسلات التركية والتي تنسب الى المدرسة للامعقول لمجتمعنا والطبيعية للمجتمع التركي  لتخلفها عن المنطق والواقع الذي يعيشه .
المدرسة الواقعية وكيفية نشاتها 
وهذه المدرسة الطبيعية ,  بالطبع  لم تلقى ترحابا ولا اعجابا من قبل المشاهدين لتخلفها عن الواقع الذي يعيشونه من تقدم تكنولوجي وثقافة راقية وحضارة لا تستوي ونظرة دعاة المدرسة الطبيعية , ولهذا حاول بعض الكتاب من اصحاب هذه المدرسة ان يتحولوا عن مذهبهم الطبيعي في اسلوب تناول نصوصهم بشيىء من الواقعية  , حيث اخذوا بالتعامل مع الطبيعة بشيىء من الواقعية , باضفاء بعض التقنيات الفنية اثناء عرضها  على المسرح فيها شيئا من جمالية خيال الانسان بعد ان يضفي عليها  من جمالية الحالات الرومانسية والاجواء التي فيها تاثيرات تمخضت عن عادات وتقاليد بعض الطبقات الراقية المثقفة  ونبذ الحالة الطبيعية  والتي كان يمارسها معظم افراد الطبقات المتدنية ثقافية واجتماعية في الحياة الواقعية , ومن هنا برز كتاب عالميون دعوا الى المسرح الواقعي في نصوصهم الروائية والقصة القصيرة والنصوص المسرحية ,  انما لم يتجردوا في كتاباتهم عن الطبيعية الا بقدر  ماكانوا يرون فيها  انها محاكات لا زمت طبيعة الفرد والمجتمع وعبر مراحل حياته مع معالجة لمثل هذه الحالات بايجاد البدائل والمستمدة من الواقع الحياتي للفرد ,  وهكذا برزت المدرسة الواقعية وانتشرت بنصوصها التي عالجت العديد من المشاكل الاجتماعية والسياسية وانتقادات السلطات التنفيذية والاحتجاج على الاوضاع المتردية والمناهضة لخدمة الانسان والمجتمع , هذه المدرسة اختلفت جوهريا مع المدرسة الطبيعية بمدرستها والتي حاولت تقديم الواقع الحياتي ومن خلال العديد من المشاكل الاجتماعية الواقعية خضعت لمختبرات تجريبية علمية , حاول من خلالها انصار هذه المدرسة  الواقعية  في المسرح , ايجاد النظريات  والمستمدة من المختبرات التجريبية وعلى ضوء  الواقع الذي يعيشه الفرد ان كان في الكتابة او التمثيل او الاخراج المسرحي وبقية التقنيات الفنية والتي ساعدت  على تجسيد الاحداث  بعرض جمالي فني ساهمت هذه التقنيات ( الاضاءة والديكور والملابس والموسيقى التصويرية ) في خلق عنصري التشويق والشد لما  يعرض من على خشبة المسرح  , فتغير اسلوب التمثيل , وكذالك شمل هذا التغيير النصوص المسرحية ولا سيما في روسيا وبريطانيا وفرنسا والمانيا وايطاليا ومن خلال كتابها العظام والتي نالت كتابتهم شهرة عالمية واحدثت ثورة ادبية مع بداية القرن العشرين , سنتناولها في المستقبل انشاء الله .
ادبنا المسرحي واصداء نتاجاته
قد يستغرب العديد من المهتمين بالادب القصصي والمسرحي اننا في بعض الحالات حينما نتكلم عن تجاربنا ومسيرتنا الادبية العراقية والعربية ولا سيما في عصر الخمسينيات ومالحقها من الفترات الزمنية من مراحل تاريخنا الادبي , اننا نهمل تجربتنا وريادتنا في فن كتابة القصة القصيرة والادب المسرحي والشعر ولا نرجع بالاستشهاد بتجربتهم والتي اغنوا الساحة العراقية والعربية بروائعهم الادبية والفنية  حيث انهم سبقونا تجربة وخبرة واحترافا في مسيرة فنية كان طابعها الابداع والابتكار والتالق ,  ونحن نعلم علم اليقين بان كتابنا وادبائنا ومخرجينا المسرحيين ,  هذا الرعيل من الاسماء التي ساهمت في تحريك عجلة الادب والفن , هؤلاء ليسوا  بمسودة طبق الاصل لكتاب ومخرجين عالميون والذن تتلمذوا على ايديهم في الخارج اثناء زمالاتهم الدراسية وكما شاع عنهم بتهم ( يتسوقون اعمالهم من الخارج ليطبقوها علينا ) انما منهم المنظرين والمجددين استناروا من تجارب اساتذتهم في الخارج وجاؤوا ليكيفوها وفق ما ينسجم منها مع المرحلة التي يعيشها مجتمعنا ويتقبلها ليستمتعوا بها ويتاثروا بها , هؤلاء المبدعين من الادباء والفنانين العراقيين والعرب لهم انطباعاتهم ورؤياهم والتي قد لا تنسجم مع ماشاهدوه في الخارج , وانما حاولوا جاهدين استحداث مدارس واساليب جديدة نابعة من تجاربهم ونظرتهم الحياتية والتي تنسجم مع متطلبات المرحلة الظرفية التي يمر بها مجتمعنا وينسجم معها , وعليه قد تكون وجهة نظر كتابنا وادبائنا وفنانينا هي غير وجهة نظر الادباء في اوربا والعالم الغربي ولا سيما  ادباء وفناني القرن التاسع عشر , ولا يمكن اعتبار الاطلاع على تجارب وثقافة الاخرين هي نفسها التي تصلح لتطبيقها في اقطارنا ,  وذالك لاختلاف المجتمع بكل ما يشمل حياته الاجتماعية والثقافية والسياسية وهنا تبرز عوامل المشاعر الانسانية والاحاسيس الذاتية من مجتمع يختلف عن المجتمع الاخر , ولهذا مايرونه صحيحا في العالم الغربي الاوربي نراه لا يتناسب مع مجتمعنا ولا يتفق مع عاداتنا وتقاليد مجتمعنا , وعليه فليس الصحيح ان نطبق مانراه سائدا في المجتمع الاوربي قبل تاكدنا من صلاحية تطبيقه في مجتمعنا ليساهم في خدمة مسيرتنا  وفي حل مشاكلنا الاجتماعية بالشكل الذي نراه مناسبا ان كان في الادب او في الفن , ومما يؤسف له ان معظم الباحثين حينما يتطرقون على تناول الثقافة الادبية والفنية يستشهدون بالكتاب العالميين ولا يستشهدون  بتجارب كتابنا ومثقفينا , علما ان معضم نصوصهم تترجم الى اللغات العالمية لدراستها والاطلاع عليها , مع العلم قسما من مثقفينا لم يتتلمذوا على الدراسات الاوربية بقدر ماكانوا عصاميين في اكتساب ثقافتهم وتجاربهم , ونحن بحقيقة واقع ثقافتنا نملك من الخبرة والتجارب ما يضاهي تجارب الاخرين , لا بل لدينا الريادة في خوض التجارب الثقافية والفنية ومن الاسماء الكثيرة التي رزت في مسيرتنا الادبية والفنية ان كانت على نطاق القطري او العربي  من امثال الكتاب عادل كاظم وطه سالم وعلي حسن البياتي ومحي الدين زنكنه وادمون صبري وعبد الوهاب الدايني , ومن الشعراء الزهاوي والرصافي والجواهري  ---- الخ .
وانما نحن من المهملين لتناول سيرة مثقفينا وادبائنا وعدم التطرق الى تجاربهم ودعمهم الدعم المعنوي ,  والاتجاه الى دعم الكتاب العالميين من اوربا والعالم اجمع وكأن كتاباتهم وبحوثهم هي كتب سماوية انزلت من السماء وحرم على كتابنا ومثقفينا من التطرق الى افضل ماكتبوا ,  وكثيرة هي الاسماء العراقية والعربية تطرقوا في كتاباتهم الى العديد من المذاهب والمدارس الحديثة معالجين من خلالها مشاكلنا في قصص وحكايات ابهرت كتاب العالم اجمع , وكذالك من الفنانين والادباء العرب والعراقيين تناولوا العديد من انتاجاتهم الادبية والفنية بمدارس منها الطبيعية والواقعية والرمزية والرومانسية , وهذا لم ياتي من فراغ وانما من تاثرهم بالظروف المرحلية التي اوحت اليهم كوسائل واسلوب يتخذونه منهجا في ترجمة انتاجاتهم الادبية والفنية لما لهم من رؤية معاصرة في الابداع والابتكار .
ومما يؤسف له من ان النقاد والباحثين العراقيين كانوا او العرب منهم ,  حينما يتطرقون الى دراسة الادب والفن بكل مذاهبه , لا يبحثون في مسيرتنا الادبية والفنية للاطلاع على تجارب كتابنا , وانما يحلو لهم دائما بالرجوع الى الاسماء العالمية وكأنهم انبياء مرسلين من العليين وكأن هم فقط  ينفردون في اساليب الحداثة والتطوير .
نحن لسنا ضد الاطلاع على تجارب المبدعين من الاسماء العالمية , ولكن لكل تجربة لها ظرفها الخاص ضمن مرحلة من مراحل اي مجتمع تتاثر بتاثيرات الحالة الثقافية والتطور الاجتماعي والتقدم العلمي و ونحن كمجتمع عربي و مشهود له بالمسيرة الثقافية والحضارية , فهل من المنطق والتاريخ يشهد على مسيرتنا اللغوية والثقافية والادبية , لم يبرز من بينهم من استحدث مدرسة وا مذهب ابتكر من خلاله اساليب فيها من الحداثة والتطوير ؟؟؟؟؟ وتاريخنا حافل باحداث وحكايات ووقائع واسماء لمثقفين عرب استأثر يحكاياتهم وماثرهم العديد من كتاب العالم وكيفوها وفق مايخدم مرحلتهم الظرفية من ظروف حالتهم الاجتماعية , وهكذا خرجت للعالم وكأنها تجربة  رائدة جديدة خاصة بهم , علما ان معظم التاثيرات التي اثرت في المسيرة الثقافية ما جائت الا من خلال الظروف السياسية والاقتصادية والمشابهة لظروفنا والتي حلت بنا وعشناها  .
والعجب في تسائلنا ! ان طيلة تلك المرحلة , الم يبرز من كتابنا ومثقفينا ما يجعلنا ان نفتخر باساليبهم ومدارسهم ليكونوا عبرة لنا وللعالم كي نفتخر بهم ونتكلم عنهم كما نحن نتكلم عن ستانسلافسكي وبرنادشو وتشيخوف وموليير وبرشت وغيرهم من اصحابي التجارب الرائدة في اوطانهم ؟؟؟؟؟ عجيب غريب امور قضية !!!!!! .

الثلاثاء، 15 يونيو 2021

فتح باب المشاركة في المهرجان الدولي لأيام قرطاج المسرحية (الدورة 22)

مجلة الفنون المسرحية 

الجمهورية التونسية
وزارة الشؤون الثقافية

المؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية
المهرجان الدولي لأيام قرطاج المسرحية (الدورة 22)

بـــــــلاغ

أيام قرطاج المسرحية مهرجان دولي يخصص مسابقة رسمية للعروض الوطنية والعربية والإفريقية وينفتح على التجارب المسرحية من دول الجنوب والعالم وعليه تعلم اللجنة المنظمة للدورة الثانية والعشرين "22" للمهرجان والذي سينعقد من04 إلى 12 ديسمبر2021 عن فتح باب الترشح للمشاركة ضمن فعالياته حسب الشروط التالية:
    شروط المشاركة:
• أن يكون العمل المترشح قد تمّ إنتاجه بداية من شهر أكتوبر 2019.
• مطلب ترشح يتضمّن كامل المعطيات المطلوبة يسحب من موقع الواب (  www.jtc.tn)
• السيرة الذاتية للمؤلف والمخرج والممثلين والتقنيين مرفقة بصورهم.
• الملف الفني والتقني للعمل متضمنا ملخص العمل والمتطلبات الركحية والاحتياجات التقنية: الإضاءة والصوت.
• شهادة في تقديم العرض الأول.
• ملف صحفي يتضمن المتابعة النقدية والإعلامية مع صور فوتوغرافية للعمل المترشح.
• تسجيل سمعي بصري لكامل العرض بجودة عالية على محمل واحد.
• آخر اجل لقبول الترشحات يوم07 سبتمبر 2021 و لا تقبل الملفات المنقوصة أو الواردة بعد الآجال.

 بالنسبة للعروض المسرحية الدولية: 

• تتكفل إدارة المهرجان بالإقامة الكاملة للممثلين والمخرج وعدد ثلاث (03) تقنيين على أن لا يتجاوز العدد الجملي خمسة عشر (15) فردا.

• تتكفل إدارة المهرجان بتأمين التنقل الداخلي
• تتكفل الفرقة المشاركة بنفقات تذاكر السفر ذهابا وإيابا وشحن المعدات الخاصة بالعرض.
• لإدارة أيام قرطاج المسرحية الحق في برمجة أكثر من عرض للعمل المسرحي المشارك داخل تراب الجمهورية التونسية خلال مدة المهرجان.
• ترسل ملفات الترشح عبر البريد الإلكتروني(contact@jtc.tn) أو عن طريق البريد: 16       مكرر نهج النمسا، البلفيدير، تونس 1002  وذلك في أجل أقصاه يوم 07 سبتمبر 2021.

ملاحظة خاصة بترشحات سنة 2020 :

• الملفات التي تقدمت بها الهياكل قصد الترشح لدورة 2020 لن يتم اعتمادها إلا  بعد تأكيد مشاركتهم في الدورة الحالية لسنة 2021 كتابيا وعن طريق البريد الالكتروني لأيام قرطاج المسرحية contact@jtc.tn.

تأملات فلسفية حول المسرح والمصير الإنساني / أبو الحسن سلام

مجلة الفنون المسرحية


تأملات فلسفية حول المسرح والمصير الإنساني

 
تأملات فلسفية حول المسرح والمصير الانساني
مرت الانسانية بعدد من المراحل التي تحدد فيها مصير الانسان :
مرحلة : توكيد امتلاك الآلهة المتعددة لمصير الإنسان
مرحلة : توكيد امتلاك الإله الواحد لمصير الإنسان.
مرحلة : توكيد امتلاك خليفة الله (حاكماً – كاهناً – مالكاً) لمصير الإنسان.
مرحلة : توكيد امتلاك الإنسان لمصيره
الفاعل الحضاري عند الأمم القديمة :
ديني – فلسفي – قانوني – بحثي – أيديولوجي – تكنولوجي – معلوماتي فالفاعل الحضارى متغير بتغير العصور وتغير الأمم :
عند الفراعنة : ما يمليه الكاهن أو الفرعون نيابة عن آلهته (تلقيني ديني)
عند اليونان : ما ينتهي إليه الحوار مع الآخر لتحقيق النفع العام (فلسفي تفاعلي)
عند الرومان : ما يمليه القانون (قانون النخبة وقانون المواطنة) (إلزامي)
في العصر الوسيط : ما يمليه فهم الكهنة للدين (تلقيني جبري)
في عصر النهضة : ما يمليه الاستدلال الاستنباطي أو التجريبي (كشفي)
في العصر الحديث : ما تمليه الأيديولوجيا والآلة (طوعي ملتزم)
في عصرنا الحالي : ما تمليه الميديا واحتكار المعرفة وإنتاجها (قهري).
وتتعدد المهام مابين الحضارة والمدنية والثقافة والاختراع والفن فلكل منها مهامها
وميادينها ومنظوماتها وفق المنظور الفكرى أو الفلسفي الذى انطلقت منه:
مهمة الحضارة : صنع الخلود
مهمة المدنية : صنع الرخاء والعدالة وقبول الآخر
مهمة الثقافة : فهم الحياة البشرية وطرائقها
مهمة الاختراع : سبق الآخر
مهمة الفن : البحث عما يجب أن يكون وإيقاظ الضمير الإنساني
مهمة الفنان : خلق أنماط وشخصيات تحمل معنى الشمول مع أنها من خلق فنان فرد .
مهمة السياسة : التهيئة لقبول الآخر بالحوار وفن التعامل مع الواقع
مهمة الفلسفة : فهم الكون وفهم دور الإنسان فيه . تفسير الكون وتفسير دور الإنسان فيه .
مهمة علم الاجتماع : إدراك علاقات الأفراد والجماعات لفهم الآخر والتعامل معه
مهمة علم النفس : فهم دوافع النفس البشرية
مهمة العلم : تصحيح المعرفة
مهمة المعرفة : الخبرات المكتسبة .
مهمة المؤرخ : يرى أثر الحقائق
مهمة الفنان : يرى الحقائق التي تخفي على العالم وما ينبغي أن يكون .
مهمة العالم : يرى ما يكون في الحقائق لا ما ينبغي أن يكون .

التراجيديا : توكيد امتلاك المرء للكرامة والشهادة له بالنبل والتمثل به .
الكوميديا : توكيد عدم امتلاك المرء للكرامة والشهادة على دناءته ونبذ ذلك .

هذه التأملات هي في الواقع خلاصة رحلة عمر مسرحي قضيتها مابين الهواية والاحتراف ؛ كتابة وتمثيلا واخراجا، ممارسة ودراسة، تدريسا ونقدا، بحثا وتنظيرا ؛ علي مدى أربعين عاما (1965- 2008) قضيتها أكدح: فكرا وممارسة، اشتباكا وشغبا علميا وابداعيا بصعلكة منهجية وأكاديمية؛ فبدون ذلك كله ماكان لقسم المسرح أن يوجد أويستمر في أداء رسالته الأكاديمية وماكان لجمعية الدراما أن تقوم وتتفاعل وتسهم في فترة السبعينيات في تفعيل الحياة المسرحية الراكدة بالاسكندرية ، وماكان لمحكي الإسكندرية أن ينشىء ب (قلعة قايتباى) ولاكان هناك ممن تعلموا عليّ وعلي غيرى أن يعطوا لأنفسهم الحق في توجيه النقد الي جهد ابداعي أوادارى من جهودى التي وثقت في أنها نافعة ومخلصة لوجه الفن والعلم، ولاتمكنت من انجازخمس عشرة مسرحية كتبتها ؛ فضلا عن سبع وثلاثين عرضا مسرحيا أخرجتها ومايربوعلي عشرين كتابا وأربعين بحثا في علوم المسرح نزفتها من عصارة فكرى عبر المؤتمرات. وأعترف في النهاية ـ ويحق لي أن أعترف ـ بأنني أضنيت المسرح؛ فانتقم منّي بأن أضنى أسرتي الصغيرة الجميلة وأرهقها في البحث عنّي وقد طال صبرها عليّ وعلي شيطاني المسرحي؛ منذ همشّت دورى فيها وفنيت في المسرح فناء فلسفيا فأفناني فناء العاشقين والمتصوفين. ومع ذلك كله؛ لم أرجع عن المسرح ولم يرجع المسرح عنّي ولم تكف أسرتي بعد في البحث عنيّ ؛ فما يزال المسرح فاعلا في البقية الباقية من حياتي ؛ جنبا الي جنب مع أسرتي المستمرة في البحث عنّي؛ وماأزال فاعلا في المسرح وفاعلا به؛ فأنا والمسرح مبتليان بالحب؛ وهيهات أن يتوب مبتل بداء الحب !! وهل للعاشق من توبة ؟! ؛ فطالما بقيت لي بقية من صعلكة مسرحية؛ فسأظل مسرحيا حقيقيا متجددا ؛ أتدرع بالمنهج وأتزيّن بأكاليل غار تجاربي المتجددة في إعمار المسرح ؛ فخورا بحيازتي لوسام تجارب طلابي الذين تعلموا عليّ كيف يخالفون بالعلم والخيال والتجارب المتوالدة ماتعلموه منّي ومن غيرى ؛ فيسهموا في تغيير وجه حياتنا المسرحية؛ ذلك لإيمانهم بما آمنت به في مسيرتي الحياتية الإبداعية والأكاديمية من أن العلم هو ما يقبل التخطئة .

السبت، 12 يونيو 2021

توفيق الحكيم .. الأديب والسياسة (2)/ نفيسة دسوقي

مجلة الفنون المسرحية


توفيق الحكيم .. الأديب والسياسة (2)

« رأيت أحمد عبد العزيز عندما جاء إلى دار أخبار اليوم في زيارة خاطفة ليعود بعدئذ إلى حيث يواجه قدره .. رأيته وأصغيت إليه وهو يتحدث ببساطة عن الحياة والموت .. حديثا لا نستطيع نحن الفانين أن نسبر له غورا أو ندرك له قرارا .. لكأن ذلك الحاجز بين العالمين قد انهدم تماما أمام وطنيته الدافقة وإيمانه العارم .. فهو يتحرك بجهاده في مناطق غريبة .. تجهل لغتها كلمة موت .. مناطق علوية من غير شك لمعنى عظيم استحوذ عليه وجعله من خدامه وفرسانه .. (هذا هو البطل) .. قلتها في نفسي .. وهو إلى جانبي يتكلم بصوته الهادىء النبرات .. من يكون البطل غير الذي استطاع أن يقهر في نفسه فكرة الموت .. ذلك الذي استطاع أن يقول للموت .. لن تنال مني .. فقد تحولت إلى معنى قائم فوق الزمن، يشيع في الناس الحياة .. ويبعث في النفوس عقيدة» .. من كلمات «توفيق الحكيم» بجريدة أخبار اليوم في نعي الشهيد أحمد عبد العزيز قائد قوات الفدائيين المصريين في حرب فلسطين سنة 1948 والذي استوحى الحكيم  شخصيته بمسرحيته «ميلاد بطل».

عاصر توفيق الحكيم خلال رحلته الأدبية خمس حروب خاضها الجيش المصري بدءا من حرب فلسطين 1948 وحتى حرب أكتوبر 1973 إلى جانب العديد من التغيرات السياسية التي مر بها المجتمع المصري وعلى رأسها ثورة يوليو 1952 وهى في مجملها أحداث وتغيرات أثرت دون شك على محتوى ومضمون إبداعه .. الناقد المسرحي فؤاد دوارة يواصل رحلته في الإبحار داخل عالم توفيق الحكيم في كتابه «مسرح توفيق .. المسرحيات السياسية» .. في محاولة للوقوف على أهم سمات مسرح توفيق الحكيم السياسي


الحكيم وشئون السياسة

كتب توفيق الحكيم خلال حياته الفنية ما يزيد عن «ثمانين» مسرحية من بينها «ست وثلاثين» مسرحية سياسية غلب عليها نمط المسرحية ذات الفصل الواحد -خمسة وعشرون مسرحية من الست وثلاثين- وقد أرجع فؤاد دوارة ذلك لإعتياد الحكيم نشر مسرحياته بالصحف ذات المساحة المحدودة بطبيعة الحال وهو ما أثر ليس فقط على حجم المسرحية ولكن على موضوعاتها وأسلوب معالجتها فجاءت أغلب تلك المسرحيات تميل للبعد عن التعقيدات الفنية والرموز الفكرية التي كانت شائعة بغالبية مسرحيات الحكيم الأخرى.

