إنعقاد الملتقى الفكري (التمسرح في الخطاب الراهن وممكنات الاستجابة والتلقي) يعد من أهم وأبرز الفعاليات المصاحبة لمهرجان بغداد الدولي بنسخته الثالثة 2022
مجلة الفنون المسرحية يعد من أهم وأبرز الفعاليات المصاحبة لمهرجان بغداد الدولي بنسخته الثالثة 2022
رئيس الملتقى: (التمسرح) فضاء لافت في الإشتغالات المسرحية الجديدة والمعاصرة هيمن على كل ما سواه من مفهومات مسرحية راسخة
افتتح الملتقى د.أحمد حسن موسى رئيس المهرجان واستمر يومين وشمل أربع جلسات بمشاركة نخبة من أبرز الباحثين في المسرح العراقي والعربي وناقش وعالج مفهوم التمسرح من وجوه عدة
كتب - - عبد العليم البناء
تتواصل العروض المسرحية العراقية والعربية والأجنبية والفعاليات المصاحبة المتنوعة التي يشهدها مهرجان بغداد الدولي للمسرح بنسخته الثالثة، والذي تنظمه دائرة السينما والمسرح في وزارة الثقافة والسياحة والآثار للمدة من العشرين ولغاية الثامن والعشرين من تشرين الأول أكتوبر 2022 تحت شعار (لأن المسرح يضيء الحياة)، بمشاركة واسعة من شخصيات واسماء وفرق مسرحية مرموقة وفاعلة في المشهد المسرحي داخل وخارج العراق، بما حقق ويحقق حراكاً مسرحياً فاعلاً أحال نهارات وليالي ومسارح بغداد العريقة، الى بؤر مضيئة ومشرقة ونقاط اشعاع وتأثير وفعل ابداعي شامل تماهى معه جمهور نوعي كبير وحضور يومي دائم، شمل مختلف شرائح المجتمع وفي مقدمتهم كواكب من الفنانين والمثقفين والإعلاميين بما فيهم عدد واسع من المسرحيين بمختلف تمظهراتهم الابداعية ..
ولعل من أهم الفعاليات المصاحبة التي عرف بها هذا المهرجان هو المحور الفكري الذي شمل فعاليات عدة، كان في مقدمتها (الملتقى الفكري) الذي انعقد تحت عنوان عريض (التمسرح في الخطاب الراهن وممكنات الاستجابة والتلقي) برئاسة الدكتور رياض موسى سكران، الذي حمل لواء هذا المؤتمر الفكري طوال أكثر من دورة ونجح في إدارته بشكل واضح ومميز، وقد ساعدته في ذلك الدكتورة سافرة ناجي وشارك فيه عدد من الباحثين الأكاديميين المرموقين عراقياً وعربياً ..
وشمل الملتقى الذي استمر يومين وشمل أربع جلسات وافتتحه الدكتور أحمد حسن موسى رئيس المهرجان مدير عام دائرة السينما والمسرح،بكلمة ترحيبية أشار فيها الى أهمية ودور الملتقي في تفعيل الحراك المسرحي ومناقشة جماليات الفكر المسرحي بمختلف تجاياته، وقد أصدر المهرجان كتاباً تضمن نشر جميع البحوث المهمة المشاركة في المؤتمر والتي تمحورت حول عنوان الملتقى (التمسرح في الخطاب الراهن وممكنات الاستجابة والتلقي)..
د. رياض موسى سكران : التمسرح.. غواية الإستعادة
وتضمن الكتاب تقديماً لرئيس الملتقى الدكتور رياض موسى سكران الذي قدم فيه قراءة موضوعية شاملة نصت على :"تشغل فكرة (التمسرح) فضاءً لافتاً في الإشتغالات المسرحية الجديدة والمعاصرة، حتى يكاد يهيمن على كل ما سواه من مفهومات مسرحية راسخة، وهو يتسلل الى مجمل عمليات صناعة العرض المسرحي الراهن، فـ(التمسرح) يعكس مجمل ما يحدث في الواقع ،بكل متغيراته وإنعطافاته وتأثيراته على المجتمع والفرد، ولأن أساس العرض المسرحي يقوم على محاكاة هذا الواقع وإعادة تشكيله، من هنا فإن طبيعة وحركة ومتغيرات الحياة الراهنة تمثل جوهر ومركز اتصال الجمهور بالعرض، لا سيما العرض الحديث الذي يتفاعل مع حجم المتغيرات الهائلة والمتسارعة والمتداخلة في مجمل مفاصل حركة الحياة اليومية التي أربكت قناعات متلقي العرض المسرحي..وثقافة التلقي بشكل عام، والتي تستلزم مراجعات جديدة وقراءات محدثة وصياغات مبتكرة، كما إن ضغوطات الحياة اليومية وما خلفته سياسات الحروب من مآس وآثار سلبية على مجمل مفاصل الحياة التي صار الإنسان يعانيها، جعلته يشعر إن مآسيه أكبر وأعمق مما يقدمه المسرح له، مما يستدعي البحث عن صيغ وأساليب جديدة )تمسرح( كل هذه الإضطرابات والأزمات الحياتية اليومية لتعزيز قناعات الجمهور بالمسرح، فثقافة التلقي اليوم تستلزم مراجعات جديدة في صناعة خطاب العرض المسرحي وكيفيات صياغته التي تقوم على الحقيقة الراسخة من إن الفنان شاهد عصره.
