الفرقة الوطنية للفنون الشعبية العراقية تأريخ – ألق – مسيرة
مجلة الفنون المسرحية
الفرقة الوطنية للفنون الشعبية العراقية
تأريخ – ألق – مسيرة
عبد العليم البناء
ازدان المشهد الثقافي والفني العراقي ، بالكثير من العطاءات والابداعت المميزة ، التي منذ انبثاقها بقيت راسخة معطاءة صامدة ، بوجه كل التحولات السلبية التي شهدها العراق ، عبر حقب زمنية مختلفة خيمت عليها اضطرابات ، وحروب ، وحصارات ، وانفلاتات امنية ، وهجمات ظلامية سوداء .
وكانت (الفرقة القومية للفنون الشعبية) ، التابعة لدائرة السينما والمسرح ، التي أصبح اسمها بعد التغيير الحاسم في نيسان 2003 ، (الفرقة الوطنية للفنون الشعبية) ، دون مبرر معقول على الاطلاق ، وجاء لاسباب سياسية بحتة ، بعيدة عن أي مبررات تتعلق بالابداع ، أو بـتأريخ الفرقة العريق والطويل الذي عرفت به ، حيث كان الهدف من تأسيس وانبثاق هذه الفرقة في الاول من آذار 1971 ، والذي تزامن مع حلول الربيع ، نشر وتعميق الفنون الشعبية العراقية ، وتوفير المتعة بأسلوب رفيع وهادف داخل وخارج العراق ، لتنافس ، إن لم تكن بمستوى ، كثير من الفرق النظيرة عربيا ودوليا.
ولعل هذه الفرقة ،هي الوحيدة من بين الفرق الفنية العراقية، التي لم يتم توثيق مسيرتها وعطاءاتها ، التي شعت في فضاءات العراق وكثير من البلدان العربية والاجنبية ، فضلا عن مئات المهرجانات والملتقيات والمحافل والاسابيع الثقافية العراقية والعربية والدولية، وكانت ، ومازالت ، بحاجة ماسة الى التعريف والتوثيق لهذا السفر الابداعي الفريد من نوعه ، وعرض تأريخ هذه الفرقة التي استطاعت أن تقدم ،على طبق من ذهب، لوحات ورقصات شعبية وفولكلورية عراقية أصيلة ، مأخوذة من التراث الشعبي والفولكلوري الزاخر ، من مختلف مناطق العراق ، وتعكس فسيفساء مكوناته المتآخية كافة، وكل صناع هذه الابداعات الاصيلة من مصمممين ، وراقصين وراقصات ، وموسيقيين ، وتقنيين ، واداريين ، فباتت السفير الإبداعي الأول للعراق امام العالم .
والحمد لله أن هذا الهدف التوثيقي المهم قد تحقق ، وبإشراف فني مباشر من الفنان فؤاد ذنون المدير الفني للفرقة ،على يدي الباحث الدكتور عبد الحسين علوان ، ابن الفرقة البار وأحد أهم الذين واكبوا مسيرتها ، منذ تأسيسها حيث انبثقت لتكون بديلا نوعيا ، لفرقة الرشيد للفنون الشعبية ، التي سبقتها من حيث الزمن ، ولكنها لم ترق الى ماحققته هذه الفرقة ، من نجاحات واختراقات ابداعية رصينة يشهد لها القاصي والداني ، والحمد لله أنني كنت شاهدا ، بل مروجا فاعلا لكثير من هذه النجاحات والاختراقات ، منذ زاولت مهمتي مديرا لاعلام دائرة السينما والمسرح ، في الحادي عشر من آيار عام 1978 ، أي منذ ما يقرب من أربعة عقود.
إن هذا الهدف قد تحقق عبر كتاب (الفرقة الوطنية للفنون الشعبية العراقية تأريخ – ألق – مسيرة ..دراسة توثيقية1971- 2015) ، ومن إعداد الدكتور عبد الحسين علوان ، والاشراف الفني للفنان فؤاد ذنون ، كما ذكرنا آنفا ، والصادر من دائرة من دائرة السينما والمسرح في وزارة الثقافة والسياحة والاثار، وتمت طباعته في مطابع دار الشؤون الثقافية العامة ، بمائة وثلاثين صفحة من القطع الكبير ، ليكون بحق دراسة توثيقية شاملة لتأريخ هذه الفرقة ، وتألق مسيرتها في الداخل والخارج، حيث استطاع المعد ، وهو العارف بكل حيثيات التأسيس والمسيرة الرائعة للفرقة ، أن يقدم معلومات شاملة ودقيقة عن جميع أركان ومفاصل العمل في الفرقة ، فضلا عن جميع الذين عملوا فيها من اداريين ، ومدربين اجانب وعراقيين وعرب ، أمثال : قمر خانم ، واناتولي ،ورشيديان فارتكيس، ، من الاتحاد السوفيتي المنحل ، والكوريان الشمليان كيم صوند ومستر يو، واللبناني جوزيف خوري ، وصولا الى العراقيين :حسن سعدون ، وسلمان محمد ومحمد عبد الله ، وهناء عبد الله ، ونورالدين جاسم ، وريتا جون ، وناهدة علي ، وفؤاد ذنون وغيرهم ، ناهيك عن ملاكاتها من الموسيقيين والراقصين والراقصات ، اضافة الى الذين تولوا ادارتها ، وكان اولهم الفنان الراحل فوزي مهدي ، مرورا بآخرين كان من ضمنهم الفنان الكبير قاسم الملاك ، وصولا الى الفنان المبدع فؤاد ذنون ، ابن الفرقة البار الذي شهد ولادتها وبقي وفيا لها ولتأريخها ، ومقاتلا قتال الابطال ، من اجل الحفاظ عليها وعلى سمعتها ومسيرتها وعطاءاتها الخلاقة ، داخل وخارج العراق ، وتصميم العشرات من لوحاتها والاوبريتات التي قدمتها ، في مختلف المناسبات والمراحل التي مرت بها الفرقة وفي مختلف الظروف .
لقد ازدان الكتاب ، اضافة الى المراحل التي مرت بها الفرقة من العام 1971 ولغاية العام 2015، بلائحة شاملة عن جميع اعمال الفرقة ومصمميها ومدربيها ، والعديد من الصور لنخبة واسعة من هذه الاعمال ، والمشاركات التي حققتها الفرقة في عديد المهرجانات العراقية العربية والدولية ، والجوائز التي حصدتها ليكون هذا الكتاب مفخرة للفرقة ، ولكل الذين عملوا فيها ،ولكل الذين واكبوها ،وللفن العراقي وتراثه الشعبي الاصيل.
0 التعليقات:
إرسال تعليق