ثلاثة في غرفة بيروتية يواجهون الحب والحرب والفراق
مجلة الفنون المسرحية
ثلاثة في غرفة بيروتية يواجهون الحب والحرب والفراق
الكاتب والمخرج كميل سلامة يأخذنا عبر مسرحيته في رحلة إنسانية يتنقل فيها بين الدموع والضحك وصولا إلى المشهد النهائي التراجيدي.
في جو من البساطة المؤثرة التي يمتزج فيها الألم بالضحك تتكشف أحداث مسرحية “… كلكن سوا” التي تعرض هذه الأيام بالعاصمة اللبنانية بيروت، والتي تحاول معالجة معضلة الحب والصداقة والعواطف المكبوتة وسوء التفاهم ووقوف الإنسان عاجزا أمام رهبة الموت.
على مدى نحو ساعة يأخذنا الكاتب والمخرج كميل سلامة في رحلة إنسانية يتنقل فيها بين الدموع والضحك، وصولا إلى المشهد النهائي التراجيدي الذي تقاسم فيه الجمهور وأبطال العمل الثلاثة الدموع عفويا.
قبل العرض يطالع المشاهد نبذة عما هو مقدم على مشاهدته بمسرح “دوار الشمس” وسط بيروت في كتيب صغير جاء فيه “في حرب ما… في مكان ما… في زمان ما… المتقاتلون في الشوارع قلة والمختبئون في البيوت كثر… صديقان علقا في بيت أحدهما… الأول وحيد في بيته فعائلته هربت إلى المهجر… والآخر بعيد ببضعة شوارع عن زوجته وأولاده… صديقا المدرسة والجامعة في الماضي، وزميلا العمل اليوم يستحضران ذكرياتهما بين القذيفة والأخرى… وتعود الذكريات التي جمعت يوما الصديقين والزوجة وتبدأ الحكاية تظهر بوضوح… حرب… ذكريات… حب… فراق… صداقة. وفي لحظة ما يحدث ما يغير قدر الإنسان”.
ما بين الماضي والحاضر يفهم الجمهور الذي لم يكظم انفعالاته في مختلف مراحل المسرحية القصيرة والمكثفة أن رواد ومروان في الواقع يحبان ليلى الحائرة ما بين حبها القديم لمروان الذي خذلها وحبها لزوجها رواد الذي ستعبر عنه فقط لحظة وفاته
يقوم ببطولة مسرحية “… كلكن سوا” بديع أبوشقرا ورودريج سليمان وباتريسيا نمور الذين جسدوا على خشبة المسرح صداقة متينة تجمعهم منذ سنوات طويلة وقد شكلوا معا فريق عمل متجانس.
تدور القصة حول صداقة قديمة وحميمة تجمع بين رواد (بديع أبوشقرا) ومروان (رودريج سليمان) على الرغم من التناقض الكبير بين الشخصيتين ولا سيما في طريقة تعبيرهما عن الغضب والحب والخيبة ومختلف التفاصيل اليومية الصغيرة.
رواد يعبر بانفعال مفرط ولا يخجل من البوح بأحاسيسه كاملة من خلال الكلمات النابية في وقت نشاهد فيه مروان هادئا حتى البرودة ويعيش وحدته وخيبته الكبيرة في الحياة داخليا من دون الإفصاح عنها.
رواد متزوج من ليلى (باتريسيا نمور) التي لم تعترف له بحبها يوما، ولا تعبر عن أحاسيسها تجاهه على رغم حاجته الكبيرة لحنانها وحبها. مروان منفصل عن زوجته الأميركية التي قدمت له جواز السفر الأجنبي ولكنها لم تقدم له يوما الحب ويعيش وحدة قاتلة بعدما أخذت الأولاد معها إلى الولايات المتحدة.
هكذا تنقلنا المسرحية بين شخصيتين على اختلافهما يرسمان صورة متكاملة للواقع الإنساني اليوم، بأسلوب رشيق يعتمد تقنية الاسترجاع الفني -الفلاش باك- وتقطيع المشاهد، فيكتشف الجمهور رويدا رويدا القصة الكاملة لشخصيات تعيش في الواقع قدرا موحدا نتيجته الحتمية هي موت رواد مصابا برأسه برصاصة قناص.
وما بين الماضي والحاضر يفهم الجمهور الذي لم يكظم انفعالاته في مختلف مراحل المسرحية القصيرة والمكثفة أن رواد ومروان في الواقع يحبان ليلى الحائرة ما بين حبها القديم لمروان الذي خذلها وحبها لزوجها رواد الذي ستعبر عنه فقط لحظة وفاته.
وفي اللحظة الأخيرة والحاسمة يسمح مروان لنفسه -وللمرة الأولى في حياته- بأن يتفوه بجملة نابية في اللهجة اللبنانية، أخذ كميل سلامه الجزء الأخير منها ليضع عنوان المسرحية “… كلكن سوا”.
-----------------------------------------
المصدر :جريدة العرب
0 التعليقات:
إرسال تعليق