أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الأربعاء، 22 أكتوبر 2014

البطوسي يخرج مشهرا أول مونودراما شعرية مزدوجة / عبد الجبار خمران

مدونة مجلة الفنون المسرحية
المسرحي عبد الجبار خمران

البطوسي يخرج مشهرا أول مونودراما شعرية مزدوجة
                                                  عبد الجبار خمران
من نافل القول الإقرار بأن المونودراما لا تتحقق - سواء في صيغتها النصية على الورق أو البصرية على الخشبة - إلا من خلال فعل درامي فردي الأداء. فهي مسرحية ركيزتها الأساس، ألا يحرك دواليب مجريات الأحداث فيها أكثر من ممثل واحد أو ممثلة واحدة.
أول من أطلق تسمية "مونودراما" على واحد من نصوصه هو الشاعر الانجليزي ألفريد تنيسون سنة 1855م. أما أصول المونودراما فيرجعها الباحثون الى البدايات الأولى لنشأة الفن المسرحي. زمن كان الممثل اليوناني ثيسبيس (القرن السادس ق.م) يجوب الساحات متنقلا من مدينة الى أخرى بمعية عربته مقدما فرجته المسرحية وهو يشخص الأدوار بشكل فردي لا مُعين له غير الأقنعة واللعب بالأصوات ومهاراته في تقمص شخصيات حكاياته.
وبعد حقبة زمنية طويلة جدا تفصل عصر ثيسبيس عن عصر المسرحي الألماني يوهان براندز (القرن 18) ستبعث المونودراما المعاصرة بكتابات وتشخيص هذا الاخير.
أما عندنا فيرجّح أغلب من أرّخ لفن المونودراما ومنهم حسين على هارف، أن المسرحي العراقي يوسف العاني هو من كان له قصب السبق عربيا في تقديم أول مونودراما بمفهومها المعاصر، وعنوانها "مجنون يتحدى القدر" ( كتبت سنة 1949م وتم تقديمها سنة 1950م).
النص الذي بين ايدينا (ياراجويا) يتصل بالمونودراما وينفصل عنها في الآن نفسه، فهو مقترح مسرحي تجريبي يشيّد بُنيته الدرامية على تضعيف الشكل المونودرامي ومنحه كيانا دراميا يتموضع داخل منطقة عازلة تفصل مسرحية يشخصها ممثلين (ديودراما) عما أسماه عادل البطوسي (مونودراما شعرية مزدوجة). إنه شكل مسرحي مبتكر يستحق التوقف عنده نقديا واستقصاء مكونات جمالياته المسرحية المتكئة على متوالية يتعاقب من خلال صيرورة خطها الدرامي الرابط (طرح وطرح مضاد).
 هذا التعاقب المونودرامي يخلق من خلاله المؤلف مساحة متخيل أوسع يتفاعل داخلها حكايتان متضاربتان. الحكاية الأولى تشخصها الراقصة يارا. والحكاية الثانية يفنّد من خلالها النحاة جويا ما تسرده قبله يارا. فإذا كان متلقي (المونودراما) عادة حبيس حكاية واحدة ووجهة نظر أحادية، فانه هنا تُفسح له امكانية حضور الغائب الدائم في اي مونودراما، ذلك الذي تتحدث عنه الشخصية الحاضرة.  لتعطيه (المونودراما المزدوجة) حق الكلام والتعبير والرقص فتخرجه بذلك من حضرة الغياب ليصير شاخصا في حضرة الجمهور.

تقنية الكتابة في (ياراجويا)  ليست برانية بحيث توظف متوالية "النصين" بشكل مجاني، كما انها لا تنشد بهرجة زائفة. فقد نجح عادل البطوسي من خلال منطوق الشخصيتين ومشاعرهما وتعبيراتهما الجسدية  أن يجعلهما يتلاحمان من خلال النصين/النص بشكل عضوي. وذلك عبر مشاهد محددة التفاصيل، وإشارات ركحية دقيقة تُحدد عناوين المقطوعات الموسيقية وأسماء الرقصات، وحوارات مكتوبة بشفافية وبإحساس عالي بالإيقاع اللغوي والتعبير الحركي. إننا أمام نص مسرحي تجريبي تتناسج فيه حكايتا راقصة ونحاة، شخصيتان هما وجها المونودراما الشعرية المزدوجة الاولى من نوعها، والتي سيكون لها ما بعدها. 

0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption