أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الخميس، 10 أغسطس 2017

مسرحية "مَيْمُون " تأليف :عزة راجح

مجلة الفنون المسرحية


مسرحية شعريةبفصل واحد - السن حتى 16

أخطاؤنا التي نراها صغيرة .. كما تصيبنا، يمكن أن تصيب الآخرين بالأذى 
فلنحذر...

الشخصيات

القرد "ميمون"
القردة "ميمونة"
أم ميمون
الظبي
الدب "دبدوب"
دوبة
الفيل "فيلو"
الحمار الوحشي
الأسد
الشبل
الغزالة
الطبيب
بعض حيوانات الغابة 

الإضاءة تبعا لبناء المشهد ورؤية المخرج 

المشهد الأول



الإضاءة .. خافتة كأن الشمس بعد لم تشرق ..

المسرح نصفان .. 
     يمينا .. بيتُ القردة ..، بيتٌ به بعضُ الصخورِ، والأشجارِ، يُفتحُ علي الجانبِ الآخرِ من المسرحِ ببابٍ غليظٍ من خشبِ الأشجارِ، وبه يسارًا،ممرٌ يؤدي إلي بابٍ صغير . 
     يسارُ المسرحِ .. طريقٌ, تتخلله بعضُ الأشجارِ، وتمرُ به بعضُ حيواناتِ الغابةِ، ينتهي يسارا إلى باب كأنه امتداد له.. 
يقف "الظبي" تحت أحد الأشجار، على جانب الطريق, وهويرتدي زيَّا مدرسيا، ويحمل فوق ظهره حقيبة منتفخة بعض الشئ. 
     في حين .. تظهر في بيت القردة .. القردة الأم، وهي تصفف شعرَ صغيرتها..، في حين يخرج القرد " ميمون " من البابِ الجانبي الصغير وهو يرتدي زيَّه المدرسي ويحمل فوق ظهره حقيبة منتفخة،وعلى عينيه نظارته الطبية .. 
يمرُ "ميمون" مسرعًا بأمه، التي وقفت تصفف شعر الصغيرة "ميمونة"، متجها إلى باب البيت الرئيسي .. فتستوقفه قائلة :

صباحُ الموزِ يا ميمونْ 
أراكَ محلقًــــــــا للبابْ

ميمون وهو يهرول في الطريق إلى باب الخروج دون توقف:

نشيدُ الصبــــــــــحِ يا أمي 
يُراقِصُ نبضَــــــةَ الألبابْ 
فطـــــابورٌ لمدرســــــــتي 
كصفِّ الطيرِ في الأسرابْ 
فإنْ سارعــــــت ألحــــــقهُ 
تطيرُ الروحُ فــوقَ سحابْ

الأمُ تتوقف عن تصفيف شعر الصغيرة, وتشير إليه بالسبابة، محذرة :

إذًا فمبكــــــــــــرًا تمضي 
إلى الصفِّ ودونَ غيابْ ؟!

ميمون وهومازال يهرول في اتجاه الباب يرفع يده إليها مودعا :

وعـــــدتُ إرادةً أمــــــــي 
ثِقِي .. فالوعـــــدُ للوهابْ

تعود الأم تصفف شعر "ميمونة" فتمسك "ميمونة" بيدِ أمها في محاولةٍ لمنعها من تصفيفِ شعرها، تحاول أن تنهض للحاق بميمون .. فتُجلسها الأم  
فتنظر " ميمونة" إلى " ميمون" نظرة استعطاف .. وهي تقول :

أخي صبرًا .. معًا نمضي 
وإلا .. وجــــــــــبةً لذئابْ

يضحك ميمون ضحكة ساخرة، وهو يهرولُ إلى الباب دون توقف ودونما مبالاة .. قائلا:

سئمتُ الصـــــبرَ غاليتي 
فكونِي .. وجبةً وشرابْ

تحاول "ميمونة" أن تنفلت من بين يدي أمها..، فلا تفلح , فتتودد إليه وتستعطفه ثانية .. قائلة:

غليظُ القلــبِ يا "ميمونْ" 
كأنكَ من ذوي الأنيــــابْ

يقهقه ميمون, يعود يكشر عن أنيابه ساخرا منها، وكأنه سيلتهمها وهو يقول :

إذًا خافِي .. ولن أصـــبرْ 
وإن تبكِي على الأعتابْ

يبدو الانزعاج على وجه الأم, لقسوة ميمون، فتنهض..، تهرول إليه، تربت على كتفه، في محاولة منها للضغط عليه, لينتظر "ميمونة" .. تقول له بأسلوب استنكاري:

عنيـــــــدٌ أنتَ لا تخشى 
عليها من وحوشِ الغابْ ؟!

ينفلت "ميمون" من تحت يد أمه، ويستديرخارجًا من الباب بلامبالاة، ملوحًا إليهما بعلامة رفض الانتظار وهو يقول :

كأنَّ الوقــــــــــتَ يا أمي 
رخيصٌ أو بغيرِ حسابْ !!


يخرج "ميمون" مُغَلِّقًا الباب خلفه، بانفعال.. 
يمضي في الطريق الذي تتخلله الأشجار والحيوانات، حاملا فوق ظهره حقيبته المنتفخة، ما بين قافزا تارة ومهرولا أخرى، فيلتقي بالظبي الذي وقف متكئا إلى جذع أحد الأشجار، على جانب الطريق كأنه ينتظر صديق  
وما أن يراه الظبي حتى يبادره مداعبًا :

صباحُ الخيرِ يا "ميمون" 
أراكَ بزيِّكَ الخـــــــــلابْ 
تشــــقُّ الدربَ هـــــرولةً 
وبَعْدُ الشمسُ خلفَ حجابْ

يلتفت إليه "ميمون" بضجر .. وهو يقول :

كَفَى يا ظبيُ تلميــــــــــحًا 
فلستَ الصـــــالحَ الأوابْ

يخطو " الظبي" خطوات للأمام في طريقه إلى " ميمون" وقد بدَا على وجهه الألم والحسرة كأنه نادم على ما مضى :

مِنَ الأخطـــــاءِ لو ندركْ 
يقِينًا .. صاحبي وصوابْ

يتوقف الظبي لحظات عن الحركة, وعن الكلام كأنه يفكربعمق، ما يلبث أن يواصل خطواته في اتجاه ميمون ..، يقترب منه وهو يقول نادما وناصحا :

أضعنا الوقتَ في الهربِ 
فكانَ الصفرُ .. خيرَ عقابْ 
ودمـــــعُ الأمِّ من أجـــــلِي 
لقلبي .. كانَ خيرَ خطابْ

يضحك "ميمون" ساخرا وهو يدفع الظبي بعيدا عنه بكلتا يديه :

إذًا .. فالْحَـــــقْ بمدرستكْ 
وعُدْ للصـــــفِّ والأترابْ

يعود يقترب "الظبيُ" من " ميمون" وهو يقول متوددا :

ألَنْ تأتي معي "ميمونْ"؟! 
أيُغشِي العينَ بعضُ ضبابْ؟!

يدير "ميمون"عنه الوجه بملل، ويبتعد عنه ماضيا في طريقه وهو يلوح له بيمناه ..قائلا :

سئمتُ دروسَ مدرســـــتِي 
فلا عزفٌ .. ولا ألعــــــابْ 
كأنَّ علومَـــــــــنا صارتْ 
جبالا .. تلتقي بهــــــضابْ 
متاهاتٍ .. ندورُ بهــــــــــا 
وفيها الوقتُ.. محضَ سرابْ

يحاول "الظبي" أن يستوقفه يهرول خلفه لخطوات .. وهو يقول :

ومَنْ نجحوا .. ومن فازوا؟ 
متى ضلَّ المُجِدُّ وخابْ ؟!

يشير "ميمون" بيده إلى رأسه مقهقها، وهو يهرول ليبتعد عن " الظبي" الذي مازال يحاول أن يلحق به ويستوقفه .. وهو يقول :

صديقي العـــــلمُ..بالرأسِ 
وليسَ بلوحةٍ وكـــــــــتابْ

يتوقف الظبي عن ملاحقة "ميمون"..، في حين يظل يناديه ميمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــون.. 
يمضي " ميمون" إلى الطريق ، دون أن يُلقي بالا لكلماتِ الظبي الذي ما انفكَّ ينادي .. فيستدير الظبي عائدا إلى مكانه بخطواته الرشيقة .. 
في حين .. يسير " ميمون" في الطريق ..، ينط ويقفز، يعود يمد يده في حقيبته، يُخرج منها موزة ..، يأكلها، ويلقي بقشرتها للطريق وهو يغني :

أنا قردٌ .. أحبُّ الغابْ 
أحبُّ الأهلَ والأترابْ 
أبي.. أمي أحبــــــُّهما 
أحبُّ الجارَ والأغرابْ 
فإنَّ الحــــــبَّ لي دارٌ 
أدقُّ .. فَتُفْتَحُ الأبوابْ



ينزل الستار تدريجيا، ليُسدل تماما مع نهاية الأغنية........

ستار

المشهد الثاني



     المسرح .. طريق الغابة الذي ينتهي إلى باب كأنه امتداده، والذي تتخلله أشجار ، وبعض صخور، وحيوانات تمر في اتجاه الباب . 
كذلك على اليمين من الطريق، بيت الدببة " بيت أشبه بالكهف، يغطيه بعض أغصان الأشجار"، يتحرك أمامه الدب " دبدوب"وأخته "دوبة" ينظفان بالمكنسة ويجمعان القمامة يلقيان بها إلى سلة المهملات، التي عُلقت على غصن شجرة إلى جوار البيت . 
يدخل "ميمون" إلى الطريق من الكواليس " باب يمين المسرح قبل بيت الدبة" وهو مازال يقفز و يغني :



أنا قردٌ .. أحبُّ الغابْ

أحبُّ الأهلَ والأترابْ

أبي.. أمي أحبــــــُّهما

أحبُّ الجارَ والأغرابْ

فإنَّ الحــــــبَّ لي دارٌ

أدقُّ .. فَتُفْتَحُ الأبوابْ

يري " ميمون" الدب " دبدوب"وأخته"دوبة" يتعاونان لتنظيف الطريق أمام بيتهما .. فيلقي عليهما الصباح ..ويسير وهو مازال يأكل الموز ويلقي بالقشور إلى الطريق، حتى يقترب منهما .. وهو يقول:

صباح الحبِّ يا " دبدوبْ" 
تعالى نجـــمعُ الأصحابْ 
ونقفزُ مثلمَا الدنيـــــــــــا 
ونلــهو ساعةً في الغابْ

ينظر "دبدوب" إليه شزرا وهو يلقي بقشور الموز إلى الطريق الذي يحاول هو وأخته أن ينظفاه، يعود يحول رأسه إلى أخته "دوبه" ينظر إليها كأنه يعتذر عن فعل " ميمون" .. ما يلبث أن يسير بخطوات متثاقلة إلى "ميمون" وهو يقول :

صباحُ الحبِّ يا " ميمونْ" 
ولكنْ .. لي عليكَ عتابْ





يقهقه "ميمون" وهويلتهم موزة، ويلقي بقشرتها أمامهما .. يقول متسائلا :

أنا يا صاحبي .. خـــيرًا 
ظَننتُ الصُّبحَ للترحابْ

تقاطعه دوبه بانفعال وهي تهرول إليه، تنحني ..، تلتقط قشرة الموز التي رماها، ترفعها أمام عينيه وتهزها هزا وهي تقول :

قشورُ الموزِ يا " ميمونْ" 
بها .. قد ضاقَ كلُّ الغابْ

يقترب دبدوب من دوبة..، يخطف منها قشرة الموز..، يهرول يلقي بها في سلة المهملات.. 
يعود .. ينظر إلى "دوبه" نظرة عتاب، أن قاطعته وتدخلت في الحوار، فتصمت، وتعود خطوات إلى الخلف بعيدا عن "ميمون" .. فيتابع دبدوب متسائلا:

فماذا لو بها يهـــــــــــوِي 
صغيرٌ .. أو هوَى أحبابْ؟

يقترب ميمون من "دبدوب" يجره من يده في محاولة منه أن يدفعه للسير معه إلى الأمام في اتجاه الباب يسارا.. فيتمنع "دبدوب" وينفلت منه، يسير بخطوات متثاقلة، يقف بجوار أخته، فيقف "ميمون" على بعد خطوات منهما..، ناظرا إلى "دوبة" نظرة تهكم وعناد، ما يلبث أن يجذب جفنيه السفليين بيديه، فتتسع عيناه، فيرفع رأسه إلى أعلى كأنه ينظر إلى السماء.. وهو يقول:

لنا عينانِ يا "دبدوب" 
فهل للصقرِ عينُ غرابْ 
عيـــونُ الأهلِ .. نعرفها 
فلا للخوفِ .. من أسبابْ

تكشر دوبة عن أنيابها، وتفتح يديها وهي تدور حول نفسها، مشيرة إلى الطريق من حولها.. قائلة:

وماذا عن نظــــــــــــافتِنا 
وحــــقِّ الغابِ والتوابْ؟!

يقترب منها "ميمون" يمسك بكتفها ويهزها هزاوهو يقول:

 كفى نُصـــــــــحًا وإرشادَا 
أطارتْ بالقشورِ رقابْ؟!






يخلص " دبدوب" "دوبه" من ميمون، ويبعده عنها 
فيضع "ميمون" كفيه على عنقه كأنه سيقطع رقبته، يعود ينحني، يأخذ حفنة تراب من الأرض، يلقيها من أعلى لتتطاير هنا وهناك محدثة عتمة في المكان " مؤثرات ضوئية" .. وهو يقول :

وهــــــل أذنبتُ إذْ أرمِي 
بقايَا الموزِ فوق ترابْ ؟!

يتحرك "دبدوب" في اتجاه المكنسة التي كان قد ابتعد عنها، وتتبعه "دوبة" ..يقتربا من المكنسة، فيمسك بها"دبدوب"، ويروح ينحني ينظف أمام البيت .. وهو يقول لميمون:

هــــــداكَ اللهُ يا " ميمون" 
إذًا ماشئتَ .. كل ما طابْ

يستدير "ميمون"  يمشي في الطريق، مقطبا حاجبيه غضبا، خطوات..، ويمد يده، يخرج موزة من حقيبته، يأكلها وهو يهز رأسه بلامبالاة، ويلقي بالقشر إلى الطريق .. 
خطوات .. ويرى صديقه " فيلو" الذي كان قد وقف إلى شجرة، يغني : 

أنا فيلو .. أنا فيلو 
قوي الجسم والبنيان 
وخرطومي يُميزني 
عن الإنسيِّ والحيوان



يقترب "ميمون" من "فيلو" وهو مازال يأكل الموز ويلقي بقشوره إلى الطريق.. 
يتوقف "فيلو" عن الغناء بمجرد أن يرى "ميمون" ويبادره قائلا:

صباحُ الموزِ يا " ميمونْ" 
بعطرٍ طيبِ النفحــــــــاتْ

يتراجع ميمون إلى الخلف خطوات مبتعدا عن "فيلو" ومقطبا حاجبيه يقول غاضبا :

كأنكَ شيخُنَا " دبدوب" 
يجيدُ النصحَ والكلماتْ 
فهــــــــيَّا صاحبي ..إني 
علَيَّ الســـمعُ والطاعاتْ

يقترب" فيلو" من "ميمون" ، يرفع خرطومه بالقرب من وجهه مداعبا..، وهو يقول :

أراكَ غضبتَ يا " ميمونْ" 
أضاقَ الصدرُ بالضحكاتْ؟!

يدفع ميمون بفيلو بعيدا عنه غضبا .. وهو يقول :

مللتُ النصـــــحَ إذْ جاؤوا 
بهِ .. مَنْ رافقوا الشهواتْ

هنا .. يضحك فيلو في محاولة لارضاء ميمون..، يقترب منه ويأخذ بيده، يجره إلى الأمام، وهو يقول مسترضيا:

سخيــــفٌ أنتَ .. فلنمضِ 
إذًا .. للهــــوِ في الغاباتْ

ينفلت "ميمون" من يد "فيلو" ويتراجع خطوات للخلف، وهو يهز رأسه متهكما .. يقول:

ودرسُ اليومِ .. والإرشادْ ؟

يمد "فيلو" ثانية يده..، يمسك بيد "ميمون" ليمضيا معا في الطريق وهو يجيب سؤاله قائلا:

سَتُرفَعُ صاحبي الجلساتْ

يضحك "ميمون" ويمضي مع فيلو في الطريق..، ينطلقان وهما يقولان في صوت واحد:

بنا نمضي .. دَعْ الدنيا 
بنا تمضي .. كما النسماتْ

يقفز ميمون فرحة وهو يسير إلى جوار"فيلو" قفزات مضحكة، مايلبث أن يُخرج الموز من حقيبته..  
يضع ل"فيلو" في خرطومه ..، ويأكل هو كذلك متهللا، وقاذفا بالقشر إلى الطريق، وهو يغني:

أنا قردٌ أحبُّ الغابْ

...........

فجأة .. يُسمعُ صوتُ حفيفِ أوراق الأشجارممتزجا بصوت غناء، يخرج من بين الأشجار..

يتوقف فيلو عن السير، يتلفت حوله هنا وهناك  
يخرج "الحمار الوحشي" من بين الأشجار حاملا حقيبته فوق ظهره .. وهو يغني مرددا:

أنا الوحشيُّ تعرفني 
خطوطٌ .. ميَّزتْ جِلدِي 
وبنيانِي .. كما الصخرِ 
وزادَ اللهُ من جَلَدِي  
لذَا بالفضلِ.. أشكُرُهُ 
وأعرفُ أنهُ .. سندِي 
فإنْ بالشرِّ تقربني 
تكُن كالريحِ .. للوتدِ



يقف "فيلو" يرفع خرطومه إلى الهواء..، ويحركه على صوت غناء "الوحشي"

ويهرول "ميمون"  إلى " الوحشي" يستوقفه ضاحكا .. وهو يقول:

خطوطُ الجِلدِ .. نعرفُها 
ونعـــرفُ طاقةَ الجَلَدِ 
فهيَّا الريحُ .. نسبقُهَا 
نفـــوزُ بلذةِ الكَــــــبَدِ

يتوقف "الحمار الوحشي" عن الغناء ويمسك بتلابيب "ميمون" وهو يقول له :

أيَا ميمـــــــونُ .. تعرفني 
أحبُّ الجــــــدَّ في العملِ 
فلا للهـــــــــوِ قد خُلِقتْ 
دروبُ العـــــــلمِ والأملِ

يضرب "فيلو" بقدميه الأرض، ويقهقه محفزا " الحمار الوحشي" علي المضي معهما للهو واللعب قائلا:

تعالى الريحُ نسبقُها 
نُجَرِّبُ خطوةَ القدَمِ

ينظر " ميمون" إلى فيلو، يغمز له بعينيه وهو ينطلق خطوات إلى الأمام كأنه في سباق، ويتبعه "فيلو" يقول "ميمون" ساخرا ومحفزا الوحشي :

أأنتَ تســـــابقُ الوحشيْ 
متينُ الجسمِ كالهرمِ ؟!!

يقف "فيلو" فجأة يلتقط انفاسا سريعة متلاحقة كأن أرهقته متابعة "ميمون".. 
و يقف "ميمون" ويتوقف عن الكلام للحظات .. يعود يواصل وهوينظر إلى "فيلو" ومشيرا إلى "الوحشي" مقهقها .. ويقول :

حمارٌ أنتَ والدنيا 
بضيقِ العقلِ  .. ترميكَ 
فلا للجدِّ من جدوى 
وإن كلَّتْ أياديكَ 
تعالى ساعةً .. نلهو 
لعلَّ اللهوَ يُنسيكَ

يتلفت "الوحشي" حوله، كأنه يبحث عن شئ ما، يضحك ميمون ويضحك فيلو ، يهز "الوحشي" رأسه بالموافقة، ويتقدمهما ، ويمضون ثلاثتهم يمشون في الطريق، وهم يغنون في صوت واحد:

صحاحُ العقلِ والأبدانْ 
ونعشقُ رايةَ الأوطانْ 
نحبُّ الأهلَ والخلانْ 
ونسبقُ خطوةَ الأزمانْ 
لنرسمَ حلمَنَا الوسنانْ 
على الصفحاتِ .. في الجدرانْ 
فلا يأسٌ .. ولا خُذلانْ

فجأة .. يُسمعُ صوت زئير الأسد، يقترب من المكان .. 
يهرول الأصدقاء الثلاثة، هنا وهناك، يختبئ كل في مكان وراء الأشجارو .... 

ستار


المشهد الثالث



نفسُ الطريق تتخلله الأشجار.. 
وقد اختبأ الأصدقاء الثلاثة .. ميمون خلف جذع شجرة..، وفيلو .. خلف شجرة ضخمة ضخمة..، في حين خرج "الوحشي" من الباب يسار المسرح وغاب تماما عن المشهد .. 
يدخل "الأسد" من الباب يمين المسرح ، يتبعه " الشبل"، يمشيان في الطريق وهما يتحدثان بصوت خفيض كأنهما يتهامسان، فجأة يتوقف الشبل كأنه تذكر شيئا هاما، ويعلو صوته وهو يقول.. 

سمعتُ اليــــــــومَ يا أبتاهْ 
بأنَّ القردَ .. ضلَّ خــــطاهْ 
فلم يذهبْ لمدرســـــــــــتِهْ 
وضاقَ بلهـــــــــــوهِ أبواهْ

يتوقف الأسد عن السير، يربت على كتف ابنه وهو يقول :

غــــــدًا .. لديارهم أمضي 
وأفعــــــلُ .. كلَّ ما سأراهْ

يتحرك الأسد في اتجاه الباب يسارا..، ويتبعه الشبل .. 
فجأة .. تنزلق قدم الأسد ، ويسقط أرضا متألما وهويصرخ آآآه .. 
ينحني الشبل مسرعا إلى أبيه، يتفحصه وهو يقول :

أبي ياربُّ ما لي سواهْ 
أتعثُرُ هكـــــــــذا قدماهْ

يتلفت " الشبل" حوله بحثا عن سبب انزلاق قدم أبيه .. وهو يقول محدثا نفسه :

تُرَى الأعــــــــداءُ قد غلبوا 
ونالوا منه ما يخشـــــــــاهْ 


ينظر الأسد إليه .. ويحاول أن ينهض..، يمد "الشبل" يديه يأخذ بيد أبيه، معاونا إياه على النهوض.. 
ينهض الأسد، يسير خطوات متكئا على يد "الشبل" وهو يقول :

صغيري .. لا تخف إني 
عدوي .. لم يَنَلْ منيــــــاهْ

 ينحني "الشبل"يتحسس قدم أبيه بيمناه وهو يقول :

بخــــــــــيرٍ أنت  يا أبتاهْ

يجيب الأسد وهو ييفتح ذراعيه، يحتضن الشبل مطمئنا إياه  :

بَلَى .. والشرُّ ضلَّ خطاه

يرى الشبل قشرة الموز التي كانت سببا في انزلاق قدم أبيه، ينفلت من بين ذراعيه، وينحني يلتقطها من على الأرض، ويرفعها، وهو يهزها هزا أمام أبيه قائلا :

لنا الأعداءُ قد مكـــــروا 
ولكنْ .. فازَ مكرُ الله

يمد الأسد يده يأخذ قشرة الموز ..، يتأملها ..، يهز رأسه دهشةً وهو يتفحصها، يعود ينظر إلى ابنه مطمئنا إياه أنه لن يترك الأمر من دون عقاب .. قائلا :

نعمْ .. وغـــــدًا لهم مني 
عقابٌ .. لن ينالوا سواه

هنا .. يعلو صوت الشبل مهددا ومتوعدا من ألقى بقشور الموز إلى الأرض .. يقول:

إذًا .. فالمـــــوتُ للأعداءْ 
إذًا .. فالمـــــوتُ للأعداءْ

ينظر الأسد إلى ابنه الشبل بتعقل .. يربت على كتفيه وهو يقول محذرا:

صهٍ .. سيكونُ حين نشاءْ

يمضي الأسد ببطئ وإلى جواره ابنه الشبل ..، يسيران معا إلى أن يختفيا من المشهد تماما " خروج من الباب يسارا" 

هنا .. يخرج" ميمون" من خلف الشجرة ، وهو يلطم خديه، كأنه يولول خوفا وقد استمع إلى حديث الأسد والشبل،وإلى تهديدهم ووعيدهم .. 
يقول محاورا نفسه بصوت مسموع :

غدًا .. ستموتُ يا ميمونْ

يهز رأسه تباعا من أعلى إلى أسفل .. يعود يواصل :


وهل أدركتُ ما سيكونْ 
لماذا الليثُ لم يرَهَا ؟! 
فلا أعمَى .. ولا مجنونْ

يلطم خديه مرات ومرات، يعود يمسك رأسه بكلتا يديه .. يردد:

عسيرُ الحظِّ يا ميمون 
عسيرُ الحظِّ يا ميمون

يخرج الفيل ببطئ، من خلف الشجرة الضخمة ، وقد اطمئن تماما أن الأسد قد ابتعد عن المكان.. 
يقترب من ميمون، وهو يتلفت حوله بحثا عن "الوحشي" و ساخرا ومتهكما على الأسد يقول بصوت خفيض :

رأيتَ الليثَ بالقــــــــــــشرِ 
يخرُّ كأنهو حمــــــــــلُ !!

يلتفت إليه "ميمون" بقلق وخوف وهو يقول :

تُراكَ سمعــــــتَ يا "فيلو"؟!

يواصل وهو ينظر مكان قدميه :

كأنَّ الرأسَ بي ثمِـــــــلُ

"فيلو" وعيناه مازالتا تبحثان عن الوحشي :

أساءَ الظــــــــــــنُّ قائدُنَا 
فإنْ أوضحتَ .. فالأملُ

"ميمون" وهو مضطرب يخبط بيديه على رأسه:

عسيرُ الحــــــظِّ لن ينجو 
فكأسُ المــــوتِ .. يكتملُ

يستدير" فيلو" في اتجاه الأشجار، ويمضي خطوات إليها، كأنه يبحث عن شئ افتقده .. وهو يقول:

أفرَّ حــــــمارُنا الوحشيْ ؟!

ينظر "ميمون" حوله بحثا عن الوحشي ويسود الصمت للحظات، يعود يواصل، وبعد لم يظهر الوحشي:

تفرقَ بيننا الشــــــــــــملُ؟!

فجأةً .. يُسمعُ حفيف أوراق الشجر"مؤثرات صوتية"،.. يدخل الحمارُ الوحشي بخطىً ثابتة من الباب يسارا.. 
يتجه إلى ميمون وفيلو.. وهو يقول:

لماذا اليأسُ يا أصحابْ ؟! 
دعونا نُعـــــــــملُ الألبابْ

وهو يشير إلى الباب يسار المسرح يُكمل :


نعـــــــــودُ الآنَ قبلَ الليثْ 
ونظهرُ بينَ أهــــــلِ الغابْ 
فلن يدري من الجــــــــاني 
وفيـــــــنا .. قَطُ لن يرتابْ

يصفق ميمون ويقفز إعجابا بالفكرةِ .. 
ويهز الفيل رأسه بالموافقة والتأييد، ويرفع خرطومه محييا "الوحشي" .. وهو يقول :

ونعـــــمَ الرأيُ يا وحشيْ 
بصدقٍ .. أخطأَ الأترابْ 
فمَنْ قالوا غليظَ العــــقلْ 
قد افتقروا إلى الأسبابْ

يستدير ثلاثتهم، ينطلقون في طريق العودة من حيث أتوا و ..


ستار


يعود يرفع الستار .. 
على خشبة المسرح ..، حشد من الحيوانات من بينهم "الغزالة" و "الظبي" ملتفين حول " أم ميمون" وقد سقطت أرضا مغشيا عليها،و " صوت نحيب وصراخ وعويل يتداخلون مع أصوات غير مفهومة" .. وحركة غير عادية على المسرح .. حيوانات تجئ " تدخل من البابين على جانبي المسرح " تتفحص وجه " ام ميمون" تعود تخرج من حيث أتت، كل يضرب كفا بكف وهو يردد كلمات بصوت غير مسموع 

لحظات قلائل .. ويدخل من الباب يمين المسرح " فيلو"  يتبعه "الوحشي" و"ميمون" وما أن يروا الحشد حتى يتراجعون خوفا، في محاولة للعودة من حيث أتوا 
لكن .. يستوقفهم الصراخ والعويل والصياح .. 
يعودون ثلاثتهم يلتفتون إلى الحشد، ويقتربون منه رويدا رويدا .. فيسمعون "الغزالة" تصرخ وتقول :

قد انزلقــــــــتْ .. حبيبتنا 
وقشرُ المـــــوزِ أهلكها !!

يرتعد ميمون ..، يقتربون ثلاثتهم من الحشد أكثر وأكثر ليستطلعوا الأمر..، فإذا بأخت ميمون تصرخ وهي تقول:

تموتُ وما رأت ميمون ؟! 
عليهِ .. الخوفُ أرَّقَــــــــهَا

يقفز ميمون، يدفع من حوله بيديه، ويشق طريقه وسط المتدافعين ليشهدوا الحدث .. فيرى أمة ملقاة على الأرض، فاقدة النطق والحركة 
يصرخ ميمون صرخة مدوية و........


ستار

يعودُ يُرفعُ الستار تدريجيا، وقد انحني ميمون على أمه الملقاة أرضا وهو يصرخ ويقول :

قتلتُ بغلـــــــــــــظةٍ أمي ؟! 
فقدتُ اليومَ رحمتـــــــَهَا ؟!

تصرخ أخت ميمون وتلطم خديها قائلة لميمون:

خرجنا اليوم بحــثا عنكْ 
غيابُكَ .. كان أرهقـــــــها 
مضتْ في الغابِ كالعمياءْ 
إذَا بالقــــــشرِ .. أسقطَهَا

ينهار ميمون ويسقط أرضا إلى جوار أمه وهو يصرخ قائلا :

قتلتُكِ غلــــــــــــظةً أمي 
عصِيتُ أوامرَ الرحمانْ 
فكــــــــيفَ تُراهُ يقبلني 
وقد أفرطتُ في العصيانْ

يبكي أهل الغاب، لبكاء ميمون وأخته .. 
ويخرج الأسد من بين الحشد وخلفه "الشبل"..، يقتربان من ميمون فيفزع ويرتعد..، يمسك "الأسد بكتفه" وهو يقول له معاتبا :

أأنتَ فعلتها ميـــــــــــمونْ !! 
قتلتَ الحـــــــبَّ بالنكرانْ ؟!



يقترب "الشبل" من "ميمون" يمسكه ويهزه هزا بحنق وهو يقول:

إذا .. فالقتل للغفلان 
لمن باللهو كالشيطان 
فلا خُلُق ولا وعي 
وكاد يدمرالأوطان



يرتجف ميمون بين يدي الشبل..، ينظر إلى الأسد باكيا..، وهو يقول :

لتقتلني .. أنا الجـــــــــــــاني 
أنا من ضاقَ بالإحـــــــــسانْ 
فما أدركتُ قيــــــــــــــــمتَهَا 
إذاهَا النبضُ والوجـــــــــدانْ



يُشفقُ الأسد على ميمون ، يخلصه من قبضة "الشبل" ويربتُ على كتفه .. 
في حين يبكي فيلو ويبكي الحمار الوحشي، الذي يعلو صوته" وهو ينظر إلى "الأسد" والشبل" تارة..، يعود ينظر إلى"ميمون".. قائلا :

كَفَى يا صاحبي .. واهـــــــدأْ 
ليغفرَ جهــــــــــــــــلَنَا ربي 
وبعد اليــــــــــــــــومِ إن نادَ 
فَقُــــــــــــــــــمْ .. لندائهِ لبِّ



يبكي فيلو بكاءً حارا .. و يقول متألمًا وهو ينظر إلى الحشد ويتحرك بينهم بحذر أسفا:

عرفنا اليومَ معنى الغابْ 
رباطَ الحبِّ والأنسابْ 
وأنَّ الصدقَ شطرُ كتابْ 
وأنَّ الأمَ .. كالأربابْ

يتابع الحمار الوحشي وهو ينظر إلى الجميع :

ومَن يخطو بغيرِ حسابْ 
يبيتُ العمرُ محضَ سرابْ

يصرخ ميمون وهو يتحسس أمه :

حَفِظنا الدرسَ بعدَ عذابْ 
حَفِظنا الدرسَ بعدَ عذابْ

فجأة .. يُسمعُ صوت سيارة الإسعافِ تقترب من المكان .. 
يُفسحون جميعا الطريق، وهو يرون "القردالطبيبُ" يدخل من الباب يمين المسرح، في زيِّه الأبيض، حاملا معه حقيبته الطبية .. يقترب، ينحني على أم ميمون، يفحصها ... 
يرفع رأسه وقد فحصها وهو يقول :

كفَى يا سادتِي .. ابتعدوا 
دعُوها تأخذ الأنفاسْ 
فإنَّ الروحَ في الجسدِ 
تدقُّ النبضَ كالأجراسْ 
فقط .. تحتاجُ أنْ تدنو 
من النسماتِ دون مَسَاسْ

هنا .. يقفز ميمون فرحا، يقبل "القرد الطبيب" ..، ويصفق كالمجنون وهو يقول :

إذًا .. عادتْ لنا أمي 
يعودُ الفرحُ والأعراسْ

يحتضن ميمون أخته ميمونة، يقبلها .. 
ينحني .. يمسح على رأس أمه..، ويقبل يديها.. 
لحظات .. وتفتح الأم عينيها .. تنظر بدهشة للوقوف حولها .. 
تحرك رأسها ببطئ يمينا ويسارا ..، تنظر إلى ميمون وأخته وهي تقول بصوت متقطع خفيض:

كأني الآنَ في الجنه 
فلا أجناسَ أو ألقابْ 
وعادَ إلى "ميموني" 
بكلِّ الزهرِ والأطيابْ 
وأحبابي .. هُنَا حولي 
لقلبي .. غايةٌ وثوابْ

يصرخ ميمون فرحا.. يلقي بنفسه فوق أمه مهللا، فيحاول الجميع ابعاده عنها .. 
يقفز ميمون .. يرقص وترقص أخته، وسط دهشة وفرحة الجميع ..، ويعلو صوته بالغناء:

إذًا .. عادتْ لنا أمي 
يعودُ الفرحُ والأعراسْ 
ونُطلِقُ للدُّنَا .. حلمًا 
يفوقُ الأرضَ والأجناسْ 
عظيمُ الحبِّ .. يجمعُنَا 
فلا شرٌّ .. ولا وسواسْ 
فتاجُ الرأسِ يا أمي 
وأنتِ الروحُ والإحساسْ 


ينزل الستار تدريجيا مع الغناء .. ليسدل تماما مع نهايته

ستار

0 التعليقات:

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption