أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الاثنين، 20 أكتوبر 2014

درماتورجيا العمل المسرحي و المتفرج للباحثين محمد سيف و خالد أمين

مدونة مجلة الفنون المسرحية

درماتورجيا العمل المسرحي و المتفرج للباحثين محمد سيف و خالد أمين














يعد كتاب: " درماتورجيا العمل المسرحي و المتفرج " للناقدين المسرحيين محمد سيف و خالد أمين من أهم المراجع المتعلقة بالدراسات المسرحية التي طالعتها في المدة الأخيرة ، إنه الكتاب رقم 29 ضمن سلسلة منشورات المركز الدولي لدراسات الفرجة الكائن مقره بمدينة طنجة المغربية ، و الذي – المركز – يشرف عليه الأستاذ الدكتور خالد أمين .
إن هذا الكتاب هو بحق من النوع الذي يخف حمله و تكبر قيمته العلمية ، و يغري بالقراءة الفورية لما فيه من كنوز فكرية ، حيث إنه يقع في 130 صفحة من الحجم المتوسط و ينقسم إلى فصلين كبيرين صدرهما الدكتور سعيد كريمي بعتبة على شكل مدخل لعالم الدراماتورجيا ، ثم جاء الفصل الأول من الكتاب بقلم الدكتور خالد أمين و هو بعنوان رئيسي : " الدراماتورجيا البديلة : الأشكال الخاصة بطلائع الألفية الثالثة " تناول فيه الباحث عدة مسائل و قضايا فنية مسرحية مهمة وضعت على بساط البحث و النقاش عددا من المسائل المتصلة بمسرح مابعد الدراما و التي أطلق عليها الباحث تعبيرا ربما يكون أكثر دقة و هو الدراماتورجيا البديلة ، و قد تمحورت فكرة الفصل حول النقاط الآتية :
- أرسطو و سطوة دراماتورجيا المؤلف .
- تناسج الدراماتورجيا .
- الدراماتورجيا البديلة : هل هي اتصال أم انفصال ؟
- المرتجلة – مابعد الكولونيالية ، و دراماتورجيا الانعكاس الذاتي .
- الدراماتورجيا البصرية و المنعطف الوسائطي.
- الدراماتورجيا البديلة في سياق الربيع العربي .
- دراماتورجيا نون النسوة : مسرحية " ديالي " و الحراك من أجل تأنيث الفرجة المسرحية .
- " دموع بالكحول " و المنعطف الإثنوغرافي في المسرح المغربي المعاصر .
- دراماتورجيا المثاقفة و إعادة كتابة الحداثة المسرحية
- خلاصات أولية .
و من خلال مطالعتنا لعناصر هذا الفصل ، فإننا نكتشف أهمية مصطلح الدراماتورجيا الذي أصبح يعد اليوم من أكثر المصطلحات شيوعا و تعبيرا عن جوهر الممارسة المسرحية ، حيث إنه يشير إلى مجموعة من القواعد و النظم و الأعراف التي تتحكم في عملية بناء النصوص الدرامية ، كما تمتد لتشمل مجال الإخراج المسرحي.
إنها إذن مفهوم متشعب يحاول الإحاطة بكل حيثيات الممارسة المسرحية من حيث كونها نصا له خصائصه و مقوماته ، و عرضا له تجلياته السمعية البصرية و طقوسه الفرجوية المتعددة ، و هذا بالإضافة إلى أن الدراماتورجيا الحديثة تختلف عن الدراماتورجيا الكلاسيكية في كونها لا تقصي من اهتماماتها جانب النقد المسرحي من حيث كونه تحليلا علميا منهجيا للمارسة الدراماتورجية.
لقد تأسس مسرح مابعد لدراما انطلاقا من التطور الذي شهدته مفاهيم الدراماتورجيا في المسرح المعاصر ، حيث إن الدراماتورجيا الكلاسيكية في تركيزها على النص تحيلنا على قواعد المسرح الأرسطي ، و القائمة على الالتزام بقانون الوحدات الثلاث ( الحدث و المكان و الزمان ) ، بينما نجد الدراماتورجيا الحديثة تراهن على خرق تلك المعايير والقواعد الأرسطية و كل الشعريات الكلاسيكية لإنجاز الفرجة و تحقيق التواصل مع الجمهور ، حيث نلاحظ أن الدراماتورجيا الكلاسيكية كبينية داخلية تهتم على الخصوص بالعقدة و العرض و الصراع و النهاية و البنية السردية للنص الدرامي ، في حين أن الدراماتورجيا الحديثة كبنية خارجية تهتم بسبل و وسائل الإنتاج على خشبة المسرح ، أي تهتم بكل عناصر العرض المسرحي .
و الحقيقة فإن الباحث الدكتور خالد أمين لا يتوقف عند التحليل النظري لمصطلح الدراماتورجيا و مفاهيمه المختلفة ، بل إنه يبادر إلى تقديم مقاربات تطبيقية من خلال دراسة بعض العروض المسرحية التي تختزن تجليات درامية تجريبية يمكن وضعها ضمن خانة مسرح مابعد الدراما ، و هو المسرح الذي يتسم بتخلصه من المعايير الأدبية الدرامية كشرط لوجود الحدث المسرحي .
إن مسرح مابعد الدراما يؤسس هويته على ردم الحدود بين الفنون و توظيف جماليات خاصة تنعكس في الاهتمام بالسينوغرافيا و الموسيقى ، و استثمار الجسد في الأداء المسرحي ، و التعامل مع الإنارة باعتبارها لغة فنية ، كما تنعكس في الصورة الثابتة أو السينمائية ، و اللغة على الخصوص التي ترصد البعد الاجتماعي و السياسي من خلال طابعها اليومي .
أما الفصل الثاني من الكتاب و الذي خطه الدكتور العراقي " محمد سيف " الباحث المسرحي المعروف و المقيم في باريس ، فقد جاء بعنوان " الدراماتورجي ، ماذا يعني ، و ماهي وظيفته ، ومواصفاته ، و أنواعه ؟ "
و الحقيقة أن المطالع على هذا الجزء من الكتاب لابد و أن يكتشف قدرة الباحث " محمد سيف " على التحليل الهادئ وفق تدرج منهجي ينم عن قدرته العلمية في الإحاطة بعوالم الدراماتورج ، حيث قدم في البداية دراسة التطور الدلالي لمفهوم الدراماتورج عبر المراحل التاريخية المختلفة ، و هذا قبل أن يقدم تحليلا وافيا للمفهوم المعاصر للدراماتورج و وظيفته الحديثة التي تعود إلى العالم " ليسينغ " الذي يعود إليه الفضل في فرض هذا المصطلح ضمن مجالات الدراسات المسرحية المعاصرة ، ثم تمتد عناصر هذا الفصل لتدرس هيئات مختلفة للدراماتورج ، و هذا قبل أن يفيض الباحث " محمد سيف " في دراسة قضية الدراماتورج في المسرح العربي انطلاقا من تجربته – محمد سيف – في العمل المسرحي مع المخرج الدراماتورج العراقي الشهير قاسم محمد و كذا الفاضل الجعايبي .
و صفوة القول فإن كتاب درماتورجيا العمل المسرحي و المتفرج للباحثين محمد سيف و خالد أمين هو بالفعل فتح علمي رائد في مجال النقد المسرحي العربي ندعو جميع المشتغلين بالدرس المسرحي لاقتنائه و مطالعته للاستفادة مما فيه من معلومات ثمينة .
حسن تليلاني

0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption