توصيات مهرجان المسرح العماني تؤكد أهمية تفعيل دور الشباب المسرحي
مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني
عقد مؤتمر صحفي للضيوف والمشاركين في المهرجان المسرحي السادس الذي تستضيفه مدينة نزوى ضمن فعاليات الثقافة الإسلامية، والذي خرج بعدد من التوصيات والتي تخلصت في أهمية تفعيل دور الشباب العماني المسرحي، وتكثيف حلقات العمل في مجالات المسرح المتعددة، والتركيز على ضرورة إقامة مسارح في مختلف المحافظات، لتقديم العروض المسرحية.
وحضر المؤتمر كلا من الدكتور محمد حسين حبيب، والدكتور عمرو دوارة، والدكتور عمر نقرش، والدكتورة ليلى بن عائشة، وعزة القصابية، والدكتورة نوال بن إبراهيم، وكلا من رؤساء الجمعية الدولية لنقاد المسرح، مارجريت سورنسون وأمينها العام الدكتور ميشيل فايس، وعبدالرزاق الربيعي.
وتحدث الدكتور محمد حسين حبيب عن ما استشفه من خلال حضور مهرجان المسرح، والعروض التي تم تقديمها، حيث قال: "لفتني بشكل كبير الحضور الجماهيري الكبير، والذي لم ألحظه في مناطق كثيرة، فعادة يكون الجمهور بهذا الحجم في الافتتاح، ولكن بدا لنا أن الحضور في كل يوم هو حضور افتتاح"، كما تحدث حبيب في المؤتمر عن حماس الشباب، والطاقة الواضحة من خلال ما يقدمه الشباب على المسرح".
ونوه حبيب بأهمية الاهتمام بعمل حلقات العمل، مؤكدا على أنه مهما بلغ مستوى العمل الفني والأداء على المسرح، فهو بحاجة للمران الدائم، وهو ما يجب توفيره للفرق المسرحية، وضرورة إقامة حلقات العمل في مختلف مجالات المسرح.
وختم حديثه عن التجربة العمانية حيث قال: "يقال إن للمسرح رائحة، ورائحة المسرح العماني لا تختلف عن المسارح العربية الأخرى، ولا يقل أهمية عنها".
واتفق الدكتور عمرو الدوارة حول أهمية إقامة الدورات التدريبية وصقل المواهب المسرحية الشابة، التي اتضحت جهودها وطاقتها في العروض المسرحية، وتحدث أيضا عن المهرجان الذي أشاد فيه بالجهود المبذولة، كونه يزور لأول مرة مهرجانا مسرحيا في السلطنة، فقال: "يمتلك المهرجان مهارة في التنظيم والدقة، والالتزام بالوقت، وهناك إمكانيات كبيرة جدا، ومن خلال هذه الزيارة استطعت أن أرصد مجموعة من النقاط، فمن خلال زيارة دار الأوبرا وجدنا مسرحا رائعا، ومن خلال حضور العروض المسرحية للمهرجان وجدنا جمهورا متميزا وعاشقا، وكوادر بشرية، وجيلا مسرحيا واعدا، ومسرحا مميزا".
وأضاف: "نحن نطالب بأن يقام مهرجان عربي في السلطنة، وضرورة استضافة فرق مسرحية من خارج السلطنة، ويتم التنافس واكتساب الخبرات المختلفة".
• نجاح بامتياز..
وتطرق الدكتور عمر نقرش أيضا حول أهمية توفر المادة العلمية، وإقامة حلقات العمل للشباب فهم أساس التنمية في كل المجالات، ولا بد من تثقيف المسرحيين العمانيين لزيادة مستوى العمل المسرحي.
وفي نفس الإطار أيضا تحدثت الدكتورة ليلى بن عائشة مؤكدة على أن أهم مكسب للمسرح هو الشباب، موضحة متابعتها المستمرة للمسرح العماني، ووصفت الدكتورة ليلى المهرجان بأنه ناجح بامتياز.
كما تحدث عزة القصابية حول المهرجان فقالت: "كوني متعايشة مع المهرجان منذ دورته الأولى، فإنني أرى التطور في المجالات المختلفة في المسرح كل عام، كما أني أشدد على أهمية التطرق للقضايا العمانية من خلال النصوص المسرحية، وأهمية أنها تحمل حسا تراثيا، ولكن نتمنى أن تكون العروض المسرحية طيلة السنة وليست مقتصرة على المهرجان فقط".
وتقدم الدكتور سعيد بن ناجي ببعض المقترحات التي تخدم المسرح العماني حيث قال: "لا بد أن نشدد على مسألة التكوين من خلال الورش في جميع المجالات والتي تحافظ على تواصل الحركة المسرحية، كما نؤكد على أهمية تواصل المسرح العماني مع المسرح الخارجي".
كما تحدثت الدكتورة نوال بن إبراهيم عن التنظيم الدقيق للمهرجان، والحضور الشبابي في جميع مجالات المسرح، وأكدت على حضور المرأة الواضح في العروض المسرحية العمانية، وأشارت إلى أهمية استغلال التكنولوجيا والتقنيات الحديثة في المسرح، وهي التي من شأنها أن تجذب الجيل الحالي المحب للتكنولوجيا،
وتساءلت الدكتورة ما إذا كانت الأحياء العمانية تحوي مسارح للشباب لتقديم العروض المختلفة؟
وقدمت فرقة "مسقط الحر" مسرحية "قمر وصحراء"، للكاتبة وفاء الشامسي، وإخراج جاسم البطاشي، في مسرح مركز نزوى الثقافي.
• "فانتازيا الكاسر"..
وتواصلت العروض المسرحية التي تقدمها الفرق المشاركة في المهرجان، حيث عرضت فرقة "الصحوة" مسرحية "فانتازيا الكاسر"، وهي مسرحية من تأليف سمير العريمي، تدور أحداثها حول مجموعة من الجان وهم (بابا درياه) جني البحر الذي اعتاد على اغراق السفن في البحر، (الروع) جني النار يتمتع بالقوة وهو أمير على ولايته، (صباح) جنية حبلى تعيسة حزينة تمزج الألم بالشعر والحكمة، (الغراب) جني الهواء ذو جناحين حالم رومانسي مدمن وهائم في نبته يشتمها كل حين، (ابو السلاسل) جني الأرض خائف مرعوب معادل موضوعي للإنسان المقهور الجائع مغلغل ومصفد في قيود، (مخيبيث الجن) جني قميء صاحب مقالب سخيف ساخر في تعليقاته. التقوا جميعا في السجن بعد ان تم القبض عليهم، فقرروا التفاوض مع سجانهم واقناعه بتخليصهم من الحبس، الا انهم لم ينجحوا في ذلك حينها قرروا التمرد على خدمة البشر مما لم يترك للسجّان اي خيار آخر إلا استمرار سجنهم وعدم اطلاق سراحهم.
• تعقيب المسرحية
وقدم الندوة التطبيقية التي تلت المسرحية كلا من الدكتور عمر نقاش، والكاتب والشاعر عبدالرزاق الربيعي، حيث جاءت الندوة بقراءة فاحصة لما قدمه فريق العمل المسرحي على خشبة المسرح، بحضور مؤلف المسرحية الكاتب سمير العريمي والمخرج سعود الخنجري، وتوقف عمر نقراش عند النص، وعناصر العرض، في تجربة رأى أنها تستحق النقاش والحوار، نظرا لتعدد الأفكار التي طرحها، فتنازيا الكاسر يحلق بنا في عوالم المفارقة، حيوات أوجدتها "الفنتازيا الذهبية" المعنية بحلم الممكن لا الكائن، والقادرة على دمج العلائق بين الواقعي واللا واقعي، بين الحقيقة والحلم، عوالم تخلخل الحدود وتجعلها في حالة من الاندماج المنسجم، قد نشعر بالغرابة، ولكن المؤكد أنه سيتملكنا الشغف.
عالم من الدهشة يصنعه تقديم الأفكار المتمردة في تقنيات شكلية مميزة. وانطلاقا من ثقافة متسعة وخبرة راسخة بالموروث الحكائي العربي الذي اعتمد على منطق الفنتازيا، حيث يحتفي الكاتب بالجوانب الميتافيزيقية في الجانب المعرفي للإنسان، ضمن مناطق إضاءات فنية تبعده عن مركزية العقل البشري أو منطقة الصارم بمسافة تتيح له أن يغازله بتشكيلات فنية ومنطق معرفي آخر.
أعقبه الكاتب عبدالرزاق الربيعي الذي قال: ينثر نص "فانتازيا الكاسر" لمؤلفه سمير العريمي ، الكثير من بذور الأسئلة الفلسفية المتصلة بالوجود، وعذابات الانسان التي أسقطها المؤلف على الجان، من خلال فكرة ميثولوجية تقوم على سيطرة مخلوق على مخلوق آخر ليس من نفس النوع، والمادة، والعرض قائم على مجموعة من الثنائيات (الخير والشر، الظلام والنور، والحب والكره، الكاسر والرحماني، الإنس والجن) والصراع الأزلي الدائر بين تلك الثنائيات ، وعلى ظهر سيزيف تظل صخرة العذاب تتأرجح.
فكرة الحبس داخل طبل تجعلنا نشعر كأنّ المؤلف شبّه الكون بطبل كبير حشرنا به جميعا بعد الخطيئة الأولى لتتناسل الخطايا، وجرى تأطير ذلك تأطيرا ميثولوجيا يمتزج فيه الخيال بالواقع ضمن اسقاطات انسانية، ورسائل تُبثّ من خلال نقلات فانتازية، وتعبير حركي، واشتغال على الإضاءة.
وأضاف الربيعي: "ويمكن لمثل هذه البذور التي نثرها المؤلف في ثنايا النص أن تنمو حين تجد أرضية صالحة للإنبات على خشبة المسرح، تحرثها رؤية مخرج تجريبي يكشف أبعاد تلك الأسئلة ويجذّرها، موظفا كلّ عناصر العرض من أداء، وإضاءة، وموسيقى، وسينوغرافيا لتتعدّد القراءات، وتتمخض الأسئلة عن أسئلة جديدة تفتح أفقا معرفيا وجماليا". وأشاد بجهود المخرج التي بذلها لتفسير النص وتقديم قراءة موازية لرموزه.
مسقط ـ من محمد سعد
ميدل ايست اونلاين
0 التعليقات:
إرسال تعليق