وينطـوي فعـل (التمسـرح) علـى محاولـة إسـتعادة المسـرح لجوهـره، وهـي محاولـة تـكاد تكـون بالمعنـى الأنثروبولوجـي محاولـة للإبقـاء علـى جمرته متوهجـة، تنصهر في موقدهـا كل تلك الهواجـس والإنفعـالات والمشـاعر والمخـاوف والأمنيـات، منـذ العـرض الأغريقـي الأول الـى اليـوم، فثمـة حاجـة دائمـة ومتجـددة لإسـتعادة المسـرح لجوهره وتاريخه ومسـيرته وهو ينظر الى مسـألة التمسـرح بوصفـه ظاهـرة تعبيريـة موغلـة في سـلطة المسـرح، فهي غوايـة لإعـادة إنتـاج الواقـع والحيـاة، وغوايـة فـي التمويـه والتجديد والتأسـيس والتجريب والإكتشـاف والمغايرة والمغامرة..، سـعياً نحو تحقيـق المقولـة الأرسـطية فـي الوصـول الـى (مـا ينبغـي أن يكـون) لتنفتـح أبـواب الغوايـة التـي تتخطـى مـا قـام بـه برومثيـوس حين سرق شعلة النار المقدسة..لتنفتـح أبـواب الغوايـة التـي تتخطـى مـا قـام بـه )برومثيـوس( حين سرق شعلة النار المقدسة..
إن الحديـث عـن فضاءات التمسـرح مسـألة تهدف بالأسـاس لكشـف طبيعـة المسـرح وجوهـره، بمعنـى أنّـه كلمـا بلـغ المسـرح ذروة أزمتـه، فإنـه أعـاد النظـر مجـدداً في جوهـره الكامن فـي قدرته علـى التمسـرح الـذي ينفتـح علـى مجمـل مسـتجدات الحـراك اليومـي والحياتـي وعلـى إشـكالات الوجـود والكائـن والممكن ..فالتمسـرح يرفـض الإشـارة الـى اللحظـات العابـرة مـن حيـاة الإنسـان، بل يقـف عند اللحظـات )الفارقة( من الوجـود ومن تأريخ التحـولات والإنعطافـات والمتغيـرات فـي الواقـع والحيـاة، ليكون شاهداً أميناً على عصره.."
وشارك في كتابة البحوث القيمة والمهمة.المخرج المسرحي الكبير أ. د. صلاح القصب/ من العراق: (حركة واشتغالات مدارات التمسرح)في حين توقف أ. د أبو ألحسن سلام/ مصر عند (مرجعيات دراماتورجية التمسرح)، وعالج د. محمد المديوني – تونس: (التمسرح فخّ المصطلح ومتاهات المفهوم)، أما أ. د عقيل مهدي يوسف / العراق فجاء بحثه تحت عنوان ( التمسرح من مؤثرات المسرح) ، وعالج الفنان عزيز خيون/ العراق:(التمسرح كظاهرة حياتية وذاكرة ثقافية) في حين ناقش، بحث د. يوسف الحمدان / البحرين: (كتابة الجسد وتفعيله ومسرحته في موروثنا العربي)، وتوقف الباحث السر السيد – السودان: عند (تجليات التمسرح فى المشهد السياسى السودانى المعاصر)، وجاء بحث الفنان والمخرج المسرحي كريم رشيد العراق / السويد تحت عنوان ( أيُ ممكنات للأستجابة والتلقي في العروض المسرحية في المهجر؟)، في حين توقفت الباحثة رشا عبد المنعم/ مصر: عند (التمسرح ومحاورة الواقع وكيف يتأتى الأثر الجمالى والموضوعى فى مواجهة العزلة)، وتناول الباحث د. عبد الحليم المسعودي / تون(المَسْرَحَةُ العربية، الغواية و الحاجة )، وعالجت د. أمل بنويس / المغرب(إمكانات التمسرح ورهانات ما بعد الدراما )، وختم الكتاب والملتقى ببحث د.جبار خماط حسن/ العراق : الذي جاء تحت عنوان (فضاءات التمسرح في النص القرآني) حيث تعرض "لمتن لغوي محكم في أسلوبه ودلالاته الناهضة، نحو البلاغة والاتصال والحياة الذي يتضمنها القرآن الكريم وكيف ظهرت في صيغ تمسرحات لتقريب التصورات الداخلية للمعنى في المتن القراني، وما حفلت سوره الكريمة من تاريخ أحوال الأمم الغابرة والعبر التي نستدل عليها من الأقوام السابقة، فالقرآن الكريم، البيان العجيب في إبداعه وتدوينه، نتناوله بوصفه يحقق صيغا للتمسرح، له بنائه الداخلي في تطور وإدارة الطاقة الداخلية للأحداث في بنية ايقاعية محكمة الايجاد من خلال استراتيجية متنامية، ولهذا والتمسرح هي مجموعة الوسائل الواضحة التي يستخدمها االمخرج لربط أجزاء العرض المسرحي بعضها ببعض وبالكل العام من خلال فكرة التضامن الجمالي بين الأجزاء، يكون ضرورة لضمان ثبات البناء ،لان المبنى ينهار اذا لم يك تضامناً بين اجزائه، وعليه فإن البناء أو البنية هي ما يكشف عنها التحليل الداخلي للعناصر والعلاقات القائمة بينها ،الجوهرية منها والثانوية).
0 التعليقات:
إرسال تعليق