تحولات المسرح المحلي في قطر بين الطموحات والتحديات
مجلة الفنون المسرحية
تحولات المسرح المحلي في قطر بين الطموحات والتحديات
مسرحيون : الحركة المسرحية المحلية مسؤولية الجميع
هاجر بوغانمي - بوابة الشرق
لا يخلو الفعل الإبداعي في أي مجتمع من المجتمعات من تحولات في مساراته وأهدافه وما يرافق ذلك من جدل بين مؤيد ورافض. فأما المؤيد فلقناعة بأن كل شيء في الحياة قابل للتطور، وأما الرافض فلاعتبارات لا تخلو من عاطفة؛ لعل أهمها؛ التسليم بأن الموجود هو الخيار الأفضل، وأن التغيير تشتيت للأفكار وإهدار للجهود؛ لذلك تحدث بعض تلك التحولات "صدمة" لدى البعض خاصة في المسرح باعتباره "خزانا لإدارة الأسئلة" كما يقول أحد النقاد. تلك الأسئلة التي يواجهها أبو الفنون في كينونته الثقافية والاجتماعية.
كغيره من المسارح العربية، شهد المسرح المحلي تحولات في الشكل والمضمون منذ تسعينيات القرن الماضي وحتى يومنا هذا، بدءًا بدمج الفرق الأهلية، وصولا الى الموسم المسرحي الذي حل محل مهرجان الدوحة المسرحي، والخطة الخماسية التي اعتمدتها وزارة الثقافة والرياضية لتطوير الحركة المسرحية.
لمعرفة آراء المسرحيين حول هذه التحولات، التقت (الشرق) نخبة من الكتاب والفنانين والمخرجين، فكان الاستطلاع التالي:
الدوس: من المبكر تقييم تجربة الموسم المسرحي خلال موسمين فقط
قال الكاتب والمخرج طالب الدوس: في بداية إشكالية دمج الفرق في تسعينيات القرن الماضي، كانت هناك صدمة لكثير من الفنانين وساهمت فترة في تراجع المسرح وغياب البعض عن الساحة الفنية، ثم بادر بعض الفنانين بخلق نشاط مسرحي من خلال الشركات الخاصة، فتحولت الإشكالية الى جانب إيجابي أدى الى ظهور العديد من شركات الإنتاج الخاصة على الساحة والتي حققت نجاحا الى يومنا هذا؛ وربما كانت في فترات عدة أكثر إنتاجا ونشاطا من الفرق المسرحية.
بالتأكيد إلغاء مهرجاني الدوحة والمسرح الشبابي أثّر في مضمون ومسار الإنتاج المسرحي من حيث المستوى، ولكن في المقابل؛ هذا الإلغاء ساهم في تواجد مسرحي طوال السنة، وأعتقد أن إلغاء مهرجان الدوحة وتحوله الى نشاط مسرحي ممتد غيّر مفاهيم مسرحية في الشكل والمضمون فقط ، بينما استطاعت التجربة البديلة استحضار جزء من جمهور المجتمع المفقود. أعتقد أنه من المبكر تقييم هذه التجربة خلال موسمين فقط، أما المسرح الشبابي فحتى الآن لا توجد خطة بديلة حول تصور جديد للمسرح الشبابي والذي كان من أهدافه الأساسية إثراء الحركة المسرحية بمواهب جديدة ، ربما نجاح تجربة المسرح الجامعي في دورته الأولى ستكون هي البديل جزئيا ، وأظن أن التجربة تحتاج الى توسع في ميادين أكثر، حيث يمكن اكتشاف مواهب في بيئات مختلفة.
قراءة البعض للمعايير التي وضعتها الوزارة هي التي أوجدت الإشكالية؛ وليس المعايير نفسها، فتلك كانت ولازالت معايير العمل الفني. تم تأطيرها وتحديدها ضمن أولويات الوزارة واهتماماتها. ربما كانت المعايير القشة لرفض التوجه الجديد كله. لا أشك بأن النشاط المسرحي والفني بكل أفرعه أو مستوياته (الشبابي والاحترافي) بعد أن أصبح منظومة واحدة تحت مظلة وزارة الثقافة والرياضة؛ يحظى باهتمام ورعاية أكبر من المسؤولين. ربما هناك عجلة بطيئة تدور في تنفيذ خطة شاملة؛ أعتقد أن ملامحها بدأت تظهر، ومازال بعضنا يرى النصف الممتلىء من الكأس، والأهم أن تأتي التغييرات والنشاط مستمر لم يتوقف، وإن كنا نلاحظ مفردات وأشكال التغيير سنويا نحو تطور ملموس.
عبدالرضا: الطموحات بتطوير المسرح كبيرة
قال الكاتب والمنتج حمد عبدالرضا: نحن كفرقة قطر المسرحية نسير في الطريق الصحيح. في البداية كان كل تفكيرنا منصبا على أعمالنا المسرحية. لم نكن نفكر في كيف نجذب الجمهور، بينما اليوم أنت لا تفكر وحدك، بل هناك مسؤول يفكر معك، وهناك وزارة طورت من طموحاتنا في تقديم الأعمال من خلال مهرجان الموسم المسرحي كفكرة أعتقد أنها رائعة لأنك في عروض المهرجان لا تتعدى يوما واحدا؛ بينما عروض الموسم المسرحي مستمرة، كما أن الجمهور من كافة فئات المجتمع، بغض النظر عن الجوائز لأنني لا أفكر فيها، لكن، ومن خلال تجربتين مسرحيتين هما "بائعة الكعك" و"عسل يا وطن" أقول إنني سعيد بهاتين التجربتين رغم أني في البداية كنت متخوفا، لكن بعد تكرار التجربة عرفت الهدف من هذا الموسم.
في السابق كانت عروضنا متواضعة، ولم يكن الدعم كافيا على مستوى عناصر العرض المسرحي، لكن وزارة الثقافة والرياضة في الوقت الحالي لم تقصر في هذه الناحية وقدمت لنا دعما كبيرا يكفي كي أقدم عرضا مسرحيا وأتعاقد مع ممثلين من الخارج. بالنسبة الى تجربة المسرح الجامعي أعتقد أنها تجربة مهمة، وكنت أحد المتابعين للعروض، ونتائجها ظهرت في المسرحية التي قدمتها فرقة الوطن مؤخرا. هذا هو دورنا كفرق أهلية أن نشجع الشباب ونشركهم في أعمالنا. دورنا أن نشاهد عروض المدارس والجامعات ونختار العناصر الجيدة التي تخدم أعمالنا. هذا جزء أساسي من الحراك المسرحي.
طموحات سعادة صلاح بن غانم العلي وزير الثقافة والرياضة بتطوير المسرح المحلي كبيرة، ودورنا كمسرحيين أن نقدم أعمالنا في قطر وفي الخارج. يكفي أن أذكر التجربة الأخيرة التي قدمناها كشركة إنتاج في مهرجان الكويت وفازت بالمركز الأول وهي مسرحية "بائعة الكعك". إذن عروضنا لا تقل قيمة عن العروض الأخرى، وهي في تحسن.
الحمادي: مهرجان المسرح لم يلغ وموسم العروض أثرى الساحة
قال الفنان ناصر الحمادي رئيس فرقة الوطن المسرحية: منذ تسعينيات القرن الماضي تحول المشهد من أربع فرق الى فرقتين تقدمان جميع أنواع فنون المسرح، وكان مهرجان الدوحة المسرحي، وكانت هناك مشاركات خارجية، وانبثق المسرح الشبابي عن ذلك النشاط. في مرحلة أخرى، عندما تم دمج وزارتي الثقافة والرياضة كانت لدى المسؤولين رؤية بإلغاء مهرجان المسرح الشبابي لأسبابهم الخاصة، وإن كنت أرى أن مهرجان الدوحة لم يُلغى ولكن ربما توقف للنظر في كيفية إعادته مرة أخرى. ربما القصد من الموسم المسرحي هو إثراء الساحة بالأعمال المسرحية سواء كانت من الفرق أو من شركات الإنتاج التي دخلت على الخط وتم التعامل معها بمثل ما تعامل الفرقة المسرحية، هذا ربما أحدث جدلا في الساحة. كيف تعامل شركة خاصة معاملة الفرقة الأهلية؟ وكان الجواب أننا نهتم بالمنتج المسرحي وليس بالجهة التي تقدم العمل. نحن من جهتنا كفرق مسرحية نحاول أن نكون موجودين في الساحة بأكثر من طريقة، وهدفنا أن تكون العملية المسرحية مستمرة بقطع النظر عن الربح والخسارة.
من عروض المسرح الجامعي
إبراهيم محمد: الحركة المسرحية في تراجع شديد قال الفنان إبراهيم محمد رئيس فرقة الدوحة المسرحية: الحركة المسرحية للأسف الشديد في حالة يرثى لها؛ وفي تراجع شديد، قابل للانهيار في أية لحظة.. الحركة المسرحية تراجعت كثيراً بعد الضربة الأولى بدمج الفرق المسرحية في عام 1994م ونخشى أن تكون الضربة القاضية لها في الطريق، وهناك مؤشرات واضحة تساهم وتدلل على هذا الأمر.
أنا ضد إلغاء أي مهرجان وبالأخص مهرجان الدوحة المسرحي الرسمي، فهل يعقل أن لا يكون لدولة تهتم كثيراً بالفن والثقافة مهرجانها الخاص؟ كيف نلغي مهرجان الدوحة المسرحي بعد أكثر من (35) دورة، وأحد أهم المهرجانات العربية لمجرد أنه لا يناسب المسؤولين؟
وأشار إبراهيم محمد إلى أن فرقة الدوحة ككل الفرق الأهلية ملتزمة بتقديم العروض المسرحية خلال الموسم المطروح والمتغير في موعده والذي لا تعرف بدايته من نهايته ، وهي جزء لا يتجزأ من الحركة المسرحية المحلية، وتعمل بكل قوتها لتسهم في تقديم الأعمال المتميزة بأسلوبها المعتاد والذي نحن مقتنعون به، ومستمرون في دعم التجارب الشبابية، وفي الفترة الحالية هناك شباب لهم تجارب ناجحة ويسهمون مع الرعيل الأول وأصحاب الخبرة في تقديم عروض مسرحية، وهنا أشد على يد المخرج فالح فايز الذي لم يبخل على الشباب بدعمهم وإشراكهم لهم في الأعمال المسرحية التي ينتجها.
وتابع: المعايير المفروضة لتقديم أي عمل مسرحي سبب من الأسباب التي تربك الحركة المسرحية، وتحد من الإبداع بدايةً من الموافقة على النص المسرحي وحتى اختيار المخرج والممثلين والمشاركين الآخرين والدعاية وكل ما يخص العرض المسرحي، ونفس الحالة تنطبق على لجنة الاختيار والتقييم بحيث يتم تقييم العمل المسرحي على ليلة عرض مسرحية ونسبة الحضور والمشاركين في العمل المسرحي. الحركة المسرحية لن تتطور بهذا الأسلوب وهذه المعايير المسرح لا يخلق نجم شباك مع احترامي للجميع .
أنور: الجهود المبذولة حالياً كبيرة والتقصير منا
قال الفنان محمد أنور: مسألة دمج الفرق تجاوزناها، ولكل مرحلة إيجابيات وسلبيات وأعتقد أن دمج أربعة فرق في فرقتين في المرحلة الماضية كانت جدا مناسبة، وإن كانت هناك سلبيات، حيث شهدنا ابتعاد عدد من الفنانين عن المسرح لفترة معينة، بعد ذلك زاد عدد الفرق والعدد مناسب جدا للمرحلة الحالية لتقديم الأعمال خاصة في ظل دعم وزارة الثقافة والرياضة، وفي ظل وجود سعادة صلاح بن غانم العلي وزير الثقافة والرياضة؛ ودوره الكبير في دعم الفنانين والحركة المسرحية.
بالنسبة الى إشكالية إلغاء المهرجانات، أعتقد أن تلك المهرجانات كانت تقام لمدة أسبوع، وكان العرض يقدم ليوم واحد فقط، أما اليوم فلدينا مهرجان يقام لمدة سنة كاملة. أعتقد أن الموسم المسرحي انعكس إيجابيا على الفرق الأهلية وشركات الإنتاج الخاصة. أما مهرجان شبابنا على المسرح فأعتقد أن الفكرة متطورة عن المسرح الشبابي ولها إيجابياتها أيضا.
في ما يتعلق بالمسرح المدرسي، كنت ضمن المشرفين في فعالية عيالنا على المسرح ومشاركا أيضا، وهو كذلك نشاط بطريقة مختلفة عن التربية المسرحية التي كانت موجودة في السابق من خلال عروض شبه محترفة. أعتقد أن الجهود المبذولة في الوقت الحالي كبيرة جدا؛ ونشكر وزارة الثقافة والرياضة على الدعم الكبير، وإن كان هناك تقصير فهو منا.
سابقا لم تكن شركات الإنتاج لم تكن نشطة كما هي اليوم. كل شركات الانتاج تقدم أعمالا وتختار نصوصا لان هناك دعما وما دام هناك دعم فالكل سيستفيد من هذه المرحلة سواء من ناحية النشاط المسرحي ونلاحظ كفرق محلية أو شركات انتاج الجميع يعمل وينتج.
الصديقي: نعيش طفرة بالمسرح وعلى الجميع التكاتف
قال الشاعر والكاتب عبدالرحيم الصديقي: أعتقد أن وزارة الثقافة والرياضة بذلت جهودا كبيرة خلال السنتين الماضيتين لإنعاش المسرح من خلال الدعم اللامحدود من قبل رأس الهرم، والدليل عدد العروض المتاحة والتي وكانت بمعدل عرض كل شهر خلال الموسم المسرحي؛ وهذه طفرة لم نعهدها من قبل؛ ونأمل مع وجود هذا الكم أن نحصل في المستقبل القريب جدا على الكيف وهي الخلطة السحرية بين المتعة والفائدة والنقد البناء.. وهناك أيضا نشاط ملحوظ واهتمام بمسرح المدارس والمسرح الجامعي لأنهما النواة الأساسية لتغذية المسرح بوجوه جديدة، وأيضا لا ننسى مسرح الدمى والتجارب الجديدة الملفتة للإعجاب.
حقيقة؛ نحن نعيش طفرة في مجال المسرح وعلى الجميع التكاتف والعمل لإنجاح ودمج رؤية الوزارة مع المسرح الاجتماعي لإعادة الجمهور مرة أخرى الى شباك التذاكر، وأن يتحول المسرح الى روتين كما هو الحال مع دور السينما.
السيد: أتمنى عودة المهرجانات المسرحية
قال الفنان نافذ السيد: في الثمانينات كانت الفرق المسرحية الأربعة (الأضواء، والمسرح القطري، والسد، والفرقة الشعبية) كانت كل فرقة من الفرق الأربعة تقدم عملين في السنة، وكان اهتمامهم يتركز على اليوم العالمي للمسرح. بعد ذلك ألغي مهرجاني الدوحة والمسرح الشبابي، واستحدثوا المسرح الجامعي. أتمنى أن تعود المهرجانات كما كانت، ويعود مسرح التربية، وأن يكون المسرح المحلي في أحسن حال وأبهى حلة.
الشرشني: الحركة المسرحية تأثرت بالدمج
قال الفنان علي الشرشني: الدمج أثر على الحركة المسرحية لأنه كلما زادت الفرق زادت الأعمال، بالإضافة الى وجود شركات الإنتاج يعطي زخما وتنوعا في الأعمال. أتمنى أن تعود المشاركات الخارجية كما كانت في السابق حيث كان مهرجان الدوحة المسرحي يساعد على اختيار الأعمال وبغيابه قلت المشاركات، لأن الأعمال الجماهيرية لا تناسب بعض المهرجانات. أتمنى أن يكون المسرح الجماهيري والأكاديمي والشبابي مستمرا طوال السنة. أتمنى أيضا إضافة المداس الإعدادية والثانوية للبنين والبنات الى فعالية عيالنا على المسرح، أو أن يكون هناك مهرجان مدرسي يجمع هذه المراحل كلها، ويعمل جنبا الى جنب مع مهرجان المسرح الجامعي.
0 التعليقات:
إرسال تعليق