عالج الحكيم شئون السياسة العالمية في خمس عشرة مسرحية هجا فيها الحروب وما تتضمنه من صور وحشية وحذر من آثارها المدمرة على الحضارة الإنسانية ودعا إلى إحلال السلام والتفاهم بين الدول محل التوتر ونادى باستخدام العلم سبيلا لتقدم الإنسانية بدلا من تسخيره لصنع أسلحة الخراب والدمار، كما نبه  إلى ضرورة الإهتمام بقضايا الشباب باعتبارهم صناع المستقبل ولفت النظر إلى طبيعة الدور الذي يلعبه بعض رجال السياسة والمال في إفساد وتحطيم المثل العليا التي من المفترض أن يؤمن بها الشباب.

طرح توفيق الحكيم في أربع مسرحيات له نظم الحكم السائدة بالعالم وهاجم الحكم الإستبدادي الفردي وسخر من النظام الملكي ولم تنج الديمقراطية من سهام نقده وقد أرجع دوراة موقف الحكيم ذاك من الديمقراطية لما قد شاهده من عمليات تزوير للإنتخابات خلال فترة عمله كنائب بالأرياف وهو ما تناوله بعمله الأدبي المتميز «يوميات نائب في الأرياف».

يوميات نائب في الأريافانتقد الحكيم في تسع عشرة مسرحية مختلف صور الفساد السياسي وتميزت المسرحيات التي كتبها قبل ثورة 1952 بالمباشرة والواقعية في حين تنكرت مسرحياته فيما بعد الثورة وهزيمة 1967 داخل عالم الأبنية الرمزية والحكايات الشعبية والخرافية واعتمد الحكيم على تقنية «الملهاة» كأسلوب لمعالجة غالبية أعماله المسرحية السياسية.

«براكسا أو مشكلة الحكم»
صدرت مسرحية « براكسا ” أو مشكلة الحكم» عام 1939 عقب تعرض توفيق الحكيم لأزمة سياسية حادة نجمت عن نشر حوار له انتقد فيه الحياة النيابية بمصر ما دفعه للتوجه نحو الكتابة السياسية فكانت تلك المسرحية التي استوحى عالمها من مسرحية «مجلس النساء أو النائبات» للإغريقي «أرستوفانيس» الذي يعد من أكبر هجَّائي عصره وسياسييه.

«خرجت براكسا من منزلها في ساعة مبكرة من الصباح لتوافي صاحباتها في الموعد الذي ضربته لهن أمام بيتها، وهى ترتدي ملابس زوجها وكذلك فعلت صاحباتها اللائي بدأن في الحضور واحدة بعد الأخرى وحين أكتمل عددهن شرعت براكسا في افهامهن تفاصيل الخطة التي وضعتها للاستيلاء على السلطة ثم توجهن معا إلى المجلس .. بعد إنصرافهن خرج من البيت (بلبروس) زوج براكسا  مرتديا ملابس زوجته لأنه لم يعثر على ملابسه ويقابله صديقه (كريميس) وقد عاد لتوه من المجلس فيحكي له ما رآه هناك وكيف أن حشدا كبيرا من الرجال الغرباء وصلوا مبكرين واحتلوا المقاعد الأمامية وألقى أحدهم خطبة بليغة طالب فيها بتسليم كل شئون الحكم إلى نساء المدينة، فوافق الحاضرون وسط حماسة ذلك الحشد من الغرباء».

احتفظ الحكيم بنفس البيئة الإغريقية «اليوتوبية» غير أنه في نقده لبعض الأوضاع السياسية قد اكتفى بالتلميح دون التصريح فبات نقده للسياسة المصرية يعتمد على الشكل المجازي غير المباشر وهو ما كان يتطلب من القارىء أن يسقط ما يقال عن المجتمع الإغريقي على واقع السياسة المصرية المعاصرة.

هجوم على الديمقراطية
رفض الحكيم حكم الفرد المستبد بنفس القوة التي رفض بها الديمقراطية الزائفة وفي المقابل لم يقدم بمسرحيته تصورا بديلا  لشكل نظام الحكم الذي يطمح له وعلى لسان شخصية الفيلسوف نراه يشير: «هناك أشياء ينبغي للبشر أن يتركوا أمرها للسماء .. مسألة الحكم واحدة منها .. وإن البشرية أحيانا لترتاح قليلا إذ تلقى تبعة حكم الأرض على اختيار السماء» .. غير أنه بذات الوقت حرص على أن يلوح بنوع من الحكم يقوم على التوازن ما بين الحرية القائمة على الديمقراطية وقوة الحاكم الفرد وحكمة الفيسلوف المفكر مضيفا أن هذه القوى الثلاث المتضادة لابد لها أن تسير أحدها إلى جوار الأخرى دون أن تطغى قوة منها على الآخرييْن: «لابد لنا من أصبع تحرك خيوطنا الثلاثة ونعرف سر التألف بيننا، وتلعب بنا لعب الساحر بتفاحات ثلاث ينثرها ويجمعها فوق يده دون ان تتصادم أو تلمس واحدة الأخرى».

براكساتمثل أهم ما أخذه فؤاد دوارة على تلك الأفكار السياسية التي طرحها الحكيم بمجمل أعماله المسرحية في إسرافه في الهجوم على الديمقراطية وهو إسراف تجاوز – وفقا له-  في بعض الأحيان حدود نقد التطبيقات إلى المبدأ ذاته، إلا أن هذا المأخذ لم ينل من قيمة الأفكار السياسية التي طرحها الحكيم بمسرحه فإذا كان المسرح العربي قد عرف مسرحيات محمود دياب وفتحي رضوان وصلاح عبد الصبور والشرقاوي وألفريد فرج وسعد الله ونوس وغيرهم الكثير فإن ذلك ما كان ليتحقق لولا التمهيد الكبير الذي قامت به مسرحيات الحكيم فهي التي جعلت من المسرحية السياسية شكلا مألوفا في الأدب المسرحي العربي وهو أمر لم يكن متاحا خلال ثلاثينيات القرن الماضي حين بادر الحكيم بنشر مسرحياته السياسية الأولى.

الجمعة، 11 يونيو 2021

توفيق الحكيم .. الأديب والسياسة (1)/ نفيسة دسوقي

مجلة الفنون المسرحية


توفيق الحكيم .. الأديب والسياسة (1)


«إني لا أطيق أحدا يحقر الأفكار والكلمات، إن الكلمات هى التي شيدت العالم. إن محمدا لم ينشر الإسلام بالذهب بل بالكلمات، وعيسى لم ينشىء المسيحية بالمال بل بالكلمات. الكلمات الصادقة والأفكار العالية والمبادىء العظيمة هى وحدها التي قادت الإنسان في كل أطوار وجوده، وبنت الأمم والشعوب في كل أدوار تاريخها. ما من حركة وطنية أو قومية أو إنسانية قامت أول أمرها على شىء غير المبادىء» .. من كتاب «حماري قال لي» لتوفيق الحكيم.

الكلمة مسئولية وعليها يقع العبء الأكبر في تطوير المجتمعات ودفعها نحو المستقبل وما من أديب غاص بعمق المجتمع إلا وكان له علاقة ما بعالم السياسة .. الناقد المسرحي فؤاد دوارة في دراسته «مسرح توفيق الحكيم .. المسرحيات السياسية» يبحر داخل عالم توفيق الحكيم في محاولة للتعرف على طبيعة العلاقة التي ربطت ما بين توفيق الحكيم وآفاق عالم السياسة من خلال تحليل مسرحياته السياسية التي لم يلفتت إليها الكثير من النقاد.

مسرح توفيق الحكيم .. المسرحيات السياسية
توفيق الحكيم و«الضيف الثقيل»
استهل فؤاد دوارة تقديم دراسته بالإشارة إلى أن أغلب الباحثين الذين انشغلوا بمسرح توفيق الحكيم – فيما عدا قلة نادرة من بينهم دكتور علي الراعي ودكتور محمد مندور- قد أغفلوا الوقوف على مسرحه السياسي مكتفين بدراسة عالمه الفكري وربما يرجع ذلك لكون توفيق الحكيم ذاته قد حرص على عدم الإنتماء لأي حزب سياسي على عكس غالبية أدباء جيله إلى جانب رفضه المشاركة في النشاط السياسي العملي في مقابل انشغاله الشديد بقضايا الفن والآدب وتأكيده على مبدأ استقلال الأديب وحريته الفكرية وهو ما اكسبه بنظر البعض صورة الفنان الشارد عن الحياة والمجتمع المنصرف إلى تأملاته وشطحاته الفكرية وربما رسخت بعض عناوين أعماله مثال: «من البرج العاجي .. تحت المصباح الأخضر .. حماري قال لي .. قالت العصا» تلك الصورة الذهنية المتمثلة في صورة «الأديب الشارد».

على عكس الصورة الذهنية الشائعة عن توفيق الحكيم كأديب شارد جاءت ذكريات طفولته مشبعة بالعديد من الصور الدالة على تغلغل نفوذ الإنجليز بمصر حيث ولد توفيق الحكيم في 9 أكتوبر سنة 1898 ما جعل ذكرياته تأتي مسكونة بصور توغل نفوذ الإنجليز بمجمل شئون مصر بما في ذلك مجال القضاء الذي كان والده أحد رجاله..  ويروي توفيق الحكيم عنه وكيف تأخرت ترقية والده لكونه أبى أن يحكم بما يخالف ضميره فجاء حكمه على عكس ما أراد الإنجليز ما كان سببا مباشرا في تأخر ترقيته.

انصرف توفيق الحكيم عقب ثورة 1919 لدراسته بمدرسة الحقوق العليا ثم بجامعة باريس إلى جانب متابعة تجاربه الأولى في التأليف المسرحي والقصصي وجاءت أولى أعماله المسرحية «الضيف الثقيل» التي كتبها نهاية عام 1919 وقال عنها: «كانت من وحي الإحتلال البريطاني .. كانت ترمز إلى إقامة ذلك الضيف الثقيل في بلادنا بدون دعوة منا وبدون رغبة في الإنصراف عنا» لتبدأ بتلك المسرحية رحلته مع عالم المسرح السياسي.



قضى توفيق الحكيم ثلاث سنوات بباريس ما سمح له التعرف على حياة الأوربيين ومشكلات العمال الفرنسيين واستغلال أصحاب المصانع لجهودهم وذلك من خلال علاقته بالعامل الفرنسي «أندريه» الذي امتدت علاقته به بعد عودته إلى مصر وتبادل معه العديد من الرسائل التي جمعها بكتابه «زهرة العمر» كما كتب روايته «عصفور من الشرق» التي جاءت كتجسيد لخلاصة تجاربه بفترة إقامته تلك بباريس ما بين عامي 1925 و1928.

الفنان والسياسة
لم يحترف توفيق الحكيم العمل بالسياسة كما هو معروف عنه لكنه دائما ما كان يشير إلى عمق العلاقة التي تربط ما بين الأديب والفنان بشكل عام وعالم السياسة: «ما من فنان أيا كان يمكن أن يتنصل من مسئوليته نحو عصره ومجتمعه وأنا شخصيا لا أستطيع أن أتصور فنانا بهذا الشكل خصوصا في عصرنا الحاضر».

كثيرا ما أكد توفيق الحكيم على أن الكُتاب كانوا دائما ما يمهدون للإصلاحات والإنقلابات الإجتماعية ويستشهد في ذلك بكتابات: «ديكنز .. ويلز .. شو .. بريستيلي» وغيرهم من كبار الأدباء حول العالم ولئن كانت حركة الإصلاح الإجتماعي في مصر قد تأخرت فذلك من وجهة نظره «سببه تقصير الكتاب والأدباء .. إني اتهم بملء فمي الأدب بهذا الجرم!».

الأديب أو الفنان لدى توفيق الحكيم «ليس هو المصلح بل هو صانع المصلح .. كل أولئك المصلحين من ملوك وزعماء وساسة، ما كونهم وهيأهم لرسالات الإصلاح غير أدب الأدباء وشعر الشعراء وفن الفنانين» ولا يعني هذا أن يتوجه الكاتب فيما يكتب إلى السلطان دون الجماهير ذلك أنه – ووفقا لتوفيق الحكيم -«بعض أعمال الأديب أو الفنان من الممكن أن تكون ذات شطرين، فبينما يكون من أهدافها تكوين المصلح ولفت نظره إلى ما ينبغي فإنها يجب أن تتوجه إلى الجماهير في نفس الوقت، بطريق مباشر لتؤثر فيها تأثيرا عميقا واسع النطاق».



غير أن هذا كله لا يعني ضرورة إنشغال الأديب بالسياسة العملية فاعتناق الأديب لمبادىء حزب معين- وفقا لتوفيق الحكيم – يلغي وجود الأديب «ويحرمه من مباشرة سلطة الفكر وهى المراقبة والمراجعة على الجميع بما فيها ذلك الحزب وغيره .. فواجب رجل الفكر أن يحافظ على كيان الفكر وأن يصون وجوده الذاتي حرا مستقلا وأن يصمد به في وجه كل عدوان لأنه هو الضمان الوحيد على هذه الأرض الآن تجاه انجراف قوة العمل نحو الإنحراف الطاغي المدمر» .. لذا أصر توفيق الحكيم على الاحتفاظ باستقلاله الفكري ومن ثم لم ينضم لأي حزب سياسي رغم تعدد الظروف المواتية والمغريات التي لا حصر لها.

«أهل الكهف» .. بوابة توفيق الحكيم الأولى لعالم الشهرة
نشر توفيق الحكيم سنة 1933 مسرحيته «أهل الكهف» على نفقته الخاصة في طبعة محدودة أهدى معظم نسخها لكبار الأدباء والنقاد والصحفيين فإذا بغالبيتهم يرحب بها فيكتب عنها مصطفى عبد الرازق والعقاد والمازني وطه حسين وغيرهم وبذلك يتردد اسم توفيق الحكيم بكبريات الصحف المصرية وهو لم يزل يعمل وكيل نيابة  بريف مصر.

سهلت تلك الشهرة التي حاز عليها توفيق الحكيم جراء نشره مسرحية «أهل الكهف»  له من أن يتمكن في العام التالي 1934 من الإنتقال للعمل بالقاهرة مديرا للتحقيقات بوزارة المعارف وهو ما اتاح له فرصة متابعة الكتابة بشكل منتظم فتوالى صدور كتبه ومسرحياته وتعددت مقالاته وأحاديثه بالصحف والمجلات.



صلاة الملائكة
«يتصاعد إلى السماء دخان الحرب المشتعلة على الأرض ومعه أصوات صلاة استغاثة، فيقرر أحد الملائكة الهبوط إلى الأرض لمعاونة أهلها، فيتنكر في هيئة قروي بسيط، ويلتقي بفتاة فقيرة فقدت أهلها في الحرب، وراهب هارب بعد أن أحس بالعجز عن حماية الآلهة، وعالم يحاول أن يغرق علمه في الخمر لكي لا يستخدمه الطغاة في تأجيج نيران الحرب .. يتجه الملاك للقاء الطاغييْن اللذين أشعلا نار الحرب ويتهم الطاغيان الملاك بمحاولة اغتيالهما ويقدمانه للمحاكمة ويتقرر إعدامه رميا بالرصاص، فلا يملك إلا أن يعود إلى السماء حيث يجد الملائكة يصلون لأجله بعد أن طالت غيبته، فيطلب منهم أن تكون صلاتهم من أجل أهل الأرض المساكين».

يؤكد فؤاد دوارة على أن فكرة المسرحية ليست بجديدة كونها كثيرا ما ترددت في كثير من الأساطير والمسرحيات اليونانية والهندية القديمة حيث تظل الصلة قائمة دائما ما بين السماء والأرض، بين البشر والآلهة فلم يكن توفيق الحكيم أول كاتب حديث يلجأ لهذه الفكرة في مسرحه فقد سبقه عدد كبير من كتاب المسرح حول العالم كان منهم «جوته .. طاغور» وغيرهما.

طاغيا مسرحية «صلاة الملائكة» لتوفيق الحكيم وفقا لفؤاد دوارة هما «هتلر وموسوليني» اللذين اشعلا نار الحرب العالمية وإن لم تنص المسرحية على ذلك صراحة وقد حاول الحكيم في مسرحيته أن يحقق لها طابع الشمول الإنساني الذي يسم المآسي الكبرى فاستخدم القوى الخارقة ممثلة في الملاك الذي هبط من السماء للأرض كما أدار أحداث مسرحيته في زمان ومكان غير محددين ولم يطلق على شخوص مسرحيته أي أسماء بل جعلها أقرب إلى الأنماط أو الأقنعة «الملاك .. الفتاة .. العالم .. الراهب .. الطاغيان».

في «صلاة الملائكة» يدعو توفيق الحكيم إلى الصلح بين العقل والقلب ليستطيعا باتحادهما معا مواجهة الطغيان وحماية البشر فيوجه إليهما خطابا شديد التأثير على لسان الملاك: «كفا تنابذا .. لماذا لا تتفقان؟ .. كلاكما مؤمن .. وكلاكما راهب .. فما الدين إلا إيمان القلب، وما العلم إلا إيمان العقل .. آه .. لو اتحد العقل والقلب من قديم ضد الغريزة الحيوانية لكان للإنسانية اليوم شأن آخر».

 المسرحية تقوم على رصد تلك العلاقة ما بين الجوع والفقر بالحرب، فالفقر والجوع لدى توفيق الحكيم هما السبب الرئيسي في اشعال الحروب ومع ذلك فإن الحروب لا تؤدي إلا إلى مزيد من الفقر والجوع للشعوب ويزداد الأمر سوءا إذا ما كان هناك طاغية فأنه يؤجج نار الحروب من أجل ترسيخ قواعد حكمه.

غير أن «ملاك» توفيق الحكيم لم يفقد الأمل في صلاح أهل الأرض رغم كل ما تعرض له من عذاب فها هو يعود للسماء حاملا تلك التفاحة الخضراء التي منحته إياها الفتاة الطيبة وهو يردد نشيدها العذب: «يا شجرة الحب للكائنات .. ان دمعك دمع السماء» .. وللحديث بقية.

ذاك الـذي عـرض نــفــسه للــبيــع !! / نــجـيب طــلال

مجلة الفنون المسرحية


       ذاك الـذي عـرض نــفــسه للــبيــع !!  

خـــارج الـــســـوق:

قبل انتشار وباء ( كوفيد 19) والمشهد الثقافي والإبداعي في بلادنا؛ تتضبب معالمه وأهدافه ؛ حتى  أمسى مصابا بعـِلَّة الخرس والبكم واللامبالاة من لدن دعاة الكتابة والتنظير والتفكير؛ ومن طرف ما يسمى تجاوزا( مثقف)؟  علما أنهم لم يصابوا بالكساح لكي لا يهرولون نحو الموائد وفتات العوائد المالية من كتابة شطحات فكرية  في بعض المجلات وتنميق الكلمات المنافقة لروح الابداع والفن في بعض الجلسات ؛ بحيث ساد المال عن أخلاقية الفكر والقيم التنويرية؛ وبالتالي لا يسعنا إلا أن نشير بأنه  لا شيء أسوَء من القـَلم الخائن لقضيته ؟ فكم من قضايا وأحداث تمظهرت في النسيج الفني والإبداعي؛ وخاصة إبان وبعيد انتشار الوباء ( الكوروني) وبالتأكيد تحتاج لتفعيل تدويني؛ ولبوح منطقي وعقلاني، وذلك من أجل إثارة النقاش وتبادل الأفكار حجة بحجة. بعيدا عـن المزايدات أوتصدر (الآنا ) المريضة . لكن الصمت أمسى لزوم مالا يلزم ؛ كظاهرة فريدة أصابت النسيج الثقافي؛ وانعَـدمت الكتابة التحليلية والتساؤلية والإشعارية والفكرية ، ولاسيما أن (الكتابة عندي فرض كفاية ؛ إذا كتب غيري وأجاد عن الموضوع فلا أجد كتابتي إلا تكرارا؛ وبالتالي فعزوفي عن الكتابة عنها ليس موقفا، بل إيمانا بأنه ليس لدي ما أضيفه لقضية واضحة ومحسومة وصريحة.
الكتابة ليست إثبات موقف بل إضفاء قيمة معـرفية  (1) وبناء على هاته الرؤية ؛ فمؤخـرا : أعلن أحدهم عـرض نــفــسه للــبيــع !! ( 2) وكنت شخصيا أنتظر كتابات ونقاشا مثمر تجاه ( الحدث/ النازلة) لأنه موضوع يغـري للنقاش من عـدة مجالات ومن بينها الفقه الإسلامي وأحكامه  واستحضار أفكار وفتاوي الفقهاء والعلماء تجاه النازلة؛ التي بحق عجيبة في خضم العجائب ؛ والتي تم طرحها بعـد سنة ونيف من توقف المشهد المسرحي عن الحركة؛ وإغلاق القاعات ودور الثقافة ، وتمظهر التهافت والهرولة نحو صندوق تدبير الجائحة ؛ والبعْـض التزم الصمت لأن لهم مداخل ومشاريع وبعض منهم مارس ألاعبه الشيطانية ليعيش في مستواه المعتاد وآخرون تصارعوا عما يسمى الدعـم ( الاستثنائي) الذي خلف  نصوصا مسرحية وسيناريوهات سينمائية بالحجة والإثبات ؛ لمن يرغـب الكتابة في المجالين ! 
إذن ؛ فتوقيت إعلان ذاك الـذي عـرض نــفــسه للــبيــع ؛ هو اللغـز الأهم !! وهَـذا الحدث المضحك والساخر ! أعيد بي لسنة1986 حينما قمت بإخراج مسرحية ( رجل رهَـن نفسه ) للكاتب العراقي – المهدي السماوي- في إطار الإقصائيات الوطنية لمسرح الهواة؛ لكن اللجنة الوطنية  اقصت العمل بناء على تقريروهْـمي ( ليس هناك في زماننا وفي بلادنا من يبيع أو يرهن نفسه ) ؟ والذي خاض غمار مسرح الهواة ممارسة وتجربة ومشاركة في الإقصائيات  من يوم تأسيس الجامعة الوطنية لمسرح الهواة 1975 إلى حدود اغتياله في ظروف غامضة ( ؟ )  يعْـرف جيدا استراتيجية والبعد الإيديولوجي  للمهرجان الوطني . والمصادفة ؛ أن المخرج عبد المجيد نجدي من مدينة الجديدة؛ بدوره أخرج نفس العمل؛ وتم إقصاؤه ؟ ولم يعـرف السبب؟ وبما أن أخبار المسرح سواء الإقصاءات والإقصائيات وكذلك القضايا كانت تتداول ( صحفيا )  حدث تواصل بيني وبينه هاتفيا قبل بروز الهاتف( النقال) ووصلنا لقناعة أن العمل أقصي و رفض لأسباب في عمق إيديولوجية ( النص) لكن الأهم عندنا مسألة ( الرهـن) هل يجوز للمرء رهـن نفسه  ؟ بداهـة هـو سـؤال فقهي بالأساس رغـم أنه يندرج ضمـن قانون العقود والالتزامات والقانون المقارن . وبالتالي الرهن جائز انطلاقا من قوله تعالى: فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ [س/البقرة: 283  ] ولهذا فالرهْـن هو ذلك الاتفاق الذي يتم بين طرفين ، وفق عقد قانوني ، يمنح فيه الطرف الأول ملكية خاصة به للطرف الثاني ، مع بقاء احتفاظ الطرف الأول المالك الأصلي للشيء بملكيته ، وذلك يكون وفقاً لشروط معينة .علما  أنه لا يصح رهن ما لا يجوز بيعه مما يتم إطلاق مسمى ( الرهن ) على العقار لا غير كالأرض والسكن ونحوه ولا يمكن أن يباع ( المرهون) إلا بإذن صاحبه و بتسليم المال الذي عليه والقاعدة  القانونية تشير بأن الراهن له الحق في منع البيع. هنا لا يمكن للمرء أن يرهن نفسه مقابل المال ؛ ولكن النص ( رجل رهن نفسه) يحمل دلالات عميقة لحٍـربائية الانتهازيين والإمبرياليين ؛ وإدانة صريحة للعملاء الذين يرهنون عقولهم للآخر؛ ويتركون أجسادهم في أوطانهم؛ وربما أن المبدع – المهدي السماوي- تأثر بنص فاوست ؛ لكن الإشكالية أن الرهن ليس هو البيع ؟

داخـــل الــســوق : 

فلو أعلن ذاك الـذي يعتبر نفسه مسرحي ! أنه يرهن نفسه ضد إغلاق القاعات ؛ لكان الأمر عادي؛ ويندرج في مزحة أو حالة غضب عفوية ؛ أوتمقص دور [فاوست] الذي باع نفسه للشيطان، [مفيستوفيليس] مقابل الحصول على قدرة فائقة، ومعرفة عالية يستطيع من خلالها أن يفعل بها ما يعنّ له من الخوارق ؛ في فتح القاعات والمسارح أمام المسرحيين والسينمائيين ، لكان طرحه مقبولا  
 ولكن الإشكالية في إعلان(تجارة) عـرض نــفــسه للــبيــع !! والبيع لغة: نقل الملك بعوض، ويطلق على إعطاء السلعة وأخذ الثمن. وذلك بناء على عقد إلزامي في شأن المقايضة بين البائع والشاري. 
ولقد عرف المشرع المغربي عقد البيع في الفصل 478 من قانون  العقـود والالتزامات بأنه :"عقد بمقتضاه ينقل أحد المتعاقدين للآخر ملكية شيء أو حق في مقابل ثمن يلتزم هذا الأخير بدفعه له.
من خلال هذا التعـريف يتبين لنا أن المشرع المغربي يشير إلى أهم خاصية لهذا العقد والمتمثلة في التزام البائع بنقل ملكية المبيع إلى المشتري، مقابل ثمن نقدي"
إذن فصاحبنا أعلن عن بيع نفـسه ؛ باعتباره ملكية / سلعة / منقول/ لأن  نقل الملكية من البائع إلى المشتري يعَـد من أهم الخصائص المميزة لعقد البيع . وبالتالي ليس عبثا أن يطرح نفسه داخل السوق للمساومة مقابل (المال) ولكن عمن كان يراهن لشرائه من السوق هل ( على) مواطن أوروبي أم خليجي أم  أمريكي أم مواطن ( ما )  مولوع بالسبايا ؟ لأن البائع لا يطرح سلعته اعتباطيا بما فيهم أصحاب ( الخردة/ الجوطية) بل ارتباطا بالماركوتينك وما يتداول أكثر رواجا في السوق بيعا وشراء .
 إذن لنقبل بأن الحاجة والفقر هي الدافع الأساس لبيع المرء نفسه أو بيع أبنائه في الماضي والحاضر وهناك أمثلة عدة على أرض الواقع وقعت لتسديد الديون أو توفير لقمة العيش لبقية أفراد العائلة.. بحيث هناك مواطن مصري :أعلن صاحب مخبزين عن مزاد لبيع اطفاله لسداد مخالفات متراكمة عليه(... ) حيث أعلن عن بيع أبنائه التسعة بينهم جنين لا يزال في رحم أمه لسداد 100 ألف جنيه (حوالي 17 الف دولار)(... ) ووزع إعلانًا على كل معارفه حدد فيه أوصاف أبنائه مثل النوع والسن واللون، وعرض بيعهم لأعلى سعـر(3) لكن إذا باع الفقير ابنته فهل يكون لها حكم الإماء ؟ هذا سؤال انطرح في سياق طلب (فتوى) والتي كانت مفادها: فلا يجوز بيع الحُـر -ابنًا كان أو ابنة أو غيرهما-، وقد اتفق على ذلك أهل العلم قاطبة، والعقد على ذلك يقع باطلًا باتفاق فلا يجوز لك شراؤها، لأنها حرة، وعقد بيعها باطل، بالإجماع (4) هـنا نهي مطلق؛ بناء على مقتضيات الشريعة والقوانين الدولية ممارسة النخاسة التي كانت في العصور القديمة . لكن صاحبنا عرض نفسه برغبته لإحياء نعْـرة النخاسة . فهل الحاجة دفعته لبيع نفسه وإن كان البيع باطلا قانونا ؟ فكما نعـلم ويعلم ( البائع) أنه موظف بوزارة الثقافة ينال أجرا قارا ؛ وله جميع الحقوق بناء على مقتضيات  الوظيفة العمومية . وبالتالي فإعلان بيْـع نفـْسه أنه ( ماركة) غير مسجلة تجاريا . بمثابة ( بوز/تخريجة / مزايدة: لينتزع الإعجاب ( ربما )  لكن تخرجته  خاطئة / بليدة ؛ تستدعي عمليا  الشفقة والرثاء. لأنه على علم  بكواليس وتحـركات( الوزارة ) متى سيتم إعلان فتح القاعات والمسارح . وبالتالي: نحن نعيش مرحلة تاريخية غير مسبوقة؛ تتعلق بسيادة نظام أدى تدريجيا؛ إلى سيطرة التافهين على جميع مفاصل نموذج الدولة الحديثة ....  فتسيَّدت إثر ذلك شريحة كاملة من التافهين والجاهلين وذوي البساطة الفكرية ؛ وكل ذلك لخدمة أغراض السوق بالنهاية  (5) ولهذا فطرح نفسه للبيع مسألة غير بريئة تماما (؟) ربما اندفع لتقديم إشهار بطريقة غير مباشرة لموقع QXL : الذي سمح لمن يريد ببيع نفسه والمزايدة عليها.. وأول حالة بيع من هذا النوع كان عام 2002 لشابة بريطانية تدعى كاي هاموند (24 سنة من بيرمنجهام) عرضت نفسها للبيع بحجة عدم وجود وقت تتعارف فيه على الجنس الآخر.. والغريب أن 38 ألف رجل دخلوا المزاد الذي انتهى بشرائها بمبلغ 251 ألف جنية استرليني غير قابلة للاسترجاع في حال قرر الرجل فصل العلاقة (حسب موقع BBC في 29 يناير2002)!!(6) وإن كان هذا مستبعدا، فأين كان ( البائع) منذ سنة وأزيد؛ والعديد من الفنانين يبحثون عن إنقاذ حياتهم من الفاقة والحاجة ؟ فلماذا لم يوقع ضمن لائحة المطالبين بفتح القاعات ؟  وإن كانت له فعلا غيرة وحرقة تجاه الفن المسرحي؛  فلماذا لم يعلن عن بيع نفسه أمام قبول مهزلة تقديم العروض أمام كراسي فارغة ؟ وإن كان لنا رأي آخر في موضوع (7) ولكن ها هي انفتحت كما قَــالــتْ جــدّ تي من قــبرها : قِــيل أن  القاعات والمسارح فُـتِـحتْ؛ فــماذا أنتم فــاعــلون أيها المسْــرحـيون ؟؟(8) ففي غياب الدعم المتهافت عليه ؛ ستبقى القاعات فارغة ؛ وأتحدى من سيقدم عَـرضا مسرحيا خلال هذا الشهر الذي هو بوابة لفصل ( الصيف) . 
ففي إطار النازلة العجيبة للمدعو ( المسرحي) الذي من المفروض أن يكون شامخا ذو عزة وكرامة ؛ ولاسيما أن المبدع كيفما كان مستواه؛  مرآة وصوت الشعْـب المقهور والمعذب في محنه وهمومه وتطلعاته !
فما عسانا نقول اتجاه مسرحيين وفنانين – مغاربة -  لم يجدوا حتى ثمن مشروب قهوة ؛ في الأيام العادية ؛ فبالأحرى في زمن الوباء واجتياحه ؟ ولم يقدموا على محاولة بيع أنفسهم ؛ وذلك تقديرا لكرامتهم ؛ واحتراما للفن الذي يقدمونه كيفما كانت نوعيته ومحتواه. فكم من مسرحي  عاش الفقر المدقع ونام في الطرقات : كعبد الرحيم إسحاق/ عبدالنبي الرياحي/ حوري الحسين/ جلول الأعرج/ مصطفى الجبيلي/حميد عمور/.../ أسماء كثيرة لا يعْـرفها – رحمهم الله ؛ فلم يبع أحد منهم نفسه ولا استعطى لمخلوق . ولكن لنقدم له نموذج مفاده:  بعد أقل من أسبوع من إعلان الفنان المغربي، عزيز حسني، تدوينة على الفيسبوك  عن عجزه التام لتغطية تكاليف عملية جراحية، و أنه سيبيع أغراضه الشخصية لتغطية تكاليفها، خرج الفنان الكوميدي المسرحي، عثمان جميل، بتصريحات مؤثرة عن وضعيته المعيشية(.....)وجد نفسه مضطرا  لبيع مواد التنظيف من أجل ضمان قوته اليومي بشوارع سلا. (9) دون التوسع في قضية الفنانة زهور السليماني/ عائشة مهماه/ وعـرمرم من المسرحيين الإكفاء والموهوبين من فاس/ مكناس /وجدة/ أسفي/.../ يعيشون البطالة والفقر الذي لا يوصف ، فهل فكر أحدهم بيع نفـسه ؟ وإذا عدنا لتعـريف البيع عند ابن عرفة ؛ وخاصة البيع ألأعم الذي هو: عقد معاوضة على غير منافع ولا متعة لذة. فلا يدخل في عقد البيع: النكاح، والإجارة، والكراء. والمراد بالأعم مطلق المعاوضة( 10) ونختم بما قـــالــته جَـدتي من قــبرها : عجَـبا لذاك الذي أراد بيع نفـسه ( فمن سيشتريه)  ربما  ؟ وربما يحن لزمن النخاسة ؟ أين العـفة والشموخ ؟ أين الفكر المبدع ؟ إنــه التردي السافر والانحطاط المدمر لما تبقى من قطرة دم للمشهد المسرحي والفني !!(11)

الإحــالات :
1) نظام التفاهة للآن دونو- ترجمة وتعليق مشاعل عبدالعـزيزالهاجري ص16 ط1/2020  دار السؤال /لبنان  
2) انظر جريدة الصباح المغربية في 25/05/2021 أوصحيفة المغرب اليوم في 27/05/2021
3) 3. مصري يعلن عن بيع اطفاله في مزاد صحيفة 'المصري اليوم' بتاريخ 11/05/2009
4) انظر إسلام ويب رقم الفتوى279250 في 4 ربيع الأول 1436 هـ - 25-12-2014 م
5) نظام التفاهة للآن دونو- ص13/14
6) هل يمكن للإنسان بيع نفسه؟ مقالة لفهد عامر الأحمدي في جريدة الرياض ع16396 في15 مايو 2013م
7) طالع موضوعنا: في أفـق تنظير للمسرح الكـُوروني ؟ في صحيفة كتابات بتاريخ 09/04/2021
8) انظر جداريتنا بتاريخ 02/05/2021
9) موقع عبير في 14/ سبتمبر/2018
10) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير مع تقريرات الشيخ عليش لأحمد الدرير/ محمد عرفة الدسوقي/ محمد عليش الجزء الثالث ص 2 دار الفكر بدون تاريخ
11) انظر لجداريتنا بتاريخ 25/05/2021
 

الخميس، 10 يونيو 2021

صباحاً وظهراً وليلاً الفاسد تحت التبريد والشعب يستمع لراديو محمد حسين حبيب

مجلة الفنون المسرحية


صباحاً وظهراً وليلاً الفاسد تحت التبريد والشعب يستمع لراديو محمد حسين حبيب

وائل زكريا مصطفى / سورية

لن استطع مشاهدة العرض بشكل دقيق ولكن حاولت ان اتمعن واركز في سماع الراديو والتي تُبث من العراق وتحديداً من الموجة البابلية فكانت الاصوات تتخبط ببعضها وكل صوت على حدا وكانت اهم نشرة اخبارية وعلى مستوى الدول العربية وهدفها ايصال الرسالة للرئيس تحت مسمى (( نحن لسنا عبيد )) فوجدت الإبداع اشتعل من الشرارة الاولى لعدة موجات  وصرخات قاتلة بوجه الفاسدين والطغاة.. اكتفي بهذه المفردات واقول بملىء فمي انحني لكل شخصية في هذا العمل المتكامل واقبل رأس المخرج الدكتور  محمد حسين حبيب الذي استطاع توظيف العمل بطريقته الخاصة وانفرد بها.... احييكم عمل يجب ان ننحني له بكل فخر واعتزاز.... فليسمع العالم راديو الدكتور محمد الرجل الذي استطاع ان يذيع نشرته الاخبارية بكل شجاعة وعلى قولة السوريين (( تئبر ئلبي شفيت غليلي)) .... تحية وتقدير لكادر العمل .


تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption