أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

السبت، 15 مارس 2014

الأداء الجيد يمنع التساؤل والقلق / مجدي الحمزاوي

المجلة المسرحية المتخصصة بفنون المسرح

عرض 1470043_626625597395809_1636402024_n.jpg
عرض 1486858_626625084062527_1021102665_n.jpg




عند مشاهدتك لعرض طقوس الموت والحياة الذي يقدمه مسرح الطليعة من تأليف د عصام عبد العزيز وإخراج مازن الغرباوي ، فهناك احتمال كبير أن جلس مستمتعا بأداء تلك الممثلة الشابة نهى لطفي ، فهي تمتلك حضورها الطاغي الخاص . علاوة على موهبتها لواضحة فهي تعبر بكل أدوات التعبير التي يملكها البشر بطريقة جيدة ولا تعلو أداة منهم ‘ن الأخرى . فعندما تراها وهي تمثل بالصوت والوجه والإيماءة والجسد تشعر أنك أمام مقطوعة موسيقية كتبت ونفذت بعناية ووعي وقدرا كبير من الروعة.
فهذا الأداء المتمكن لن يجعلك وقت المشاهدة تقف كثيرا لتسال نفسك ، هل أنت أمام نصا مسرحيا مكتوب أساسا للمسرح. أم أنك أمام مجموعة من اللوحات وضعت بجوار بعضها لكي تكون ما يشبه النص المسرحي؟
فقد غاب البناء المؤدي بالحدث لآخر يتفق او حتى يتعارض معه؛ أو حتى يكون بناء عليه .وأصبح الأمر أشبه باللوحات المنفصلة ، مع أن الشخوص واحدة والمكان واحد ، والمفترض أن هناك حدثا واحدا رئيسا قد جمعهم .
فص العرض الذي يدور في المقابر حيث شاهد قبر تقف أمامه الحبيبة بعد انممات حبيبها لتؤكد أنها باقية معه بجانب القبر او حتى الموت أو حتى تتحقق المعجزة بعودته للحياة ثانية . وتتداخل مع هذه المحبة بعض الشخصيات الأخرى مقل الزوجة والابن  لهذا المتوفى ثم العريف والجندي . وتشرع قصة حب بين الجندي والحبيبة في البزوغ ج ولكنها تقف أمام حدث مقحم في الأساس بإقحام هاتين الشخصيتين على المحبة بدون دافع حقيقي ليموت الجندي أو ينتحر . وبعدها تخرج الحبيبة من أسر المقبرة للحياة!!
وإذا كانت الأحداث كما قلنا غير متصلة أو لم يكن هناك حتمية درامية بغالب أجواء نص العرض . فأننا نشعر أيضا أن هناك كلمات وأحداث أقحمت خصيصا لتتناسب مع الحالة المصرية في اليومي والمعاش . مع أن المفترض انك أمام نص شبه فلسفي يناقش الخيط الواهي بين الموت والحياة وأن الطرفين على ارتباط ببعضهما البعض . وهذا يدور في شبه بنيان به بعض الشاعرية التي تتناسب مع النظرة الكلية الواجبة للتعامل الفلسفي مع بعض الأمور والحقائق.
 فأنت أمام مجموعة كبيرة من الصدف التي يمكن وصف الكثير منها بأنها فجة وغير قابلة للتصديق . وذلك في محاولة لخلق حالة من التضاد أو الثنائية المتعارضة الاتجاه أو الأطراف أمامنا بشكل دائم . والثنائية القائمة فقط على الصدفة ، أعتقد أنها تفتقد الكثير من الصدق ومن ثم الغرض وتضيع الرسائل المرادة بالكثير من الأوقات .
فهذه الحبية التي نذرت نفسها للموت أولا . نجد نفسها أما داع للحياة متمثلا في العريف . الذي كان وجوده لمجرد حراسة جثة لثائر مشنوق خوفا من أن تمتد يد الثوار للجثة ويقوموا بدفنها بمكان معلوم يصبح مزار للثوار فيما بعد . وهنا لا بد أن تتوقف أمام تلك السلطة التي تأمر بهذا ؛ هذا الغباء غير المتوقع من أي كائن . ففي الواقع القريب قدمت أمريكا حلا لهذا الأمر مع جثة بن لادن ؛ وهو التخلص من الجثة بمكان غير معلوم ؛ لا نصبها على المشنقة. ولكن ما حدث كان تبريرا لقيام الثوار بسرقة الجثة فيقوم داعي الحياة المتمثل بالعريف بالهروب من المحاكمة العسكرية عن طريق الانتحار , ون ثم يقدم حلا للقيادة بأن تعلن أن جثته هي جثة الثائر المسروقة , ثم تعترف بالثورة!!
أم هو قصد فعلا ان تكون الأوامر بأيدي الأغبياء ؟ وهنا يكون الخروج عن خطه العام شبه الفلسفي محاولة.  كما ان رسالته بها الكثير من الغموض وكان يجب ان يؤكدها لو كان مؤمن بها حقا
أعتقد أن هذا الإقحام وتلك المعالجة الغير متوازنة لم تأن إلا تبريرا  لما قاله العريف في ثنايا الحديث – وأيضا بدون داع _  أن الجيش يكره الثوار والثائرين . لا لأنه يأخذ موقفا منهم . ولكن لآن حالة لثورة من الممكن أن تولد مواجهة بين الشعب ونفسه . في الوقت الذي يجب على الجيش فيه حماية الجميع . فلا يمكن أن يسمح بهذا الاقتتال الداخلي. ولذا فهو ضد أي بادرة لهذا أيا كانت.
أيضا نجد أن الحبيبة حينما دخلت في حوار ساخن وصراع مع الزوجة ، لم تكتشف أو تصرخ بأن حبيبها ليس بزوج هذه المرأة حينما عرفت أن حبيبها كان مجرد قائدا لمجموعة من المرتزقة و ولكنها قبلت بهذاّ، قبلت  فكرة أن تنذر نفسها للموت من أجل مرتزق يتاجر بالموت؛ يقاتل في صف من يدفع أكثر !! ولكنها اكتشف هذا فقط حينما صرحت الزوجة بأن زوجها غنيا ؛ فقالت هي بأن حبيبها فقيرا ؛ وبهذا اكتشف بأن الحبيب ليس الزوج!! وكل هذا لمجرد أن توضع ثنائية بين المحبة والزوجة ونظرة كلا منهما للأمر . فالحبيبة تهتم بمن ذهب أما الزوجة فتهتم بما تركه من ذهب . متناقضة مع طقوس الحزن والموت التي قدمتها بأول الأمر وأجبرت الابن عليها ؛ ليخبرك بأن الزوجة ترتدي الأسود تحزن لمجر الشكل الاجتماعي أما الحبيبة فترتدي الأبيض وهي تنذر نفسها للموت . وإذا كانت هذه المقابلة بين اللونين هي من اختصاص مهندس الديكور د أحمد عبد العزيز . الذي تعامل مع هذه الثنائية بشكل جيد بل وتوصل للمعنى الفلسفي المراد بأكثر مما قاله نص العرض ، من حيث تعامله مع الأزياء والألوان الموجودة أمامنا لتدرك بأن الحياة ليست متمثلة في ابيض وأن الموت ليس أسودا . وإنما الحياة هي فيما بين ألبيض والأسود أو الألوان الأخرى . فجاء شبح الحبيب او استرجاعه بالونين معا . وكانت الشخصيات الحية المتمثلة بالجندي والعريف تحمل لونا آخر . أما الموت فهو صاحب اللون الأبيض المتمثل بالأضرحة وحتى لباس الحبيبة الأبيض التي نذرت نفسها للموت فهو يشي بالأكفان ومتوائما مع حالة القبور . أما الأسود الذي ترتديه الزوجة حزنا ؛ فهو لا يشي بالموت الفيزيقي وإنما علاوة على كونه حدادا أو تعبيرا عنه ولكنه يشي   بموت ماهو ميتافيزيقي داخل النفس الإنسانية . وعلى هذا تكون الحياة في حد ذاتها متمثلة في امتزاج اللونين معا أو خروجا عنهما والإتيان بلون ثالث  له دلالته الخاصة في كيفية حياة الفرد الذي يرتدي اللون المخالف . ولكن تظل الرتبة المعلقة على كتف العريف مدعاة للتساؤل . فهل كانت مبالغة فقط في الأمر . أم محاولة للسير وراء الكاتب في إضفاء حالة من الآنية على العرض المسرحي ؟ فإن كانت الثانية فإ الواقع يكذب  ما حاولا أن يصلا إليه . ويكون الأمر فقط أن ملابس العريف خارج السياق الفني  أو الواقعي . فهناك تعارضا كبيرا بين الرتبة التي توضع على الأذرع وتلك التي على الكتف.
ولكن يظل هناك السؤال التقليدي. لماذا يصر مهندسو الديكور عندما يتعاملون مع قاعة الطليعة أن يحتلوا الجزء الأكبر من القاعة بهذا الديكور ولا يكون هناك مكان كاف للجمهور. هل هذا ( كترة فلوس) أم رهانا على قلة الجمهور؟
وجاءت الإضاءة التي  وضعها د .رامي بنيامين لتؤكد على بعد آخر . وهو أن ما يحدث أمامنا هو نتيجة اختيارنا وليس جبرا أو أمرا إلهيا او ما شابه . فهو استخدم الضوء الصريح من أعلى ومن أسفل ولم يغلب اتجاه منهما على الآخر . فكانت النتيجة أن المنتصف كان هو مكان الفعل ؛ وهذا المنتصف هو نحن.  وعندما استخدم الألوان في الإضاءة تعامل جيدا مع أبيض  مهندس الديكور بحث كان اللون المسيطر هو لون الحالة الداخلية للحوار أو البوح.
ولكن لا تعني إشادتنا بنهى لطفي أنها كانت الوحيدة التي تمثل بجودة في العرض . صحيح إنها اكتشاف على الأقل بالنسبة لي  وواجب الاعتناء بها مستقبلا لصاح الفن المصري. لكن كان معها كوكبة لا بأس بها من الممثلين فمحمود عزت/ العريق قام بدور على وجه جيد وجعلنا نصدقه في بع1ض الصدف الغير مبررة، وفاطمة محمد علي / الزوجة هي ممثلة قديرة بلا شك ويكفي اننا جعلتنا نكره ماهي عليه الشخصية . والطفل حازم عبد القادر/ الابن . هو موهبة على الطريق . أما مايكل بشرى/ الجندي فهو مشروع ممثل جيد ولكن عليه أن يتوقف عن محاولة استجلاب الكوميديا . فليس بالحركات والمبالغات الكوميدية وحدها يكون الممثل . ولكن باتساق شخصيته التي يمثلها مع الحالة التي عليها الشخصية وتكوينها والموقف أيضا.
والعرض في حد ذاته هو خطوة للآمام لمازن الغرباوي  . فل ينسب كل نجاخ لعناصره التي اختارها سوءا ممثلين أو فريق العرض العام وأثبت ته يستطيع التعامل مع المساحة الصغيرة ليقدم حركة  مسرحية لها دلالتها مع مساعدة كريمة بدير التي قامت بتصميم الحركة التعبيرية للعرض.

خاص

0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption